
حرب الإبادة على غزة وسياسة ترامب
بعد أن تنفس الغزاويون الصعداء، وعادت البسمة إلى شفاه الأطفال والنساء والشيوخ، بوقف إطلاق النار، عاودت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو، حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني. وبذلك انتهت فترة السلام، قصيرة الأمد، وتواصلت سياسة التجويع والقتل.
كانت عملية المفاوضات، بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، قد بدأت مبكراً من أجل وقف إطلاق النار، بعد أن أدركت حكومة نتنياهو، استحالة عودة الأسرى إلى ذويهم، من خلال الحرب. ولا شك أن الضغوط التي مارستها عائلات الأسرى والتظاهرات المتكررة في تل أبيب، والضغوط الدولية، الرسمية والشعبية، المطالبة بوقف حرب الإبادة، ومحاكمة نتنياهو ووزير دفاعه، ورئيس أركان جيشه، وإحالتهم لمحكمة الجنايات الدولية، قد أدت إلى قبول إسرائيل، بالدخول في تكتيك المفاوضات، وإضاعة الوقت، أملاً في فرض الاستسلام، على الشعب الفلسطيني. لكن الفلسطينيين، رفضوا الإذعان لآلة الحرب الإسرائيلية، وقدموا التضحيات الجسام.
كانت حركة حماس، والحكومة الإسرائيلية، قد توصلتا في 15 كانون الثاني/يناير من هذا العام، إلى اتفاق توقف بموجبه إسرائيل عدوانها على القطاع، ويتم تبادل الأسرى بين الطرفين. ومن المفترض أن الاتفاق، قد دخل حيز التنفيذ، في 19 من الشهر ذاته. ولعبت مصر وقطر دوراً رئيسياً في التوفيق بينهما. ويشار إلى أن مقترح وقف إطلاق النار، صيغ بوسطاء أمريكيين، وجرى تبنيه من قبل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
ونصّ الاتفاق، على ثلاث مراحل، تبدأ بوقف إطلاق النار، لمدة ستة أسابيع، والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، وبعض الأسرى الفلسطينيين. وأكد الاتفاق انسحاب جيش الاحتلال من غزة والولوج في إعادة إعمار تستمر من 3-5 سنوات.
تمت جميع هذه التوافقات، أثناء عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ، بسبب التعنت الإسرائيلي، ورفض الحكومة الإسرائيلية، التسليم بالقرارات الدولية، ومن ضمنها قرارات مجلس الأمن الدولي، التي كانت تواجه دائماً بسيف الفيتو الأمريكي.
كان الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، قد وعد أثناء حملته الانتخابية، بأن ينهي الحروب، ويطفئ الحرائق في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأنه سيكون رسول سلام إلى العالم بأسره. بل إنه ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حين أكد قدرته على تحقيق تلك الوعود، حتى قبل وصوله إلى مكتبه في البيت الأبيض.
والواقع أن وعود دونالد ترامب، اصطدمت بتصريحات أخرى، تتناقض، مع وعوده بتحقيق السلام بالمنطقة العربية. ووجه التناقض والغرابة، هو التصريحات التي أطلقها بشأن صغر الكيان الإسرائيلي، وحاجته إلى التوسع، وقضم المزيد من الأراضي، ليس في غزة وحدها، بل في الضفة الغربية وسوريا ولبنان. يضاف إلى ذلك دعواته المتكررة بضرورة تهجير سكان غزة إلى الأقطار العربية المجاورة.
لقد وصفنا في مقال سابق، سياسة الرئيس ترامب، بالعدمية، كونها تحمل الشيء ونقيضه. فهو في الوقت الذي يتبنى سياسة انكفاء واضحة، بالقارة الأوروبية، يعلن عزمه على ضم كندا وغرينلاند، إلى السيادة الأمريكية. وفي الوقت الذي يطرح نفسه رسول سلام للبشرية، يعلن تنكره لمبادئ وميثاق هيئة الأمم المتحدة، وحق الأمم في السيادة والاستقلال، وتقرير المصير.
وحتى فيما يتعلق بقطاع غزة، نلحظ جملة من التصريحات المتناقضة، فهو تارة يدعو إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، وتارة أخرى، ينفي ذلك، ويؤكد أهمية إعادة الإعمار، وتارة ثالثة، يفصح عن نيته ضم القطاع إلى ممتلكاته، ويتعهد بأن يجعل من غزة، ريفييرا الشرق.
المؤكد أن جملة سياساته تجاه المنطقة، قد وجدت تناغماً كاملاً، مع سياسات نتنياهو، تجاه فلسطين والبلدان العربية المجاورة. ورئيس الحكومة الإسرائيلية لا يفوّت فرصة استثمار مواقف ترامب العنصرية المؤيدة لسياساته، متنكراً لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. ويوجه ضرباته بشكل يومي للضاحية الجنوبية، وعدد آخر من البلدات والقرى اللبنانية، متسبباً في قتل المزيد من المدنيين. وعلى الجبهة السورية، يقوم بتدمير ممنهج للسلاح والبنية العسكرية السورية بأكملها، بحيث يمكن القول، إن سوريا لم تعد تملك من الآلة العسكرية، ما يمكّنها من الدفاع عن أمنها وسيادتها، وسلامة أراضيها.
في قطاع غزة، يتم بشكل ممنهج خرق قرار وقف إطلاق النار، وتتواصل حرب الإبادة، ويتجاوز عدد الضحايا، خمسين ألفاً، جلهم من المدنيين العزل، من الأطفال والشيوخ والنساء، وتتجاوز أعداد الجرحى، أكثر من مئة وعشرين ألفاً من البشر.
إن قطاع غزة، لم يعد فعلياً صالحاً للحياة، بسبب ما لحق ببنيته التحتية، من تدمير شامل، تقدر نسبته بعض المصادر بأكثر من 90 في المئة، شملت المساكن، ومصادر المياه والكهرباء، وأجهزة الصرف الصحي. والرئيس الأمريكي ترامب، يقر بالكارثة التي حلّت بالقطاع ويعترف بها، ولكنه بدلاً من تحميل المسؤولية لآلة التدمير الإسرائيلية، يدعو الفلسطينيين، إلى مغادرة القطاع، لكونه لم يعد صالحاً للسكن. لكن تلك الأوضاع، لن تحول أبداً دون تمسك الفلسطينيين بأرضهم وبيوتهم.
آن الوقت، لوقوف العرب جميعاً، حكومات وشعوباً، أمام ازدواجية المعايير التي تمارسها الإدارة الأمريكية، ورفض الإرهاب الإسرائيلي، بحق أشقائنا الفلسطينيين، وفي يدنا الكثير، من أدوات الضغط، لتحقيق أهدافنا، إن أحسنّا استثمارها. وتلك بالتأكيد، فوق كونها مسؤولية، قومية، فإنها أيضاً مسؤولية أخلاقية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 36 دقائق
- العين الإخبارية
بكاء وفوضى بـ«الأمن القومي».. أمريكا تنظر للعالم من ثقب باب الرئيس؟
تم تحديثه السبت 2025/5/24 09:34 ص بتوقيت أبوظبي في خطوة تعكس، على ما يبدو، رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لعب دور حاسم في صياغة سياسات بلاده الخارجية، أقال ساكن البيت الأبيض العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي. وكشفت خمسة مصادر مطلعة على الأمر أن ترامب أقدم، أمس الجمعة، على إقالة العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في إطار مساعيه لإعادة هيكلة المجلس والحد من دوره الواسع الذي تمتع به سابقًا. وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنه تم تسريح موظفين يتولون قضايا جيوسياسية مهمة من أوكرانيا إلى كشمير. وجاءت هذه الخطوة بعد أسابيع فقط من تولي وزير الخارجية ماركو روبيو منصب مستشار الأمن القومي خلفًا لمايك والتس. وأوضحت المصادر أن إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع نفوذه بشكل أكبر، وتحويله من جهة رئيسية لصياغة السياسات إلى كيان صغير يكرس جهوده لتنفيذ أجندة الرئيس بدلًا من تشكيلها. وأضافت المصادر أن هذه الخطوة ستمنح فعليًا المزيد من الصلاحيات لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها من الوزارات والهيئات المعنية بالشؤون الدبلوماسية والأمن القومي والمخابرات. وتسعى إدارة ترامب إلى تقليص حجم مجلس الأمن القومي ليقتصر على عدد محدود من الموظفين. وقالت أربعة مصادر مطلعة على الخطط إن العدد النهائي المتوقع للموظفين في المجلس سيبلغ نحو 50 شخصًا. وعادةً ما يُعتبر مجلس الأمن القومي الجهة الرئيسية التي يعتمد عليها الرؤساء في تنسيق سياسات الأمن القومي. ويقوم العاملون فيه بدور محوري في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمات العالمية الأكثر تقلبًا، إلى جانب مساهمتهم في الحفاظ على أمن البلاد. وتجاوز عدد موظفي مجلس الأمن القومي 300 موظف في عهد الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، إلا أن عددهم حتى قبل عمليات التسريح الأخيرة في عهد ترامب كان أقل من نصف هذا الرقم. وأوضح مصدران لرويترز أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم من المجلس سيتم نقلهم إلى مناصب أخرى داخل الحكومة. ووصف مصدران آخران مشهدًا فوضويًا خلال الساعات الماضية، مشيرين إلى أن بعض الموظفين المغادرين لم يتمالكوا أنفسهم وانخرطوا في البكاء داخل مبنى أيزنهاور التنفيذي حيث يقع مقر مجلس الأمن القومي. وقالت ثلاثة مصادر إن من بين الإدارات التي قد تتوقف عن العمل كهيئات مستقلة تلك المعنية بالشؤون الأفريقية والمنظمات متعددة الأطراف مثل حلف شمال الأطلسي. aXA6IDgyLjI3LjI0My4yMTIg جزيرة ام اند امز GB


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
سعر الدولار اليوم في سوريا السبت 24 مايو 2025.. استقرار الليرة
استقر سعر الدولار اليوم في سوريا، خلال تعاملات السبت 24 مايو/أيار 2025، في السوقين الرسمية والموازية. وفي خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية كبرى، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة، عن تخفيف فوري للعقوبات المفروضة على سوريا، تماشيًا مع قرار الرئيس دونالد ترامب القاضي بوقف جميع العقوبات على البلاد. وشمل القرار إصدار "الرخصة العامة رقم 25" من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، والتي تتيح تنفيذ معاملات كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات الأمريكية على دمشق، مما يعني فعليًا رفعًا جزئيًا للعقوبات المفروضة. وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن إعفاء مدته 180 يومًا من العقوبات الإلزامية المرتبطة بـ"قانون قيصر"، ما يفتح الباب أمام شراكات دولية واستثمارات محتملة في الداخل السوري. ووفقًا للبيان الرسمي الصادر عن وزارة الخزانة، فإن هذا التخفيف من شأنه أن "يحفّز الاستثمارات الجديدة ويعزز دور القطاع الخاص"، في حين أكدت الخارجية الأمريكية أن هذا الإعفاء "سيمكن الحلفاء والشركاء الإقليميين من استغلال إمكانات سوريا بشكل أكبر". سعر الدولار في نشرة الصرف أبقى مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة في البنوك عند 11,000 ليرة للشراء و11,100 ليرة للبيع، وبلغ السعر الوسطي 11,055 ليرة للدولار الواحد. كما حدد سعر صرف اليورو مقابل الليرة السورية نحو 12467.40 ليرة للشراء، و12592.07 ليرة للبيع. أما الليرة التركية، فقد تم سجلت سعرها مستوى 283.27 ليرة سورية للشراء، و286.10 ليرة للبيع. سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء سجل سعر الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية في السوق الموازية بدمشق 9850 ليرة للشراء، و 9950 ليرة للبيع. أما في حلب، فقد بلغ سعر صرف الدولار حوالي 9850 ليرة للشراء، و9950 ليرة للبيع. وحقق سعر الدولار بالسوق السوداء في إدلب نحو 9850 ليرة للشراء، و9950 ليرة للبيع. وفي الحسكة، وصل سعر الدولار إلى 10100 ليرة للشراء، و 10200 ليرة للبيع. 100 دولار تساوي كم ليرة سورية اليوم؟ يعادل تحويل 100 دولار في مصرف سوريا المركزي مستوى 1.110 مليون ليرة، وفقًا لتعاملات اليوم. سعر اليورو اليوم في السوق السوداء تحدد سعر اليورو مقابل الليرة في السوق السوداء عند 11117 ليرة للشراء، و 11235 ليرة للبيع. سعر الليرة التركية اليوم في السوق السوداء قٌدر سعر صرف الليرة التركية اليوم في السوق السوداء بقيمة 250 ليرة للشراء،و 255 ليرة للبيع. aXA6IDQ1LjM5LjcyLjE5NyA= جزيرة ام اند امز SG


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
إسرائيل.. حديث جديد عن صفقة بعد تشديد الهجمات على غزة
وفي مناقشات سرية كشفت عنها القناة 12 الإسرائيلية، الجمعة، قال زامير إن على إسرائيل"استغلال الفرصة السانحة للتوصل إلى اتفاق". ويأتي تصريح زامير بعد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعادة وفد التفاوض من الدوحة، وتكثيف الهجمات العسكرية على قطاع غزة. وحسب القناة 12، فإنه مع تشدد موقف نتنياهو العلني، هناك إجماع داخل الأجهزة الأمنية على إمكانية التوصل إلى اتفاق لاستعادة 58 رهينة من قطاع غزة. والخميس قررت إسرائيل إعادة جميع أعضاء وفدها من الدوحة، في ظل إصرار حركة حماس على الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب ضمن أي اتفاق. وفي ظل انهيار المحادثات، تستعد إسرائيل لتوسيع نطاق القتال في غزة، الذي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 53 ألف فلسطيني في القطاع المدمر. وعلق منتدى أهالي الرهائن على عودة الوفد الإسرائيلي قائلا إن "نبأ توقف المفاوضات يسبب لنا ألما بالغا مستمرا منذ 594 يوما، ويزداد يوما بعد يوم، لكننا لن ننهار أو نيأس وسنواصل النضال من أجل عودتهم حتى آخر مختطف". وقالت مصادر طبية في غزة في الساعات الأولى من صباح السبت، إن القصف الإسرائيلي المتواصل تسبب منذ فجر الجمعة في مقتل 75 شخصا على الأقل.