
هيمنة إسرائيل على الملفات النووية!
سأظل أتذكر قصة غزو واحتلال أميركا للعراق العام 2003 والسيطرة عليه وتغيير نظام الحكم هناك بادعاء امتلاك العراق للسلاح النووي، وقد اكتشفنا بعد فترة طويلة أن العراق كان بريئا من دم السلاح النووي، وأن هذا الاحتلال كانت غايته تثبيت هيمنة إسرائيلية على الملف النووي بدعم أميركي، وأن أسباب الغزو كانت ذريعة فقط لتحقيق تلك الهيمنة!.
سوف أظل أتذكر أيضا أن الإيرانيين قصفوا بالطائرات موقع التخصيب النووي العراقي المخصص للأغراض السلمية بإشراف فرنسي نهاية العام 1980، قبل أن تدمره إسرائيل بحجة الإشعاعات المنبعثة من المفاعل، وكان ذلك في ذروة الحرب الإيرانية العراقية، ولكن طاقم المفاعل الفرنسي استطاع ترميم الأضرار، وقام بتكملة التخصيب، غير أن إسرائيل في عهد مناحيم بيغن قررت تدمير المفاعل نهائيا، شنَّتْ عملية أوبرا يوم 9-6-1981.
كذلك الحال في ليبيا، ففي شهر تشرين الأول 2003 استطاع القذافي في ليبيا تهريب شحنة من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم على متن سفينة ألمانية، ولكن المخابرات الإسرائيلية والأميركية تمكنت من ضبط الشحنة، وكان القذافي قد استعان بعالم الذرة الباكستاني، عبد القدير خان، ولكن القذافي أعلن عن تخليه الطوعي عن المشروع يوم 19 كانون الأول 2003، وسلم كافة المعدات والوثائق النووية لواشنطن مباشرة، بعد يأسه من إكمال مشروع السلاح النووي، وكانت إسرائيل هي المايسترو في هذا الملف!.
سوف أتذكر أيضا تدمير إسرائيل للمفاعل النووي السوري في مدينة دير الزور يوم 6-9-2007، بحجة أن الكوريين الشماليين بنوا هذا المفاعل النووي، وأنه يهدد وجود إسرائيل!.
صرح الخبراء والمعلقون والمحللون وما أكثرهم! بأن سبب الضربة الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية يوم 22-6-2025 يعود إلى أن إيران على وشك إنتاج قنبلة نووية، وظهر محللون مختصون بالتخصيب النووي هؤلاء وشرحوا نسبة التخصيب النووية، والتي تبدأ أقل من 2% وتنتهي عند أكثر من 90%، وقالوا، إن إيران أوشكت أن تصل إلى الحد الأقصى من النسبة، وأنها تجاوزت النسبة المخصصة لها، وقال آخرون، إن سبب هذه الحرب يرجع إلى أن إيران تشجع الإرهابيين، وتدعم التنظيمات الفلسطينية والعربية الإرهابية، وقال آخرون من المحللين الذين يعيشون في الغرب، إن إيران عدو لدود للديمقراطية، فهي تقوم بإعدام المعارضين السياسيين، وتضطهد الأقليات، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتاج إلى تغيير، وأنها الدولة الوحيدة الشاذة في العالم كله!.
وفسر آخرون تدخل أميركا في إيران، وأرجعوا سبب الضربة الأميركية إلى الصراع بين المسلمين أنفسهم، لأن إيران هي دولة (الشيعة)، فهي، إذاً، تهدد الدول السنية الحليفة لأميركا الراعية للاتفاقية الإبراهيمية!.
غير أن قليلين من المحللين ممن يلبسون ملابس الغوص في بحور تاريخ العالم، ربطوا بين أهداف ضرب أميركا وإسرائيل لإيران، وبين المنافسة على مركز الصدارة في العالم بين هذين القطبين الرئيسيين وهما، القطب الأميركي الأوروبي، والقطب الروسي الشرقي! هاتان القوتان الكبريان في العالم، الأولى برئاسة أميركا وحلفائها الأوروبيين، والثانية روسيا، والصين، وإيران، وكوريا وبعض الدول المترددة بين القطبين الكبيرين، علما بأن التماثل بين دول المحور الروسي قليل جدا! كما أن المحور الروسي لم يتبلور بعد، بل إنه لا يزال في طور الأفكار وهو المسمى، حلف روما الثالثة، وضع هذه التسمية الراهب فيلوثيوس العام 1524، هذه التسمية تضم، اليوم، عدة دول في العالم وهي التي تكره أميركا، أكثر من كونها مؤمنة بنظرية روما الثالثة، مثل إيران، كوريا، والصين، غير أن كثيرين من الباحثين يرون أن الصين تتمتع بالذكاء السياسي والتجاري وهي حتى اللحظة لم تُقرر نهائيا الانضمام إلى روسيا في هذا الحلف، ليس فقط بسبب قيادة الحلف، ولكن لأن لهذا التحالف صبغة دينية، تتمثل في تياري المسيحية الكبيرين؛ الكاثوليكية، والأرثوذكسية، الصين دولة علمانية تجارية تسعى لتحقيق الربح التجاري بالدرجة الأولى!.
نظرية، روما الثالثة، هي نظرية تعكس الصراع بين أشهر تيارين في الكنائس المسيحية في العالم، أي أنها نزاع صامت بين الكاثوليكية الغربية، والأرثوذكسية الشرقية، هذه النظرية جُدِّدتْ وبرزت من جديد في موسكو في بداية القرن العشرين، هذه النظرية تبناها الفيلسوف الروسي، ألكسندر دوغين، وهو كما يسميه كثيرون (عقل بوتين) وزعموا أنه يصوغ سياسة روسيا، هذا الفيلسوف ولد العام 1962، وهو الذي حول شعار روما الثالثة إلى سياسة حربية ودبلوماسية جديدة، فهو يفسر نظرية روما الثالثة تفسيرا تاريخيا كما وردت في كتب التاريخ، فقد انهارت روما الأولى في العصور الأولى بسبب انتشار البدع وبسبب تقصير المسيحية الكاثوليكية، أما روما الثانية قد هُزمت في القسطنطينية على يد الأتراك المسلمين، عندما دمرت الكنيسة الرومانية العام 1393، بعد هذين الانهيارين، رحل البلغاريون الأرثوذكس إلى روسيا، وأصبحت موسكو العام 1492 هي روما الثالثة، امبراطورية الأرثوذكس الشرقيين، وهي بالتالي لن تسقط مرة أخرى، بل ستصبح هي المهيمنة على العالم! هذه النظرية سُميت أيضا باسم، أوراسيا، أي أنها مزيج من أوروبا وآسيا!.
مع العلم أن دوغين كان مناهضا للشيوعية في روسيا، وهو يُتهم من الغرب بأنه عنصري، غير أنه تمكن، من تأسيس حزب (بولشونك) 1993 كحزب روسي مرخص.
من أبرز آرائه السياسية: «يجب على روسيا أن تستعيد قوتها عبر الغزو، وأن إعادة احتلال أوكرانيا مُبرَّرٌ لتحقيق تلك النظرية، لهذا فقد اتُّهم بعضُ الموالين لأوكرانيا باغتياله، فوضعوا له قنبلة في سيارته العام 2022، إلا أن ابنته، داريا هي التي قُتلت في حادث السيارة، وهو لم يصب بأذى!.
إذاً، فإن للهجوم الأميركي على إيران التي تتعاون مع روسيا في المجال العسكري، هدفا رئيسا وهو محاولة إدامة الهيمنة الكنسية الكاثوليكية لإنهاك روسيا، والحيلولة دون حصولها على زعامة العالم، لا سيما أن هناك إعلاما أميركيا يشير إلى أن معظم الطائرات الروسية المسيّرة المهاجمة لأوكرانيا هي من إنتاج إيران، وأن إيران هي جزء رئيس من قوة هذا الحلف!.
كما أن التيار الديني المهيمن على السياسة الأميركية، وهو تيار المسيحانية الإنجيلية، يرفض حركة، روما الثالثة الساعية لهيمنة التيار الأرثوذكسي الشرقي!.
إذاً، فإن عودة الحروب الدينية إلى ساحات العالم هي التيار السائد، اليوم، إلى جوار الحروب الاقتصادية، فهي بديل الاستعمار العسكري السابق!.
ويجب ألا ننسى أيضا أن الحرب الحقيقية الاقتصادية الدائرة، اليوم، هي بين أميركا والصين على زعامة العالم، لذلك فإن للهجوم الأميركي على إيران علاقة بمشروع الصين الكبير المتمثل في تأسيس مشروع طريق الحرير العام 2013. لأن إيران هي جزءٌ رئيس من طريق الحرير، وهي قد أعلنت انضمامها إلى هذا المشروع الكبير!
إلى متى ستظل إسرائيل هي المالك الحصري لملف القنابل النووية في الشرق الأوسط، وأنها لا تزال تملك حق الفيتو على التخصيب النووي للأغراض السلمية لكل دول المنطقة؟ فهي المعارض الرئيس لتزويد الدول العربية بهذه التقنية، وعلى رأسها الطاقة النووية للأغراض السلمية، فهي لا تزال تعارض تزويد كل الدول العربية بالتخصيب النووي لأغراض سلمية، أبرزها إنتاج الطاقة الكهربية وغيرها من الاستعمالات، بخاصة في مجال الخدمات والعلوم!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 29 دقائق
- جريدة الايام
تساؤلات كبيرة تحيط بإعلان وقف الحرب
واشنطن - رويترز: عندما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاذفات قنابل لقصف مواقع نووية إيرانية، مطلع الأسبوع، كان يراهن على أنه يستطيع مساعدة إسرائيل حليفة بلاده في شل برنامج طهران النووي مع عدم الإخلال بتعهده منذ فترة طويلة بتجنب التورط في حرب طويلة الأمد. وبعد أيام قليلة فحسب، يوحي إعلان ترامب المفاجئ بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد هاجم إيران من أجل إعادتها إلى طاولة المفاوضات. لكن لا تزال هناك قائمة طويلة من التساؤلات الكبيرة التي لم تجد لها إجابة، منها إذا ما كان أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسري بالفعل ويصمد بين خصمين لدودين تحول صراع "الظل" بينهما على مدى سنوات إلى حرب جوية تبادلا فيها الغارات على مدار 12 يوما. وتأكدت هذه المخاوف، اليوم، عندما اتهم ترامب كلا من إسرائيل وإيران بانتهاك الهدنة الهشة خلال ساعات من بدء سريانها. ولا يزال من غير المعروف أيضا الشروط التي اتفق عليها الطرفان وغير مذكورة في منشور ترامب الحماسي على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه "وقف إطلاق النار الكامل والشامل" الوشيك، وإذا ما كانت الولايات المتحدة وإيران ستعيدان إحياء المحادثات النووية الفاشلة، ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الذي يعتقد عدد من الخبراء أنه ربما نجا من حملة القصف التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال جوناثان بانيكوف نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط سابقا، "حقق الإسرائيليون الكثير من أهدافهم... وإيران تبحث عن مخرج... تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه بداية النهاية. يكمن التحدي في وجود استراتيجية لما سيأتي لاحقا". ولا تزال هناك تساؤلات أيضا بشأن ما تم الاتفاق عليه بالفعل، حتى في الوقت الذي عزز فيه إعلان ترامب الآمال في نهاية الصراع الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا. ومما يشير إلى صعوبة الأيام المقبلة، استغرق الأمر ساعات قبل أن تعلن إسرائيل وإيران قبولهما بوقف إطلاق النار الذي قال ترامب إنه توسط فيه. ومع تبادل الاتهامات بين الجانبين بشأن الهجمات الجديدة، كان ترامب حادا على وجه الخصوص في انتقاده النادر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، حين قال للصحافيين، "يجب أن أجعل إسرائيل تهدأ الآن". ورغم هشاشة وقف إطلاق النار فإن ذلك لم يمنع ترامب وأنصاره من الاحتفاء بما يعتبرونه إنجازا كبيرا لنهج السياسة الخارجية الذي يسمونه "السلام من خلال القوة". وكان ترامب قد أيد ما خلصت إليه إسرائيل عن أن إيران تقترب من تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران منذ فترة طويلة. وقالت أجهزة المخابرات الأميركية في وقت سابق من العام الجاري، إن تقييمها هو أن إيران لا تصنع سلاحا نوويا، وقال مصدر مطلع على تقارير مخابراتية أميركية لرويترز الأسبوع الماضي، إن هذا الرأي لم يتغير. رد إيران المحسوب جاء إعلان ترامب بعد ساعات فقط من إطلاق إيران صواريخ على قاعدة جوية أميركية في قطر لم تتمخض عن وقوع إصابات، وذلك ردا على إسقاط الولايات المتحدة قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مطلع الأسبوع. وقالت مصادر مطلعة، إن مسؤولي إدارة ترامب اعتبروا أن رد إيران كان محسوبا لتجنب زيادة التصعيد مع الولايات المتحدة. ودعا ترامب إلى إجراء محادثات مع إسرائيل وإيران. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار طالما لا تشن إيران هجمات جديدة. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن إيران أشارت إلى أنها لن تشن ضربات أخرى. وأضاف المسؤول، إن ترامب تحدث مباشرة إلى نتنياهو، وكان نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف على اتصال مباشر وغير مباشر مع إيران. وتوسطت قطر وساعدت في التواصل مع الإيرانيين. وقال المسؤول في البيت الأبيض، إن إيران أبدت أيضا تقبلها لوقف إطلاق النار لأنها في "حالة ضعف شديد". وعاش الإيرانيون أياما شهدوا فيها قصفا إسرائيليا لمواقع نووية وعسكرية بالإضافة إلى عمليات اغتيال استهدفت عددا من كبار العلماء النوويين والقادة الأمنيين. وتحدث ترامب علنا أيضا في الأيام القليلة الماضية عن احتمالات "تغيير النظام" في إيران. وقال محللون، إن استعداد طهران لإنهاء العمليات القتالية يظهر رغبة في الحفاظ على حكمها الديني. وقالت لورا بلومنفيلد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، "أما وقد أعلن ترامب (السلام العالمي) سيكون من الصعب على نتنياهو معارضته علنا". مقامرة ترامب الكبرى يمثل قرار ترامب غير المسبوق بقصف مواقع نووية إيرانية خطوة طالما تعهد بتجنبها، وهي التدخل عسكريا في حرب خارجية كبرى. ولم يراهن ترامب، في أكبر وربما أخطر تحرك في سياسته الخارجية منذ بدء ولايته الرئاسية، على قدرته على إخراج الموقع النووي الإيراني الرئيسي في فوردو من الخدمة فحسب، وإنما لا يستتبع سوى رد محسوب على الولايات المتحدة. وكانت هناك مخاوف من أن ترد طهران بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، ومهاجمة قواعد عسكرية أميركية متعددة في الشرق الأوسط وتفعيل نشاط وكلاء لها ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في مناطق مختلفة من العالم. وإذا استطاع ترامب نزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد يتمكن من تهدئة عاصفة انتقادات الديمقراطيين في الكونغرس وتهدئة الجناح المناهض للتدخل في قاعدته الجمهورية التي ترفع شعار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" بشأن القصف الذي خالف تعهداته الانتخابية. لكن ترامب ومساعديه لن يتمكنوا من تجاهل الشأن الإيراني والتساؤلات العالقة الخاصة به. وتساءل دنيس روس وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية، "هل يصمد وقف إطلاق النار؟... نعم، يحتاجه الإيرانيون، وقد هاجم الإسرائيليون أغلب قائمة الأهداف" التي وضعها الجيش الإسرائيلي. لكن لا تزال العقبات قائمة، إذ يقول روس، "ضعفت إيران بشدة، لكن ما هو مستقبل برامجها النووية والصاروخية الباليستية؟ ماذا سيحدث لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب؟ ستكون هناك حاجة للمفاوضات، ولن يكون حل هذه المسائل سهلا".


شبكة أنباء شفا
منذ 5 ساعات
- شبكة أنباء شفا
خيار الرد الإيراني كان مدروساً بعناية ، بقلم : راسم عبيدات
خيار الرد الإيراني كان مدروساً بعناية ، بقلم : راسم عبيدات بداية لا بد لنا من القول، بأن ايران محاطة بالأعداء، امريكا واوروبا الغربية واسرائيل، والدول العربية الوظيفية التي تحتضن القواعد العسكرية الأمريكية، والدول المطبعة مع اسرائيل، وهي ترى بأن انتصار ايران ومحورها في المنطقة والإقليم، يزيد من مخاطر تعرض مصالحها للخطر، ويسهم في 'حفر قبور' عروشها، وهي تدرك بأن تلك العروش،هي ليست نتاج إرادة شعبية،بل هي في أغلبها يجري تعيينها وتنصيبها من قبل السفارات الأمريكية والغربية في تلك البلدان،أو هي قيادات صدفة،وليست قيادات أصيلة،ولا تمتلك أية رؤيا استراتيجية،وفاقدة لإرادتها ولقرارها السياسي. من هذا المنطلق هناك البعض،وربما بحسن نية ولكن بخباثة الأغلبية وفشلهم والتغطية على عجزهم،كانوا يتمنون ان تهزم ايران وتدمر،وشرعوا في توظيف ذبابهم الألكتروني ووسائل اعلامهم ومنصاتهم الإعلامية،والمرتزقة من محللي فضائياتهم السياسيين والخبراء العسكريين الإستراتيجيين والخبراء في الشأن الإسرائيلي والإيراني،وتجار 'التكتوك' وغيرهم،لشن حملة مركزة على ايران،وتصوير الأمور على ان هناك هزيمة كبرى لحقت بإيران،وردود ايران شكلية ومتفق عليها،وانه جرى تدمير قدراتها ومنشأتها النووية والصاروخية وبات النظام اقرب الى فقدان السيطرة والسقوط. في هذا الإطار والسياق لا بد لنا من جلي الحقائق،استناداً للتحليل الملموس للواقع الملموس،حول شجاعة القيادة الإيرانية وحكمتها والرؤيا الإستراتيجية التي تمتلكها وأدارت فيها المعركة بإقتدار . البعض كان يرى بأن ايران بعد قصف منشأتها النووية الثلاثة 'فوردو'،نطنز'،و'أصفهان'،والتي أفرغت مسبقاً من اليورانيوم المخصب،واحتفظ به في مواقع أمنة قبل أن يتم قصفها من قبل القاذفات الأمريكية 'جي بي يو 57″،والتي انطلقت من القاعدة الأمريكية' للقيادة المركزية للقوات الأمريكية في المنطقة ،قاعدة' العديد'، والتي استخدمت في العدوان على تلك المواقع،حيث حرصت ايران على استهداف تلك القاعدة،بما لا يمس لا بالشعب القطري ولا بالمنشأت والمؤسسات القطرية،فإيران ليست في حالة عداء مع قطر ولا شعبها،بل هناك روابط وعلاقات جيدة بين البلدين، وما جرى استهدافه الدور الوظيفي لقطر،عبر هذه القاعدة التي تفرض امريكا سيادتها عليها،وكأنها ارض امريكية. ايران درست خياراتها جيداً،دون ان تفقد اتجاه البوصلة أو الرؤيا الإستراتيجية،فهي ترى بأن الحلقة المركزية للضربة،يجب ان تتركز على شريكة أمريكا وعنوانها وقاعدتها المتقدمة في المنطقة والتي تحمي مصالحها 'اسرائيل'، والتي قال عنها المستشار الألماني فريدريتش ميرتس على هامش اجتماعات الدول الصناعية السبع في كندا يوم الثلاثاء 17/6/2025،بأنها تقوم بالعمل القذر عنا جميعاً،وعندما لا تستطيع القيام بذلك يتدخل الأصيل أمريكا. وقبل التطرق الى خيارات ايران لما بعد الضربة الأمريكية،ولماذا رسى القرار على الرد بالمثل وبشكل متكافىء وفي إطار الندية،على قصف قاعدة 'العديد' الأمريكية، التي انطلقت منها القاذفات الأمريكية العملاقة. علينا ان نتذكر جيداً ،انه بعد قرار اليمن- انصار الله،العودة الى حربها الإسنادية لقطاع غزة ومقاومتها،وربط وقف ذلك برفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية غذائية وطبية ووقف العدوان على قطاع غزة. أمريكا شنت الى جانب بريطانيا وكذلك في بعض الأحيان اسرائيل، غارات غير مسبوقة على اليمن،وعلى البنى التحتية ومحطات الكهرباء وخزانات ومجمعات الوقود وكذلك استهدفت ميناء الحديدة ومطار صنعاء ،والكثير من الأعيان المدنية،وحشدت لذلك بوارجها وسفنها ومدمراتها،واستقدمت احدث طائراتها الحربية،من أجل تركيع اليمن وثنيه عن حربه الإسنادية،ولكن اليمن،سجل حالة صمود وثبات غير مسبوقة،والحق اضرار بالغة بالعديد من المدمرات الأمريكية وخاصة ترومان،وكذلك اسقط احدث طائرات التجسس الأمريكية من طراز هيرمس 900،وأمريكا باتت تخشى على مدمراتها من الغرق لإستهدافها بالصواريخ البالستية والفرط صوتية اليمنية والمسيرات الإنقضاضية،ناهيك ان اليمن دفاعاتها الجوية،كادت ان تسقط طائرة ' أف 35″ ،الشبح،ولذلك رأت امريكا بان هذه الحرب التي ارادت منها ان توجه رسائل لإيران، بأن ما ينتظرها من دمار وخسائر يفوق عشرات المرات ما حل باليمن،ولكن خوف امريكا ودخولها في مأزق استراتيجي وعجزها عن تحقيق نصر على اليمن، دفع بها لكي لا تخسر سمعتها ومكانتها وهيبتها العسكرية، إلى توقيع اتفاق مع اليمن- انصار الله،يوقف استهداف 'انصار الله' للسفن والمدمرات والبوارج الأمريكية،ويبقى على استهداف 'أنصار الله' للسفن التي تخرق الحظر الإقتصادي البحري التي فرضته اليمن على السفن التي تحمل البضائع الى موانىء الإحتلال،واستمرار قصفها بالصواريخ والمسيرات اليمنية. هذه الرسالة التي ارادت امريكا نقلها لإيران، إرتدت عليها،فإيران ليست اليمن بقدراتها وامكانياتها العسكرية والتسليحية،وما تملكه من ترسانة كبرى من الصواريخ البالستية والفرط صوتية والمسيرات الإنقضاضية. في الوقت الذي كان فيه ترامب يسعى لعقد اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي،على قاعدة حق ايران في امتلاك تقنية تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية،مع ضمانات ملزمة بعدم تحول برنامجها النووي لبرنامج عسكري ،وأن ينحصر التفاوض في هذا البند،ولا يتطرق لا لمنظومات ايران من الصواريخ البالستية والفرط صوتية،ولا الى دورها الإقليمي ودعمها العسكري لقوى المقاومة الفلسطينية والعربية،وجرت خمس جولات تفاوضية برعاية عُمانية، كان ترامب يطلق التصريحات المتناقضة،فتارة يتحدث عن الخيار السلمي والتفاوضي للوصول الى إتفاق مع ايران حول ملفها النووي،ويحذر نتنياهو من التدخل لإفشال جهوده في هذا الإتجاه،وبالمقابل بعد الجولة الخامسة،ونتيجة الضغوط التي مورست عليه من قبل نتنياهو والدولة العميقة في امريكا والمحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية واللوبيات الصهيونية، بدأ يتحدث عن ضربة عسكرية لمشروع ايران النووي،اذا لم تستجب لشروطه بتوقيع اتفاق تمنع فيه ايران من التخصيب لليورانيوم،أي اتفاق بدون تخصيب،في حين كان الرد الإيراني لا اتفاق بدون تخصيب. وفي الوقت الذي استمر فيه في الخداع والتضليل والكذب،كان يخطط مع شريكه نتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية اسرائيلية كبرى لإيران في فجر يوم الجمعة 13/6/2025، تطال منشأتها النووية ومنظومات القيادة والسيطرة،واستهداف القيادات العسكرية والأمنية واغتيال العلماء النووين،وتحريك العملاء والمرتزقة في الداخل والمرتبطين مع المعارضة الإيرانية في أوروبا،وكذلك المرتبطة بالموساد،بالتحرك والقيام بعمليات الإغتيال والتفجيرات ونشر حالة من الفوضى والإرباك،من اجل تأليب الجماهير على النظام من أجل اسقاطه واسقاط الدولة الإيرانية،كما حصل في سوريا بإسقاطها بواسطة الحرب والعقوبات. القيادة الإيرانية ورغم الخسارة الكبيرة، استطاعت ان تستوعب الضربة في اليوم الأول،وفي نهايته كانت تصل الى معادلة الردع والدمار مع اسرائيل وفي اليوم الثاني وصلت الى التوازن النسبي في استهداف الأهداف الإستراتيجية،وفي اليوم الثالث كانت، منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي والأمريكي بطبقاتها المختلفة 'قبب حديدية'،'مقلاع داود'، 'سهم 1 و2 '، و'الثاد' الأمريكية ،تعاني من نقص في الذخائر اللازمة لتذخير الصواريخ الإعتراضية،وبدا نتنياهو الذي كان يزهو كالطاوس،متبجحاً بأنه يغير وجه الشرق الأوسط،قد بدأ يتراجع عن نصره المطلق نحو ضرورة الصمود،في ظل صواريخ ايرانية متدرجة القدرات والنوعية والقوة التفجيرية والمدايات،وصولاً الى الصواريخ متعددة الرؤوس التفجيرية،تلك الصواريخ التي لم تترك أية اهداف عسكرية وأمنية واستخبارية وبيولوجية وتكنولوجية وبحثية وقواعد عسكرية وجوية وبحرية ومطارات ومنصات غاز ومحطات كهرباء وموانىء واهداف اقتصادية وحيوية إلا وطالتها،وهذا شكل ضغط كبير على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وعلى الأوضاع المعيشية والحياتية والخدماتية للمستوطنين،والذي بدأ صوتهم يعلو بالصراخ،وبدؤوا هجرة عكسية من فلسطين الى خارجها،هروباً من جحيم ما يعرف بأرض السمن والعسل ،عدا عن الخسائر الإقتصادية غير المسبوقة والحصار الجوي والبحري الذي فرض على اسرائيل،وشل جبهتها الداخلية،ولذلك بدأ نتنياهو يستصرخ ترامب التدخل العسكري المباشر،من اجل تحقيق اهداف الحرب التي عجزت عنها اسرائيل،بتدمير المواقع والمنشأت النووية الإيرانية والأهم منظومات الصواريخ البالستية والفرط صوتية،وصولا الى اسقاط وتغير النظام وهوية الدولة. ترامب وافق على ان يرفع درجة مشاركته في الحرب الى الشكل العلني والمباشر، ووافق على خطط الحرب،مع اعطاء مهلة اسبوعين في خدعة جديدة،لكي يتسنى له استكمال حشد القوات الأمريكية،واستقدام المزيد من البوارج والمدمرات والطائرات الأمريكية،فإسرائيل باتت في حالة استنزاف وفي خطر يهدد وجودها،وترامب ملزم بمنع هزيمتها والدفاع عنها،ولذلك شن ضربته النووية بإستخدام القاذفات الإستراتيجية 'ج بي يو 57' وصواريخ توماك من قبل السفن الأمريكية،واستخدم في القصف وادارة العملية،قاعدة 'العديد' الأمريكية في قطر، كأكبر قاعدة امريكية للقيادة الوسطى للجيش الأمريكي،وهي القاعدة التي تشكل العصب العملياتي للقوات الجوية الأمريكية، مسؤولة عن تشغيل الأقمار الصناعية،شن الغارات والتحكم في المسيرات وإستيعاب طائرة الشحن الضخمة والمقاتلات بعيدة المدى. الضربة الأمريكية طالت ثلاث منشأت نووية ايرانية 'فوردو' ،'نطنز' و'اصفهان'،والتي يبدو أنها أفرغت مسبقاً من اليورانيوم المخصب، وتوعدت ايران بالرد على هذا الضربة الأمريكية،التي تفتقر للشرعية وللمصوغات القانونية،وتخرق كل الأعراف والقوانين الدولية،ضرب منشأت نووية تخضع للتفتيش ورقابة وكالة الطاقة الذرية. قرار الردّ مهما كان محسوباً ومدروساً وحذراً ، هو قرار كبير ومخاطرة بالدخول في حال حرب مع دولة عظمى تملك مقدرات هائلة ويتفادى كل العالم الاصطدام معها ، فقد قالت إيران عبر هذا الردّ إنها دولة عظمى بدرجة تمسّكها بسيادتها مشبعة بالشعور بالكرامة، ولا يمكن لها أن تدع عدواناً على السيادة والكرامة الوطنيتين دون ردّ. الى جانب الشجاعة في القرار الإيراني،أظهرت ايران حكمة في اختيار مدروس لهذا الرد،فهي لم تذهب لخيارات،كان من الممكن أن تضعف من مواقفها،وتزيد من العداء لها،من قبل دول وقوى،رفضت وادانت العدوان الأمريكي والإسرائيلي على ايران،فمثلا لم تقدم على اغلاق مضيق هرمز،لما لذلك من تداعيات كبيرة على الإقتصاد العالمي،وسلاسل توريد الطاقة،وأكثر من المتأثرين من هذا الإغلاق المنتجين والمستوردين للنفط دول الخليج العربي والصين والهند. في حين أي قرار بتغيير عقيدتها النووية والذهاب نحو خيار تصنيع السلاح النووي، قد يدفع بمن يقفون الى جانبها في خيار امتلاك برنامج نووي سلمي،للوقوف ضدها والسكوت عن الحرب العدوانية الأمريكية على منشأتها النووية. ولذلك كانت الحكمة في قرار الذهاب الى الخيار الناري بالرد على قصف منشأتها النووية، بإستهداف قاعدة ' العديد' الأمريكية في قطر، أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة،والتي ادارت الحرب ضد ايران، وانطلقت الصواريخ لقصف منشأت ايران النووية منها،رد متكافىء مع العدوان الأمريكي،ومساوي لعدد الصواريخ التي استخدمت في القصف الأمريكي،وايران ردت وامتلكت الشجاعة والحكمة والجرأة في قرار الرد،بقيت ممسكة بحلقتها المركزية، بإستمرار قصف اسرائيل واستزافها،الأمر الذي دفع بإسرائيل أن تطلب عبر امريكا وقف إطلاق النار،ونقلت امريكا رسائل لإيران وقطر بقبول وقف إطلاق النار، فالجبهة الداخلية الإسرائيلية تنزف واهداف الحرب لم تتحقق،ولذلك بات مطلوباً ،منع انهيار الجبهة الداخلية الإسرائيلية وهزيمة اسرائيل،ولكي تقبل ايران وقف إطلاق النار الذي اقترحته أمريكا،ولكن ان تكون الضربة النهائية لها لوقف العدوان،حيث صواريخها من طراز خيبر شيكن متعدد الرؤوس الحربية، كانت صباح اليوم الثلاثاء،تقصف اهداف استراتيجية في بئر السبع وتل ابيب وشمال فلسطين،مخلفة دمارا واسعاً وقتلى وجرحى. ما فعلته إيران عبر قرار الردّ قدّم صورة قيادتها كقيادة استراتيجية لدولة عظمى، ومنحها موقع صاحب المبادرة الوحيد في المنطقة، وأن القيادة التي سوف تدفع ثمن هذه الحرب هي قيادة نتنياهو وليس القيادة الإيرانية كما توهّم نتنياهو. فلسطين – القدس المحتلة


جريدة الايام
منذ 9 ساعات
- جريدة الايام
هيمنة إسرائيل على الملفات النووية!
سأظل أتذكر قصة غزو واحتلال أميركا للعراق العام 2003 والسيطرة عليه وتغيير نظام الحكم هناك بادعاء امتلاك العراق للسلاح النووي، وقد اكتشفنا بعد فترة طويلة أن العراق كان بريئا من دم السلاح النووي، وأن هذا الاحتلال كانت غايته تثبيت هيمنة إسرائيلية على الملف النووي بدعم أميركي، وأن أسباب الغزو كانت ذريعة فقط لتحقيق تلك الهيمنة!. سوف أظل أتذكر أيضا أن الإيرانيين قصفوا بالطائرات موقع التخصيب النووي العراقي المخصص للأغراض السلمية بإشراف فرنسي نهاية العام 1980، قبل أن تدمره إسرائيل بحجة الإشعاعات المنبعثة من المفاعل، وكان ذلك في ذروة الحرب الإيرانية العراقية، ولكن طاقم المفاعل الفرنسي استطاع ترميم الأضرار، وقام بتكملة التخصيب، غير أن إسرائيل في عهد مناحيم بيغن قررت تدمير المفاعل نهائيا، شنَّتْ عملية أوبرا يوم 9-6-1981. كذلك الحال في ليبيا، ففي شهر تشرين الأول 2003 استطاع القذافي في ليبيا تهريب شحنة من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم على متن سفينة ألمانية، ولكن المخابرات الإسرائيلية والأميركية تمكنت من ضبط الشحنة، وكان القذافي قد استعان بعالم الذرة الباكستاني، عبد القدير خان، ولكن القذافي أعلن عن تخليه الطوعي عن المشروع يوم 19 كانون الأول 2003، وسلم كافة المعدات والوثائق النووية لواشنطن مباشرة، بعد يأسه من إكمال مشروع السلاح النووي، وكانت إسرائيل هي المايسترو في هذا الملف!. سوف أتذكر أيضا تدمير إسرائيل للمفاعل النووي السوري في مدينة دير الزور يوم 6-9-2007، بحجة أن الكوريين الشماليين بنوا هذا المفاعل النووي، وأنه يهدد وجود إسرائيل!. صرح الخبراء والمعلقون والمحللون وما أكثرهم! بأن سبب الضربة الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية يوم 22-6-2025 يعود إلى أن إيران على وشك إنتاج قنبلة نووية، وظهر محللون مختصون بالتخصيب النووي هؤلاء وشرحوا نسبة التخصيب النووية، والتي تبدأ أقل من 2% وتنتهي عند أكثر من 90%، وقالوا، إن إيران أوشكت أن تصل إلى الحد الأقصى من النسبة، وأنها تجاوزت النسبة المخصصة لها، وقال آخرون، إن سبب هذه الحرب يرجع إلى أن إيران تشجع الإرهابيين، وتدعم التنظيمات الفلسطينية والعربية الإرهابية، وقال آخرون من المحللين الذين يعيشون في الغرب، إن إيران عدو لدود للديمقراطية، فهي تقوم بإعدام المعارضين السياسيين، وتضطهد الأقليات، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتاج إلى تغيير، وأنها الدولة الوحيدة الشاذة في العالم كله!. وفسر آخرون تدخل أميركا في إيران، وأرجعوا سبب الضربة الأميركية إلى الصراع بين المسلمين أنفسهم، لأن إيران هي دولة (الشيعة)، فهي، إذاً، تهدد الدول السنية الحليفة لأميركا الراعية للاتفاقية الإبراهيمية!. غير أن قليلين من المحللين ممن يلبسون ملابس الغوص في بحور تاريخ العالم، ربطوا بين أهداف ضرب أميركا وإسرائيل لإيران، وبين المنافسة على مركز الصدارة في العالم بين هذين القطبين الرئيسيين وهما، القطب الأميركي الأوروبي، والقطب الروسي الشرقي! هاتان القوتان الكبريان في العالم، الأولى برئاسة أميركا وحلفائها الأوروبيين، والثانية روسيا، والصين، وإيران، وكوريا وبعض الدول المترددة بين القطبين الكبيرين، علما بأن التماثل بين دول المحور الروسي قليل جدا! كما أن المحور الروسي لم يتبلور بعد، بل إنه لا يزال في طور الأفكار وهو المسمى، حلف روما الثالثة، وضع هذه التسمية الراهب فيلوثيوس العام 1524، هذه التسمية تضم، اليوم، عدة دول في العالم وهي التي تكره أميركا، أكثر من كونها مؤمنة بنظرية روما الثالثة، مثل إيران، كوريا، والصين، غير أن كثيرين من الباحثين يرون أن الصين تتمتع بالذكاء السياسي والتجاري وهي حتى اللحظة لم تُقرر نهائيا الانضمام إلى روسيا في هذا الحلف، ليس فقط بسبب قيادة الحلف، ولكن لأن لهذا التحالف صبغة دينية، تتمثل في تياري المسيحية الكبيرين؛ الكاثوليكية، والأرثوذكسية، الصين دولة علمانية تجارية تسعى لتحقيق الربح التجاري بالدرجة الأولى!. نظرية، روما الثالثة، هي نظرية تعكس الصراع بين أشهر تيارين في الكنائس المسيحية في العالم، أي أنها نزاع صامت بين الكاثوليكية الغربية، والأرثوذكسية الشرقية، هذه النظرية جُدِّدتْ وبرزت من جديد في موسكو في بداية القرن العشرين، هذه النظرية تبناها الفيلسوف الروسي، ألكسندر دوغين، وهو كما يسميه كثيرون (عقل بوتين) وزعموا أنه يصوغ سياسة روسيا، هذا الفيلسوف ولد العام 1962، وهو الذي حول شعار روما الثالثة إلى سياسة حربية ودبلوماسية جديدة، فهو يفسر نظرية روما الثالثة تفسيرا تاريخيا كما وردت في كتب التاريخ، فقد انهارت روما الأولى في العصور الأولى بسبب انتشار البدع وبسبب تقصير المسيحية الكاثوليكية، أما روما الثانية قد هُزمت في القسطنطينية على يد الأتراك المسلمين، عندما دمرت الكنيسة الرومانية العام 1393، بعد هذين الانهيارين، رحل البلغاريون الأرثوذكس إلى روسيا، وأصبحت موسكو العام 1492 هي روما الثالثة، امبراطورية الأرثوذكس الشرقيين، وهي بالتالي لن تسقط مرة أخرى، بل ستصبح هي المهيمنة على العالم! هذه النظرية سُميت أيضا باسم، أوراسيا، أي أنها مزيج من أوروبا وآسيا!. مع العلم أن دوغين كان مناهضا للشيوعية في روسيا، وهو يُتهم من الغرب بأنه عنصري، غير أنه تمكن، من تأسيس حزب (بولشونك) 1993 كحزب روسي مرخص. من أبرز آرائه السياسية: «يجب على روسيا أن تستعيد قوتها عبر الغزو، وأن إعادة احتلال أوكرانيا مُبرَّرٌ لتحقيق تلك النظرية، لهذا فقد اتُّهم بعضُ الموالين لأوكرانيا باغتياله، فوضعوا له قنبلة في سيارته العام 2022، إلا أن ابنته، داريا هي التي قُتلت في حادث السيارة، وهو لم يصب بأذى!. إذاً، فإن للهجوم الأميركي على إيران التي تتعاون مع روسيا في المجال العسكري، هدفا رئيسا وهو محاولة إدامة الهيمنة الكنسية الكاثوليكية لإنهاك روسيا، والحيلولة دون حصولها على زعامة العالم، لا سيما أن هناك إعلاما أميركيا يشير إلى أن معظم الطائرات الروسية المسيّرة المهاجمة لأوكرانيا هي من إنتاج إيران، وأن إيران هي جزء رئيس من قوة هذا الحلف!. كما أن التيار الديني المهيمن على السياسة الأميركية، وهو تيار المسيحانية الإنجيلية، يرفض حركة، روما الثالثة الساعية لهيمنة التيار الأرثوذكسي الشرقي!. إذاً، فإن عودة الحروب الدينية إلى ساحات العالم هي التيار السائد، اليوم، إلى جوار الحروب الاقتصادية، فهي بديل الاستعمار العسكري السابق!. ويجب ألا ننسى أيضا أن الحرب الحقيقية الاقتصادية الدائرة، اليوم، هي بين أميركا والصين على زعامة العالم، لذلك فإن للهجوم الأميركي على إيران علاقة بمشروع الصين الكبير المتمثل في تأسيس مشروع طريق الحرير العام 2013. لأن إيران هي جزءٌ رئيس من طريق الحرير، وهي قد أعلنت انضمامها إلى هذا المشروع الكبير! إلى متى ستظل إسرائيل هي المالك الحصري لملف القنابل النووية في الشرق الأوسط، وأنها لا تزال تملك حق الفيتو على التخصيب النووي للأغراض السلمية لكل دول المنطقة؟ فهي المعارض الرئيس لتزويد الدول العربية بهذه التقنية، وعلى رأسها الطاقة النووية للأغراض السلمية، فهي لا تزال تعارض تزويد كل الدول العربية بالتخصيب النووي لأغراض سلمية، أبرزها إنتاج الطاقة الكهربية وغيرها من الاستعمالات، بخاصة في مجال الخدمات والعلوم!.