logo
عائلات بريطانية تعيش في عزلة قسرية بسبب قوانين الهجرة

عائلات بريطانية تعيش في عزلة قسرية بسبب قوانين الهجرة

الإمارات اليوممنذ يوم واحد

قبل ثلاثة أسابيع قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إن المملكة المتحدة تواجه خطر أن تتحول إلى «جزيرة من الغرباء»، لكن هذا الوصف لا يبدو غريباً بالنسبة للكثير من المواطنين البريطانيين الذين يعيشون بالفعل عزلة قسرية بسبب قوانين الهجرة، التي تجبرهم على المفاضلة بين العيش في وطنهم أو البقاء مع أسرهم.
وفي قلب هذه الأزمة تقف سياسة الحد الأدنى للدخل، التي تشترط على المواطنين البريطانيين تحقيق دخل لا يقل عن 18 ألفاً و600 جنيه إسترليني سنوياً، ليُسمح لهم بإحضار أزواجهم غير البريطانيين (الأجانب) للعيش معهم في المملكة المتحدة.
وقد أعلنت الحكومة المحافظة السابقة عن نية رفع هذا الحد إلى 38 ألفاً و700 جنيه، قبل أن تتراجع بسبب الغضب الشعبي، مكتفية بخطة رفع تدريجي تبدأ من 29 ألف جنيه.
ومع تولي حزب العمال للسلطة، جُمد هذا الحد الأدنى للدخل مؤقتاً، وطلبت الحكومة من اللجنة الاستشارية للهجرة مراجعة هذه السياسة المتوقع صدور نتائجها قريباً.
إلا أن التجميد المؤقت لا يُغير حقيقة أن آلاف العائلات تعاني تبعات هذا القرار، إذ إن مستقبلهم الأسري بالكامل معلق على نتيجة مراجعة لم تُعلن بعد.
هذه السياسة لا تحد فقط من حرية البريطانيين في العيش مع أحبائهم وعائلاتهم، بل تؤثر في صحة الأسر النفسية والجسدية كذلك، وقد تحرم البعض فرصة الإنجاب أو العيش بجانب أطفالهم.
قصص مؤلمة
من بين القصص المؤلمة جراء تلك السياسة قصة البريطانية كاميلي أوكلير، وزوجها المكسيكي مويسز ألفاريز جيمينيز، اللذين التقيا في المكسيك عام 2017 وتزوجا بعد عامين.
كان هدفهما الانتقال للعيش في المملكة المتحدة، لكن المرض غيّر خططهما، حيث أُصيبت أوكلير بمرض في الحوض وضعف في المناعة، ثم عانت لاحقاً قصور المبيض المبكر، ما عجّل بحاجة العودة للوطن لتكون أقرب إلى عائلتها، ولتلقي علاج الخصوبة، وهي في عمر الـ28.
غير أنها صُدمت عندما علمت أن زوجها لا يملك الحق في العلاج عبر هيئة الصحة الوطنية البريطانية كونه غير مقيم، ما أجبرها على التفكير في استخدام متبرع مجهول لتكوين أسرة.
وعلى الرغم من محاولتها الوصول إلى الحد الأدنى للدخل، الذي كان 18 ألفاً و600 جنيه إسترليني، فإن رفع السقف فجأة إلى 29 ألف جنيه حطم آمال أوكلير في إنجاب طفل مع زوجها داخل المملكة المتحدة.
وبحلول الوقت الذي ستكسب فيه ما يكفي من المال، سيكون الحمل صعباً للغاية.
شعور مرعب
وقالت أوكلير: «هل يمكنكم تخيل أن يُقال لامرأة في العشرينات إنها لا تستطيع إنجاب أطفال لأنها فقط لا تملك ما يكفي من المال للحكومة البريطانية لتوافق على إحضار زوجها؟».
وأضافت: «قيل لي في الأساس: إذا كنت ترغبين في إنجاب أطفال، فربما يتعين عليكِ تسهيل ذلك من خلال رعاية الخصوبة».
واعتبر الزوجان أن «الحد الأدنى من الدخل المطلوب لقبول الزوج في المملكة المتحدة يعد مثالاً آخر على التمييز في سياسة بريطانيا استناداً إلى العرق والطبقة»، مشيرين إلى أن الاعتراف بذلك كان مؤلماً.
وقال جيمينيز: «في الواقع إنه أمر محبط، وغير إنساني، إنه يجعلني أشعر بالحزن، لقد جعلني ذلك أحتقر المكان الذي جئت منه، وهو شعور مرعب للغاية، وبالنسبة لنا تعد الإقامة في المكسيك سهلة جداً، حيث كانت بلادي مرحبة تماماً بزوجتي».
مأساة أخرى
وثمة ملامح مربكة أخرى، إذ يفترض العديد من الناس أن إحضار شريك حياتهم إلى المملكة المتحدة حق أصيل، ولا يدركون وجود الحد المالي إلا بعد ارتباطهم بشخصٍ ما وتكوين أسرة، حيث تبرز هنا مأساة أخرى في قصة ليزا يونغ (31 عاماً) الحامل في شهرها الخامس، والتي اكتشفت الحد المالي متأخراً، عندما كانت تعيش في اليابان.
وعندما ارتفع إلى 29 ألف جنيه كانت في شهرها الثامن، واضطرت إلى اتخاذ قرار مرير: إما تربية طفلتها في المملكة المتحدة وحدها معتمدة على الإعانات، وإما البقاء في اليابان مع زوجها.
وكان زوجها ينظر إليها بحزن وهي تُجبر على خيارها الذي لا يمكن تحمله. وقالت يونغ: «قال لي زوجي ابقي هنا (في اليابان)، لكني قلت: لا أستطيع، كما أنني لا أستطيع القيام بذلك من دونك، ولا أريد القيام بذلك أصلاً من دونك».
واختارت يونغ البقاء في اليابان، لكن العزلة أثرت سلباً على صحتها النفسية، خصوصاً في بلدة نائية يسكنها عمال أحد المصانع، حيث كان يعمل زوجها.
سياسات معادية
ورغم الغربة، وجدت يونغ في اليابان ترحيباً أكثر مما وجدته في وطنها (المملكة المتحدة)، حسب قولها.
وقالت إنها تواصلت مع مجموعات دعم عبر الإنترنت لمواطنين بريطانيين آخرين لا يكسبون ما يكفي لإحضار شركائهم إلى المملكة المتحدة، وقد زاد انفصالهم إيلاماً لأن دخل شركائهم لا يحتسب في البداية ضمن الحد الأدنى المطلوب.
وأضافت أن «الأغلبية الساحقة من غير القادرين على العودة إلى المملكة المتحدة من النساء، والسبب الرئيس لعدم قدرتهن على استيفاء الحد الأدنى للدخل هو وجود أطفال لديهن».
وتابعت يونغ: «أحياناً أشعر بأنني لا أريد العيش في بريطانيا، لأن سياساتها معادية للأسرة، ومتحيزة، وعنصرية، لكنني على الرغم من ذلك أريد تغيير هذا الواقع. أريد أن أتمكن فقط من العودة إلى بلدي والعيش مع عائلتي».
عن «الغارديان»
الأطفال والآباء يتأثرون أيضاً
ديفيد لويس وابنه ماكسين. من المصدر
ليست النساء فقط من يشعرن بوطأة قوانين المملكة المتحدة الخاصة بالهجرة، بل الأطفال والآباء أيضاً.
وعندما اضطر البريطاني، ديفيد لويس، للعودة إلى المملكة المتحدة بسبب تدهور صحة والدته، وجد نفسه يواجه تجربة الأبوة والأمومة المنفردة، حيث اصطحب معه ابنه ماكسين البالغ من العمر أربع سنوات، تاركاً زوجته لوسي في كينيا.
وبحكم عمله في تقديم الرعاية للمحتاجين، تلقى لويس تأكيدات بأنه سيُعفى من شرط الدخل، ويمكنه كفالة تأشيرة زوجته للانضمام إليه هو وابنهما، وتوقع أن يستغرق لمّ الشمل ثلاثة أشهر أو أربعة على الأكثر.
وبدلاً من ذلك امتد إلى 28 شهراً، بعد أن أبلغته وزارة الداخلية بأن من يقدم الرعاية يجب أن يقوم بذلك لمدة عامين، قبل أن يصبح مؤهلاً لإحضار شريكه إلى المملكة المتحدة. وانضمت لوسي في نهاية المطاف إلى زوجها وابنها، لكن الزوجين يعتقدان أن انفصالهما فترة طويلة كان له الأثر السيئ على ابنهما ماكسين، ففي البداية كان غاضباً وحذراً بعد غياب والدته، غير أنه أصبح منطوياً على نفسه ومنعزلاً عاطفياً.
وقال لويس: «الأم هي الأكثر أهمية في حياة الطفل خلال فترة نموه، وهو أمر افتقده، ولهذا كل شيء حولي قد تغير».
ويكون حق حياة الأسرة في المملكة المتحدة محمياً بموجب المادة (8) في الميثاق الأوروبي المتعلق بحقوق الإنسان، والذي ينص على أن الأشخاص غير المؤهلين لجلب شريك حياتهم، يمكنهم تقديم طلب من أجل الظروف الاستثنائية، على الرغم من أن مثل هذه الطلبات يتم رفضها عادة حتى في الحالات التي يستوفي فيها الأشخاص المعايير المطلوبة، وهو ما حدث لجيسيكا وساناس.
وتمكن ساناس، من سريلانكا، من الانضمام إلى عائلته بعد أعلن وجيسيكا عن انفصالهما، ونقضا قرار وزارة الداخلية رفض طلبهما في البداية، وفي ذلك الوقت أصدرت حكومة المملكة المتحدة تحذيراً للبريطانيين من السفر لسريلانكا نظراً إلى انهيارها الاقتصادي، والنقص الحاد في الضروريات كالوقود والغذاء والدواء.
وأمضت جيسيكا وساناس 11 شهراً منفصلين، وهو ما كان له أثر دائم على ابنهما (طارق - 10 سنوات)، إضافة إلى شعور العائلة بعدم الاستقرار.
تمييز
تقول منظمات حقوق الإنسان التي تقوم بحملات لإنهاء عتبة المبلغ المطلوب لإقامة العائلات في بريطانيا، مثل «لم شمل العائلات» و«كورام»، إن أحد أكثر الأمور إثارةً للقلق في تلك السياسة هو كيفية تمييزها ضد النساء، والأشخاص ذوي البشرة الملونة، وأسر الطبقة العاملة.
وتضيف أن الوقوع في الحب وتكوين أسرة مع شخصٍ ما، تجربة عفوية، ونادراً ما يكون للناس سيطرة عليها، لكن سياسة وزارة الداخلية البريطانية تطالب فعلياً بأن يكون الأمر مختلفاً، وتفرض عليه شروطاً مالية تعجيزية.
تضييق الخناق
في بيانه الانتخابي لعام 2017، تعهد حزب العمال البريطاني بإلغاء الحد المالي الأدنى المطلوب للسماح للمواطنين البريطانيين بإحضار أزواجهم الأجانب للعيش معهم، واقترح استبداله بشرط يُلزم العائلات بإثبات قدرتها على العيش من دون الحاجة إلى تمويل عام.
ومع ذلك أعلنت الحكومة في تقريرها الأخير حول الهجرة عن خطط لتضييق الخناق على مسارات الهجرة القانونية، مع استهداف العائلات رغم تعهداتها السابقة.
وتعيش البريطانية، روكسانا أونغ، من دون زوجها في بيت معزول بمدينة كارديف، منذ عام 2017، مع ابنها الوحيد إسكندر (ثماني سنوات).
ولا تستطيع أونغ العمل لأنها مصابة بألم عضلي مزمن، واضطراب ما بعد الصدمة، وتتلقى إعاناتٍ ودعماً للرعاية.
وزوجها ناي لين أونغ مهاجر غير شرعي من ميانمار، والتقيا أثناء عملهما معاً في تايلاند، وبعد انتهاء صلاحية تأشيرة أونغ التايلاندية ذهب إلى ماليزيا في حين عادت روكسانا إلى المملكة المتحدة، وعلى الرغم من استيفاء معايير الظروف الاستثنائية لم يتمكن ناي من دخول المملكة المتحدة. وحتى لو انضم إلى عائلته فسيتم قطع المساعدات عن زوجته.
• يُشترط على المواطنين البريطانيين تحقيق دخل لا يقل عن 18.6 ألف جنيه إسترليني سنوياً لإحضار أزواجهم الأجانب للعيش معهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحذير من حلوى أميركية تزيد خطر الإصابة بالسرطان
تحذير من حلوى أميركية تزيد خطر الإصابة بالسرطان

الإمارات اليوم

timeمنذ 4 ساعات

  • الإمارات اليوم

تحذير من حلوى أميركية تزيد خطر الإصابة بالسرطان

دعت «هيئة معايير الغذاء» المستهلكين في بريطانيا إلى عدم شراء حلوى «غير آمنة» قد تزيد خطر الإصابة بالسرطان، ونقلت وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا»، أمس، عن الهيئة القول، إن حلوى «جولي رانشر» تحتوي على زيوت معدنية، وهي مضاف غذائي يمكن أن يسبب مخاطر صحية في حال تم استهلاكه بانتظام لفترة طويلة. يشار إلى أن المركبات الكيميائية الموجودة في المنتجات: الهيدروكربونات العطرية بالزيوت المعدنية، والهيدروكربونات المشبعة بالزيوت المعدنية، تُستخدم في صناعة الحلويات لمنع الالتصاق، وإضفاء مظهر لامع، لكنها لا تتوافق مع القانون البريطاني. وتعمل شركة «هيرشي» الأميركية، صاحبة للعلامة التجارية، مع «هيئة معايير الغذاء» لسحب جميع منتجات «جولي رانشر» من السوق البريطانية منذ عام 2024، إلا أن بعض الشركات في بريطانيا لاتزال تستورد منتجاتها، بحسب الهيئة.

استعداد أوروبي لتشديد العقوبات على روسيا
استعداد أوروبي لتشديد العقوبات على روسيا

صحيفة الخليج

timeمنذ 6 ساعات

  • صحيفة الخليج

استعداد أوروبي لتشديد العقوبات على روسيا

روما-رويترز قال وزراء خارجية دول أوروبية، الخميس، إنهم مستعدون لتكثيف الضغوط على روسيا «بما في ذلك من خلال فرض المزيد من العقوبات» تشمل قطاع الطاقة والبنوك للحد من قدرة موسكو على مواصلة الحرب التي تشنها على أوكرانيا. وحضر الاجتماع في روما مسؤولون من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. وانضم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته وممثل عن أوكرانيا إلى المحادثات. وذكر بيان لوزراء الخارجية: «أكدنا استعدادنا لتكثيف الضغوط على روسيا، بما في ذلك من خلال فرض المزيد من العقوبات ومواجهة التحايل عليها، وذلك في ظل مواصلتها رفض الالتزامات الجادة والموثوقة». ويأتي الاجتماع في وقت تكثف فيه روسيا هجماتها على أوكرانيا، قائلة إنها إجراءات انتقامية لضربات شنتها كييف على أراضيها في الآونة الأخيرة.

لماذا لا تكترث البنوك المركزية بارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل؟
لماذا لا تكترث البنوك المركزية بارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل؟

البيان

timeمنذ 7 ساعات

  • البيان

لماذا لا تكترث البنوك المركزية بارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل؟

كريس جايلز عندما خفض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة إلى 2% منذ أسبوع أكد أنه «في موقع جيد» لمواجهة الظروف غير المؤكدة، التي قد تطرأ خلال الأشهر المقبلة. ولاحقاً اشتكى دونالد ترامب من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليس في وضع جيد للتعامل مع أي نزوة سياسية تعجبه. وبينما كانت عوائد السندات الأمريكية ترتفع تراجع الدولار، ما يشير إلى نوع من المقاومة من جانب المستثمرين للأصول الأمريكية، فهل تأتي هذه التحركات في تكاليف الاقتراض الحكومي انعكاساً لما يسمى قانون «الضرائب الكبير والجميل»، الذي أقره مجلس النواب الأمريكي؟ وهل تتأثر ديون الدول الأخرى بخطر العدوى من الولايات المتحدة. حيث تسير السياسة المالية باتجاه الخروج نطاق السيطرة؟ أم أن هذا كله مجرد تطبيع بعد مرحلة شاذة من انخفاض غير معتاد في عوائد السندات الحكومية؟ لا يستطيع أحد حتى الآن الجزم بالإجابات، فالاستدلال من تغيرات الأسعار ينطوي دائماً على مخاطر، لذا سأطرح سؤالاً أبسط: ما الذي ينبغي على محافظي البنوك المركزية فعله تجاه ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل إن وجد؟ رغم ذلك ينبغي أن يكون التفكير الافتراضي أن الطلب الاستثماري، هو ما يحكم الطرف البعيد عن منحنى العائد على السندات الحكومية، في حين أن السياسة النقدية تتحكم بالطرف القصير منه. وتحركات عوائد السندات طويلة الأجل تعد مؤشراً مهماً على معنويات المستثمرين، ومن الخطورة التدخل فيها إلا في حال حدوث أزمة اقتصادية. وهناك أسباب تدعو البنك المركزي الذي يستهدف التضخم إلى التدخل والقلق بشأن ارتفاع عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل. ويشير تردد المستثمرين إلى فقدان الثقة بقدرة البنوك المركزية على السيطرة على التضخم. وحسب بيانات الصادرة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان فمن الواضح أنه لا توجد مشكلة تذكر، إذ لا يبدو أن المستثمرين قلقون حالياً من أن التضخم سيكون الآلية الافتراضية، التي ستستخدمها الحكومات لتقليص ديونها. وتختلف مستويات التضخم المتوقعة بين دولة وأخرى، غير أن هذا يعود في الأغلب إلى الفجوة بين مؤشر الأسعار المستخدم في السندات المرتبطة بالتضخم، والمؤشر الذي تستهدفه المصارف المركزية. وبالتالي يمكننا أن نستبعد القول إن المصارف المركزية فقدت مصداقيتها مبرراً للتغير الأخير في عوائد السندات. وهناك مصدر قلق ثانٍ يُمكننا تجاهله هو الآخر، وهو أن ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل ناجم عن عدوى قادمة من الولايات المتحدة، فالعلاقة الترابطية بين عوائد السندات في الدول المختلفة ليست وثيقة بالدرجة التي تدعو للقلق. وعلى سبيل المثال ارتفعت عوائد السندات الألمانية طويلة الأجل في مارس بعد إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بزعامة فريدريش ميرتس فوزه بالانتخابات الفيدرالية، وتوقع المستثمرون زيادات كبيرة في الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، أما في اليابان فقد ارتفعت العوائد، بسبب توقف شركات التأمين على الحياة عن شراء السندات طويلة الأجل، بعدما استوفت متطلبات الملاءة المالية المحلية. وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إنها تراجعت بشكل مماثل في أوروبا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم، وانخفاض هوامش سندات الشركات، وانخفاض أسعار الفائدة على الشركات. وفي المملكة المتحدة قالت نائبة محافظ بنك إنجلترا للاستقرار المالي سارة بريدون للبرلمان، إن ارتفاع أسعار السندات طويلة الأجل «لا يهم كثيراً من منظور السياسة النقدية»، لأن «أسعار الفائدة المهمة للشركات والأسر هي في الطرف الأقصر»، وهي محقة تماماً، لكن رأيها يثير تساؤلات حول سبب إقدام بنك إنجلترا على المخاطرة وخسارة مليارات الجنيهات في شراء كميات ضخمة من السندات طويلة الأجل في برنامج التيسير الكمي الخاص به، رغم أنه، بحسب قولها، «لا تهم كثيراً» بالنسبة للاقتصاد البريطاني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store