
ما هي أخطار قضاء وقت طويل في الفضاء على جسم الإنسان؟
كشف الوقت الطويل الذي قضاه بعض رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية عن مدى اعتماد جسم الإنسان على ظروف الأرض للبقاء بصحة جيدة، إذ تضعف العظام والعضلات من دون الجاذبية وتتحرك السوائل بطرق تغيّر وظائف القلب والعينين، فيما يزيد الإشعاع من الأخطار طويلة المدى والتعرض للسرطان. كذلك يتعثر جهاز المناعة ويصبح النوم بعيد المنال، وحتى الهضم يتكيف بصعوبة مع تلك البيئة الغريبة. وفي هذا السياق أكدت عودة رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور أخيراً بعد أكثر من تسعة أشهر في المدار هذه التأثيرات، لكنها أيضاً دلت على مرونة أجسام رواد الفضاء خلال التحديات التي يواجهونها، بينما تساعد التمارين الرياضية والنظام الغذائي والتكنولوجيا في إدارة هذه التغييرات، فالجسم لا يتخلص تماماً من الإجهاد الشديد والآثار الجانبية الأخرى.
أسئلة علمية
ما هي أخطار قضاء كثير من الوقت في الفضاء؟ وماذا يفعل قضاء أكثر من عام في الفضاء بجسم الإنسان؟
علمياً يبلغ الطول القياسي لرحلة واحدة إلى الفضاء حالياً 437 يوماً، إلا أن الفترات الطويلة في المدار يمكن أن تغير جسم رائد الفضاء بما في ذلك تغيير عضلاته ودماغه وحتى بكتيريا الأمعاء. وبعد عودة رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور العالقين في المحطة الدولية منذ أشهر، أثيرت أسئلة كثيرة كان أهمها السؤال عن الفحوص الطبية التي سيخضعان لها وأثر قضاء تلك الفترة في مكان خارج الأرض على صحتهما. وفي هذا السياق نشرت مواقع عالمية عدة متخصصة في الفضاء ومن بينها موقع "ستارز إنسايدر" Stars Insiderالمهتم بقضايا الفضاء على الإنترنت أكثر من قصة تحت عنوان "ما هي أخطار قضاء كثير من الوقت في الفضاء؟"، وشرح الموقع المتخصص التعقيدات التي تقدمها الرحلة الاستكشافية البشرية إلى الفضاء، خصوصاً حين انطلق رائدا الفضاء في مهمة قصيرة مدتها ثمانية أيام مع سرد لأهم المشكلات التي واجهتهما بعد تعثر عودتهما للأرض سريعاً.
أبلغ بعض رواد الفضاء عن ضبابية الرؤية أثناء المهمات الطويلة أو بعدها وهي حال مرتبطة بالتغيرات في الجمجمة والدماغ الناتجة من تحولات السوائل (أ ب)
عالق في الفضاء
بدأت المشكلات مع رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور على متن الطائرة، إذ كانا يسافران على متن طائرة "بوينغ ستارلاينر" عندما واجهت المركبة الفضائية مشكلات في طريقها إلى محطة الفضاء الدولية(ISS) ، من بينها تسرب الهيليوم الذي يمنع الوقود من الوصول إلى المحرك وفشلت دفاعات عدة في العمل بصورة صحيحة، فتركت هذه الظروف رائدي الفضاء عالقين في محطة الفضاء الدولية. ولكن ما هي بعض الأخطار المحتملة على أجسامهم التي كانت تدور حول الأرض لفترة طويلة؟
جسم الإنسان في الفضاء
نشر موقع "نيوز سبيس إكونومي" (newspaceeconomy.ca) مقالة بعنوان "جسم الإنسان في الفضاء: الآثار الجانبية الطبية للوقت طويل الأمد في محطة الفضاء الدولية"، وجاء فيها أن قضاء أشهر على متن محطة الفضاء الدولية (ISS) يوفر نافذة فريدة على كيفية تكيف جسم الإنسان مع الحياة خارج الأرض، إذ يدور رواد الفضاء على ارتفاع 250 ميلاً تقريباً فوق الكوكب ويواجهون بيئة الجاذبية الصغرى التي تتحدى صحتهم الجسدية بطرق غير مرئية على الأرض، في حين أن محطة الفضاء الدولية توفر إعداداً خاضعاً للرقابة بمعدات متقدمة، فإن الغياب المطول للجاذبية إلى جانب عوامل أخرى مثل التعرض للإشعاع كلها تؤثر سلباً في الجسم. وتبحث هذه المقالة في الآثار الجانبية الطبية للإقامة الطويلة في المدار وتقسمها إلى مناطق تأثير رئيسة وتتضمن نظرة لعودة رائدي الفضاء الأخيرة بعد مواجهة ظروف غير متوقعة.
كثافة العظام وفقدان العضلات
أحد أكثر الآثار الملحوظة للوقت طويل المدى في الفضاء هو فقدان كثافة العظام وكتلة العضلات، إذ إن الجاذبية على الأرض تعمل كقوة ثابتة تحافظ على قوة العظام والعضلات. ومع ذلك في بيئة تفتقد إلى الجاذبية لم يكُن الجسم بحاجة إلى العمل ضد هذه القوة. ونتيجة بذلك تبدأ العظام بفقدان المعادن، بخاصة الكالسيوم بمعدل واحد إلى اثنين في المئة شهرياً، مما يؤدي إلى هشاشة العظام، وهي حال شائعة عند كبار السن، ولكنها تحدث بصورة أسرع في الفضاء. الوركان والعمود الفقري والساقان، أي المناطق التي تتحمل الوزن عادة، هي الأكثر تضرراً. وتواجه العضلات تحدياً مماثلاً فمن دون مقاومة منتظمة تضعف وتتقلص، ويكافح رواد الفضاء هذا من خلال ممارسة الرياضة لمدة ساعتين تقريباً يومياً باستخدام معدات متخصصة، ولكن حتى مع هذه الممارسات الرياضية لا يزال يحدث بعض فقدان العضلات، بخاصة في الساقين والظهر، وعندما يعودون للأرض فإنهم غالباً ما يكافحون من أجل الوقوف أو المشي.
تحولات السوائل وتغيرات القلب والأوعية الدموية
يحدث تغيير مذهل آخر لسوائل الجسم، فعلى الأرض تسحب الجاذبية الدم والسوائل الأخرى إلى أسفل وتجمعها في النصف السفلي من الجسم، ولكن في الفضاء لا يكون هناك سحب وتتحول السوائل إلى أعلى نحو الرأس والصدر، وغالباً ما يلاحظ رواد الفضاء وجوهاً منتفخة وأرجلاً أرق نتيجة ذلك وهي ظاهرة تسمى أحياناً "وجه القمر".
ويضع هذا التحول ضغطاً إضافياً على القلب والأوعية الدموية، مما يجبر نظام القلب والأوعية الدموية على التكيف. وبمرور الوقت لا يحتاج القلب إلى الضخ بقوة في بيئة تتمتع بجاذبية أقل، مما قد يؤدي إلى انخفاض طفيف في حجمه وكفاءته وينخفض حجم الدم أيضاً لأن الجسم يستشعر فائضاً من السوائل في المناطق العلوية ويشير إلى الكلى لإزالته. وهذه التكيفات ليست بالضرورة ضارة في الفضاء، لكنها تشكل تحديات عند العودة للأرض، فبالعودة للجاذبية الطبيعية من المحتمل أن يعاني رواد الفضاء الدوخة أو الإغماء عندما تعيد أجسادهم التكيف مع ضخ الدم ضد الجاذبية مرة أخرى.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضعف البصر
وهناك قضية أقل وضوحاً ولكنها مهمة تتعلق بالعينين، فقد أبلغ بعض رواد الفضاء عن ضبابية الرؤية أثناء المهمات الطويلة أو بعدها، وهي حال مرتبطة بالتغيرات في الجمجمة والدماغ الناتجة من تحولات السوائل. ويمكن أن يؤدي الضغط المتزايد من السوائل التي تتحرك لأعلى إلى تسطيح الجزء الخلفي من مقلة العين، أو تغيير العصب البصري، أو حتى التسبب بتورم في الأنسجة المحيطة. وليس بالضرورة أن يتأثر كل رائد فضاء بذلك، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين يتأثرون يمكن أن تستمر التغييرات بعد عودتهم، مما يثير تساؤلات حول صحة رؤيتهم على المدى الطويل.
التعرض للإشعاع
خارج الغلاف الجوي الواقي للأرض والمجال المغناطيسي تقع محطة الفضاء الدولية في منطقة معرضة لمستويات أعلى من الإشعاع الكوني والشمسي، ويمكن لهذا الإشعاع المكون من جزيئات مشحونة من الشمس والنجوم البعيدة أن يخترق الجسم ويتلف الخلايا. وعلى مدى أشهر يزداد هذا التعرض، مما يفاقم خطر الإصابة بالسرطان في وقت لاحق من الحياة.
وأخيراً تسلط تجربة رائدي الفضاء الأخيرة الضوء من جديد على أخطار عدة متعلقة بالتعرض للجاذبية الصغرى لفترات طويلة، وبعد الهبوط سيواجه رائدا الفضاء مهمة إعادة التكيف مع جاذبية الأرض، ومن المحتمل أن يتعاملا مع ضعف العضلات وإعادة ضبط السوائل ومشكلات التوازن الموقتة وستراقبهم الفرق الطبية عن كثب لتقييم كيفية صمود أجسادهم خلال المهمة الطويلة بصورة غير متوقعة، مما يضيف بيانات قيّمة إلى فهمنا للقدرة البشرية على التحمل في الفضاء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى الالكترونية
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- صدى الالكترونية
بالون يودي بحياة طفل في يوم ميلاده الثامن
تحوّل احتفال بعيد ميلاد لطفل بريطاني إلى مأساة مروعة، بعدما عُثر عليه جثة هامدة في غرفته، بعدما اختنق ببالون هيليوم كان جزءًا من زينة الحفل. جوشوا دنبار، البالغ من العمر ثماني سنوات، كان يحتفل بعيد ميلاده في منزله، وسط أجواء أسرية دافئة، لكنّ الفرحة لم تكتمل، حيث عُثر عليه فاقدًا للوعي في غرفته، وقد كان بالون على شكل الرقم '8' معلّقًا فوقه. وتم استدعاء فرق الطوارئ على الفور، ونُقل إلى مستشفى 'أرو بارك'، إلا أن جهود إنعاشه لم تُفلح، وفارق الحياة. وتشريح الجثة أكد أن سبب الوفاة يعود إلى الاختناق الناتج عن استنشاق الهيليوم، حيث أوضح الطبيب الشرعي أندريه ريبيلو أن الغاز 'ليس سامًا بطبيعته، لكنه يحلّ محل الأوكسجين في الرئتين، مما يؤدي إلى توقف التنفس'، ووصف ما حدث بأنه 'واحدة من أكثر الحوادث مأساوية التي قد تواجه أي عائلة'. من جهتها، عبّرت والدة الطفل، كارلي، عن حزنها العميق، مشددة على ضرورة رفع الوعي بمخاطر هذه البالونات، وقالت: 'لا أتمنى لأي أم أو أب أن يعيش الألم الذي نعيشه، أرجوكم، لا تشتروا بالونات الهيليوم، الأمر قد يبدو بسيطًا، لكنه قد يغيّر حياتكم في لحظات'. التحقيقات التي جرت الأسبوع الماضي سلّطت الضوء على خطر قد لا يُدركه كثير من الآباء، حيث أكّد الطبيب الشرعي أن كثيرين لا يعرفون أن الهيليوم يمكن أن يكون قاتلًا إذا استُخدم دون وعي. إقرأ أيضًا


عكاظ
٠١-٠٤-٢٠٢٥
- عكاظ
لماذا تغيرت ملامح رائدة «ناسا» بعد عودتها من الفضاء منذ أسبوعين؟
كشف طبيب عن ملاحظة صادمة تتعلق بمظهر رائدة الفضاء التابعة لوكالة ناسا، سونيتا ويليامز، بعد عودتها من الفضاء قبل أقل من أسبوعين. وظهرت ويليامز منهكة القوى ونحيلة للغاية عند هبوطها هي وزميلها بوتش ويلمور قبالة ساحل فلوريدا في 18 مارس، بعد قضائهما 288 يوماً في الفضاء. وقد وجد رواد فضاء سابقون أن عكس آثار التعرض الطويل للجاذبية المنخفضة قد يستغرق فترة تصل إلى 1.5 ضعف مدة المهمة، ما يعني أن الاثنين قد يستغرقان عاماً كاملاً للتعافي التام. لكن فيناي غوبتا، أخصائي أمراض الرئة ومخضرم سلاح الجو، قال لموقع «دايلي ميل» إن ملامح ويليامز بدت أكثر امتلاءً وأقل هزالاً خلال أول مقابلة تلفزيونية لها مع ويلمور على قناة «فوكس نيوز». وأضاف غوبتا: «يبدو أنها حصلت على قسط أفضل من النوم، فهي الآن على أرض الواقع، واستعادت عملية التمثيل الغذائي لديها توازنها الطبيعي في ظل الجاذبية المعتادة». كما أشار إلى أن جسدها لم يعد يتعرض للإجهاد الذي كان يمر به على متن محطة الفضاء الدولية (ISS)، التي تبعد أكثر من 230 ميلاً عن سطح الأرض. وتابع الطبيب: «على الأرجح، هي تتناول طعاماً صحياً الآن وقادرة على استعادة بعض الوزن. أعتقد أن أسبوعين كانا كافيين لتبدو بصحة أفضل». وخلال مؤتمر صحفي لوكالة ناسا، وصفت ويليامز تعافيها بأنه «معجزة»، لكن الصور التي التقطت لها بعد خروجها من كبسولة «سبيس إكس دراغون» أظهرت شعراً رمادياً ووجهاً أكثر نحافة وتجاعيد بارزة. وبعد ساعات، أثارت حالة ويليامز المزيد من القلق عندما لاحظ خبراء طبيون نحافة معصميها «بشكل واضح»، وهو ما قد يكون مؤشراً على فقدان سريع للوزن وضمور عضلي في ذراعيها وفقدان كثافة العظام. وقال غوبتا وآخرون إن ويليامز ويلمور سيحتاجان إلى ستة أسابيع من إعادة التأهيل لاستعادة لياقتهما الأساسية بعد العيش في انعدام الجاذبية لفترة طويلة. أخبار ذات صلة ورغم أن جسديهما ما زالا في مرحلة التعافي، إلا أن مظهر ويليامز أصبح قريباً مماً كان عليه قبل انطلاق المهمة في 5 يونيو، حيث بدت أكثر امتلاءً وصبغت شعرها باللون البني الداكن، ما أعطى وجهها مظهراً أكثر حيوية. وأعرب غوبتا عن ثقته بأن رواد الفضاء قد تجاوزوا أسوأ مراحل التعافي، قائلاً: «بمجرد العودة إلى الأرض، يبدأ الجسد في الشفاء واستعادة توازنه». وكان من المقرر أن تقضي ويليامز ويلمور ثمانية أيام فقط على محطة الفضاء الدولية عند انطلاقهما على متن مركبة «بوينغ ستارلاينر» في أول رحلة مأهولة للكبسولة. لكن بعد وصولهما، تعرضت المركبة لمشكلات تقنية خطيرة، بما في ذلك عطل في خمسة من محركاتها الـ28 وتسرب غاز الهيليوم، ما أجبر «ناسا» على إرجاعها دون طاقم وترك الاثنين عالقين في الفضاء لمدة تسعة أشهر. وقد بدأت علامات الإجهاد البدني تظهر عليهما قبل العودة إلى الأرض في مارس. وفي نوفمبر، كشف مصدر في «ناسا» لصحيفة «نيويورك بوست» أن الوكالة كانت تسعى جاهدة لـ«وقف فقدان الوزن لدى ويليامز وعكسه»، حيث لم تتمكن من الحفاظ على النظام الغذائي عالي السعرات المطلوب في الفضاء، ما جعلها «جلداً على عظم». وأوضح غوبتا أن النظام الغذائي لرواد الفضاء على الأرض قد يكون له تأثير كبير على تحملهم في الفضاء، مشيرا إلى أن ويليامز ذكرت أنها نباتية مثل والدها، وأن أول وجبة تناولتها بعد العودة كانت ساندويتش جبن مشوي. وأشار إلى أن تجنب البروتينات الحيوانية قد يكون سبباً في مشكلاتها الصحية خلال الأشهر التسعة. أما ويلمور، فقد حافظ على وزنه ولون بشرته طوال المدة. ولم تعلن «ناسا» أو الرواد عما إذا كانت أنظمتهما الغذائية مختلفة بشكل كبير، لذا لا يعرف إن كان ذلك قد لعب دوراً في الفارق بينهما. وقال غوبتا: «إذا كان هناك اختلاف كبير في نظامهما الغذائي، فلا عجب أن سونيتا بدت أكثر نحافة من زميلها».


Independent عربية
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- Independent عربية
ما هي أخطار قضاء وقت طويل في الفضاء على جسم الإنسان؟
كشف الوقت الطويل الذي قضاه بعض رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية عن مدى اعتماد جسم الإنسان على ظروف الأرض للبقاء بصحة جيدة، إذ تضعف العظام والعضلات من دون الجاذبية وتتحرك السوائل بطرق تغيّر وظائف القلب والعينين، فيما يزيد الإشعاع من الأخطار طويلة المدى والتعرض للسرطان. كذلك يتعثر جهاز المناعة ويصبح النوم بعيد المنال، وحتى الهضم يتكيف بصعوبة مع تلك البيئة الغريبة. وفي هذا السياق أكدت عودة رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور أخيراً بعد أكثر من تسعة أشهر في المدار هذه التأثيرات، لكنها أيضاً دلت على مرونة أجسام رواد الفضاء خلال التحديات التي يواجهونها، بينما تساعد التمارين الرياضية والنظام الغذائي والتكنولوجيا في إدارة هذه التغييرات، فالجسم لا يتخلص تماماً من الإجهاد الشديد والآثار الجانبية الأخرى. أسئلة علمية ما هي أخطار قضاء كثير من الوقت في الفضاء؟ وماذا يفعل قضاء أكثر من عام في الفضاء بجسم الإنسان؟ علمياً يبلغ الطول القياسي لرحلة واحدة إلى الفضاء حالياً 437 يوماً، إلا أن الفترات الطويلة في المدار يمكن أن تغير جسم رائد الفضاء بما في ذلك تغيير عضلاته ودماغه وحتى بكتيريا الأمعاء. وبعد عودة رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور العالقين في المحطة الدولية منذ أشهر، أثيرت أسئلة كثيرة كان أهمها السؤال عن الفحوص الطبية التي سيخضعان لها وأثر قضاء تلك الفترة في مكان خارج الأرض على صحتهما. وفي هذا السياق نشرت مواقع عالمية عدة متخصصة في الفضاء ومن بينها موقع "ستارز إنسايدر" Stars Insiderالمهتم بقضايا الفضاء على الإنترنت أكثر من قصة تحت عنوان "ما هي أخطار قضاء كثير من الوقت في الفضاء؟"، وشرح الموقع المتخصص التعقيدات التي تقدمها الرحلة الاستكشافية البشرية إلى الفضاء، خصوصاً حين انطلق رائدا الفضاء في مهمة قصيرة مدتها ثمانية أيام مع سرد لأهم المشكلات التي واجهتهما بعد تعثر عودتهما للأرض سريعاً. أبلغ بعض رواد الفضاء عن ضبابية الرؤية أثناء المهمات الطويلة أو بعدها وهي حال مرتبطة بالتغيرات في الجمجمة والدماغ الناتجة من تحولات السوائل (أ ب) عالق في الفضاء بدأت المشكلات مع رائدي الفضاء سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور على متن الطائرة، إذ كانا يسافران على متن طائرة "بوينغ ستارلاينر" عندما واجهت المركبة الفضائية مشكلات في طريقها إلى محطة الفضاء الدولية(ISS) ، من بينها تسرب الهيليوم الذي يمنع الوقود من الوصول إلى المحرك وفشلت دفاعات عدة في العمل بصورة صحيحة، فتركت هذه الظروف رائدي الفضاء عالقين في محطة الفضاء الدولية. ولكن ما هي بعض الأخطار المحتملة على أجسامهم التي كانت تدور حول الأرض لفترة طويلة؟ جسم الإنسان في الفضاء نشر موقع "نيوز سبيس إكونومي" ( مقالة بعنوان "جسم الإنسان في الفضاء: الآثار الجانبية الطبية للوقت طويل الأمد في محطة الفضاء الدولية"، وجاء فيها أن قضاء أشهر على متن محطة الفضاء الدولية (ISS) يوفر نافذة فريدة على كيفية تكيف جسم الإنسان مع الحياة خارج الأرض، إذ يدور رواد الفضاء على ارتفاع 250 ميلاً تقريباً فوق الكوكب ويواجهون بيئة الجاذبية الصغرى التي تتحدى صحتهم الجسدية بطرق غير مرئية على الأرض، في حين أن محطة الفضاء الدولية توفر إعداداً خاضعاً للرقابة بمعدات متقدمة، فإن الغياب المطول للجاذبية إلى جانب عوامل أخرى مثل التعرض للإشعاع كلها تؤثر سلباً في الجسم. وتبحث هذه المقالة في الآثار الجانبية الطبية للإقامة الطويلة في المدار وتقسمها إلى مناطق تأثير رئيسة وتتضمن نظرة لعودة رائدي الفضاء الأخيرة بعد مواجهة ظروف غير متوقعة. كثافة العظام وفقدان العضلات أحد أكثر الآثار الملحوظة للوقت طويل المدى في الفضاء هو فقدان كثافة العظام وكتلة العضلات، إذ إن الجاذبية على الأرض تعمل كقوة ثابتة تحافظ على قوة العظام والعضلات. ومع ذلك في بيئة تفتقد إلى الجاذبية لم يكُن الجسم بحاجة إلى العمل ضد هذه القوة. ونتيجة بذلك تبدأ العظام بفقدان المعادن، بخاصة الكالسيوم بمعدل واحد إلى اثنين في المئة شهرياً، مما يؤدي إلى هشاشة العظام، وهي حال شائعة عند كبار السن، ولكنها تحدث بصورة أسرع في الفضاء. الوركان والعمود الفقري والساقان، أي المناطق التي تتحمل الوزن عادة، هي الأكثر تضرراً. وتواجه العضلات تحدياً مماثلاً فمن دون مقاومة منتظمة تضعف وتتقلص، ويكافح رواد الفضاء هذا من خلال ممارسة الرياضة لمدة ساعتين تقريباً يومياً باستخدام معدات متخصصة، ولكن حتى مع هذه الممارسات الرياضية لا يزال يحدث بعض فقدان العضلات، بخاصة في الساقين والظهر، وعندما يعودون للأرض فإنهم غالباً ما يكافحون من أجل الوقوف أو المشي. تحولات السوائل وتغيرات القلب والأوعية الدموية يحدث تغيير مذهل آخر لسوائل الجسم، فعلى الأرض تسحب الجاذبية الدم والسوائل الأخرى إلى أسفل وتجمعها في النصف السفلي من الجسم، ولكن في الفضاء لا يكون هناك سحب وتتحول السوائل إلى أعلى نحو الرأس والصدر، وغالباً ما يلاحظ رواد الفضاء وجوهاً منتفخة وأرجلاً أرق نتيجة ذلك وهي ظاهرة تسمى أحياناً "وجه القمر". ويضع هذا التحول ضغطاً إضافياً على القلب والأوعية الدموية، مما يجبر نظام القلب والأوعية الدموية على التكيف. وبمرور الوقت لا يحتاج القلب إلى الضخ بقوة في بيئة تتمتع بجاذبية أقل، مما قد يؤدي إلى انخفاض طفيف في حجمه وكفاءته وينخفض حجم الدم أيضاً لأن الجسم يستشعر فائضاً من السوائل في المناطق العلوية ويشير إلى الكلى لإزالته. وهذه التكيفات ليست بالضرورة ضارة في الفضاء، لكنها تشكل تحديات عند العودة للأرض، فبالعودة للجاذبية الطبيعية من المحتمل أن يعاني رواد الفضاء الدوخة أو الإغماء عندما تعيد أجسادهم التكيف مع ضخ الدم ضد الجاذبية مرة أخرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ضعف البصر وهناك قضية أقل وضوحاً ولكنها مهمة تتعلق بالعينين، فقد أبلغ بعض رواد الفضاء عن ضبابية الرؤية أثناء المهمات الطويلة أو بعدها، وهي حال مرتبطة بالتغيرات في الجمجمة والدماغ الناتجة من تحولات السوائل. ويمكن أن يؤدي الضغط المتزايد من السوائل التي تتحرك لأعلى إلى تسطيح الجزء الخلفي من مقلة العين، أو تغيير العصب البصري، أو حتى التسبب بتورم في الأنسجة المحيطة. وليس بالضرورة أن يتأثر كل رائد فضاء بذلك، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين يتأثرون يمكن أن تستمر التغييرات بعد عودتهم، مما يثير تساؤلات حول صحة رؤيتهم على المدى الطويل. التعرض للإشعاع خارج الغلاف الجوي الواقي للأرض والمجال المغناطيسي تقع محطة الفضاء الدولية في منطقة معرضة لمستويات أعلى من الإشعاع الكوني والشمسي، ويمكن لهذا الإشعاع المكون من جزيئات مشحونة من الشمس والنجوم البعيدة أن يخترق الجسم ويتلف الخلايا. وعلى مدى أشهر يزداد هذا التعرض، مما يفاقم خطر الإصابة بالسرطان في وقت لاحق من الحياة. وأخيراً تسلط تجربة رائدي الفضاء الأخيرة الضوء من جديد على أخطار عدة متعلقة بالتعرض للجاذبية الصغرى لفترات طويلة، وبعد الهبوط سيواجه رائدا الفضاء مهمة إعادة التكيف مع جاذبية الأرض، ومن المحتمل أن يتعاملا مع ضعف العضلات وإعادة ضبط السوائل ومشكلات التوازن الموقتة وستراقبهم الفرق الطبية عن كثب لتقييم كيفية صمود أجسادهم خلال المهمة الطويلة بصورة غير متوقعة، مما يضيف بيانات قيّمة إلى فهمنا للقدرة البشرية على التحمل في الفضاء.