logo
بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد

بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد

القدس العربي منذ 4 أيام

الفاشر (السودان): جاء المهاجمون من كل اتجاه، مثبتين الرشاشات فوق شاحناتهم الصغيرة، لاستهداف مخيم 'سامسام' للاجئين في ولاية شمال دارفور بالسودان.
وسادت حالة من الذعر بين اللاجئين في المخيم الذي كان يؤوي ما يتراوح بين 500 ألف ومليون نازح داخلي، بحسب تقديرات مختلفة. وينتمي المهاجمون إلى ميليشيا قوات الدعم السريع، وهي نفس الجماعة التي فر منها اللاجئون.
وشهد لاجئون كثيرون أحداثا مروعة، ومن بينهم محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل.
وقال محمد عبر الهاتف من مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور: 'لقد تم حرق كبار السن الذين لم يتمكنوا من الفرار سريعا، وهم أحياء في أكواخهم. كما تم سحب الأطفال من الأماكن التي يختبئون بها وقتلهم'.
وأوضح أن قوات الدعم السريع أساءت معاملة ضحاياها ووجهت إليهم إساءات عرقية. وتم إعدام عمال الإغاثة على الفور.
ولا يمكن التحقق من تصريحات محمد بشكل مستقل، إلا أن المراقبين ومنظمات الإغاثة المتواجدين على الأرض، يؤكدون مقتل موظفين من منظمة الإغاثة الدولية في أعمال عنف.
وبحسب إحصاءات لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، قتل ما لا يقل عن 23 طفلا. كما تشير التقارير إلى أن عدد القتلى بلغ 129 على الأقل، وربما عدة مئات.
العنف في دارفور له جذور عميقة
وتندلع في السودان حرب أهلية منذ أكثر من عامين، بين ميليشيا قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وقوات الحكومة بقيادة الزعيم الفعلي للبلاد، عبد الفتاح البرهان.
وقام الجنرالان بالاستيلاء على السلطة سويا في عام 2021، ويتقاتلان ضد بعضهما البعض في الوقت الحالي، بعد أن فشلت الجهود الدبلوماسية المتعددة للتوسط بين الطرفين من أجل وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام.
ومع ذلك، تعود جذور العنف في دارفور إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي الصراعات بين البدو العرب والمزارعين الأفارقة، على موارد مثل المياه والأراضي.
وكانت ميليشيات عربية تمتطي الخيول، انضم بعضها في وقت لاحق إلى قوات الدعم السريع، هاجمت قبل عشرين عاما قرى تابعة لجماعات عرقية أفريقية مثل 'المساليت' و'الزغاوة' و'الفور'.
وتم تدمير آلاف القرى، كما أفادت تقارير واسعة النطاق بحدوث وقائع عنف جنسي ومجازر.
وفي عام 2004، وصف وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، الأحداث في دارفور بـ'الإبادة الجماعية'. وفي عام 2010، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وعلى عكس ما يحدث اليوم، حظيت دارفور آنذاك باهتمام دولي، حيث أطلق نجوم بارزون في هوليوود من أمثال جورج كلوني وأنجلينا جولي وميا فارو، نداءات علنية 'لإنقاذ دارفور'.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
وفي الوقت الحالي، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. ففي صيف عام 2023، أفادت تقارير بوقوع مجازر استهدفت جماعة 'المساليت' العرقية في غرب دارفور. ومنذ ذلك الحين، تتهم الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، قوات الدعم السريع مرارا بارتكاب جرائم تعذيب واغتصاب جماعي وغيرها.
ومنذ الهجوم على مخيم 'سامسام' في منتصف أبريل/ نيسان الماضي، ترد تقارير يومية بشأن سقوط عشرات القتلى بسبب القصف الذي تشهده الفاشر والقرى المحيطة بها.
ويشار إلى أن الفاشر- وهي آخر مدينة رئيسية لا تزال تحت سيطرة الحكومة، والتي حاصرتها قوات الدعم السريع لمدة عام- لها أهمية استراتيجية كبيرة.
وفي حال سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، فإنها سوف تسيطر على دارفور بأكملها، وستتمكن من تنفيذ خططها لإنشاء حكومة موازية هناك.
منظمة العفو الدولية تطالب باتخاذ إجراءات
وبينما يفر الكثيرون، يواجه من لا يزالون يعيشون في السودان 'عمليات قتل وحالات إعدام بإجراءات موجزة ووقوع إصابات وجرائم اغتصاب واغتصاب جماعي واستعباد جنسي وأشكال أخرى من العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري وجرائم نهب واسع النطاق، والتي ترقى جميعها إلى جرائم الحرب، وقد يرقى بعضها أيضا إلى جرائم ضد الإنسانية'، بحسب ما كتبته منظمة العفو الدولية في نداء وجهته إلى الاتحاد الأوروبي من أجل التحرك.
وأضافت المنظمة الدولية أن 'الأطفال وقعوا في مرمى نيران القصف الجوي والمدفعي، ما نتج عنه سقوط العديد من الضحايا، وأثر بشدة على سلامتهم وتعليمهم ورفاهيتهم'.
وأشارت العفو الدولية في رسالتها المفتوحة إلى أنه منذ اندلاع الحرب، واجه الحصول على معلومات مستقلة وموثوقة ضغوطا شديدة، حيث يقوم الطرفان باستهداف الصحافيين بتهديدهم (بالقتل) وبالعنف والاعتداءات عليهم.
كما تعرضت البنية التحتية الإعلامية، التي تشمل المكاتب والمعدات، للنهب والسرقة والحرق والتدمير المتعمد.
ويؤدي تجدد مثل هذه الأساليب إلى زيادة خطر العودة إلى أسوأ أيام حروب السودان، عندما تسبب التطهير العرقي الممنهج وجرائم الحرب في تدمير مجتمعات بأكملها.
(د ب أ)

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس تحرير "إنفورماسيون": الدنمارك ليست بريئة من دم الفلسطينيين
رئيس تحرير "إنفورماسيون": الدنمارك ليست بريئة من دم الفلسطينيين

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

رئيس تحرير "إنفورماسيون": الدنمارك ليست بريئة من دم الفلسطينيين

في سياق "الهبّة" في صحافة الدنمارك أخيراً، تضامناً مع الفلسطينيين في غزة وإدانةً للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل واستنكاراً للموقف الدنماركي الرسمي، كتب رئيس تحرير صحيفة إنفورماسيون اليومية، رون ليكبيرغ، مقالاً في صحيفة ذا غارديان البريطانية، منتقداً حظر النقاش حول السيادة الفلسطينية في مدارس البلاد. وقال رون ليكبيرغ، في مقاله المنشور أمس الأربعاء، إنه "في الدنمارك، نُحب اعتبار أنفسنا في طليعة حرية التعبير. كنا أول دولة في العالم تُشرّع المواد الإباحية. أصررنا على حق نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد. بدلاً من تهميش ما يُسمى بالشعبويين اليمينيين في البرلمان، دعوناهم إلى التعاون السياسي. نفخر بأننا لا نخشى النقاش، ونجيد تسخيف السلطات التي تُملي علينا ما يجب فعله خاصةً ما لا ينبغي فعله". وأضاف: "يعتبر الدنماركيون بلدهم قدوة في الديمقراطية. ولذلك، تُعدّ الانتخابات الوطنية للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً تقليداً عزيزاً، وجزءاً من التربية المدنية، وتحضيراً للمشاركة الديمقراطية. المدارس كلها مدعوة إلى المشاركة في هذه المسابقة التي تُعقد كل عامين. يناقش الطلاب 20 قضية لمدة ثلاثة أسابيع، قبل الإدلاء بأصواتهم للأحزاب المؤهلة أيضاً إلى الترشح في الانتخابات العامة الفعلية". وبعد هذه المقدمة، عرّج على ما أثار جدلاً واسعاً خلال الأسابيع الأخيرة في الدنمارك، إذ تقرر استبعاد مسألة فلسطين من قائمة القضايا المطروحة في الانتخابات المدرسية الوطنية لعام 2026. ما إذا كان ينبغي للدنمارك الاعتراف بسيادة دولة فلسطين فإنها تعد "قضية حاسمة في عصرنا، وتحفز المشاركة السياسية بين الناخبين الشباب، واستبعادها لافت"، كما كتب ليكبيرغ الذي أشار إلى أن القرار تعرّض لهجومٍ من يسار ويمين الطيف السياسي، إذ رأى النقاد أنه "يُناقض تماماً إعداد الشباب للديمقراطية الدنماركية، ويتعارض مع قيمنا بصفتنا أمة". أُعلن القرار من قِبل رئيسَي البرلمان، وبرّره الحزبان اللذان قادا الحكومات الدنماركية على مدار الثلاثين عاماً الماضية: الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الليبرالي. جادلا بأن القضية "شديدة الحساسية" للنقاشات الصفية، وأنها تُخاطر بوضع الشباب من الأقليات في مواقف مُحرجة للغاية، كما أنها "قضية مُعقّدة للغاية بحيث يصعب عليهم استيعابها بشكل هادف". وانتقد الصحافي الدنماركي هذه التبريرات، فكتب أن "ما يَلفت الانتباه هنا هو أن الأحزاب نفسها عادةً ما تدعم فهماً للديمقراطية يضع حرية التداول الخلافي والتبادل الهجومي فوق حماية حساسية الأقليات والنظام العام. ثقافياً، هذا هو النموذج الدنماركي للديمقراطية: نحن متسامحون تجاه التعصب اللفظي عندما يتعلق الأمر بالخطاب السياسي حول الإسلام والهجرة، ونشكك في الأنا العليا الليبرالية التي تريد حماية مشاعر الأقليات والنظام العام. ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين، تُروّج الأحزاب الحاكمة فَهْماً للديمقراطية يضع الحساسيات الشخصية والنظام العام فوق حرية التعبير والحق في الإساءة. هذا أمرٌ لافتٌ للنظر حقاً. عندما يتعلق الأمر بالتعقيد الجوهري، يبدو بلا شك أن فهم الآليات التي تُحرك أزمة المناخ، على سبيل المثال، أصعب من فهم ما إذا كان ينبغي الاعتراف بالدولة الفلسطينية". وهاجم المسؤولين في بلاده، قائلاً "ليس تلاميذ المدارس هم من يعجزون عن التعامل مع القضية الفلسطينية، بل الأحزاب الحاكمة التي تُسقط إخفاقاتها على التلاميذ الدنماركيين، وتسعى لتجنبها وجميع القضايا الأخرى التي سيثيرها التطرق إلى هذه القضية: حرب غزة، وصادرات الأسلحة الدنماركية، والتوتر بين تحالفات الدنمارك مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والتزاماتنا تجاه المؤسسات الليبرالية وحقوق الإنسان الفلسطيني". وذكّر بأن النقاش حول الغزو الروسي لأوكرانيا مسموح، بل "يبدو أنهم يستمتعون بالحديث عنه، لأن الدنمارك الصغيرة تدعم الدولة التي غزاها جارها الأكبر والأقوى. نحن ندعم بشكل قاطع النظام الليبرالي والقانون الدولي ضد المعتدي. أخلاقياً، يُظهر انخراطنا في أوكرانيا بصفتنا دولة نطمح أن نكونها، لكنْ تواطؤنا في جرائم الحرب التي تُرتكب في غزة يُظهرنا أمةً أصبحنا عليها، لكننا لا نستطيع الدفاع عنها". نجوم وفن التحديثات الحية مِس ريتشل: مستعدة للمخاطرة بمسيرتي لمناصرة أطفال غزة وانتقد رئيسة الحكومة الدنماركية مباشرة، قائلاً إن "القضية الفلسطينية تكشف عن خللٍ فاضح في نظامنا الحالي. لو كان الجيش الروسي يفعل بالأوكرانيين ما يفعله الجيش الإسرائيلي بفلسطينيي غزة أو الضفة الغربية، لغضبت رئيسة وزرائنا ميتي فريدريكسن علناً. لكنها تُعطي انطباعاً بأنها لا تتحدث عن معاناة الفلسطينيين إلا عندما تُجبرها الظروف أو الأجندة أو الأسئلة المباشرة عنها". وأضاف أنها "تتحدث عن معاناة الفلسطينيين كما لو كنا متفرجين أبرياء. ومع ذلك، تمتلك الحكومة الدنماركية أدوات ضغط كبيرة يمكنها استخدامها لمحاسبة الحكومة المتطرفة في إسرائيل. لكنها اختارت عدم القيام بذلك". وأفاد بأن بلاده التي "تعتز بسجلها الديمقراطي، لم تُبادر إلى إعادة التفاوض على الاتفاقية الرسمية التي تجعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل"، إذ أيدت الحكومة الدنماركية الشهر الماضي مراجعةً للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لكنها لم تقترح فرض عقوبات على سياسيين إسرائيليين محددين أو على إسرائيل بصفتها دولة، ولم تعترف بالدولة الفلسطينية، كما فعلت إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا. "بدلاً من ذلك، تواصل حكومتنا السماح لمصنعي الأسلحة الدنماركيين بتزويد إسرائيل، إما بشكل غير مباشر عبر الولايات المتحدة وإما بشكل مباشر، بقطع غيار لقاذفات إف-35 التي ينشرها الجيش الإسرائيلي في غزة. هذا على الرغم من علم قادتنا بأن ذلك ينتهك قواعد الاتحاد الأوروبي التي تُلزم بمنع تصدير المعدات العسكرية إذا كان هناك خطر واضح من استخدامها لارتكاب جرائم حرب"، كتب ليكبيرغ. ولا بد من الإشارة إلى أن عريضة للمواطنين تطالب الدنمارك بوقف جميع صادرات الأسلحة المباشرة وغير المباشرة إلى إسرائيل جمعت أكثر من 50 ألف توقيع. وعرضت على البرلمان الأسبوع الماضي. "لكن النقاش أوضح مجدداً أن هناك إجماعاً واسعاً على وضع التحالف الأمني مع الولايات المتحدة فوق حقوق الإنسان في غزة". وقال: "نحن نساهم في جرائم الحرب في إسرائيل، بينما نحشد ضدها في أوكرانيا. يبدو أن حكومتنا تقبل ضمنياً معاناة الفلسطينيين ضرراً جانبياً لسياسة خارجية في طور الانهيار، لأنها مبنية على تحالف تنسحب منه الولايات المتحدة. الدنمارك ببساطة ترسل أسلحة إلى متنمر، ثم تحزن على عواقب استخدامها". وأضاف: "في هذا السياق، يتضح جلياً أن قادتنا لا يريدون أن يناقش أطفال مدارسنا مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بوصفها جزءاً من تعليمهم، لأنهم لا يستطيعون تحملها بأنفسهم. لا يريد ممثلونا المنتخبون أن تكشف ديمقراطيتنا فشلهم في فضيحة الغرب الأخلاقية في القرن الحادي والعشرين"، أما ما يخص طلاب المدارس، فإن هذا النقاش "هو مدخل قيّم، وإن لم يكن مقصوداً، إلى الديمقراطية". وأوضح: "لقد تعلموا كيف سيحاول أصحاب السلطة دائماً تحديد أجندة المشاركة الديمقراطية وحدودها. كما يُظهر أن ما يتحدث عنه الشباب مهم. يمكن أن يكون وسيلة لتعبئة أفضل ما في ديمقراطيتنا ضد الأسوأ، وبناء قوتهم بصفتهم ناخبين مستقبليين. ونأمل أن تصبح هذه القضية الأكثر إثارة للنقاش في مدارس الدنمارك في العام المقبل".

ركود حاد بأسواق أضاحي مصر... وقفزات غير مسبوقة بالأسعار
ركود حاد بأسواق أضاحي مصر... وقفزات غير مسبوقة بالأسعار

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

ركود حاد بأسواق أضاحي مصر... وقفزات غير مسبوقة بالأسعار

رغم تراجع الطلب تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعاً كبيراً في مصر، قبل أيام من عيد الأضحى، مدفوعة بندرة المعروض من المواشي والأغنام، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، وخاصة الطبقة الوسطى الحريصة على إحياء الشعيرة المقدسة، التي تدخل البهجة على المواطنين. ظلت الأسر المصرية تتباهى بتجهيز أضحيتها قبل أيام من العيد، وباتت أسر كثيرة اليوم تتابع أسعارها في نشرات الأخبار، أو التنقل بين الأسواق، باحثة عن بصيص أمل، للعثور على أضحية مقابل سعرٍ معقول. "زمان كنا نشتري خروف ونفرح بيه مع العيال، حالياً حتى كيلو اللحمة البلدي أصبح حلماً"، بهذه الكلمات يلخص عم محمد، سباك في الخمسين من عمره، حال مئات الآلاف من المصريين. يُضيف وهو يقف في سوق مواشي العامرية بالإسكندرية (شمالي مصر): "سألت عن الخروف، قالوا إن ثمنه 16 ألف جنيه، ومرتبي كله لعدة أشهر، لا يكفي لشراء خروف العيد". وشهدت أسعار الأضاحي لهذا العام قفزات غير مسبوقة، ما جعل الكثير من المصريين يعجزون عن تلبية نداء الشعيرة الدينية. يتراوح سعر الكيلو القائم (غير المذبوح) للعجول البقري ما بين 175 و195 جنيهاً، وللجاموس بين 155 و175 جنيهاً، بينما بلغ سعر كيلو القائم في الخراف والماعز 200 جنيه، ما يعني أن سعر العجل الكامل يزيد عن 100 ألف جنيه، في حين يتجاوز ثمن الخروف المتوسط 15 ألف جنيه، حسب رصد أجراه تجار (الدولار = نحو 49.8 جنيهاً). اقتصاد عربي التحديثات الحية تباطؤ انكماش القطاع الخاص غير النفطي في مصر خلال مايو يؤكد التجار في أسواق المواشي أن الارتفاع في الأسعار هذا العام مقارنة بـ2024، والذي يتراوح بين 15% و20%، يأتي نتيجة الضغط على المخزون المحلي، وارتفاع تكلفة الأعلاف والعمالة. ويقول تاجر مواشٍ في سوق أبيس (منطقة بين محافظتي الإسكندرية والبحيرة)، علواني عبد العاطي، إن تكاليف التربية هي السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار: "العلف غالٍ، وكيس الردة بـ300 جنيه. غير التحصينات البيطرية والنقل والعمالة". بينما يشير أحد كبار المربين بمدينة كفر الدوار (شمال)، محمود القناوي، إلى أن السوق في حالة ركود"، بسبب غياب الزبائن رغم توافر المواشي بكثرة هذا العام. أما الموظف الحكومي، مصطفى فوزي، فيقول: "لا أضحية ولا غيره، إحنا يادوب عايشين. مرتبي خلص قبل نص الشهر، وأدفع إيجار وكهربا وغاز. العيد هذا العام للناس اللي فوق بس، وليس للطبقة المتوسطة التي يبدوا أنها دائماً تعاني في المناسبات". أمام هذا الواقع، بدأ كثير من المصريين في البحث عن حلول بديلة. تقول عبير مصطفى، موظفة وأم لثلاثة أبناء: "أصبحنا نفكر في الاشتراك الجماعي. يعني خمس أو ست عائلات تشتري عجلاً واحداً، وكل بيت يأخذ نصيبه. وهناك كثيرون قرروا الاكتفاء بشراء اللحم من الجزار، كل حسب إمكانياته". دار الإفتاء المصرية أوضحت في أكثر من مناسبة أن الأضحية سنة مؤكدة للقادر، وليست واجبة على غير القادر. في هذا السياق، يقول إمام وخطيب في محافظة الإسكندرية أيمن عبد الحليم: "ندعو القادرين لمساعدة غير القادرين. هناك حملات للشراء الجماعي وتوزيع اللحوم، وهذه من صور التكافل الحميدة التي يقرها الشرع". موقف التحديثات الحية مدن فارهة في صحراء مصر... والنيل في خدمة الأثرياء بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية دخلت على خط الأزمة، مُعلنة عن توفير أضاح بأسعار أقل، أو تنظيم حملات للذبح الجماعي. إلا أن الإقبال عليها هذا العام كان أقل من الأعوام السابقة، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة. يقول مسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية بالإسكندرية، أحمد الطوخي: "كنا العام الماضي نوفر 50 رأس ماشية للأضحية، هذا العام لم نكمل 20 رأساً حتى الآن. الناس غير قادرة، والمساهمات قلت 60%". وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأضاحي دفع البعض إلى القيام بتنفيذ الشعيرة، وتوزيع لحومها على المحتاجين داخل بعض الدول الأفريقية والاستفادة من رخص الأسعار، إلا أن الطلب ما زال ضعيفاً أيضاً. وعلى الجانب الآخر، أعلنت وزارات الزراعة والتموين عن مبادرات للسيطرة على الأسعار وتخفيف العبء. فقد كشف وزير التموين شريف فاروق عن بدء إقامة شوادر عيد الأضحى، اعتباراً من 20 مايو/ أيار 2025 في مختلف المحافظات، لتوفير الخراف الحية واللحوم الطازجة بأسعار تنافسية. وفي تصريحات تلفزيونية، أكد مسؤول قطاع الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة، طارق سليمان، انخفاض أسعار الأعلاف عالمياً بنسبة تزيد عن 40% خلال الأشهر الستة الماضية، متوقعاً أن تنعكس هذه الميزة بانخفاض في أسعار اللحوم بنحو 10% قبيل العيد.

بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد
بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد

القدس العربي

timeمنذ 4 أيام

  • القدس العربي

بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد

الفاشر (السودان): جاء المهاجمون من كل اتجاه، مثبتين الرشاشات فوق شاحناتهم الصغيرة، لاستهداف مخيم 'سامسام' للاجئين في ولاية شمال دارفور بالسودان. وسادت حالة من الذعر بين اللاجئين في المخيم الذي كان يؤوي ما يتراوح بين 500 ألف ومليون نازح داخلي، بحسب تقديرات مختلفة. وينتمي المهاجمون إلى ميليشيا قوات الدعم السريع، وهي نفس الجماعة التي فر منها اللاجئون. وشهد لاجئون كثيرون أحداثا مروعة، ومن بينهم محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل. وقال محمد عبر الهاتف من مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور: 'لقد تم حرق كبار السن الذين لم يتمكنوا من الفرار سريعا، وهم أحياء في أكواخهم. كما تم سحب الأطفال من الأماكن التي يختبئون بها وقتلهم'. وأوضح أن قوات الدعم السريع أساءت معاملة ضحاياها ووجهت إليهم إساءات عرقية. وتم إعدام عمال الإغاثة على الفور. ولا يمكن التحقق من تصريحات محمد بشكل مستقل، إلا أن المراقبين ومنظمات الإغاثة المتواجدين على الأرض، يؤكدون مقتل موظفين من منظمة الإغاثة الدولية في أعمال عنف. وبحسب إحصاءات لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، قتل ما لا يقل عن 23 طفلا. كما تشير التقارير إلى أن عدد القتلى بلغ 129 على الأقل، وربما عدة مئات. العنف في دارفور له جذور عميقة وتندلع في السودان حرب أهلية منذ أكثر من عامين، بين ميليشيا قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وقوات الحكومة بقيادة الزعيم الفعلي للبلاد، عبد الفتاح البرهان. وقام الجنرالان بالاستيلاء على السلطة سويا في عام 2021، ويتقاتلان ضد بعضهما البعض في الوقت الحالي، بعد أن فشلت الجهود الدبلوماسية المتعددة للتوسط بين الطرفين من أجل وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام. ومع ذلك، تعود جذور العنف في دارفور إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي الصراعات بين البدو العرب والمزارعين الأفارقة، على موارد مثل المياه والأراضي. وكانت ميليشيات عربية تمتطي الخيول، انضم بعضها في وقت لاحق إلى قوات الدعم السريع، هاجمت قبل عشرين عاما قرى تابعة لجماعات عرقية أفريقية مثل 'المساليت' و'الزغاوة' و'الفور'. وتم تدمير آلاف القرى، كما أفادت تقارير واسعة النطاق بحدوث وقائع عنف جنسي ومجازر. وفي عام 2004، وصف وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، الأحداث في دارفور بـ'الإبادة الجماعية'. وفي عام 2010، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور. وعلى عكس ما يحدث اليوم، حظيت دارفور آنذاك باهتمام دولي، حيث أطلق نجوم بارزون في هوليوود من أمثال جورج كلوني وأنجلينا جولي وميا فارو، نداءات علنية 'لإنقاذ دارفور'. هل يعيد التاريخ نفسه؟ وفي الوقت الحالي، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. ففي صيف عام 2023، أفادت تقارير بوقوع مجازر استهدفت جماعة 'المساليت' العرقية في غرب دارفور. ومنذ ذلك الحين، تتهم الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، قوات الدعم السريع مرارا بارتكاب جرائم تعذيب واغتصاب جماعي وغيرها. ومنذ الهجوم على مخيم 'سامسام' في منتصف أبريل/ نيسان الماضي، ترد تقارير يومية بشأن سقوط عشرات القتلى بسبب القصف الذي تشهده الفاشر والقرى المحيطة بها. ويشار إلى أن الفاشر- وهي آخر مدينة رئيسية لا تزال تحت سيطرة الحكومة، والتي حاصرتها قوات الدعم السريع لمدة عام- لها أهمية استراتيجية كبيرة. وفي حال سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، فإنها سوف تسيطر على دارفور بأكملها، وستتمكن من تنفيذ خططها لإنشاء حكومة موازية هناك. منظمة العفو الدولية تطالب باتخاذ إجراءات وبينما يفر الكثيرون، يواجه من لا يزالون يعيشون في السودان 'عمليات قتل وحالات إعدام بإجراءات موجزة ووقوع إصابات وجرائم اغتصاب واغتصاب جماعي واستعباد جنسي وأشكال أخرى من العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري وجرائم نهب واسع النطاق، والتي ترقى جميعها إلى جرائم الحرب، وقد يرقى بعضها أيضا إلى جرائم ضد الإنسانية'، بحسب ما كتبته منظمة العفو الدولية في نداء وجهته إلى الاتحاد الأوروبي من أجل التحرك. وأضافت المنظمة الدولية أن 'الأطفال وقعوا في مرمى نيران القصف الجوي والمدفعي، ما نتج عنه سقوط العديد من الضحايا، وأثر بشدة على سلامتهم وتعليمهم ورفاهيتهم'. وأشارت العفو الدولية في رسالتها المفتوحة إلى أنه منذ اندلاع الحرب، واجه الحصول على معلومات مستقلة وموثوقة ضغوطا شديدة، حيث يقوم الطرفان باستهداف الصحافيين بتهديدهم (بالقتل) وبالعنف والاعتداءات عليهم. كما تعرضت البنية التحتية الإعلامية، التي تشمل المكاتب والمعدات، للنهب والسرقة والحرق والتدمير المتعمد. ويؤدي تجدد مثل هذه الأساليب إلى زيادة خطر العودة إلى أسوأ أيام حروب السودان، عندما تسبب التطهير العرقي الممنهج وجرائم الحرب في تدمير مجتمعات بأكملها. (د ب أ)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store