
آسيا تترنح تحت وطأة التعريفات الأمريكية: من الرابح ومن الخاسر؟
طوكيو، الحليف القديم لواشنطن، كانت تبذل جهوداً مضنية لتفادي هذه النتيجة، إذ تسعى منذ فترة للحصول على تنازلات لصالح قطاع السيارات المتعثر، بينما ترفض في الوقت ذاته فتح أسواقها أمام الأرز الأمريكي.
ترامب يفرض رسوماً جمركية إضافية.. فما الدول المتأثرة وكيف ردت؟
وشهدت العلاقة جولات عديدة من التفاوض، حيث زار وزير التجارة الياباني واشنطن ما لا يقل عن سبع مرات منذ أبريل/نيسان، حين أعلن ترامب عن فرض تعريفات واسعة على حلفاء وخصوم على حد سواء.
لكن تلك الزيارات لم تثمر كثيراً، وبدأت واشنطن تصف طوكيو من "شريك صعب" إلى "شريك مدلل" مع استمرار جمود المحادثات.
وفي هذا الأسبوع، أدرجت اليابان ضمن قائمة تضم 23 دولة تلقت خطابات خاصة بالتعريفة الجمركية – 14 منها تقع في آسيا، مثل كوريا الجنوبية وسريلانكا، وهي دول تعتمد على التصدير وصناعات التصنيع.
ويوم الجمعة، أعلن ترامب فرض تعريفة بنسبة 35 في المئة على السلع المستوردة من كندا.
وقال الرئيس الأمريكي إنه يعتزم رفع التعريفات الجمركية الموحدة من 10 في المئة إلى ما يصل إلى 20 في المئة على معظم الشركاء التجاريين، مقللاً من شأن المخاوف بشأن تأثير ذلك على التضخم.
وأضاف في حديثه لقناة إن بي سي: "سنقول ببساطة إن جميع الدول المتبقية ستدفع، سواء كانت النسبة 20 في المئة أو 15 في المئة، سنتعامل مع التفاصيل لاحقًا".
وبينما أُمهلت الدول حتى الأول من أغسطس/آب للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، فإن كثيرًا منها قد يتساءل عن جدوى التفاوض، في ظل استمرار فرض رسوم على اليابان، رغم أنها حليف ثابت وتبدي استعدادًا علنيًا لإبرام اتفاق.
ترامب أعاد ضبط "ساعة الرسوم الجمركية" مرة أخرى. فمَن الرابح ومَن الخاسر؟
الرابح: المفاوضون الذين يحتاجون إلى وقت أطول
بمنظور ما، استفادت جميع الدول التي استهدفها ترامب في وقت سابق هذا العام من تمديد المهلة، حيث أصبح لديها ثلاثة أسابيع إضافية للتفاوض.
وقال سوان تيك كين، رئيس قسم الأبحاث في بنك يونايتد أوفرسيز، إن "الرؤية المتفائلة تقول إن التمديد يخلق ضغطاً إضافياً لاستئناف المحادثات قبل مهلة الأول من أغسطس آب".
وتسعى اقتصادات ناشئة مثل تايلاند وماليزيا، اللتان تلقتا خطابات تعريفات جمركية هذا الأسبوع، لإيجاد مخرج. فهي عالقة كذلك وسط توترات بين واشنطن وبكين، حيث تستهدف الولايات المتحدة الصادرات الصينية التي يُعاد توجيهها عبر دول وسيطة، وتُعرف باسم "البضائع العابرة".
ويرى اقتصاديون تحدثوا إلى بي بي سي أن تمديدات أخرى مرجحة، نظراً لتعقيد الاتفاقيات التجارية.
وقال أليكس كابري، المحاضر في جامعة سنغافورة الوطنية، إن تنفيذ مطالب ترامب – التي لا تزال غير واضحة بالكامل – يتطلب وقتاً.
على سبيل المثال، فُرضت تعريفات على "البضائع العابرة" ضمن اتفاقية التجارة مع فيتنام، لكن ليس من الواضح ما إذا كان ذلك يشمل المنتجات النهائية فقط أم جميع المكونات المستوردة.
وفي الحالتين، يتطلب الأمر تكنولوجيا متقدمة لتعقّب سلاسل التوريد، بحسب كابري.
وأضاف: "ستكون عملية طويلة ومعقدة وتدريجية، تشمل أطرافاً ثالثة وشركات تكنولوجيا وشركات لوجستية".
الخاسر: المصنعون الآسيويون
من الواضح أن التعريفات باتت واقعاً مستمراً، ما يجعل التجارة العالمية في موقف الخاسر.
وقال كابري إن شركات من الولايات المتحدة وأوروبا والصين ذات أنشطة عالمية ستبقى عرضة للمخاطر، مما يضر بالمُصدّرين وكذلك المستوردين والمستهلكين الأمريكيين.
لكن كابري حذر من إجراء تقييمات قائمة على الربح والخسارة، نظراً للتشابك العميق في التجارة بين الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض الدول قد تتضرر أكثر من غيرها.
كانت فيتنام أول دولة آسيوية تبرم اتفاقاً، لكنها تملك نفوذاً محدوداً أمام واشنطن، وتواجه حالياً تعريفات قد تصل إلى 40 في المئة. الأمر نفسه ينطبق على كمبوديا، الدولة الفقيرة التي تعتمد بشدة على التصدير، والتي تتفاوض الآن في ظل تهديد بفرض رسوم تصل إلى 35 في المئة.
أما كوريا الجنوبية واليابان، فقد تكونان في موقع أفضل للمناورة، نظراً لما تملكانه من قوة اقتصادية ونفوذ سياسي.
ولم تتلق الهند، التي تمتلك أوراق ضغط هي الأخرى، خطاب تعريفات حتى الآن. ورغم أن التوصل لاتفاق يبدو وشيكاً، فإن مفاوضاته تعثرت بسبب نقاط خلاف أساسية، من بينها فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية الأمريكية وقواعد الاستيراد المحلية.
الخاسر: التحالف الأمريكي – الياباني
قال الخبير الاقتصادي جاسبر كول: "رغم العلاقات الاقتصادية والعسكرية الوثيقة بين الولايات المتحدة واليابان، فإن طوكيو تُعامل مثل بقية الشركاء التجاريين الآسيويين".
وأشار إلى أن ذلك قد يُغيّر طبيعة العلاقة، خاصة وأن طوكيو، التي تمتلك احتياطات مالية ضخمة، تبدو مستعدة للعب الطويل.
وأضاف كول: "اليابان أثبتت أنها مفاوض صلب، وأعتقد أن ذلك أغضب ترامب".
ورغم وجود نقص في الأرز أدى إلى ارتفاع أسعاره، رفض رئيس الوزراء إيشيبا شراء الأرز الأمريكي، مفضلاً حماية المزارعين المحليين. كما رفضت حكومته الرضوخ لمطالب أمريكية بزيادة الإنفاق العسكري.
وقال كول: "هم مستعدون جيداً"، مشيراً إلى أن طوكيو أعلنت حالة طوارئ اقتصادية في اليوم التالي لإعلان ترامب عن الرسوم، وأنشأت مئات مراكز الاستشارات لمساعدة الشركات المتأثرة.
وأضاف: "اليابان ستسعى إلى اتفاق يتمتع بالمصداقية"، مشيراً إلى عدم وجود ضمان بأن ترامب لن يغير رأيه مجدداً.
ومع اقتراب انتخابات مجلس الشيوخ الياباني هذا الشهر، استبعد كول التوصل إلى اتفاق بحلول أغسطس/آب.
وقال: "لا أحد يشعر بالرضا. لكن هل سيؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي في اليابان؟ لا".
الرابح: واشنطن أم بكين؟
لطالما اعتُبرت آسيا ساحة مواجهة رئيسية بين واشنطن وبكين، ويرى محللون أن ترامب قد يخسر بعض النفوذ بسبب التعريفات.
ويقول بعض المراقبين إن ترامب قد يكون بالغ في رهانه من خلال تمديد المهلة مجدداً، بالنظر إلى تعقيد الاتفاقيات.
وقال ديفيد جاكس، أستاذ الاقتصاد في جامعة سنغافورة: "تراجع الموقف التفاوضي الأمريكي بعد أن تبيّن أن أوراقهم ليست بالقوة التي كانوا يأملون بها".
وقد تأتي الاتفاقيات التي تُبرم على حساب إعادة تشكيل العلاقات التجارية التي شُيّدت على مدى عقود.
ووصف كابري قرار ترامب نشر الخطابات عبر الإنترنت بدلاً من القنوات الدبلوماسية التقليدية، بأنه "مسرح سياسي" قد يرتد عليه سلباً.
وأضاف أن الارتباك الناجم عن هذا النهج "هدية كبيرة" للصين، التي تسعى إلى تقديم نفسها كخيار مستقر في مقابل تقلبات ترامب.
لكن ليس من السهل الاستغناء عن الأسواق الأمريكية، كما أن للصين توترات قائمة مع عدد من الدول في هذه المنطقة، مثل فيتنام واليابان.
وتجري بكين مفاوضاتها التجارية الخاصة مع واشنطن، وتمتلك مهلة أطول للتوصل إلى اتفاق شامل – حتى 13 أغسطس/آب.
ومن الصعب تحديد من سيربح المزيد من الأصدقاء في هذه الحرب التجارية، لكن السباق لا يزال قائماً.
وقال جاكس: "كلا الطرفين يدركان الحاجة إلى الانفصال، لكن الوصول إلى ذلك سيكون صعباً، وسيتطلب إجراءات قد تمتد لسنوات، إن لم تكن لعقود".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 8 دقائق
- العربي الجديد
رئيسة المكسيك تسعى لتوسيع التجارة مع كندا في ظل حرب الرسوم الجمركية
قالت رئيسة المكسيك، كلوديا شينباوم، اليوم الأربعاء، إن بلادها تسعى إلى تعزيز وتوسيع نطاق التجارة الثنائية مع كندا، في مواجهة التصعيد الجمركي الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يُهدد اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (USMCA). ورغم سريان الاتفاقية التجارية الموقعة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فرض ترامب رسوماً جمركية إضافية على واردات البلدين. كما أعرب عن رغبته في إعادة التفاوض على الاتفاقية التي تربط الدول الثلاث. وفي السياق، رفعت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية على واردات كندية منفصلة من 25% إلى 35% بدءاً من الأول من أغسطس/آب، فيما وافق ترامب على تأجيل فرض رسوم عامة بنسبة 30% على السلع المكسيكية لمدة 90 يوماً حتى أكتوبر/تشرين الأول. ويعاني البلدان من آثار الرسوم الأميركية على صادرات الألمنيوم والصلب والسيارات، ضمن ما تُوصف بأنها "حرب رسوم عالمية". واستقبلت شينباوم في العاصمة المكسيكية وفداً كندياً رفيعاً ضمّ وزير المالية فرنسوا فيليب شامبانيه ووزيرة الخارجية أنيتا أناند، لمناقشة استراتيجية مشتركة لمواجهة التصعيد الأميركي. وقالت شينباوم في تصريح عقب اللقاء: "لدينا المعاهدة بالطبع، لكننا نرغب أيضاً في أن تواصل الشركات الكندية الاستثمار في المكسيك، والعمل على توسيع التجارة المباشرة بين بلدينا". وكانت الحكومة الكندية قد أعلنت في وقت سابق أن محادثاتها مع المكسيك ستركّز على تعزيز النمو الاقتصادي والأمن و التبادل التجاري ، كما تأتي هذه الاجتماعات ضمن التحضيرات لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، لم يُحدَّد موعدها بعد. ويُبرّر ترامب سياساته الجمركية باتهامه كلاً من المكسيك وكندا بالتقاعس عن وقف تدفق المهاجرين غير النظاميين ومخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة عبر حدودهما. تأتي هذه التوترات التجارية الجديدة في وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين دول أميركا الشمالية اختباراً حقيقياً لاستدامة اتفاقية التجارة الحرة التي جرى تحديثها عام 2020 لتصبح "اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا" (USMCA)، خلفاً لاتفاقية "نافتا" القديمة. وقد وعدت الاتفاقية الجديدة بمزيد من الحماية للعمال والبيئة وقواعد أشد صرامة في قطاع السيارات. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يمدّد مهلة الرسوم الجمركية مع المكسيك 90 يوماً... هدنة مشروطة؟ لكنّ النهج الحمائي الذي يتبعه ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، خاصةً في ما يتعلق بالتجارة والهجرة، يهدد بزعزعة أسس هذا الاتفاق مجدداً، ويدفع الشريكين المكسيكي والكندي إلى البحث عن بدائل ثنائية لتعزيز التعاون بعيداً عن الضغوط الأميركية. ومنذ بداية ولايته الحالية، صعّد ترامب من لهجته تجاه دول الجوار، ملوّحاً بالرسوم العقابية كأداة للضغط في ملفات تتجاوز الاقتصاد، إلى قضايا أمنية وهجرة وصحة عامة، مثل تفشي المخدرات. في ظل التصعيد المتزايد من واشنطن، تجد كلّ من المكسيك وكندا نفسها مضطرة لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي لمواجهة التحديات المشتركة. وبينما تسعى المكسيك إلى تنويع شراكاتها وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، تحاول كندا تثبيت أقدامها في سوق أميركا اللاتينية. ومع عدم استبعاد المزيد من الإجراءات الجمركية الأميركية في الأشهر المقبلة، تبقى الآمال معلقة على قدرة أوتاوا ومكسيكو على بناء جبهة موحدة تحفظ مصالحهما وتدافع عن مبادئ التجارة العادلة في القارة الشمالية. (فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
ترامب يعيد خلط أوراق أولمبياد 2028 بتشكيل فريق إشراف خاص
قرّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب (79 عاماً)، في خطوة مفاجئة، خلط أوراق دورة الألعاب الأولمبية لعام 2028، المقررة إقامتها في مدينة لوس أنجليس، إذ لم يكتفِ بالتعبير عن اهتمامه بالحدث، بل أعلن عزمه على التأثير في تنظيم هذه المنافسة العالمية، من خلال تشكيل مجموعة عمل خاصة للإشراف على الأولمبياد، سيتولى رئاستها شخصياً، حتى وإن أدى ذلك إلى توتر علاقاته مع السلطات الديمقراطية في كاليفورنيا. وذكرت صحيفة ليكيب الفرنسية، اليوم الأربعاء، أن ترامب يسعى للعب دور محوري في تنظيم أولمبياد لوس أنجليس 2028، من خلال لجنة جديدة سيتولى قيادتها مباشرة، وقد تعهّد الرئيس الأميركي بتسخير جميع موارد الحكومة الفيدرالية لضمان أن تكون الألعاب الأولمبية والبارالمبية آمنة وخالية من العقبات وناجحة على نحو تاريخي، وستضم هذه اللجنة نخبة من الوزراء والمستشارين المقربين من ترامب، إلى جانب نائبه، جي دي فانس (41 عاماً). وخلال الإعلان عن تشكيل اللجنة، أطلق ترامب تصريحات مثيرة للجدل قائلاً: "سنفعل كل ما يلزم لضمان أمن هذه الألعاب، بما في ذلك استخدام الحرس الوطني والجيش النظامي"، واسترجع المتابعون قرار ترامب النادر في يونيو/ حزيران الماضي، حين أمر بنشر الحرس الوطني في كاليفورنيا، رغم رفض حاكم الولاية الديمقراطي، غافين نيوسوم، وجاء ذلك عقب احتجاجات اندلعت على خلفية اعتقالات بحق مهاجرين نفذتها الشرطة الفيدرالية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول حدود السلطة الفيدرالية في الشأن المحلي. وأضافت الصحيفة أن التوتر السياسي بين ترامب وسلطات كاليفورنيا الديمقراطية، خاصة الحاكم غافين نيوسوم، وعمدة لوس أنجليس كارين باس، يثير المخاوف من أن تتحوّل تحضيرات أولمبياد 2028 إلى ساحة صراع حزبي، ورغم هذه الخلفية المتوترة، فإنه لم يظهر أي خلاف علني يوم أمس الثلاثاء بين ترامب ورئيس لجنة تنظيم الألعاب، كايسي واسرمان، خلال لقائهما في البيت الأبيض، وتجدر الإشارة إلى أن لوس أنجليس حصلت على شرف استضافة الأولمبياد والبارالمبياد لعام 2028 في سبتمبر/ أيلول 2017، خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب. رياضات أخرى التحديثات الحية "ألعاب المنشطات".. سوبرليغ الألعاب الأولمبية واللجان تُهدد المشاركين وقام رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد 2028، كيسي واسرمان، بإهداء ترامب نسخاً من ميداليات الذهب والفضة والبرونز التي مُنحت للرياضيين خلال دورة لوس أنجليس 1984، في إشارة إلى عراقة المدينة الأولمبية، كما أعلن رئيس لجنة تنظيم الألعاب أن الشعلة الأولمبية ستمر عبر الولايات الأميركية الخمسين، ووجّه دعوة صريحة إلى ترامب ليكون أحد حامليها. يُذكر أن ترامب، عندما كان رجل أعمال، سبق أن حمل الشعلة الأولمبية في شوارع نيويورك، قبل أولمبياد أثينا 2004.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
جوزيف ستيغليتز... اقتصادي منحاز ضد "تنمّر" ترامب
لا يخفي الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيغليتز، البالغ من العمر 82 عاماً، والحائز على جائزة نوبل في 2001، دعمه للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي وصف تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه "ابتزاز غير مقبول"، بعدما توعد البرازيل برسوم جمركية بنسبة 50% إذا لم تكف عن ملاحقة الرئيس السابق جايير بولسونارو قضائياً والذي يحاكم بتهمة التخطيط لانقلاب. واعتبر أن الرئيس البرازيلي "دافع عن سيادة بلاده، ليس فقط في مجال التجارة، لكن أيضاً في تنظيم منصات التكنولوجيا التي تسيطر عليها الولايات المتحدة . تستخدم الأوليغارشية التكنولوجية الأميركية أموالها ونفوذها في مختلف أنحاء العالم في محاولة لإجبار الدول على منحها حرية التصرف في تنفيذ استراتيجياتها المصممة لتعظيم الأرباح". يعبر الاقتصادي، الذي خبر جيداً المخاطر التي ينطوي عليها التحالف بين السلطة والرأسمال، في مقال بعنوان "موقف البرازيل الشجاع ضد ترامب"، عن الأمل في أن "يُظهر قادة الدول الأخرى، الكبيرة والصغيرة، شجاعة مماثلة في مواجهة التنمر من جانب أقوى دولة في العالم". رأي جوزيف ستيغليتز، الذي اعتبرته مجلة تايم ضمن 100 شخصية أكثر تأثيراً في العالم، مطلوب من قبل من يسعون إلى فهم خلفيات التحولات التي يعرفها العالم وحدودها وطرق التعاطي معها. في فترة استسلم فيها الكثير من الاقتصاديين لحالة اللايقين التي يذكيها سلوك الرئيس ترامب، يركن مؤلف "انتصار الجشع" أو "ثمن اللامساواة" و"طرق الحرية" بالكثير من اليقين للفكر الذي صنع سمعته وشهرته عبر العالم. ساهم ضمن المنظور الكينزي في تطوير نظريات جديدة. فقد كان له دور وازن في بلورة اقتصاد المعلومات، حيث يُحسب له لدى الاقتصاديين أنه ركّز على عدم تكافؤ المتعاملين في الأسواق بسبب عدم توفرهم على المعلومات نفسها. في الوقت نفسه، ركّز أبحاثه على إعادة توزيع الإيرادات، والتغير المناخي، وحوكمة الشركات، والسياسات العمومية، والاقتصاد الكلي، والعولمة. يذهب الاقتصادي، الذي كان عضواً ثم رئيساً لمجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد الرئيس بيل كلينتون بين 1993 و1997، قبل أن يلتحق بالبنك الدولي، إلى أن ترامب "يحب التعرفات الجمركية ويمقت سيادة القانون"، مشيراً إلى أنه انتهك الاتفاقية التجارية التي أبرمها مع المكسيك وكندا في ولايته الأولى، وهو اليوم يهدد البرازيل "متجاهلاً الدستور الأميركي الذي يمنح الكونغرس السلطة الوحيدة لفرض الضرائب، والتعرفات الجمركية هي مجرد ضريبة معينة على الواردات من السلع والخدمات". اقتصاد دولي التحديثات الحية إدارة ترامب تتراجع عن ربط تمويل الولايات بموقفها من مقاطعة إسرائيل يذكر ستيغليتز أنه "لم يسبق للكونغرس سنّ رسوم جمركية كأداة لحمل البلدان على الانصياع لإملاءات الرئيس السياسية، ولم يستطع ترامب الاستشهاد بأي قانون يمنحه حتى ورقة التوت التي قد تغطي سوءة أفعاله غير الدستورية". لقد سبق له التنبيه إلى أن الرئيس دونالد ترامب، الذي يفكر بمنطق الصفقات، يحمل تصوراً تبسيطياً للتجارة الدولية، عندما يحاول الترويج لفكرة مفادها أن الولايات المتحدة تعاني عجزاً تجارياً يربح منه الآخرون. ولم يكف أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا، الذي يُصنّف ضمن "الكينزيين الجدد"، عن التنبيه إلى مخاطر الركون والاستسلام لليد الخفية للسوق، غير أنه يدق، اليوم، ناقوس الخطر بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لتفادي مخاطر الأفكار التي يدافع عنها مؤيدوه. فالكثيرون منهم يرون أنّ "الديمقراطية وسيادة القانون أقل أهمية من الحفاظ على أسلوب الحياة الأميركي". يُلحّ على كبح قوى السوق عبر القيود القانونية والتنظيمية. تلك قيود يسعى من يهمسون في أذن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تقليصها. ذلك ما تسعى إليه شركات التكنولوجيا الحديثة التي يمكن أن يفضي احتكارها للمعلومة إلى تقويض أسس المجتمع الديمقراطي. ويأتي تشديد ستيغليتز على ضرورة عدم التخفف من القوانين التي تضبط الأسواق، في ظل سعي المليارديرات، الذين يمثلون قطاع التكنولوجيا الحديثة، إلى تكريس تعاليم الاقتصادي ميلتون فريدمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لسنة 1976، والذي كان يُلحّ على تغليب الحرية الاقتصادية على الحرية السياسية. فالديمقراطية المفرطة تفضي في تصوره إلى تراجع الفاعلية وتباطؤ الإنتاج. هذا ما يدفعهم إلى السعي إلى بناء عالم لا يبقى فيه مسار القرار رهناً بالانتخابات الديمقراطية.