logo
أميركا تدفع ثمنا باهظا لتنمرها على حلفائها

أميركا تدفع ثمنا باهظا لتنمرها على حلفائها

الجزيرةمنذ 19 ساعات
يُجمع عدد كبير من المحللين في الولايات المتحدة وخارجها على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب زاد من حالة اللايقين في علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في أوروبا، وشرق آسيا بصورة أساسية.
وقد نشأ هذا اللايقين من أجندة ترامب الجمركية العدائية، ووجهة نظره بأن حلفاء أميركا يستغلونها، فهو يطلق التهديدات هنا وهناك ثم يتراجع عنها، مما يجعل حلفاء أميركا أكثر حذرا.
انخرطت إدارة ترامب في حروب تجارية أدت إلى توتر لدى الحلفاء، كما قوض ترامب التزامات أميركا تجاه حلف الأطلسي، مما أدى إلى شروخ مع الحلفاء عبر الأطلسي. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقيات العالمية المتعلقة بالمناخ والصحة وحقوق الإنسان، وهي اتفاقيات تجعل العالم أكثر أمنا.
في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بردع الصين، القوة الصاعدة، تتزايد تكاليف حماية الحلفاء في المحيطين؛ الهادئ والهندي، وسط ظروف غير مستقرة، وهذا يدفع الولايات المتحدة إلى تحميل الحلفاء أعباء أكبر قد تتعارض مع مصالحهم الإستراتيجية وقدراتهم المالية.
إن سياسات ترامب في استفزاز جوار الصين ليست جديدة، لكن إدارة بايدن أجبرت حلفاء أميركا على محاذاة سياسات الولايات المتحدة في الدفاع والأمن الاقتصادي تجاه الصين.
ومع ذلك، فإن الرسوم الجمركية- إلى جانب فرض شروط جديدة على الالتزام الأميركي تجاه الحلفاء- بثت حالة من انعدام الثقة وعدم اليقين في تحالفات راسخة منذ عقود. إن ربط قضايا الاقتصاد السياسي بالأمن والدفاع يخلق متطلبات جديدة للحفاظ على التحالفات قويةً.
الأصوات التي كانت خافتة في اليابان، وكوريا الجنوبية بشأن طبيعة التحالف مع أميركا أصبحت أعلى، بل وصل بعضها إلى المطالبة بفك الارتباط مع الولايات المتحدة. وصار كلا البلدين يسابق الزمن لتصنيع السلاح؛ فكوريا الجنوبية تنتج الآن واحدة من أفضل الدبابات في العالم، واليابان بدأت في توظيف قدراتها التكنولوجية في صناعة السلاح، كما حصلت كوريا على عقود لتصدير السلاح.
ورغم ذلك فإن فكرة دخول دول جوار الصين في حرب مع الولايات المتحدة ضد بكين باتت مستحيلة في عهد ترامب؛ لأن نتائج الحرب ستكون سلبية على الجميع، بينما تتبع الصين سياسة قوة واضحة مع تعزيز تحالفاتها الاقتصادية، في وقت يتراجع فيه الوجود العسكري الأميركي، وتهدد الرسوم الجمركية الأميركية اقتصادات هذه الدول.
وإذا كانت هذه الدول ستقبل لفترة بالشروط الأميركية لبقاء القوات الأميركية على أراضيها، فإن الدعوات لفصل اليابان عن الاعتماد على الحماية الأميركية أصبحت علنية، لكن تظل قدرات هذه الدول على رفع الإنفاق الدفاعي مشكلة كبيرة.
ما لا يدركه ترامب هو أن إلحاق الضرر بصناعة السيارات الألمانية سيقلل من رغبة ألمانيا في بقاء القوات الأميركية على أراضيها، فالسيطرة على ألمانيا تعني ضمنا السيطرة على أوروبا وحلف الأطلسي. فالاقتصاد الأقوى في أوروبا هو الذي يرفع ميزانية الدفاع.
وقد جاءت الحرب الأوكرانية لتسقط عن ألمانيا كل القيود التي فُرضت عليها بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم أن المواطن الألماني سيتأثر سلبا برفع موازنة الدفاع، فإن المتطرفين الألمان سيدفعون نحو ذلك ويدعمونه.
وفي هذا السياق، بدا أن فرنسا، وألمانيا تتبعان نهجا لبناء قدرات دفاعية مستقلة عن أميركا، ولهذا رأينا القلق الأوروبي في الاستقبال الاستثنائي من قبل الملك تشارلز لماكرون في لندن. فبريطانيا، الحليف الأوروبي الأقرب لأميركا، أصبحت أكثر قلقا من التقلبات الأميركية، وكل ذلك يدفع الولايات المتحدة نحو العزلة دوليا.
إن من المؤسف بالنسبة للكثير من الأميركيين الشرخ الذي أحدثه ترامب في العلاقة مع الجار الودود كندا. فلم تمثل كندا تهديدا للولايات المتحدة إلا في رياضة الهوكي، ولطالما اعتبر الكنديون الأميركيين أقرباء لهم.
فالحدود الفاصلة بين البلدين هي أطول حدود غير محمية في العالم، واقتصاداهما متشابكان بشكل وثيق. ومع ذلك، فإن ما فعله ترامب بحديثه عن كندا كأنها الولاية الحادية والخمسون، وفرضه رسوما جمركية عقابية، وتهديده بعدم الدفاع عنها بموجب نظام الدفاع الصاروخي المقترح "القبة الذهبية" ما لم تدفع تكلفته (مع الاستمرار في رفع الفاتورة)، قد أثار كل ذلك استياء شعب عُرف باعتداله.
ويسود في كندا حتى الآن شعور بالصدمة وعدم التصديق، حتى مع تراجع ترامب عن بعض تصريحاته، فما بدا أنه أسس راسخة للسياسة الخارجية الكندية يذوب كالأنهار الجليدية، ويبدو أن ما تهدّم لن يُصلح بسهولة، بل يحتاج إلى جيل قادم على الأقل.
ترى مارغريت ماكملان، أستاذة التاريخ الدولي في جامعة أكسفورد، أن التحالفات وبناءها عمل صعب، تتطلب إدارتها الصبر والتحمل والمهارة، تماما كالحديقة التي تحتاج إلى عناية دائمة. فالتوصل إلى فهم أعمق للدول الأخرى وقادتها وتعلم كيفية التفاوض معهم، أمر شاق.
إن توبيخ الحلفاء علنا على عيوبهم المزعومة، كما فعل نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس مع الأوروبيين في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط 2025، أو إصدار الأوامر والإهانات على وسائل التواصل الاجتماعي كما يفعل ترامب يوميا تقريبا، أو إرسال رسائل علنية إلى رؤساء الدول الآخرين قبل تسليمها لمتلقيها، لا يؤدي هذا إلا إلى تراكم الاستياء وجعل العلاقات المستقبلية أكثر صعوبة.
ولنتذكر أنه لو لم يتمكن كيسنجر من إقامة علاقة احترام متبادل مع نظيره الصيني تشو إن لاي، لكان افتتاح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين خلال إدارة نيكسون قد تأخر لسنوات.
وهكذا، ففيما يواصل الرئيس الأميركي الضغط والتنمر على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، يبدأ هؤلاء رويدا رويدا في رسم مسار جديد لأنفسهم، وقد لا يجدهم ترامب عندما يحتاجهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يتحدث عن "تقدم كبير" بشأن روسيا وقادة أوروبيون يشاركون في قمة واشنطن
ترامب يتحدث عن "تقدم كبير" بشأن روسيا وقادة أوروبيون يشاركون في قمة واشنطن

الجزيرة

timeمنذ 3 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يتحدث عن "تقدم كبير" بشأن روسيا وقادة أوروبيون يشاركون في قمة واشنطن

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "تقدم كبير" بشأن روسيا، وتحدث مبعوثه عن "تنازلات" روسية، في حين يجتمع قادة أوروبيون مع الرئيس الأوركراني فولودومير زيلينسكي في بروكسل قبل أن ينضموا إليه في اجتماعه مع ترامب بواشنطن. وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" بعد يومين من قمة عقدها مع نظيره الروسي في ألاسكا ، "تقدم كبير بشأن روسيا. ترقبوا الأخبار"، دون أن يورد مزيدا من التفاصيل. أما مبعوثه ستيف ويتكوف فقال اليوم الأحد إن روسيا قدمت "بعض التنازلات" في ما يتصل بخمس مناطق أوكرانية أعلنت ضمها. وقال ويتكوف لشبكة "سي إن إن" الأميركية "قدم الروس بعض التنازلات.. بشأن كل هذه المناطق الخمس"، في إشارة إلى دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا التي تحتلها روسيا جزئيا وأعلنت ضمها لأراضيها بعد بدء حربها على أوكرانيا عام 2022، و شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في 2014. وأعرب ويتكوف عن أمله بأن يكون اجتماع ترامب مع نظيره الأوكراني وقادة أوروبيين غدا الاثنين "مثمرا"، في وقت تدفع فيه واشنطن نحو حل للحرب بين موسكو وكييف. في السياق قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لشبكة "سي بي إس" اليوم الأحد إن بلاده ستواصل محاولاتها لوضع سيناريو للمساعدة في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، لكن ربما لا تتمكن من تحقيق ذلك. اجتماع أوروبي في الأثناء، اجتمع "تحالف الراغبين" الذي يضم داعمي كييف، وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، عبر الفيديو اليوم الأحد الساعة الأولى بعد الظهر. ويبحث الاجتماع مسألة الضمانات الأمنية التي ستمنح لكييف في إطار اتفاق سلام محتمل، والتحضير للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي غدا الاثنين في واشنطن، بحسب ما ذكر ماكرون. ودعا ماكرون في مستهل المحادثات مجددا إلى "مواصلة الضغط" على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من جانبها، رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم باقتراح الرئيس الأميركي تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا مستلهمة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في إطار المساعي لوضع حد للحرب الأوكرانية. وقالت دير لاين إنه يجب ألا تكون هناك قيود على القوات المسلحة الأوكرانية أو المساعدات الخارجية لكييف. وأضافت "مثلما قلت مرارا، يجب أن تصبح أوكرانيا حصنا منيعا بالنسبة للغزاة المحتملين". يشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والأمين العام للحلف الأطلسي مارك روته ، أعلنوا أنهم سيكونون حاضرين في واشنطن غدا الاثنين. تنازلات روسية ويضغط ترامب على أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق بعد اجتماعه مع فلاديمير بوتين الجمعة الماضي في ألاسكا، ووفقا لمصادر عرض الرئيس الروسي التخلي عن جيوب صغيرة من الأراضي الأوكرانية يحتلها مقابل مساحات شاسعة في أماكن أخرى. وقال ترامب أمس السبت إن على أوكرانيا التوصل لاتفاق ينهي الحرب مع موسكو لأن "روسيا قوة كبيرة جدا، وهم ليسوا كذلك". وبعد قمة ألاسكا مع بوتين الجمعة الماضي، اتصل ترامب هاتفيا بزيلينسكي وأبلغه، وفقا لمصدر مطلع، أن رئيس الكرملين عرض تجميد معظم خطوط المواجهة إذا تخلت كييف عن دونيتسك بالكامل، المنطقة الصناعية التي تعد أحد الأهداف الرئيسية لموسكو. وأضاف المصدر أن زيلينسكي رفض هذا الطلب. وقال ترامب أيضا إنه يوافق بوتين الرأي بشأن ضرورة السعي للتوصل إلى اتفاق سلام دون أن يسبقه اتفاق لوقف إطلاق النار ، وهو ما تطالب به أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون. ويمثل هذا تراجعا عن موقفه قبل القمة عندما قال إنه لن يكون سعيدا ما لم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار. وتقول رويترز إنه قد يكون من الصعب للغاية على أوكرانيا قبول بعض مطالب بوتين كما هي، مما ينذر بمحادثات متوترة حول إنهاء أعنف حرب في أوروبا منذ 80 عاما، أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من مليون شخص. وترغب القوى الأوروبية في المساعدة في ترتيب اجتماع ثلاثي بين ترامب وبوتين وزيلينسكي للتأكد من أن أوكرانيا لديها مقعد على طاولة المفاوضات ليتسنى لها تحديد مستقبلها. كما يريدون ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا بمشاركة الولايات المتحدة، والقدرة على زيادة الضغط على موسكو إذا لزم الأمر. وقال مسؤول حكومي أوروبي "سيوضحون ما يعتبرونه أساسيا فيما يتعلق بالضمانات الأمنية، ما يمكنهم القيام به بأنفسهم، وما يقع على عاتق تحالف من المتطوعين، وما يتوقعونه من الولايات المتحدة".

عتاد عسكري وذخائر أميركية لنيجيريا بقيمة 346 مليون دولار
عتاد عسكري وذخائر أميركية لنيجيريا بقيمة 346 مليون دولار

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

عتاد عسكري وذخائر أميركية لنيجيريا بقيمة 346 مليون دولار

وافقت الولايات المتحدة على صفقة بيع ذخائر وصواريخ دقيقة التوجيه بقيمة 346 مليون دولار لصالح نيجيريا، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرات هذا الحليف الإستراتيجي في غرب أفريقيا على مواجهة تصاعد العنف الإرهابي في البلاد. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن الصفقة "تدعم أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة من خلال تحسين أمن شريك إستراتيجي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء". وتشمل الصفقة قائمة واسعة من الأسلحة طلبتها الحكومة النيجيرية، من بينها أكثر من ألف قنبلة من طراز "إم كيه-82" زنة 500 رطل، وهي من نوع القنابل التي أفادت تقارير إعلامية باستخدامها في عمليات عسكرية حول العالم، بما في ذلك قصف قطاع غزة مؤخرا. كما تتضمن الصفقة 5 آلاف صاروخ دقيق التوجيه، ومجموعات قنابل موجهة بالليزر، وصواريخ شديدة الانفجار، بالإضافة إلى خدمات فنية تشمل دعم الطواقم العسكرية وتدريبها. وأكدت الخارجية الأميركية أن "الصفقة المقترحة ستعزز قدرة نيجيريا على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية من خلال عمليات ضد التنظيمات الإرهابية، ومكافحة الاتجار غير المشروع في نيجيريا وخليج غينيا". تصاعد الهجمات في الشمال وتشهد نيجيريا تصاعدا في الهجمات التي تشنها جماعات مسلحة في شمال البلاد، أبرزها جماعة "بوكو حرام" وتنظيم "ولاية غرب أفريقيا" التابع لتنظيم الدولة الإسلامية ، مما أدى إلى موجات نزوح واسعة وسقوط آلاف القتلى، فضلا عن تهجير مجتمعات بأكملها. وردا على هذا التصعيد، كثّفت القوات النيجيرية عملياتها العسكرية لاستعادة السيطرة على المناطق المتضررة. وأعلن رئيس أركان القوات الجوية، حسن أبو بكر، الثلاثاء، أن الجيش تمكن من "تحييد 592 عنصرا إرهابيا" في ولاية بورنو شمال شرق البلاد خلال الأشهر الثمانية الماضية، في إشارة إلى قتلهم أو اعتقالهم. وقال أبو بكر إن "حملتنا الجوية هذا العام أكثر سرعة ودقة وفعالية"، مضيفا أن العمليات تستهدف "القضاء على العناصر عالية القيمة، وشل شبكات الإمداد، وتفكيك الخلايا التي تهدد الأمن في الشمال الشرقي". ويرى مراقبون أن وصول دفعة جديدة من الأسلحة الدقيقة من الولايات المتحدة قد يشكل دعما نوعيا لجهود نيجيريا في مكافحة الإرهاب، وسط تحديات أمنية متفاقمة في المنطقة.

"الحرية لواشنطن".. أميركيون يحتجون ضد "الاحتلال العسكري للعاصمة"
"الحرية لواشنطن".. أميركيون يحتجون ضد "الاحتلال العسكري للعاصمة"

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

"الحرية لواشنطن".. أميركيون يحتجون ضد "الاحتلال العسكري للعاصمة"

واشنطن- بعد 5 أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الطوارئ في العاصمة ورفعه شعار "استعادة النظام"، خرجت واشنطن قبل يوم في مسيرة احتجاجية حاشدة انطلقت من ساحة دوبونت سيركل باتجاه البيت الأبيض ، بدعوة من منظمة "ارفضوا الفاشية". ورفع المتظاهرون شعارات بارزة من قبيل "الحرية لواشنطن" و"ارفعوا أيديكم عن واشنطن"، في رسالة مباشرة رفضا لما وصفوه بـ"الاحتلال العسكري للمدينة" بعد قرار ترامب نشر قوات من الحرس الوطني وتفعيل سلطات استثنائية على الشأن الأمني المحلي. وينظر إلى قرار ترامب نشر نحو 800 عنصر من الحرس الوطني وتفعيل بند الطوارئ في "قانون الحكم الذاتي" للعاصمة بوصفه سابقة غير معهودة للتدخل الفدرالي في شؤون واشنطن، وهي ليست ولاية بل مقاطعة فدرالية منحها قانون 1973 سلطة إدارة محدودة قابلة للتعديل أو الإبطال من الكونغرس. وبرر ترامب هذا التصعيد الأمني بالقول إن "الجريمة خرجت عن السيطرة" مستشهدا بحادثة هجوم على موظف حكومي سابق، غير أن المبررات قوبلت بتشكيك واسع، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدلات الجريمة في العاصمة تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 3 عقود. هذا التراجع في معدلات الجريمة جعل القرار يُقرأ على نطاق واسع بوصفه اختبارا لحدود السلطة الفدرالية أكثر من كونه استجابة لواقع أمني متدهور. "الاستيلاء الفاشي" وانطلقت الحشود من ساحة دوبونت سيركل باتجاه البيت الأبيض في مسار منظم، مرددة هتافات تدعو لحرية مدينتهم تارة ولرحيل ترامب تارة أخرى. ورغم الانتشار الكثيف للشرطة المحلية على جانبي الطريق، اتسمت الأجواء بالهدوء والانضباط دون مواجهات. وردد المشاركون شعار "العسكر يملؤون الشوارع ويسيطرون على الأحياء.. لا بد من وقف الاستيلاء الفاشي"، في تعبير عن الغضب من "عسكرة الفضاء العام"، وربطوا بين مشاهد الحرس الوطني والشرطة الفدرالية وبين ما اعتبروه خطة لتحويل واشنطن إلى مدينة في حالة حرب. إعلان وفي كلمة ألقتها أمام المحتجين، قالت سام غولدمان، إحدى المنظِمات في حركة "ارفضوا الفاشية"، إن قرار ترامب "فاشي بامتياز"، داعية إلى "إغراق الشوارع بالمتظاهرين وملء الساحات رفضا لعسكرة العاصمة والهجوم على فقراء المدينة وخاصة المشردين"، معتبرة أن الإجراءات "تستهدف الفئات الهشة وتعقد أوضاعها الإنسانية". تصعيد غير مسبوق وسبق المسيرة تصعيد فدرالي تمثل في تعيين مدير إدارة مكافحة المخدرات تيري كول مفوضا طارئا للشرطة، قبل التراجع جزئيا والإبقاء على قائدة الشرطة المحلية باميلا سميث مع إلزامها بالتعاون في سياسات الهجرة. وجاء التراجع بعد تحرك قضائي عاجل، إذ رفع المدعي العام لمقاطعة كولومبيا براين شولب دعوى أمام المحكمة الفدرالية في واشنطن للطعن بقرار ترامب بالسيطرة على قيادة الشرطة المحلية. في موازاة ذلك، كثفت القوات الفدرالية حملات إخلاء مخيمات المشردين تحت شعار "جعل العاصمة آمنة وجميلة"، حيث أشارت تقارير محلية إلى إزالة عشرات المواقع التي تنتشر فيها الخيام، في خطوة أثارت انتقادات منظمات حقوقية وصفتها بأنها "نقل للمشكلة لا معالجة لها". وقالت الناشطة أستريد فينبرغ للجزيرة نت إن "هذه الإجراءات لا تحمي المدينة من الجريمة، بل تضطهد الضعفاء وتخفيهم عن الأنظار، إنهم يزيلون الخيام بسرعة فائقة بينما قوائم الانتظار في الملاجئ أطول من أي وقت مضى، ليس هكذا تحل المشكلة". مسرحية مثيرة للسخرية ويرى أليكس كاو، أحد المشاركين في المسيرة، أن حرب ترامب المعلنة على الجريمة في واشنطن "مسرحية مثيرة للسخرية"، مضيفا للجزيرة نت "ألم يكن هجوم السادس من يناير/كانون الثاني 2021 على الكونغرس أكبر جريمة؟ هذه مدينتنا وليست ثكنة عسكرية، عليه أن يتركها وشأنها ويلتفت إلى قضايا أهم". كما حملت المسيرة لافتات اتهمت ترامب بمحاولة تشتيت انتباه الرأي العام وصرف الأنظار عن ملفات أكبر، من بينها قضية رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين المدان باستغلال القصر، والذي ارتبط اسمه بشخصيات سياسية نافذة. وكان ترامب قد تعهد في حملته الانتخابية بالكشف عن "ملفات إبستين"، بما في ذلك أسماء المتورطين، لكنه تراجع عن الوعد بعد إعلان وزارة العدل ووكالة التحقيقات الفدرالية أنه لا وجود لـ"قائمة العملاء" أو أدلة موثوقة على الابتزاز. غضب يتجاوز حدود المدينة ورغم أن محور المسيرة كان رفض "عسكرة" واشنطن، فإن الغضب الشعبي تجاوز حدود العاصمة ليشمل قضايا أوسع، حيث طالب المحتجون بإنهاء عمل وكالة الهجرة والجمارك (آيس) ووقف ترحيل المهاجرين، كما رفعت شعارات داعمة لغزة تطالب بوقف الحرب، وأخرى نادت بإنهاء النزاع بين روسيا وأوكرانيا. بهذا الشكل، بدت احتجاجات السبت في واشنطن أكثر من مجرد مسيرة محلية، إذ تحولت إلى منصة للتعبير عن رفض عسكرة المدينة، وربط السياسات الأمنية لترامب بمشهد عالمي يتسم بالحروب والأزمات، وهو ما أضفى عليها بعدا سياسيا يتجاوز حدود العاصمة الأميركية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store