
الرياضة وتنمية التفكير الرياضي: علاقة متكاملة بين العقل والجسد
في عالم يتسم بالتطور السريع والتحديات الأكاديمية المتزايدة، أصبح البحث عن طرق لتعزيز التحصيل الدراسي وتحسين عملية التعلم من الأولويات الأساسية لصانعي القرار والتربويين وأولياء الأمور على حد سواء. ومن بين العوامل التي أثبتت الدراسات الحديثة فعاليتها في هذا المجال، تأتي ممارسة الرياضة كأحد العناصر الرئيسية التي تسهم في تحسين الأداء الأكاديمي، وخاصة في المواد التي تتطلب تفكيرًا وتحليليًا منطقيًا مثل الرياضيات.
الرياضة ليست مجرد نشاط بدني يهدف إلى تحسين اللياقة البدنية؛ بل هي أيضًا أداة قوية لتعزيز الصحة العقلية والنفسية، مما ينعكس إيجابًا على القدرات المعرفية للطلاب. فالرياضة تساعد على تحسين الوظائف المعرفية، فمن خلال تدفق الدم الى الدماغ فان ذلك يعزز الوظائف المعرفية مثل الذاكرة والتركيز والتفكير المنطقي وهذه المهارات أساسية لفهم وحل المسائل الرياضية. فقد أظهرت بعض الدراسات أن التمارين الرياضية تزيد من حجم الحُصين (hippocampus) ، وهو جزء من الدماغ مرتبط بالذاكرة والتعلم.
هذه الزيادة في الحجم ترتبط بتحسين الذاكرة والقدرة على التعلم. دراسة أخرى وجدت أن التمارين الهوائية (مثل الجري) تعزز الذاكرة العاملة (working memory)، وهي مهمة للتعلم وحل المشكلات. كما ان ممارسة الرياضة تعزز من زيادة التركيز والانتباه وتقلل من التوتر والقلق ، ففي دراسة نشرت في مجلة (Pediatrics) أظهرت أن الأطفال الذين يمارسون النشاط البدني بانتظام لديهم تحسن في الانتباه والتركيز مقارنة بأقرانهم الأقل نشاطًا.
وأشارت أبحاث أخرى نشرت في مجلة (Nature) إلى أن التمارين الرياضية تزيد من إفراز الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يحسن الانتباه ويقلل من التشتت، فزيادة مستويات هرمون الاندروفين (هرمون السعادة) عند ممارسة التمارين الرياضية يؤدي الى تحسين الحالة المزاجية للطالب وتقليل القلق ويساعده على التركيز بشكل أفضل أثناء الدراسة.
كما ان للرياضة دور فعال في تعزيز الانضباط والتنظيم والثقة بالنفس، فممارسة الرياضة تعلم الطالب الانضباط الذاتي وإدارة الوقت، وهما مهارتان مهمتان لتحقيق النجاح في الرياضيات التي تتطلب ممارسة مستمرة وحل مسائل رياضية بانتظام ، وتحقيق النجاح في الرياضة يمكن أن يعزز ثقة الطالب بنفسه، مما ينعكس إيجابًا على أدائه في المواد الدراسية الأخرى بما في ذلك الرياضيات. كما تسهم الرياضة في تحسين الصحة العامة، الصحة الجيدة التي تنتج عن ممارسة الرياضة تساعد على تحسين القدرة على التركيز والاستيعاب، مما يفيد في تعلم الرياضيات.
من الضروري تخصيص وقت يومي أو أسبوعي لممارسة الأنشطة الرياضية داخل المدرسة، بالإضافة إلى تنظيم فترات استراحة نشطة بين الحصص الدراسية لتحفيز الحركة والنشاط البدني. كما يمكن تنظيم مسابقات وأنشطة رياضية داخل المدرسة لتشجيع الطلبة على المشاركة وتعزيز روح المنافسة الإيجابية. ومن المهم أن يشارك المعلمون في هذه الأنشطة الرياضية مع الطلبة، حيث يسهم ذلك في تحفيزهم وخلق بيئة تعليمية إيجابية ومتفاعلة.
على صعيد آخر، يجب التأكيد على أهمية الرياضة كجزء أساسي من الروتين اليومي للطلبة، وليس كمجرد نشاط ثانوي. هنا يأتي دور أولياء الأمور في مساعدة أبنائهم على تنظيم وقتهم بشكل متوازن بين الدراسة والأنشطة الرياضية، مما يعزز التوازن بين الجانبين الأكاديمي والبدني.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تضمين أنشطة تعليمية تفاعلية تتضمن الحركة، مثل التعلم عن طريق اللعب، حيث تسهم هذه الأنشطة في تعزيز المفاهيم التعليمية كالعمل الجماعي، الانضباط، والتفكير، مما يجعل العملية التعليمية أكثر متعة وفعالية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
تناول الجبن قد يثير دماغك كما تفعل المخدرات!
كشفت دراسة حديثة من جامعة ميشيغان أن الجبن قد يحفز استجابات دماغية مشابهة لتلك التي تثيرها بعض المواد المخدرة. تحتوي منتجات الألبان، وخاصة الجبن، على بروتين يُدعى الكازين، والذي يتحلل أثناء الهضم إلى مركبات تُعرف بالكازومورفينات. تتفاعل هذه المركبات مع مستقبلات الأفيون في الدماغ، مما يؤدي إلى إطلاق الدوبامين، وهو الناقل العصبي المسؤول عن مشاعر المتعة والمكافأة. أوضحت الباحثة الرئيسية، الدكتورة إيريكا شولت، أن الأطعمة الدهنية والمعالجة بشكل كبير، مثل الجبن، يمكن أن تنشط مراكز المكافأة في الدماغ بطريقة مشابهة للمواد المسببة للإدمان. وأشارت إلى أن هذه الاستجابات قد تفسر الرغبة الشديدة التي يشعر بها البعض تجاه هذه الأطعمة. الجدير ذكره أن الدراسة نُشرت في مجلة PLoS ONE التابعة للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب، وتُعد جزءًا من سلسلة أبحاث تهدف إلى فهم العلاقة بين بعض الأطعمة وسلوكيات الإدمان الغذائي. بينما لا يُعتبر الجبن مادة مخدرة، إلا أن هذه النتائج تسلط الضوء على كيفية تأثير بعض المكونات الغذائية على الدماغ، مما قد يفسر صعوبة مقاومة بعض الأطعمة لدى الكثيرين.


أخبار الخليج
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
تعديل بسيط في نظامك الغذائي قد يطيل عمرك
كشفت دراسة عالمية حديثة أن استبدال البروتينات الحيوانية بالبروتينات النباتية يمكن أن يسهم في إطالة العمر، وخاصة لدى البالغين، في حين يرتبط تناول البروتين الحيواني بفوائد صحية أكبر للأطفال من دون سن الخامسة. الدراسة التي قادها باحثون من مركز تشارلز بيركنز في جامعة سيدني، ونشرتها مجلة Nature Communications ، حللت بيانات غذائية وديموغرافية من 101 دولة بين عامي 1961 و2018، مع الأخذ في الاعتبار حجم السكان ومستوى الثروة لضمان الدقة. وأظهرت النتائج أن ارتفاع استهلاك البروتينات النباتية مثل البقوليات والمكسرات والتوفو يرتبط بزيادة متوسط العمر المتوقع، في حين يرتبط الاستهلاك العالي للحوم، ولا سيما المصنعة، بمخاطر صحية مزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان. وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة كيتلين أندروز إن النتائج أظهرت «صورة مختلطة» فيما يتعلق بتأثير نوع البروتين على الصحة، مشيرة إلى أن البروتينات النباتية تدعم صحة البالغين على المدى الطويل، بينما تسهم الحيوانية منها في خفض وفيات الرضع. من جانب آخر، أكدت دراسة نُشرت في مجلة JAMA Internal Medicine أن التغيير من الزبدة إلى الزيوت النباتية، مثل زيت الزيتون، قد يخفض خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 15 % . وقال الباحث الدكتور أليستير سينيور إن «البروتين عنصر أساسي في النظام الغذائي، ومع تزايد التوجه نحو تقليل البصمة الكربونية يصبح من الضروري فهم تأثير نوع البروتين في الصحة العامة والبيئة». وتُبرز الدراسة أهمية النظام الغذائي المتوازن الذي يعتمد على مصادر نباتية في تعزيز الصحة العامة وإطالة متوسط العمر المتوقع، ما يفتح الباب أمام استراتيجيات غذائية جديدة أكثر فاعلية واستدامة.


البلاد البحرينية
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
الابتعاد عن هاتفك لمدة 72 ساعة فقط.. يعيد توازن عقلك
كشفت دراسة جديدة أن 72 ساعة فقط بدون هاتف يمكن أن تعيد ضبط عقلك تماما، مما يحسن التركيز والإبداع والرفاهية العقلية بشكل عام. في عالم اليوم الرقمي، نتعرض باستمرار للـ 'قصف' بالإشعارات ورسائل البريد الإلكتروني وتحديثات وسائل التواصل الاجتماعي، مما يترك عقولنا مفرطة في التحفيز والإرهاق. هذا التدفق المستمر للمعلومات يجعل من الصعب التركيز، ويضعف الذاكرة، بل ويزيد من مستويات التوتر. لكن الأبحاث تظهر أن أخذ استراحة لمدة ثلاثة أيام فقط من هاتفك يسمح لعقلك بإعادة الشحن، مما يزيد من الوضوح العقلي والاستقرار العاطفي. تشير الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للهاتف يعطل التفكير العميق وقدرات حل المشكلات. من خلال الابتعاد عن الشاشات، يعاني الناس من قلق أقل ونوم أعمق وتحسين الوظيفة المعرفية. حتى التخلص من السموم الرقمية القصيرة يمكن أن يؤدي إلى إنتاجية أفضل وشعور عام بالهدوء. يقول أولئك الذين جربوا هذه التجربة إنهم يشعرون بأنهم أكثر حضورا ومشاركة وارتباطا بالعالم من حولهم. بدون اندفاع الدوبامين اللامتناهي من وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل ، يعيد الدماغ معايرة ، مما يؤدي إلى تفاعلات أكثر جدوى وعمليات تفكير أعمق بحسب موقع فكر في الأمر.. متى كانت آخر مرة قضيت فيها 72 ساعة بدون هاتفك، وهل يمكنك تحدي نفسك للمحاولة؟ تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.