logo
النقد ونقد النقد للعقل العربي الإسلامي ولكن!

النقد ونقد النقد للعقل العربي الإسلامي ولكن!

الشرق الأوسطمنذ 13 ساعات

النقد الفكري لا يعني دحض الأفكار، أو العمل على إبطالها وإزالتها، بل مراجعتها وفحصها. في أوروبا بدأ نقد الفكر التاريخي الموروث مبكراً. الفلسفة كانت أداة العقل، التي حركت مسيرة الإنسان نحو النهوض والتقدم. الفيلسوف فردريك هيغل كان مهمازاً لدفع حيوية التفكير النقدي. كي تؤسس لزمن جديد، عليك أن تراجع أفكارك دون توقف، أي أن تنتقدها. فأنت لا تستطيع أن تفكر مثل إنسان عاش منذ مائة سنة مضت، أو سيأتي بعد مائة سنة، والزمن له تأثير على العلم والفلسفة. ويضيف هيغل: «لا نستطيع أن نضع قانوناً أو تشريعاً أو فلسفة، تلائم كل الأزمان، بل يجب أن نسخر أفكارنا لمعالجة أمور عصرنا، ومع تقدم الزمن، من الممكن لأي فكرة مهما كانت صحيحة، ألا تلائم الأجيال اللاحقة، ما لم تعدل أو تستبدل بها أخرى، والفكرة التي تزوجت هذا الزمن، ستكون أرملة في الزمن المقبل، والفلسفة هي الزمن، كتب في أفكار». في الغرب كان النقد هو الحادي لمسيرة الحياة، في كل المجالات وعلى كل المستويات.
الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت في كتابه، «نقد العقل المحض»، أقام أعمدة مكينة لمنهج العقل النقدي، وكان له أثر في تأسيس منهج فكري نقدي عميق في كل أوروبا.
مدرسة فرنكفورت النقدية، التي تأسست سنة 1923 وضمت أساتذة من تخصصات مختلفة، في علم الاجتماع والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع وعلم النفس. اجتمعوا على منهج تفكير عقلاني، يقوم على النقد. حرية الفكر والرأي، وانتشار التعليم، كانا ماء الحياة الذي يروي العقل الغربي المبدع، والنقد المستمر هو السماد الذي يعطيه الخصوبة المتجددة.
في أواخر القرن الماضي، بدأ توجه عربي محاولاً تكريس تيار النقد الفكري في المنطقة العربية. الأستاذ المغربي الدكتور محمد عابد الجابري، قام بعمل كبير لنقد العقل العربي. «العقل العربي المكَوَّن والمكَوِّن» كما وصفه الجابري، كان المحور الذي تحركت حوله اجتهادات الجابري. مشروع الجابري الكبير، لقي اهتماماً من النخبة العربية بمَن فيهم من أكاديميين ومفكرين ومثقفين. لكنه تعرض لعاصفة من النقد. هل يوجد عقل عربي واحد قديماً وحديثاً؟ وهل الغوص في الموروث القديم تاريخياً وأدبياً وفقهياً هو الهادي إلى تكوين هذا العقل وفاعليته التي نعيشها اليوم؟ ولماذا لم يخض الجابري بتوسع في نقد العقل الإسلامي الذي يشكل العامل المركزي في تكوين العقل العربي؟ المفكر السوري جورج طرابيشي، قضى قرابة ربع قرن من حياته، في تفكيك ما أنجزه الجابري في مشروعه الكبير، وأصدر عملاً ضخماً تحت عنوان، «نقد العقل العربي». جورج طرابيشي المفكر والمترجم والمؤرخ، أسهم بقوة في تحريك تيار النقد الفكري بمخالفته المنهجية العميقة لما قدمه الدكتور محمد عابد الجابري. طرابيشي اشتبك مع الواقع الفكري والثقافي والسياسي العربي المعيش، بمحركاته الدينية والسياسية والآيديولوجية. رغم الاختلاف والخلاف بين الجابري وطرابيشي، فقد قدم الاثنان للمكتبة العربية، وللقارئ العربي إنجازَين كبيرين، أسهما بقوة في تحريك الفكر النقدي. هناك تابوهات حارقة في فكرنا العربي، يصعب بل يستحيل أحياناً الاقتراب منها والخوض فيها، خاصة الموروث التاريخي الفقهي، الذي يقود مَن يلامسه إلى التكفير والتهجير وحتى القتل. في ملحمة النقد الغربية والأميركية، ربح المنهج النقدي معاركه، بفضل حرية الفكر والرأي وسيادة القانون التي تكرست منذ انطلاق النهضة الأوروبية. محاولات لا تتوقف، خاضها أساتذة ومفكرون ودارسون عرب ومسلمون، في مخاض نقد العقل العربي والإسلامي. تعددت تلك المحاولات، منها ما اختلف ومنها ما اتفق.
الأستاذ الدكتور محمد أركون، اجترح منهجاً نقدياً للعقل الإسلامي، اعتمد فيه إلى حد كبير، على تجربة المدارس الأوروبية في كتابه، نحو نقد العقل الإسلامي، فهوى يرى، عكس محمد عابد الجابري، أنه لا يوجد عقل عربي أو إيراني أو تركي، بل يوجد عقل إسلامي ديني. ويرى محمد أركون أن كل القضايا التي أثارها الاستشراق، في بداية القرن العشرين، ينبغي أن تستعاد وأن تُدرس من جديد على ضوء العلوم الحديثة، وما توصلت إليه الإنسانية كعلم الألسنيات والسيميائيات وعلم النفس التاريخي والأنثروبولوجيا، أي علم الإنسان. أركون كان يرى أن هناك منهجاً إنسانياً مشتركاً في مدرسة الفكر النقدي. في كتابيه، «التشكيل البشري للإسلام»، و«معارك من أجل الأنسنة»، خاض أركون معارك طويلة، مع الفقهاء والمحافظين، وعمل رغم ذلك دون كلل، على نشر فكره عبر وسائل الإعلام المختلفة، العربية والأجنبية. أركون يرى في كل أعماله، أن تأسيس منهج تعليمي نقدي للموروث الديني، هو الطريق الذي يضمن الوصول إلى العصر الحداثي، الذي دخلته الأمم المتقدمة. قال: «لا يمكن للعالم العربي والإسلامي، أن ينطلق حضارياً إلا إذا انخرط في عملية تفكيكية نقدية شاملة، لأنظمة الفكر الديني القديم المسيطر والراسخ الجذور، وكذلك ينبغي تفكيك كل الآيديولوجيات الغوغائية التي سيطرت علينا بعد الاستقلال».
موضوعات نقد العقل والموروث القديم، خاض فيها كثيرون قديماً وحديثاً، لكن الصوت المحافظ المتشدد، لا يزال هو الأعلى، أما النقد ونقده الموضوعي الفاحص، فيبقى قشرة بيضة الوعي، ولا يصل إلى بياضها وصفارها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما هو دَور الذكاء الاصطناعي في أعمال الموارد البشرية؟
ما هو دَور الذكاء الاصطناعي في أعمال الموارد البشرية؟

مجلة سيدتي

timeمنذ 2 ساعات

  • مجلة سيدتي

ما هو دَور الذكاء الاصطناعي في أعمال الموارد البشرية؟

من دون شك، أنّ الذكاء الاصطناعي قد أصبح اليوم واقعاً لا بد أن نتقبله ونستفيد من خصائصه قدْر الإمكان؛ لتسهيل حياتنا اليومية، وكذلك مهام أعمالنا، وتبسيط العمليات المهنية. لذلك هناك فوائد للذكاء الاصطناعي أيضاً في مجال الموارد البشرية، والذي هو أحد المجالات الرئيسة في المنظمات. إلا أنّه في المقابل، يعتقد البعض أنّ وجود هذه التقنية، قد يحمل معه تحديات ومخاوف وتهديدات جديدة، قد يتمثل أحدها في: أنّه قد يحل محل المختصين في هذا القسم الجوهري والهام. عبْر السطور القادمة، تطرّقنا إلى دَور الذكاء الاصطناعي بشكل خاص في أعمال الموارد البشرية، وبعضٍ من تلك التحديات المتزامنة. الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة الموارد البشرية د. عبدالله بن عثمان العثمان، المختص في تطوير الموارد البشرية، أخبرنا في «سيدتي نت» قائلاً: " الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى استبدال دَور متخصصي الموارد البشرية؛ بل يُسهم في تعزيز كفاءتهم ومساعدتهم عبْر عدة أدوات لتنفيذ عمليات متعددة، منها: "تحليل السير الذاتية خلال ثوانٍ، تقييم المرشحين استناداً إلى نماذج ذكية تتعلم من الخبرات السابقة، تصميم خطط تطوير فردية مبنية على بيانات دقيقة وسلوكية، وغيرها الكثير". في هذا الإطار، يُمكننا القول إنّ الذكاء الاصطناعي أداة تمكينية، لا بد من استثمارها بذكاء؛ لذا السؤال اليوم لم يعد: "هل سنستخدم الذكاء الاصطناعي؟" بل: "كيف نطوّعه لخدمة أهداف المنظمة، وتطوير رأس المال البشري؟". الإسهامات الثرية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي المعهد الدولي للتطوير الإداري "IMD" في سويسرا، ذكر بعض الإسهامات والفوائد الثرية لاستخدام الذكاء الصناعي في أعمال الموارد البشرية: زيادة الكفاءة يتعامل الذكاء الاصطناعي مع المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً، مثل: إدخال البيانات والجدولة والفحص الأوّلي للمرشحين؛ مما يُقلل من عبء العمل على فرق الموارد البشرية. تحسين عملية اتخاذ القرارات تُمكّن الرؤى المستندة إلى البيانات من أدوات الذكاء الاصطناعي، قادة الموارد البشرية من اتخاذ قرارات أكثر استنارة ودقة فيما يتعلق بالتوظيف، وأداء الموظفين، وتخطيط القوى العاملة. تقليل الأخطاء تُقلل أتمتة المهام الروتينية من الأخطاء البشرية؛ خاصةً في إدارة البيانات وكشوف الرواتب؛ مما يضمن دقةً وامتثالاً أعلى. عملية توظيف مبسطة تعمل الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين استقطاب المواهب، بواسطة تسريع عملية البحث والفرز والمقابلات؛ مما يسمح لفِرق الموارد البشرية بالعثور على المرشحين المناسبين بشكل أسرع. فحص السِير الذاتية تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بفحص السِير الذاتية بسرعة، وتصنيف المرشحين بناءً على المؤهلات والخبرة ومعايير أخرى. البحث عن المرشحين يُمكّن الذكاء الاصطناعي متخصصي الموارد البشرية من العثور على المرشحين بشكل أكثر فعالية، من خلال تحديد أولئك الذين يطابقون معايير محددة على منصات مثل لينكدإن. التنبُّؤ باحتياجات التوظيف تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي البيانات التاريخية للتنبُّؤ بمتطلبات التوظيف؛ مما يسمح لمديري الموارد البشرية بالتخطيط بشكل استباقي. تحسين استبقاء المواهب تُحدد التحليلات التنبؤية مخاطر الاستبقاء مبكراً؛ مما يُمكّن فرق الموارد البشرية من تنفيذ إستراتيجيات استباقية للاحتفاظ بأفضل المواهب. إنتاجية أعلى من خلال تولّي المهام الروتينية والمتكررة، يُمكّن الذكاء الاصطناعي متخصصي الموارد البشرية من التركيز على أنشطة أكثر إستراتيجية تُسهم في نموّ المنظمة. زيادة التركيز على المبادرات الإستراتيجية بعد التخلُّص من المهام اليدوية المتكررة، أصبح لدى متخصصي الموارد البشرية وقتٌ أكبر لإدارة المواهب، وتطوير القوى العاملة، وإطلاق مبادرات تتوافق مع أهداف العمل. تحسين تخطيط القوى العاملة بفضل التحليلات التنبؤية، تستطيع فرق الموارد البشرية التنبُّؤ باحتياجات التوظيف بدقة أكبر؛ مما يسمح بتخطيطٍ وتخصيصٍ أفضل للموارد. دمج الموظفين الجدد بسهولة استخدام روبوتات الدردشة للدعم؛ إذ تُجيب بدورها على أسئلة الموظفين الجدد على مدار الساعة، وتغطي مواضيع مثل: المزايا، وسياسات الشركة، ومسؤوليات العمل. تطوير الموظفين تحديد فجوات المهارات؛ حيث يُسلّط الذكاء الاصطناعي الضوء على المجالات التي قد يحتاج فيها الموظفون إلى مزيد من التدريب أو التطوير؛ مما يُساعد قسم الموارد البشرية على تخطيط إستراتيجيات تَعلُّم فعّالة. تحسين تخصيص الموارد يوفّر الذكاء الاصطناعي رؤًى قائمة على البيانات، تساعد فرق الموارد البشرية على توزيع الموارد بفعالية. تعرّفي أيضاً إلى: بعض الطرق المساعدة في البحث عن وظيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي تحديات ومخاوف تُعَدّ مخاوف الخصوصية بالغة الأهمية فيما يتعلق بأنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على البيانات، وغالباً ما تتضمن معلومات شخصية وحساسة عن الموظفين؛ إذ يُعَدّ ضمان خصوصية البيانات والامتثال للوائح، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، أمراً أساسياً لحماية حقوق الموظفين وبناء الثقة. ويتعيّن على فرق الموارد البشرية، التعاون بشكل وثيق مع إدارات تكنولوجيا المعلومات والشؤون القانونية؛ لوضع ممارسات آمنة للتعامل مع البيانات، وآليات موافقة واضحة، وإجراءات أمن سيبراني فعّالة. علاوةً على ذلك، يُصبح اتخاذ القرارات الأخلاقية، أكثر تعقيداً مع الذكاء الاصطناعي. فالخوارزميات، وإن صُممت لتكون محايدة، قد تُعزز التحيُّزات من دون قصد، إذا لم تكن البيانات التي تُدُرِّب عليها متنوّعة. على سبيل المثال: قد يُفضّل الذكاء الاصطناعي المُستخدَم في التوظيف، بعض الملفات الشخصية على أخرى، إذا كانت البيانات السابقة تعكس تحيُّزات سابقة. ولمعالجة هذه المشكلة، يتعيّن على قادة الموارد البشرية، تطوير إرشادات أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان الشفافية في كيفية اتخاذ القرارات، وتوفير الرقابة البشرية للتدخُّل عند الضرورة. كذلك أخيراً، قد يُخاطر التكامل السريع للذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية أحياناً بالتضحية باللمسة الإنسانية، لاسيّما في المجالات التي تتطلب التعاطف والحكمة وبناء العلاقات، مثل: إدارة المواهب، ورفاهية الموظفين. لذا يُعَدّ تحقيق التوازن بين كفاءة الذكاء الاصطناعي والتفاعل البشري الحقيقي، أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على بيئة عمل داعمة. اطلعي أيضاً على:

صحيفة: أضرار بمعهد "وايزمان" للعلوم في تل أبيب بعد قصف إيراني
صحيفة: أضرار بمعهد "وايزمان" للعلوم في تل أبيب بعد قصف إيراني

الشرق السعودية

timeمنذ 11 ساعات

  • الشرق السعودية

صحيفة: أضرار بمعهد "وايزمان" للعلوم في تل أبيب بعد قصف إيراني

تعرض معهد "وايزمان" للعلوم في تل أبيب، أحد أبرز المراكز البحثية الإسرائيلية، لأضرار مادية جراء القصف الصاروخي الإيراني، وفق ما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز". وذكرت الصحيفة أن صوراً متداولة تأكدت منها، تظهر اندلاع حريق في أحد مباني المعهد بعد تعرضه للقصف، والذي تحتوي على مختبرات علمية. ويُعد معهد وايزمان، الواقع في مدينة رحوفوت جنوب تل أبيب، من أبرز المؤسسات العلمية في إسرائيل، في مجالات البحث مثل الفيزياء، والكيمياء، والذكاء الاصطناعي. وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران وجماعة الحوثي في اليمن نفّذتا هجوماً منسقاً بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، فجر الأحد، خلال موجة ثانية من الهجمات، بينما تسبب هذا الهجوم في تدمير العديد من المباني في تل أبيب ومدن أخرى. ودوّت انفجارات عنيفة بشكل متواصل في أنحاء عدة وسط إسرائيل، مع إطلاق إيران دفعات متتالية من الصواريخ الباليستية باتجاه المدن الإسرائيلية، وفق ما أكدته مصادر محلية وتقارير إعلامية لصحيفة "جيروزاليم بوست". وأفادت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، نقلاً عن مصدر مطّلع، أن الصواريخ المستخدمة في الجولة الجديدة من الهجمات على تل أبيب كانت مزودة برؤوس حربية شديدة الانفجار. وأضافت أن الحرس الثوري الإيراني استخدم في هذا الهجوم صاروخ "قاسم" الباليستي التكتيكي، مشيرة إلى أنه صاروخ موجه يعمل بالوقود الصلب و"يتميز بدقة إصابة عالية". وأظهرت الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تساقط الصواريخ بسرعة لافتة، فيما أشارت عدة تقارير إلى أن هذه الصواريخ قد تكون من فئة الصواريخ الفرط صوتية.

إسرائيل تستخدم أكثر ذخائرها تدميراً في إيران..تخترق متراً من الخرسانة
إسرائيل تستخدم أكثر ذخائرها تدميراً في إيران..تخترق متراً من الخرسانة

الشرق السعودية

timeمنذ 11 ساعات

  • الشرق السعودية

إسرائيل تستخدم أكثر ذخائرها تدميراً في إيران..تخترق متراً من الخرسانة

نفذ سلاح الجو الإسرائيلي، فجر الجمعة، سلسلة من الغارات الجوية على إيران، ركز فيها على تحييد مواقع رئيسية للبنية التحتية النووية. ونشرت الطائرات الإسرائيلية إحدى أكثر الذخائر الجوية تدميراً في الترسانة التقليدية للبلاد، وهي قنبلة MPR-500، بحسب موقع Army Recognition. وصُممت هذه القنبلة الموجهة بدقة، والتي يبلغ وزنها 227 كيلوجراماً، لاختراق ما يصل إلى متر من الخرسانة المسلحة أو 4 طبقات من الجدران أو الأرضيات الخرسانية المسلحة بسمك 20 سنتيمتراً، ما يجعلها سلاحاً هائلاً ضد المنشآت المحصنة، ويمكنها من ضرب أعماق المنشآت المحصنة، مثل المخابئ تحت الأرض، وصوامع الصواريخ، ومراكز القيادة، أو منشآت التخصيب النووي. وصُممت قنبلة MPR-500، التي طورتها شركة أنظمة الدفاع الإسرائيلية Elbit وأنتجتها في الأصل الصناعات العسكرية الإسرائيلية، لتتكامل بسلاسة مع مختلف منصات القتال التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، بما في ذلك طائرات F-15I Ra'am وF-16I Sufa المقاتلة متعددة المهام. وهذه المنصات قادرة على نشر القنبلة باستخدام مجموعة ذخيرة الهجوم المباشر المشترك، ما يحول قنبلة MPR-500 إلى سلاح ذكي موجه بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS). وتعتبر القنبلة متوافقة مع أنظمة التوجيه بالليزر Paveway II وLizard، ما يتيح للمشغلين خيارات استهداف متعددة في ظروف ساحة المعركة الديناميكية. قدرة كبيرة على الاختراق وما يجعل قنبلة MPR-500 فعالة بشكل خاص ضد البنية التحتية هو قدرتها المُحسنة على الاختراق. ويمنع نمط "الاختراق المستقيم" الانحراف عن مسار الهدف، ما يضمن دقة الإطلاق حتى عبر طبقات الحماية المعقدة. وبالإضافة إلى قدرتها على الاختراق، تُعزز فعالية قنبلة MPR-500 تصميمها المُتحكم في التشظي. وتحمل كل قنبلة نحو 26 ألف شظية مُصممة للانتشار بشكل مُتجانس عند الانفجار، ما يُعزز فتكها ضمن منطقة تأثير تبلغ مساحتها 2200 متر مربع. ويضمن هذا تحييد الأنظمة الداخلية الحيوية والأفراد والهياكل الثانوية داخل المنشآت المُحصنة دون التدمير واسع النطاق المُصاحب عادة للقنابل الأكبر حجماً متعددة الأغراض. وصُممت قنبلة MPR-500 بقدرات انزلاقية، ما يسمح بإطلاقها من مسافات بعيدة والوصول إلى أهداف على بُعد عشرات الكيلومترات. وبالنظر إلى عمق الأهداف والتقارير التي تفيد بتحييد العديد من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية قبل الضربات، يحتمل أن تكون الطائرات الإسرائيلية نفذت مهاماً هجومية عميقة. ويلعب نظام توجيه MPR-500 دوراً حاسماً في تحقيق هذه الدقة، لأنه متوافق تماماً مع مجموعة ذخيرة الهجوم المباشر المشترك - JDAM، التي تتضمن نظام ملاحة بالقصور الذاتي مع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لضمان دقة عالية في جميع الأحوال الجوية. وتُحول هذه المجموعة المعيارية القنبلة من ذخيرة سقوط حر إلى قنبلة انزلاقية عالية الدقة. ويضمن توجيه JDAM، بمجرد إطلاق القنبلة، أن تتجه تلقائياً إلى الإحداثيات المحددة مسبقاً بأقل انحراف، وترسم خطاً دائرياً يقل عن 13 متراً، وتُعد هذه الدقة حيوية لاستهداف البنية التحتية في البيئات الكثيفة أو المحمية. ويُعد وضع التوجيه في القنبلة الإسرائيلية فعالاً بشكل خاص ضد الأهداف المتحركة أو الأهداف اللحظية، ويضمن مرونة في سيناريوهات القتال الديناميكية. وعلى الرغم من قدراتها المتطورة، لا تزال هناك تساؤلات بشأن مدى ملاءمة قنبلة MPR-500 لضرب المنشآت النووية الإيرانية المدفونة تحت الأرض. ووفقاً لبيانات مفتوحة المصدر، يقتصر عمق اختراق القنبلة على ما بين 1 و1.5 متر من الخرسانة المسلحة. ولا تزال قنبلة MPR-500 من أكثر القنابل التقليدية تدميراً في الترسانة العسكرية الإسرائيلية. وصُممت القنبلة لتوفير تأثير حركي مُركز مع كفاءة تشظية عالية، ما يجعلها مثالية لتحييد الهياكل الصلبة، ومتوسطة التحصين، وتعطيل العمليات في المواقع الثانوية، وشل البنية التحتية المُستهدفة. وفي الحالات التي تُعد فيها الدقة وتقليل الأضرار الجانبية أمرين أساسيين، نادراً ما تُوفر ذخائر أخرى في ترسانة إسرائيل مثل هذا التوازن في القوة والسيطرة. ويعكس نشر هذه القنبلة خلال العملية الإسرائيلية الأخيرة نية استراتيجية لتدمير البنية التحتية الطرفية، وتعطيل استمرارية العمليات، وتوجيه رسالة ردع مُحكمة، بدلاً من تدمير الأصول النووية الإيرانية الأكثر أماناً بشكل كامل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store