logo
المُعجزة الثقافية الكورية!

المُعجزة الثقافية الكورية!

المصري اليوممنذ يوم واحد

أتذكر أننى قرأت للأستاذ العقاد تفسيره لتميز دول دون أخرى فى الإبداع الثقافى والفنى. ارتكزت رؤية كاتبنا العظيم الراحل على أن الدول التى تحقق تقدما اقتصاديا وتتمكن من توفير حياة كريمة لمواطنيها، تجعلهم يفكرون أبعد من «بطونهم». لقد أشبعوا غريزة حُب البقاء، وأصبحوا يتطلعون إلى أمور أخرى أسمى وأرقى، هى الثقافة والفن والفكر. شىء من هذا القبيل حدث فى كوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا عموما. لكن الظاهرة الكورية لافتة للغاية. الفن والموسيقى والأدب الكورى يُقدم نفسه للعالم بأجمل وأبهى صورة. النهضة الاقتصادية التى حققتها البلاد لم تتوقف عند تحسين مستوى المعيشة بصورة مُذهلة وامتلاك أحدث الأجهزة. كوريا الجنوبية أضحت بالفعل قوى ناعمة حقيقية.
قبل أيام، حصدت المسرحية الكورية «ربما هى نهاية سعيدة» ست جوائز فى مسابقة «تونى» للمسرح الأمريكى، وهى أفضل مسرحية وإخراج وكتابة ولحن أصلى وأداء لممثل فى دور رئيسى وأفضل تصميم مسرحى. فى عام ٢٠٢٢، فاز مسلسل «لعبة الحبار» الكورى الجنوبى بجوائز مسابقة «إيمى» الأمريكية الشهيرة. قبل ذلك، اقتنص الفيلم الكورى «الطفيلى» جائزة الأوسكار، وهى المرة الأولى التى يحصل فيها فيلم غير ناطق بالإنجليزية على الجائزة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل مخرج وأحسن سيناريو. لم يتوقف الأمر عند الفن، فقد حصلت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج على جائزة نوبل فى الآداب لعام ٢٠٢٤. ومع كل ذلك، المسألة ليست جوائز فقط. الموسيقى الكورية تجتاح شرق آسيا والغرب.
اليابانيون والصينيون منبهرون بالدراما الكورية. فى عام ٢٠٠٤ زرت كوريا الجنوبية لمدة شهر، تعرفت خلالها على جوانب المعجزة الكورية، ليس الاقتصادية فقط، بل التعليمية والتكنولوجية والفنية والموسيقية. الدولة توفر المناخ والدعم المادى والمعنوى، لكن القطاع الخاص يتولى المسؤولية. تشعر عندما تزور الاستديوهات أنها لا تقل جمالا وضخامة إن لم تزد على استديوهات هوليوود.
منذ سنوات، تعارف العالم على ظاهرة الصعود الكورى فى الفن والثقافة، وسماها «الموجة الكورية»، التى انطلقت بداية القرن الحالى. الحضور الكورى طاغٍ فى مختلف المجالات الثقافية والفنية بما فى ذلك الموسيقى والدراما والأفلام والأزياء الجمال وحتى المطبخ، بحيث كون العالم صورة جديدة عن كوريا الجنوبية. عملت الحكومة بقوة على تشكيل تلك الصورة.
بدلا من الاعتماد فقط على الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا، جرى التركيز على دعم الإنتاج الثقافى مثل الموسيقى والتلفزيون والدراما. وبفضل ذلك، بدأت الدراما الكورية تصل إلى شاشات التلفزيونات فى الدول الآسيوية المجاورة. ثم اتسعت الدائرة عالميا، وكانت الموسيقى القوة الدافعة الأساسية، تلتها الأفلام ومستحضرات التجميل والمطبخ الكورى. لم يكن الأمر مجرد رواج مادى فقط حيث حققت الأعمال الفنية مئات الملايين من الدولارات وزادت كثيرا من حركة السياحة. لكنها أيضا ساهمت فى تعريف العالم بالثقافة والتاريخ الكورى. ركزت الأعمال الفنية على القيم الثقافية الكورية مثل احترام الأسرة والتقاليد.
نحتاج إلى دراسة التجربة الكورية ليس اقتصاديا فقط، بل ثقافيا وحضاريا وفنيا. النهضة كل لا يتجزأ. هناك رؤية تدعمها الدولة وينفذها القطاع الخاص ويطلق من خلالها العنان لقدرات وإبداعات الأفراد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الناقد محمد عبدالعال يكشف مشروع الأكاديمية سارة حواس في ترجمة الشعر الأمريكي
الناقد محمد عبدالعال يكشف مشروع الأكاديمية سارة حواس في ترجمة الشعر الأمريكي

الدستور

timeمنذ 8 ساعات

  • الدستور

الناقد محمد عبدالعال يكشف مشروع الأكاديمية سارة حواس في ترجمة الشعر الأمريكي

تحدث الناقد محمد سيد علي عبدالعال، أستاذ الأدب والنقد ووكيل كلية الآداب للدّراسات العليا بآداب العريش، عن مشروع المترجمة الأكاديمية، سارة حواس، في ترجمة الشعر الأمريكي. وقال 'عبد العال'، خلال ندوة 'الإبداع اللغوي في الترجمة الأدبية"، بصالون محمود عرفات الثقافي، نجحت الباحثة والنّاقدة والشّاعرة الدكتورة سارة حواس في تأليف سفرين بديعين عن الشّعر الأمريكيّ المترجم. سارة حواس نجحت في وضعَ نصّ مؤلّف إبداعي موازي للقصائد السّتين التي اختارتها وأضاف: خصَّت بالجزء الأوّل منهما:" ثُقب المفتاح لا يَرى" عشرين شاعرةً أمريكيَّة، ممَّن فُزنَ بجائزتي: نوبل، وبوليتزر، مع ترجمة إبداعيَّة لهنّ، استطاعت من خلالها الوصول إلى روح الشّخصيَّة الشّاعرة إنسانيًّا وإبداعيًّا وأنثربولوجيًّا وسيكولوجيًّا؛ فضلا عن البعدينِ: السُّوسيو ثقافيّ، والإثنوغرافيّ؛ لانتماء معظمهنّ لإثنيَّات عرقيَّة؛ فمنهنّ ذوات أصول أفريقيَّة، أو أوربيَّة، أو روسيَّة؛ ممَّا جعلهنّ مختلفات المشارب والأمزجة، والانتماءات الشّعريَّة الخاصَّة التي تجلّت في تجاربهنّ، وإن لم يعف بعضهنّ المجدُ الأدبيّ من المصير المأساويّ؛ فثمَّة شاعرات اعترافيَّاتٌ؛ لم يحمهنّ التّحقّق الاجتماعي والثّقافيّ والأكاديميّ، والسُّوسيو أدبيّ؛ الذي برز في عدد الجوائز المهمَّة البارزة، وطبعات دواوينهنّ، وما سعى إليهنّ من رايات الشّهرة، من الانتحار بصورٍ مثيرة في مأساويتها وغرائبيّتها. وأوضح 'عبد العال': ومن ثمَّ؛ نجحت سارة حواس بما صاغته من حُرّ لفظها، وبديع سردها من أن تضعَ نصًّا مؤلّفًا إبداعيًّا موازيًا للقصائد السّتين التي اختارتها، وترجمتها موزّعة بالتّساوي على شاعراتها العشرين؛إذ جمع سردها في تقديم كلّ شاعرة بين عُصارة التّجربة الشّعريَّة والإنسانيَّة وسياقات القصائد، والمرحلة الشّعريَّة، والاتّجاه الفنّي والأيديولوجيّ؛ إذ نحت كثيرات منهنَّ مناحي إنسانيَّة ضدّ الظّلم والاستبداد والاضطهاد والعنصريَّة مخالفات في كثيرٍ من ذلك السّياسات الأمريكيَة في حريَّة وإيمانٍ بأنّ الشّعر كائن فردوسيّ. الكتابات سارة حواس حافلة بالمتعة والفائدة وأفردت سارة حواس المجلَّد الثّاني "ولاؤهم للرُّوح"، بالفلسفة نفسها، لعشرين شاعرًا أمريكيَّا فازوا بجائزة بوليتزر، الجائزة الأرفع أدبيًّا في الأوساط الثّقافيَّة الأمريكيَّة، ومدعاة فخر الفائزين بها، واهتمام النّقّاد بأصحابها. واللَّافت أنّ أحد هؤلاء الشّعراء العشرين؛ أعني الشَّاعر جون بريمانJihnBerrymaan صاحب الأحلام الشّعريَّة السَّبعة والسَّبعين التي اختارت منها سارة ثلاث قصائد لترجمتها؛ إحداها مرثيَّة لشاعرة بوليتزر المنتحرة في الفُرن سيلڤا بلاث(1932-1963م)، وقد انتحر، أيضًا، بعدها بتسع سنواتٍ، والغريب أنَّه ينتمي إلى تيَّار شعراء الاعترافات مثلها. الكتابان حافلان بالمتعة والفائدة، ويمثّلان مشروعًا جديرًا بالإعجاب والحفاوة والتَّقدير؛ لجودتهما على مستوى التّرجمة الصَّافية، وما فيهما من شعريَّة وإبداع من ناحيةٍ، ولكونهما دعامة واثقة للقوّة النّاعمة المصريَّة القادرة على الحفاظ على وجه مصر المشرق، ومكانتها المحوريَّة، ودورها القياديّ في أن تظلَّ همزة الوصل بين الشّرق والغرب، والماضي والحاضر، والتّراثيّ والحداثيّ، ونافذة العرب البصيرة على العالم.

المُعجزة الثقافية الكورية!
المُعجزة الثقافية الكورية!

المصري اليوم

timeمنذ يوم واحد

  • المصري اليوم

المُعجزة الثقافية الكورية!

أتذكر أننى قرأت للأستاذ العقاد تفسيره لتميز دول دون أخرى فى الإبداع الثقافى والفنى. ارتكزت رؤية كاتبنا العظيم الراحل على أن الدول التى تحقق تقدما اقتصاديا وتتمكن من توفير حياة كريمة لمواطنيها، تجعلهم يفكرون أبعد من «بطونهم». لقد أشبعوا غريزة حُب البقاء، وأصبحوا يتطلعون إلى أمور أخرى أسمى وأرقى، هى الثقافة والفن والفكر. شىء من هذا القبيل حدث فى كوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا عموما. لكن الظاهرة الكورية لافتة للغاية. الفن والموسيقى والأدب الكورى يُقدم نفسه للعالم بأجمل وأبهى صورة. النهضة الاقتصادية التى حققتها البلاد لم تتوقف عند تحسين مستوى المعيشة بصورة مُذهلة وامتلاك أحدث الأجهزة. كوريا الجنوبية أضحت بالفعل قوى ناعمة حقيقية. قبل أيام، حصدت المسرحية الكورية «ربما هى نهاية سعيدة» ست جوائز فى مسابقة «تونى» للمسرح الأمريكى، وهى أفضل مسرحية وإخراج وكتابة ولحن أصلى وأداء لممثل فى دور رئيسى وأفضل تصميم مسرحى. فى عام ٢٠٢٢، فاز مسلسل «لعبة الحبار» الكورى الجنوبى بجوائز مسابقة «إيمى» الأمريكية الشهيرة. قبل ذلك، اقتنص الفيلم الكورى «الطفيلى» جائزة الأوسكار، وهى المرة الأولى التى يحصل فيها فيلم غير ناطق بالإنجليزية على الجائزة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل مخرج وأحسن سيناريو. لم يتوقف الأمر عند الفن، فقد حصلت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج على جائزة نوبل فى الآداب لعام ٢٠٢٤. ومع كل ذلك، المسألة ليست جوائز فقط. الموسيقى الكورية تجتاح شرق آسيا والغرب. اليابانيون والصينيون منبهرون بالدراما الكورية. فى عام ٢٠٠٤ زرت كوريا الجنوبية لمدة شهر، تعرفت خلالها على جوانب المعجزة الكورية، ليس الاقتصادية فقط، بل التعليمية والتكنولوجية والفنية والموسيقية. الدولة توفر المناخ والدعم المادى والمعنوى، لكن القطاع الخاص يتولى المسؤولية. تشعر عندما تزور الاستديوهات أنها لا تقل جمالا وضخامة إن لم تزد على استديوهات هوليوود. منذ سنوات، تعارف العالم على ظاهرة الصعود الكورى فى الفن والثقافة، وسماها «الموجة الكورية»، التى انطلقت بداية القرن الحالى. الحضور الكورى طاغٍ فى مختلف المجالات الثقافية والفنية بما فى ذلك الموسيقى والدراما والأفلام والأزياء الجمال وحتى المطبخ، بحيث كون العالم صورة جديدة عن كوريا الجنوبية. عملت الحكومة بقوة على تشكيل تلك الصورة. بدلا من الاعتماد فقط على الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا، جرى التركيز على دعم الإنتاج الثقافى مثل الموسيقى والتلفزيون والدراما. وبفضل ذلك، بدأت الدراما الكورية تصل إلى شاشات التلفزيونات فى الدول الآسيوية المجاورة. ثم اتسعت الدائرة عالميا، وكانت الموسيقى القوة الدافعة الأساسية، تلتها الأفلام ومستحضرات التجميل والمطبخ الكورى. لم يكن الأمر مجرد رواج مادى فقط حيث حققت الأعمال الفنية مئات الملايين من الدولارات وزادت كثيرا من حركة السياحة. لكنها أيضا ساهمت فى تعريف العالم بالثقافة والتاريخ الكورى. ركزت الأعمال الفنية على القيم الثقافية الكورية مثل احترام الأسرة والتقاليد. نحتاج إلى دراسة التجربة الكورية ليس اقتصاديا فقط، بل ثقافيا وحضاريا وفنيا. النهضة كل لا يتجزأ. هناك رؤية تدعمها الدولة وينفذها القطاع الخاص ويطلق من خلالها العنان لقدرات وإبداعات الأفراد.

ثقافة : ذاكرة اليوم.. ابن بطوطة يبدأ رحلاته وميلاد توماس يونج
ثقافة : ذاكرة اليوم.. ابن بطوطة يبدأ رحلاته وميلاد توماس يونج

نافذة على العالم

timeمنذ يوم واحد

  • نافذة على العالم

ثقافة : ذاكرة اليوم.. ابن بطوطة يبدأ رحلاته وميلاد توماس يونج

الجمعة 13 يونيو 2025 01:31 صباحاً نافذة على العالم - وقعت فى يوم 13 يونيو العديد من الأحداث المهمة التى غيرت خريطة العالم، حيث ولد فى مثل هذا اليوم العديد من نجوم الفن والسياسة والأدب وفى شتى المجالات، ورحلت أيضا عنا شخصيات أدبية وسياسة وفنية بارزة، كما يصادف اليوم الاحتفال بمناسبات سنوية بشكل دورى، وهذا ما نستعرضه خلال التقرير التالى. الأحداث المهمة 13 يونيو 1325 - الرحالة ابن بطوطة ينطلق في أول رحلة له حول العالم من مسقط رأسه مدينة طنجة متجهًا إلى مكة لأداء فريضة الحج. 1930 - التوقيع على معاهدة بريطانية / عراقية تقضي بإقامة قاعدتين عسكريتين في العراق مقابل حصوله على الاستقلال. 1933 - أدولف هتلر يصدق على إنشاء جهاز أمن الدولة السري الجيستابو والذي يعد من أسوأ أجهزة الأمن في العالم خلال القرن العشرين. 1980 - دول السوق الأوروبية تصدر إعلان البندقية الذي يؤيد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. مواليد 13يونيو 1773 - توماس يونج، عالم إنجليزي في علم المصريات والفيزيولوجيا والفيزياء. 1865 - ويليام بتلر ييتس، شاعر أيرلندي حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1923. وفيات 13 يونيو 1036 - الظاهر لإعزاز دين الله، الخليفة الفاطمي السابع والإمام السابع عشر من أئمة الشيعة الإسماعيلية. 1231 - القديس أنطونيو، قديس كاثوليكي. 1932 ـ تشارلز ليل، أول طبيب يصل إلى المقصورة الرئاسية في مسرح فورد لإسعاف الرئيس أبراهام لينكولن بعد إطلاق النار عليه. أيام ومناسبات عالمية 13 يونيو عيد القديس أنطونيو من لشبونة. اليوم الدولي للتوعية بالمهق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store