logo
حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

سعورسمنذ 3 أيام
لقد أعادت تحولات العصر صياغة مفهوم العزلة؛ فبينما كانت تُفهم سابقًا على أنها علامة ضعف أو اكتئاب أو هروب، باتت اليوم تُقرأ في كثير من الأحيان على أنها لحظة استراحة فكرية، أو إعادة ضبط نفسي، أو تريّث وجودي في وجه عالم متسارع لا يتوقف لالتقاط أنفاسه.
في كتابات المفكرين والفلاسفة الكبار، نجد أن العزلة ليست انعزالًا، بل انفتاح داخلي، من "ابن خلدون" الذي تحدث عن الانصراف إلى التأمل في أطوار العمران، إلى "شوبنهاور" الذي عدّ العزلة صيانةً للعقل، بل حتى "ابن حزم" الذي وجد في العزلة بابًا للحكمة، كلهم رأوا في التخفف من صخب الناس وسيلةً للتركيز، والإنتاج، ونمو الوعي.
ربما يقول قائل: لكننا نحتاج الحوار! وهذا صحيح. غير أن الحوار الحقيقي لا يكون بكثرة الكلام، بل بجودة الإصغاء، كم من موقفٍ صمت فيه أحدهم، لكنه أوصل من المعنى أضعاف من تكلم!
الصمت موقف، أحيانًا يكون أبلغ من البيان، وأقوى من الاعتراض، وأعمق من كل تبرير. وهو في جوهره ليس سكوتًا عن الكلام، بل رفضًا للغو، في عصر "اللايك" و"الترند"، أصبحت كثافة التفاعل توهمنا بالجدوى، بينما الحقيقة تقول: بعض الصمت فيه حكمة، وبعض العزلة فيها إعادة تعريف للذات.
الدراسات الحديثة تشير إلى أن فترات العزلة القصيرة والمتقطعة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتخفيف القلق، وتحسين جودة القرار، بل وحتى تقوية الروابط الاجتماعية لاحقًا، لأننا نعود منها بذهن صافٍ، ونفس أكثر اتزانًا.
أخيراً: العودة إلى الذات ليست انسحابًا؛ فحين نختار الصمت، لا ننسحب من الحياة، بل نعود إلى أعماقنا لنفهمها أكثر، وحين نعزل أنفسنا قليلًا، لا نكره الناس، بل نحب أن نأتي إليهم بنسخةٍ أهدأ، أنقى، وأكثر حضورًا. فليس كل كلام حكمة، ولا كل عزلة وحدة، ولا كل صمت غياب، أحيانًا: الصمت موقف، والعزلة وعي.
*أستاذ القانون – الجامعة السعودية جدة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً
حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

سعورس

timeمنذ 3 أيام

  • سعورس

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

لقد أعادت تحولات العصر صياغة مفهوم العزلة؛ فبينما كانت تُفهم سابقًا على أنها علامة ضعف أو اكتئاب أو هروب، باتت اليوم تُقرأ في كثير من الأحيان على أنها لحظة استراحة فكرية، أو إعادة ضبط نفسي، أو تريّث وجودي في وجه عالم متسارع لا يتوقف لالتقاط أنفاسه. في كتابات المفكرين والفلاسفة الكبار، نجد أن العزلة ليست انعزالًا، بل انفتاح داخلي، من "ابن خلدون" الذي تحدث عن الانصراف إلى التأمل في أطوار العمران، إلى "شوبنهاور" الذي عدّ العزلة صيانةً للعقل، بل حتى "ابن حزم" الذي وجد في العزلة بابًا للحكمة، كلهم رأوا في التخفف من صخب الناس وسيلةً للتركيز، والإنتاج، ونمو الوعي. ربما يقول قائل: لكننا نحتاج الحوار! وهذا صحيح. غير أن الحوار الحقيقي لا يكون بكثرة الكلام، بل بجودة الإصغاء، كم من موقفٍ صمت فيه أحدهم، لكنه أوصل من المعنى أضعاف من تكلم! الصمت موقف، أحيانًا يكون أبلغ من البيان، وأقوى من الاعتراض، وأعمق من كل تبرير. وهو في جوهره ليس سكوتًا عن الكلام، بل رفضًا للغو، في عصر "اللايك" و"الترند"، أصبحت كثافة التفاعل توهمنا بالجدوى، بينما الحقيقة تقول: بعض الصمت فيه حكمة، وبعض العزلة فيها إعادة تعريف للذات. الدراسات الحديثة تشير إلى أن فترات العزلة القصيرة والمتقطعة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتخفيف القلق، وتحسين جودة القرار، بل وحتى تقوية الروابط الاجتماعية لاحقًا، لأننا نعود منها بذهن صافٍ، ونفس أكثر اتزانًا. أخيراً: العودة إلى الذات ليست انسحابًا؛ فحين نختار الصمت، لا ننسحب من الحياة، بل نعود إلى أعماقنا لنفهمها أكثر، وحين نعزل أنفسنا قليلًا، لا نكره الناس، بل نحب أن نأتي إليهم بنسخةٍ أهدأ، أنقى، وأكثر حضورًا. فليس كل كلام حكمة، ولا كل عزلة وحدة، ولا كل صمت غياب، أحيانًا: الصمت موقف، والعزلة وعي. *أستاذ القانون – الجامعة السعودية جدة

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً
حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

الرياض

timeمنذ 3 أيام

  • الرياض

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

في زمننا تكاثرت فيه الأصوات، وتنازعت فيه الآراء، وتنافست فيه المنصات على أعلى قدر من الضجيج، بات الصمت موقفًا، لم يعد الصامت غائبًا عن المشهد، بل صار أحيانًا أكثر حضورًا من المتكلمين، ولم تعد العزلة انسحابًا سلبيًا، بل اختيارًا ناضجًا، يعبّر عن امتلاء داخلي… لا فراغ. لقد أعادت تحولات العصر صياغة مفهوم العزلة؛ فبينما كانت تُفهم سابقًا على أنها علامة ضعف أو اكتئاب أو هروب، باتت اليوم تُقرأ في كثير من الأحيان على أنها لحظة استراحة فكرية، أو إعادة ضبط نفسي، أو تريّث وجودي في وجه عالم متسارع لا يتوقف لالتقاط أنفاسه. في كتابات المفكرين والفلاسفة الكبار، نجد أن العزلة ليست انعزالًا، بل انفتاح داخلي، من "ابن خلدون" الذي تحدث عن الانصراف إلى التأمل في أطوار العمران، إلى "شوبنهاور" الذي عدّ العزلة صيانةً للعقل، بل حتى "ابن حزم" الذي وجد في العزلة بابًا للحكمة، كلهم رأوا في التخفف من صخب الناس وسيلةً للتركيز، والإنتاج، ونمو الوعي. ربما يقول قائل: لكننا نحتاج الحوار! وهذا صحيح. غير أن الحوار الحقيقي لا يكون بكثرة الكلام، بل بجودة الإصغاء، كم من موقفٍ صمت فيه أحدهم، لكنه أوصل من المعنى أضعاف من تكلم! الصمت موقف، أحيانًا يكون أبلغ من البيان، وأقوى من الاعتراض، وأعمق من كل تبرير. وهو في جوهره ليس سكوتًا عن الكلام، بل رفضًا للغو، في عصر "اللايك" و"الترند"، أصبحت كثافة التفاعل توهمنا بالجدوى، بينما الحقيقة تقول: بعض الصمت فيه حكمة، وبعض العزلة فيها إعادة تعريف للذات. الدراسات الحديثة تشير إلى أن فترات العزلة القصيرة والمتقطعة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتخفيف القلق، وتحسين جودة القرار، بل وحتى تقوية الروابط الاجتماعية لاحقًا، لأننا نعود منها بذهن صافٍ، ونفس أكثر اتزانًا. أخيراً: العودة إلى الذات ليست انسحابًا؛ فحين نختار الصمت، لا ننسحب من الحياة، بل نعود إلى أعماقنا لنفهمها أكثر، وحين نعزل أنفسنا قليلًا، لا نكره الناس، بل نحب أن نأتي إليهم بنسخةٍ أهدأ، أنقى، وأكثر حضورًا. فليس كل كلام حكمة، ولا كل عزلة وحدة، ولا كل صمت غياب، أحيانًا: الصمت موقف، والعزلة وعي. *أستاذ القانون – الجامعة السعودية جدة

بخطاب راقٍ ومؤثر.. مدير مستشفى ابن خلدون في لحج يقدّم استقالته من منصبه
بخطاب راقٍ ومؤثر.. مدير مستشفى ابن خلدون في لحج يقدّم استقالته من منصبه

حضرموت نت

time٣٠-٠٦-٢٠٢٥

  • حضرموت نت

بخطاب راقٍ ومؤثر.. مدير مستشفى ابن خلدون في لحج يقدّم استقالته من منصبه

قدّم مدير هيئة مستشفى ابن خلدون العام بمحافظة لحج، الأستاذ الدكتور مجيد عاطف ثابت أسعد، استقالته رسميًا من منصبه صباح السبت 28 يونيو 2025، بعد رحلةٍ وصفها بـ'العامرة بالعطاء والتحدي والعمل الجماعي'. وفي رسالة استقالته المؤثرة، قال أ.د. مجيد: 'يصعب على القلم أن يكتب حين يتعلق الأمر بوداع مكانٍ سكنت فيه الروح قبل الجسد، وعملت فيه لا بمنطق الوظيفة، بل بقناعة أن من يداوي الناس، يجب أن يُداوى هو أولاً من الداخل.' وعبّر عن فخره بما تحقق من إنجازات نوعية خلال فترة إدارته، مؤكدًا أن ما تم لم يكن جهد فرد بل ثمرة تكاتف فريق عمل مخلص ومؤمن برسالة المستشفى. أبرز الإنجازات خلال فترة إدارته: تصفية ديون المستشفى السابقة. ترميم وتوسعة أقسام الطوارئ والحضانة، وتشغيل العناية المركزة لأول مرة بكفاءة. إعادة فتح أقسام مغلقة وتفعيل محطة الأوكسجين والأشعة المقطعية. إدخال نظام 'يمن سوفت' المحاسبي لأول مرة في مستشفى حكومي بالمناطق المحررة. شراء باصات نقل للموظفين، وتوفير نظام مراقبة حديث، وأجهزة متطورة في العمليات والمختبرات. استحداث عيادة الإيكو، واستجلاب جهاز جراحي للأذن والأنف والحنجرة، ومتابعة توريد منظار جراحي حديث ومنظار هضمي. اعتماد البطاقة الطبية المخفّضة للموظفين وأسرهم بنسبة 90%. تفعيل إدارة الجودة وتجهيز القاعات المدمرة، ومتابعة تجهيز مركز الغسيل الكلوي. وأكد الدكتور مجيد في ختام رسالته أن الاستقالة لم تأتِ نتيجة إقصاء أو تعب، بل احترامًا لدورة الحياة الإدارية، مشددًا على أهمية استكمال ما تم بناؤه بروح من المسؤولية والعمل الصامت بعيدًا عن المهاترات. وختم قائلاً: 'الإنجاز لا يرحل مع صاحبه، بل يبقى أثرًا شاهدًا، لا يُمحى بكلمات، ولا يُلغى بأمنيات.' ودعا كافة الكوادر والجهات المعنية إلى دعم الإدارة القادمة، ومواصلة البناء في هذا الصرح الصحي المهم. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store