logo
الاتفاق النووي الإيراني في مهبّ آلية الزناد

الاتفاق النووي الإيراني في مهبّ آلية الزناد

القدس العربي منذ 8 ساعات
بعدما توقف أزيز الطائرات وسقوط الصواريخ الباليستية خلال حرب ال 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، انتقلت المواجهة عبر الشاشات والمواقع إلى فضاء حرب مشتقة بأسلحة أخرى: الاتفاق النووي الإيراني، الذي بعد عشر سنوات من توقيعه عام 2015، ما زال في قلب لجة الجدل الدولي. إذ بعد اتفاق إطلاق النار الهش بين الأطراف المتحاربة، حان الآن دور الثلاثي الأوروبي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) ليصعّد من لهجته تجاه طهران، ملوّحاً بتفعيل ما يُعرف بـ» آلية استعادة العقوبات»، وهي الآلية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الصادر عام 2015، وتتيح لأي طرف من أطراف الاتفاق النووي – ومنهم الثلاثي الأوروبي – إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا ما اعتبر أنها انتهكت التزاماتها وفق الاتفاق المعروف رسمياً بـ» خطة العمل الشاملة المشتركة» (JCPOA) .
هذا التهديد الأوروبي الذي جاء على خلفية تحذيرات متكررة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن زيادة تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستويات تقترب من الاستخدام العسكري عند مستوى 90 %، وتعليقها تطبيق البروتوكول الإضافي، وتقليص التعاون مع المفتشين الدوليين قابلته إيران، عبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها، إسماعيل بقائي، بالتحذير من أن أي تفعيل لهذه الآلية «سيواجه بردّ متناسب»، والذي اعتبر أن الموقف الأوروبي بأنه «مسيس، وعدائي، ولا يقوم على أسس قانونية».
الآلية الخطرة: كيف يقدح زناد «استعادة العقوبات»؟
آلية استعادة العقوبات تمثل سيفاً ذا حدّين. فقد أُدرجت ضمن اتفاق 2015 كنوع من الضمان للغرب، لتُستخدم إذا ما أخلّت إيران بالتزاماتها النووية. وتكمن خطورتها في أن استخدامها لا يتطلب موافقة مجلس الأمن، بل يتم تفعيلها تلقائياً بعد تقديم إشعار للأمم المتحدة من أحد الأطراف الموقعة على الاتفاق، على أن تُعاد جميع العقوبات السابقة خلال 30 يوماً ما لم يصدر قرار مخالف من مجلس الأمن (وهو ما لا يمكن حدوثه بسبب الفيتو الأمريكي المحتّم)، ما يعني فعلياً أن أي طرف من الموقعين يمكنه نسف الاتفاق من أساسه، دون الحاجة لتوافق دولي، مما جعل هذه الآلية تُوصف بأنها «زر التفجير الذاتي» في صلب الاتفاق النووي.
واشنطن تقصف بالقنابل
وأوروبا تقصف بالدبلوماسية
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عهد دونالد ترامب عام 2018، حاول الأوروبيون لعب دور الوسيط، حفاظاً على الاتفاق كوسيلة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، ولحماية مصالحهم الاقتصادية في سوقها الضخم (90 مليوناً). لكن التحولات الجيوسياسية، وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وتزايد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، دفعت الأوروبيين تدريجياً نحو موقف أكثر تشدداً.
فالتهديد الأخير بإطلاق زناد آلية استعادة العقوبات يمثل تحولاً نوعيا في مواقف الثلاثي الأوروبي، انتقل بها من دائرة الوساطة إلى زاوية المواجهة. لكن كل هذا الصخب المنفعل ضد المشروع النووي الإيراني يبدو عجيباً للغاية إذا ما قورن بالصمت التام والمستمر حيال مشروع نووي سريّ في الجوار الإيراني أصبح من شبه اليقين أنّه أنتج بالفعل قنابل ذريّة: إنه المشروع النوويه الإسرائيلي.
أسد على نووي إيران
من المفارقات الكبرى في النظام الدولي أن العالم بأسره، وبالأخص الدول الغربية، يتعامل مع البرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي ويبذل بالتضامن الحثيث جهوداً سوبرمانية لمنع وصوله إلى مستوى العسكرة، بينما يصمت صمت الحملان حيال الترسانة النووية الإسرائيلية. إسرائيل، التي لم توقّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تمتلك وفق تقديرات الخبراء ما بين 80 إلى 200 رأس نووي، وتحتفظ بسياستها المعروفة بـ» الغموض النووي»، فلا تنفي ولا تؤكد امتلاكها للسلاح الجبار، لكنها ترفض تماماً الخضوع لأي تفتيش دولي، وذلك في وقت يعاقَب فيه الشعب الإيراني اقتصادياً وسياسياً لمجرد امتلاك بلاده تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم على مستويات متدنية.
وبينما اتخمت شاشات التلفزيون وعناوين الصحف بالجدل حول تفاصيل المشروع الإيراني تنطفأ الأضواء، ويبهت الحبر، فلا يطرح أحد السؤال حول منشأة ديمونا، ولا يُناقش دور إسرائيل في تسعير سباق التسلّح الإقليمي، ولا يُلوّح بأي آلية لاستعادة عقوبات أو تجميد التعاون التكنولوجي والعسكري معها.
هذا التفاوت الصارخ في المعايير (الدّولية) يفتح الباب على آخره أمام قراءة سياسية لا تخفى على أحد: المسألة ليست تتعلق بمنع الانتشار النووي، بقدر ما هي مسألة احتكار للسلاح النووي في يد حلفاء الغرب، وتجريم لأي محاولة من خصومه لامتلاك أدوات الردع.
مآلات اتفاق 2015: ثلاث سيناريوهات محتملة
إيران تدرك أن استخدام آلية العقوبات هو بمثابة إعلان حرب دبلوماسي، وربما مقدمة لما هو أكثر. ولهذا فهي تستعد، كما تقول، لردّ «متناسب»، وقد يشمل رفع مستوى التخصيب إلى ما فوق 90٪ – حد السلاح النووي – والانسحاب الرسمي من معاهدة عدم الانتشار النووي وغيرها من الخطوات التي ستكون بمنزلة تحوّل جذري، يجعل المواجهة مع الغرب شاملة، ويقوّض ما تبقى من الهيكل الأمني الإقليمي.
في ظل التّهديدات الأوروبية، وتصلب الموقف الإيراني، تبرز ثلاثة سيناريوهات ممكنة لمصير الاتفاق النووي، أوّلها أن يمضي الثلاثي في تهديداته، ويفعّل آلية الاستعادة، فإن الاتفاق سيلقى عندئذ حتفه رسمياً، وستُعاد العقوبات الدولية على إيران، بما فيها حظر الأسلحة، والتجميد المالي، ما قد يدفع طهران إلى تسريع خطواتها نحو بناء قدرات نووية متقدمة تأخذها إلى العسكرة. وهذا السيناريو قد يفتح الباب لمواجهة إقليمية أوسع، وربما لعودة الولايات المتحدة إلى خيار «الضربات الوقائية»، أما ثانيها فقد يكون أن الثلاثي لجأ إلى استخدام التهديد بتفعيل الآلية كوسيلة ضغط فقط، دون نية حقيقية لتفعيله، على نية استعادة طهران إلى طاولة مفاوضات جديدة، تشمل ملفات أخرى مثل الصواريخ الباليستية والدور الإقليمي لطهران، وملف حقوق الإنسان. وهذا السيناريو يعتمد على مدى تجاوب إيران، وعلى توحيد مواقف الثلاثي المتنافرة أحياناً، أما ثالثها فتجاوز الاتفاق القديم نحو مبادرة دبلوماسية جديدة بقيادة أطراف ثالثة مثل الصين أو روسيا أو حتى بعض دول الخليج دوراً وسطياً لصياغة تفاهم بديل له، يضمن مراقبة البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع تدريجي للعقوبات، وإدماج إيران في ترتيبات أمنية إقليمية.
عن عدالة نووية مفقودة
إن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني لم يعد مجرد قضية فنية تخص تخصيب اليورانيوم أو أجهزة الطرد المركزي، بل أصبح مرآة لانهيار منظومة العدالة الدولية في مجال الحدّ من انتشار الأسلحة. فطالما بقيت إسرائيل فوق القانون، وتمّ التساهل مع ترسانتها النووية، ستبقى كلّ اتفاقيات «عدم الانتشار» منقوصة ومزدوجة المعايير وفيها من الحوافز لدفع القوى الفاعلة إلى امتلاك ردعها الخاص ضد ترسانات الدول الكبرى.
إيران، كغيرها من الدول الطامحة إلى لعب دور إقليمي مستقل، ستقرأ هذا الصمت الدولي على النووي الإسرائيلي بوصفه ترخيصاً ضمنياً باحتكار الردع النووي، ما يدفعها دفعاً نحو الخروج من النظام العالمي القائم على الهيمنة لا على العدالة.
وما لم يُعاد النظر في هذه المعايير المزدوجة، فإن ما نشهده اليوم من توترات قد لا يكون إلا مقدّمة لحرب نووية باردة جديدة، تندلع هذه المرة من قلب الشرق الأوسط.
إعلامية وكاتبة لبنانية – لندن
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيو ستيتسمان: إسرائيل لا تدافع عن نفسها.. إنها تنتقم من شعب أعزل.. تبرّر حربها على غزة بكذبتين وتلعب دور الضحية
نيو ستيتسمان: إسرائيل لا تدافع عن نفسها.. إنها تنتقم من شعب أعزل.. تبرّر حربها على غزة بكذبتين وتلعب دور الضحية

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

نيو ستيتسمان: إسرائيل لا تدافع عن نفسها.. إنها تنتقم من شعب أعزل.. تبرّر حربها على غزة بكذبتين وتلعب دور الضحية

لندن- 'القدس العربي': نشرت مجلة 'نيو ستيتسمان' مقالًا للقاضي السابق في المحكمة العليا بلندن والمؤرخ وعضو مجلس اللوردات البريطاني، جوناثان سمبشن، قال فيه إن عملية 'عربات جدعون'، أحدث هجوم إسرائيلي على غزة، بدأت ليلة 16 أيار/ مايو 2025. أحيانًا تحمل أسماء العمليات العسكرية رسالة. جدعون هو المحرر التوراتي لإسرائيل من مضطهديها، الذي قاد قوة صغيرة قوامها 300 رجل لهزيمة جيش مَدين الجبّار. تعبر 'عربات جدعون' عن الرواية التقليدية القائلة بأن إسرائيل هي الطرف الأضعف الذي يقاتل من أجل البقاء. وعلق قائلًا إن ذلك خرافة، فإسرائيل واحدة من أكثر الدول تسليحًا وتقدمًا تقنيًا في العالم. وهي قوة نووية غير معلنة. تبلغ ميزانيتها الدفاعية 37 مليار دولار، وهي الأكبر في الشرق الأوسط بفارق كبير، بعد السعودية. وأمنها مضمون ضمنيًا من قِبل الولايات المتحدة، التي تُساهم بأكثر من 3 مليارات دولار سنويًا في دفاعها. بالمقارنة، كانت غزة من أفقر مناطق العالم، حتى قبل الدمار الذي حل بها مؤخرًا.. وهي شبه عاجزة عن الدفاع عن نفسها في وجه الدبابات والطائرات. إسرائيل في وضع يسمح لها بفعل ما تشاء بغزة، وهي تقوم بذلك. الكاتب: 'حماس' ليست قوة مقاتلة منظمة ومنضبطة كالجيش النظامي. إنها حركة شبه عسكرية منتشرة بين المدنيين كالإبر في كومة قش. لا يمكن تدميرها إلا بحرق كومة القش بأكملها وأشار إلى أن 'إسرائيل تمتعت في الماضي برأس مال أخلاقي كبير'، وأن هذا قد تبدد إلى حد كبير الآن، حيث يتسم العداء الدولي لإسرائيل بقوة، خاصةً بين شباب العالم، الذين سيهيمنون على التطلعات الدولية في الجيل القادم. صحيح أن معاداة السامية موجودة، لكنها ليست السبب الرئيسي لهذا التحول الملحوظ في الرأي العام. بل حدث ذلك بسبب الطريقة التي اختارتها إسرائيل لاستعراض قوتها الساحقة ضد سكان غزة المستضعفين. وقد تسبب هذا بإصدار المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة جادة ونزيهة مهما قالت الحكومة الأمريكية، مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وقد وُجّهت انتقادات شديدة لسلوك إسرائيل في غزة من قبل الأمم المتحدة، ودول مثل بريطانيا وفرنسا وجنوب إفريقيا وأستراليا وكندا. وفرضت العديد من الدول حظرًا كليًا أو جزئيًا على الأسلحة. وأكد القاضي السابق أن هناك أدلة قوية على أن إسرائيل مذنبة بارتكاب جرائم حرب. وبموجب القانون الدولي، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن الأساليب التي تستخدمها مقيدة بمعاهدة. وقد وقعت إسرائيل على اتفاقيات جنيف لعام 1949. وتتضمن الاتفاقية الرابعة حماية واسعة للسكان المدنيين العالقين في مناطق الحرب. ويحظر هذا القانون الهجمات على المستشفيات تحت أي ظرف من الظروف، إلا إذا كانت المستشفيات نفسها تُستخدم لارتكاب أعمال حرب (المادتان 18 و19). ويحظر تدمير الممتلكات الخاصة، إلا إذا 'استلزمت العمليات العسكرية ذلك ضرورة قصوى' (المادة 53). وبصفتها قوة احتلال في ما يتعلق بمعظم غزة، فإن إسرائيل ملزمة بضمان توفير الغذاء والإمدادات الطبية للسكان (المادة 55). ويُحظر النزوح الدائم للسكان حظرًا باتًا (المادة 49). وأشار إلى أن هذه الأحكام تُكملها مجموعة كبيرة من القوانين العرفية الملزمة. وقد دونت اللجنة الدولية للصليب الأحمر القانون الإنساني الدولي، وهو الاسم العام الذي يُطلق على هذه المجموعة من القوانين، بطريقة تُعتبر عمومًا محايدة وذات حجية. ويجب ألا تُوجه العمليات العسكرية ضد أهداف مدنية. ويشمل ذلك البلدات والمدن والقرى والمناطق السكنية والمنشآت المحددة، مثل المستشفيات ومرافق معالجة المياه ومحطات الطاقة وغيرها من المرافق الأساسية لبقاء السكان المدنيين. ويحظر شن هجمات عشوائية، بما في ذلك قصف المناطق واستخدام الأسلحة التي لا يمكن السيطرة على آثارها. يُحظر التجويع بشكل صريح كأسلوب من أساليب الحرب. وتُحرّم جميع أشكال التطهير العرقي. وأضاف أنه من بين جميع قواعد القانون الإنساني الدولي، تُعد قاعدة التناسب في الحرب أهمها. تعبر عنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر على النحو التالي: 'يُحظر شن هجوم يُتوقع أن يسبب خسائر عرضية في أرواح المدنيين، أو إصاباتهم، أو أضرارًا بالأعيان المدنية، أو مزيجًا من هذه الخسائر والأضرار، مما يكون مفرطًا، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة'. وأوضح أن هذا يعني أن بعض العمليات العسكرية غير مقبولة، رغم أنها قد تكون ذات غرض عسكري مهم، وتحقق مزايا عسكرية حقيقية، لأن الخسائر المدنية ستكون ببساطة مرتفعة للغاية. وقال إن الهدف المعلن للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة كان في البداية هو تدمير 'حماس'. لكن المشكلة تكمن دائمًا في أنه على الرغم من إمكانية التعرف على معظم قيادة 'حماس' وبعض منشآتها، إلا أن 'حماس' ليست قوة مقاتلة منظمة ومنضبطة كالجيش النظامي. إنها حركة شبه عسكرية منتشرة بين السكان المدنيين كالإبر في كومة قش. لا يمكن تدميرها، إن أمكن، إلا بحرق كومة القش بأكملها. ومع ذلك، فإن كل قشة في الكومة هي حياة بشرية. ربما يكون تدمير 'حماس' أمرًا لا يمكن تحقيقه بأي قدر من العنف، ولكنه بالتأكيد لا يمكن تحقيقه دون تأثير غير متناسب بشكل صارخ على حياة الإنسان. الكاتب: من المستحيل على أي شخص نزيه ألا يتأثر بحجم المعاناة الإنسانية المفروضة تعسفًا، أو بمشهد جيش قوي يهاجم بوحشية شعبًا منهكًا أصلًا وأشار إلى أن هجمات 'حماس' في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أسفرت عن مقتل 1195 شخصًا. وأنه وفقًا للسلطات الصحية في غزة، فقد قُتل 57,645 فلسطينيًا حتى الآن.. بمن فيهم أكثر من 180 صحفيًا، وأكثر من 224 عامل إغاثة إنسانية، منهم 179 موظفًا في الأونروا. ولا تشمل هذه الأرقام الإصابات غير المباشرة الناجمة عن أمراض يمكن الوقاية منها، وسوء التغذية الناجم عن الحرب. وتشير التقديرات المعقولة إلى أن 'حماس' قد تُشكل 20% من الضحايا. بينما تُقدّر وكالات الأمم المتحدة أن حوالي 70% من الضحايا كانوا من النساء والأطفال. قد تُنتقد هذه الأرقام على الهامش، إلا أنها محققة من خلال دراسات أكاديمية مرموقة ووكالات مسؤولة في الأمم المتحدة. إنها ليست مجرد دعاية أو من نسج خيالات معادية للسامية. وشدد أن الحصار الشامل لغزة، الذي أعلنه نتنياهو في 2 آذار/ مارس 2025، بدأ بالتسبب بمجاعة في غضون أسبوعين. وكان يُعتقد أنه سيؤدي في النهاية إلى أشد حالات المجاعة من صنع الإنسان تطرفًا منذ الحرب العالمية الثانية. وصرّح وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، في نيسان/ أبريل 2025: 'سياسة إسرائيل واضحة؛ لن تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة، ومنع هذه المساعدات هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس من استخدامها كأداة ضغط على السكان'. وعلق القاضي السابق بأنه يصعب تصور بيان أوضح من هذا يشير إلى استخدام التجويع كسلاح حرب. في أيار/ مايو، حسّنت إسرائيل هذه السياسة بإنشاء نظام لتوزيع الغذاء من 'محاور' عسكرية تنظمها منظمتها المُدجّنة، التي تُسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية'. ولقد انهار هذا النظام إلى حد كبير، ولم يعد قادرًا على إطعام سوى جزء من السكان. في غضون ذلك، وثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل ما يقرب من 800 فلسطيني أثناء تجمعهم في مراكز التوزيع، أملًا في الحصول على الطعام. وذكرت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية مؤخرًا، استنادًا إلى مقابلات مع جنود، أن ذلك تم بأوامر صريحة من كبار ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي. وأكد القاضي سمبشن أنه ليس لديه موقف أيديولوجي من هذا الصراع. بل يتعامل معه ببساطة كمحامٍ ومؤرخ. وهو يتساءل أحيانًا عما سيعتبره المدافعون عن إسرائيل غير مقبول، إذا لم يكن مستوى العنف الإسرائيلي الحالي في غزة كافيًا. ويرد قائلًا إن من المستحيل على أي شخص نزيه ألا يتأثر بحجم المعاناة الإنسانية المفروضة تعسفًا، أو بمشهد جيش قوي يهاجم بوحشية شعبًا منهكًا أصلًا. هذا ليس دفاعًا عن النفس. وهو ليس حتى من نوع الأضرار الجانبية التي لا مفر منها في الحرب. إنه عقاب جماعي، أو بعبارة أخرى انتقام، لا يقتصر على 'حماس' فحسب، بل على شعب بأكمله. إنها، باختصار، جريمة حرب. أما إن كان ذلك يُشكل إبادة جماعية فهو سؤال أصعب، بحسب الكاتب. تعرف اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1951 (التي انضمت إليها إسرائيل) الإبادة الجماعية بأنها العمل بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا، عن طريق قتل أعضائها، أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم، أو فرض ظروف معيشية عمدًا تهدف إلى تدميرهم جسديًا كليًا أو جزئيًا. ولأن الإبادة الجماعية تعتمد على النية، فسيكون هناك دائمًا مجال للجدل حول ما إذا كانت تحدث بالفعل. وقال إن هدف حرب جديداً إلى جانب الخطة الأصلية لتدمير 'حماس' ظهر مؤخرًا. وهو ليس أقل من النزوح الجماعي لسكان غزة إلى دول ثالثة. وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، من أشد المؤيدين للتطهير العرقي. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، هو الآخر أعلن في مؤتمر صحافي عام في 6 أيار/ مايو 2025، بعد وقت قصير من قرار إطلاق عملية 'عربات جدعون'، أن 'غزة ستُدمّر بالكامل'. ومضى موضحًا أن الفلسطينيين سيُحشرون في منطقة خالية من 'حماس'، ومن هناك سيغادرون 'بأعداد كبيرة' إلى دول أخرى. وعلق على فرض بريطانيا وأربع دول أخرى عقوبات على هذين الرجلين 'بصفتهما الشخصية'، قائلًا إنهما لم يتحدثا بصفتهما الشخصية، ولا يمكن تمييزهما بسهولة عن بقية الحكومة الإسرائيلية. كلاهما زعيمان لأحزاب يمينية متطرفة صغيرة في الكنيست تنتمي إلى ائتلاف نتنياهو. لقد وضعا بقية الحكومة تحت ضغط شديد، لأن حكومة نتنياهو الائتلافية تتمتع بأغلبية ضئيلة، وبدون دعمهما ستسقط. لذلك لا يمكن للحكومة أن تحيد كثيرًا عن مواقفها السياسية. بعد أسبوع من تصريحات سموتريتش، أفاد نتنياهو، أثناء إدلائه بشهادته أمام لجنة في الكنيست، أن إسرائيل تُدمّر المزيد والمزيد من المساكن حتى لا يجد السكان مكانًا يعودون إليه، وسيُضطرون إلى مغادرة غزة. الكاتب: النقاش مكبّل بكذبتين خطيرتين؛ الأولى أن هذه القصة بدأت بهجوم 'حماس' في 7 أكتوبر، والثانية اعتبار أي هجوم على معاملة إسرائيل للفلسطينيين معاداة للسامية في الآونة الأخيرة، في 7 تموز/ يوليو، أطلع وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، وسائل الإعلام الإسرائيلية على اقتراح بسجن الفلسطينيين في مخيم ضخم سيُبنى على أنقاض رفح، ريثما يرحلون إلى دول أخرى. وأكد أنه يجب النظر في تصريحات كهذه من رئيس الوزراء وكبار الوزراء في حكومته، إلى جانب حجم الخسائر البشرية الهائل والدمار المادي العشوائي الذي وقع بناء على أوامرهم. التفسير الأكثر منطقية للسياسة الإسرائيلية الحالية هو أن هدفها حثّ الفلسطينيين، كجماعة عرقية، على مغادرة قطاع غزة إلى دول أخرى عن طريق قصفهم وإطلاق النار عليهم وتجويعهم إذا ما بقوا. وقال إن من المرجح أن تعتبر المحكمة ذلك إبادة جماعية. أحد العوائق الرئيسية أمام التفكير الواضح بشأن غزة هو أن النقاش مكبّل بكذبتين خطيرتين. الأولى هي فكرة أن هذه القصة بدأت بهجوم 'حماس' في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023؛ والثانية هي أن أي هجوم على معاملة إسرائيل للفلسطينيين هو معاداة للسامية. بعد أسبوعين من الهجوم، أشار أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في مجلس الأمن إلى أن الهجوم 'لم يحدث من فراغ'. فقد جاء بعد 56 عامًا من معاناة الفلسطينيين في غزة من 'احتلال خانق.. أرضهم تهلك باستمرار بالمستوطنات، وتُبتلى بالعنف، ويُخنق اقتصادهم، ويُشرد شعبهم، وتُهدم منازلهم'. كان يُعبّر عن حقيقة بديهية، وهي أنه إذا استمر التعامل مع الناس بهذه الطريقة، فستكون الكراهية والعنف والإرهاب هو الرد في النهاية. اعترض السفير الإسرائيلي، وطالبَ باستقالته معتبرًا كلماته 'فرية دم' ومعاداة للسامية. وقد جسّد هذا الرد الكذبتين بوضوح. والمأساة أن ما تفعله إسرائيل في غزة لا يصبّ حتى في مصلحتها، مع أنه قد يكون في مصلحة نتنياهو الشخصية إذ ساعده ذلك على البقاء في السلطة. 'حماس'، من بين أمور أخرى، فكرة. إنها فكرة لن تزول، وسيتعين على إسرائيل التعايش معها، لأنها لن تنعم بالسلام أبدًا حتى تتعلم الاعتراف بالارتباط الطبيعي للفلسطينيين والإسرائيليين بأرضهم وتستوعبه. سيتطلب ذلك تنازلات كبيرة من إسرائيل، لكن البديل سيكون أسوأ.

ألمانيا تنهي تعليق طلبات لجوء فلسطينيي غزة... وترحيل لاجئين أفغان
ألمانيا تنهي تعليق طلبات لجوء فلسطينيي غزة... وترحيل لاجئين أفغان

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

ألمانيا تنهي تعليق طلبات لجوء فلسطينيي غزة... وترحيل لاجئين أفغان

يعاود المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا النظر في طلبات اللجوء المقدّمة من فلسطينيين من قطاع غزة ، وذلك بعد إلغاء قرار بتعليق البت فيها، بحسب رد وزارة الداخلية الألمانية على طلب إحاطة من النائبة البرلمانية عن حزب اليسار، كلارا بونغر. وبررت الوزارة استئناف البت بأن المكتب الاتحادي يتابع الوضع في قطاع غزة باستمرار، موضحة أن المكتب خلص إلى أن حالة عدم اليقين بشأن الأوضاع هناك لم تعد مسألة مؤقتة، وذلك في ضوء استمرار عمليات القتال وتوسعها لتشمل كامل أراضي القطاع، إضافة إلى فشل العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل. وقرر المكتب الاتحادي في يناير/ كانون الثاني 2024 وقف البت في طلبات اللجوء المقدّمة من فلسطينيين من قطاع غزة. واستند المكتب في ذلك إلى المادة 24 من قانون اللجوء، والتي تنص على إمكانية تأجيل البت في طلبات لجوء في "حالة عدم يقين مؤقتة". وبحسب رد وزارة الداخلية، لم يعد من المفترض أن هذه الحالة قائمة. وأدى قرار وقف البت في الطلبات إلى اتخاذ العديد من الإجراءات القضائية ضد المكتب الاتحادي. ووفقاً للوزارة، أصدرت محاكم ألمانية، خلال الفترة ما بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و30 إبريل/ نيسان 2025، أحكاماً في 238 دعوى بالتقاعس تقدّم بها أشخاص من قطاع غزة أو مناطق فلسطينية. وبحسب بيانات الوزارة، أدين المكتب الاتحادي بالتقاعس في 187 قضية، ما يلزمه بالبت في طلبات اللجوء المقدمة من هؤلاء الأشخاص. وفي ثلاث قضايا، حصل المدعون على حماية ثانوية بقرارات قضائية، بينما أوقفت محاكم الإجراءات في 48 قضية أخرى. ورحّبت النائبة بونغر بإعادة البت في طلبات اللجوء من غزة، ووصفتها بأنها "متأخرة للغاية". وقالت إن هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى الحماية، و"يجب السماح لهم بالوصول. نظراً للوضع المأساوي هناك، ما كان ينبغي تطبيق هذا الإيقاف أصلاً، والدعاوى القضائية العديدة المرفوعة ضد المكتب بتهمة التقاعس ساهمت إلى حد كبير في العدول عن هذا القرار". واستقبل وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبرينت، نظراءه من عدة دول في الاتحاد الأوروبي في منطقة "تسوغ شبيتسه" الجبلية بولاية بافاريا (جنوب)، أمس الجمعة، لإجراء محادثات حول الهجرة. وصباح الجمعة، قالت وزارة الداخلية الألمانية إن طائرة أقلعت من مطار لايبزغ، على متنها 81 أفغانياً لديهم سجل جنائي، في رحلة ستتجه مباشرة إلى أفغانستان. وأكد وزير الداخلية أن الأفغان الـ 81 المرحلين "مجرمون خطيرون وبالغو الخطورة". لجوء واغتراب التحديثات الحية الأمم المتحدة تنتقد خطة ألمانيا لترحيل لاجئين أفغان وأقلعت الطائرة التابعة للخطوط الجوية القطرية في الصباح بالتوقيت المحلي، بعد أن نُقِل ركاب إليها على متن عدة حافلات، وصعدت أول دفعة قبل الساعة السابعة صباحاً بقليل، وكان أحدهم على الأقل يرتدي سواراً في الكاحل. وكانت آخر مرة رُحِّل فيها أفغان من ألمانيا في نهاية أغسطس/آب من العام الماضي، بمساعدة قطر أيضاً، حيث أُعيد 28 رجلاً إلى أفغانستان من مطار لايبتسيج. وفي أعقاب حوادث عنف في مانهايم وزولينجن، أعلنت الحكومة الألمانية السابقة، في الصيف الماضي، أنها ستسمح بإعادة الترحيل إلى أفغانستان، وسيرت رحلة ترحيل واحدة فقط إلى هناك. وعقب الانتخابات العامة في ألمانيا التي جرت في نهاية فبراير/شباط الماضي، وقبل أسابيع قليلة من تولي الحكومة الجديدة مهامها، وعد رئيس ديوان المستشارية الحالي، تورستن فراي، بتسيير رحلات ترحيل منتظمة إلى أفغانستان وسورية، موضحاً أن ذلك سيتحقق "بشكل دائم وعلى نطاق أوسع بكثير". (أسوشييتد برس)

إيران وروسيا تفعّلان اتفاقية الشراكة بلا التزامات دفاعية متبادلة
إيران وروسيا تفعّلان اتفاقية الشراكة بلا التزامات دفاعية متبادلة

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

إيران وروسيا تفعّلان اتفاقية الشراكة بلا التزامات دفاعية متبادلة

أكّد السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي، أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين إيران وروسيا، مطلع العام الحالي، دخلت حيّز التنفيذ. وفي معرض إجابته عن سؤال حول تاريخ دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ وما إذا كانت طهران أبلغت موسكو باستكمال الإجراءات الحكومية الداخلية، أوضح كاظمي في تصريحات لوكالة نوفوستي الحكومية الروسية، اليوم الجمعة، أن المعاهدة "أصبحت واجبة النفاذ". وذكّر جلالي بأن الاتفاقية جرى التصديق عليها من مجلسَي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) الروسيَين، كما وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 ، على قانون التصديق. وفي إيران أيضاً صدق البرلمان على الاتفاقية، وصادق عليها مجلس صيانة الدستور، وأصدرها الرئيس مسعود بزشكيان في شكل قانون، وأضاف: "لذلك اكتسبت طابع القانون في البلدين، وبالطبع، دخلت حيّز التنفيذ". وتنصّ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران على دخولها حيّز التنفيذ بعد انقضاء 30 يوماً على الإخطار الكتابي بإكمال الطرفين الإجراءات الحكومية الداخلية اللازمة، ولما كان رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أحال مرسوم الاتفاقية إلى بزشكيان للموافقة عليها منتصف يونيو/حزيران الماضي، فهذا يعني أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ بحلول اليوم. واللافت أن إكمال إيران إجراءات التصديق على الاتفاقية، البالغة مدتها 20 عاماً وتجدد تلقائياً لفترات أخرى مدتها خمس سنوات، تزامن مع شنّ إسرائيل هجوماً مباغتاً على المواقع النووية الإيرانية، لكنّ روسيا لا تتحمل بموجب هذه الاتفاقية أي التزامات دفاعية تجاه إيران، وذلك على عكس الحالة مع كوريا الشمالية التي تقتضي الاتفاقية المماثلة الموقعة معها دفاعاً مشتركاً. أخبار التحديثات الحية بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية شراكة استراتيجية بين إيران وروسيا وينص البند 3 من المادة الثالثة من الاتفاقية الروسية الإيرانية على أنه: في حال تعرض أي من طرفيها لعدوان، فعلى الطرف الثاني "ألّا يقدم للمعتدي أي عون عسكري أو غيره من العون من شأنه الإسهام في مواصلة العدوان، بل يسهم في تسوية الخلافات الناشبة في إطار ميثاق الأمم المتحدة وغيره من أحكام القانون الدولي". وكان الرئيسان بوتين وبزشكيان وقعا اتفاقية شراكة استراتيجية بين بلديهما في ختام محادثات بين الطرفَين في موسكو، في يناير/كانون الثاني الماضي، وتنص الاتفاقية، المكونة من 47 مادة، على تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن. وحلت هذه الاتفاقية محل اتفاقية "أساسيات العلاقات ومبادئ التعاون" بين موسكو وطهران المؤرخة بعام 2001. ورغم أن موسكو وطهران بدأتا إعداد اتفاقية الشراكة منذ عام 2022، إلّا أنه جرى تأجيل التوقيع عليها مراراً، إلى أن جرى التوصل إلى الصيغة النهائية لها في العام الماضي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store