
من لبنان الطائفيّة الى لبنان العلمنة... حلم أم حقيقة؟ و كيف؟
في العام 1843 كتب الفيلسوف والاقتصادي الألماني اليهودي الأصل كارل ماركس في أحد كتبه ما معناه "أن الدين والطائفية هما مخدر للشعوب". وفي عام 1853 كتب الفيلسوف والكاتب الفرنسي فيكتور هوغو في كتابه "آدم و حوا": "البشر يتشاجرون ويحاربون منذ 6000 سنة، بينما الله ينثر الزهور بيديه في الظل". لم ينكر كارل ماركس وجود الخالق أو وجود الله، بل كان يريد أن يحرر الطبقة الفقيرة من عبودية رأس المال، الذي كان بيد الكنيسة والإكليروس في القرن الثامن عشر خاصة المسيحيين، وفي يد أعلى سلطات في الديانة اليهودية. وكان رجال الدين أو الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية ورجال الدين "اليهود" يملكون أغلبية الثروات، وكانت العائلات المتوسطة الدخل والفقيرة، تعمل مع أولادها في مؤسساتهم كالعبيد دون أي معاملة إنسانية. أما فيكتور هوغو فأراد أن يقول إنه منذ نشأت "الطائفة اليهودية" على يد النبي إبراهيم منذ 6000 سنة، ومن ثم المسيحية وأخيرًا الإسلام، والرجال يخوضون الحروب فيما بينهم باسم الله واحد وعدة أنبياء، ويختم هوغو بما معناه أن الله الواحد يتفرج.
وكان كارل ماركس ملهم الشيوعية، الذي كان قائدها وأول رئيس للاتحاد السوفييتي فلاديمير لنين، التي تؤمن بالمساوات بين جميع شرائح المجتمع، لكن تبين لاحقآ أن الشيوعية كانت مشروعا اقتصاديا فاشلا جدًا، بخاصة أنها تزامنت مع رؤساء دكتاتوريين وسفاحين لا سيما في الاتحاد السوفياتي مثل جوزيف ستالين، والصين مثل ماو تسي تونغ.
في العام 1905 قررت فرنسا، التي كانت تضم أغلبية ساحقة من المسيحيين إضافة إلى أقليات من المسلمين و"اليهود"، قررت اعتماد العلمنة، ولاحقًا لحقت بها أغلبية الدول الأؤروبية. فأصبحت فرنسا دولة علمانية تحترم كل الأديان، ويحق لأي فرنسي ممارسة شعائره الدينية الخاصة بحرية، وتبوؤ أي منصب في الجمهورية ضمن دولة نظامها الدستوري علماني. لكن لتصل فرنسا إلى العلمنة الكاملة، طبقت إجراءات قاسية وصارمة في البداية.
لبنان المؤلف من طائفتين أساسيتين، وهما المسيحية والإسلام مع عدة مذاهب، لم يفكر حتى الآن أو ربما لا يريد أن يفكر أحد جديًا في كيفية الخروج من الطائفية والذهاب نحو العلمنة، أو ربما بعض الدول الإقليمية والدولية عملت على أن يبقى لبنان بلدا طائفيا منقسما على نفسه، وأغلبية أحزابه الفاعلة طائفية وحتى بعضها مذهبية. وبالعودة إلى كارل ماركس تحولت الكنيسة إلى أحزاب مسيحية تعامل أغلبية المسيحيين كأتباع لديها.
وتحول الجامع إلى أحزاب مسلمة تعامل أغلبية المسلمين كأتباع لها أيضًا. فهنالك الآن 7 أو 8 زعماء أحزاب من الإقطاعيين الطائفيين، وأمراء حرب أيضًا طائفيين يملكون المال والسلطة ووسائل الإعلام والعلاقات، ويتحكمون بأغلبية الـ 5 مليون لبناني.
وعند أي استحقاق دستوري وبخاصة الانتخابات النيابية، تبدأ هذه الأحزاب بإثارة الغرائز الطائفية كل على طريقته، وترفع شعارات تثير مشاعر المواطن بدل طرح مشاريع سياسية اقتصادية وإنمائية جدية لمصلحة كل لبنان، وبما أن الشعب اللبناني شعب عاطفي جدًا يتأثر بسرعة، وينتخب حسب غريزته الطائفية وحسب مشاعره.
من الواضح جدًا أن أغلبية الزعماء لا تريد تطبيق العلمنة في لبنان، حفاظًا على مكتسباتهم الطائفية.
يقول مرجع سياسي مسيحي مطلع إن العلمنة على المدى المتوسط والطويل تحافظ على الوجود وحقوق المسيحيين، شرط أن يكون الشريك المسلم صادقا في تطبيق العلمنة على أؤصولها، وأن يتم إنشاء هيئة مؤلفة من دكاترة في التاريخ وفي علم المجتمع وفي التعليم المدرسي والجامعي، وعلماء نفس ورجال دين وسياسيين معتدلين... لدراسة ما هي أفضل طريقة لتطبيق العلمنة في لبنان، لكن الأهم أن تطبق العلمنة في النفوس قبل النصوص، وهنا يأتي دور الأهل والمدرسة ووسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج تثقيفية خاصة للأولاد والكبار تبث على شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام والجامعات، كما أن السياحة الداخلية مهمة جدًا، وإقامة مهرجانات في جميع المناطق اللبنانية، واختلاط الشعب اللبناني ببعضه في السياحة الداخلية، التي تساعد أي مواطن لبناني على التعرف الى تقاليد أخيه اللبناني من غير منطقة ومن غير ديانة. فهذا الاندماج يكسر إلى حد كبير الحواجز النفسية، ونبدأ نشعر جميعا أننا سواسية، وما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، بخاصة إذا كان يجمعنا وطن واحد اسمه لبنان ومصير واحد.
فالثورة في تشرين 2019 جمعت كل الطوائف، وحجز الأموال في المصارف شمل كل الطوائف، والأزمات المتتالية تصيب كل الطوائف... وهذا يعني مصيرا واحدا.
من حق أي لبناني أن ينتمي إلى طائفة معينة وإلى حزب طائفي معين، لكن من المعروف أن حرية الفرد تنتهي عندما يتعدى على حرية الآخر.
ويقول مصدر سياسي علماني إن اللامركزية الإدارية الموسعة، قد تساهم في إرساء العلمنة لأنها قد تخفف من التشنجات بين بعض الأفرقاء، ونتمنى على الرئيس عون وعلى دولة الرئيس سلام أن يعملا بسرعة على تنفيذ اللامركزية الإدارية الموسعة، كخطوة أولى نحو إرثاء العلمنة الشاملة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
"لإنقاذ السويداء من نار الشرّ"... مشيخة العقل ترفع الصوت: نرفض المسّ بالرموز والكرامات
أصدرت مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز في لبنان بياناً توقّفت فيه عند التطورات الدامية التي تشهدها محافظة السويداء السورية، مؤكدة رفضها المطلق لما يجري من انتهاكات واعتداءات تطال كرامات الناس ورموزهم الدينية، ومشددة على ضرورة اعتماد الحوار والتفاهم كسبيل وحيد للخروج من الأزمة. ودعت المشيخة في بيانها، المؤمنين إلى رفع الدعاء إلى الله تعالى لإنقاذ السويداء من نار الشرّ والفتنة، مؤكدة في الوقت نفسه عدداً من المواقف الواضحة حيال الأحداث الأخيرة، أبرزها: أولاً: إدانة شديدة للممارسات التي تؤدي إلى تعكير صفو العيش الآمن الذي كان سائداً في مدينة السويداء، والتنديد بمحاولات بثّ الفتن الطائفية والمذهبية، ودعوة الدولة السورية إلى تحمّل مسؤولياتها كاملة في ضبط الأمن وحقن الدماء، ومحاسبة العناصر غير المنضبطة التي ارتكبت ممارسات إجرامية ولا إنسانية. كما حمّل البيان الأمن العام السوري مسؤولية الانتهاكات المسيئة للرموز الدينية والاستهزاء بالشعائر وانتهاك حرية المعتقد. ثانياً: الإشادة بمساعي التهدئة والمبادرات العقلانية التي بذلت في الأيام الماضية، ومباركة اللقاءات الدينية الهادفة إلى وقف التصعيد، لا سيما الاجتماع الذي عقد في دارة سماحة الشيخ يوسف جربوع في السويداء، والذي سعى إلى تثبيت الاتفاقات مع الدولة السورية، وصون كرامة الجبل ومواطنيه، وتأكيد هيبة الدولة في آنٍ معاً. ثالثاً: مناشدة الدولة السورية احترام تاريخ وخصوصية وكرامة مجتمع الموحدين الدروز، بما في ذلك ماضيه العربي والإسلامي الناصع، وتاريخ قادته الكبار وعلى رأسهم سلطان باشا الأطرش. وطالبت المشيخة بعدم السماح للمتطرفين بارتكاب الانتهاكات، وبضرورة محاسبة من أساؤوا إلى الشيوخ والنساء والأطفال، ودنّسوا المقدسات وانتهكوا حرمة البيوت والمؤسسات. وشددت على أهمية التعاون المسؤول لإطفاء نار الفتن المتصاعدة.


LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
مقدمة النشرة المسائية 15-7-2025
يبدو أن إسرائيل، من جانب واحد، تنفِّذ ما تعتبره واردًا في اتفاق السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024. لا تكتفي بالمطالبة بنزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني، بل تتعقبه شمال الليطاني وصولًا إلى البقاع. اليوم قامت بسلسلة غارات. الجيش الإسرائيلي أعلن البدء بقصف أهداف تابعة لقوة الرضوان. وزير الدفاع يسرائيل كاتس وصف الضربات بأنها رسالة ل"حزب الله"، متهما إياه بالسعي لإعادة بناء قدراته. وقال مصدر أمني أن خمسة مقاتلين من حزب الله بين 12 قتيلا سقطوا جراء الغارات الإسرائيلية . يأتي هذا التطور في وقتٍ تسلُّم الجانب اللبناني الرسمي الردّ الأميركي على الملاحظات اللبنانية المتعلّقة بورقة طوم براك، وعُقد اجتماع في القصر الجمهوري للجنة المكلّفة صياغة الرد اللبناني. قبل هذا الاجتماع، وبحسب معلومات ال lbci، جرى تواصل بين حزب الله وعين التينة، ومن المتوقع أن يزور توم برّاك لبنان الأسبوع المقبل. ليس بعيدًا من هذا السياق، أصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعَيد تعميماً للمصارف والمؤسسات المالية حظّرها فيه التعامل مع مؤسسات مالية عدة ومنها "مؤسسة القرض الحسن. طوم براك علق على الإجراء فقال: خطوة في الاتجاه الصحيح في ضبط تدفق أموال حزب الله. سوريًا, ملف السويداء مفتوح على كل الاحتمالات، جديده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، أعطيا تعليمات واضحة للجيش الإسرائيلي بضرب القوات والمعدات السورية التي تم إدخالها إلى السويداء. وأشار نتنياهو وكاتس إلى التزام الحكومة الإسرائيلية حماية أبناء الطائفة الدرزية في سوريا، انطلاقاً مما وصفوه بـ"تحالف الأخوة" مع دروز إسرائيل. إسرايليًا، هزة حكومية يمكن أن تؤدي إلى تطييرها، يحاول رئيس الحكومة إنقاذ حكومته بعد إعلان الحريديم النية الانسحاب من الائتلاف الحكومي، وكذلك حركة شاس، وانشغل نتنياهو بمحاولة إنقاذ حكومته. ويأتي هذا التصدع في ذروة المواجهة الأسرائيلية مع حماس ولبنان وإيران. بالعودة إلى الداخل اللبناني. جلسة نيابية لمناقشة الحكومة ، تحوَّلت إلى سوق عكاظ بفضل النقل التلفزيوني المباشر.


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
حزب الله يدين مجزرة وادي فعرا: تصعيد خطير يتطلب تحركاً رسمياً حازماً
دان حزب الله بشدّة، المجزرة المروّعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، في منطقة وادي فعرا في البقاع الشمالي، بحق مواطنين لبنانيين وسوريين، من خلال استهداف حفارة لآبار المياه، ما أدى إلى استشهاد 12 شخصاً، بينهم 7 أفراد سوريين، وسقوط عدد من الجرحى. اليوم 16:32 اليوم 16:12 واعتبر الحزب أن هذا الاعتداء الخطير "يشكّل تصعيداً كبيراً" في سياق العدوان المتواصل على لبنان وشعبه، ويؤكد مجدداً "الطبيعة الإجرامية للعدو الذي لا يقيم وزناً لأيّ من القوانين أو المواثيق الدولية، ولا يتورّع عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين الآمنين". كذلك، طالب حزب الله، الدولة اللبنانية "بكسر الصمت غير المجدي، والتحرك فوراً" لمطالبة الجهات الدولية، خصوصاً الولايات المتحدة، بتحمّل مسؤولياتها "كجهة ضامنة"، متهماً إياها بالتواطؤ "عبر مبادرات تخدم مصالح العدو وتمنحه غطاءً لارتكاب المجازر". وحذّر من أن غياب الموقف الرسمي والتقاعس الدولي "سيؤديان إلى مزيد من الاعتداءات"، مؤكداً أن الاحتلال يحاول "كسر الإرادة الوطنية بالدم والنار، لكن الشعب اللبناني سيزداد تمسكاً بخيار المقاومة دفاعاً عن كرامة الوطن وسيادته".