
آسيا تترنح تحت وطأة التعريفات الأمريكية: من الرابح ومن الخاسر؟
طوكيو، الحليف القديم لواشنطن، كانت تبذل جهوداً مضنية لتفادي هذه النتيجة، إذ تسعى منذ فترة للحصول على تنازلات لصالح قطاع السيارات المتعثر، بينما ترفض في الوقت ذاته فتح أسواقها أمام الأرز الأمريكي.
ترامب يفرض رسوماً جمركية إضافية.. فما الدول المتأثرة وكيف ردت؟
وشهدت العلاقة جولات عديدة من التفاوض، حيث زار وزير التجارة الياباني واشنطن ما لا يقل عن سبع مرات منذ أبريل/نيسان، حين أعلن ترامب عن فرض تعريفات واسعة على حلفاء وخصوم على حد سواء.
لكن تلك الزيارات لم تثمر كثيراً، وبدأت واشنطن تصف طوكيو من "شريك صعب" إلى "شريك مدلل" مع استمرار جمود المحادثات.
وفي هذا الأسبوع، أدرجت اليابان ضمن قائمة تضم 23 دولة تلقت خطابات خاصة بالتعريفة الجمركية – 14 منها تقع في آسيا، مثل كوريا الجنوبية وسريلانكا، وهي دول تعتمد على التصدير وصناعات التصنيع.
ويوم الجمعة، أعلن ترامب فرض تعريفة بنسبة 35 في المئة على السلع المستوردة من كندا.
وقال الرئيس الأمريكي إنه يعتزم رفع التعريفات الجمركية الموحدة من 10 في المئة إلى ما يصل إلى 20 في المئة على معظم الشركاء التجاريين، مقللاً من شأن المخاوف بشأن تأثير ذلك على التضخم.
وأضاف في حديثه لقناة إن بي سي: "سنقول ببساطة إن جميع الدول المتبقية ستدفع، سواء كانت النسبة 20 في المئة أو 15 في المئة، سنتعامل مع التفاصيل لاحقًا".
وبينما أُمهلت الدول حتى الأول من أغسطس/آب للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، فإن كثيرًا منها قد يتساءل عن جدوى التفاوض، في ظل استمرار فرض رسوم على اليابان، رغم أنها حليف ثابت وتبدي استعدادًا علنيًا لإبرام اتفاق.
ترامب أعاد ضبط "ساعة الرسوم الجمركية" مرة أخرى. فمَن الرابح ومَن الخاسر؟
الرابح: المفاوضون الذين يحتاجون إلى وقت أطول
بمنظور ما، استفادت جميع الدول التي استهدفها ترامب في وقت سابق هذا العام من تمديد المهلة، حيث أصبح لديها ثلاثة أسابيع إضافية للتفاوض.
وقال سوان تيك كين، رئيس قسم الأبحاث في بنك يونايتد أوفرسيز، إن "الرؤية المتفائلة تقول إن التمديد يخلق ضغطاً إضافياً لاستئناف المحادثات قبل مهلة الأول من أغسطس آب".
وتسعى اقتصادات ناشئة مثل تايلاند وماليزيا، اللتان تلقتا خطابات تعريفات جمركية هذا الأسبوع، لإيجاد مخرج. فهي عالقة كذلك وسط توترات بين واشنطن وبكين، حيث تستهدف الولايات المتحدة الصادرات الصينية التي يُعاد توجيهها عبر دول وسيطة، وتُعرف باسم "البضائع العابرة".
ويرى اقتصاديون تحدثوا إلى بي بي سي أن تمديدات أخرى مرجحة، نظراً لتعقيد الاتفاقيات التجارية.
وقال أليكس كابري، المحاضر في جامعة سنغافورة الوطنية، إن تنفيذ مطالب ترامب – التي لا تزال غير واضحة بالكامل – يتطلب وقتاً.
على سبيل المثال، فُرضت تعريفات على "البضائع العابرة" ضمن اتفاقية التجارة مع فيتنام، لكن ليس من الواضح ما إذا كان ذلك يشمل المنتجات النهائية فقط أم جميع المكونات المستوردة.
وفي الحالتين، يتطلب الأمر تكنولوجيا متقدمة لتعقّب سلاسل التوريد، بحسب كابري.
وأضاف: "ستكون عملية طويلة ومعقدة وتدريجية، تشمل أطرافاً ثالثة وشركات تكنولوجيا وشركات لوجستية".
الخاسر: المصنعون الآسيويون
من الواضح أن التعريفات باتت واقعاً مستمراً، ما يجعل التجارة العالمية في موقف الخاسر.
وقال كابري إن شركات من الولايات المتحدة وأوروبا والصين ذات أنشطة عالمية ستبقى عرضة للمخاطر، مما يضر بالمُصدّرين وكذلك المستوردين والمستهلكين الأمريكيين.
لكن كابري حذر من إجراء تقييمات قائمة على الربح والخسارة، نظراً للتشابك العميق في التجارة بين الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض الدول قد تتضرر أكثر من غيرها.
كانت فيتنام أول دولة آسيوية تبرم اتفاقاً، لكنها تملك نفوذاً محدوداً أمام واشنطن، وتواجه حالياً تعريفات قد تصل إلى 40 في المئة. الأمر نفسه ينطبق على كمبوديا، الدولة الفقيرة التي تعتمد بشدة على التصدير، والتي تتفاوض الآن في ظل تهديد بفرض رسوم تصل إلى 35 في المئة.
أما كوريا الجنوبية واليابان، فقد تكونان في موقع أفضل للمناورة، نظراً لما تملكانه من قوة اقتصادية ونفوذ سياسي.
ولم تتلق الهند، التي تمتلك أوراق ضغط هي الأخرى، خطاب تعريفات حتى الآن. ورغم أن التوصل لاتفاق يبدو وشيكاً، فإن مفاوضاته تعثرت بسبب نقاط خلاف أساسية، من بينها فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية الأمريكية وقواعد الاستيراد المحلية.
الخاسر: التحالف الأمريكي – الياباني
قال الخبير الاقتصادي جاسبر كول: "رغم العلاقات الاقتصادية والعسكرية الوثيقة بين الولايات المتحدة واليابان، فإن طوكيو تُعامل مثل بقية الشركاء التجاريين الآسيويين".
وأشار إلى أن ذلك قد يُغيّر طبيعة العلاقة، خاصة وأن طوكيو، التي تمتلك احتياطات مالية ضخمة، تبدو مستعدة للعب الطويل.
وأضاف كول: "اليابان أثبتت أنها مفاوض صلب، وأعتقد أن ذلك أغضب ترامب".
ورغم وجود نقص في الأرز أدى إلى ارتفاع أسعاره، رفض رئيس الوزراء إيشيبا شراء الأرز الأمريكي، مفضلاً حماية المزارعين المحليين. كما رفضت حكومته الرضوخ لمطالب أمريكية بزيادة الإنفاق العسكري.
وقال كول: "هم مستعدون جيداً"، مشيراً إلى أن طوكيو أعلنت حالة طوارئ اقتصادية في اليوم التالي لإعلان ترامب عن الرسوم، وأنشأت مئات مراكز الاستشارات لمساعدة الشركات المتأثرة.
وأضاف: "اليابان ستسعى إلى اتفاق يتمتع بالمصداقية"، مشيراً إلى عدم وجود ضمان بأن ترامب لن يغير رأيه مجدداً.
ومع اقتراب انتخابات مجلس الشيوخ الياباني هذا الشهر، استبعد كول التوصل إلى اتفاق بحلول أغسطس/آب.
وقال: "لا أحد يشعر بالرضا. لكن هل سيؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي في اليابان؟ لا".
الرابح: واشنطن أم بكين؟
لطالما اعتُبرت آسيا ساحة مواجهة رئيسية بين واشنطن وبكين، ويرى محللون أن ترامب قد يخسر بعض النفوذ بسبب التعريفات.
ويقول بعض المراقبين إن ترامب قد يكون بالغ في رهانه من خلال تمديد المهلة مجدداً، بالنظر إلى تعقيد الاتفاقيات.
وقال ديفيد جاكس، أستاذ الاقتصاد في جامعة سنغافورة: "تراجع الموقف التفاوضي الأمريكي بعد أن تبيّن أن أوراقهم ليست بالقوة التي كانوا يأملون بها".
وقد تأتي الاتفاقيات التي تُبرم على حساب إعادة تشكيل العلاقات التجارية التي شُيّدت على مدى عقود.
ووصف كابري قرار ترامب نشر الخطابات عبر الإنترنت بدلاً من القنوات الدبلوماسية التقليدية، بأنه "مسرح سياسي" قد يرتد عليه سلباً.
وأضاف أن الارتباك الناجم عن هذا النهج "هدية كبيرة" للصين، التي تسعى إلى تقديم نفسها كخيار مستقر في مقابل تقلبات ترامب.
لكن ليس من السهل الاستغناء عن الأسواق الأمريكية، كما أن للصين توترات قائمة مع عدد من الدول في هذه المنطقة، مثل فيتنام واليابان.
وتجري بكين مفاوضاتها التجارية الخاصة مع واشنطن، وتمتلك مهلة أطول للتوصل إلى اتفاق شامل – حتى 13 أغسطس/آب.
ومن الصعب تحديد من سيربح المزيد من الأصدقاء في هذه الحرب التجارية، لكن السباق لا يزال قائماً.
وقال جاكس: "كلا الطرفين يدركان الحاجة إلى الانفصال، لكن الوصول إلى ذلك سيكون صعباً، وسيتطلب إجراءات قد تمتد لسنوات، إن لم تكن لعقود".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
ترامب يعلن إبرام "أكبر صفقة تجارية في التاريخ" مع اليابان
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة وافقت على إبرام صفقة تجارية "ضخمة" مع اليابان، التي تُعد أكبر شركائها التجاريين. وقال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن الصفقة ستؤدي إلى استثمار اليابان 550 مليار دولار في الولايات المتحدة، ودفع تعريفة جمركية متبادلة بنسبة 15 في المئة. وأضاف أن اليابان ستفتح اقتصادها أمام السلع الأمريكية، بما في ذلك السيارات والشاحنات والأرز وبعض المنتجات الزراعية الأخرى. وقال كبير مفاوضي التجارة في اليابان، ريوسي أكازاوا، في منشور على منصة فيسبوك، إنه زار البيت الأبيض، مستخدماً وسم "المهمة أُنجزت" ضمن منشوره، من جهتها تواصلت بي بي سي مع السفارة اليابانية في واشنطن بغية معرفة تفاصيل الصفقة. وقال ترامب خلال مراسم أقيمت في البيت الأبيض مساء الثلاثاء: "وقّعت لتوي على أكبر صفقة تجارية في التاريخ، وربما تكون أكبر صفقة على الإطلاق، مع اليابان." وأضاف: "شارك كبار مسؤوليهم هنا، وعملنا على هذه الصفقة بجد واجتهاد. إنها صفقة ممتازة للجميع. أقول دائماً: يجب أن تكون الصفقة جيدة للجميع، إنها صفقة عظيمة." ولفت ترامب أيضاً إلى أنه سيجري الإعلان عن صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، مشيراً إلى أن المزيد من الصفقات ستُعلن قريباً. كما تواصلت بي بي سي مع البيت الأبيض لمعرفة تفاصيل الصفقة التجارية. ورحب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا بإعلان ترامب وأكد أنه توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. وقال إيشيبا خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء "إن معدل الرسوم الجمركية اليابانية، الذي كان من المقرر أن يرتفع إلى 25% على الرسوم الجمركية المتبادلة، تم الإبقاء عليه عند 15%. وهذا هو أدنى رقم حتى الآن بين الدول التي لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة". وأكد إيشيبا أيضاً أنه سيتم تخفيض رسوم الاستيراد الأمريكية على السيارات اليابانية إلى 15% من 25%. وأضاف أن "الاتفاقية لا تتضمن أي تخفيض في الرسوم الجمركية من الجانب الياباني، بما في ذلك على المنتجات الزراعية". وكانت خطة التعريفات الجمركية لشهر أبريل، التي شملت فرض رسوم على العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين في شتى أرجاء العالم، قد عُلّقت لمدة 90 يوماً على إثر اضطرابات شهدتها الأسواق العالمية، الأمر الذي أتاح لممثلي التجارة في طوكيو فرصة للتفاوض مع نظرائهم في واشنطن. وسجل مؤشر الأسهم الياباني، نيكي 225، ارتفاعاً بنحو 2 في المئة صباح يوم الأربعاء في طوكيو. كما قفزت أسهم عمالقة صناعة السيارات مثل "تويوتا" و"نيسان" و"هوندا"، بعد أن أعلنت هيئة الإذاعة اليابانية أن التعريفات الجمركية القائمة على شركات السيارات اليابانية سوف تنخفض. وتأتي الصفقة المعلن عنها في ظل ضغوط تمُارس على رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، لتقديم استقالته بعد أن خسر حزبه الليبرالي الديمقراطي أغلبيته في مجلس الشيوخ خلال انتخابات جرت نهاية الأسبوع. وكان الحزب الليبرالي الديمقراطي قد خسر أيضاً أغلبيته في مجلس النواب الأقوى في اليابان العام الماضي.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
ترامب يعلن عن التوصل لاتفاق تجاري مع اليابان يشمل رسوما 15% على طوكيو
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء عن اتفاقية تجارية مع اليابان قال إنها ستؤدي إلى استثمار اليابان 550 مليار دولار في الولايات المتحدة ودفع رسوم جمركية بنسبة 15 بالمائة، فيما ذكر رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا الأربعاء أنّه لا يزال بحاجة لأن يدرس تفاصيل الاتفاق التجاري الذي أعلنه ترامب قبل أن يعلّق عليه. وفي منشور على منصته "تروث سوشال"، قال ترامب إن اليابان ستنفتح على التجارة، بما في ذلك السيارات والشاحنات والأرز وبعض المنتجات الزراعية. وقال رئيس الوزراء الياباني للصحافيين في طوكيو إنّه "بالنسبة لنتائج المفاوضات، فلا يمكنني مناقشتها إلا بعد دراسة تفاصيلها وتفاصيل الاتفاق بعناية". وأضاف "كحكومة، نعتقد أنّ (الاتفاق) سيحمي المصالح الوطنية". وأفادت وسائل إعلام يابانية الأربعاء أنّ الاتفاقية التجارية التي توصّلت إليها طوكيو وواشنطن تنصّ على خفض الرسوم الجمركية الأميركية على صادرات السيارات اليابانية إلى الولايات المتحدة إلى 15%. وتفرض الولايات المتحدة حاليا رسوما جمركية إضافية بنسبة 25% على وارداتها من السيارات وقطع غيار السيارات اليابانية، لكنّ قناة "إن إتش كاي" التلفزيونية وصحيفة "أساهي شيمبون" أفادتا بأنّ هذه الرسوم الإضافية ستخفّض إلى النصف لتصبح 12,5% تُضاف إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 2.5% مما يعني أن إجمالي الرسوم الجمركية الأميركية على هذه الواردات سيصبح 15%. وإثر هذا الإعلان سُجّلت ارتفاعات حادّة في أسعار أسهم السيارات اليابانية في طوكيو. وجاء إعلان ترامب بينما كان المبعوث التجاري لإيشيبا، ريوسي أكازاوا، في رحلته الثامنة إلى واشنطن حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً. وكتب أكازاوا على منصة إكس أنّ "المهمّة أُنجزت". وتراجع الدولار أمام الين اليوم بعد أن أعلن ترامب عن الاتفاق تجاري مع اليابان قبل الموعد النهائي الوشيك لفرض رسوم جمركية. اقتصاد دولي التحديثات الحية رسوم ترامب: اليابان تعاود التفاوض وأفريقيا تبحث عن حلول وبريكس مهددة ومع اقتراب الموعد النهائي في الأول من أغسطس/آب قبل فرض رسوم استيراد شاملة على الشركاء التجاريين، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يوم الاثنين إن الإدارة الأميركية مهتمة بجودة الاتفاقيات التجارية أكثر من اهتمامها بالتوقيت. ورداً على سؤال حول ما إذا كان من الممكن تمديد الموعد النهائي للدول المنخرطة في محادثات مثمرة مع واشنطن، قال بيسنت إن ترامب سيتخذ هذا القرار. شكلت حالة عدم اليقين بشأن الوضع النهائي للرسوم الجمركية على الصعيد العالمي عبئاً كبيراً على سوق الصرف الأجنبي، مما دفع لتداول العملات في نطاق ضيق في معظم الأحيان، حتى مع صعود الأسهم في وول ستريت إلى مستويات مرتفعة جديدة. (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
منظمات هزمت التلوث في لويزيانا تخسر التمويل
قبل أسابيع وصف مراقبون ومحللون وباحثون مشروع القانون الضريبي للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، الذي أقرّه الكونغرس، بأنه "أكثر قوانين الضرائب والميزانية الأميركية تراجعاً خلال العقود الأربعة الماضية، وربما على الإطلاق". أطلق عليه ترامب اسم "مشروع القانون الكبير الجميل" الذي ألغى أيضاً صندوق خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري البالغ 27 مليار دولار، وتمويل برنامج الحد من تلوث المناخ البالغ خمسة مليارات دولار، لكنه سيكلف الإدارة 4.5 تريليونات دولار لتغطية ميزات ضريبية هائلة تُثري الشركات الكبرى والأغنياء، من خلال تخفيضات قاسية في الإنفاق العام والبرامج المخصصة للجميع، كما هاجم مباشرة العدالة البيئية والمناخية، عبر إلغاء 400 من 800 منحة. وبالنسبة إلى سكان مجتمعات في لويزيانا، خصوصاً أولئك الذين يقطنون في الريف والأحياء الفقيرة وسط مدينة نيو أورليانز، تعتبر خسائرهم المتوقعة من مشروع قانون ترامب الضريبي شخصية جداً، فهم يعيشون في بعض المناطق الأكثر تضرراً بالولايات المتحدة، ويعانون من وطأة تلوث الوقود الأحفوري والبتروكيماويات والدمار المناخي عموماً. ويعمل بعض هؤلاء في منظمات مجتمعية محلية صغيرة، أو يتلقون خدماتها. وسبق أن تلقت هذه المنظمات منحاً من الحكومة الفيدرالية، أو كانت تأمل في الحصول عليها لدعم العدالة البيئية والمناخية من خلال برامج أنشأها قانون خفض التضخم الذي أقرّه الكونغرس عام 2022 في عهد الرئيس السابق جو بايدن. ومن بين انتصارات المنظمات المجتمعية الصغيرة في نيو أورليانز، نجاح منظمة "مواطنو سان جون المعنيون"، في دفع مسؤولي مصنع "دينكا" الضخم للبتروكيماويات إلى اتخاذ قرار الإغلاق في مايو/ أيار الماضي، وهو ما عارض ترامب تنفيذه. وسبق أن حظيت المنظمة التي أسسها روبرت تايلور عام 2016 بدعم من الأموال الفيدرالية، ما سمح لها بتهديد قطاعي الوقود الأحفوري والبتروكيماويات وحلفائهما السياسيين في منطقة كانسر ألي بمدينة سانت جون التي تمتد على طول نهر المسيسيبي، وتعجّ بمصانع الوقود الأحفوري والبتروكيماويات التي تتركز في الأحياء السوداء، وتعاني بسبب الانبعاثات السامة في الهواء التي تتجاوز بسبعة أضعاف المعدل الوطني، من أعلى خطر للإصابة بالسرطان في البلاد. وتحتضن سانت جون مصفاة نفط شركة "ماراثون" للبترول، وأيضاً مصنع "إيفونيك" للبتروكيماويات ومرافق أخرى. وفي عام 2018، أظهرت بيانات وكالة حماية البيئة أن 85% من تلوث الهواء السام في سانت جون يُعزى إلى منشأة واحدة فقط هي مصنع "دينكا" الذي يستخدم مادة "كلوروبرين" البتروكيمائية السامة جداً المُشتقة من الوقود الأحفوري لإنتاج "نيوبرين" الذي يستخدم في إنتاج مطاط صناعي. التلوث مشكلة قديمة جداً في لويزيانا، مارس 1973 (Getty) أيضاً حصلت منظمة "مواطنو سانت جون المعنيون" على منحة فيدرالية بقيمة 82 ألف دولار لمدة عامين عام 2023 من مركز "ديب ساوث" للعدالة البيئية، وهو منظمة غير ربحية مقرها نيو أورليانز، ما ساعد في بناء قدرات شركاء محليين، حققوا إنجازات مهمة، لكن نجاحهم في معالجة ملفات متوطنة أخرى يتطلب توفير موارد كافية لهم. وقد ألغيت في لويزيانا وحدها أكثر من 12 منحة للعدالة البيئية بقيمة نحو 70 مليون دولار، بينها واحدة بقيمة 500 ألف دولار، قدِمت إلى منظمة "لويزيانا الشاملة" الصغيرة غير الربحية لدعم جهودهما في محاسبة الصناعة، والتخلي عن عملياتها. وهدفت المنظمة إلى المساعدة في جعل المنازل أكثر ملاءمة للسكن في ظل أزمة المناخ، وتمويل مشروع تجريبي للعزل الحراري، وتغطية المنازل التي لا تزال مسقوفة بأغطية زرقاء بعد أربع سنوات من تدمير إعصار "إيدا" المنطقة، وخفض فواتير الطاقة، والحماية من ارتفاع درجات الحرارة، وتنظيف مواقع مكبات النفايات التي تُشكل مخاطر على الصحة والسلامة، لا سيما في أوقات الأعاصير والفيضانات. إلى ذلك شملت انتصارات منظمة "إنكلوسيف" في منطقة كانسر ألي زعزعة أعمال مصنع "فورموزا" للبتروكيماويات، ومنع توسع شركة "كوتش إندستريز" وتنفيذ عمليات صناعية جديدة في سانت جون، لكن مسؤوليها وبينهم عدد من النساء تحولوا إلى أهداف. واستقالت الباحثة كيمبرلي تيريل، المتحالفة مع المنظمة، احتجاجاً على "تعمّد رئيس جامعة تولين تكميمها بعدما كشفت أبحاثها أضراراً لا تُحصى وعدم مساواة في صناعة الوقود الأحفوري والبتروكيماويات في لويزيانا". بيئة التحديثات الحية فيضانات تكساس... كوارث الأرض وتحفظات الجمهوريين وترامب وفيما يؤكد سكان أن "السياسيين يكرهون أن يفوز المحليون على صناعة البتروكيماويات في سان أورليانز، يقول ريموند سويت، منسّق شؤون المناخ في جمعية "حي هوليغروف ديكسون" التي قدّمت طلباً للحصول على منحة بقيمة 15 مليون دولار، من أجل توسيع جهودها الشعبية لتخفيف آثار تغيّر المناخ: "يتسبب تغيّر المناخ في تدهور الطرق والبنى التحتية. وفي ظل الإهمال ونقص الموارد اللازمة للإصلاحات، يُمكن حتى لهطول أمطار خفيفة أن يُضاعف الفيضانات، ليس في شوارع الأحياء فقط، بل أيضاً في الطريق السريع الذي يُعدّ أساسياً لإخلاء سكان المدينة إذا حصلت كارثة طبيعية". وأرادت الجمعية استخدام مشاريع قائمة على الطبيعة للمساعدة في الحد من الفيضانات عبر زيادة المساحات الخضراء والتربة، وزراعة الأشجار لامتصاص المياه بشكل طبيعي، وإنشاء مسارات واضحة لتدفق المياه إلى مصارف مياه الأمطار. ويقول سويت: "هجوم ترامب والكونغرس على العدالة البيئية والمناخية استهداف لنا لأننا حققنا فوزاً تلو آخر، وهم يخسرون فقط".