logo
استقرار معدل البطالة بأميركا رغم تباطؤ نمو الوظائف

استقرار معدل البطالة بأميركا رغم تباطؤ نمو الوظائف

الجزيرةمنذ يوم واحد

تباطأ نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي وسط تداعيات الرسوم الجمركية ، بينما استقر معدل البطالة عند 4.2% مما قد يمنح مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) سببًا لتأجيل استئناف خفض الفائدة.
وقال مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية اليوم الجمعة إن الوظائف في القطاعات غير الزراعية زادت 139 ألف وظيفة في مايو/أيار، بعد أن ارتفعت 147 ألف وظيفة في أبريل/نيسان وفقا لبيانات معدلة بالخفض.
وتوقع اقتصاديون في استطلاع لرويترز تسجيل 130 ألف وظيفة، بعد زيادة قدرها 177 ألف وظيفة في أبريل/نيسان الماضي، وفقا لما أعلن في السابق قبل التعديل بالخفض. واستقر معدل البطالة عند 4.2% للشهر الثالث على التوالي.
ويحتاج الاقتصاد الأميركي إلى خلق ما يقارب 100 ألف وظيفة شهريا لمواكبة نمو عدد السكان في سن العمل. ويمكن أن ينخفض ​​العدد مع إلغاء الرئيس دونالد ترامب الوضع القانوني المؤقت لمئات الآلاف من المهاجرين وسط حملة لمواجهة الهجرة غير النظامية.
وتتوقع الأسواق المالية أن يبقي مجلس الاحتياطي سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة دون تغيير في نطاق 4.25% و4.50% هذا الشهر، قبل استئناف التيسير النقدي في سبتمبر/ أيلول المقبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خلاف ترامب وماسك يفاقم خسائر تسلا لتصل إلى 380 مليار دولار
خلاف ترامب وماسك يفاقم خسائر تسلا لتصل إلى 380 مليار دولار

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

خلاف ترامب وماسك يفاقم خسائر تسلا لتصل إلى 380 مليار دولار

سجّلت شركة تسلا الأميركية واحدة من أكبر الخسائر السوقية في تاريخها، بعد أن فقدت نحو 380 مليار دولار من قيمتها منذ بداية عام 2025، في ظل تصاعد التوترات بين رئيسها التنفيذي إيلون ماسك والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبحسب بيانات الأسواق، فقد تراجعت القيمة السوقية لتيسلا من 1.3 تريليون دولار مطلع يناير/كانون الثاني الماضي إلى 950.63 مليار دولار بحلول السادس من يونيو/حزيران الجاري، مسجلة انخفاضا بنسبة 29.3%، وهو الأسوأ أداءً بين كبرى الشركات العالمية هذا العام. خسارة تاريخية وجاء التراجع الأبرز بعد خلاف علني بين ماسك وترامب، على خلفية انتقادات ماسك لمشروع قانون ضرائب وإنفاق طرحه ترامب، يتضمن إلغاء الحوافز الضريبية المخصصة للمركبات الكهربائية في مشروع الموازنة الجديد. وردّ ترامب بتصريحات تهدد بقطع العقود الحكومية مع شركات ماسك، ما أثار ذعر المستثمرين ودفع بأسهم تسلا للتراجع بنسبة 14% في يوم واحد، ما كلف الشركة خسارة سوقية تُقدّر بـ 152 مليار دولار، في أكبر هبوط يومي بتاريخها. كما انعكس هذا التراجع على ثروة ماسك الشخصية، التي تقلصت بنحو 34 مليار دولار خلال اليوم نفسه، رغم احتفاظه بلقب أغنى رجل في العالم بثروة تقدر بنحو 334.5 مليار دولار. وكان ماسك قد وصف مشروع الموازنة الذي أطلق عليه ترامب اسم "القانون الكبير الجميل" بأنه "رجس يثير الاشمئزاز"، محذراً من أنه سيؤدي إلى زيادة العجز الحكومي بنحو 2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل. ورد ترامب بوصف ماسك بأنه "الرجل الذي فقد عقله"، ملمحا إلى احتمال بيع أو التبرع بسيارة "تسلا" يمتلكها، كانت قد أصبحت رمزا لدعمه السابق لرئيس شركة "سبيس إكس". تحديات تضغط على تسلا إلى جانب التوتر السياسي، تواجه تسلا تحديات جوهرية في السوق، أبرزها تراجع الطلب على السيارات الكهربائية، واشتداد المنافسة من شركات ناشئة وتقليدية، فضلاً عن هبوط حاد في المبيعات الأوروبية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض أرباح الشركة بنسبة 71% حتى نهاية أبريل/نيسان الماضي، ما عمّق من قلق المستثمرين بشأن مستقبل الشركة. ورغم هذا الأداء السلبي، لا تزال تيسلا تحتفظ بموقع متقدم بين أكبر الشركات العالمية، حيث تحتل المرتبة الـ11 عالميًا من حيث القيمة السوقية. نظرة مستقبلية يرى محللون أن استمرار الصراع بين ماسك وترامب قد ينعكس على أداء السوق الأوسع، خاصة في ظل التأثير الكبير لتسلا على مؤشرات السوق واستثمارات الأفراد. وتشير التقديرات إلى احتمال حدوث تصحيح في الأسواق يتراوح بين 5% و10% إذا لم تُحتو الأزمة. ويؤكد المراقبون أن هذا النموذج يُبرز بوضوح تأثير التوترات السياسية على أداء الشركات الكبرى، خصوصًا تلك المعتمدة على السياسات الحكومية والدعم التشريعي، مثل شركات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

فوكس نيوز: ماسك عبقري في التكنولوجيا وجاهل في السياسة وغريب الأطوار
فوكس نيوز: ماسك عبقري في التكنولوجيا وجاهل في السياسة وغريب الأطوار

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

فوكس نيوز: ماسك عبقري في التكنولوجيا وجاهل في السياسة وغريب الأطوار

تناولت وسيلتان إعلاميتان أميركيتان الخلاف الذي اندلع الخميس الماضي بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك ، من زاويتين مختلفتين. ففي حين حذر مقال في صحيفة نيويورك تايمز الأثرياء في قطاع التكنولوجيا وعمالقة الأعمال من أن معارضتهم للرئيس علنا قد تقضي على شركاتهم، وصف موقع شبكة فوكس نيوز إيلون ماسك بأنه عبقري غريب الأطوار، لكنه لا يعرف الكثيرة عن كيف تُدار الحكومة. فقد نصحت ميشيل غولدبيرغ -وهي كاتبة عمود رأي في صحيفة نيويورك تايمز- جميع الأوليغارشيين (الأثرياء أصحاب النفوذ) الذين اصطفوا خلف ترامب ظنا منهم أن سياسته مفيدة لشركاتهم، بأن يفكروا مليا في ما ورد في الرسالة التي نشرها الرئيس على موقع التواصل الاجتماعي (تروث سوشيال) الخاص به، في ذروة ما وصفته بـ "الحرب الكلامية الصبيانية بين أغنى رجل في العالم، وأقوى رجل في العالم". وجاء في ذلك المنشور أن "أسهل طريقة لتوفير مليارات ومليارات الدولارات في ميزانيتنا، هي إنهاء الإعانات والعقود الحكومية التي يحصل عليها ماسك.. ولطالما استغربت من أن (الرئيس السابق) بايدن لم يفعل ذلك". وزعمت الكاتبة أنه أصبح معروفا على نطاق واسع الآن أن الرئيس يستخدم سلطته لسحق أعدائه، معتبرة أن المشاحنات بين الرجلين كانت السبب في هبوط أسهم شركة تسلا للسيارات الكهربائية المملوكة لماسك في البورصة، لتفقد حوالي 150 مليار دولار من قيمتها السوقية يوم الخميس. صحيح أن الديمقراطيين في عهد الرئيس جو بايدن قاموا بتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى بطرق استاء منها رؤساء الصناعة، وصحيح أيضا أن العديد من زبائن ماسك انقلبوا عليه بسبب انحيازه لليمين المتطرف، مما أضر بأعمال تسلا، كما تعتقد غولدبيرغ، إلا أنها ترى أن هناك فرقا عميقا بين رفض الناس العاديين لعلامة تجارية لا تتماشى مع قيمهم، وبين رئيس يستخدم أدوات الدولة لفرض الولاء. ووفقا لها، فقد كان بإمكان ماسك أن يقول ما يشاء عن بايدن أثناء ولايته الرئاسية دون المخاطرة بفقدان شركته "سبيس إكس" عقودا حكومية، ربما لأنه كان يعزو تلك الحرية إلى قوته، واعتقادا منه أن الدولة لن تجرؤ على الاستغناء عنه. دمر ما كان يمكن أن يحميه لكن غولدبيرغ تقول إن هذا الاعتقاد لم يكن صحيحا، فإيلون ماسك كان مدينا بذلك للديمقراطية الليبرالية والهياكل البيروقراطية والتكنوقراطية ذاتها التي أمضى الأشهر القليلة الماضية في محاولة تدميرها. ورغم حدة المشاحنات الأخيرة بين ترامب وماسك، فإن كاتبة العمود تؤكد في مقالها أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الخلاف بينهما سيكون دائما، خاصة بعد تراجع الملياردير الأميركي عن هجماته على الإنترنت. ومع ذلك، فهي تعتبر أن الساعات الـ24 الماضية يجب أن تكون درسا له ولجميع المليارديرات الآخرين الذين اصطفوا مع ترامب. أكثر المشاحنات ضررا وحرجا وفي مقالها بموقع شبكة فوكس نيوز -المعروفة بولائها لترامب- استخلصت الكاتبة ليز بيك 5 استنتاجات من الخلاف بين الرجلين، الذي تصفه بأنه واحد من أكثر المشاحنات المحرجة وربما الأشد ضررا على الإطلاق، لافتة إلى أن حدوثه كان لا مناص منه. وأوضحت أن المراقبين ظلوا على مدى شهور يتساءلون عن موعد انتهاء هذه "الصداقة الحميمة"، فالرجلان -برأيها- أصابتهم إنجازاتهم بقدر كبير من الغرور، وكلاهما "مندفعان وسريعان في إغضاب الآخرين، ولا يستحيان من نشر كل ما يدور في خلدهما على الملأ". ومع احتدام المعارك الكلامية بينهما، خلص البعض في الإدارة الأميركية إلى أن ماسك أصبح يتصرف أكبر من حجمه، وكما لو كان "رئيسا مشاركا". واستعرضت الكاتبة الاستنتاجات الخمسة التي استخلصتها من تلك المواجهة. 1- إيلون ماسك عبقري غريب الأطوار إلى حد ما، وقد بنى بعضا من أكثر الأعمال التجارية أهمية في عصرنا، لكنه غير ملم على نحو كاف بكيفية عمل الحكومة وما هو مطلوب لتمرير التشريعات. 2- إذا كان ماسك يعتقد أن بإمكانه تكوين صداقات جديدة في اليسار، فهو مخطئ. فهم يكرهونه لكونه معاديا للنقابات ومناهضا لحركة "ووك" التي تناهض التحيز العنصري والتمييز على أساس الجنس والظلم الاجتماعي. وعن نيته تأسيس حزب سياسي جديد، فإن كاتبة المقال ترى أن هذا لن يحدث. 3- قدّم ماسك خدمة جليلة للولايات المتحدة من خلال الكشف عن بعض أوجه الهدر والاحتيال التي اكتشفها هو وفريقه في وزارة التعليم العالي. 4- بينما تمضي الولايات المتحدة بخطى حثيثة نحو عالم قائم على الذكاء الاصطناعي، فسيكون هذا الذكاء الذي ابتكره ماسك ضروريا لتوفير التوازن. 5- نجح ترامب في تسخير تألق ماسك لخدمة البلاد، كما استفاد من دعم ماسك الكبير خلال الانتخابات. ولهذين السببين معا، ينبغي على الرئيس أن يبذل كل جهد ممكن لإعادة بناء علاقته مع ماسك، الذي يمكنه المساعدة في الحفاظ على الصناعات الأميركية في مجالي التكنولوجيا والفضاء، التي تعدها غولدبيرغ موضع إعجاب العالم وحسده. ومن جانبه، يجب على ماسك أن يتذكر أن هناك رئيسا واحدا فقط للولايات المتحدة.

سندات الخزينة تهز أميركا والعالم.. حين يتحول "الملاذ الآمن" إلى خطر داهم
سندات الخزينة تهز أميركا والعالم.. حين يتحول "الملاذ الآمن" إلى خطر داهم

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

سندات الخزينة تهز أميركا والعالم.. حين يتحول "الملاذ الآمن" إلى خطر داهم

على مدار عقود كانت سندات الخزانة الأميركية تعد الدعامة الأساسية للنظام المالي العالمي والملاذ الآمن الذي يلوذ به المستثمرون في أوقات الأزمات، والمقياس الذهبي للديون السيادية، والحجر الأساس لسوق رأس المال العالمية. لكن بين عامي 2024 و2025 بدأت الثقة غير المشروطة بهذه الأداة المالية تتآكل، كما بدأت تداعيات هذا التآكل تهز الأسواق العالمية على امتداد القارات. وأطلق بعض الاقتصاديين على ما يحدث اسم "الصدمة الكبرى لسندات الخزانة"، وهي ليست مجرد أزمة تقلبات في السوق، بل أزمة هيكلية وجيوسياسية بحسب مختصين، فقد اجتمعت العجوزات المالية المتفاقمة والانقسام السياسي الأميركي وتراجع ثقة المستثمرين العالميين لتدفع بعوائد السندات الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة، وتطلق نقاشا جادا بشأن مستقبل الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية. وهذه الأزمة تعود جذورها إلى مؤتمر " بريتون وودز" عام 1944، والذي رسم معالم النظام النقدي العالمي الحديث. "عاصفة العوائد".. بداية الانهيار من قلب وول ستريت بحلول منتصف 2024 قفزت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات إلى ما يزيد على 5.2%، وهي أعلى مستوياتها منذ عام 2007. والسبب هو مزيج سام من العجز المالي السنوي الذي تجاوز 1.8 تريليون دولار، وتكاليف خدمة دين فاقت 514 مليار دولار سنويا، وتراجع ثقة المستثمرين في قدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها على المدى الطويل. بدأت البنوك المركزية الأجنبية -وعلى رأسها الصين واليابان- في تقليص حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية مدفوعة بالهواجس الجيوسياسية والمالية. ومع ارتفاع العوائد تراجعت أسعار السندات، مما تسبب بخسائر فادحة للمستثمرين من المؤسسات الكبرى، وما بدأ كتصحيح في أسعار الفائدة تحول إلى أزمة ثقة. وحذر الخبير الاقتصادي الأميركي نوريل روبيني في حديث صحفي قائلا "السوق ترسل إشارة واضحة بأنها لم تعد تثق بقدرة النظام السياسي الأميركي على إدارة مستقبله المالي". ما أهمية سندات الخزانة فعلا؟ تلعب سندات الخزانة الأميركية دورا جوهريا في هيكلة الاقتصاد العالمي، فهي أكثر من مجرد أدوات دين، ولفهم حجم تأثيرها علينا النظر في أوجه استخدامها المتعددة، والتي تمس كل زاوية من زوايا الأسواق المالية الدولية: دعامة لاحتياطيات النقد الأجنبي: أكثر من 59% من احتياطيات العملات الأجنبية عالميا مقومة بالدولار، معظمها في سندات الخزانة. ملاذ آمن للأزمات: في أوقات الاضطراب يتجه المستثمرون إليها كخيار دفاعي طبيعي. مقياس تسعير عالمي: تحدد أسعار الفائدة على هذه السندات منحنى العائد الذي يستخدم لتسعير قروض الشركات والرهون العقارية والديون السيادية حول العالم. ضمانة أساسية في أسواق الريبو: تُستخدم كضمان رئيسي لتوفير السيولة بين البنوك والمؤسسات المالية الكبرى. مرتكز للسياسة النقدية: تتبع البنوك المركزية العالمية تحركات الاحتياطي الفدرالي الأميركي باستخدام عوائد السندات كمرشد. وإن أي تشكيك في موثوقية سندات الخزانة لا يهدد أميركا فقط، بل يضرب الأسس التي يرتكز عليها النظام المالي العالمي بأكمله. كيف وصلت الهيمنة الأميركية إلى هنا؟ لكي نفهم جذور هذه الأزمة لا بد من العودة إلى مؤتمر "بريتون وودز" عام 1944، والذي رسم خارطة الاقتصاد العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية وأرسى هيمنة الدولار. في ذلك المؤتمر اتفقت 44 دولة على نظام مالي جديد يعتمد الدولار عملة احتياطية عالمية قابلة للتحويل إلى الذهب، لكن مع انهيار هذا النظام عام 1971 ظهرت آلية غير معلنة: دول النفط وغيرها من الاقتصادات المصدرة أعادت ضخ فوائضها في سندات الخزانة الأميركية، مما دعم عجز واشنطن لسنوات طويلة دون أن يثير الذعر. ومع ذلك، فإن تحذير الاقتصادي روبرت تريفين في ستينيات القرن الماضي ما زال يرن في آذان صناع القرار "الدولة التي تصدر العملة العالمية ستكون مضطرة إلى إغراق العالم بالسيولة، وهذا يؤدي حتما إلى تآكل الثقة بتلك العملة". وبحلول عام 2025 يبدو أن نبوءة تريفين تحققت. تصدعات كبرى.. من الإنفاق الأميركي إلى الهروب الصيني وخلال السنوات الأخيرة بدأت تظهر تشققات واضحة في منظومة الدين الأميركي، وسرعان ما تحولت هذه التشققات إلى تصدعات عميقة: من حزم التحفيز المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" إلى التوسع في النفقات العسكرية ومشاريع البنية التحتية ارتفع الدين الفدرالي الأميركي إلى نحو 37 تريليون دولار، وأصبح يشكل قرابة 130% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع "مكتب الميزانية في الكونغرس" أن تتجاوز خدمة الدين نفقات الدفاع قريبا. وقالت الخبيرة الاقتصادية الأميركية كارمن راينهارت في ورقة نشرت بمجلة تابعة لجامعة ستيرن "عندما يُستهلك أكثر من 30% من إيرادات الضرائب في دفع الفوائد يصبح العجز المالي تهديدا للأمن القومي". وفي عام 2024 خفضت الصين حيازتها من سندات الخزانة إلى أقل من 700 مليار دولار بعد أن كانت تتجاوز 1.1 تريليون قبل 10 سنوات، وتبعتها اليابان ودول الخليج، في توجه يعكس تحولا إستراتيجيا نحو الذهب واليوان والأصول الرقمية. وقد حذر صندوق النقد الدولي نهاية 2024 بقوله "أي ضعف في الطلب على سندات الخزانة الأميركية قد يؤدي إلى اضطرابات ممنهجة في الاحتياطيات العالمية". وفي خضم الأزمة لعبت السياسات الحمائية الأميركية دورا غير مباشر في زعزعة الثقة بالأسواق، وعلى رأسها قرارات رفع التعريفات الجمركية على الواردات من الصين وأوروبا خلال النصف الثاني من 2024. هذه السياسات التي اعتمدتها إدارة ترامب الثانية تحت شعار "إعادة التوازن التجاري" أدت إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما زاد الضغوط التضخمية داخليا. في المقابل، ردت دول مثل الصين وألمانيا بفرض رسوم انتقامية، مما أطلق موجة توترات تجارية أثرت سلبا على حجم التبادل التجاري العالمي وأضعفت توقعات النمو. وقال الخبير الاقتصادي بول كروغمان إن "التعريفات ليست مجرد أداة تفاوض، بل أصبحت عبئا ماليا يفاقم التكلفة على المستهلك والدولة على حد سواء، خاصة حين تقترن بعجز مالي واسع النطاق وارتفاع حاد في عوائد السندات". دوامة الفوائد المرتفعة وأبقى الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة فوق 5% في مسعى لمكافحة التضخم، مما رفع تكلفة خدمة الدين وأجبر الحكومة على مزيد من الاقتراض، هذا التوسع زاد المعروض من السندات وضغط على الأسعار. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024 فشلت مزايدة كبيرة لسندات طويلة الأجل حين امتنعت البنوك الكبرى عن الشراء، مما أحدث صدمة عنيفة في الأسواق. كيف وصلت العدوى إلى العالم؟ ومع كل ارتفاع في عوائد السندات الأميركية تعاني الاقتصادات الناشئة من موجات صدمة متتالية، فالدول التي تعتمد على التمويل بالدولار أو التي تملك احتياطيات هشة تجد نفسها في مأزق خانق من حيث: ارتفاع تكاليف الاقتراض: شهدت دول أفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا قفزات في فوائد القروض. هروب رؤوس الأموال: انهارت عملات محلية وارتفعت معدلات التضخم مع موجات خروج رؤوس الأموال. أزمات ديون متجددة: بدأت دول مثل سريلانكا وباكستان ومصر جولات جديدة من مفاوضات إعادة هيكلة الديون بحلول مطلع 2025. وفي الولايات المتحدة واجهت شركات كبرى مثل "بوينغ" و"فورد" تأجيلات في إصدار السندات بعد أن شهدت الأسواق موجة من التخفيضات الائتمانية. وفي ظل هذه الفوضى تزايدت الأصوات عالميا للمطالبة بإعادة النظر في النظام المالي الدولي، حيث طالبت دول "بريكس" بإنشاء منظومات بديلة لتسوية المدفوعات بعيدا عن الدولار، في حين دعت أوروبا إلى اعتماد نظام احتياطي متعدد الأقطاب يشمل اليورو واليوان والعملات الرقمية. ورغم تعقيدات المشهد فإن خبراء الاقتصاد والمؤسسات الدولية طرحوا حزمة من المقترحات قد تساهم في احتواء الأزمة أو تقليص آثارها مستقبلا من خلال: إعلان إصدار سندات خضراء عالمية: اقترح الاقتصادي جيوفاني مونتاني عام 2024 إصدار سندات خضراء من خلال مؤسسات دولية لتقليل الاعتماد على سندات الخزانة الأميركية. آليات تأجيل تلقائي للديون: تجري دراسة أدوات مثل "السندات المشروطة" التي تمدد آجال الاستحقاق تلقائيا خلال الأزمات. تعزيز دور حقوق السحب الخاصة: اقترح بعض الاقتصاديين استخدام سلة حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي أو العملات الرقمية المدعومة بالأصول كبدائل لاحتياطات الدولار. نظام بريتون وودز جديد: دعا أكاديميون مثل جيمس إيشام وباناجيوتيس ليساندرو إلى قمة دولية جديدة تركز على التمويل المستدام والعملات الرقمية وتقاسم المخاطر الجيوسياسية. حين يهتز قلب النظام المالي لم تعد سندات الخزانة الأميركية ذلك "الركن المكين" الذي يُطمئن الأسواق ويرسو النظام المالي العالمي على ضفافه، بل باتت اليوم مصدر ارتباك وتوجس، ومحورا لأسئلة وجودية تهز ثقة المستثمرين وصنّاع القرار على حد سواء. لقد كشفت أزمة 2024-2025 عن عطب هيكلي عميق، ليس فقط في إدارة الدين الأميركي، بل في الفرضية التي قامت عليها الهيمنة المالية الأميركية منذ "بريتون وودز" وحتى اليوم. ويرى مراقبون أن الاضطرابات في مزادات السندات، وهروب رؤوس الأموال، والتساؤلات عن جدوى استمرار الدولار عملة احتياطية لم تعد مجرد مخاوف عابرة، بل مؤشرات على نهاية مرحلة وبداية أخرى. وفي ظل هذا التحول يبقى التساؤل الجوهري مطروحا: هل تتجه الولايات المتحدة والعالم نحو ترميم منظومة مأزومة؟ أم أننا أمام بداية تفكيك تدريجي لما تبقى من "عالم الدولار"؟ وكما قال الاقتصادي الإنجليزي الشهير جون ماينارد كينز "الوقت الذي ننتظر فيه التوازن الطويل الأمد قد نكون فيه قد متنا جميعا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store