logo
ليس ممرا صامتا بل لاعب له حضوره

ليس ممرا صامتا بل لاعب له حضوره

الغدمنذ يوم واحد

اضافة اعلان
في قلب التحولات المتسارعة في خريطة الطاقة الإقليمية، يقف الأردن أمام لحظة مفصلية تحمل في طياتها فرصا استثنائية. لم تعد مسألة الطاقة بالنسبة للمملكة مجرد تحد مالي أو تقني، بل تحولت إلى ورقة جيواستراتيجية، تضعها في موقع مهم بين الشرق والغرب، الشمال والجنوب، ومع التحول العالمي نحو تنويع مصادر الطاقة، وصعود الغاز كمحور للصراعات والتحالفات، باتت الجغرافيا الأردنية مرشحة للعب دور مختلف تماما عمّا اعتدناه.خلال السنوات الماضية، تحرك الأردن بصبر وثبات نحو بناء قاعدة طاقية متعددة ومتماسكة، وتوسعت شبكة الغاز الوطني لتصل إلى المناطق الصناعية الكبرى، وتم الاستثمار في البنية التحتية التي تسهل ربط المرافق الاستراتيجية، وتقلل كلفة الإنتاج المحلي، كما اعتمدت المملكة على مقاربة هادئة لكنها فعالة في إدارة علاقاتها مع محيطها العربي والمتوسطي، لتكون شريكًا في مشاريع الربط الطاقي، لا مجرد مستهلك يعتمد على الخارج.لكن هل يكفي كل هذا أمام التحولات الكبرى في شرق المتوسط والعالم؟إن النقلة الحقيقية التي تنتظر الأردن لا تكمُن في الغاز فقط، بل في موقعه كممر استراتيجي محتمل للطاقة نحو الشمال، كل المؤشرات توحي بأن خطوط الأنابيب التي تمر من الخليج نحو أوروبا، سواء عبر البحر أو البر، ستعيد رسم خريطة الشرق الأوسط، وهنا تبرز المملكة كأرض عبور طبيعية، تربط الجنوب بالشمال، وتمتلك الاستقرار السياسي والمرونة التقنية والبنية التحتية التي تؤهلها لهذا الدور.وفي ظل الانشغال العالمي بالطاقة النظيفة، يجد الأردن فرصة ذهبية ليكون مركزا إقليميا لإنتاج وتصدير الطاقة المتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر، وموارد الشمس والرياح متوفرة بكثافة على الجغرافيا الأردنية، وهناك اهتمام أوروبي واضح بشراكات استراتيجية طويلة الأمد مع المملكة في هذا المجال، وإذا ما تم الاستثمار الجاد في هذا القطاع، يمكن أن يتحول الأردن إلى مصدر موثوق للطاقة المستدامة نحو أوروبا، في وقت تبحث فيه القارة العجوز عن بدائل مستقرة وموثوقة بعيدا عن تقلبات السياسة والجغرافيا.على الصعيد الإقليمي، يملك الأردن خبرة طويلة في كيفية الموازنة بين مصالحه وشبكة تحالفاته، فهو حاضر بهدوء في أغلب المنصات المتعلقة بالطاقة، من منتديات شرق المتوسط إلى مشاريع الربط العربي، ويتعامل مع اللاعبين الكبار – من الخليج إلى مصر وتركيا – بحذر وذكاء.هذه القدرة على المناورة هي ما يجعل الأردن مرشحًا للعب دور الوسيط والممر، دون أن ينجر إلى محاور مغلقة أو تحالفات فوق طاقته.لكن كل هذه الفرص تحتاج إلى قرارات وتغييرات جوهرية في الداخل الأردني: القرار السياسي أولًا، بأن تتحول الطاقة من ملف تقني إلى أولوية سيادية تقودها الدولة بخطة وطنية واضحة. ثم القرار الاستثماري، بأن تُفتح الأبواب أمام الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والدولي، وتُبنى الحوافز الجاذبة والمستقرة، وهذا يتطلب بالضرورة مراجعة عميقة وشاملة للتشريعات الاستثمارية وكل منا يتعلق بدور المصارف والبنوك وتفعيل دورها وترقيته. وأخيرا، القرار السيادي، بأن يُستثمر الموقع لا فقط في الربط، بل في التمكين: تمكين الأردن من أن يكون لاعبًا حقيقيًا في سوق الطاقة، لا مجرد ممر صامت.المستقبل تتم كتابة خطوطه العريضة الآن، ومنطقة شرق المتوسط تختبر ديناميكيات جديدة في الغاز والتحالفات، وإذا أحسن الأردن التقاط اللحظة، واستثمر هدوءه السياسي وموقعه الجغرافي، فقد يتحول من بلد يستورد الطاقة إلى دولة تتحكم جزئيا في مفاتيحها، وتبني بذلك نفوذا ناعما يليق بثقل الأردن الجيوسياسي واستعادة حضوره الدبلوماسي العميق لكن بأدوات جديدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البيئة ليست عبئا بل تكاليف أقل وإيرادات أكثر
البيئة ليست عبئا بل تكاليف أقل وإيرادات أكثر

الغد

timeمنذ 4 ساعات

  • الغد

البيئة ليست عبئا بل تكاليف أقل وإيرادات أكثر

لقد غدا موضوع البيئة ركيزة في الوعي المجتمعي، لكن تحويله من خطاب إلى ممارسة ملموسة ما زال مطلوباً بإلحاح. فالبيئة لم تعد عبئاً بل هي فرصة استراتيجية لتحويل تهديدات الأمن الغذائي وأسعار السلع إلى مكاسب، بينما يفضي إهمالها إلى اضطراب السلم المجتمعي بما لا يقل فتكاً عن الصراعات. مما يستدعي تكاتفاً لوقف انكماش الرقعة الزراعية وتقليص المراعي تأميناً للغذاء والدخل وتخفيفاً لفواتير التأمين الصحي. اضافة اعلان يتجاوز الجفاف والاحترار الجانب البيئي ليضرب صميم الاقتصاد؛ فهما يعنيان تراجع المبيعات، نقص إنتاجية العمالة، وتزايد الغياب المرضي. والنتيجة تقلص الائتمان وهبوط الاستثمار بتسع نقاط مئوية. تلعب الشركات دوراً محورياً في حماية صحة المستهلكين حين تتجنب استخدام البلاستيك أحادي الاستعمال، كالأكياس والزجاجات، الذي يلوّث المحيطات ويشكل بقع قمامة بلاستيكية هائلة في المحيط الهادي يستغرق تحللها قروناً، وخلالها تلك الفترة تتفتت إلى جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان وترفع فاتورة الرعاية الصحية للمجتمع. في الأردن تتركز جاذبية السياحة في الصيف والربيع، لكن موجات الحر القياسية رفعت مستويات التلوث، والخشية ان تضعف استقطاب الزائرَين الإقليميين والأوروبيين. لذلك حماية البيئة هنا تعني إيرادات إضافية للخزينة، ومزيداً من الوظائف السياحية التي تدعم المجتمعات المحلية. وكما تؤثر البيئة على القطاع السياحي، فإن القطاع الخاص أيضاً يملك أدوات تأثير حاسمة في مسار الاستدامة، حيث تعد تلك التي تتبنى مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ‎(ESG)‎ الأفضل أداءً عالمياً؛ فهي تخلق فرصاً اقتصادية جديدة وتخفض التكاليف التشغيلية. فالشركات التي تربط الأداء البيئي بالمالي كمتلازمين تقلل انبعاثات الكربون وترفع عائد الأصول، ما يجذب المستثمرين لأسهمها ويكسبها ثقة المستهلكين. وتقدم شركات الطاقة المتجددة – من مصنّعي الألواح الشمسية وتوربينات الرياح إلى مطوّري حلول التخزين – نموذجاً ناجحاً لهذا النهج، وكذلك شركات الأغذية العضوية أو النباتية، والملابس القائمة على المواد المعاد تدويرها. فالتدوير يلغي كلف التخلص من النفايات ويخلق تدفقات إيراديه من بيع المخلفات المعالجة، كما تؤكد تجارب دول عديدة حققت نمواً أخضر ملموس. الممارسات المستدامة تخفض التكاليف وتزيد الإيرادات عبر رفع كفاءة الموارد وتقليل الهدر؛ فشركات رائدة ابتكرت سوائل جلي مقتصِدة للمياه مما زاد مبيعاتها، وأخرى اعتمدت آلات أكثر كفاءة تستهلك طاقة أقل وتنتج نفايات أقل. وقد جسدت بعض الشركات مبدأ الوقاية الاستباقية، فاستثمرت في حلول تمنع التلوث من المنبع، موفرة تكاليف المعالجة والتنظيف اللاحقة. كما تجني مؤسسات ‎ESG‎ مزايا تنظيمية حكومية حين تخف الرقابة وتقل الغرامات، وقد يؤدي الالتزام إلى دعم حكومي يمثل إيرادًا إضافيًا. يعتمد نجاح هذه الممارسات على فريق متخصص مدعوم من أعلى الهرم الإداري سواء كانت وزارة، جهة حكومية، أو مجلس إدارة لأي شركة عامة أو عائلية – بحيث تدمج الاستدامة في الخطة الاستراتيجية ضمن مؤشرات أداء ربع سنوية يصدر بها تقرير سنوي. ولا يقتصر الالتزام على القيادات؛ فتبني الاستدامة مسؤولية جماعية تقع على عاتق كافة العاملين تبدأ بالممارسات اللاورقية، مروراً باستخدام النقل الجماعي أو النظيف، والانتقال إلى المركبات الكهربائية وخاصة للقطاعات ذات فواتير الطاقة المرتفعة، إلى خفض فاقد المياه وتوسيع المساحات الخضراء وانتهاء باعتماد تقنيات ري مقنن تعمل بالطاقة المتجددة. أخيراً، يجب ان ينهض القطاع الخاص بمسؤوليته القانونية والاجتماعية عبر تعويض بصمته الكربونية مالياً. ولا ننسى ضرورة استكمال الأطر التشريعية وتحويلها إلى إجراءات فاعلة تحسن المناخ، تزيد الرقعة الزراعية، تحفظ المياه، تقلل التلوث، وترفع إنتاجية الأرض ما عليها وما في جوفها. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

وزيرة الخارجية السويدية: الوضع في غزة كارثي ويجب الوصول إلى حل فوري
وزيرة الخارجية السويدية: الوضع في غزة كارثي ويجب الوصول إلى حل فوري

رؤيا نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • رؤيا نيوز

وزيرة الخارجية السويدية: الوضع في غزة كارثي ويجب الوصول إلى حل فوري

طالبت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرجارد، بفرض عقوبات على الوزراء المروجين للاستيطان والمستوطنين المعادين لحل الدولتين. وبحسب شبكة 'يورونيوز'، أكدت ستينرجارد، أن الوضع الإنساني في غزة كارثي ولا يطاق ويجب ضمان الوصول الفوري والآمن لكل أنحاء القطاع، مشيرة إلى أنه 'لا بد من تمكين عمل إنساني واسع ونزيه ومستقل مع احترام القانون الإنساني الدولي'. وأعربت ستينرجارد عن رفضها لاستغلال المساعدات لغزة لأغراض سياسية أو عسكرية، مؤكدة رفضها لأي محاولات لتقليص الأراضي الفلسطينية أو تهجير السكان. وأكدت وزيرة الخارجية السويدية، أن التوسع العسكري في غزة يقوض فرص حل الدولتين، مشيرة إلى أن توسيع الاستيطان وعنف المستوطنين يبعدان كل مسار تفاوضي. وأشارت إلى أن رفض إسرائيل السماح بدخول المساعدات لغزة واستهداف نقاط التوزيع يتسببان بتجويع المدنيين.

بلدية غرب اربد تواصل حملات النظافة والصيانة ضمن اللواء
بلدية غرب اربد تواصل حملات النظافة والصيانة ضمن اللواء

رؤيا نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • رؤيا نيوز

بلدية غرب اربد تواصل حملات النظافة والصيانة ضمن اللواء

واصلت بلدية غرب إربد تنفيذ حملات صيانة ونظافة شاملة في عدد من مناطق اللواء، ضمن خططها الدورية الهادفة إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وقال رئيس البلدية، جمال البطاينة: إن كوادر قسم الصيانة باشرت بتنفيذ أعمال متعددة، شملت صيانة الطرق وتأهيل المرافق العامة؛ بهدف رفع مستوى السلامة العامة وتسهيل حركة المواطنين، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تأتي استجابة لملاحظات السكان وضمن سياسة البلدية في التعامل السريع مع متطلبات الأهالي وتعزيز الشراكة المجتمعية. وأضاف البطاينة، أن قسم البيئة في البلدية أطلق حملة مكثفة في منطقة سوم، تضمنت إزالة الأعشاب الجافة والمخلفات النباتية، وتنظيف مخلفات البناء من جوانب الطرق، في إطار تحسين المشهد الحضري والحد من الملوثات البصرية والبيئية، وخاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة ومخاطر نشوب الحرائق. ودعا البطاينة المواطنين إلى التعاون مع البلدية من خلال الالتزام بتعليمات النظافة وعدم إلقاء النفايات في الأماكن العامة، مؤكدًا أن تكامل الجهود بين البلدية والمجتمع المحلي يسهم في تحقيق بيئة نظيفة وآمنة ومستدامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store