logo
المغرب ورهان تعزيز أسلحته لمواجهة التهديدات الجوية.. 600 صاروخ أمريكي في الأفق

المغرب ورهان تعزيز أسلحته لمواجهة التهديدات الجوية.. 600 صاروخ أمريكي في الأفق

الجريدة 24٢٣-٠٤-٢٠٢٥

يشهد المغرب تحولاً لافتاً في استراتيجيته الدفاعية، معزِّزاً موقعه الإقليمي كلاعب رئيسي في موازين الأمن بمنطقة شمال إفريقيا.
فالسنوات الأخيرة شهدت طفرة نوعية في التسليح المغربي، حيث عززت المملكة شراكاتها مع قوى عالمية مثل الولايات المتحدة، فرنسا، البرازيل، والهند، لتزويد قواتها المسلحة بأحدث الأنظمة القتالية والتكنولوجيات المتطورة.
ففي خطوة تحمل أبعاداً استراتيجية واضحة، طلبت الرباط من الولايات المتحدة الأمريكية شراء 600 صاروخ من طراز FIM-92K Stinger Block I، في صفقة محتملة تُقدّر قيمتها بنحو 825 مليون دولار أمريكي، وفقاً لما كشفته بوابة 'ديفنس ويب' المتخصصة في الشؤون العسكرية.
هذه الصفقة، حسب التقرير ذاته، حظيت بموافقة مبدئية من وزارة الخارجية الأمريكية وأُخطر بها الكونغرس عبر وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA)، تشكّل مؤشراً جديداً على تصاعد وتيرة التحديث العسكري المغربي.
وتتضمن الصفقة، إلى جانب الصواريخ المتطورة، وفقا لذات التقرير، خدمات لوجستية وفنية وهندسية ستُشرف عليها شركتا 'لوكهيد مارتن' و'آر تي إكس كوربوريشن'، ما يعكس حرص الرباط على الاستفادة من الخبرات الصناعية الأمريكية في تعزيز كفاءة منظومتها الدفاعية.
ويُعدّ الصاروخ المطلوب من أحدث إصدارات سلسلة 'ستينغر'، ويتميّز بقدرته على الاشتباك من كافة الاتجاهات، فضلاً عن نظام الإقفال على الهدف بعد الإطلاق، مما يتيح له التعامل بفعالية مع الأهداف ذات المناورة العالية، خصوصاً المسيّرات والطائرات منخفضة الارتفاع.
الصاروخ مزود أيضاً بصاعق تقاربي يتيح تفجير الهدف بمجرد الاقتراب منه دون الحاجة للإصابة المباشرة، ما يجعله مثالياً لمواجهة التهديدات الجوية غير التقليدية، وهو ما يندرج ضمن الأولويات الدفاعية للمغرب في ظل التطورات التي باتت تفرضها طبيعة الصراعات الحديثة.
ومن المرتقب أن يُدمج هذا الطراز ضمن منصات دفاعية ذاتية الحركة، في تحول نوعي عن الأنظمة المحمولة على الكتف التقليدية.
تأتي هذه الخطوة في سياق خطة موسعة لتحديث قدرات الدفاع الجوي المغربي، والتي تشمل حالياً أنظمة فرنسية مثل ASTER 15 وCrotale، وإيطالية مثل Aspide، وأمريكية مثل Hawk وChaparral، إلى جانب الأنظمة السوفييتية مثل SA-7.
وتسعى الرباط من خلال هذه الاستراتيجية إلى تحقيق تغطية متكاملة لمجالها الجوي، مع التركيز على سد الثغرات في الدفاع القصير المدى، في ظل تزايد التهديدات المرتبطة بالطائرات بدون طيار والهجمات الجوية المفاجئة.
ويمثّل التعاون العسكري المتنامي بين المغرب والولايات المتحدة ركيزة أساسية في استراتيجية الرباط الأمنية، حيث تواصل واشنطن تزويد حليفتها في شمال إفريقيا بأحدث المعدات، ما يعكس ثقة متبادلة ومكانة المغرب كشريك موثوق في محيطه الإقليمي.
وتعزز هذه الصفقة مكانة المغرب كقوة صاعدة تتبنّى نهجاً استباقياً في التعامل مع التحديات الأمنية المستجدة.
وبعيداً عن الاستيراد، يعمل المغرب أيضاً على توطين الصناعات الدفاعية من خلال شراكات دولية تروم نقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات الذاتية.
وتشير المعطيات إلى أن المملكة شرعت بالفعل في إنشاء بنية تحتية صناعية دفاعية، بما يتيح لها الانتقال من موقع المستورد إلى المنتج والمصنّع، في خطوة تستهدف تقوية استقلاليتها الاستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد.
وسبق أن خصصت الحكومة المغربية ميزانية قياسية للقطاع الدفاعي ضمن قانون المالية لسنة 2025 بلغت 133 مليار درهم، ما يعكس إدراكاً رسمياً لأهمية امتلاك قدرات عسكرية متطورة تُواكب التحديات الإقليمية والدولية.
وتُعد هذه الميزانية الأكبر من نوعها في تاريخ المؤسسة العسكرية المغربية، وتأتي في وقت تتصاعد فيه وتيرة التسلح بالمنطقة وسط متغيرات متسارعة.
وأصبح المغرب يرسّخ موقعه كفاعل محوري في معادلة الردع الإقليمي، عبر مزيج من التحديث التكنولوجي، الشراكات الدولية، والتصنيع المحلي.
ويعكس ذلك توجهاً واضحاً نحو بناء قوة متماسكة قادرة على الاستجابة للتحديات الراهنة، وضمان أمن واستقرار البلاد في ظل بيئة أمنية لا تخلو من التهديدات.
ويُنتظر أن يُحدث اقتناء هذه الصواريخ نقلة نوعية في قدرات الدفاع الجوي المغربي، خصوصاً إذا ما أُقرّت الصفقة بشكل نهائي من الكونغرس الأمريكي.
وفي حال تحقق ذلك، ستكون من أكبر الصفقات من نوعها ضمن فئة الدفاع الجوي المحمول القصير المدى، وتشكل دلالة على أن المملكة تُراكم أوراق قوة جديدة على طريق بناء منظومة أمنية متكاملة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب
الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب

الأيام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الأيام

الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب

عندما التحقت شريا ميشرا ريدي بجامعة هارفارد في عام 2023، كان والداها "في غاية السعادة". تقول شريا لبي بي سي: "إنها الجامعة المثالية التي يريد أي شخص في الهند أن يلتحق بها". والآن، ومع اقتراب موعد تخرج ميشرا، كان يتعين عليها أن تزف إلى عائلتها بعض الأخبار السيئة، وهي أنها قد لا تتخرج في شهر يوليوز من برنامج القيادة التنفيذية بعدما اتحذت إدارة ترامب إجراءت تهدف لمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الدوليين "نتيجة لعدم التزامهم بالقانون". وتقول شريا:" لقد كان من الصعب جدا على عائلتي سماع هذه الأنباء. إنهم لا يزالون يحاولون استيعابها". تعد شريا واحدة من حوالي 6800 طالب دولي يدرسون في جامعة هارفارد، وهم يشكلون أكثر من 27 في المئة من الطلبة المسجلين هذا العام. كما أنهم يشكلون مصدرا حيويا لإيرادات رابطة آيفي "آيفي ليغ"، فحوالي ثلث طلابها الأجانب من الصين، وأكثر من 700 منهم من الهند، مثل ريدي. وجميع هؤلاء الطلاب، ليسوا متأكدين من الخطوات المتوقعة التي قد تُتخذ بعد ذلك. وقد وصفت جامعة هارفارد هذه الخطوة بأنها "غير قانونية"، مما قد يؤدي إلى الطعن عليها قضائياً. إلا إن ذلك سيترك مستقبل الطلاب في حالة من عدم اليقين، سواء هؤلاء الذين ينتظرون التسجيل هذا الصيف، أو أولئك الذين لا يزالون في منتصف دراستهم الجامعية، أو حتى أولئك الذين ينتظرون التخرج وترتبط فرص عملهم بتأشيراتهم الطلابية. ويتعين على الطلاب المقيدين الذين يدرسون في هارفارد، تحويل أوراقهم للدراسة في جامعات أمريكية أخرى للبقاء في الولايات المتحدة والاحتفاظ بتأشيراتهم. وتقول ريدي: "أتمنى أن تقف جامعة هارفارد معنا وأن يتم التوصل إلى حلول ما". وقالت جامعة هارفار: "نحن ملتزمون تماماً بالحفاظ على قدرتنا على استضافة طلابنا الدوليين والعلماء، الذين يأتون من أكثر من 140 دولة ويثرون (من خلال دراستهم) الجامعة وهذه الأمة، بلا حدود". Getty Images جامعة هارفارد، هي أقدم جامعة في أمريكا وتقبل سنويا آلاف الطلاب الدوليين هذه الخطوة ضد جامعة هارفارد، لها تداعيات وخيمة على نحو مليون طالب دولي أو أكثر يدرسون في الولايات المتحدة. كما أنها تأتي في أعقاب حملة قمع متزايدة شنتها إدارة ترامب على مؤسسات التعليم العالي، وخاصةً تلك التي شهدت احتجاجات حاشدة مؤيدة للفلسطينين داخل حرمها الجامعي. ويواجه العشرات من هؤلاء الطلاب الدوليين تحقيقات، بينما تحاول الحكومة إصلاح عملية اعتماد تأشيراتهم الدراسية وإعادة تشكيل طرق إدارتها. وقد هدد البيت الأبيض، في بادىء الأمر، بمنع الطلاب الأجانب من الدراسة في جامعة هارفارد في أبريل، بعد أن رفضت الجامعة إجراء تغييرات على إجراءتها الخاصة بعمليات التوظيف والقبول والتدريس. كما جمّد البيت الأبيض قرابة ثلاثة مليارات دولار من المنح الفيدرالية، وهو ما طعنت جامعة هارفارد عليه قضائيا. تقول الطالبة الصينية كات شيه، التي تدرس في السنة الثانية ببرنامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الذي يعرف اختصاراً باسم "ستيم"، "إنها تشعر بالصدمة". وتستطرد كات في حديثها، قائلة: "كنت قد نسيت تقريبا (التهديد السابق بالحظر)، ثم جاء إعلان يوم الخميس فجأة". إلا أنها تضيف أن جزءاً بداخلها كان يتوقع "الأسوأ"، لذا فقد أمضت الأسابيع القليلة الماضية في طلب المشورة من المتخصصين حول كيفية الاستمرار في الإقامة في الولايات المتحدة. لكنها تقول إن جميع الخيارات "مزعجة ومكلفة للغاية". ويبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد استهدفت بالتحديد الصين عندما اتهمت، في بيان لها، جامعة هارفارد "بالتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني". وقد ردت بكين يوم الجمعة منتقدةً ما وصفته بـ "تسييس" التعليم. وقالت إن هذه الخطوة "تضر فقط بصورة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية"، وحثت على سحب الحظر "في أقرب وقت ممكن". ويقول عبد الله شهيد سيال، 20 عاماً، وهو ناشط طلابي باكستاني معروف بأرائه الصريحة: "نحن لم نسجل في الجامعة للدراسة حتى نصل إلى هذا الوضع". وعبد الله هو طالب في السنة الثالثة بجامعة هارفارد وقد تخصص في مجال الرياضيات التطبيقية والاقتصاد، وكان واحداً من اثنين فقط من الطلاب الجامعيين الباكستانيين الذين قُبلوا في جامعة هارفارد في عام 2023. كما أنه كان أول فرد في عائلته يدرس في الخارج، واصفاً هذه اللحظة بأنها كانت "عظيمة" بالنسبة لعائلته. ويضيف أن الوضع الذي وجد نفسه فيه الآن "سخيف وغير إنساني". وقال كل من شريا ميشرا ريدي وعبد الله شهيد سيال، إن الطلاب الأجانب يتقدمون للالتحاق بالجامعات في الولايات المتحدة لأنهم يرونها مكاناً مٌرحبا، وغنياً بالفرص. وتقول شريا: "لديك الكثير لتتعلمه من ثقافات مختلفة، ومن أشخاص من خلفيات متنوعة. وقد قدَّر الجميع ذلك حقاً"، مضيفةً أن تلك كانت تجربتها في هارفارد حتى الآن. لكن عبد الله يقول إن الوضع تغير مؤخراً، ولم يعد يشعر الطلاب الأجانب بالترحيب. فقد ألغت إدارة ترامب المئات من تأشيرات الطلاب. ليس هذا فسحب، بل احتجزت طلاباً من جامعات في جميع أنحاء البلاد. وكان العديد منهم مرتبطاً بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. ويضيف عبد الله أن هناك الآن قدراً كبيراً من الخوف وعدم اليقين داخل مجتمع الطلاب الدوليين. وقد فاقمت التطورات الأخيرة الوضع. وتقول طالبة دراسات عليا من كوريا الجنوبية إنها تُعيد التفكير في العودة إلى وطنها خلال الصيف خوفاً من عدم تمكنها من دخول الولايات المتحدة مجدداً. لم ترغب هذه الطالبة في الكشف عن اسمها خوفاً من أن يؤثر ذلك على فرص بقائها في الولايات المتحدة، ولم يتبقَّ لها سوى عام واحد على التخرج. وقالت إنها قضت فصلاً دراسياً شاقاً، وإن كل ما تتطلع إليه حتى الآن هو "الالتقاء بالأصدقاء والعائلة". ويقول جيانج فانجزهو، الذي يدرس الإدارة العامة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، إن القلق بين الطلاب الأجانب واضح وملموس. ويضيف: "قد نضطر للمغادرة فوراُ، لكن الناس لهم حياة هنا. فهناك إيجارات ودروس ومجتمع. هذه أمور لا يُمكن التخلي عنها بين عشية وضحاها". ولا يقتصر الحظر على الطلاب الحاليين فقط، كما يقول مواطن نيوزيلندي يبلغ من العمر 30 عاماً. ويوضح: "فكروا في القادمين الجدد، الأشخاص الذين رفضوا بالفعل عروضاً من جامعات أخرى وخططوا حياتهم بناء على عملهم في جامعة هارفارد. إنهم الآن يواجهون المجهول".

الجنوب المغربي في زمن الاعترافات المتتابعة: من تثبيت الشرعية إلى بناء نموذج تنموي متكامل
الجنوب المغربي في زمن الاعترافات المتتابعة: من تثبيت الشرعية إلى بناء نموذج تنموي متكامل

الأيام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الأيام

الجنوب المغربي في زمن الاعترافات المتتابعة: من تثبيت الشرعية إلى بناء نموذج تنموي متكامل

نــور محمد رضا أستاذ بكلية الحقوق بفاس وجامعة الأخوين رئيس مؤسس للمركز المغربي للدراسات الإفريقية والتنمية المستدامة منذ الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء 'الغربية' من طرف الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، شهدت الأقاليم الجنوبية تسارعًا ملحوظًا في الاستثمارات الأجنبية. وتعكس هذه الدينامية، التي تقودها مشاريع ضخمة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والرقمنة، تحوّلًا عميقًا في بنية هذا المجال الترابي. فالجنوب المغربي،أضحى اليوم يجسّد نموذجًا متقدّمًا للتنمية المستدامة، بحكم تموقعه عند ملتقى التحولات الاقتصادية والتفاعلات الجيوسياسية، مما يؤهله لأن يكون قطبًا محوريًا في منظومة التعاون الدولي. أولًا:الولايات المتحدة: مُحفّز استراتيجي لتحوّلات الابتكار في الجنوب المغربي لقد اضطلعت الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، بدور محوري في هذا التحول. فمنذ إعلان فتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة في دجنبر 2020، شهدت الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية نموًا لافتًا. فقد استثمرت إحدى الشركات الأمريكية الرائدة في المجال الطاقي، 'سولونا تكنولوجي'، ما يقارب 2.5 مليار دولار في مشروع ضخم يتمثل في إنشاء مزرعة رياح بطاقة تصل إلى 900 ميغاواط بمدينة الداخلة، موجهة لإنتاج طاقة خضراء نظيفة تُغذّي مراكز بيانات تعتمد على تقنية السلسلة الكتلية (البلوك تشين). ويعكس هذا المشروع الطموح الرؤية الأمريكية في تحويل الأقاليم الجنوبية إلى مركز متقدّم للطاقة والتكنولوجيا، يُكرّس تموقعها كقطب ريادي في مجال الطاقة الرقمية المستدامة. وبموازاة ذلك، تم توقيع جملة من بروتوكولات التعاون بين المجلس الجهوي للداخلة – وادي الذهب وعدد من المجموعات الاستثمارية الأمريكية، من ضمنها 'شركة دانفورثللاستثمار' و'بوابة أمريكا الجديدة للاستشارات'، وذلك بهدف دعم الاستثمارات في مجالات البنية التحتية والطاقة النظيفة. وترمي هذه المبادرات إلى تحويل الأقاليم الجنوبية إلى نموذج يُحتذى به في مسار التنمية المستدامة، من خلال توفير بيئة استثمارية جذابة تتسم بالوضوح القانوني والانفتاح الاقتصادي على الفاعلين الدوليين. وفي السياق ذاته، أطلقت الولايات المتحدة مبادرات طموحة للتمكين الاقتصادي، من أبرزها إعلان طلب عروض خلال شهر ماي سنة 2023، موجهة لدعم النساء، والشباب، والأشخاص في وضعية إعاقة داخل الأقاليم الجنوبية، بميزانية بلغت 5 ملايين درهم. وقد تواصل هذا التوجه عبر تخصيص دعم مالي إضافي قدره 500 ألف دولار في أبريل سنة 2024، من أجل تعزيز دينامية النمو الاقتصادي بكل من العيون والداخلة. ومن المرتقب أن تُسهم هذه المبادرات في تعزيز التماسك الاجتماعي، والتقليص من مخاطر التهميش الاقتصادي، بما يرسّخ الاستقرار الشامل داخل المنطقة ويعزز انخراطها في مسار تنموي تصاعدي. وفي الوقت الذي تمهد فيه الاستثمارات الأمريكية الطريق أمام تنمية تكنولوجية وطاقية في جنوب المملكة، تُضيف فرنسا، عقب اعتراف الرئيس ماكرون سنة 2024 بمغربية الصحراء، بُعدًا تكميليًا يتمحور حول البنيات التحتية ومسار الانتقال الطاقي. ثانيًا: الاستراتيجية الفرنسية في دعم الانتقال الطاقي وتعزيز البنية التحتية في الجنوب المغربي عرفت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا هي الأخرى تحولًا ملموسًا منذ الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء. فمنذ ذلك الحين، كثّفت السلطات الفرنسية استثماراتها في جنوب المملكة، سعيًا لتعويض التراجع الملحوظ في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو هذه المنطقة، والذي انتقل من 7,4 مليارات درهم سنة 2021 إلى 3,3 مليارات سنة 2022. وفي هذا السياق، وقّعت شركة الطاقة الفرنسية 'توتال إنرجي' سنة 2024 عقدًا لإنجاز مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بجهة كلميم – واد نون، معتمدة في ذلك على قدرات إنتاجية من الطاقة الشمسية والريحية تصل إلى واحد غيغاواط. ويهدف هذا المشروع إلى توفير طاقة خضراء قابلة للتصدير، خاصة نحو السوق الأوروبية، بما يفتح آفاقًا جديدة لتثبيت موقع الأقاليم الجنوبية كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة. ومن خلال 'الوكالة الفرنسية للتنمية' وفرعها التمويلي 'بروباركو'، دعمت فرنسا أيضًا مشاريع ذات طابع استراتيجي لتعزيز البنية التحتية الطاقية بالمملكة، من بينها الشبكة الكهربائية عالية التوتر بين الداخلة والدار البيضاء، الذي تم اقتراح تمويله في أبريل 2025. ويُعد هذا الخط، الذي يهدف إلى تسهيل نقل الطاقة الخضراء نحو باقي التراب الوطني، تجسيدًا حيًّا للتعاون المغربي – الفرنسي في مسار التحول الطاقي. كما يرمز إلى إرادة مشتركة لفك العزلة وتعزيز الاندماج الاقتصادي، من خلال تقوية الترابط الكهربائي بين شمال المملكة وجنوبها، بما يتيح إدماجًا أوسع للنسيج الصناعي المغربي في دينامية وطنية موحدة. وتندرج هذه الدينامية التعاونية البنيوية بين المغرب وفرنسا ضمن سياق أوسع من الشراكات الدولية الرامية إلى تنمية الأقاليم الجنوبية. وفي هذا الإطار، تلعب إسبانيا بدورها دورًا رائدًا، من خلال التزام اقتصادي متنامٍ يُعزز الروابط الاقتصادية العابرة للحدود بين البلدين. ثالثًا: الاستثمارات الإسبانية: رافعة أوروبية لتنشيط الاستثمار والربط الجهوي في الأقاليم الجنوبية فيما يخص إسبانيا، فقد مكّن الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء في مارس 2022 من إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وقد كثّفت إسبانيا استثماراتها في الأقاليم الجنوبية، حيث أصبح المغرب الشريك الإفريقي الأول لإسبانيا بحجم استثمارات بلغ 1.9 مليار يورو في عام 2022. وتبرز جهة الداخلة – وادي الذهب بشكل خاص كوجهة مفضلة للشركات الإسبانية بفضل موقعها الجيوستراتيجي بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء. وفي عام 2024، سجلت المبادلات التجارية بين الرباط ومدريد أرقامًا قياسية، إذ بلغت صادرات إسبانيا نحو المغرب 12.8 مليار يورو، مقابل 7.3 مليار يورو سنة 2020، وهو ما يعزز الدور المتنامي للأقاليم الجنوبية في الشراكة المغربية – الإسبانية. وفي السنة نفسها، وخلال منتدى استثماري احتضنته العاصمة الإسبانية مدريد في أبريل سنة 2024، قامت شركات كبرى من قبيل 'إيبيردرولا'، و'رينفي'، و'ألستوم'، و'فيكتاليا'، و'ريبسول' باستكشاف فرص الاستثمار في ميادين البنية التحتية، واللوجستيك، والطاقة. ويجسّد مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، إلى جانب إنجاز الطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة، هذا التوجه نحو تعزيز الترابط المجالي وهيكلة قطب اقتصادي جهوي دينامي. وتنخرط إسبانيا بفاعلية في مسار الانتقال الطاقي بالأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع متقدّمة في مجال الطاقات المتجددة، وعلى رأسها مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر التي تقودها مؤسسات مثل 'أكسِّيونا' و'سيبسا'. ويُعدّ هذا التنامي في التعاون الاقتصادي المغربي – الإسباني بالجنوب جزءًا من رؤية استراتيجية أشمل تروم ترسيخ التنمية المستدامة، وتعزيز الموقع الجيوسياسي للمملكة المغربية كبوابة استراتيجية بين أوروبا وإفريقيا.. وتكمّل مشاركة إسبانيا المتنامية في الأقاليم الجنوبية الجهود المبذولة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، بما يعكس تقاطع المصالح الدولية حول تنمية هذه المنطقة الاستراتيجية. فهذه الدينامية الاستثمارية، التي تجمع بين القطاعين العام والخاص، الأوروبي والأمريكي، لا تقتصر على منطق ثنائي أو قطاعي، بل ترسم معالم تحول عميق وشامل في البنية الاقتصادية والترابية للأقاليم الجنوبية. رابعًا: الأثر المتعدد الأبعاد للاستثمارات الأجنبية تتجسّد الدينامية المتسارعة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية في الزخم النوعي الذي تشهده قطاعات الطاقات المتجددة والبنيات التحتية. وقد غدت هذه الجهة، في ظل هذا التحوّل، رافعة مركزية للانتقال نحو نموذج أخضر واعد على مستوى القارة الإفريقية، وشريكًا موثوقًا ومرجعيًا للضفة الأوروبية. وتندرج المشاريع المرتبطة بالهيدروجين الأخضر وتعزيز الربط الترابي ضمن رؤية استراتيجية شاملة للتنمية المتوازنة، ترمي إلى تقليص الفجوات المجالية وتحقيق عدالة ترابية مستدامة بين مختلف جهات المملكة. وتُفيد المعطيات المتاحة بأن الاستثمارات تتجه في معظمها نحو قطاع الطاقات المتجددة، الذي يستحوذ على نسبة 45% من إجمالي المشاريع، تليه البنيات التحتية بنسبة 25%. ويواكب هذا التوجه انفتاحٌ تدريجي على مجالات واعدة أخرى، كالمجال الرقمي، والصناعات الفلاحية – الغذائية، بما يعكس إرادة واضحة لتنويع قاعدة التنمية. ويُعزّز هذا التحول مكانة الأقاليم الجنوبية كمحور استراتيجي في مسار الاندماج الاقتصادي الإفريقي، إذ باتت هذه المناطق تشكل بوابات عبور أساسية نحو إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال مدن مثل تزنيت، كلميم، والداخلة، فضلاً عن قيامها بدور لوجستيكي متقدّم يربط المغرب بالفضاء الأطلسي. ولا تقف رهانات تنمية هذه الأقاليم عند حدودها المحلية، بل تعبّر عن رؤية وطنية طموحة لنموذج تنموي مستدام، يرتكز على الاقتصاد الأخضر، والاندماج الجهوي، والتكامل الوظيفي بين مختلف مكونات التراب الوطني. وتتبوأ الأقاليم الجنوبية اليوم موقعًا رياديًا بصفتها ' قطبًا أخضرًا عابرًا للقارة الإفريقية '، في قلب الديناميات المتجددة للتعاون الطاقي بين إفريقيا وأوروبا. ويجسّد مشروع الداخلة – الذي تنفذه شركة أمريكية متخصصة في الطاقات النظيفة – نموذجًا متقدّمًا لهذا التحوّل، إذ يستهدف إنتاج 900 ميغاواط من طاقة الرياح لتغذية بنية تحتية رقمية قائمة على تقنية السلسلة الكتلية (البلوك تشين). كما تنخرط مؤسسات عالمية رائدة، من بينها المجموعة الفرنسية للطاقة النظيفة، في مشاريع طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما يفتح المجال أمام تصديره نحو الأسواق الإفريقية والأوروبية على السواء. وتُظهر الخريطة القطاعية الحالية تركزًا واضحًا للمشاريع البنيوية الكبرى في مدن محورية مثل الداخلة، العيون، وكلميم، بما يعزّز تموقعها ضمن منظومة التنمية الاستراتيجية للمملكة في السياق ذاته، يُرتقب أن يُحدث المشروع الطاقي الكبير الذي سيربط داخلة الجنوب بمدينة الدار البيضاء – بتمويل من الهيئة الفرنسية لتمويل القطاع الخاص في البلدان النامية – نقلة نوعية في مستوى الترابط الطاقي بين شمال المملكة وجنوبها. إذ سيسهم هذا الربط في إدماج النسيج الصناعي الوطني، من خلال وصل المنظومات الإنتاجية في الجنوب بالمراكز الاقتصادية الكبرى، مما يُعزز التكامل الاقتصادي ويُسهم في تحقيق التوازن المجالي. ولا تقتصر أهمية هذه المشاريع على بعدها الاقتصادي، بل تشمل أيضًا أبعادًا اجتماعية عميقة. فقد مكّنت شراكات دولية متقدّمة من إطلاق برامج هادفة إلى تمكين فئات واسعة من الشباب، والنساء، والأشخاص في وضعيات هشاشة، مما ساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي، والحد من التفاوتات البنيوية، ومواجهة مخاطر التهميش التي قد تُفضي إلى توترات أو نزعات انفصالية. وتُضعف الإنجازات الميدانية المُحققة على الأرض، بشكل مباشر، السرديات الانفصالية التي تروّج لها الجبهة الانفصالية وحلفاؤها، إذ إن تنامي المشاريع الهيكلية التي تنفذها جهات دولية مرموقة يُفقد أطروحة 'الاحتلال' مصداقيتها أمام واقع التنمية المتحقق. وفي العمق، تشكل هذه الاستثمارات اعترافًا ضمنيًا ذا طابع جيوسياسي وقانوني فعلي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، بما يعزّز الاعترافات الصريحة السابقة، ويُجسد تقاربًا استراتيجيًا مع الشركاء الدوليين الذين يتقاسمون مع المغرب رؤيته الرامية إلى جعل هذه الأقاليم مجالًا للاستقرار، والازدهار المشترك، والتنمية العابرة للحدود، مقابل تحجيم الخطابات الانفصالية، خصوصًا تلك التي تصدر عن بعض الجهات في الجنوب الإفريقي والجار الشرقي. وفي هذا السياق، تشهد مدن الجنوب، وفي مقدمتها الداخلة والعيون، تحوّلاً متسارعًا يجعلها أقطابًا صاعدة للتنويع الاقتصادي. فالنمو المطّرد للسياحة البيئية، واتساع رقعة الصناعات الفلاحية – الغذائية، فضلًا عن إنشاء مراكز بيانات رقمية حديثة وتزايد عروض التكوين في مجال الأمن السيبراني، كلّها مؤشرات على تحوّل هيكلي متكامل، يرسّخ موقع هذه الأقاليم في قلب الدورة الاقتصادية الوطنية. ويتقاطع هذا الزخم الاقتصادي مع مسار سيادي موازٍ، يتمثل في سعي المغرب الحثيث إلى ترسيخ استقلاله الطاقي. فبفضل الاستثمار في الموارد المتجددة وربط الأقاليم الجنوبية بالشبكة الوطنية، تقلّص المملكة تدريجيًا من تبعيتها للمصادر الأحفورية المستوردة، مما يعزز قدرتها على الصمود أمام التقلبات الدولية والاضطرابات الجيو-اقتصادية الطارئة. وفي الختام، يلوح انخراط الأقاليم الجنوبية للمملكة في الفضاء القاري الجديد للتبادل الحر الإفريقي كممر استراتيجي نحو اندماج أوسع، لا يقتصر على تبادل السلع والخدمات، بل يشمل تقاطع الرؤى والمصالح والمصائر. فحين تنفتح بوابات الصحراء على شبكات الطرق العابرة والقوافل الحديثة من السكك الحديدية، لا تُبنى فقط جسور الإمداد، بل تُرسم خرائط جديدة للتكامل القاري تتجاوز منطق الحدود.ومن هذه الدينامية، تستفيد المقاولات الإفريقية النامية، لاسيّما في موريتانيا، السنغال، وساحل العاج، حيث يبدأ نموذج جديد للتعاون جنوب – جنوب في التشكل، مستندًا إلى شراكات متكافئة، ومسارات تنموية مشتركة، تنأى عن منطق التبعية وتُراهن على السيادة الاقتصادية القارية. كما يُبرز الرسم البياني أدناه التأثير المباشر والملموس للاعترافات الدبلوماسية المتتالية على تدفقات الاستثمار نحو الأقاليم الجنوبية، ويؤكد تقاطع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية. وهنا تُطرح إشكالية أوسع: كيف يمكن للمغرب، من خلال أقاليمه الجنوبية، أن يتحول من مجرد همزة وصل بين إفريقيا وأوروبا، إلى عقل استراتيجي قاري يؤطّر هذا التكامل، ويقوده بثقة نحو آفاق أكثر عدلًا واستقلالًا؟ سؤال يفتح بابًا لتأملات جديدة في مستقبل السيادة الإفريقية، وسبل إعادة تعريفها في عالم تزداد فيه التكتلات، وتُختبر فيه الحدود، ليس بالجغرافيا فحسب، بل بالقدرة على رسم المصير.

ترامب يهدد 'أبل' برسوم كبيرة إذا لم تصنع هواتفها داخل أميركا
ترامب يهدد 'أبل' برسوم كبيرة إذا لم تصنع هواتفها داخل أميركا

كش 24

timeمنذ 2 ساعات

  • كش 24

ترامب يهدد 'أبل' برسوم كبيرة إذا لم تصنع هواتفها داخل أميركا

هدد، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجمعة، شركة أبل، بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة إذا لم تصنع هواتفها التي تبيعها في البلاد داخل الولايات المتحدة. وانخفضت أسهم أبل 2.5 بالمئة في تعاملات ما قبل فتح السوق على خلفية تحذير ترامب، مما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأميركية. وقال ترامب، في منشور على منصة تروث سوشيال: "أبلغت تيم كوك (الرئيس التنفيذي) لأبل منذ فترة طويلة بأنني أتوقع تصنيع أجهزة آيفون التي ستباع في الولايات المتحدة الأميركية داخل الولايات المتحدة، لا في الهند ولا في أي مكان آخر". وأضاف: "إذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب أن تدفع أبل رسوما جمركية 25 بالمئة على الأقل للولايات المتحدة". وذكرت رويترز الشهر الماضي، أن أبل تضع الهند قاعدة تصنيع بديلة، في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين والتي أثارت مخاوف بشأن سلسلة التوريد والمخاوف من ارتفاع أسعار هواتف آيفون. وقالت الشركة، إن معظم هواتفها الذكية التي تباع في الولايات المتحدة سيكون مصدرها الهند في ربع السنة الحالي الذي ينتهي في يونيو. وبحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتد برس، قد يؤدي هذا التهديد، الذي وجهه ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ارتفاع كبير في أسعار أجهزة أيفون، مما قد يُلحق الضرر بمبيعات وأرباح إحدى شركات التكنولوجيا الأميركية الرائدة. ولدى عرض أرباح أبل للربع الأول من العام في مطلع مايو، حذر كوك من الآثار غير الواضحة للرسوم الجمركية الأميركية البالغة 145بالمئة على السلع المستوردة من الصين رغم الإعفاء المؤقت لسلع عالية التقنية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر. ورغم أن الهواتف الذكية المكتملة البناء معفاة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، إلا أن المكونات التي تدخل في تركيب أجهزة أبل ليست كلها مستثناة من الرسوم. وتتوقع أبل أن تبلغ تكلفة الرسوم الجمركية الأميركية 900 مليون دولار في الربع الحالي من العام، رغم أن تأثيرها كان "محدودا" في مطلع هذا العام، وفقا لكوك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store