logo
المأساة السورية بين 2000 - 2010: هندسة الانهيار الاقتصادي الاجتماعي

المأساة السورية بين 2000 - 2010: هندسة الانهيار الاقتصادي الاجتماعي

قاسيون١١-٠٥-٢٠٢٥

مع وصول الأسد إلى السلطة، بدأت سورية مرحلة جديدة من «الإصلاح الاقتصادي» وُصفت في الخطاب الرسمي آنذاك بأنها انتقال نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي». لكن هذا المفهوم، الذي بدا للوهلة الأولى كأنه توازن بين آليات السوق ودور الدولة الاجتماعي، سرعان ما تحول إلى غطاء لسياسات نيوليبرالية، تمثلت في تقليص الدعم الحكومي، وتحرير الأسعار، وضرب القطاع العام. وجرى تفكيك تدريجي لدور الدولة، إذ شهدت تلك المرحلة رفعاً للدعم عن المحروقات والأسمدة، وتقليصاً متواصلاً للإنفاق الاجتماعي. في المقابل، لم ترافق هذه الإجراءات أي آليات حقيقية لإعادة توزيع الثروة أو دعم الفئات الأكثر فقراً.
الانفجار السوري لم يحدث فجأة
محاولة البعض تصوير فترة ما قبل انفجار الأزمة عام 2010 على أنها كانت فترة «ازدهار واستقرار» هي في أفضل الأحوال تبسيط ساذج، وفي جوهرها تزييف وتشويه للواقع، وتعامٍ عن أن الاقتصاد السوري كان يعاني من مشكلات عميقة وبنيوية، لا تقف عند حدود الفساد الكبير، وسوء إدارة موارد الدولة، وتمركز الثروة في أيدي قلة قليلة من المتنفذين.
وبالتالي، فإن أي قراءة موضوعية للأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في سورية قبل 2011، ينبغي أن تأخذ في الاعتبار هذه التعقيدات، وألا تقع في فخ المقارنات المضللة. لا شك أن الأزمة وما تلاها من دمار واسع قد أسهمت في تدهور الاقتصاد إلى مستويات غير مسبوقة، ولكن هذا لا يعني أن ما كان قبلها جيداً أو حتى مقبولاً. فالأزمة في جوهرها كانت نتيجة طبيعية لسنوات من النهب والسياسات الخاطئة والمشكلات المتراكمة التي لم تجد من يعالجها، فكان انفجارها مسألة وقت لا أكثر.
وبهدف الوصول إلى صورة تقريبية لوضع الاقتصاد السوري ما قبل 2011، سنعرض بعض البيانات والأرقام المتعلقة بالاقتصاد السوري للفترة ما بين عامي 2000 و2010، دون أن نغفل الإشارة إلى أن العديد من مؤشرات الأداء الاقتصادي السوري لتلك الحقبة إما غير متوفرة بسبب النقص المزمن في المعلومات المنشورة رسمياً، وإما جرى تضخيمها بطرقٍ عدّة بهدف تجميل الواقع الاقتصادي في تلك الفترة.
أرقام التضخم في سباق مع أرقام النمو
وفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء، كانت نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي بمعدّل 4.3% سنوياً بين عامي 2000 و2010. لكن الملفت أن معدّل التضخم السنوي كان أكبر من ذلك، وبلغ وسطياً 4.9%.
وفوق ذلك، تكشف أرقام النمو المعلنة اختلالاً بنيوياً في طبيعة النمو المفترض، حيث أن نظرة فاحصة نحو تلك الأرقام تكشف أن هذا النمو قد تركز في قطاع الخدمات والمصارف الذي بلغ نموه الوسطي السنوي نسبة 14%، وفي قطاع التجارة نسبة 12%.
على النقيض من ذلك، نرى أن قطاع الصناعة، الذي يُفترض أن يكون من أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدراً رئيسياً لخلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة، قد سجل نمواً ضعيفاً للغاية مقارنة بالقطاعات الأخرى، حيث لم يتجاوز متوسط نموه السنوي نسبة 2.7%.
أما قطاع الزراعة، الذي يعتبر من أهم القطاعات في تأمين الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني، فقد عانى من حالة من الركود شبه التام، حيث لم يتمكن من تحقيق نمو يُذكر، إذ بلغ متوسط نموه السنوي 0.6% فقط.
تراجع القطاع العام وارتفاع البطالة
في عام 2006، شهد الاقتصاد السوري تحولاً غير مسبوق، حيث تفوّقت استثمارات القطاع الخاص لأول مرة في تاريخ الدولة السورية على استثمارات القطاع العام. ففي ذلك العام، بلغت استثمارات القطاع الخاص 164 مليار ليرة سورية، بينما لم تتجاوز استثمارات القطاع العام 143 مليار ليرة. واستمرت الفجوة تتزايد بين القطاعين حتى بلغت استثمارات القطاع الخاص 193 مليار ليرة في عام 2010، ولم تزد استثمارات القطاع العام في العام ذاته عن 144 مليار ليرة. وهذا التحول لم يكن مجرد تغيير في أرقام الاستثمار، بل كان يعكس تغييراً جوهرياً في بنية الاقتصاد السوري واتجاهاته. فقد سرّعت الدولة من ابتعادها التدريجي عن الدور المركزي في توجيه الاستثمار.
وبطبيعة الحال، لم ينعكس هذا التحول في تحسين أحوال قوة العمل السورية، ففي السنوات العشر السابقة لانفجار الأزمة، ووفقاً للبيانات الرسمية، بلغ معدل مشاركة القوى العاملة في سورية 43.5% وسطياً، وهو من أدنى المعدلات على مستوى العالم. وهذا الرقم لا يعكس فقط قلة الانخراط في سوق العمل، بل يشير أيضاً إلى وجود عدد كبير من الأفراد القادرين على العمل لكنهم خارج دائرة النشاط الاقتصادي، مما شكل ضغطاً على الاقتصاد من حيث الإنتاجية والنمو. وهذا المعدل المنخفض كان ملفتاً للنظر حتى عند مقارنته بالمعايير الإقليمية، حيث سجلت دول مثل مصر وتونس معدلات مشاركة أعلى، وصلت إلى 49% و47% على التوالي.
الميزان التجاري السوري خاسر... ولمصلحة الغرب
في عام 2006، بلغ العجز التجاري الصافي في سورية نحو 26.3 مليار ليرة سورية، مع تفوق واردات القطاع الخاص والعام على صادراتهما بشكل كبير. فقد وصلت واردات القطاع الخاص إلى 316 مليار ليرة، بينما بلغت صادراته 278 مليار ليرة، ما أدى إلى عجز تجاري ملموس.
ومع مرور السنوات، زاد العجز التجاري بشكل ملحوظ، حيث ارتفع في عام 2007 إلى 105 مليار ليرة، وفي عام 2008 وصل إلى 131 مليار ليرة. وفي كلتا السنتين، استمرت الواردات في التفوق على الصادرات بشكل كبير، خصوصاً من قبل القطاع الخاص الذي استورد كميات ضخمة من السلع مقابل صادرات أقل.
وتفاصيل الصورة التجارية لسورية توضح بجلاء أن الجزء الأكبر من هذا العجز كان لمصلحة الدول الغربية، حيث بلغت النسبة التي تمثل التجارة مع الدول الغربية والدول الدائرة في الفلك الغربي آنذاك 50% من مجمل التجارة السورية، في حين كانت النسبة مع الدول الصديقة 18% فقط.
نسب الاستثمار تهبط بأكثر من 7.3%
في عام 2003 كانت نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 23.8%، وهو مستوى متواضع مع النسب السابقة في سورية. ومع مرور السنين، نلاحظ أن هذه النسبة شهدت تقلبات، حيث بدأ الاتجاه الهابط يسيطر بدءاً من عام 2005 حيث تراجعت النسبة إلى 22.5% ثم إلى 20.9% في عام 2006.
وأصبح الانحدار أكثر وضوحاً في الأعوام التالية، حيث هبطت النسبة بشكل حاد إلى 17% في عام 2007، ثم إلى 13.8% في عام 2008، واستمر الانخفاض عند حدود 16.5% في عام 2009.
ويعتبر هذا الانخفاض في نسب الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً خطيراً على تباطؤ النمو الاقتصادي، وأكد على الحاجة الماسة في حينه لإصلاحات اقتصادية عاجلة تهدف لرفع نسب الاستثمارات، لكن مع غياب الإصلاحات المطلوبة، استمر الاتجاه بالهبوط أكثر فأكثر.
الحد الأدنى لتكاليف المعيشة: 6 أضعاف الحد الأدنى للأجور
في عام 2000، كان الحد الأدنى الرسمي للأجور يبلغ 3,045 ليرة سورية، بينما كان الحد الأدنى لتكاليف المعيشة الشهرية لأسرة من خمسة أفراد تصل إلى 18,180 ليرة سورية، أي نحو 6 أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور. هذه الفجوة الكبيرة بين الأجور وتكاليف المعيشة كانت مؤشراً واضحاً على أن الأغلبية الساحقة من الأسر السورية واجهت صعوبة جدية في تلبية احتياجاتها الأساسية، مما أبرز وجود اختلالات كبيرة في توزيع الثروة والدخل.
ويتضح هذا الاختلال أكثر عندما نلقي نظرة على توزيع الدخل الوطني. فقد بلغت حصة أصحاب الأجور من الدخل الوطني في عام 2000 نسبة ضئيلة تصل إلى 21%، بينما حظيت الأرباح بحصة الأسد بنسبة 79%. وعكس هذا التوزيع فجوة شاسعة بين أصحاب الأجور وأصحاب رؤوس الأموال، حيث تتركز الثروة بشكل كبير في أيدي قلة من الأشخاص، بينما تكافح الغالبية من أجل الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم.
إلى جانب ذلك، برزت معضلة الفاقد من الدخل الوطني بسبب الفساد والنهب، حيث كانت التقديرات تؤكد خلال العشرية السابقة لانفجار الأزمة في سورية أن حوالي 20% من الدخل الوطني كان يُهدر نتيجة النهب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العقوبات الأميركية والأوروبية قوّضت قدرة سوريا على إعادة الإعمار
العقوبات الأميركية والأوروبية قوّضت قدرة سوريا على إعادة الإعمار

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

العقوبات الأميركية والأوروبية قوّضت قدرة سوريا على إعادة الإعمار

مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره برفع العقوبات المفروضة على سوريا، ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية، واحتمال إعلانه رسمياً تعيين السفير الأميركي في تركيا، توم برّاك، مبعوثاً خاصاً لهذا البلد، بدأت المناقشات بين إدارته والكونغرس الأميركي من أجل الاتفاق، أولاً على تحديد العقوبات التي ينبغي رفعها، وتلك التي ستبقى، وخصوصاً العقوبات المفروضة على نظام الأسد، ثم وضع جدول زمني لهذا الرفع المتوقع. فالعقوبات المفروضة على سوريا، بعضها منذ عقود وواسعة النطاق ومتعددة الأوجه، كانت تهدف في المقام الأول إلى الضغط على نظام الأسد لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، ووقف العنف ضد المدنيين، والمضي قدماً نحو حل سياسي للصراع السوري. لكن «قانون قيصر» لحماية المدنيين في سوريا، يُعد أبرز وأشمل تشريع عقوبات استهدف سوريا في السنوات الأخيرة. صدر «قانون قيصر» في يونيو (حزيران) 2020، وسمي باسم منشق عسكري سوري سرّب آلاف الصور التي توثق التعذيب والانتهاكات في سجون الأسد. وهو مصمم لمحاسبة نظام الأسد وداعميه على جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. يفرض القانون عقوبات ثانوية تستهدف الأفراد أو الكيانات غير الأميركية التي تتعامل مع الحكومة السورية، بما في ذلك في قطاعات مثل البناء والطاقة والدعم العسكري. لكن القطاعات الرئيسية التي يستهدفها تشمل قطاعات البناء والهندسة والطاقة والقطاعات العسكرية المرتبطة بنظام الأسد. وتشمل الأفعال الخاضعة للعقوبة ما يلي: تقديم السلع، أو الخدمات، أو التمويل للحكومة السورية، أو مؤسسات الدولة الرئيسية، أو دعم العمليات العسكرية السورية، أو المشاركة في أنشطة إعادة إعمار مهمة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. «قيصر» مخفياً هويته بمعطف أزرق خلال جلسة نقاش في الكونغرس الأميركي لقانون حماية المدنيين السوريين (أرشيفية - أ.ف.ب) جعل «قانون قيصر» من الصعب للغاية على الشركات الأجنبية، بما في ذلك تلك الموجودة في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن والإمارات العربية المتحدة، الاستثمار في إعادة إعمار سوريا دون المخاطرة بالعقوبات الأميركية. فهو يُجمّد فعلياً جهود إعادة إعمار سوريا بعد الحرب ما لم يكن هناك إصلاح سياسي. وفي حال قرر مجلس الشيوخ رفعه، بحسب ما طلبه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في جلسة استماع، الثلاثاء، فإن العودة إلى تطبيقه في حال سلكت الأمور في سوريا مساراً مختلفاً، قد لا يكون سهلاً، حيث يحتاج إلى توافقات حزبية وسياسية وحتى تنسيقاً دولياً وإقليمياً. الرئيس السوري أحمد الشرع ملتقياً فريد المذهان المعروف بـ«قيصر» على هامش الزيارة إلى جمهورية فرنسا (سانا - أ.ف.ب) بيد أنه قبل إقرار «قانون قيصر»، صدرت عقوبات أميركية رئيسية ضد سوريا منذ عام 1979، لكن أبرزها صدر بعد عام 2004، على شكل أوامر تنفيذية صادرة عن الرئيس الأميركي. وهذه القرارات يمكن رفعها بسهولة نسبية بأوامر مضادة، على خلاف القوانين (كقانون قيصر) التي تحتاج إلى موافقة الكونغرس الذي أصدرها. أوامر تنفيذية رئاسية في عام 2004، صدر الأمر التنفيذي 13338، الذي فرض عقوبات أولية رداً على دعم سوريا للإرهاب وأعمالها في لبنان والعراق. وفي عام 2011، صدر الأمر التنفيذي 13572 بعد الثورة السورية، واستهدف الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. كما صدر الأمر التنفيذي 13582 الذي يحظر على الأشخاص الأميركيين جميع المعاملات التي تشمل الحكومة السورية، ويُجمد أصول الحكومة السورية في الولايات المتحدة. وعام 2012 فرضت عقوبات إضافية على قطاعي النفط والمصارف. ومنذ ذلك الوقت، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قائمة بالأشخاص والكيانات المحددين، والتي تشمل: بشار الأسد وعائلته، مسؤولي الجيش والاستخبارات السوريين، شخصيات الأعمال والكيانات الداعمة للنظام. جهاد أزعور من صندوق النقد الدولي مجتمعاً مع وزير المالية السوري محمد يسر برنية وحاكم المصرف المركزي عبد القادر حصرية ونقاش حول التحديات الاقتصادية التي تواجهها سوريا وسبل دعم الصندوق لجهود التعافي الاقتصادي في سوريا (سانا) وبين عامي 2014 و2017 فرضت عقوبات إضافية على كيانات إيرانية وروسية تدعم الجهود العسكرية للأسد. وفرض المكتب عقوبات على مصرف سوريا المركزي، بعدما صنف مؤسسة مالية تُشكل مصدر قلق رئيسياً في مجال غسل الأموال، مما يُقيد بشدة قدرته على إجراء المعاملات الدولية. وأصدرت وزارة الخزانة «إعفاءات إنسانية»، تشمل توصيل الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية، ومواجهة جائحة «كوفيد - 19» والمساعدات الصحية الأخرى. ومع ذلك، غالباً ما تُقوّض هذه الإعفاءات بسبب «الامتثال المفرط» أو «تخفيف الأخطار»، حيث تتجنب الشركات والبنوك أي معاملات متعلقة بسوريا لتجنب أي انتهاكات محتملة. روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب) باختصار، يُعدّ «قانون قيصر» أقوى أداة في نظام العقوبات الأميركية ضد سوريا؛ إذ يفرض عقوبات ثانوية تُثني عن الدعم الأجنبي لنظام الأسد، وخاصةً في مجال إعادة الإعمار. وقد أدّت هذه العقوبات، إلى جانب أوامر تنفيذية سابقة وإجراءات وزارة الخزانة، إلى شلّ الاقتصاد السوري وعزله دبلوماسياً، رغم السماح بتقديم الإغاثة الإنسانية في ظل ظروف محددة. بيد أن العقوبات الأميركية لم تكن هي الوحيدة المفروضة على سوريا؛ إذ فرض الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عقوبات واسعة النطاق أيضاً منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011. وتهدف هذه العقوبات، شأنها شأن العقوبات الأميركية، إلى الضغط على نظام الأسد لوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان والامتثال لجهود السلام الدولية. فرض الاتحاد الأوروبي عام 2011 قراراً حمل رقم 273، يتجدد بانتظام ويمتد حالياً حتى 1 يونيو (حزيران) 2025، يجمد الأصول ويحظر السفر، لأكثر من 300 فرد وأكثر من 70 كياناً. ويشمل بشار الأسد، وكبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين، ونخب رجال الأعمال، والشركات المرتبطة بالنظام. كما يفرض حظراً على استيراد النفط السوري، وحظر الاستثمار في هذا القطاع وما يتصل به من تكنولوجيا أو خدمات مالية. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع الممثلة الأوروبية العليا للشؤون الخارجية كايا كالّاس والمفوضة الأوروبية للشؤون المتوسطية دوبرافكا سويكا في مؤتمر بروكسل للمانحين مارس الماضي (إ.ب.أ) كما فرض قيوداً على المعاملات المالية، حيث حظر المعاملات التي تشمل مصرف سوريا المركزي داخل الاتحاد الأوروبي. وحظر تقديم القروض أو التأمين أو الخدمات المالية للكيانات المدرجة، وقيوداً تجارية وحظر الأسلحة والذخيرة، عبر منع توريدها أو التدريب ذي الصلة. كما حظر السلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي أو المراقبة. وحظر رحلات الشحن السورية إلى الاتحاد الأوروبي وتصدير وقود الطائرات إلى سوريا. وعام 2016، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شخصيات أعمال ومجموعات إعلامية سورية تستهدف المقربين من الأسد، من رجال الأعمال البارزين (مثل رامي مخلوف)، والشركات التي تمول النظام أو تشارك في جهود إعادة الإعمار. وعلى غرار الولايات المتحدة، يسمح الاتحاد الأوروبي بإعفاءات للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء والمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية. ورغم كون سوريا منطقة صراعات، لم تتعرض لعقوبات من الأمم المتحدة، بسبب حق النقض (الفيتو) من قبل روسيا والصين، وهما حليفتان رئيسيتان لنظام الأسد. ومع ذلك، أصدرت الأمم المتحدة قرارات تطالب بوقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية، ونزع الأسلحة الكيميائية (على سبيل المثال، قرار مجلس الأمن رقم 2118 بشأن الأسلحة الكيميائية عام 2013). غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا يتحدث إلى مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو خلال جلسة طارئة بشأن سوريا ديسمبر 2024 (أ.ف.ب) في المقابل، فرضت دول عدة ومجموعات إقليمية عقوبات على سوريا، كبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث طبقت عقوبات مماثلة ووسعتها بموجب قوانينها الخاصة، حيث أبقت على تجميد الأصول، وحظر السفر، والقيود على التجارة والتمويل مع نظام الأسد. وطبقت كندا عقوبات بموجب قانون التدابير الاقتصادية الخاصة، تشمل تجميد الأصول وحظر التعامل مع كبار المسؤولين السوريين والشركات المرتبطة بالنظام. كما فرضت أستراليا عقوبات على الأفراد والكيانات، وقيوداً على صادرات ومعاملات الأسلحة. وفي عام 2011، علّقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا وفرضت عقوبات محدودة، كانت رمزية إلى حد كبير، وطُبّقت بشكل غير متساوٍ.

الكرة في ملعب السوريين!
الكرة في ملعب السوريين!

الشرق الأوسط

timeمنذ 18 ساعات

  • الشرق الأوسط

الكرة في ملعب السوريين!

بدا أن موضوع رفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على نظام بشار الأسد أهم ما يشغل بال السوريين في الأشهر الخمسة الأخيرة، التي أعقبت السقوط السهل للنظام في ديسمبر (كانون الأول) 2024، والتي كان يفترض رفعها بعد سقوط من تسبب بها، لكن الأمر لم يحصل رغم مطالبات السوريين في المستويين الرسمي والشعبي، ومساعي دول عربية وأجنبية كثيرة، كانت تقول إن استمرار العقوبات يعيق حتى استعادة السوريين للحد الأدنى من حياتهم، ويؤخر تطبيع علاقات سوريا مع المحيطين الإقليمي والدولي. انشغال السوريين برفع العقوبات متصل مع روابط وتداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، بل وأمنية أيضاً. ففي ظل استمرار العقوبات، كان لدى السوريين إحساس وكأن نظام الأسد ما زال قائماً، لأنها فرضت ضده وضد سياساته وأشخاصه ورداً على جرائمه، كما أن أغلب تداعياتها العملية على حياة السوريين وعلاقاتهم ما زالت مستمرة، وقد ساءت الأوضاع أكثر من السابق، حيث أدت في جانب منها إلى تدهور الأوضاع الأمنية في مناطق سورية متعددة نتيجة صعوبات معيشية، وفقدان الأمل بحصول تبدلات قريبة، خاصة في موضوع إعادة إعمار سوريا التي تعني بدء تصفية آثار العهد الأسدي الطويل والخلاص من كوارثه. وبدل أن يتم رفع العقوبات، فإنَّ مطالب السوريين قوبلت باشتراطات، يحتاج بعضها إلى وقت وجهد في ظل حقائق بينها أنَّ البلاد مدمرة بصورة كلية، وأنَّ السوريين شعباً وحكومة في ظروف صعبة، يعيشون خلافات وانقسامات خطيرة، حتى وإن كان أغلبها مؤقتاً، وغير جوهري، ويبدو أن واقع الحال السوري واحتمال انسدادها كما سبق أن حدث مرات في ظل نظام الأسد، دفع المحيط إلى تحركات ومبادرات لتجنب انسداد الوضع وعودته للمراوحة وسط الكارثة. وللحق فإن سياسة الحاضنة العربية، ولا سيما موقف المملكة العربية السعودية، التي شكلت مبادراتها في العامين الأخيرين خطوات عملية لأخذ سوريا نحو خلاص، يضع حداً لمعاناة السوريين، ويدفعهم على طريق تطبيع حياتهم وعلاقاتهم، وكانت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة للرياض ومحادثاته مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فرصة لإحداث خرق في موضوع العقوبات على سوريا، حيث أعلن الرئيس ترمب رفع العقوبات في ضوء محادثاته مع الأمير محمد بن سلمان، واضعاً حداً لمشكلة سورية توازي، إن لم نقل إنها تزيد على مشكلة وجود نظام بشار الأسد في حياة السوريين. وإذا كان رفع العقوبات يمثل بوابة لخروج سوريا من مشاكلها ومعاناة شعبها، فإن ذلك لا يمثل إلا نصف حقيقة، تكتمل مع نصف آخر، يمثله جهد السوريين، الحكومة والشعب، لإخراج بلادهم من مشاكلها ومعاناة شعبها، حيث مطلوب من الحكومة أن تكون حكومة مسؤولة وشاملة وخبيرة ومنفتحة، تعبر عن أوسع طيف سوري، وتتبنى برنامج نهوض وطني في المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قابلاً في تخصصاته ومستوياته للقياس والتقويم والتصحيح. ومطلوب من السوريين وقف صراعاتهم وخلافاتهم حول أغلب القضايا المثيرة للجدل، والالتفات نحو العمل من أجل إخراج أنفسهم وعائلاتهم ومواطنيهم من حفرة الأسد بما فيها من مشاكل ومعاناة، والوقوف صفاً واحداً مع حكومتهم في برنامجها الإنقاذي الذي يمهد لخلاص أكبر تمثله خطة ضرورية وقادمة هي خطة إعمار سوريا، التي لا تعني إعمار أبنية ومؤسسات وأنشطة سياسية واقتصادية بمقدار ما تعني إعادة بناء حياة السوريين بكل ما في الكلمة من معنى يتجاوز المعارف والخبرات والكوادر إلى تصفية آثار الحرب عبر علاج قضايا المفقودين والمغيبين وعودة النازحين واللاجئين وتعويض المتضررين وإعادة بناء السلم الأهلي. دون قيام السوريين حكومة وشعباً بدورهم اللاحق لرفع العقوبات، لن يكون للأخير أهمية كبيرة، ولن يتحقق في سوريا إنجاز مهم يكون بمستوى طموحات السوريين وسعيهم إلى المستقبل. لقد دقق الرئيس ترمب في توصيف ما قام به بالقول: «قررت رفع العقوبات لمنح الشعب السوري فرصة جديدة لبناء مستقبله»، وأعتقد أن السوريين من خلال ردات فعلهم الأولى على خطوته، أكدوا أنهم سوف يمضون إلى خلاصهم من كوارثهم، وأنهم ماضون على طريق بناء بلدهم ومستقبلهم.

روبيو: نريد إنجاح السلطات الجديدة في سوريا لأن البديل سيكون حربًا أهلية «شاملة»
روبيو: نريد إنجاح السلطات الجديدة في سوريا لأن البديل سيكون حربًا أهلية «شاملة»

سعورس

timeمنذ يوم واحد

  • سعورس

روبيو: نريد إنجاح السلطات الجديدة في سوريا لأن البديل سيكون حربًا أهلية «شاملة»

وقال روبيو خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ "تقييمنا هو أن السلطة الانتقالية وبصراحة، في ضوء التحديات التي تواجهها، قد تكون على بعد أسابيع - وليس أشهر - من انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمرة، تؤدي فعليا إلى تقسيم البلاد". أتت تصريحات روبيو بعد هجمات أوقعت قتلى من الأقليتين العلوية والدرزية في سوريا حيث أطاحت مجموعات مسلحة في كانون الأول/ديسمبر بشار الأسد في هجوم خاطف بعد حرب أهلية عنيفة بدأت في 2011. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى المملكة العربية السعودية رفع العقوبات المفروضة منذ عهد الأسد، والتقى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الذي كان زعيم هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم إطاحة الأسد. وكان الشرع الذي أثنى ترامب على "وسامته"، حتى وقت قريب على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة لعلاقته بالجهاديين. وقال روبيو ممازحا إن "شخصيات السلطة الانتقالية لم تنجح في فحص الخلفية (الأمنية) لدى مكتب التحقيقات الفدرالي". لكنه أضاف "إذا تعاملنا معهم، فقد ينجح الأمر، وقد لا ينجح. إذا لم نتعامل معهم، فمن المؤكد أن الأمر لن ينجح". وألقى روبيو الذي التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تركيا الخميس، باللوم في تجدد أعمال العنف على إرث الأسد المنتمي للطائفة العلوية. وقال "إنهم يواجهون حالة من انعدام ثقة عميقة داخل البلاد، لأن الأسد تعمّد إثارة الخلاف بين هذه الجماعات ضد بعضها البعض". تعزيز الاستثمارات كانت الولايات المتحدة قد شددت سابقا على ضرورة اتخاذ السلطات الانتقالية السورية خطوات أساسية، بما يشمل حماية الأقليات. وقد حظيت خطوة ترامب بشأن سوريا بإشادة من تركيا ، الراعي الرئيسي للمقاتلين الإسلاميين الذين أطاحوا الأسد حليف إيران وروسيا، ومن السعودية، القوة الإقليمية السنية. ولفت روبيو إلى أن السبب الرئيسي لرفع العقوبات عن سوريا يتمثل في دفع دول أخرى إلى تقديم المساعدات إلى البلاد بعيدا من تهديد العقوبات. وقال "دول المنطقة ترغب في إيصال المساعدات، وتريد البدء بمساعدتهم، لكنها لا تستطيع ذلك خوفا من عقوباتنا". وأوضح روبيو أن ترامب يعتزم وقف العمل بقانون قيصر الذي فرض عقوبات على الاستثمار في سوريا في محاولة لضمان المساءلة عن الانتهاكات في عهد الأسد. وأبلغ المشرّعين أنهم قد يضطرون في نهاية المطاف إلى إلغاء القانون، لأن الإعفاءات الموقتة من العقوبات لن تكون كافية لجذب المستثمرين إلى سوريا. وأعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء رفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. وكتبت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد كايا كالاس عبر منصة اكس في ختام اجتماع لوزراء خارجية الدول ال27 الأعضاء، "اليوم اتخذنا القرار برفع عقوباتنا الاقتصادية على سوريا" مضيفة "سنساعد الشعب السوري على إعادة بناء سوريا جديدة ومسالمة وحاضنة للجميع". وتوجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بالشكر للاتحاد الأوروبي واصفا رفع العقوبات بأنه "انجاز تاريخي جديد". وفي منشور على منصة اكس، كتب الشيباني "نحقق مع شعبنا السوري إنجازا تاريخيا جديدا برفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا" سيعزز "الأمن والاستقرار والازدهار في سوريا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store