رئيس الحكومة: علمت مسبقاً بكمين الشتائم والحزب يخلق عدواً وهمياً
بين الأصيل والوكيل، بين زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ووفد كتلة "الوفاء للمقاومة" برئاسة النائب محمد رعد، كنت واحداً من الصحافيين الذي استضافهم رئيس الحكومة نواف سلام في دردشة إعلامية في "السراي الكبير".
في السر كما في العلن، في الإعلام والندوات كما في الجلسات الضيقة، لا تتغير شخصية الرئيس سلام. منسجم مع نفسه وطروحاته، عفوي وصريح ومباشر، خطاب موحد، حريص على المصطلحات، حيث ملعبه الأثير الذي لطالما صال وجال فيه، من قاعات "الجامعة الأميركية"، إلى ميادين "الأمم المتحدة"، مروراً بأروقة "لاهاي"، وصولاً إلى "السراي".
يتأبّط عن يمينه الدستور، وعن يساره القوانين، اللبنانية منها والدولية، لتشكل ترسانة أسلحته التي يضعها على الطاولة ضمن مسيرة استنهاض الدولة من كبوتها، فيغدو بالنسبة لكبار اللاعبين والفاعلين في السلطة والدولة العميقة كمن "تأبّط شراً" نتيجة إدمانهم على التعاطي المبتسر مع الدستور كخزانة ألبسة ينتقون منها ما يناسب أمزجتهم وأهدافهم الخاصة، والقوانين أكسسوارات.
لا ينفك الرئيس سلام عن ترداد لازمة "بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية" المقتبسة من نص "الطائف" كي تترسخ في الأذهان على أنها ضابط إيقاع علاقاته ولا سيما مع "حزب الله" والجيوب الخارجة عن سلطة الشرعية. ويكشف بأنه كان على علم قبل يومين بكمين الشتائم المنظم في "المدينة الرياضية"، لكنه أصر على الذهاب، واضعاً حملة "الحزب" عليه في إطار سعيه لخلق "عدو وهمي" يحرف أنظار جمهوره عن معاناته، وبالتأكيد "أخطأ العنوان"، حيث استعرض أمامنا كل ما قامت بها حكومته لإعادة الإعمار من جلسات حكومية ومؤتمرات، مظهراً أن العائق الأساسي أمام إسهام بعض الجهات المانحة هو الاستقرار، المرتبط بالهجمات الإسرائيلية اليومية، والمرتبطة بدورها بـ "مسألة السلاح".
وفي هذا الإطار، تبيّن مصادر مقربة من دوائر رئاسة الحكومة أن لقاء وفد "الوفاء للمقاومة" كان إيجابياً وصريحاً، وأن الرئيس سلام أعاد على الحاضرين تفنيد الخطوات التي قامت بها الحكومة لإطلاق ورشة إعادة الإعمار مع الصناديق الدولية والجهات المانحة، في حين قال وفد "الحزب" إنه ليس معنياً بالشعارات التي أطلقت، مؤكداً حرصه على التعاون مع الحكومة لتطبيق البيان الوزاري وتنفيذ الإصلاحات.
كذلك يكشف الرئيس سلام أنه زار "عين التينة" كي يطلب من رئيس البرلمان فتح دورة استثنائية لتسريع وتيرة الإصلاحات، وليس من أجل التوبة كما صوّر "بعض" الإعلام. فالمواقف التي أطلقها في الحوارات والمنتديات لا تحتاج إلى "كاتالوج". ويؤكد حرصه على العلاقات المتوازنة القائمة على الاحترام المتبادل مع كل المكونات السياسية في البلاد، وأنه ليس خصماً إلا لمن أبى الالتزام بالبيان الوزاري الذي لا يحيد عنه في مواقفه، بما يشكل من ترجمة لمندرجات "خطاب القسم"، والأهم "اتفاق الطائف"، ومن يأبى الالتزام به فليعلن ذلك جهِاراً.
ويبيّن بأن حكومته لم تتبلغ من السلطة الفلسطينية ما يفيد بتراجعها عن برنامج "تسليم سلاح المخيمات"، وهو في الأصل كان بمبادرة منها، وبالتالي الخطة مستمرة. ويعتبر أن حملة "الحزب" وسواها من حملات المتضررين والمزايدين "شعبويات" لن تنجح في ثني حكومته عن تنفيذ برنامجها الإصلاحي.
وبينما كان يميل الظن إلى أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية أراد من زيارته بيروت الحصول على صورة يضعها على طاولة "البازار الكبير" مع أميركا، لتوكيد نفوذ "آيات الله" في هذه المنطقة الحساسة، والتمهيد لمقايضته، وأن همروجة كتابه افتعلت لحجب الأضواء عن كتاب الدبلوماسي "الأكبر" محمد جواد ظريف، فإن رئيس الحكومة يبيّن أن عراقجي أبدى في الجلسة المغلقة حرص بلاده على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان مبنية على عدم التدخل في شؤونه، ضمن مسار الانفتاح والتعاون الإيراني على دول المنطقة.
وفيما راح عراقجي يستعرض مسار تطوير العلاقات مع مصر والخليج الفارسي، تدخل الرئيس سلام مصححاً "سعيد بتطوير علاقاتكم مع الخليج العربي"، والذي صار المصطلح المتداول به عالمياً اليوم، فابتسم كبير الدبلوماسيين الإيرانيين ولم يعقّب، وأهدى رئيس الحكومة سجادة عجمية صغيرة وجميلة من باب "حفظ الود"، ولتذكيره بدبلوماسية "حائك السجاد" الفارسية وما تتسم به من طول أناة ومراوغة بين العرض والطلب.
لكنه لم يهده نسخة من كتابه، ربما لخشيته أن تفضح خبرة سلام وتمرّسه في عوالم الثقافة والدبلوماسية هشاشة الأسس العلمية لكتاب يُقال أن ليس له منه إلا الاسم، فيما المضمون "حياكة" متداخلة بشرية وإلكترونية. وعلى صعيد العلاقات الخارجية ولا سيما مع الأشقاء العرب، أشار الرئيس سلام إلى وجود مناخ إيجابي متنامٍ يكسر الحدّية التي كانت سائدة سابقاً إزاء لبنان "الماضي"، ويستلزم المزيد من الجهد لتطوير هذه العلاقات بما يخدم مشروع الدولة.
سامر زريق -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 5 ساعات
- المدن
استهداف الضاحية ورغبة إسرائيل في فرض وصايتها على لبنان
لا يُعد الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت عشية عيد الأضحى، مسألة عابرة بمعانيه ودلالاته. فهو لا يتعلق فقط بمنع لبنان من إطلاق موسمه السياحي بالتزامن مع العيد، ولا يستهدف الاقتصاد وإضعافه، كما أن هدفه ليس بالضرورة الوصول إلى شنّ الحرب الواسعة على لبنان. لكن أهداف الضربة كانت واضحة وعبّر عنها وزير الأمن الإسرائيلي اسرائيل كاتس عندما توجه إلى المسؤولين اللبنانيين بتحميلهم المسؤولية ودعوتهم إلى تفكيك بنية حزب الله العسكرية. هذا يعني أن إسرائيل تتعامل مع لبنان وفق ذهنية التعاطي مع الضفة الغربية. تريد إسرائيل تكريس وصاية سياسية وأمنية وعسكرية على لبنان. منذ أيام ويضج الإعلام الإسرائيلي بتسريبات كثيرة حول تعزيز حزب الله لقدراته العسكرية وخصوصاً الطائرات المسيرة، يأتي ذلك بالتزامن مع تجميد لجنة مراقبة آلية وقف إطلاق النار لاجتماعاتها وعملها، على وقع غموض في البيت الأبيض حول الشخصية التي ستتسلم ملف لبنان، إذ في الوقت الذي تتضارب فيه المعلومات حول مصير الموفدة مورغان أورتاغوس، برز خبر يتحدث عن تعيين جويل ريبورن مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وبالتالي سيكون هو مسؤول الملف اللبناني، فيما معلومة ثالثة تتحدث عن نية لدى المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك لأن يتولى هو ملف لبنان. رفض إسرائيل دخول الجيش في ظل هذا الغموض، لا يزال لبنان يخضع لضغوط هائلة سياسياً وأمنياً وعسكرياً، ترجمها الإسرائيليون على طريقتهم من خلال مخاطبة لجنة المراقبة لمطالبة الجيش اللبناني بمداهمة عدد من المواقع في الضاحية، وقد عمل الجيش على تفتيش هذه المواقع والمباني والتي لم يتبين فيها أي أسلحة، إذ عمل الجيش اللبناني يوم الخميس على تفتيش ثلاثة مواقع في الضاحية، لكن الإسرائيليين أصروا على التصعيد وتوجيه ضربة هي الأقوى منذ اتفاق وقف إطلاق النار. بعد صدور التحذيرات الإسرائيلية لأحياء الضاحية، تحرك المسؤولون اللبنانيون لمنع الضربة، أجريت اتصالات، كما أن الجيش اللبناني أبلغ لجنة المراقبة بالدخول إلى المواقع المحددة، لكن الإسرائيليين رفضوا ذلك، ولدى دخول قوة من الجيش إلى موقعين أقدم الإسرائيليون على توجيه ضربات خلبية لإخراج الجيش من هذه المواقع. لم يسمح الإسرائيليون للجيش اللبناني بمواصلة عمله، وكأن هناك نية متعمدة للتصعيد، وهو ما انعكس في بيان قيادة الجيش. أصبح من الواضح أن إسرائيل تريد من خلال هذا التصعيد فرض جملة وقائع، أولها الضغط على الإدارة الأميركية التي تحاول طرح حل عبر سلة شاملة تنص على الانسحاب الإسرائيلي وإطلاق سراح الأسرى ووضع جدول زمني لسحب سلاح حزب الله وترسيم الحدود. لكن الإسرائيليين يرفضون الانسحاب حتى الآن ويريدون تحقيق كل شيء قبل الإقدام على أي خطوة. ثانيها، يسعى الإسرائيليون إلى الرد على أي إطلالة إيرانية على الساحة اللبنانية. ثالثها، تكريس وقائع أمنية وعسكرية تجعل لتل أبيب اليد العليا في لبنان. رابعها، الالتفاف على أي أزمة سياسية إسرائيلية داخلية. لا انسحاب للاحتلال يتعاطى الإسرائيليون مع لبنان وفق منطق فرض وصاية، وهم بحسب المعلومات يرفضون الانسحاب من التلال الخمس، بالإضافة إلى رفض تعزيز مقومات السيادة اللبنانية، ومواصلة الضربات، خصوصاً أن معلومات ديبلوماسية تفيد بأن الإسرائيليين لن يسمحوا للأميركيين بفرض أي حلّ عليهم، إلا وفق ما يراه نتنياهو مناسباً وهو الذي يريد اتفاقاً على ترتيبات أمنية مشابهة لاتفاق 17 أيار. كل هذه الوقائع تضع لبنان وحزب الله أمام خيارين، إما أن يرد الحزب على هذه الاستهدافات والضربات خصوصاً أن المعلومات من داخله تشير إلى أنه يعمل على اعادة بناء قوته وترميم وضعه الأمني ومعالجة أي خروقات أو ثغرات، وفي حال حصل الردّ فإن الحرب ستتجدد. أو أن يستمر الضغط الاسرائيلي على وقع الانقسامات اللبنانية الداخلية التي ستؤدي الى المزيد من الانقسامات بين الأفرقاء ما سينتج المزيد من التوترات.


المنار
منذ 6 ساعات
- المنار
إيران تحذّر الأوروبيين من ارتكاب 'خطأ استراتيجي' في اجتماع الوكالة الذرية
حذّرت إيران، اليوم، على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، الدول الأوروبية من مغبة ارتكاب 'خطأ استراتيجي' في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل، غداة تأكيد مصادر دبلوماسية أن الغربيين سيطرحون قراراً ضد طهران. وكتب عراقجي على 'إكس' 'بدلاً من التفاعل بحسن نية، يختار الثلاثي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) التصرف الخبيث ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية'. وأضاف 'احفظوا كلامي، بينما تفكر الدول الأوروبية بخطأ استراتيجي كبير آخر: إيران ستردّ بقوة على أي انتهاك لحقوقها'. وكانت مصادر دبلوماسية أفادت وكالة 'فرانس برس'، أمس، بأن الدول الأوروبية الثلاث، وهي أطراف في اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي، إضافة الى الولايات المتحدة، تعتزم أن تطرح على مجلس المحافظين قراراً ضد الجمهورية الإسلامية، مع تهديد بإحالة ملفها على الأمم المتحدة. وقال مصدر دبلوماسي مطلع إنه بعد نشر الوكالة التابعة للمنظمة الدولية تقريراً يؤكد 'عدم تعاون كاملاً من جانب طهران، سيتم تقديم قرار لعدم احترامها التزاماتها النووية'. وأكد دبلوماسيان آخران المبادرة الهادفة إلى 'تشديد الضغط' على إيران. غروسي: المفاوضات الأميركية الإيرانية 'جادة للغاية' في سياق متصل، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، اليوم، عن تفاؤله بشأن المفاوضات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. ووصف غروسي في حديثه مع صحيفة 'فاينانشال تايمز' البريطانية هذه المحادثات بأنها 'جادة للغاية'، قائلاً 'لقد شهدت حالات كان يتعين فيها إقناع الدول بالرغبة في التفاوض. هنا لا يوجد مثل هذا الوضع. المحادثات جادة للغاية'. ونقلت الصحيفة عن المدير العام للوكالة قوله إن القدرات النووية الإيرانية لا يمكن القضاء عليها بهجوم محدود، حيث كشف أنه 'توجد أكثر الأشياء حساسية على عمق نصف ميل تحت الأرض – لقد كنت هناك عدة مرات. للوصول إليها عليك النزول عبر نفق متعرج إلى الأسفل، ثم الأسفل أكثر فأكثر'. وحتى الآن، جرت خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عُمان. والخلاف الرئيسي في هذه المحادثات يدور حول تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات. وفي حين تطالب الولايات المتحدة بوقف كامل للتخصيب وحتى تفكيك البرنامج النووي غير العسكري الإيراني، تعتبر إيران التخصيب للأغراض السلمية حقاً لها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) وتشترط رفع العقوبات بالكامل كشرط مسبق للاتفاق.


المركزية
منذ 6 ساعات
- المركزية
أميركا تفرض عقوبات جديدة على كيانات مرتبطة بإيران
قالت وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، إن الولايات المتحدة فرضت مجموعةً جديدةً من العقوبات المتعلقة بإيران، تستهدف 10 أفراد و27 كياناً، من بينها شركتان على الأقل قالت إنهما مرتبطتان بشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وجاءت العقوبات الجديدة، التي تستهدف مواطنين إيرانيين وبعض الكيانات في الإمارات وهونغ كونغ، في الوقت الذي تعمل فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران. وتعثَّرت المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، التي تهدف إلى حل نزاع مستمر منذ عقود بشأن طموحات طهران النووية؛ بسبب خلافات حول تخصيب اليورانيوم. ولم ترد البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد على طلب للتعليق.