
تقييد التكنولوجيا ليس حلاً كافياً للتغلب على الذكاء الاصطناعي الصيني
وتعمل واشنطن بعناية على وضع ضوابط للتصدير من أجل وقف تدفق أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، حيث ترى أن التفوق التكنولوجي الأمريكي يمكن تحقيقه ببساطة عن طريق وقف نقل التكنولوجيا، ولكن للأسف لا يشكل خطر التهريب واسع النطاق للرقائق التهديد الرئيسي للريادة التكنولوجية الأمريكية، وفي غياب أدوات سياسية أخرى قد يتسبب هذا الخطر في تشتيت الانتباه عن ساحة المنافسة الأوسع المتمثلة في الابتكار والتوسع، وقيادة السوق المفتوحة.
ويرى أوبراين أن المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين ستحدد من الذي سيقود العالم في المجالين العسكري والاقتصادي لعقود مقبلة. ولأول مرة منذ سنوات عديدة تتنافس الولايات المتحدة مع خصم يعد نداً لها على النفوذ العالمي والبقاء الاقتصادي، وتلتزم واشنطن بالحفاظ على الريادة التكنولوجية الأمريكية، من خلال التركيز على تطوير الذكاء الاصطناعي مجالاً أساسياً في هذا التنافس.
وأشار أوبراين إلى أنه خلافاً للمرة الأخيرة، التي واجهت فيها الولايات المتحدة خصماً يعد نداً لها، تجري هذه المنافسة في العصر الرقمي، وتتطلب حلولاً في مجال السياسات تعكس المشهد التكنولوجي الحديث. وتعد ضوابط التصدير، التي تهدف إلى منع نقل التكنولوجيا الأمريكية، جزءاً مهماً من الاستراتيجية. ومع ذلك فإن حماية التكنولوجيا الأمريكية من السرقة مهمة في الفضاء الإلكتروني بنفس أهميتها في الفضاء المادي.
ويقول أوبراين، إنه «عندما ننظر عن كثب إلى الحجم المادي لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة، والقدرة المثبتة للشركات الصينية على الابتكار باستخدام أجهزة قديمة، والتقدم السريع لرقائق (اسيند) المحلية التي تنتجها شركة هواوي، ينبغي أن تكون أولويتنا هي تمكين الشركات الأمريكية، لا تقييدها. ينبغي أن يكون تركيز سياساتنا على المجال الرئيسي للمنافسة الأكثر أهمية».
واعتبر أن تهريب التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين أصبح أكثر صعوبة وتكلفة. ويمكن لمجموعة تدريب الذكاء الاصطناعي الحديثة أن تجمع نحو 100 وحدة لمعالجة الرسومات، تحمل كل منها مليارات الترانزستورات، في رف خادم واحد مبرد بالسائل، يزن أكثر من 3. 1 طن متري، ويتطلب نقل وتشغيل مثل هذا النظام رافعات شوكية وبنية تحتية متخصصة للتبريد وطاقة عالية الجهد - وهي لوجستيات من المستحيل إخفاؤها.
وحتى مع تفكيك هذه الأرفف ووضع رقم مسلسل لكل لوحة دوائر كهربائية، وتتبعها يتطلب التجميع وتصنيعاً متقدماً وتعاملاً بعناية. وتعني الطبيعة المترابطة لوحدات معالجة الرسومات هذه أن الأنظمة الكاملة والمتكاملة بشكل جيد فقط هي القادرة على تقديم الأداء اللازم لأحمال عمل الذكاء الاصطناعي المتطور.
وقال أوبرين إنه بالمثل يشمل تهريب رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين متاهة من الشركات الوهمية ونقاط الشحن العابر والتمويهات المتقنة، وكلها تضيف مخاطر وتكاليف هائلة. ويمكن لأي ارتفاع أسعار بسبب المخاطر أن يرفع الأسعار بنسبة تتراوح بين 200% و300% فوق أسعار السوق القانونية، حيث يتردد أن سعر رقاقة «اتش100»، التي تنتجها شركة «نيفيديا» يبلغ 40 ألف دولار لكل رقاقة في الصين، مقارنة بما يتراوح بين 10 آلاف دولار، و15 ألف دولار في الولايات المتحدة، ولا تستطيع إلا الجهات الأكثر ثراء وتطوراً أن تقوم بمثل هذه العمليات، وغالباً ما تتأخر الأنظمة الناتجة بسرعة، وتتفوق عليها التكنولوجيا الأحدث المتاحة للشركات الغربية.
في غضون ذلك يتضاءل حجم التهريب أمام المليارات، التي تستثمرها الصين في صناعة الرقائق المحلية، والتوريد القانوني لرقائق «أسيند» التي تنتجها هواوي، والتي تشغل الآن نماذج ذكاء اصطناعي على مستوى عالمي. وباختصار يعد التهريب حلاً بديلاً عالي المخاطر والتكلفة، وغير مستدام، ولا يستطيع منافسة كفاءة أو نطاق أو ابتكار المنافسة القانونية المفتوحة، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تتوقع أن تعطي ضوابط التصدير وحدها الذكاء الاصطناعي الأمريكي التفوق الذي يحتاجه. ويجب أن تكون الشركات الأمريكية مستعدة لمواجهة تطوير الذكاء الاصطناعي الصيني في السوق المفتوحة.
ويرى أوبراين أن محاولة تنظيم مسار أمريكا نحو التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي هي تشتيت يخاطر بالتنازل عن القيادة للصين، حيث لم توقف ضوابط التصدير وحدها التقدم الصيني، وإنما أجبرت الشركات الصينية على الابتكار باستخدام أجهزة قديمة وتطوير حلول تقنية جديدة، كما حدث مع نماذج مثل «ار-1» الذي تنتجه شركة «ديب سيك» و«بانجو الترا» الذي تنتجه هواوي.
وعلى سبيل المثال، حقق «ديب سيك-ار 1» أداء عالميا باستخدام الآلاف من وحدات معالجة الرسومات (اتش 800) محدودة النطاق الترددي ووحدات معالجة الرسومات (ايه 100) الأقدم - وهي أجهزة متأخرة جيلين عن أحدث تكنولوجيا أمريكية. وقد دفعت هذه السياسات، الرامية إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية، الشركات الصينية إلى مستويات أعلى، مما هدد التفوق التكنولوجي الأمريكي.
وأكد أوبراين أن للضوابط على الصادرات دور، لكن النفوذ الحقيقي يكمن في قدرة أمريكا على جذب الاستثمار ودعم نظام بيئي مبتكر يوفر المزيد من الإنجازات والمنتجات الأفضل. إن الصين تتنافس الآن بشدة مع الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، ولذلك فإن إعاقة الشركات الأمريكية بناء على روايات عفا عليها الزمن ستكون مدمرة للأمن القومي وريادة التكنولوجيا الأمريكية.
واختتم أوبراين تحليله بالقول إنه لا يمكن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي باللعب الدفاعي، وإنما يتعين على الولايات المتحدة إطلاق العنان لشركاتها للتنافس على الساحة العالمية، مع التركيز على الابتكار وقيادة السوق الدولية - وليس على مراقبة مشكلة تهريب غير عقلانية اقتصاديا وأقل تأثيرا من الناحية الاستراتيجية من قوى السوق.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
قطار الاتحاد.. مشروع بحجم وطن
وتدعم مكانة الدولة كمحور لوجستي متقدم، على مستوى المنطقة والعالم، وتسهم في تسهيل حركة الأفراد والبضائع». هذه التغريدة لم تكن مجرد كلمات، وإنما صورة لمستقبل واعد. فقطار الاتحاد لا ينقل الركّاب فقط، بل يحمل في عرباته حكاية وطنٍ قرر أن يمضي إلى المستقبل بثقة، انطلاقاً من رؤية قيادتنا الرشيدة، ببناء شبكة حديثة، تدعم الإنسان وتوحد جغرافية المكان. ومشروع بهذا الحجم، لا يُعنى بالبنية التحتية فقط، وإنما يتقاطع مع يوميات الناس. فتسهيل التنقّل يعني وقتاً أطول مع العائلة، ووجود فرص أوسع للعمل، وحركة سياحية نشطة، وربما ولادة أحلام جديدة في المستقبل.


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
الصادرات الصينية .. هل تواصل ارتفاعها رغم حرب ترامب التجارية؟
ويليام ساندلوند - دلفين شتراوس - إيان سميث تستعد الصين لنشر بياناتها التجارية لشهر يوليو بعد غد الخميس، وسط توقّعات اقتصاديين بارتفاع صادراتها بنسبة 5% على أساس سنوي، وهو ما سينتج عنه فائض تجاري شهري ضخم يُقدّر بنحو 103.4 مليارات دولار. وتأتي هذه القوة اللافتة للصادرات رغم التراجع الحاد في الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة، نتيجة الرسوم الجمركية البالغة 30% التي فرضها الرئيس دونالد ترامب. وتعكس هذه الأرقام قدرة سلاسل التوريد العالمية المرنة على تمكين الشركات الصينية من إعادة توجيه تجارتها بعيداً عن السوق الأمريكية. وأفاد محللو «يو بي إس لإدارة الثروات العالمية» بأن موسم أرباح شركات التكنولوجيا شهد «مفاجآت إيجابية تفوق التوقّعات السلبية». ورفعوا توقّعاتهم لنمو أرباح القطاع التكنولوجي العالمي هذا العام إلى 15%، بعدما كانت تقديراتهم السابقة تشير إلى نمو بنسبة 12%. وقالت أولريكه هوفمان-بورشاردي، الرئيسة التنفيذية للاستثمار للأمريكتين: «النتائج الأخيرة تتماشى مع رؤيتنا الإيجابية للنمو الهيكلي في قطاع الذكاء الاصطناعي». ومع ذلك، فإن أي أخبار إيجابية إضافية لهذا القطاع ستخضع للموازنة مع العناوين الاقتصادية الأوسع نطاقاً.


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
صندوق أبوظبي للتنمية ينال شهادة «أفضل بيئة عمل» لعام 2025
وتوفير بيئة عمل ملهمة تدعم التطوّر المهني وتحفّز الإنتاجية، إلى جانب تعزيز مفاهيم الابتكار ضمن منظومته المؤسسية، بما ينسجم مع أهدافه الاستراتيجية وخططه التنموية على الصعيدين المحلي والدولي. كما يحرص الصندوق على توفير بيئة عمل تفاعلية مبنية على الثقة والشفافية، تتيح للموظفين التعبير عن آرائهم والمشاركة الفعّالة في صنع القرار وتحقيق الإنجازات. وتعد شهادة «أفضل بيئة عمل» من أهم الاعتمادات العالمية في مجال بيئة العمل المؤسسية، لاستنادها إلى تقييم شامل لمؤشرات رضا الموظفين وجودة بيئة العمل، إضافة إلى الالتزام بالقيم المؤسسية.