
إيطاليا: رحلة بالجندول في البندقية
الجندول: رمز البندقية الأبدي
الجندول ليس مجرد قارب عادي، بل تحفة فنية وموروث ثقافي له جذور تعود إلى قرون مضت. يتم صناعته يدويًا من أنواع خشب مختلفة، ويبلغ طوله نحو 11 مترًا، ويتحكم فيه "الجندولييه" وهو الشخص الذي يقف في مؤخرة القارب ويوجهه بدقة وخبرة. كان الجندول في الماضي وسيلة المواصلات الرئيسية في المدينة، واليوم أصبح رمزًا للرومانسية والتراث، ومطلبًا أساسيًا لكل من يزور البندقية لأول مرة.
تبدأ الرحلة غالبًا من أحد الأرصفة القريبة من ساحة سان ماركو أو جسر ريالتو، حيث تصطف الجندولات بانتظار ركّابها. ومع انطلاق القارب في القناة، ينفصل الزائر عن صخب المدينة ليغرق في هدوء الماء وصوت المجداف وهو يشق السطح بلطف. يمر الجندول تحت الجسور القديمة، بجوار المنازل والمباني التاريخية التي تبدو أقرب من أي وقت آخر، وكأنك تتنقل بين صفحات رواية كلاسيكية.
رحلة عبر القنوات الساحرة والتاريخ الصامت
كل جولة بالجندول في البندقية تحمل طابعًا خاصًا، يختلف حسب المسار والوقت الذي تختاره. بعض الرحلات تمر عبر القنوات الواسعة مثل "القناة الكبرى"، حيث تفتح المدينة ذراعيها وتعرض أجمل مبانيها من قصور وأبراج وأديرة قديمة. هذه القناة تعج بالحياة والقوارب من كل نوع، ما يجعلها مثالية لرؤية الجانب الحيوي من البندقية.
أما الرحلات التي تتسلل إلى القنوات الجانبية الصغيرة فتأخذ طابعًا أكثر حميمية وهدوءًا. هنا تمر بجوار نوافذ مغلقة تطل على الماء، وجدران تغمرها الأعشاب البحرية، وتسمع صدى صوت الجندولييه وهو يغني أحيانًا مقطوعات إيطالية تقليدية. البعض يفضل القيام بهذه الجولة عند الغروب، حيث ينعكس الضوء الذهبي على الماء ويضفي على المشهد سحرًا خاصًا لا يمكن وصفه بالكلمات.
تجربة لا تكتمل إلا بالمشاركة والشعور
رحلة الجندول ليست مجرد نشاط سياحي، بل هي لحظة مشاركة، سواء مع شريك حياة، أو صديق، أو حتى كرحلة فردية تأملية. الكثير من الأزواج يختارونها كجزء من شهر العسل أو الاحتفال بمناسبة خاصة، لأنها تضيف جوًا من الحميمية والتميز. كما يمكن تخصيص الرحلة حسب الرغبة، مثل اختيار موسيقى مرافقة، أو طلب مرشد يروي لك تاريخ المعالم التي تمر بها.
التكلفة قد تبدو مرتفعة للبعض، لكن ما تقدمه هذه التجربة من مشاعر وجمال يستحق كل يورو يُدفع. ولمن يبحث عن خيارات أكثر اقتصادية، هناك رحلات مشتركة أو عبّارات تقليدية يستخدمها السكان المحليون، لكنها تختلف كثيرًا عن خصوصية الجندول الأصيل.
في النهاية، الجندول ليس مجرد وسيلة للعبور، بل وسيلة للاتصال مع جوهر البندقية وروحها. إنها رحلة لا تُقاس بالمسافة، بل بالإحساس والانطباع. من الماء إلى القلب، ومن لحظة صامتة إلى ذكرى خالدة، يترك الجندول في البندقية أثرًا لا يُمحى من الذاكرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيلي عربية
منذ يوم واحد
- إيلي عربية
إطلالتا زوجة الملياردير جيف بيزوس يجب أن تكونا مصدر إلهام لك
منذ شهر، كان اسم لورين سانشيز يتردّد على منصّات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ العالميّة، وذلك بمناسبة زفافها من الملياردير جيف بيزوس. ومنذ أن تمّ الإعلان عن موعد الزفاف، بدأت الأنظار تتوجّه إليها، خصوصًا وأنّها تعتمد إطلالات تجمع بين الجرأة والأنوثة والجاذبيّة، وما زالت إطلالاتها من الأمور المثيرة للاهتمام. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، شوهِدَت برفقة زوجها في سان تروبيه، حيث لفتت الأنظار بإطلالتيْن، نسّقت في الأولى تنورة سوداء شفّافة مع بلوزة ضيّقة باللون نفسه، وحزام معدنيّ مؤلّف من حلقات ذهبيّة عزّز من تميّزها. وقد أكملت هذه الإطلالة مع قبّعة سوداء كبيرة، ليس الغاية منها حماية نفسها من أشعّة الشمس وحسب، بل أيضًا التميّز بمزيد من الأناقة والرقيّ، وهما صفتيْن عكستهما أيضًا أقراطها الدائريّة، وسوارها الكبير، ونظّاراتها الشمسيّة الحالكة السواد. في هذا الأسبوع أيضًا، لفتتنا إطلالة أخرى لها، إنّما مختلفة تمامًا عن الأولى، إذ تتّسم أكثر بتأثيرها المنعش والحيويّ، وتكشف عن الجانب المرح في شخصيّة سانشيز التي تُعرَف بحبّها لاعتماد الإطلالات المثيرة. لقد ارتدت فستانًا حريريًّا طويلًا من روبرتو كافالي Roberto Cavalli، اتّسم بقصّة مكشوفة عند منطقة الظهر، جمع بين الأصفر الليمونيّ، والأرجوانيّ، والأزرق النيون. أمّا الإكسسوارات التي نسّقتها معه، فشملت حذاء ميول أزرق، وحقيبة يد ليدي ديور Lady Dior من الجلد الأبيض والأزرق، مُطَرّزة برسم من وحي شكل البورصة.


إيلي عربية
منذ 2 أيام
- إيلي عربية
كيف تحوّلت البليزر من زيّ رسميّ إلى رمز للأنوثة؟
تعدّ البليزر اليوم من أهمّ القطع في خزانة المرأة بغضّ النظر عن أسلوبها، إذ أنّها تحوّلت إلى قطعة عمليّة يمكن تنسيقها مع الملابس الكلاسيكيّة، وكذلك مع تلك الكاجوال والشبابيّة، وحتّى الرياضيّة. ولكن قبل أن تصبح من القطعة السهلة التنسيق التي تحبّ الكثيرات ارتداءها، ووسيلة للتعبير عن الذات، ورمزًا للأناقة والأنوثة، مرّت بالكثير من المحطّات. بداية البليزر ارتبطت البليزر في القرن التاسع عشر بأزياء ضبّاط البحريّة وأفراد نوادي التجديف البريطانيّة، إذ صُمّمَت بهدف توفير الدفء وإتاحة التحرّك بحريّة أكبر وإضفاء في الوقت نفسه لمسات رجوليّة أنيقة. هذه الصفات ساهمت بشقّها طريقها إلى عالم الموضة الرجاليّة، فأصبح من الرائج تنسيقها مع سروايل من الخامة نفسها، بالإضافة إلى إكسسوارات مثل الحزام، وساعة الجيب، والقبّعات، والقفازات. دخولها عالم الموضة النسائيّة لم تدخل البليزر الموضة النسائيّة إلّا في أوائل القرن العشرين، وذلك بفضل مصمّمين أحدثوا ثورة في المجال بعدما كسروا التقاليد السائدة لجعل الملابس النسائيّة مريحة أكثر، من خلال تقديم أزياء مستوحاة من التي يرتديها الرجال، وكانت البليزر من بينها. وقد كانت غابرييل شانيل Gabrielle Chanel أوّل مَن سعى نحو ذلك، فحرّرت المرأة من الشعور بأنّها مقيّدة، حيث أعادت تعريف الأنوثة من خلال البدلات المؤلَّفة من قطعتيْن، شملت سترة بليزر مربّعة من التويد الناعم ومن دون ياقة. ولكن الثورة الحقيقيّة في إدخال البليزر إلى الموضة النسائيّة، أحدثها إيف سان لوران Yves Saint Laurent، وذلك عندما قدّم بدلة لو سموكينغ Le Smoking، وهي أوّل بدلة توكسيدو نسائيّة، وذلك رغبة منه بالتعبير عن المساواة بين الجنسيْن وتمكين المرأة. وبفضله، أتيح للنساء ارتداء ما كان قطعة رجاليّة لفترة طويلة سابقًا، إنّما مع الحفاظ على لمسات أنثويّة وراقية. تغيّرات في تصميم البليزر لم تبقَ البليزر على حالها، إنّما شهدت تغيْرات كثيرة في تصميمها واستخداماتها، إذ كانت في البداية خيارًا لمَن تحبّ الإطلالات الرسميّة والكلاسيكيّة، ولم تجذب الفئات العمريّة المراهقة، أو مَن يعشقن الإطلالات الأنثويّة. ففي فترة الثمانينات، عُرِفَت بقصّاتها الفضفاضة، ووسادة الكتف، وخطوطها الحادّة، وكانت رمزًا للمرأة التي تريد أن تثبت نفسها في الأماكن التي يهيمن عليها الرجال، مثل المجالات السياسيّة. وفي التسعينات وبداية الألفيّة الثانية، بدأ المصمّمون بالتلاعب بقصّة البليزر، حيث عمدوا إلى استخدام أقمشة جديدة، وقصّات أكثر رقيًّا، لخلق التوازن بين الأنوثة والشجاعة، وركّزوا على إبراز جمال منحنيات جسم المرأة من خلالها بدلًا من إخفائها. من هنا، برزَت البليزر القصيرة، وتلك المتميّزة بخصرها الضيّق، إضافة إلى المكشوفة في مناطق معيّنة، مثل الظهر والخصر. البليزر في العصر الحاليّ اليوم، أصبحت البليزر من القطع الأحبّ على قلب المرأة، فيقدّمها المصمّمون دائمًا بتصاميم متنوّعة، ما يجعلها من الأكثر حضورًا على منصّات العروض العالميّة. فهي تعكس الشجاعة، والثقة العالية بالنفس، والاستقلاليّة، والإبداع، والاحترافيّة، ويمكن للمرأة تنسيقها كما يحلو لها لتجمع بين أكثر من صفة.


سائح
منذ 2 أيام
- سائح
ميلانو: عاصمة الأناقة وتاريخ التسوق الراقي
في شمال إيطاليا، تقف ميلانو كرمز عالمي للفخامة والذوق الرفيع، مدينة تجمع بين التاريخ والحداثة، وبين الأناقة والابتكار. ورغم أنها تشتهر عالميًا كعاصمة للموضة، فإنها أيضًا موطن لبعض أقدم وأفخم وجهات التسوق في أوروبا. من الممرات المزخرفة في غاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني إلى واجهات المتاجر الراقية في حي الموضة Quadrilatero della Moda، تقدم ميلانو تجربة تسوّق لا تشبه سواها، تجربة تتجاوز مجرد الشراء لتصبح احتفاءً بالجمال والرفاهية. غاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني: تحفة التسوق التاريخية في قلب ميلانو، بين كاتدرائية دومو الشهيرة ودار الأوبرا "لا سكالا"، تقع غاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني، أقدم مركز تسوق في إيطاليا وأحد أروع الأمثلة على العمارة الأوروبية في القرن التاسع عشر. افتُتحت عام 1877، وسُميت على اسم أول ملك لإيطاليا الموحدة، وتُعرف اليوم بلقب "صالون ميلانو" لما تمثّله من رقي وأناقة. السقف الزجاجي المقبب والأرضيات المزخرفة بالفسيفساء، والأقواس الرخامية، كلها تجعل من الغاليريا مكانًا لا يُقارن. لا تقتصر زيارتها على التسوق، بل تتحوّل إلى تجربة بصرية وثقافية راقية، حيث تجتمع الماركات العالمية مثل "لويس فويتون" و"برادا" و"غوتشي"، إلى جانب المقاهي والمطاعم العريقة التي يعود بعضها إلى أكثر من قرن من الزمن. حي الموضة: قلب الأناقة الإيطالية ولمن يبحث عن أحدث خطوط الموضة، فإن Quadrilatero della Moda – أي "المربع الذهبي للموضة" – يُعد من أهم مناطق التسوق الفاخر في العالم. يضم هذا الحي أربعة شوارع رئيسية: فيا مونتينابوليوني، فيا ديلا سبيغا، فيا مانزوني، وفيا سانت أندريا. هذه الشوارع هي مسرح الأزياء الراقية، حيث تعرض أشهر دور الأزياء الإيطالية والعالمية مجموعاتها الجديدة في واجهات متقنة، مثل أرماني، وفيرساتشي، ودولتشي آند غابانا، وغيرها. التجول في هذا الحي ليس مجرد رحلة تسوق، بل هو تفاعل مع أسلوب حياة قائم على التفرد والتميّز. هنا تُقاس التفاصيل بالدقة، وتُعاش الأناقة كجزء من الإيقاع اليومي للمدينة. حتى من لا ينوي الشراء، سيجد نفسه مستمتعًا بمشاهدة التناسق المعماري، والتصميم الداخلي للمتاجر، وأسلوب الناس في ارتداء الملابس. تجربة لا تنسى في مدينة الأناقة ميلانو ليست فقط لعشاق الموضة، بل لكل من يُقدّر الفن المعماري والتاريخ والثقافة. من زيارة غاليريا فيتوريو إيمانويل التي تُشعرك وكأنك دخلت متحفًا فنيًا، إلى التجول في أزقة حي الموضة حيث ينبض الشارع بالإبداع، تُقدم المدينة تجربة غنية متعددة الأبعاد. كل زاوية فيها تحمل لمسة فنية، وكل متجر يعكس رؤية جمالية. في الختام، ميلانو ليست مجرد مكان للتسوّق، بل وجهة تُعرّفك على كيف يمكن للجمال أن يُصبح جزءًا من الحياة اليومية. وبين التقاليد العريقة والابتكار العصري، تظل هذه المدينة واحدة من أكثر مدن العالم أناقة، حيث يُحتفى بالتفاصيل وتُحترم الذائقة، وتُكتب قصص الأناقة في كل خطوة.