
ألمانيا تسلّح تركيا: تحوّل في فلسفة الأمن الأوروبي
أعلنت ألمانيا رفع "الفيتو" عن صفقة تسليم طائرات "يوروفايتر" المقاتلة إلى تركيا ، منهية بذلك عامين من الجمود الدبلوماسي والعسكري بين البلدين، في تحول يصفه مراقبون بـ "نقطة تحوّل إستراتيجية"، لا يعكس فقط تغيّراً في موقف برلين، بل يشير إلى تحوّل أوسع في فلسفة الأمن الأوروبي ، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا.
ويرى مراقبون وصحف فرنسية أن القرار يكشف أن البراغماتية الجيوسياسية باتت تتقدم على المبادئ الأخلاقية التي لطالما وجّهت سياسات التصدير الدفاعي الألماني.
وفي حديثه لموقع "إرم نيوز"، يرى الدكتور جيوم ديفان، الأستاذ الفخري وعالم السياسة في مركز شؤون الدفاع الأوروبي التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن هذا القرار "يمثل لحظة مفصلية في مسار السياسة الدفاعية الأوروبية"، موضحاً أنه يكشف عن تغيّر جذري في مقاربة الاتحاد الأوروبي لمفاهيم الأمن والتحالفات والبراغماتية السياسية في عالم ما بعد الحرب في أوكرانيا.
وأشار ديفان إلى أن ألمانيا، ومنذ نهاية الحرب الباردة، تبنّت سياسة تصدير حذرة قائمة على ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الأخلاقية"، رافضة بيع السلاح للدول ذات السجل السيئ في حقوق الإنسان أو المشاركة في النزاعات، غير أن الحرب الروسية في أوكرانيا، والتحولات الإقليمية المتسارعة، أدت إلى تآكل هذا النموذج الأخلاقي التقليدي.
ورغم الانتقادات الموجهة لسياسات أنقرة الداخلية، شدّد ديفان على أن تركيا تبقى عنصراً محورياً في هيكلية حلف شمال الأطلسي ، وتمثل حجر زاوية في حماية الجناح الجنوبي الشرقي للحلف، لا سيما مع تصاعد التوترات مع روسيا ، واضطرابات شرق المتوسط.
وقال ديفان إن تسليح تركيا لا يُنظر إليه اليوم كدعم لنظامها السياسي، بل كاستثمار مباشر في أمن الناتو ، وبالتالي أمن أوروبا ، مضيفاً أن القرار الألماني يعكس تحوّلاً جوهرياً في النظرة الأوروبية للدفاع، حيث لم تعد القيم وحدها كافية، بل بات الأمن الجماعي أولوية، وإن تطلب ذلك التعاون مع أنظمة تُوصف بالسلطوية.
ويشير إلى أن أوروبا باتت أكثر وعياً بضرورة بناء سياسة دفاعية واقعية تستند إلى الوقائع الجيوسياسية وتحالفات فعالة، وليس إلى المثاليات فقط، مبيناً أن "تركيا، رغم التحفظات، لا يمكن استبعادها من معادلة الأمن الأوروبي"، بحسب تعبيره.
وفي هذا السياق، لفت ديفان إلى أن القرار الألماني يحمل أيضاً رسالة مزدوجة: أولاً، أن الاتحاد الأوروبي بصدد العودة إلى الواقعية السياسية في سياساته الخارجية، وثانياً، أن هناك حاجة ملحّة لإعادة هيكلة الصناعات الدفاعية الأوروبية لجعلها أكثر تكاملاً ومرونة في مواجهة التحديات العالمية المتغيرة.
وتابع: "هذه الخطوة تحمل كذلك رسالة غير مباشرة إلى واشنطن ، مفادها أن أوروبا قادرة على اتخاذ قرارات إستراتيجية مستقلة داخل منظومة الناتو، حتى لو تعارضت مع المبادئ الأخلاقية التي طالما حكمت توجهاتها".
ووصف المرحلة الحالية بأنها "مرحلة انتقالية" تشهد فيها أوروبا تحوّلاً من كونها "قوة مدنية" إلى "قوة جيوسياسية" قادرة على التوفيق بين القيم والمصالح.
وأكد أن "ما حصل ليس مجرد صفقة سلاح، بل هو إعادة تعريف لدور أوروبا في النظام الدولي، حيث أصبحت البراغماتية والأمن الجماعي حجر الزاوية في أي سياسة خارجية ناجحة".
وبموجب الاتفاق الجديد، ستتسلم أنقرة 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر"، في خطوة اعتبرتها تركيا بداية "عهد جديد"، بحسب ما نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية ، التي رأت أن القرار يمثل تحوّلاً بارزاً في السياسات الدفاعية الألمانية ويعيد برلين إلى نهج أكثر براغماتية في علاقاتها الدولية. (ارم نيوز)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
تفاصيل جديدة حول اتفاق أميركا و الاتحاد الأوروبي
أبرمت الولايات المتحدة اتفاق إطار تجاريا مع الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد، تفرض بموجبه رسوما جمركية 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنبا حربا بين حليفين يمثلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع الجولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس. وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماعٍ استمر ساعة مع فون دير لاين 'أعتقد أن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق'. وردت فون دير لاين بالقول إن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة تطبق 'على جميع القطاعات'. وأضافت 'لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار'. يشمل الاتفاق أيضا استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتادا عسكريا أمريكا بمبالغ كبيرة. ومع ذلك، سينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15 بالمئة على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم من أنها أفضل من 30 بالمئة التي هدد بها ترامب. وتشبه هذه الاتفاقية في جانب منها الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه الولايات المتحدة مع اليابان الأسبوع الماضي. وقال ترامب 'اتفقنا على أن الرسوم الجمركية… على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوما مباشرة 15 بالمئة'. ومع ذلك، لن تطبق نسبة 15 بالمئة الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50 بالمئة سارية عليهما. وفي إطار سعيه لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي وتقليص العجز التجاري الأمريكي المستمر منذ عقود، تمكن ترامب حتى الآن من إبرام اتفاقيات مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، رغم أن إدارته لم تف بوعدها بإبرام '90 صفقة خلال 90 يوما'. ودأب على انتقاد الاتحاد الأوروبي، قائلا إنه 'تأسس لخداع الولايات المتحدة' في التجارة. ولدى وصوله إلى اسكتلندا، قال ترامب إن الاتحاد الأوروبي 'يريد بشدة إبرام صفقة'، وأضاف، في أثناء لقائه بفون دير لاين، أن أوروبا 'ظلمت الولايات المتحدة ظلما شديدا'. ويمثل العجز التجاري الأمريكي في السلع مع الاتحاد الأوروبي مصدر قلقه الرئيسي، إذ تشير بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أنه سجل 235 مليار دولار في 2024. ويشير الاتحاد الأوروبي إلى فائض في الخدمات لصالح الولايات المتحدة، والذي يقول إنه يحقق التوازن جزئيا. وتحدث ترامب اليوم عن 'مئات المليارات من الدولارات' التي ستجلبها الرسوم الجمركية. وفي 12 يوليو تموز، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية 30 بالمئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول أغسطس آب، بعد مفاوضات لأسابيع مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد رسوما جمركية مضادة على 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) من السلع الأمريكية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وفي حال مضى ترامب قدما في فرض رسوم 30 بالمئة. وضغط بعض الدول الأعضاء الاتحاد الأوروبي إلى استخدام أقوى سلاح تجاري لديه، وهو أداة مكافحة الإكراه، لاستهداف الخدمات الأمريكية في حال عدم التوصل إلى اتفاق.


المركزية
منذ 3 ساعات
- المركزية
ترامب: توصلنا إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي هو الأكبر على الإطلاق
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الأحد، التوصل إلى اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 15%، واصفًا إياه بأنه "الاتفاق الأكبر على الإطلاق". وقال ترامب إثر اجتماع مع رئيسة مفوضية التكتل أورسولا فون دير لاين في اسكتلندا: "توصلنا لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وسيجلب هذا الاتفاق الاستقرار"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي سيبدأ في شراء معدات عسكرية أميركية ضمن بنود الاتفاق. وذكر ترامب أن الاتفاق يشمل شراء الاتحاد الأوروبي طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار. وأشار ترامب إلى فتح أسواق جميع دول التكتل أمام المنتجات الأميركية، في المقابل سيجني التكتل استثمارات أميركية قيمتها 600 مليار دولار. فيما أشادت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي بالاتفاق ووصفته بأنه "جيد". وأعلن وزير التجارة الأميركي هاورد لوتنيك، الأحد، أن المهلة التي حددتها الولايات المتحدة في الأول من أغسطس لفرض رسوم جمركية مشددة على شركائها التجاريين هي نهائية ولن يتم تمديدها. وقال لوتنيك لشبكة "فوكس نيوز": "لا توجد تمديدات ولا فترات سماح. الرسوم الجمركية محددة في الأول من أغسطس. ستُطبّق. ستبدأ الجمارك بجمع المال". كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حدد في أوائل أبريل الماضي مهلة 90 يومًا للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي كان من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو.


صوت بيروت
منذ 3 ساعات
- صوت بيروت
الأكبر على الإطلاق.. ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في تورنبيري، اسكتلندا، بريطانيا، 27 يوليو 2025. رويترز أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأحد، بعد لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين في اسكتلندا، التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصفه بأنه الأكبر في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. وأوضح ترامب أن هذا الاتفاق يتضمن التزام الاتحاد الأوروبي بشراء ما تصل قيمته إلى 750 مليار دولار من منتجات الطاقة الأميركية، في خطوة تعكس تحسنًا كبيرًا في ميزان التجارة بين الجانبين. وأضاف الرئيس الأميركي أن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يشمل أيضًا التزامات بشراء 'كميات هائلة' من السيارات الأميركية، إلى جانب المعدات العسكرية، ما يعزز الصناعات الأميركية بشكل مباشر ويدعم فرص العمل في العديد من القطاعات الحيوية. وأشار إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولًا نوعيًا في العلاقات التجارية وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين الطرفين. وقال ترامب أن الاتفاق يتضمن فرض رسوم جمركية 15 بالمئة على السلع الأوروبية التي تدخل السوق الأمريكية. ويعد هذا البند من أبرز البنود التي تضمنها الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأضاف ترامب أن الرسوم البالغة 15% على الاتحاد الأوروبي تشمل السيارات، وهذا الأمر سيفتح الباب أمام تدفقات تجارية متزايدة ويقلل من الحواجز التي كانت تعرقل التبادل في هذا القطاع الحساس. ويُنتظر أن يُحدث هذا الإجراء تأثيرًا مباشرًا على حركة الصادرات والواردات في مجال السيارات بين الجانبين. واعتبر ترامب أن هذا الاتفاق ليس مجرد صفقة عادية، بل هو 'أكبر اتفاق تم التوصل إليه على الإطلاق'، في إشارة إلى أهميته الاستراتيجية والاقتصادية بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على حد سواء. وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن التكتل سيجني استثمارات أميركية قيمتها 600 مليار دولار. وأضاف 'نتطلع لإبرام اتفاقيات تجارية مع 3 أو 4 دول'. من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنه تمّ الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% بجميع المجالات. وأضافت 'أردنا إعادة التوازن للعلاقات التجارية مع أميركا' وإن 'الاتفاق التجاري مع أميركا سيجلب الاستقرار'. وقبل الاجتماع، في ملعب ترامب للغولف في تيرنبيري غرب اسكتلندا، كان فريقا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محادثات نهائية بشأن الرسوم الجمركية على قطاعات حيوية مثل السيارات والصلب والألمنيوم والأدوية. وتوجه الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك إلى اسكتلندا أمس السبت، ووصل المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش صباح اليوم. وذكر لوتنيك اليوم الأحد في تصريحات لبرنامج 'فوكس نيوز صنداي' أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يفتح أسواقه أمام الصادرات الأميركية من أجل إقناع ترامب بخفض الرسوم الجمركية البالغة 30% المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في أول أغسطس/ آب.