
أشباح رقمية: عندما تستمر الحياة بعد الموت بفضل الذكاء الاصطناعي
بقلم فكري سوسان
في زمن التحولات الرقمية السريعة، لم تعد فكرة العودة إلى الحياة بعد الموت أمراً خيالياً بالكامل. الذكاء الاصطناعي بات اليوم قادراً على إحياء الأصوات والذكريات، بل وحتى إنتاج نسخ افتراضية تحاكي الأموات بدقة مقلقة. هذا ما يؤكده تقرير جديد لباحثين من 'غوغل ديب مايند'Google Deepmind وجامعة كولورادو، حيث يظهر أن ما يسمونه 'الأشباح التوليدية' قد تصبح قريباً واقعاً شائعاً في حياة البشر.
صورة قريبة من هذا المستقبل ظهرت بالفعل في إحدى حلقات مسلسل 'المرآة السوداء' (Black Mirror)، حين قررت امرأة التواصل مع نسخة افتراضية من زوجها المتوفى. في ذلك العمل الدرامي، تتحول الذكرى إلى واقع تفاعلي. وما كان خيالاً تلفزيونياً بالأمس، بات الآن موضع اختبار في مختبرات التكنولوجيا.
صورة من إحدى حلقات مسلسل 'المرآة السوداء' حيث يتم إعادة تجسيد علاقة بعد الموت
المبدأ بسيط ومخيف في آن واحد: تسجل المنصات ساعات من مقابلات وصور وبيانات عن شخص ما، ثم تعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي لبناء شخصية رقمية تتحدث بنفس أسلوبه، تتذكر حياته، وترد على الأسئلة وكأنها هو. شركتا 'ذكرى' (Rememory) و'ما بعد الحياة' (HereAfter AI) تقدمان هذه الخدمة بالفعل. النتيجة؟ روبوت محادثة قادر على التفاعل مع أفراد الأسرة بعد وفاة صاحبه، ليواسيهم، أو ليحدثهم عن ماضٍ مشترك.
في بعض السياقات، كالثقافات التي تكرم الأسلاف، قد يكون هذا التطور امتداداً طبيعياً لممارسات راسخة. لكن في مجتمعات أخرى، يثير الكثير من الأسئلة الأخلاقية والقانونية، خصوصاً عندما تبدأ هذه 'الأشباح' في اتخاذ أدوار عملية: أستاذ جامعي يستمر في إلقاء محاضراته، فنان يطرح أعمالاً جديدة، أو مستشار يقدم النصائح بعد وفاته. بل إن بعضها قد يدخل في الاقتصاد الفعلي عبر بيع خدمات أو منتجات رقمية.
لكن هذا التقدم يثير تحديات لا يُستهان بها. ما الذي يمنع أن تتسبب هذه النسخة في إيذاء عاطفي لمن يتعلق بها؟ من يضمن ألا تُفشي أسراراً كان من الأفضل دفنها مع صاحبها؟ كيف نتعامل مع حقوق الملكية والخصوصية إذا ما استُخدمت بيانات الشخص دون موافقة واضحة؟
في غياب تشريعات واضحة، يبقى الباب مفتوحاً أمام استغلال هذه التقنية لأغراض تجارية أو دعائية أو حتى سياسية. وفي ظل اندفاع كثيرين لتخليد ذواتهم رقمياً، يصبح من الضروري التفكير من الآن في كتابة 'وصية رقمية' تحدد ما يجب أن يبقى وما يجب أن يُمحى.
لقد تغيرت علاقتنا بالموت. لم يعد نهاية صامتة، بل بداية لحضور رقمي قد يطول. في عالم تتحكم فيه الخوارزميات، من لا يحدد مصيره الافتراضي بنفسه قد يترك لغيره أن يفعل.
فهل نملك نحن، الأحياء، الحق في أن نقرر شكل حضور الآخرين بعد موتهم؟ أم أن الذكاء الاصطناعي بدأ يتجاوز حتى حدود الرحيل؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- هبة بريس
في اليونان.. ChatGPT يتسبب في طلاق زوجين
هبة بريس – وكالات بعد 12 عاما من الزواج، طلقت امرأة يونانية زوجها فور أن أخبرها ربوت الدردشة ChatGPT بأنه يخونها. وبحسب موقع 'أوديتي سنترال'، تطورت الأحداث عندما طلبت الزوجة من ChatGPT، متتبعةً أحد الاتجاهات الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن يفسر فنجان قهوتها باعتبارها لمسة حديثة على ممارسة قديمة تسمى 'tasseography'. وحمّلت الزوجة صور نقشات البن في فنجانها على التطبيق، كي يقرأها برنامج المحادثة الآلي ويعمل على تحليلها. وزعم روبوت المحادثة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، أن الزوج كان على علاقة بامرأة أخرى يبدأ اسمها بحرف 'E' وأن المرأة الغامضة كانت تخطط لتدمير عائلتهما. وعلى الرغم من أن الزوج ضحك على هذا الادعاء باعتباره 'هراء'، إلا أن زوجته أخذته على محمل الجد، طالبة منه مغادرة منزلهما على الفور. كما أخبرت الزوجة أطفالهما أنها ووالدهما يرغبان في الطلاق، وحتى أنها اتصلت بمحام. من جانبه، وبحسب صحف محلية أصيب الزوج بالصدمة عندما تم تسليمه أوراق الطلاق بعد ثلاثة أيام فقط. وأشار محاميه إلى أن الادعاءات التي قدمها ChatGPT ليس لها أساس قانوني وأصر على أن موكله بريء حتى تثبت إدانته.


ألتبريس
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- ألتبريس
أشباح رقمية: عندما تستمر الحياة بعد الموت بفضل الذكاء الاصطناعي
بقلم فكري سوسان في زمن التحولات الرقمية السريعة، لم تعد فكرة العودة إلى الحياة بعد الموت أمراً خيالياً بالكامل. الذكاء الاصطناعي بات اليوم قادراً على إحياء الأصوات والذكريات، بل وحتى إنتاج نسخ افتراضية تحاكي الأموات بدقة مقلقة. هذا ما يؤكده تقرير جديد لباحثين من 'غوغل ديب مايند'Google Deepmind وجامعة كولورادو، حيث يظهر أن ما يسمونه 'الأشباح التوليدية' قد تصبح قريباً واقعاً شائعاً في حياة البشر. صورة قريبة من هذا المستقبل ظهرت بالفعل في إحدى حلقات مسلسل 'المرآة السوداء' (Black Mirror)، حين قررت امرأة التواصل مع نسخة افتراضية من زوجها المتوفى. في ذلك العمل الدرامي، تتحول الذكرى إلى واقع تفاعلي. وما كان خيالاً تلفزيونياً بالأمس، بات الآن موضع اختبار في مختبرات التكنولوجيا. صورة من إحدى حلقات مسلسل 'المرآة السوداء' حيث يتم إعادة تجسيد علاقة بعد الموت المبدأ بسيط ومخيف في آن واحد: تسجل المنصات ساعات من مقابلات وصور وبيانات عن شخص ما، ثم تعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي لبناء شخصية رقمية تتحدث بنفس أسلوبه، تتذكر حياته، وترد على الأسئلة وكأنها هو. شركتا 'ذكرى' (Rememory) و'ما بعد الحياة' (HereAfter AI) تقدمان هذه الخدمة بالفعل. النتيجة؟ روبوت محادثة قادر على التفاعل مع أفراد الأسرة بعد وفاة صاحبه، ليواسيهم، أو ليحدثهم عن ماضٍ مشترك. في بعض السياقات، كالثقافات التي تكرم الأسلاف، قد يكون هذا التطور امتداداً طبيعياً لممارسات راسخة. لكن في مجتمعات أخرى، يثير الكثير من الأسئلة الأخلاقية والقانونية، خصوصاً عندما تبدأ هذه 'الأشباح' في اتخاذ أدوار عملية: أستاذ جامعي يستمر في إلقاء محاضراته، فنان يطرح أعمالاً جديدة، أو مستشار يقدم النصائح بعد وفاته. بل إن بعضها قد يدخل في الاقتصاد الفعلي عبر بيع خدمات أو منتجات رقمية. لكن هذا التقدم يثير تحديات لا يُستهان بها. ما الذي يمنع أن تتسبب هذه النسخة في إيذاء عاطفي لمن يتعلق بها؟ من يضمن ألا تُفشي أسراراً كان من الأفضل دفنها مع صاحبها؟ كيف نتعامل مع حقوق الملكية والخصوصية إذا ما استُخدمت بيانات الشخص دون موافقة واضحة؟ في غياب تشريعات واضحة، يبقى الباب مفتوحاً أمام استغلال هذه التقنية لأغراض تجارية أو دعائية أو حتى سياسية. وفي ظل اندفاع كثيرين لتخليد ذواتهم رقمياً، يصبح من الضروري التفكير من الآن في كتابة 'وصية رقمية' تحدد ما يجب أن يبقى وما يجب أن يُمحى. لقد تغيرت علاقتنا بالموت. لم يعد نهاية صامتة، بل بداية لحضور رقمي قد يطول. في عالم تتحكم فيه الخوارزميات، من لا يحدد مصيره الافتراضي بنفسه قد يترك لغيره أن يفعل. فهل نملك نحن، الأحياء، الحق في أن نقرر شكل حضور الآخرين بعد موتهم؟ أم أن الذكاء الاصطناعي بدأ يتجاوز حتى حدود الرحيل؟


مراكش الآن
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- مراكش الآن
الصين تنظّم أول سباق نصف ماراثون في العالم للروبوتات
ركضت عشرات من الروبوتات الشبيهة بالبشر في أول سباق نصف ماراثون مخصص لها أقيم السبت في بكين، وهو حدث يؤشر إلى طموحات الصين في التكنولوجيات الجديدة. وأقيم السباق في 'إي تاون'، وهي منطقة مُخصصة للابتكار التكنولوجي في العاصمة الصينية، وشارك فيه رياضيون بشر أيضا، إلى جانب الآلات التي تسير على قدمين. بعد إعطاء إشارة انطلاق السباق بمسدس البداية، وعلى وقع موسيقى البوب التي صدحت عبر مكبرات الصوت، انطلقت الروبوتات واتخذ خطواتها الأولى التي بدت مترددة أحيانا في السباق الممتد على مسافة 21 كيلومترا. على الجانب الآخر من الطريق، أخرجَ المشاركون من البشر الذين كانوا يركضون على مسار منفصل، هواتفهم المحمولة لالتقاط صور للروبوتات. تمكّن روبوت صغير سقط على الأرض من النهوض بنفسه بعد بضع دقائق وسط هتافات الجمهور، بينما انحرف روبوت آخر عن المسار واصطدم بحاجز وأوقع مهندسا على الأرض. في حديث إلى وكالة فرانس برس، قال نائب مدير لجنة الإدارة في منطقة إي تاون ليانغ ليانغ إنّ الركض على مسار يبدو خطوة صغيرة للإنسان، لكن بالنسبة إلى روبوت بهيئة بشرية، فهو قفزة هائلة'. ويؤكد أن 'هذا الماراثون يمثل خطوة إضافية نحو تصنيع الروبوتات الشبيهة بالبشر'. شارك في هذه المسابقة نحو عشرين فريقا من مختلف أنحاء الصين، مع روبوتات تتراوح أحجامها بين 75 إلى 180 سنتيمترا ويصل وزنها إلى 88 كيلوغراما. وتركض بعض الروبوتات بشكل مستقل، بينما يتم التحكم في أخرى من بعد. وقال مهندسون لوكالة فرانس برس إن الهدف هو اختبار أداء الروبوتات وما إذا كانت جديرة بالثقة. ويؤكدون أنّ الأولوية هي الوصول إلى خط النهاية لا الفوز بالسباق. ورأى كوي وينهاو، وهو مهندس يبلغ 28 عاما في شركة 'نوتيكس روبوتيكس' الصينية، إن 'سباق نصف الماراثون يشكل دفعا هائلا لقطاع الروبوتات بأكمله'. وأضاف 'بصراحة، لا يملك القطاع سوى فرص قليلة لتشغيل آلاته بهذه الطريقة، بكامل طاقتها، على هذه المسافة ولوقت طويل. إنه اختبار صعب للبطاريات والمحركات والهيكل، وحتى الخوارزميات'. وأوضح أن روبوتا تابعا للشركة كان يتدرب يوميا على مسافة تعادل نصف ماراثون، بسرعة تزيد على 8 كيلومترات في الساعة. وشدّد مهندس شاب آخر هو كونغ ييتشانغ (25 عاما) من شركة 'درويد آب'، على أن سباق نصف الماراثون هذا يساعد في 'إرساء الأسس' لحضور هذه الروبوتات بشكل أكبر في حياة البشر. وشرح أنّ 'الفكرة الكامنة وراء هذا السباق هي أنّ الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها الاندماج بشكل فعلي في المجتمع البشري والبدء بأداء مهام يقوم بها بشر'. تسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن تصبح الأولى عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تخوض معها راهنا حربا تجارية. أصبحت الشركات الصينية وتحديدا الخاصة منها، أكثر نجاحا في استخدام التقنيات الجديدة. في يناير، أثارت شركة 'ديب سيك' الناشئة اهتماما إعلاميا واسعا في الصحف العالمية بفضل روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها ابتكرته بتكلفة أقل بكثير من تكلفة البرامج التابعة لمنافسيها الأميركيين مثل 'تشات جي بي تي'.