
لماذا لا تستطيع المملكة المتحدة تحمّل كلفة خفض الهجرة؟
وقد تكررت ردود الفعل السياسية المماثلة مراراً وتكراراً، بما في ذلك الاستياء من حركة الأشخاص داخل أرجاء الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية، وصولاً إلى تصويت بريطانيا في عام 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، إثر وصول تدفقات كبيرة من أوروبا الوسطى والشرقية، لذلك يمثل إعلان السير كير ستارمر عن حملة تضييق جديدة بعد فترة من ارتفاع أعداد المهاجرين يجعله امتداداً لإرث سياسي قديم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
معركة بنك إنجلترا ضد التضخم: هل يربحها أم يكسر الاقتصاد؟
أسعار الطاقة المرتفعة التي لم تعُد لمستوياتها ما قبل الجائحة ، وشح اليد العاملة الذي يدفع الأجور صعوداً، بالإضافة إلى تداعيات "بريكست" التي لا تزال تُلقي بظلالها على سلاسل الإمداد، كلها عوامل تتضافر لتجعل من المشهد الاقتصادي البريطاني استثناءَ، مما يطرح العديد من التساؤلات فيما إذا كانت بريطانيا تستطيع كبح جماح هذا "البركان" المشتعل قبل فوات الأوان؟ وهل ستنجح "معركة" البنك المركزي في ترويض التضخم في ظل هذه التحديات، والأهم لماذا تسبح المملكة المتحدة عكس التيار العالمي؟ تعتمد المملكة المتحدة بشكل كبير على الغاز المستورد لتلبية احتياجاتها من الطاقة، أكثر من معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى. وقد شهدت أسعار الغاز البريطاني ارتفاعاً حاداً في عام 2022، ولم تعد إلى مستوياتها ما قبل الجائحة، وهو ما يحدد أسعار الكهرباء في أكثر من 90 بالمئة من الحالات، وذلك بموجب نظام "التسعير الهامشي" المتبع في المملكة المتحدة، حيث يحدد مصدر الطاقة الأكثر تكلفة السعر النهائي، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية. لكن الطاقة ليست العامل الوحيد؛ فقد أدى نقص العمالة بعد الجائحة إلى تسريع نمو الأجور، وشارك موظفو السكك الحديدية والقطاع العام في إضرابات للمطالبة بأجور أفضل خلال وبعد صدمة التضخم. ولا يزال معدل النمو السنوي للأجور المنتظمة يرتفع بنسبة 5.6 بالمئة في الربع الأول من عام 2025، وهو أعلى من المستوى الذي يراه بنك إنجلترا متوافقاً مع هدف التضخم البالغ 2 بالمئة ونمو الإنتاجية بين 1 بالمئة و1.5 بالمئة. عوامل حكومية وتداعيات بريكست وأوضح التقرير أن الحكومة البريطانية ساهمت أيضاً في الضغوط التضخمية من خلال زيادة الحد الأدنى الوطني للأجور المعيشية، وهو الحد الأدنى الذي يجب على أصحاب العمل دفعه للموظفين الذين لا تقل أعمارهم عن 21 عاماً بنسب 9.7 بالمئة و9.8 بالمئة و6.7 بالمئة على التوالي خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي أبريل 2025، فرضت الحكومة ضريبة رواتب بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (35 مليار دولار)، والتي يقوم بعض أصحاب العمل بتحميلها على العملاء عن طريق رفع الأسعار. ويضيف التقرير: "على صعيد آخر، يرى العديد من الاقتصاديين أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ترك بصماته على مشكلة التضخم. فقد أشارت أبحاث من كلية لندن للاقتصاد إلى أن ثلث تضخم أسعار الغذاء في المملكة المتحدة من نهاية عام 2019 حتى مارس 2023 كان سببه بريكست، بسبب التكاليف الحدودية الإضافية التي أضافت 7 مليارات جنيه إسترليني إلى فواتير البقالة. وحذرت كاثرين مان، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، من أن الحواجز التجارية الجديدة جعلت المملكة المتحدة "فريدة من نوعها" في هذا السياق. وأشار التقرير إلى أن بريطانيا تواجه أيضاً مشكلة إنتاجية تتفاقم تدريجياً. فالقوة العاملة الأقل إنتاجية تنتج سلعاً وخدمات أقل بتكلفة أعلى لكل وحدة، مما يحد من قدرة الاقتصاد على النمو دون تأجيج التضخم. في الربع الأول من عام 2025، كانت الإنتاجية مقاسة بالناتج لكل عامل سلبية، حيث سجلت انخفاضاً بنسبة 0.7 بالمئة، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية. ويعاني البريطانيون كذلك من تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، إذ يميلون إلى إعادة تمويل رهونهم العقارية بشكل متكرر أكثر من نظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا القارية، مما يعرض العديد من الأسر لارتفاع تكاليف الاقتراض التي فرضها بنك إنجلترا للسيطرة على التضخم. وعلى الرغم من تخفيض أسعار الفائدة أربع مرات من ذروتها البالغة 5.25 بالمئة في أغسطس 2023إلى 4.25 بالمئة، إلا أنها تنخفض بوتيرة أبطأ مقارنة بمنطقة اليورو. وكان كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، أعرب أخيراً عن قلقه من سرعة تخفيض أسعار الفائدة في المملكة المتحدة، مما عزز مكانته كواحد من أكثر المسؤولين تشدداً في البنك المركزي البريطاني. وشرح بيل، في وقت سابق من هذا الشهر، مناشدته إبقاء تكاليف الاقتراض دون تغيير، قائلاً "إنه لا يُفضل التوقف التام لخفض أسعار الفائدة، لكنه دعا إلى نهج أكثر "حذراً" من وتيرة الخفض ربع السنوية المُتبعة منذ الصيف الماضي. وبحسب مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا، ارتفع معدل التضخم السنوي بأكثر من المتوقع في أبريل الماضي إلى 3.5 بالمئة من 2.6 بالمئة في مارس، وهو أعلى قراءة منذ يناير 2024 وأكبر زيادة في المعدل منذ عام 2022 عندما كان التضخم مرتفعا بشكل كبير. مع الانفتاح المتجدد على الاتحاد الأوروبي لم يفت الأون للسيطرة على التضخم ومن لندن يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير الاقتصاد العالمي في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إطار ما يُعرف بـ(البريكست)، وهي تعاني ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار. فقد كانت بريطانيا ، حين كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي ، تتمتع بإمكانية الوصول إلى أحد أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، مما أتاح لها استيراد المواد الغذائية والسلع بأسعار مناسبة، ساهمت في استقرار مستويات الأسعار والحد من الضغوط التضخمية". غير أن المشهد تبدل تماماً بعد الخروج من الاتحاد، إذ أصبحت الأسواق البريطانية تشهد ارتفاعاً متواصلاً في الأسعار، فيما عادت معدلات التضخم إلى الارتفاع رغم فترات من التراجع المؤقت، بحسب تعبيره. ويضيف الدكتور سلامة: "إن الدين العام البريطاني يشهد بدوره ارتفاعاً مستمراً، حيث تضطر الحكومة إلى الاستدانة لتغطية نفقاتها، نظراً لعدم كفاية الإيرادات الضريبية لتلبية الاحتياجات الإنفاقية والتنموية. وهذا ما يفسر، عودة الحكومة نحو فتح قنوات التعاون مع الاتحاد الأوروبي بهدف كبح التضخم وتخفيف عبء الأسعار على المواطنين". ويؤكد أن بريطانيا تجري حالياً مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي من أجل شراكة اقتصادية شبه كاملة، دون الإعلان صراحة عن "عودة" رسمية، مما يعني إزالة كثير من القيود التي فرضها البريكست وفتح المجال مجدداً أمام تجارة أكثر انسيابية، كما كان الحال عندما كانت بريطانيا عضواً بارزاً في الاتحاد". ويرى الدكتور سلامة أن هذه الخطوة قد تسهم في تهدئة التضخم نسبياً، إلا أن النجاح الحقيقي في مواجهة الأزمة يتطلب من الحكومة تقليص نفقاتها بشكل ملموس، خاصة وأن الدين العام تجاوز نسبة 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويختم بالقول: "لم يفت الأوان بعد للسيطرة على التضخم، لاسيما مع الانفتاح المتجدد على الاتحاد الأوروبي، لكن تظل معالجة الاستدانة أولوية قصوى. فإذا لم تتخذ بريطانيا إجراءات جادة لخفض الدين العام، فإن مشكلة التضخم ستظل تؤرق اقتصادها لسنوات طويلة مقبلة، وربما إلى ما لا نهاية." توقعات بعدم انخفاض التضخم حتى أبريل المقبل من جانبه، قال علي حمودي الخبير الاقتصادي، المختص في الشأن البريطاني في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "في الواقع، قد ينخفض التضخم في الاقتصادات الرئيسية الأخرى نحو هدف 2 بالمئة السحري، وهو ما تفضله البنوك المركزية العالمية الرئيسية، إلا أن التضخم في المملكة المتحدة وصل إلى أعلى مستوى له منذ بداية العام الماضي بعد موجة من زيادات الفواتير المؤلمة للأسر، وقد أكد ذلك مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) حيث قال إن تضخم مؤشر أسعار المستهلك بلغ 3.5 بالمئة في أبريل، مرتفعاً من 2.6 بالمئة في مارس، وهو أعلى مستوى منذ يناير 2024، كنا نتوقع ارتفاعاً في التضخم في أبريل بسبب ما يُسمى بـ (موجة أبريل المروعة) من زيادات الفواتير، على الرغم من أن الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك كانت أكبر مما توقعه معظم الناس". ويضيف حمودي: "يرجع السبب الرئيسي إلى ارتفاع سقف أسعار الطاقة الذي وضعته Ofgem بنسبة 6.4 بالمئة في أبريل، بعد أن انخفض قبل عام، إلى جانب مجموعة من زيادات الفواتير للأسر التي تعاني من ضغوط، بما في ذلك زيادات حادة في رسوم المياه ، وضريبة البلدية (السكن)، وضريبة الطرق، ورسوم الهاتف المحمول والنطاق العريض". وذكر أن بنك إنجلترا صرح مؤخراً بأن مؤشر أسعار المستهلك في طريقه إلى بلوغ ذروته عند 3.5 بالمئة، لكنه لم يتوقع حدوث ذلك حتى الربع الثالث من هذا العام. وقال الخبير الاقتصادي حمودي: "في هذه المرحلة، ليس من الواضح ما هو تأثير التعريفات الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأسعار والاقتصاد، أو ما سيحدث لنمو الأجور في المملكة المتحدة، وهو محرك رئيسي للتضخم، لذا، أرجح أن يبقى التضخم عند حوالي 3.5 بالمئة لبقية عام 2025 ولن ينخفض عن 3 بالمئة حتى أبريل من العام المقبل". ويتوقع ألا يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة في يونيو المقبل، بل يتوقع أن ينخفض سعر الفائدة الأساسي إلى 3.5 بالمئة بحلول فبراير 2026، بدلاً من نهاية هذا العام كما كان متوقعاً سابقاً. وبالعودة إلى تقرير الوكالة الأميركية، فقد ذكر أن بنك إنجلترا يرفض تقديم تقدير لـ "المعدل النهائي"، وهو المستوى الذي ستستقر عنده تكاليف الاقتراض بشكل طبيعي إذا كان الاقتصاد يعمل بكامل طاقته وظل التضخم عند 2 بالمئة. لكن معظم الاقتصاديين يعتقدون أنه يتراوح بين 3 بالمئة و3.5 بالمئة. وقال آلان تايلور، العضو الخارجي في لجنة السياسة النقدية، إنه يعتقد أن "المعدلات ستستقر عند حوالي 2.75 بالمئة. مقارنة بالعقد الذي أعقب الأزمة المالية، عندما كانت المعدلات حوالي 0.5 بالمئة، يبدو هذا مرتفعاً. ومع ذلك، قبل عام 2008، نادراً ما كانت المعدلات أقل من 4.5 بالمئة".


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
تفاؤل أمريكي بالتوصل إلى اتفاق حول هدنة طويلة الأمد في غزة
أعربت واشنطن، أمس الأربعاء، عن تفاؤلها بالتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق للنار طويل الأمد في غزة، وإبرام صفقة تبادل للأسرى، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: «نبلي بلاء حسناً بشأن غزة ويتعين على الأطراف أن توافق على الوثيقة التي قدمها الوسيط ستيف ويتكوف»، في حين دعت فرنسا وإندونيسا للتقدم نحو اعتراف متبادل إسرائيلي فلسطيني، بينما لفتت باريس إلى أن «حل الدولتين» مهدد أكثر من أي وقت مضي، في حين طالبت إيطاليا بوقف القصف الإسرائيلي على غزة، ونددت بفكرة طرد أهالي القطاع، وأكد الاتحاد الأوروبي أنه لا يمكن التغاضي عن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. وقال مبعوث الرئيس الأمريكي ستيفن ويتكوف:«نحن على وشك إرسال ورقة شروط جديدة للتوصل لاتفاق بشأن غزة، ونأمل أن يتم تسليمها في وقت لاحق». وقال: «نسعى لحل طويل الأمد للنزاع في الشرق الأوسط». وأضاف«ينتابني شعور جيد جيداً بشأن حل طويل الأمد في غزة، متفائل بشأن إمكانية وقف إطلاق النار المؤقت في غزة». وقال: «نحث جميع الأطراف على قبول مقترحاتنا بشأن حل الأزمة في غزة». وكانت حركة «حماس» قد أعلنت، أمس الأربعاء، أنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع المبعوث الأمريكي ويتكوف، يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار في قطاع غزة، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية، وضمان تدفق المساعدات، وتشكيل لجنة مهنية لتولي إدارة شؤون القطاع فور إعلان الاتفاق. غير أن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين أنه لا يوجد اقتراح أمريكي جديد لصفقة تبادل ورد «حماس» على الأرجح يتعلق بمقترح بحبح، فيما نقلت القناة الـ13 عن مصدر إسرائيلي أن الاقتراح الذي وافقت عليه حماس غير مقبول لدى إسرائيل. ومن جهته، قال الرئيس ترامب أن الإدارة الأمريكية تبلي بلاء حسناً بشأن غزة وأنه يتعين على الأطراف أن توافق على الوثيقة التي قدمها الوسيط ستيف ويتكوف. وأضاف أن إدارته تعمل على تسريع توصيل المواد الغذائية للفلسطينيين في غزة. من جهة أخرى، اعتبرت موفدة الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط سيغريد كاغ أمام مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، أن فلسطينيي قطاع غزة الذين ينزلقون أكثر فأكثر «إلى الهاوية»، يستحقون «أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة». في غضون ذلك، دعت فرنسا وإندونيسيا، أمس الأربعاء، إلى إحراز تقدّم نحو «الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين» خلال مؤتمر دولي يُعقد الشهر المقبل لإحياء فكرة حل الدولتين، أثناء زيارة يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جاكرتا التي يرغب في ضمها بصفتها أكبر دولة ذات غالبية مسلمة إلى جهوده الدبلوماسية. وكان مصدر دبلوماسي فرنسي أقر الثلاثاء بأنّ حلّ الدولتين الرامي لإنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين هو اليوم «مهدّد أكثر من أيّ وقت مضى». ومن جهته، حضّ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني إسرائيل مجدداً، أمس الأربعاء، على وقف ضرباتها على غزة، محذّراً من أن طرد الفلسطينيين من القطاع «لم يكن ولن يكون خياراً مقبولاً». وكذلك، قالت كايا كالاس الممثلة العليا الأوروبية للشؤون الخارجية في بيان أمس، إن استمرار استهداف البنية التحتية المدنية في قطاع غزة أمر غير مقبول داعية إلى العودة إلى وقف إطلاق النار، بما يؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن والوقف الدائم للأعمال العدائية من خلال المفاوضات. (وكالات)


الإمارات اليوم
منذ 6 ساعات
- الإمارات اليوم
البلوزة التقليدية في رومانيا ضحية جدال بين «السياسيين» و«القوميين»
تبنى القوميون في رومانيا بلوزة مطرزة يرتديها القرويون تقليدياً، خصوصاً النساء، شعاراً لهم، ويقول الليبراليون إن «القوميين استولوا على هوية ثقافية تخص جميع أفراد المجتمع الروماني وليس لهم الحق في (السطو على الرموز الوطنية)». هذه البلوزة التي أصبحت ترمز إلى الهوية الرومانية، ألهمت الرسام، هنري ماتيس، في رسم لوحات بديعة، والمصمم إيف سان لوران في تصاميم خلابة، وارتدتها المغنية البريطانية أديل في جلسة تصوير لمجلة «فوغ»، واستخدمتها لويس فويتون في إحدى مجموعاتها الموسمية «بجانب المسبح»، وتم تصنيفها على أنها من المنتجات الفاخرة. وأخيراً، اكتسبت هذه البلوزة الرومانية قاعدة جديدة من المعجبين، وهم سياسيون قوميون مفتونون بالأزياء الشعبية كرمز للإخلاص للوطن وتقاليده. علامة تجارية سياسية وجعلت ديانا سوسواكا، وهي شخصية يمينية متطرفة، من البلوزة المعروفة في الرومانية باسم «إي-يه»، جزءاً أساسياً من علامتها التجارية السياسية. ونادراً ما تظهر في العلن وهي لا ترتدي أي شيء آخر غيرها، ومن معجبي هذه البلوزة أيضاً جورج سيميون، المرشح القومي الذي خسر الانتخابات الرئاسية يوم الأحد الماضي، وكذلك العديد من مؤيديه. وركز كالين جورجيسكو، القومي المتطرف الذي فاز بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تم إلغاؤها لاحقاً العام الماضي، في حملته على مقاطع فيديو «تيك توك» ظهر فيها مرتدياً البلوزة، ويركب حصاناً أبيض. وأثار هذا الأمر حفيظة الليبراليين، فقد ذكرت رئيسة مجموعة بوخارست، عاصمة رومانيا، ألينا دوميتريو، والتي تُعنى بمساعدة المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، أنها كانت تُحب ارتداء البلوزة، لكنها تخلت عنها، لأن «المتطرفين اختطفوها وحوّلوها إلى سلاح أيديولوجي»، وأضافت: «كانت جزءاً من تقاليدنا، وكانت للجميع، لكنهم حوّلوها إلى رمز قومي لإقصاء (الأنقياء) والأخلاقيين». قيم أخلاقية وكثيراً ما يتهم القوميون الرومانيون الليبراليين بخيانة القيم الأخلاقية التقليدية والخضوع للاتحاد الأوروبي، الذي انضمت إليه البلاد منذ عام 2007. لكن جهودهم في اتخاذ التقاليد شعارات لهم فشلت عندما فشل سيميون في الفوز بالرئاسة أمام عمدة بوخارست الوسطي نيكوسور دان. وفي حين تخلى بعض التقدميين عن البلوزة، فإن كثيرين ممن لا يحبون ارتباطها الأخير باليمين المتطرف، يعتقدون أن المقاطعة من شأنها أن تسمح للسياسيين بالاستيلاء على جزء مهم من الثقافة الرومانية المشتركة. وقال دانيال ستانسيو، الذي يدير مشروعاً صغيراً مع زوجته، ويعمل مع خياطات أكبر سناً في الريف، لصنع وبيع البلوزات المطرزة: «كانت جدتي وجدتي الكبرى تخيطان وترتديان الـ(إي-يه) قبل أن يستحوذ عليها اليمين المتطرف بوقت طويل»، وأضاف ستانسيو، وهو يتجول في كشكه في المتحف الوطني للقرية في بوخارست، وهو عبارة عن معرض في الهواء الطلق يُبرز حياة الفلاحين الرومانيين: «يعتقد الناس أنني أناصر سيميون بسبب ما أبيعه». وأشار إلى أنه تلقى أخيراً مكالمة هاتفية من امرأة تريد شراء «إي-يه»، والتي هنّأته على وقوفه إلى جانب «الوطنيين»، ويتذكر أنها قررت عدم الشراء، بعد أن أوضح لها أنه ليس من مؤيدي سيميون. وأكد أن البلوزة «ملك لنا جميعاً، وليست لهم فحسب». استيلاء ثقافي وقالت رالوكا ميهايليسكو، طالبة علم نفس، البالغة من العمر (23 عاماً)، والتي ارتدت ملابس على الطراز القوطي وشاركت أخيراً في تجمع انتخابي دعماً لنيكوسور دان، منافس سيميون، إن «القمصان التقليدية المطرزة بأزهار زاهية لم ترق لذوقي»، لكنها أضافت أنها ترتدي واحدة من حين إلى آخر، معربة عن استيائها من «استيلاء القوميين على شيء يُعدّ جزءاً من ثقافة جميع الرومانيين». ولا ينزعج محبو البلوزة، غير السياسيين، مما يعدّونه استيلاء ثقافياً من قبل دور الأزياء الأجنبية النافذة، بقدر ما ينزعجون من استيلاء السياسيين عليها، فقد صرحت أندريا ديانا تاناسيسكو، التي تدير صفحة على «فيس بوك» تحتفي بـ«البلوزة الرومانية»، بأنها لا تمانع في استلهام إيف سان لوران، للبلوزات الرومانية، لأنه «فنان»، وأشاد برومانيا وحوّل فستانها الريفي إلى «أزياء راقية»، لكنها أبدت انزعاجها من «لويس فويتون» وعلامة الأزياء السريعة الصينية «شين» لنسخهما الأنماط والقصات الرومانية، من دون ذكر المصدر. وفي العام الماضي، أُطلقت حملة إلكترونية تطالب الشركات الأجنبية بالحصول على إذن من رومانيا لنسخ تصاميم بلوزاتها، وقالت تاناسيسكو، إن البلوزة «أشبه بشهادة ميلاد»، فكل واحدة منها (البلوزات) تُعرّف بمرتديها، ليس فقط بأنه روماني، بل أيضاً، بناء على ألوان ونقوش التطريز، بأنه ينتمي إلى قرية أو منطقة محددة، وأضافت: «لقد مررنا بعقود من الشيوعية ومشكلات أخرى كثيرة، لكن البلوزة الرومانية بقيت على حالها وهي جزء منا جميعاً». الهوية الثقافية ويثير إصرار الرومانيين على ملكية رومانيا الحصرية للبلوزة، حفيظة البلغاريين والأوكرانيين وغيرهما في أوروبا الشرقية الذين يرتدون أيضاً بلوزات مطرزة تبدو لغير المتخصصين متشابهة جداً. إلا أن خبراء يصرون على أنها مختلفة تماماً عن البلوزة الرومانية، حيث أمضت عالمة «الأعراق»، دوينا إسفانوني، في متحف القرية الرومانية، عقوداً في السفر عبر البلاد، لتصنيف ما وصفته ببلوزات رومانية فريدة، وفي عام 2022، أعلنت «اليونيسكو» أن البلوزة الرومانية تُعدّ جزءاً من الهوية الثقافية لرومانيا وجارتها مولدوفا، التي كانت جزءاً من رومانيا سابقاً. وسخرت إسفانوني مما اعتبرته جهوداً من السياسيين لاستغلال البلوزة لأغراض انتخابية، مشيرة إلى أنهم في الأغلب يرتدون قمصاناً مقلدة رخيصة مصنوعة آلياً بدلاً من ملابس أصلية مطرزة يدوياً. وقالت: «يريد القوميون، مثل سيميون وسوسواكا، إظهار أنهم يمثلون رومانيا الحقيقية وتقاليدها، لكن هذا مجرد محاكاة ساخرة للتقاليد تهدف إلى خداع الناس». انقراض وقالت نيكوليتا أوتا، ممرضة إسعاف في قرية «دومنستي» شمال شرق بوخارست، من عشاق البلوزات الرومانية، إنها أدركت أن هذه الحِرفة مهددة بالانقراض، عندما لم يعد هناك أشخاص يتقنون صنع البلوزات في قريتها سوى امرأة تبلغ من العمر 87 عاماً. وطلبت أوتا من هذه المرأة المساعدة في تعليم التطريز لفتيات المنطقة، وبدأت فصلاً دراسياً في منزلها، وفي عصر أحد الأيام، جلست 16 فتاة منشغلات باهتمام بالغ بينما كنّ يخطن لساعات، وقالت أوتا إن أفضل تلميذ في التطريز كان فتى مراهقاً، لكن عائلته انتقلت للعيش في مكان آخر. وأضافت أوتا أن تعليم المراهقين التطريز لا يُبقي على الحِرف اليدوية التقليدية حيّة فحسب، بل يساعد أيضاً في إبعاد الشباب عن هواتفهم المحمولة، لبضع ساعات على الأقل. وقالت: «يتعلمون التركيز والشعور بالفرح والرضا عندما يرون نتيجة ما أبدعوه»، وأضافت أن «السياسيين جميعاً يرتدون بلوزات زائفة ويضربون مثلاً سيئاً للجميع»، مختتمة بقولها: «نحن بحاجة إلى العودة إلى التقاليد الحقيقية وليس إلى التقاليد التي شوهتها السياسة». عن «نيويورك تايمز» الحفاظ على «سرية المهنة» نيكوليتا أوتا من عشاق البلوزات الرومانية. من المصدر تشير الملابس التقليدية الرومانية إلى الزي الوطني الذي يرتديه الرومانيون، الذين يعيشون بشكل رئيس في رومانيا ومولدوفا، مع وجود جاليات أصغر في أوكرانيا وصربيا. واليوم ترتدي الأغلبية العظمى من الرومانيين أزياء عصرية في معظم المناسبات، وقد اندثرت هذه الملابس بشكل كبير خلال القرن الـ20، ومع ذلك، لايزال من الممكن رؤيتها في المناطق النائية، وفي المناسبات الخاصة، وفي الفعاليات «الإثنوغرافية» والشعبية، ولكل منطقة تاريخية، تنوعها الخاص في الأزياء. ودائماً كانت حياكة الملابس النسائية الرومانية تُعدّ تقليداً راسخاً في الثقافة الرومانية، حيث كانت الفتيات يتعلّمن الخياطة في سن مبكرة. وجرت العادة على خياطة البلوزات في غرف خاصة تحت الأرض، للحفاظ على سرية الأنماط، وفي العصر الحديث، لايزال هذا التقليد المتمثل في الحفاظ على سرية عملية الخياطة قائماً، وتهيمن الألوان السوداء على أزياء كبار السن، بينما يُعدّ اللون الأحمر اللون السائد لدى الشباب. وفي الجزء الشمالي من البلاد، تُخاط الزخارف باللون الأسود وتُزيّن بالخرز و«الترتر» والخيوط المعدنية. أما في الجنوب، فتُعدّ خيوط الأحمر والأزرق والأصفر والبرتقالي أكثر شيوعاً. رمز للأصالة.. و«نخبوية» للغاية فتيات يتعلمن حياكة البلوزة الرومانية. من المصدر في رومانيا، حيث تعيش النخبة الثرية في مدن مثل بوخارست، منذ فترة طويلة، في عزلة عن أغلب السكان في الريف، فإن تبني البلوزة التقليدية أتاح طريقة سهلة لإظهار ارتباطها بالجماهير. ويروي التاريخ أن آخر ملكة لرومانيا، ماري، التي وُلدت ونشأت في بريطانيا قبل زواجها من ولي العهد الروماني عام 1892، وغيرها من أفراد العائلة المالكة الأجانب، كانوا في الأغلب يرتدون البلوزات التقليدية «لإظهار انتمائهم الروماني الأصيل». وكان الديكتاتور الشيوعي الروماني، نيكولاي تشاوشيسكو - الذي حكم رومانيا من عام 1965 إلى عام 1989 - أحد القادة الذين تجنبوا البلوزات المطرزة، وُلد لعائلة قروية فقيرة، ولم يكن بحاجة إلى إثبات هويته كابن أرضه. وعلى الرغم من أن هذه البلوزات تُعدّ رمزاً للأصالة والتواصل مع عامة الشعب، فإنها تُعدّ من نواحٍ عدة نخبوية للغاية نظراً إلى سعرها المرتفع. ويمكن أن يصل سعر بلوزة أصلية مطرزة يدوياً إلى مئات أو حتى آلاف الدولارات، حسب نوع القماش ودقة التطريز، وأدى ارتفاع أسعار البلوزات المطرزة يدوياً إلى تدفق كميات هائلة من المنتجات المصنوعة آلياً من الصين وغيرها، ما صعّب المنافسة على الحِرفيين التقليديين. وهناك نساء مسنات كثيرات في الريف، يقضين شهوراً في صنع بلوزة واحدة. . كثيراً ما يتهم القوميون الرومانيون الليبراليين بخيانة التقاليد والخضوع للاتحاد الأوروبي، الذي انضمت إليه البلاد منذ 2007. . إصرار الرومانيين على ملكية رومانيا الحصرية للبلوزة، يثير حفيظة البلغاريين والأوكرانيين وغيرهما في أوروبا الشرقية.