
إيران في حربٍ مستمرة مع المنظومة الخليجية الصهيو-أمريكية
الاعتداءات التي طالت الداخل الإيراني في السنوات الأخيرة، لم تكن حوادث معزولة، بل رسائل مدروسة من محور لا يخفي عداءه للجمهورية الإسلامية، تقوده الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وتُسهم فيه أدوات خليجية بفعالية متزايدة. فقد اغتيل العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020 في عملية معقدة نُفذت بتقنية متقدمة، وكشفت التحقيقات ضلوع الموساد الإسرائيلي فيها، لكن اللافت أن العملية استندت إلى بنية تجسسية محلية مكّنت العدو من التغلغل في العمق الإيراني. كذلك، تعرضت منشأة نطنز النووية لأكثر من تفجير داخلي وتخريب إلكتروني، كما في عملية 'Stuxnet' الشهيرة التي خططت لها أجهزة استخبارات غربية، ونُفذت عبر أدوات نشطت من دول الجوار، وفي طليعتها بعض دول الخليج.
هذه الحرب غير التقليدية، وإن اتخذت بعدًا أمنيًا، فإنها تستند إلى أرضية إعلامية وسياسية شُيِّدت بعناية منذ سنوات، عبر قنوات ومنصات خليجية بات شغلها الشاغل هو شيطنة إيران وشعبها ونظامها السياسي. فلا يكاد يمرّ يوم دون تحريض طائفي أو عنصري ضد الجمهورية الإسلامية، ولا تخلو نشراتهم من دعوات لتقسيم إيران على أسس عرقية، وتشجيع حركات التمرّد الكردية أو البلوشية. بل إن بعض القنوات، مثل 'إيران إنترناشيونال'، التي تبث من الخارج، قد ثبت تمويلها المباشر من جهات سعودية، وتورطها في التحريض على أعمال عنف وفوضى داخل إيران.
وإذا ما عدنا إلى البدايات، فإن عداء الأنظمة الخليجية لإيران ليس طارئًا ولا وليد اللحظة، بل يعود إلى فجر انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، حين شعرت تلك الأنظمة بأن نموذج الجمهورية الإسلامية، القائم على السيادة والاستقلال والرفض القاطع للهيمنة الأمريكية، يشكل تهديدًا وجوديًا لها. تلك الأنظمة التي كانت خاضعة للشاه قبل الثورة، والذي رأى في ملوك الخليج مجرد توابع له، لم تُدرِك أن سقوطه كان فرصة لتحررها الحقيقي. لكنها، بدافع التبعية التاريخية والخوف من التجربة الإيرانية، اختارت أن تعادي الثورة بدل أن تتقارب معها.
لقد دعمت السعودية والكويت وغيرهما حرب صدام حسين ضد إيران بين عامي 1980 و1988، بتمويل تجاوز 75 مليار دولار، في محاولة لإسقاط الجمهورية الإسلامية قبل أن يشتد عودها ثم، ومع سقوط بغداد عام 2003، تحولت هذه الأنظمة تدريجيًا إلى حليف علني لـ'إسرائيل'، وبدأ خطابها الرسمي يعتبر إيران 'الخطر الأكبر'، بل العدو الأول، لا الكيان الصهيوني.
لكن في مقابل كل ذلك، التزمت طهران بسياسة ضبط النفس، ولم تُبادر إلى الرد بالمثل. لم تموّل اضطرابات في الداخل الخليجي، رغم قدرتها على ذلك، ولم تشن حملات إعلامية موازية، ولم تستهدف المنشآت النفطية أو القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج، إلا نادرًا وفي ظروف اضطرارية. حتى عندما كانت الإمارات تقصف مواقع حلفائها في اليمن، كانت إيران تحجم عن الرد المباشر، مراهنة على استقرار إقليمي لا تريده أن ينهار.
غير أن هذا الصبر لم يُفسر حُسن نية، بل فُهم ضعفًا. فازداد التآمر، وتجرّأت تلك الأنظمة على تحويل أراضيها إلى منصات للتجسس الصهيوني، وممرات للطائرات المسيّرة، كما اعترف بذلك قادة كبار في الحرس الثوري، وعلى رأسهم اللواء حسين سلامي. وفي كل مرة كانت إيران تتغاضى، كانت المؤامرات تُحاك على أوسع نطاق.
لقد أثبتت التجربة أن هذه الأنظمة لا تفهم لغة الاحترام، ولا تردعها النوايا الحسنة، ولا تُقدّر الصبر أو الصمت. بل إن الضربات التي كانت تردعها حقًا هي تلك التي تحمل طابع القوة والمواجهة المباشرة. فعندما ردت إيران على اغتيال الفريق قاسم سليماني بقصف قاعدة 'عين الأسد'، اضطرت أمريكا إلى التراجع، بل وعجزت عن الرد. وعندما سمحت طهران لحلفائها في اليمن باستهداف منشآت سعودية وإماراتية، تراجعت تلك الدول خطوة إلى الوراء، وسعت إلى مفاوضات لم تكن تحلم بها.
من هنا، فإن مواصلة إيران لسياسة الصبر دون ردع حاسم قد تكون مكلفة على المدى البعيد. لأن السكوت على العدوان لا يُوقفه، بل يُغري المعتدي بالمزيد. وإذا لم تبادر الجمهورية الإسلامية إلى إعادة التوازن عبر سياسة التعامل بالمثل، فإن أمنها الداخلي سيبقى عرضة للاهتزاز، وسيبقى العدو يسرح ويمرح في حدودها وأعماقها.
إن الرد لا يعني العدوان، بل الدفاع عن النفس. ولا يعني الفوضى، بل فرض معادلة احترام متبادل. وكما قال الإمام علي عليه السلام: 'ردّ الحجر من حيث جاء، فإن الشر لا يردعه إلا الشر'.
ولعل هذا القول هو الدرس الذي آن لإيران أن تضعه موضع التطبيق، بعد أن استُنفدت كل أشكال النُبل السياسي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد محسن الجوهري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 5 ساعات
- اليمن الآن
تعرف على حكاية محتال خطير انتحل صفة وزير الدفاع وسرق الملايين
انتحال صفة مدير تنفيذي أو وزير دفاع دولة نووية من أجل الحصول على تحويل مالي عبر استخدام "خدعة الرئيس"، تبدو فكرة بسيطة لكنها جريئة جدا، وقد كلفت ضحاياها خسائر هائلة تقدر بعشرات ملايين الدولارات، بحسب ما أكدته ليبراسيون الفرنسية. الخطة صممها وقادها الفرنسي ذو الجنسية الإسرائيلية جيلبرت شيكلي، وقد مكنته من جمع ثروة كبيرة قبل أن يقع بيد العدالة، ويحكم عليه في سبتمبر/أيلول 2020 بالسجن 10 سنوات بتهمة الاحتيال المنظم والانتماء لعصابة إجرامية، غير أنه أفرج عنه مبكرا في ديسمبر/كانون الأول 2024. وقد تحولت قصته المثيرة إلى وثائقي يقدم على منصة نتفليكس، وإلى فيلم روائي من إخراج باسكال إلبي. وأضافت ليبراسيون في تقرير لها أن شيكلي نجح في انتزاع ملايين الدولارات من رجال أعمال ومسؤولين عبر انتحال شخصيات شهيرة، أبرزها وزير الدفاع الفرنسي السابق جان إيف لو دريان. وقالت إن هذه الظاهرة عرفت إعلاميا باسم "خدعة الرئيس"، وتتمثل في انتحال شخصية رئيس شركة أو مسؤول حكومي لإقناع موظفين ماليين بتحويل مبالغ ضخمة تحت ذرائع أمنية أو تجارية عاجلة، مع طلب السرية التامة. وذكرت أن الجولة الأولى من عمليات النصب التي قادها شيكلي مست 150 شركة كبرى، حيث فتحت السلطات القضائية الفرنسية تحقيقا في 2015، غير أن شيكلي كان قد فر إلى إسرائيل وحصل على الجنسية لكي لا يسلم لفرنسا. وقالت إن شيكلي طور أثناء وجوده في إسرائيل أسلوبه في انتحال شخصيات رؤساء شركات ووزراء، فصمّم قناعا بلاستيكيا يشبه وجه وزير الدفاع آنذاك جان إيف لو دريان، وجلس خلف مكتب مزيف يحمل العلم الفرنسي، ليظهر عبر مكالمات نظام سكايب أمام ضحاياه في سيناريو محكم. وتابعت أن شيكلي أوهم ضحاياه بأن الأموال المطلوبة ستُستخدم في عمليات سرية للإفراج عن رهائن فرنسيين في سوريا وموريتانيا، حيث يُحظر قانونا على الحكومة الفرنسية دفع فدية مباشرة. رغم بساطة الخدعة، فإنها أقنعت شخصيات بارزة ثرية على دفع ملايين الدولارات للمحتالين ملايين الدولارات ورغم بساطة الخدعة، فإنها أقنعت شخصيات بارزة، أبرزهم الأغا خان الرابع، الزعيم الروحي للطائفة الإسماعيلية، الذي حوّل قرابة 19.8 مليون يورو على 5 دفعات. كما دفعت كورين منتزلوبولوس، مالكة قصر مارغو الشهير، نحو5.9 ملايين يورو، ووقع في الفخ أيضا الملياردير التركي إينان كيراش، الذي أجرى 10 تحويلات بلغت 54.9 مليون دولار. وتضيف ليبراسيون أن عمليات الاحتيال كانت تمر بـ3 مراحل دقيقة، تبدأ بجمع معلومات تفصيلية عن الهدف، تليها مرحلة "النفق" حيث يُغمر الضحية بسيل من المكالمات والوثائق المزيفة، مع لهجة تجمع بين الحزم والطمأنينة. أما المرحلة الأخيرة فتشمل تحويل الأموال إلى حسابات أوروبية تمهيدا لنقلها سريعا إلى بنوك بعيدة، خاصة في الصين، لتفادي استرجاعها. واستخدم شيكلي ومساعدوه أسلوب "السرد الإيحائي"، الذي رصدته الشرطة من خلال رسائل صوتية وجدت في هواتفهم، حيث يوجّه المحتال شريكه كيف يتحدث، وما الأسئلة التي يجب طرحها لمعرفة حدود صلاحيات الموظف المستهدف. عمليات الاحتيال كانت تمر بـ3 مراحل دقيقة، تبدأ بجمع معلومات تفصيلية عن الهدف، تليها مرحلة "النفق" حيث يُغمر الضحية بسيل من المكالمات والوثائق المزيفة، ثم تحويل الأموال إلى حسابات أوروبية تمهيدا لنقلها سريعا إلى بنوك بعيدة تحذيرات غير أن مخططات شيكلي انتهت وفضحت، بعدما رفع وزير الدفاع الفرنسي وقتها لو دريان شكوى وبدأ تحقيق رسمي، مما دفع شيكلي وشريكه للفرار إلى أوكرانيا، وهناك خطط للاحتيال باستخدام هوية الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، وبدأ البحث عن قناع له. ألقي عليهما القبض في أوكرانيا في أغسطس/آب 2017، وسلما لفرنسا، حيث وجدت الشرطة في أحد الهواتف ملفا صوتيا كاملا حول كيفية تنفيذ "خدعة الرئيس"، من تعليمات بشأن كسب ثقة الضحية إلى معرفة حدود صلاحياتها المالية. وحذرت الصحيفة من تنامي حوادث الاحتيال الشبيهة بـ"خطة الرئيس"، وقالت إن الشرطة الفرنسية أحصت في 2020 نحو927 محاولة احتيال من هذا النوع، نجحت منها 611، بإجمالي خسائر تجاوزت 124 مليون يورو. وقالت إن فرنسا شددت الرقابة على تقنيات انتحال الأرقام، وأنشأت قاعدة بيانات للحسابات المشبوهة، إضافة إلى حملات توعية واسعة في الشركات. لكن المخاوف تتزايد مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، التي قد تمكّن جيلا جديدا من المحتالين من إنتاج مقاطع صوتية ومرئية أكثر إقناعا، تعيد تجربة شيكلي بحلة رقمية أكثر خطورة، تحذر ليبراسيون الفرنسية. المصدر: ليبراسيون


اليمن الآن
منذ 8 ساعات
- اليمن الآن
من أين تحصل أوكرانيا على المال للحرب؟ وكيف ستسدد ديونها؟
يعد التمويل أحد أبرز هواجس وأولويات حكومة أوكرانيا الجديدة بقيادة يوليا سفيريدينكو وسط حاجة ملحة لتغطية نفقات الحرب وتسيير أمور الدولة. تنفق أوكرانيا على الحرب ما لا يقل عن 4.5 مليارات دولار شهريا، وتبلغ موازنة الدفاع والأمن لديها نحو 54 مليار دولار، أو 61% من الموازنة الإجمالية البالغة قرابة 94 مليار دولار. الأكثر إنفاقا وحسب وزارة المالية الأوكرانية، وجهت البلاد 26% من ناتجها المحلي الإجمالي نحو قطاع الدفاع والأمن العام الماضي، وباتت -بذلك- على رأس قائمة دول العالم في هذا المجال. تقول خبيرة الاقتصاد، والناشطة السياسية، روكسولانا بيدلاسا: "هذا كان في العام الماضي. نار الحرب ستنهش 31.1% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنحو 200 مليار دولار في 2025″. وأضافت بيدلاسا في تعليق للجزيرة نت: للمقارنة فقط. أنفقت روسيا 3 أضعاف ما أنفقته أوكرانيا على الحرب (149 مليار دولار)، لكن هذا لم يتعد 7% من ناتجها المحلي العام الماضي. تنفق إسرائيل 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحن ننفق أكثر بما لا يقل عن 20 مليار دولار". خيار التمويل يبدو أن الخيارات محدودة للغاية أمام الحكومة الأوكرانية لسد عجز سنوي بلغ نحو 40 مليار دولار في المتوسط خلال أعوام الحرب الماضية (2022-2024). ولسد هذا العجز تعتمد البلاد على المنح والمساعدات الخارجية، والمزيد من قروض صندوق النقد الدولي لسد هذا العجز. ويقول المدير التنفيذي لمركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية الأوكراني، دميترو بويارتشوك: "لتغطية العجز، تدفقت إلى أوكرانيا مساعدات مالية خارجية من الشركاء، جاءت على شكل منح مجانية وقروض ميسرة". ويضيف في تعليق: دخلت نحو 98% من المساعدات الخارجية إلى ميزانية الدولة، وتم توجيهها بشكل رئيس نحو قطاعات التعليم والطب والمعاشات التقاعدية وعمل جهاز الدولة. وبفضل ذلك، تم توجيه اقتصاد أوكرانيا بالكامل تقريبا نحو الحرب". حاجة متزايدة لكن حاجة أوكرانيا تزداد مع استمرار واشتداد الحرب، وقد لا تكون مساعدات بحجم 40 مليار دولار كافية خلال العامين الحالي والمقبل، إذ قالت رئيسة الوزراء وليا سفيريدينكو إن "الحرب ستطول، وكييف تتفاوض مع المانحين للحصول منهم ومن صندوق النقد الدولي على قروض مجموعها 75 مليارا تحتاجها البلاد خلال العامين القادمين". وتوقع البنك الوطني الأوكراني (البنك المركزي)، في تقرير نشر نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي، أن تحصل كييف على 55 مليار دولار من الشركاء خلال العام الجاري. ويقول أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك: زيادة الحاجة نابعة من ارتفاع نسبة التضخم بوتيرة تدريجية منذ بداية الحرب إلى ما تجاوز 100% في يونيو/تموز الماضي. وثمة حاجة لضخ 200-300 مليار هريفنا إضافية (4.7-7.1 مليارات دولار) في ميزانية الدفاع. والهريفنا هي عملة أوكرانيا. ويضيف في تعليق للجزيرة نت: "نظريا، تنتظر أوكرانيا تلقي نحو 58 مليار دولار من الشركاء في عام 2025. وأكبر مصادر التمويل الخارجي هي: برنامج القروض الميسرة المعتمد من قبل دول مجموعة السبع بـ39.6 مليار دولار، و 13.5 مليار دولار إضافية في إطار برنامج الدعم الأوروبي 2024-2027". ويوضح مارشالوك أن كييف تأمل كذلك الحصول على أرباح الأصول الروسية المجمدة في البنوك الأوروبية، البالغ حجمها 50 مليار دولار. أبرز الداعمين ولا تكشف وزارة المالية الأوكرانية حجم المساعدات الكلي الذي حصلت عليه البلاد منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكن دراسة أجراها معهد كيل للاقتصاد العالمي في ديسمبر/كانون الأول 2024 ذكرت أن أوكرانيا تلقت نحو 267 مليار يورو (313.6 مليار دولار) كمساعدات حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024. وحسب بيانات الدراسة، فإن حصة المساعدات العسكرية بلغت 130 مليار يورو (152.7 مليار دولار)، وحصة الدعم المالي 118 مليار يورو (138.6 مليار دولار)، في حين حصلت على 19 مليار يورو (22.31 مليار دولار) كمساعدات إنسانية. وجاء لائحة أبرز المانحين والمتعهدين بتقديم مساعدات، وفق كشف نشرته وزارة المالية الأوكرانية في نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي كالتالي: الولايات المتحدة بنحو 140 مليار دولار الاتحاد الأوروبي بنحو 116 مليار دولار ألمانيا بما يقارب 43 مليار دولار بريطانيا 27 مليار مليار دولار دول النرويج واليابان وكندا وهولندا والسويد والدانمارك وفرنسا بإجمالي يقارب 108 مليارات دولار. وبحسب الوزارة أيضا، فإن هذه الدول وغيرها تعهدت بتقديم ما يصل مجموعه إلى قرابة 410 مليارات يورو (481.6 مليار دولار). كيف ستسدد أوكرانيا الديون؟ بالإضافة إلى ما سبق، حصلت أوكرانيا منذ بداية الحرب على 9 شرائح قروض من صندوق النقد الدولي وصل حجمها في بداية شهر يوليو/تموز الجاري إلى 10.6 مليارات دولار. وتدفع هذه الأرقام الضخمة الأوكرانيين وغيرهم إلى التساؤل: هل هي ديون؟ وكيف ستعمل كييف على سدادها قريبا أو في المستقبل، ولماذا لا تعتبر همّا يشغل حكومة كييف، على عكس المتوقع؟ ويجيب أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك على هذه التساؤلات، قائلا: "معظم المساعدات التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة كانت مجانية، ومع ذلك، تظل الديون من أكبر الأعباء التي سنواجهها. فحجمها تجاوز حاجز الـ190 مليار دولار في الربع الأول من العام 2025، أي ما يقارب نسبة 100% من الناتج المحلي". مع ذلك، يقول مارشالوك في تعليق: "الحكومة لا تخوض في موضوع الديون، لأنه، وبسبب الحرب، حصلت على معظمها بشروط تفضيلية، تنص على عدم سداد جزء كبير من الديون إلا بعد سنوات عديدة، وعلى تحمل بعض الشركاء دفع تكاليف الفوائد جزئيا". ويضيف "بعبارة أخرى، في السنوات الثلاثين المقبلة، لن نسدد هذه الديون. السداد سيكون على شكل امتيازات تفضيلية وخدمات تقدم للدول والجهات المانحة والمساعدة، وبالتالي لا تشكل الديون عبئا كبيرا في الوقت الحالي والمستقبل القريب"، على حد قوله. ورغم هذه التسهيلات، يبقى اقتصاد البلاد في وضع صعب، فهو الآن في المركز الـ58 عالميا بعد أن كان في المركز 46 قبل الحرب، ويتوقع خبراء "فوربس" أن تعجز أوكرانيا عن تحسين موقعها خلال الأعوام الـ15 القادمة، إلا بمركز واحد فقط


اليمن الآن
منذ 10 ساعات
- اليمن الآن
حظر حوثي على امتلاك النساء للجوالات الذكية
بينما تسعى السلطات المحلية، في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وبتعاون أممي، لإدماج المرأة في عملية التنمية وإلحاقها بسوق العمل لمواجهة تردي الأوضاع المعيشية للسكان، تفرض الجماعة الحوثية عليها مزيداً من القيود المشددة، التي تضمنت أخيراً منع نساء في ذمار من اقتناء الجوالات الذكية ومعاقبة عائلاتهن على ذلك. وكشفت وثيقة أصدرتها في 25 من الشهر الحالي قيادات حوثية وشخصيات اجتماعية ونافذة موالية للجماعة عن مجموعة من القيود على النساء في منطقة العسادي بمديرية وصاب التابعة لمحافظة ذمار (جنوب العاصمة صنعاء)، تحت مبرر الحفاظ على الأخلاق والقيم، أبرزها منع النساء والفتيات من اقتناء الجوالات الذكية بشكل قاطع، وفرض غرامة مالية على رب العائلة أو مقدم الخدمة. وأقرت الوثيقة التي أشرف قادة حوثيون على صياغة بنودها، تغريم أي شخص، من أفراد عائلة المرأة المخالفة، أو بائعي الجوالات ومقدّمي خدماتها قرابة 1900 دولار (مليون ريال حيث تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار بـ535) في حالة المساعدة لها في امتلاك جوال ذكي أو استخدامه. وتمنع الوثيقة استخدام الجوالات الذكية بشكل عام على النساء والأطفال، وتلزم العائلات بعدم إدخال الإنترنت، عبر خدمة شبكات الهاتف الأرضي، إلى المنازل أو تشغيل شبكات الواي فاي أو استقبال خدمات الشبكات التجارية في الأحياء داخل البيوت، ومنحت زعماء القبائل في المنطقة صلاحية مصادرة معدات أي شبكة واي فاي بالكامل. كما مُنع الأطفال من امتلاك الجوالات النقالة، ويجري تغريم أي طفل يخالف ذلك، أو عائلته، قرابة 380 دولاراً (200 ألف ريال). وتوسعت الوثيقة في فرض قيودها على الحريات العامة بإقرار حظر تشغيل الأغاني والموسيقى في المناسبات، مثل حفلات الزفاف أو الخطوبة، بما في ذلك منع مكبرات الصوت، ومعاقبة رب العائلة المخالفة بالغرامة نفسها. وشملت الوثيقة حرية الحركة والتنقل للنساء، بحظر سفرهن من الريف إلى المدينة أو إلى مناطق بعيدة دون مرافقة ما يعرف بـ«المحرم» من الأقارب الذكور مهما كانت الظروف، وقضت بمعاقبة العائلة التي تخالف هذا البند بالغرامة المالية نفسها مع عقوبات أخرى تصل إلى مصادرة الممتلكات والطرد من المنطقة. ويعاقب أي سائق سيارة يساعد امرأة في التنقل من دون محرم بغرامة تزيد على 900 دولار (500 ألف ريال). صناعة التبعية ويرفض غالبية أهالي العسادي الوثيقة التي يرون أنها فُرِضت بالتفاهم بين قيادات حوثية ومشايخ وأعيان المنطقة الموالين للجماعة، دون أن يكون للسكان أي رأي فيها، إلا أنهم تلقوا تهديدات بفرض غرامات وعقوبات تصل إلى الاعتقال والطرد لمجرد الاعتراض على الوثيقة، في ظل أوضاع معيشية صعبة يواجهونها، وفقاً لمصادر محلية. وتصف الناشطة وداد عبده هذه الوثيقة بالعقاب الجماعي غير المبرر على نساء المنطقة، وهو أمر يشبه الاعتقال أو السجن إلى حد كبير حسب تعبيرها، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات تحرم النساء من حقوقهن في الحركة والتنقل والمعرفة والتواصل. وتضيف عبده في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن النافذين الحوثيين وأعيان المنطقة لم يراعوا حتى أبسط حقوق النساء، ففي حال تعرض إحداهن لمرض أو طارئ صحي أو ولادة، لن تتمكن من الانتقال للحصول على العلاج أو المساعدة الطبية في غياب أي من أقاربها الذكور. وعدّت هذه الوثيقة عودة إلى عهود الأئمة التي كان فيها أسلاف الحوثيين يفرضون على اليمنيين عزلة تامة عن العالم، ويجبرونهم على العيش من دون تعليم أو تطبيب. ويحذر نبيل الوصابي، وهو من أهالي المنطقة ويقيم في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، من أن هذه الإجراءات لن تقتصر على منطقة فقط، بل ستتوسع لتشمل مختلف مناطق سيطرة الجماعة بالتدريج، وبعد أن تكون الجماعة الحوثية قد حولتها إلى عادات وتقاليد وقيم مجتمعية.