
بول كروغمان.. اقتصادي أميركي يزعج ترامب
كروغمان صوت ليبرالي رائد في النقاشات السياسة الأميركية، وهو من أبرز منتقدي السياسات الاقتصادية المحافظة، وخاصة في عهد الرئيس جورج بوش الابن (2001-2009) ثم الرئيس دونالد ترامب منذ ترشحه للولاية الأولى عام 2016.
فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008 تقديرا لجهوده في مجال الاقتصاد الدولي. وقال عنه مارتن وولف، كاتب الرأي في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ، إنه "الكاتب الأكثر إثارة للكراهية والأكثر إثارة للإعجاب في الولايات المتحدة".
النشأة والتكوين
وُلد بول كروغمان في 28 فبراير/شباط 1953 بمدينة ألباني، عاصمة ولاية نيويورك ، ووالداه هما ديفيد وأنيتا كروغمان.
نشأ في مقاطعة ناسو، وتخرج من مدرسة "جون إف. كينيدي" الثانوية في بيلمور. وهو متزوج من روبن ويلز، مدربة اليوغا والخبيرة الاقتصادية التي تعاونت معه في تأليف بعض كتبه.
المسار الأكاديمي والمهني
حصل كروغمان على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة ييل عام 1974 وعلى درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1977.
وفي فترة وجوده في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كان ضمن مجموعة صغيرة من الطلاب الذين أُرسلوا للعمل في البنك المركزي البرتغالي ثلاثة أشهر في صيف عام 1976، بعد عامين من ثورة القرنفل التي أطاحت بنظام أنطونيو سالازار.
عمل كروغمان عضوا في هيئة تدريس الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من عام 1979 إلى عام 2000، وفي تلك الفترة غادر المعهد لمدة عام (1983-1984) ليشغل منصب كبير موظفي قسم الاقتصاد الدولي في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأميركي رونالد ريغان ، ثم تفرغ بين عامي 1994 و1996 للتدريس في جامعة ستانفورد.
ومنذ عام 1979 عمل أيضا باحثا مشاركا في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية. وفي عام 2000 أصبح أستاذا للاقتصاد والشؤون الدولية في كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون؛ وتقاعد عام 2015 بدرجة أستاذ فخري. ثم أصبح أستاذا في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك.
أفكار ونظريات
منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، بدأ كروغمان في تحليل التجارة الدولية وكشف عن نموذج جديد للمنافسة الاحتكارية في التجارة.
ثم طوّر لاحقا العمل على نظرية التجارة الجديدة وعمّمها من خلال محاضراته وكتبه ومنشوراته في الدوريات المتخصصة ووسائل الإعلام واسعة الانتشار.
وكانت مساهمات كروغمان تنبني على الوعي بأن التجارة يمكن تفسيرها بشكل متزايد من خلال التركيز الإقليمي وحجم الاقتصادات المعنية.
كما أوضح أهمية تفضيل المستهلكين للتنوع، مما يفسر بقاء السلع ذات التكلفة الأعلى، والتي لها علامة تجارية مميزة.
وأصبح هذا المجال من نظرية التجارة الجديدة أحد مجالات خبرة كروغمان وشكل الأساس لمنحه جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008.
يدعم كروغمان بشكل عام التجارة الحرة والعولمة، وتطور عمله في نظرية التجارة الجديدة ببطء إلى الجغرافيا الاقتصادية الجديدة.
أصبحت ورقته البحثية الرائدة عام 1991 عن الجغرافيا الاقتصادية الجديدة في مجلة الاقتصاد السياسي واحدة من أكثر الأعمال الاقتصادية استشهادا في هذا المجال.
انصبت أبحاث وأطروحات بول كروغمان على دمج وفرة الإنتاج في نماذج التوازن العام، لفهم محددات التجارة وموقع الإنتاج في اقتصاد ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي يشهد عولمة متزايدة.
وأوضحت نتائج أبحاثه كيف أن رغبة المستهلك في التنوع والاختيار مكّنت الدول من تحقيق الطفرات الإنتاجية اللازمة لتحقيق تجارة مربحة، وقد أدى ذلك إلى بحث لاحق حول "الجغرافيا الاقتصادية الجديدة"، التي أثبتت دور الوظائف والشركات وسبب تسارع وتيرة التحضر وانخفاض عدد السكان في المناطق الريفية.
اكتسب كروغمان شهرة واسعة بفضل أعماله في مجال الاقتصاد الكلي والسياسة المالية، ودرس بعمق التجربة اليابانية وسلّط كتابه "عودة اقتصاد الكساد" الضوء على فخ السيولة الذي وقعت فيه اليابان.
بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008، كان كروغمان من أبرز منتقدي سياسات التقشف ووجه اللوم للاقتصادات الرائدة، وقال إنها كانت عالقة في فخ السيولة التقليدي. وكان رأيه أن الحكومات قادرة على طباعة النقود دون التسبب في ارتفاع أسعار الفائدة أو التضخم.
تنبأ نموذجه لفخ السيولة على نطاق واسع بانخفاض التضخم وتباطؤ انتعاش النمو. أصبح كروغمان اسما مألوفا على نطاق واسع، ويعود ذلك إلى قدرته على تعميم وتبسيط المشاكل الاقتصادية المعقدة وعلى نزوعه إلى الصراحة والمجاهرة بمواقفه في وجه صناع القرار من السياسيين والاقتصاديين.
مؤلفات ومقالات
كروغمان كاتب غزير الإنتاج، نشر أكثر من 20 كتابًا و200 بحث في مجلات متخصصة. من بين كتاباته مقالات دورية في مجلتي "سليت" (1996-1999) و"فورتشن" (1997-1999)، ومن عام 1999 إلى عام 2024، كان كاتب مقالات رأي في صحيفة نيويورك تايمز بمعدل مرتين في الأسبوع، ومباشرة بعد ذلك، انتظم في الكتابة بشكل يومي في موقع "سابستاك".
ومن مؤلفاته كتاب "التفكك الكبير: فقدان الطريق في القرن الجديد" (2003)، وانتقد فيه إدارة الرئيس جورج بوش الابن، كما ألف كتبا دراسية في الاقتصاد مثل "الاقتصاد الجزئي" (2004) و"الاقتصاد الكلي" (2005).
له أعمال غير أكاديمية مثل "عودة اقتصاد الكساد" (1999)، و"الجدال مع الزومبي: الاقتصاد والسياسة والكفاح من أجل مستقبل أفضل" (2020).
وأصبح كروغمان من أبرز منتقدي تفاقم التفاوت في الدخل في أميركا، مُلقيا باللوم على الأيديولوجية الجمهورية في شنّ حرب على الفقراء. ويُفصّل كتابه "ضمير الليبرالي" (2007) تفاقم التفاوت في الدخل في أواخر القرن العشرين في الولايات المتحدة.
انتقاد الجمهوريين
برز كروغمان على الساحة العامة بفضل مقالاته التي انتقد فيها بشدة إدارة الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، وعلى وجه الخصوص سياسته في خفض الضرائب على الأغنياء، مما أدى إلى عجز في الميزانية في فترة النمو.
كما يعتقد كروغمان أن بوش بنى حملته الانتخابية على معلومات مضللة وحقائق زائفة.
كان كروغمان من أبرز من انتقدوا الغزو الأميركي للعراق عام 2003 في عهد الرئيس بوش، وانتقد أيضا رد فعل بعض السياسيين الأميركيين عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي استهدفت مبنى برجي التجارة العالمية في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قرب العاصمة واشنطن.
في انتخابات عام 2016 كان كروغمان داعما قويا للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي فاز بالرئاسة.
وانتقد كروغمان بشدة سياسات ترامب الاقتصادية والخارجية في ولايته الأولى (2017-2021)، واتهمه بأنه مستعد للكذب وتقديم حقائق مضللة.
واستأنف كروغمان انتقاداته لتوجهات ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، وركز مآخذه على قرار فرض الرسوم الجمركية ومدى قانونيتها وجدواها الاقتصادية.
وينشر كروغمان مقالاته بانتظام في موقع "سابستاك" واضعا تحت المجهر كل قرارت ترامب الذي عبر مرارا عن غضبه من انتقادات غروكمان إلى درجة أنه دعا في السابق إلى توقيفه عن الكتابة في نيويورك تايمز، ووصفه في أغسطس/آب 2025 بأنه "متسكع ومختل عقليا". وقد بادر كروغمان إلى اعتماد ذلك التوصيف في بطاقة حسابه على موقع "سابستاك".
ويرى كروغمان أن ما سماه الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس ترامب من خلال فرض رسوم جمركية على أطراف خارجية ما هي إلا حرب طبقية ضد أكثر من 80% من الأميركيين، لأنها تؤثر سلبا على توزيع الدخل بين المواطنين وتساهم في نقل الثروة من الفقراء إلى الأغنياء.
جوائز
في عام 2008 حصل كروغمان على جائزة نوبل في الاقتصاد تقديرا لعمله في شرح نماذج التجارة الدولية والتركيز الجغرافي للثروة من خلال دراسة اقتصاديات الحجم، وسلوك المستهلكين والنمو، إضافة إلى أبحاثه في الاقتصاد الدولي، بما في ذلك نظرية التجارة، والجغرافيا الاقتصادية، والتمويل الدولي، ومصائد السيولة، وأزمات العملات.
في عام 2004 حصل كروغمان على جائزة أمير أستورياس (الإسبانية) في فئة العلوم الاجتماعية، وذلك تقديرا لمكانته العلمية والاجتماعية وثراء أبحاثه، التي ساهمت إسهاما بارزا في إرساء أسس النظرية الجديدة للتجارة الدولية والتنمية الاقتصادية.
وقالت لجنة الجائزة إن كروغمان طبّق مناهج مبتكرة لمعالجة القضايا الاقتصادية الرئيسية التي تُؤثر بشدة على الرأي العام وإن نتائج أبحاثه تنعكس على ظروف المعيشة والرفاهية الحقيقية.
وفي عام 1991 حصل على ميدالية جون بيتس كلارك، وهي جائزة تقديرية تمنحها الجمعية الاقتصادية الأميركية كل عامين لاقتصادي لم يتجاوز الأربعين من عمره، وقدم مساهمة كبيرة في المعرفة الاقتصادية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أميركا تدفع ثمنا باهظا لتنمرها على حلفائها
يُجمع عدد كبير من المحللين في الولايات المتحدة وخارجها على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب زاد من حالة اللايقين في علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في أوروبا، وشرق آسيا بصورة أساسية. وقد نشأ هذا اللايقين من أجندة ترامب الجمركية العدائية، ووجهة نظره بأن حلفاء أميركا يستغلونها، فهو يطلق التهديدات هنا وهناك ثم يتراجع عنها، مما يجعل حلفاء أميركا أكثر حذرا. انخرطت إدارة ترامب في حروب تجارية أدت إلى توتر لدى الحلفاء، كما قوض ترامب التزامات أميركا تجاه حلف الأطلسي، مما أدى إلى شروخ مع الحلفاء عبر الأطلسي. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقيات العالمية المتعلقة بالمناخ والصحة وحقوق الإنسان، وهي اتفاقيات تجعل العالم أكثر أمنا. في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بردع الصين، القوة الصاعدة، تتزايد تكاليف حماية الحلفاء في المحيطين؛ الهادئ والهندي، وسط ظروف غير مستقرة، وهذا يدفع الولايات المتحدة إلى تحميل الحلفاء أعباء أكبر قد تتعارض مع مصالحهم الإستراتيجية وقدراتهم المالية. إن سياسات ترامب في استفزاز جوار الصين ليست جديدة، لكن إدارة بايدن أجبرت حلفاء أميركا على محاذاة سياسات الولايات المتحدة في الدفاع والأمن الاقتصادي تجاه الصين. ومع ذلك، فإن الرسوم الجمركية- إلى جانب فرض شروط جديدة على الالتزام الأميركي تجاه الحلفاء- بثت حالة من انعدام الثقة وعدم اليقين في تحالفات راسخة منذ عقود. إن ربط قضايا الاقتصاد السياسي بالأمن والدفاع يخلق متطلبات جديدة للحفاظ على التحالفات قويةً. الأصوات التي كانت خافتة في اليابان، وكوريا الجنوبية بشأن طبيعة التحالف مع أميركا أصبحت أعلى، بل وصل بعضها إلى المطالبة بفك الارتباط مع الولايات المتحدة. وصار كلا البلدين يسابق الزمن لتصنيع السلاح؛ فكوريا الجنوبية تنتج الآن واحدة من أفضل الدبابات في العالم، واليابان بدأت في توظيف قدراتها التكنولوجية في صناعة السلاح، كما حصلت كوريا على عقود لتصدير السلاح. ورغم ذلك فإن فكرة دخول دول جوار الصين في حرب مع الولايات المتحدة ضد بكين باتت مستحيلة في عهد ترامب؛ لأن نتائج الحرب ستكون سلبية على الجميع، بينما تتبع الصين سياسة قوة واضحة مع تعزيز تحالفاتها الاقتصادية، في وقت يتراجع فيه الوجود العسكري الأميركي، وتهدد الرسوم الجمركية الأميركية اقتصادات هذه الدول. وإذا كانت هذه الدول ستقبل لفترة بالشروط الأميركية لبقاء القوات الأميركية على أراضيها، فإن الدعوات لفصل اليابان عن الاعتماد على الحماية الأميركية أصبحت علنية، لكن تظل قدرات هذه الدول على رفع الإنفاق الدفاعي مشكلة كبيرة. ما لا يدركه ترامب هو أن إلحاق الضرر بصناعة السيارات الألمانية سيقلل من رغبة ألمانيا في بقاء القوات الأميركية على أراضيها، فالسيطرة على ألمانيا تعني ضمنا السيطرة على أوروبا وحلف الأطلسي. فالاقتصاد الأقوى في أوروبا هو الذي يرفع ميزانية الدفاع. وقد جاءت الحرب الأوكرانية لتسقط عن ألمانيا كل القيود التي فُرضت عليها بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم أن المواطن الألماني سيتأثر سلبا برفع موازنة الدفاع، فإن المتطرفين الألمان سيدفعون نحو ذلك ويدعمونه. وفي هذا السياق، بدا أن فرنسا، وألمانيا تتبعان نهجا لبناء قدرات دفاعية مستقلة عن أميركا، ولهذا رأينا القلق الأوروبي في الاستقبال الاستثنائي من قبل الملك تشارلز لماكرون في لندن. فبريطانيا، الحليف الأوروبي الأقرب لأميركا، أصبحت أكثر قلقا من التقلبات الأميركية، وكل ذلك يدفع الولايات المتحدة نحو العزلة دوليا. إن من المؤسف بالنسبة للكثير من الأميركيين الشرخ الذي أحدثه ترامب في العلاقة مع الجار الودود كندا. فلم تمثل كندا تهديدا للولايات المتحدة إلا في رياضة الهوكي، ولطالما اعتبر الكنديون الأميركيين أقرباء لهم. فالحدود الفاصلة بين البلدين هي أطول حدود غير محمية في العالم، واقتصاداهما متشابكان بشكل وثيق. ومع ذلك، فإن ما فعله ترامب بحديثه عن كندا كأنها الولاية الحادية والخمسون، وفرضه رسوما جمركية عقابية، وتهديده بعدم الدفاع عنها بموجب نظام الدفاع الصاروخي المقترح "القبة الذهبية" ما لم تدفع تكلفته (مع الاستمرار في رفع الفاتورة)، قد أثار كل ذلك استياء شعب عُرف باعتداله. ويسود في كندا حتى الآن شعور بالصدمة وعدم التصديق، حتى مع تراجع ترامب عن بعض تصريحاته، فما بدا أنه أسس راسخة للسياسة الخارجية الكندية يذوب كالأنهار الجليدية، ويبدو أن ما تهدّم لن يُصلح بسهولة، بل يحتاج إلى جيل قادم على الأقل. ترى مارغريت ماكملان، أستاذة التاريخ الدولي في جامعة أكسفورد، أن التحالفات وبناءها عمل صعب، تتطلب إدارتها الصبر والتحمل والمهارة، تماما كالحديقة التي تحتاج إلى عناية دائمة. فالتوصل إلى فهم أعمق للدول الأخرى وقادتها وتعلم كيفية التفاوض معهم، أمر شاق. إن توبيخ الحلفاء علنا على عيوبهم المزعومة، كما فعل نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس مع الأوروبيين في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط 2025، أو إصدار الأوامر والإهانات على وسائل التواصل الاجتماعي كما يفعل ترامب يوميا تقريبا، أو إرسال رسائل علنية إلى رؤساء الدول الآخرين قبل تسليمها لمتلقيها، لا يؤدي هذا إلا إلى تراكم الاستياء وجعل العلاقات المستقبلية أكثر صعوبة. ولنتذكر أنه لو لم يتمكن كيسنجر من إقامة علاقة احترام متبادل مع نظيره الصيني تشو إن لاي، لكان افتتاح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين خلال إدارة نيكسون قد تأخر لسنوات. وهكذا، ففيما يواصل الرئيس الأميركي الضغط والتنمر على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، يبدأ هؤلاء رويدا رويدا في رسم مسار جديد لأنفسهم، وقد لا يجدهم ترامب عندما يحتاجهم.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ما ملامح الاتفاق الذي يبشر ترامب بقرب التوصل إليه مع بوتين؟
ناقشت حلقة (2025/8/16) من برنامج 'ما وراء الخبر' سيناريوهات الحرب الروسية على أوكرانيا، في ضوء نتائج قمة ألاسكا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
هل تبنى ترامب مطالب بوتين في قمة ألاسكا؟
رغم أن لا أحد يعرف ما تم التفاوض عليه في قمة ألاسكا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ، فإن التسريبات التي تنشرها بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن نتائج القمة جاءت على غير ما كان يأمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والحلفاء الأوروبيون الذين يدعمونه بالمال والسلاح. وحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، فإن الرئيس الأميركي أبلغ نظيره الأوكراني أن الرئيس الروسي عرض تجميد المواجهة في بعض مواقع القتال، إذا انسحبت أوكرانيا من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وهو ما ترفضه كييف. وعلى ضوء ما رشح من قمة ألاسكا، يرجح الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي محمد المنشاوي، في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"، أن ترامب بات أكثر قربا من تبني وجهة نظر نظيره الروسي، خاصة وأنه أكد في عدة مناسبات أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) هو الذي دفع في اتجاه الحرب الأوكرانية، وما كان له أن يتمدد على حدود روسيا. وتطالب موسكو بالاعتراف بضمها أراضي أوكرانية وأهمها شبه جزيرة القرم و إقليم دونباس ، وأن تصبح أوكرانيا دولة محايدة، وترفع العقوبات عن روسيا، ويبدو أن هذه المطالب -كما يواصل المنشاوي- تلقى آذانا صاغية من الرئيس الأميركي، رغم أن مؤسسة الحكم الأميركية، ممثلة في وزراة الخارجية والاستخبارات وبعض أعضاء الكونغرس، لا توافق على هذه المطالب. ويقول ضيف برنامج "ما وراء الخبر" إن ترامب الذي لا يخفي إعجابه الشخصي ببوتين، يريد أن ينهي الحرب في أوكرانيا، ولا يهمه إن كان هذا الحل عادلا ليظهر أن الفضل يعود له في إنهاء الحرب، كما أنه -يضيف المنشاوي- لا يكترث بالأوروبيين ويرى أنهم لا يملكون أي إستراتيجية لوقف القتال بين كييف وموسكو. ولا يستبعد أن يحاول ترامب إقناع الرئيس الأوكراني خلال الاجتماع به في البيت الأبيض الاثنين المقبل أن روسيا لن تتخلى عن مطالبها، وقال إنه قد يهاجمه كما فعل سابقا ويتهمه بعرقلة التوصل لاتفاق سلام في أوكرانيا. بوتين أصبح يقرر وبرأي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي فإن "زيلينسكي يمكن أن يكون أكبر الخاسرين في أي صفقة تبرم بين ترامب وبوتين"، لأن مطالبه التي يدعمها الأوروبيون لم تتم مناقشتها في قمة ألاسكا، وأبرزها قضية وقف إطلاق النار في أوكرانيا، والأكثر من ذلك -يضيف المتحدث- أن ترامب صرح عندما كان في ألاسكا بأن "على الرئيس الأوكراني إذا كان يريد السلام أن يقبل بالمسار الذي بدأه الرئيس الأميركي ونظيره الروسي". ويعتقد الأروبيون أن ما أظهره الرئيس الأميركي في ألاسكا هو تبنٍ للموقف الروسي، الذي يدعو إلى معالجة الأسباب التي أدت إلى الحرب وليس التوقف فقط عند نقطة وقف إطلاق النار، ويقول عبيدي إن الأوروبيين يرون أن بوتين، بفضل الولايات المتحدة الأميركية، أصبح يقرر ليس فقط مصير أوكرانيا وأمنها، وإنما أمن ومصير الدول الأوروبية. يذكر أن مصادر دبلوماسية كشفت اليوم السبت أن الولايات المتحدة اقترحت على أوكرانيا ضمانات أمنية مستوحاة من تلك التي يقدمها حلف الناتو، ولكن من دون الانضمام إلى الحلف، وقال أحد المصادر إن "الجانب الأميركي اقترح ضمانة أمنية لأوكرانيا مستوحاة من المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي"، مضيفا "من المفترض أنه تمّ الاتفاق عليها مع الرئيس الروسي خلال قمته مع ترامب الجمعة في ألاسكا.