logo
حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

الرياضمنذ 4 ساعات
في زمننا تكاثرت فيه الأصوات، وتنازعت فيه الآراء، وتنافست فيه المنصات على أعلى قدر من الضجيج، بات الصمت موقفًا، لم يعد الصامت غائبًا عن المشهد، بل صار أحيانًا أكثر حضورًا من المتكلمين، ولم تعد العزلة انسحابًا سلبيًا، بل اختيارًا ناضجًا، يعبّر عن امتلاء داخلي… لا فراغ.
لقد أعادت تحولات العصر صياغة مفهوم العزلة؛ فبينما كانت تُفهم سابقًا على أنها علامة ضعف أو اكتئاب أو هروب، باتت اليوم تُقرأ في كثير من الأحيان على أنها لحظة استراحة فكرية، أو إعادة ضبط نفسي، أو تريّث وجودي في وجه عالم متسارع لا يتوقف لالتقاط أنفاسه.
في كتابات المفكرين والفلاسفة الكبار، نجد أن العزلة ليست انعزالًا، بل انفتاح داخلي، من "ابن خلدون" الذي تحدث عن الانصراف إلى التأمل في أطوار العمران، إلى "شوبنهاور" الذي عدّ العزلة صيانةً للعقل، بل حتى "ابن حزم" الذي وجد في العزلة بابًا للحكمة، كلهم رأوا في التخفف من صخب الناس وسيلةً للتركيز، والإنتاج، ونمو الوعي.
ربما يقول قائل: لكننا نحتاج الحوار! وهذا صحيح. غير أن الحوار الحقيقي لا يكون بكثرة الكلام، بل بجودة الإصغاء، كم من موقفٍ صمت فيه أحدهم، لكنه أوصل من المعنى أضعاف من تكلم!
الصمت موقف، أحيانًا يكون أبلغ من البيان، وأقوى من الاعتراض، وأعمق من كل تبرير. وهو في جوهره ليس سكوتًا عن الكلام، بل رفضًا للغو، في عصر "اللايك" و"الترند"، أصبحت كثافة التفاعل توهمنا بالجدوى، بينما الحقيقة تقول: بعض الصمت فيه حكمة، وبعض العزلة فيها إعادة تعريف للذات.
الدراسات الحديثة تشير إلى أن فترات العزلة القصيرة والمتقطعة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتخفيف القلق، وتحسين جودة القرار، بل وحتى تقوية الروابط الاجتماعية لاحقًا، لأننا نعود منها بذهن صافٍ، ونفس أكثر اتزانًا.
أخيراً: العودة إلى الذات ليست انسحابًا؛ فحين نختار الصمت، لا ننسحب من الحياة، بل نعود إلى أعماقنا لنفهمها أكثر، وحين نعزل أنفسنا قليلًا، لا نكره الناس، بل نحب أن نأتي إليهم بنسخةٍ أهدأ، أنقى، وأكثر حضورًا. فليس كل كلام حكمة، ولا كل عزلة وحدة، ولا كل صمت غياب، أحيانًا: الصمت موقف، والعزلة وعي.
*أستاذ القانون – الجامعة السعودية جدة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً
حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

سعورس

timeمنذ 4 ساعات

  • سعورس

حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً

لقد أعادت تحولات العصر صياغة مفهوم العزلة؛ فبينما كانت تُفهم سابقًا على أنها علامة ضعف أو اكتئاب أو هروب، باتت اليوم تُقرأ في كثير من الأحيان على أنها لحظة استراحة فكرية، أو إعادة ضبط نفسي، أو تريّث وجودي في وجه عالم متسارع لا يتوقف لالتقاط أنفاسه. في كتابات المفكرين والفلاسفة الكبار، نجد أن العزلة ليست انعزالًا، بل انفتاح داخلي، من "ابن خلدون" الذي تحدث عن الانصراف إلى التأمل في أطوار العمران، إلى "شوبنهاور" الذي عدّ العزلة صيانةً للعقل، بل حتى "ابن حزم" الذي وجد في العزلة بابًا للحكمة، كلهم رأوا في التخفف من صخب الناس وسيلةً للتركيز، والإنتاج، ونمو الوعي. ربما يقول قائل: لكننا نحتاج الحوار! وهذا صحيح. غير أن الحوار الحقيقي لا يكون بكثرة الكلام، بل بجودة الإصغاء، كم من موقفٍ صمت فيه أحدهم، لكنه أوصل من المعنى أضعاف من تكلم! الصمت موقف، أحيانًا يكون أبلغ من البيان، وأقوى من الاعتراض، وأعمق من كل تبرير. وهو في جوهره ليس سكوتًا عن الكلام، بل رفضًا للغو، في عصر "اللايك" و"الترند"، أصبحت كثافة التفاعل توهمنا بالجدوى، بينما الحقيقة تقول: بعض الصمت فيه حكمة، وبعض العزلة فيها إعادة تعريف للذات. الدراسات الحديثة تشير إلى أن فترات العزلة القصيرة والمتقطعة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتخفيف القلق، وتحسين جودة القرار، بل وحتى تقوية الروابط الاجتماعية لاحقًا، لأننا نعود منها بذهن صافٍ، ونفس أكثر اتزانًا. أخيراً: العودة إلى الذات ليست انسحابًا؛ فحين نختار الصمت، لا ننسحب من الحياة، بل نعود إلى أعماقنا لنفهمها أكثر، وحين نعزل أنفسنا قليلًا، لا نكره الناس، بل نحب أن نأتي إليهم بنسخةٍ أهدأ، أنقى، وأكثر حضورًا. فليس كل كلام حكمة، ولا كل عزلة وحدة، ولا كل صمت غياب، أحيانًا: الصمت موقف، والعزلة وعي. *أستاذ القانون – الجامعة السعودية جدة

"تخصصي المدينة" يتسلّم درع تعزيز الصحة المجتمعية
"تخصصي المدينة" يتسلّم درع تعزيز الصحة المجتمعية

الرياض

timeمنذ 4 ساعات

  • الرياض

"تخصصي المدينة" يتسلّم درع تعزيز الصحة المجتمعية

تسلّم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في المدينة المنورة، درع وزارة الصحة، تقديرًا لإسهاماته الفاعلة في دعم جهود اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية لعام 2025 من قِبل منظمة الصحة العالمية للمرة الثانية، بصفتها ثاني أكبر مدينة مليونية صحية في الشرق الأوسط بعد استيفائها لـ80 معيارًا من معايير المنظمة، جاء ذلك خلال رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، بحضور وزير الصحة فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، وأمين منطقة المدينة المنورة الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المنطقة المهندس فهد البليهشي لمناسبة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية من قِبل منظمة الصحة العالمية للمرة الثانية. ويأتي هذا التكريم تتويجًا لجهود "التخصصي" والتزامه في تعزيز جودة الحياة بالتعاون مع مختلف القطاعات، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030، ويُجسد مكانته بصفته أحد المسهمين الرئيسين في تحسين مؤشرات الصحة العامة من خلال حملات توعوية صحية، ومبادرات مجتمعية أسهمت في تهيئة بيئة صحية ومستدامة تتوافق مع تصنيف المدن الصحية لمنظمة الصحة العالمية. ويضم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالمدينة المنورة 400 سريرٍ، ويقدم خدماته لمجتمع منطقة المدينة المنورة وما حولها في تخصصات طب الأورام للأطفال والبالغين، وطب العيون، وأمراض النساء والولادة، كما حصل على 14 اعتمادًا للتدريب في مختلف التخصصات الطبية والتمريض. يُذكر أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث صُنف الأول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والـ 15 عالميًا ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية حول العالم لعام 2025، والعلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط، وذلك بحسب (براند فاينانس Finance Brand) لعام 2024، كما أُدرج ضمن قائمة أفضل المستشفيات الذكية في العالم لعام 2025 من قبل مجلة نيوزويك "Newsweek".

تحت شعار بناء رعاية صحية مرنةمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة ينظم المؤتمر الدولي الثاني للجودة وسلامة المرضى
تحت شعار بناء رعاية صحية مرنةمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة ينظم المؤتمر الدولي الثاني للجودة وسلامة المرضى

الرياض

timeمنذ 4 ساعات

  • الرياض

تحت شعار بناء رعاية صحية مرنةمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة ينظم المؤتمر الدولي الثاني للجودة وسلامة المرضى

تنظم مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية، المؤتمر الدولي الثاني للجودة وسلامة المرضى، تحت شعار «بناء رعاية صحية تتميز بالمرونة»، بمشاركة (18) خبيراً من داخل وخارج المملكة سيقدمون (13) محاضرة و(4) ورش عمل، وذلك خلال الفترة من 28 سبتمبر وحتى 1 أكتوبر 2025م بقاعة المحاضرات بمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة في مدينة الرياض. وسيشهد هذا المؤتمر مشاركة خبراء عالميين ومحليين، بالإضافة إلى متحدثين من وزارة الصحة والمركز السعودي لسلامة المرضى، بجانب عدد من القيادات الصحية والمختصين بالجودة وسلامة المرضى. ومن المقرر أن يناقش عدة محاور هامة، أبرزها سلامة المرضى والحفاظ على الجودة والتميز في خدمات الرعاية الصحية في مواجهة التحديات، الحلول الرقمية التي تعزز مرونة أنظمة الرعاية الصحية وتحسن من جودتها، والحوكمة وإدارة المخاطر وبناء أنظمة صحية قوية تطبق المعايير الدولية وقادرة على مواجهة التحديات، بجانب تسليط الضوء على تجربة المريض، والصعوبات التي يُواجهها القطاع الصحي في تحسين جودة الرعاية الصحية ومكافحة العدوى. كما سيتم التركيز على تجربة المملكة المتميزة في مجال مؤشرات أداء الجودة الصحية وسلامة المرضى، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وتأثيرها على سلامة المرضى، ودور الرعاية عن بعد في بناء الرعاية الصحية المرنة القادرة على مواجهة المصاعب والتحديات، والتميز في مجال الرعاية الصحية المتمحورة حول الإنسان. وستتناول ورش العمل عدة مواضيع أبرزها، هندسة العامل البشري، والاعتماد والالتزام واستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم سلامة المرضى. وقد دعت اللجنة المنظمة الراغبين في المشاركة بالمؤتمر إلى الدخول للموقع والتسجيل عبر الرابط: ‏ أو البريد الإلكتروني cme@

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store