
شهادة حارس سابق في "مؤسسة غزة" حول جرائم الاحتلال بحق طالبي المساعدات
الاحتلال الإسرائيلي
، انتقادات دولية متزايدة، في الآونة الأخيرة، بعد نحو شهرين من توليها آلية توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، بطريقة غير آدمية، وتعرّض حياة سكان غزة الباحثين عن طعام، في ظل حرب الإبادة والتجويع للقتل. وفي مقابلة مع القناة 12 العبرية مساء أمس الثلاثاء، تحدّث حارس أمن سابق في المؤسسة، شارك في تأمين مواقع التوزيع، عن سلوكيات قاتلة من قبل فرق الأمن في مراكز المساعدات، منتقداً آلية التوزيع مؤكداً: "في الواقع، مراكز المساعدات أساءت كثيراً للسكان وعرّضتهم للخطر".
ويدور الحديث عن جندي سابق في الجيش الأميركي بخبرة 25 عاماً، وصل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي في مايو/أيار الماضي للعمل ضمن آلية توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، ويصف واقعاً صعباً في مراكز التوزيع، مضيفاً: "لا يمكن إصلاح هذا، يجب وضع حد له".
وبحسبه، فإن "المواقع تقع في مناطق نائية لا يُسمح للسكان بالوصول إليها بواسطة مركبات، ما يضطر الفلسطينيين إلى حمل طرود ثقيلة سيراً على الأقدام في منطقة قتال نشطة". وانتقد الجندي الأميركي سابقاً زملاءه المسؤولين عن تأمين مراكز المساعدات واصفاً سلوكاً غير منضبط في محاولة لفرض النظام. وروى حادثة قام فيها الحراس الأميركيون برش فلسطيني كان يجمع الطعام من الأرض برذاذ الفلفل، دون أن يُشكّل أي تهديد. وفي حادثة أخرى، أُلقيت قنبلة صوتية أصابت امرأة فلسطينية مباشرة: "انهارت وسقطت أرضاً. كانت تلك اللحظة التي أدركت فيها أنني لا أستطيع الاستمرار".
وأردف حول واقعة أخرى: "عندما أنهى الفلسطينيون جمع المساعدات التي كانت في الموقع، بدأ الحراس الأميركيون بإطلاق النار عليهم، على أرجلهم، وحولهم لإجبارهم على المغادرة". وادّعى أنه قرر ترك العمل بسبب هذه التصرفات: "طوال خدمتي العسكرية، لم أشهد استخداماً كهذا للقوة ضد مدنيين غير مسلحين. لن أكون جزءاً من هذا الآن".
ووفق أقواله للقناة العبرية، عبّر جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضاً، من الموجودين في المنطقة، عن إحباطهم من الوضع: "ليس لديهم سيطرة على من يدخل ويخرج، ويرون في ذلك خطراً عملياتياً حقيقياً".
ويؤكد الموظف السابق أن المشكلة ليست فقط في ما يحصل على الأرض، بل في المنظومة كلها: "لو كانت لدى الأمم المتحدة الموارد والتنسيق الذي تملكه هذه الآلية، لكان الأمر أفضل بكثير".
المشكلة ليست فقط في ما يحصل على الأرض، بل في المنظومة كلها
وأوردت القناة رد المؤسسة التي كّذّبت الحارس الأميركي. وجاء في الرد: "فتحت مؤسسة GHF تحقيقاً فورياً في التفاصيل بمجرد عرض الادعاءات عليها. وبالاستناد إلى تسجيلات فيديو، وشهادات شهود، توصّلنا إلى استنتاج أن الادعاءات الواردة في التقرير كاذبة كلياً. المقاول السابق الذي أُجريت معه المقابلة تم فصله قبل عدة أسابيع بسبب سلوك غير لائق. لم تكن هناك أي نقطة كان فيها مدنيون تحت إطلاق نار في موقع توزيع تابع لـ GHF. إطلاق النار الذي سُمع في الفيديو تم التحقق منه على أنه صادر عن الجيش الإسرائيلي، وكان خارج المنطقة المباشرة لموقع التوزيع. إطلاق النار لم يكن موجّهاً نحو أشخاص، ولم يُصب أحدا".
وأضافت المؤسسة: "نحن نأخذ سلامة وأمن مواقعنا على محمل الجد. عندما تحدث تصرفات لا تتماشى مع معاييرنا، فإننا نتحرك. المقاول الذي ظهر وهو يصرخ في الفيديو لم يعد جزءاً من عملياتنا".
وزعمت المؤسسة التي استشهد عدد كبير من الفلسطينيين طالبي المساعدات في محيطها: "نواصل التركيز على مهمتنا الأساسية، وهي توفير الغذاء لسكان غزة بطريقة آمنة ومباشرة وبدون عوائق، كما نفعل منذ بدء نشاطنا في 27 مايو/أيار، حيث وزعنا حتى الآن ما يقارب 85 مليون وجبة غذائية على سكان القطاع". ويرتكب جيش الاحتلال مجازر مستمرة في أرجاء قطاع غزة، منها في محيط مراكز توزيع المساعدات.
رصد
التحديثات الحية
دروع بشرية بعلم كبار المسؤولين.. هكذا يعامل الاحتلال الفلسطينيين
وقبل نحو شهر، نشرت صحيفة هآرتس شهادات لجنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، تؤكد أن الجيش يطلق النار عمداً على الفلسطينيين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، باستخدام المدفعية والقناصة والدبابات وغيرها، دون اكتراث لحياة الأبرياء، فيما أقصى المخاوف تتعلق بانتقادات المجتمع الدولي، وعواقب ارتكاب جرائم حرب، أما قتل الباحثين عن لقمة يسدون بها جوعهم، فهو أمر عادي.
وتبين الشهادات أن قادة في الجيش أصدروا أوامر بإطلاق النار نحو مدنيين لتفريقهم وإبعادهم، رغم عدم تشكيلهم خطراً على الجنود. وبالمقابل طالبت النيابة العسكرية، وحدة التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة بالتحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب في هذه المواقع، ليس حرصاً على حياة الفلسطينيين، ولكن خشية الملاحقات الدولية. وبحسب ضباط وجنود خدموا في مناطق مراكز المساعدات، يطلق جيش الاحتلال النار على الأشخاص الذين يقتربون من مراكز المساعدات قبل فتحها لمنعهم من الاقتراب، أو بعد إغلاقها، بهدف تفريقهم.
وقال أحد الجنود في حينه: "هذا ميدان قتل. في المكان الذي كنت فيه، كان يُقتل يومياً ما بين شخص إلى خمسة. يُطلق عليهم النار كما لو كانوا قوة مهاجمة. لا تُستخدم وسائل تفريق المظاهرات، ولا يُطلق غاز، بل يُطلق كل ما يمكن تخيّله، نيران رشاش ثقيل، وقنابل، وقذائف هاون. ثم، عندما تُفتح نقطة التوزيع، يتوقف إطلاق النار، وهم يعرفون أنه يمكنهم الاقتراب. نحن نتواصل معهم عبر النار". وأضاف الجندي: "تُطلق النار في الصباح الباكر إذا حاول أحدهم حجز دور من مسافة مئات الأمتار، وأحياناً يتم الهجوم عليهم من مسافة قريبة، رغم عدم وجود خطر على القوات".
وقال ضباط لذات الصحيفة، إن الجيش الإسرائيلي لا ينشر للجمهور في إسرائيل أو في الخارج توثيقاً لما يحدث حول مواقع توزيع الغذاء. وبحسب أقوالهم، فإن "الجيش راضٍ عن أن نشاط منظمة مؤسسة غزة الإنسانية الأميركية (GHF) حال دون انهيار كامل للشرعية الدولية"، لمواصلة حرب الإبادة على القطاع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
15 دولة غربية تدعو البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بفلسطين
باريس: دعت فرنسا و14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، على ما قال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الأربعاء. وكتب بارو عبر اكس 'في نيويورك مع 14 دولة أخرى توجه فرنسا نداء جماعيا: نعبر عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا'، غداة 'نداء نيويورك' الذي أطلق في ختام مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. في المقابل، رحب حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، الأربعاء، بالإعلان الصادر عن مؤتمر حل الدولتين المنعقد بمدينة نيويورك، الداعي لانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، والاعتراف بدولة فلسطين. وقال في منشور على منصة إكس: 'نرحب بإعلان نيويورك الذي صدر عن مجموعة الدول المشاركة الذي دعا إلى الاعتراف بدولة فلسطين وإحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين وإعادة الاعتبار للشرعية الدولية، ووقف الحرب في قطاع غزة وإدخال المساعدات فورا دون أي عوائق'. وأشار الشيخ إلى أن فلسطين تؤكد التزامها بما ورد في رسالة الرئيس محمود عباس إلى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. دعا مؤتمر حل الدولتين المنعقد بنيويورك إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية 'وفق مبدأ حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد' وفي يونيو/ حزيران الماضي، أرسل عباس رسالة إلى ماكرون وبن سلمان تضمنت تعهدات بخصوص مستقبل غزة بعد وقف حرب الإبادة الإسرائيلية، تشمل استعداد السلطة الفلسطينية لتولي إدارة القطاع ومطالبة حركة حماس بتسليم سلاحها. كما رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية اليوم بإعلان نيويورك. وقالت الوزارة، في بيان صحافي اليوم، إن 'هذا الإعلان يشكل لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بدولة فلسطين واحترام حقوق الشعب الفلسطيني وصولا للسلام والأمن والاستقرار، وإنهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي'. وثمنت التزام الدول بـ 'اتخاذ خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ولا رجعة فيها وفي أسرع وقت ممكن، لتجسيد دولة فلسطين المستقلة، ذات السيادة، والقابلة للحياة وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لها، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، والقائم على إنهاء الاحتلال، وحل جميع القضايا العالقة وقضايا الوضع النهائي، وإنهاء جميع المطالبات، وتحقيق سلام عادل ودائم، وضمان الأمن والسيادة لجميع دول المنطقة'. كما ثمنت الوزارة 'الدعم الدولي غير المسبوق الذي عبر عنه المؤتمر لتمكين دولة فلسطين من ممارسة ولايتها السياسية والقانونية على كامل أرض دولة فلسطين بما فيها قطاع غزة، معربة عن شكرها للدول التي عبرت عن مواقفها الواضحة بشأن الاعتراف بدولة فلسطين باعتباره مساهمة في السلام وفي الحفاظ على الحل الوحيد، حل الدولتين. ومساء الثلاثاء، دعا مؤتمر حل الدولتين المنعقد بنيويورك إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية 'وفق مبدأ حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد'. وشدد المؤتمر في البيان الختامي على أهمية الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة. كما أكد 'ضرورة الوقف الفوري للحرب في غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وانسحاب القوات الإسرائيلية'. وطالب بفتح المعابر ودخول المساعدات ومنع الحصار في غزة. ودعا إلى 'إصلاحات فلسطينية تشمل الانتخابات خلال عام، وتعزيز الحوكمة والأمن'. وأكد البيان أن 'إعمار غزة سيتم بدعم من صندوق دولي، ومن خلال مؤتمر لإعادة الإعمار سيعقد قريبا في القاهرة'. (وكالات)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
15 دولة غربية تدعو دولاً أخرى لإعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين
دعت فرنسا و14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، على ما قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اليوم الأربعاء. وكتب بارو عبر "إكس": "في نيويورك، مع 14 دولة أخرى، توجه فرنسا نداءً جماعياً: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا"، غداة " نداء نيويورك " الذي أطلق في ختام مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. A New York avec 14 autres pays, la France lance un appel collectif : nous exprimons notre volonté de reconnaître l'Etat de Palestine et invitons ceux qui ne l'ont pas encore fait à nous rejoindre. — Jean-Noël Barrot (@jnbarrot) July 30, 2025 والى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء. ووقعت دول أخرى الدعوة، وهي أندورا، وفنلندا، وآيسلندا، وأيرلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، والنرويج، والبرتغال، وسان مارينو، وسلوفينيا، وإسبانيا. وأعربت تسع دول منها لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية عن "استعداد بلادها أو اهتمامها الإيجابي" في الاعتراف بها، وهي أندورا، وأستراليا، وكندا، وفنلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، والبرتغال، وسان مارينو. والثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بلاده ستعترف رسمياً بدولة فلسطين إلا إذا اتّخذت إسرائيل إجراءات معينة. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، أن فرنسا ستعترف رسمياً بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر/ أيلول. وصدرت الدعوة من الدول الخمس عشرة في ختام مؤتمر وزاري عُقد يومي الاثنين والثلاثاء في نيويورك، برعاية فرنسا والسعودية، بهدف إحياء حل الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو فرضية تقوضها الحرب الدائرة في غزة والاستيطان في الضفة الغربية. أخبار التحديثات الحية فرنسا تطلق "نداء نيويورك" في ختام مؤتمر حل الدولتين وهذه أبرز نقاطه ونصّ "نداء نيويورك" على تأكيد التزام الدول الموقعة "الثابت لرؤية حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب بسلام وحدود آمنة ومعترف بها بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وفي هذا السياق، تؤكد على ضرورة توحيد غزة مع الضفة تحت حكم السلطة الفلسطينية". ومن اللافت أن بعض الدول الموقعة لم تعلن رسمياً نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ودعا "نداء نيويورك" الدول التي لم تعترف أو تعبر بعد عن رغبتها بالاعتراف بالانضمام إلى النداء، كما ناشد الدول التي لم تطبع علاقتها بعد مع إسرائيل بأن تعبر عن رغبتها بالقيام بذلك، وبنقاش دمج إسرائيل في المنطقة. كما نص النداء على أن الدول الموقعة تعبر عن "تصميمها للعمل على بنية لليوم التالي في غزة تضمن إعادة إعمار غزة ونزع سلاح حماس واستثناءها من الحوكمة الفلسطينية". (فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
ما وراء قرار إدخال إسرائيل المساعدات إلى غزة
بعد ضغوط دولية جدّية نتيجةً لمشاهد التجويع والمعاناة في قطاع غزة، بدأت الحكومة الإسرائيلية إجراء تغييرات في سياساتها المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى القطاع. لم يأتِ هذا القرار من فراغ، بل يعكس أولاً تعثّر الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة وعجز الجيش عن حسم المعركة أو القضاء الكامل على وجود حركة حماس. كما يُظهر فشل إسرائيل في فرض شروطها في المفاوضات غير المباشرة مع الحركة. والأهم من ذلك أن القرار يُشير إلى وجود قلق إسرائيلي حقيقي من تفاقم الأضرار على الساحة الدولية، واحتمال فرض عقوبات أو ممارسة ضغوط تُرغم إسرائيل على السماح بدخول المساعدات. لا حسم عسكرياً في غزة تعثّر الحرب والحملات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، وتحولها إلى حملة قتل وتجويع وتهجير دون أهداف عسكرية واضحة، ليس جديداً، بل بدأت مؤشرات هذا الفشل بالظهور منذ أشهر عدة. على سبيل المثال، كرّر رئيس الأركان إيال زمير، في نقاشات داخلية داخل المجلس الوزاري المصغّر، بحسب الصحافي حاييم ليفنسون في صحيفة هآرتس (21 يوليو/ تموز الحالي)، أن عملية "مركبات جدعون" قد استُنفدت بالكامل، وأنه لا بد من التوصل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار. عدم الحسم العسكري في قطاع غزة ترافق مع عدم قدرة إسرائيل فرض شروطها كافة على حركة حماس في المفاوضات، رغم ما اعتُبر مرونة وتنازلات قدّمتها "حماس". وقد وصف الصحافي عاموس هرئيل من "هآرتس" (25 يوليو) هذه الأجواء بالقول: "هذا المشهد الكئيب في المفاوضات تكرّر هذا الأسبوع أيضاً، كما في معظم الأسابيع خلال الشهرين الأخيرين. ومرة أخرى، وردت أنباء بدت مبشّرةً من واشنطن: البيت الأبيض أعلن أن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي، سيتوجّه إلى المنطقة قريباً لدفع صفقة الأسرى إلى الأمام. لكن، بعد يومين فقط، خبت الآمال مجدداً. فبعد أسبوعين ونصف من تقدم طفيف جداً، أعلن ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن سحب فريق المفاوضات من الدوحة، عاصمة قطر". عدم الحسم العسكري في غزة، ترافق مع عدم قدرة إسرائيل على فرض شروطها كافة على حماس فشل السيطرة على آلية المساعدات عدم حسم المعركة وفشل المفاوضات ترافقا أيضاً مع فشل بناء آلية جديدة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة. فقد أنشأت حكومة بنيامين نتنياهو في فبراير/ شباط 2024 ما يُعرف بـ"صندوق المساعدات الإنسانية لغزة"، بهدف تعزيز سيطرة إسرائيل على آليات توزيع المساعدات، ومنع وصولها إلى حركة حماس كما تدعي إسرائيل، وتقويض عمل منظومات الإغاثة التقليدية والفعّالة التي تقودها الأمم المتحدة، وفي مقدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إلى جانب منظمات دولية أخرى. رصد التحديثات الحية إبادة غزة تلاحق الإسرائيليين... منبوذون وملاحقون حول العالم في مطلع مارس/ آذار، خرقت الحكومة الإسرائيلية اتفاق وقف النار من خلال إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ووقف إدخال المساعدات الإنسانية عبر المنظمات الدولية، وقطع إمدادات الكهرباء عن القطاع. على الرغم من إنشاء الصندوق في فبراير، لم يبدأ توزيع المساعدات عبره فعلياً إلا في أواخر شهر مايو/ أيار الماضي، وسط انتقادات حادة واتهامات بفشل آليات التوزيع الجديدة وتسببها في تعميق الكارثة الإنسانية في غزة. لم تقتصر الأضرار التي لحقت بعمل المنظمات الدولية على الحدّ الكبير من قدرتها على الوصول إلى قطاع غزة وسكّانه، بل تجسّدت أيضاً في تأخير أو منع إدخال سلع ومواد حيوية، بما في ذلك المعدّات الطبية والمواد الغذائية الأساسية. وفي الأسابيع الأخيرة، صعّدت إسرائيل من وتيرة عمليتها العسكرية الهادفة إلى تدمير قطاع غزة. قبل نحو عشرة أيام، بدأت المؤشرات تتجه نحو سيناريو كارثي طالما حذّر منه خبراء ومؤسسات دولية: الوصول إلى "نقطة اللاعودة"، حيث تصبح الوفيات الناتجة عن سوء التغذية منتشرة بشكل واسع، ويصعب تدارك آثارها، ما ينذر بكارثة إنسانية طويلة الأمد. تغيير السياسات نتيجة لتراكم الأحداث وتزايد الضغوط الدولية، ومع التحذيرات الصادرة عن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر والسفير الإسرائيلي في واشنطن يحييل ليتر، اللذين نبّها إلى احتمال حدوث انهيار دبلوماسي حاد وتبعات خطيرة في حال استمر الوضع على ما هو عليه، جاء التحوّل في موقف الحكومة الإسرائيلية، وفقاً للصحافي اليميني عميت سيغل، المعروف بقربه من دوائر صنع القرار (موقع ماكو - القناة 12، الأحد 27 يوليو). في هذا السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الجمعة في 25 يوليو، عن بدء تنفيذ القرار الذي يشمل تحديد ممرات إنسانية تتيح حركة آمنة لقوافل الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، بهدف إدخال الغذاء والدواء إلى قطاع غزة. كما أُعلن عن تنظيم "هدنات إنسانية" في المناطق ذات الكثافة السكّانية العالية، لتسهيل وصول المساعدات وتقليل الأضرار في صفوف المدنيين. نبّه ساعر وليتر إلى احتمال حدوث انهيار دبلوماسي حاد وتبعات خطيرة في حال استمر الوضع على ما هو عليه بهذا الإعلان، تُقرّ الحكومة الإسرائيلية والجيش، بشكل غير مباشر، بفشل محاولتهما فرض نظام بديل لإدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع. فقد أدركت إسرائيل هذه المرة أنها لا تستطيع تجاهل الغضب العالمي المتزايد من سياسات التجويع والإبادة الجماعية في غزة، ومن استمرار منع دخول المساعدات الأساسية. النتائج السياسية الداخلية يرى عدد من المحللين والصحافيين الإسرائيليين أن ما جرى في الأيام الأخيرة، من تغيير في سياسات إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، يُعدّ اعترافاً صريحاً بفشل آخر لحكومة نتنياهو. في هذا السياق، كتب الصحافي ناحوم بارنياع في موقع "واينت" (الاثنين 28 يوليو) أنه "بعد مرور عام على الحرب، أو حتى قبل ذلك، كان على الحكومة والجيش أن يدركا أن الوضع في غزة قد انقلب رأساً على عقب: الفائدة المرجوة من قتال تخوضه خمس فرق عسكرية باتت ضئيلة إلى حدّ التلاشي، بينما الأضرار تتزايد بشكل خطير". وأضاف بارنياع، "بعد عامين، تلقّينا الضرب، وأكلنا السمك العفن، وها هم أصدقاؤنا في العالم يطالبون بطردنا من المدينة. الكارثة بلغت من الضخامة ما دفع بنتنياهو إلى إنزال الأعلام، وإيقاف العملية العسكرية، خلال ساعات النهار، والانصياع لمطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والبدء بإدخال المساعدات الغذائية. ومن شدة خوفه من ردّ فعل غاضب من (وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش و(وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، استسلم نتنياهو في الخفاء، كآخر الجبناء". الجنرال الاحتياط يسرائيل زيف كتب في موقع "ماكو – القناة 12" (28 يوليو): "بعد فشل جميع المناورات ومحاولات مطاردة المسلحين المتبقين وتحقيق الحسم المنشود، وما تسبب به ذلك من سقوط المزيد من القتلى في صفوف الجنود، جاء الفشل الكامل في ما بات يُعرف بـ"حرب الغذاء"، التي تورّطت فيها إسرائيل بسذاجة. وها هي الآن تركض مذعورة في محاولة يائسة لإصلاح ما يمكن إصلاحه بعد أن وقعت الأضرار الجسيمة... استمرار الحرب، التي تحوّلت مبرراتها من تحرير الأسرى إلى حرب تجويع، ومن حرب "مبرّرة" إلى حرب "ملعونة"، قد محا حتى آخر ذريعة كانت لدى إسرائيل لتمديدها، وهي إعادة الأسرى. قد يكون من الممكن تبرير حرب طويلة ضد مقاتلين، لكن لا يمكن تبرير موت الأطفال جوعاً ". لم يُشرك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وزيري اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، في قراره إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وبحسب الصحافي عميت سيغل، فإن اتخاذ القرار من دون إشراك سموتريتش وبن غفير يكشف عن تصدّع حاد داخل الجناح اليميني في الائتلاف الحكومي. في حال تم تجاوز الأزمة مع سموتريتش، فإن نتنياهو سيقدّم له تعويضاً استراتيجياً فقد أقرّت مصادر في "الصهيونية الدينية" (حزب سموتريتش) وفي محيط رئيس الحكومة، وفقا لموقع "والا" الإخباري يوم الأحد 27 يوليو، بوجود أزمة بين وزير المالية ونتنياهو، على خلفية إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ومع ذلك، يقدّر الجانبان أن الأزمة الحالية سيتم احتواؤها في نهاية المطاف. وفقاً لـ"والا"، إذا لم تُحلّ هذه الأزمة، فقد يصل الأمر إلى حدّ تفكيك الحكومة. وأشار مصدر من التيار ذاته إلى أنه في حال تم تجاوز الأزمة، فإن رئيس الحكومة سيقدّم "تعويضاً استراتيجياً" يتعلق بسير المعركة في غزة، من شأنه أن يقود إلى حسم المواجهة. يذكر في هذا السياق، أنه بحسب ما نشرت صحيفة هآرتس ليل الاثنين – الثلاثاء، فإنه من المتوقع أن يقترح نتنياهو على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (كابنيت) خطة لضم مناطق في قطاع غزة، في محاولة للإبقاء على سموتريتش ضمن حكومته. ووفقاً للخطة التي أشارت إليها الصحيفة، ستعلن إسرائيل أنها تمنح "حماس" أياماً عدة للموافقة على وقف النار، وإن لم يحدث ذلك، ستباشر بضمّ أراضي القطاع. أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد هاجم قرار الحكومة إدخال المساعدات بشكل علني ورأى فيه "خضوعاً لحملة الكذب التي تقودها حماس، وهو ما يعرّض جنود الجيش الإسرائيلي للخطر". وأضاف: "الطريقة الوحيدة للانتصار في هذه الحرب واستعادة الأسرى هي وقف كافة أشكال ما يُسمّى بالمساعدات الإنسانية، واحتلال كامل القطاع، وتشجيع الهجرة الطوعية". على ما يبدو، فإن الأزمة بين نتنياهو وسموتريتش لم تتوسع لغاية الآن، بحيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية في 28 يوليو، أن وزير المالية أعلن لأعضاء "الصهيونية الدينية" أن الحزب سيبقى في الحكومة في هذه المرحلة. وقال سموتريتش: "في أوقات الحرب، لا يصح اتخاذ قرارات بدوافع سياسية"، مضيفاً أنه "سيكون تقييمنا بناءً على النتيجة، إخضاع حركة حماس. نحن نقود خطوة استراتيجية مهمة، ومن غير المناسب الإفصاح عن تفاصيلها في الوقت الراهن. خلال فترة وجيزة سيتضح ما إذا كانت هذه الخطوة ناجحة وإلى أين نتجه". من غير المستبعد، استناداً إلى تصريحات بتسلئيل سموتريتش أن يكون قرار إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بمثابة مناورة جديدة من قبل نتنياهو ، تهدف إلى تخفيف الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، وكسب المزيد من الوقت، مع الاستمرار في الحرب وسياسة التجويع بوسائل وأدوات مختلفة. كما لا يُستبعد أن تكون التطمينات التي قدّمها نتنياهو لسموتريتش مجرد وسيلة لكسب الوقت ومنع تفكك الائتلاف الحكومي. الأيام المقبلة كفيلة بكشف السيناريو الأقرب إلى الواقع. إلا أن ما بات واضحاً أن اضطرار إسرائيل إلى السماح بإدخال المساعدات يؤكد أنها ليست محصنة أمام الضغوط الدولية. فهناك حدود لجنون القوة والغطرسة، ويثبت ذلك أنه من الممكن إنهاء معاناة سكّان غزة ووقف حرب الإبادة، إذا توفرت الإرادة الإقليمية والدولية الجادة لذلك. قضايا وناس التحديثات الحية "أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة