
سيف التعريفات في وجه الحلفاء: هل يغامر ترامب بحرق جسور آسيا؟
الصدمة لا تكمن فقط في توقيت القرار، بل في هوية المستهدفين. فاليابان هي خامس أكبر مستورد من الولايات المتحدة، وبإجمالي صادرات يتجاوز 148.2 مليار دولار، تليها كوريا الجنوبية في المركز السابع كمستورد، وبصادرات تبلغ 131.5 مليار دولار. لكن ما يثير الانتباه — وربما الاستغراب — أن البلدين لا يُعدّان مجرد شريكين تجاريين، بل هما حليفان استراتيجيان يضطلعان بدور محوري في تحالفات واشنطن الآسيوية.
وعلى الرغم من هذه الأهمية، لم تتردد إدارة ترامب في التلويح بالسيف الجمركي. "إذا قررتم رفع تعريفاتكم علينا، فسيُضاف ذلك مباشرة إلى الـ25% الحالية"، كتب ترامب بلهجة تحذيرية على منصته "تروث سوشيال". إلا أن النغمة المتشددة لم تحجب مساحة المناورة، إذ أبدى الرئيس انفتاحه على مفاوضات بديلة في حال رغب الشركاء في تعديل المسار.
الأسواق تحت وقع المطرقة
جاء رد فعل الأسواق الأميركية سريعاً ومضطرباً، إذ تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.8% وسط مخاوف من موجة تصعيد جديدة قد تعصف بالزخم الذي اكتسبته الأسواق في أعقاب فترة التهدئة. في المقابل، أبدت الأسواق الآسيوية صلابة نسبية؛ تعافت بورصة طوكيو من خسائرها الأولية، وقفز المؤشر الكوري بنسبة 1.8%، في دلالة إلى رهان مستتر على نجاح المساعي الديبلوماسية قبل الأول من آب/أغسطس. إلا أن تذبذب الأسواق قد يعني أن لهجة ترامب باتت معتادة في الأسواق.
عقيدة الرسوم: أكثر من مجرد أرقام
القرار الأميركي لم يأتِ من فراغ. فمنذ إعادة تفعيل ما تُعرف بسياسة "الرسوم المتبادلة" في نيسان/أبريل، يستخدم ترامب سلاح التعريفات، ليس فقط لتحقيق توازنات تجارية، بل لتوجيه رسائل سياسية إلى خصومه — وأحياناً إلى حلفائه. من آسيا إلى أوروبا، ومن دول الجنوب إلى اقتصادات ناشئة، باتت الرسوم أداة ضغط تفاوضية مكشوفة.
وفي هذا السياق، هدّد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الدول التي "تتبنى سياسات معادية لأميركا"، في إشارة مباشرة إلى بعض أعضاء مجموعة "بريكس" الذين اجتمعوا أخيراً في البرازيل. الرسالة واضحة: الاصطفاف الجيوسياسي ستكون له كلفة اقتصادية. وحتى جسور الصين ستدفع تكلفة أكبر؛ فالتعريفات الجمركية على فيتنام 20% و 40% تعني أن الكلفة ستكون أعلى على الدول التي تعتمد على دول لتمرير بضائعها كما فعلت الصين.
من يدفع ثمن الحرب التجارية؟
تأثير هذه الخطوات لا يقتصر على التبادلات التجارية، بل يطال سلاسل التوريد العالمية، وقرارات الاستثمار، وأسعار السلع الأساسية. فالرسوم على المنتجات اليابانية والكورية — خصوصاً في قطاعات السيارات، الإلكترونيات، والصلب — سترفع تكلفة الاستيراد على الشركات الأميركية، ما قد يُترجم لاحقاً إلى ضغوط تضخمية جديدة يتحملها المستهلك الأميركي. الأمر الذي يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي، العالق أصلاً بين تباطؤ النمو والمخاوف من عودة التضخم. وبينما يسعى الفيدرالي لضبط إيقاع السياسة النقدية بدقة، تأتي سياسة ترامب الجمركية كإيقاع خارجي يهدد بكسر التوازن الهش.
بين الانفتاح والوعيد: أي باب تختاره الدول؟
لكن، على الرغم من نبرة التهديد، لم تُغلق واشنطن الباب كلياً. فقد لمّح ترامب ووزير خزانته إلى إمكان التوصل إلى اتفاقات في الساعات أو الأيام المقبلة. في الواقع، أعلنت كل من بريطانيا وفيتنام عن إحراز تقدم كصفقة كاملة، بينما تبقى الصين أمام مهلة حتى 12آب/أغسطس قبل إعادة فرض الرسوم عليها. أما اليابان وكوريا، فهما في سباق مع الزمن لتأمين استثناءات — أو على الأقل تخفيضات — قبل حلول الموعد المفصلي. إلا أن أوروبا تفادت الموجة الأولى من التعريفات.
نهاية مفتوحة... وبوصلة مضطربة
الأول من آب/أغسطس ليس مجرد تاريخ تنفيذي للتعريفات الجديدة. إنه لحظة فاصلة في مسار النظام التجاري العالمي. هل ستنحني الدول أمام سيف التعريفات؟ أم تردّ برسوم مقابلة؟ وماذا عن شركاء واشنطن التقليديين الذين بدأوا يشعرون أنهم أقرب إلى الاستهداف منهم إلى الشراكة؟
في لعبة الحواف، اختار ترامب أن يقترب من الحافة. لكن يبقى السؤال: من سيتراجع أولًا؟ الأسواق، أم الحلفاء، أم أعمدة النظام التجاري الدولي بأسره؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 43 دقائق
- ليبانون 24
تقرير مهم.. هكذا ستنتعش سوريا "اقتصادياً"!
نشرت صحيفة "arabnews" تقريراً جديداً تحدثت فيه عن الثروة الإقتصادية لسوريا وذلك في ظلّ الحكم الجديد فيها. ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إن سوريا دخلت حقبة اقتصادية تحوّلية، ولأول مرة منذ ما يقرب من عقدين، ألغت الولايات المتحدة ، بقيادة الرئيس دونالد ترامب ، عقوباتٍ اقتصاديةً كبيرةً على دمشق، مما يُشير إلى تحوّلٍ جذريٍّ في سياستها". وتابع: "هذا الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب الشهر الماضي يفتح الباب أمام تدفقاتٍ ماليةٍ واسعة النطاق، وتطبيعٍ تجاريٍّ، وإعادة اندماجٍ في الأسواق العالمية. كذلك، فقد حذت دول أخرى حذو واشنطن ، فرفعت بالفعل عقوباتها أو تستعد للقيام بذلك، ويشمل ذلك تخفيف القيود على الأنظمة المصرفية، ورفع الحظر على الوصول إلى نظام سويفت (شبكة الرسائل العالمية للمعاملات المالية العابرة للحدود)، وتمهيد الطريق للتجارة والاستثمار القانونيين داخل سوريا وخارجها". وأكمل: "يُحدث إلغاء العقوبات الأميركية تغييراً جذرياً في المشهد الاقتصادي السوري. بالنسبة للمؤسسات الحكومية، تعني هذه الخطوة الوصول إلى الشبكات المالية الدولية، واستعادة الاحتياطيات الأجنبية، والقدرة على تلقي مساعدات التنمية، والحصول على قروض من البنوك الدولية والمؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي". وأضاف: "قد يُفرج الآن عن الأصول المجمدة سابقاً، مما يمنح الدولة السورية والبنك المركزي فرصةً لاستقرار العملة، وإطلاق مشاريع البنية التحتية الوطنية، وجذب رؤوس الأموال لإعادة إعمار المناطق التي مزقتها الحرب. كذلك، يمكن للوزارات المحلية الآن توقيع اتفاقيات تعاون مع حكومات وشركات أجنبية من دون خوف من العقوبات الدولية التي شلت الاستثمار العام لسنوات". وقال: "بالنسبة للشعب السوري، من المتوقع أن يُحدث هذا التغيير تحسناً ملموساً في حياته اليومية. السلع الأساسية التي كانت محدودة أو باهظة الثمن بسبب العقوبات - مثل المعدات الطبية ومواد البناء والآلات الصناعية - أصبحت الآن تتدفق بحرية أكبر، وهذا لن يُحسّن أنظمة الرعاية الصحية والتعليم فحسب، بل سيُخفّض أيضاً تكاليف الغذاء والوقود والسكن". وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، مع تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار وفتح فروع لها، ستزداد فرص العمل. قد يفكر العديد من السوريين الذين هاجروا بسبب الضائقة الاقتصادية في العودة إذا استقرت الأوضاع الاقتصادية. ومع استعادة إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية ومنصات الدفع الرقمية، ستصبح التحويلات المالية من الشتات السوري أسهل وأقل تكلفة، مما يوفر شريان حياة مالياً حيوياُ لملايين العائلات". واستكمل: "إن الآثار المترتبة على الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية بالغة الخطورة. لسنوات، كان التعامل التجاري مع سوريا يُشكل خطراً قانونياً وسمعياً. ومع رفع العقوبات، أصبح بإمكان الشركات من أوروبا وآسيا والخليج، وحتى أميركا الشمالية، إبرام عقود وتكوين شراكات وفتح مشاريع مشتركة مع كيانات سورية بشكل قانوني". وأكمل: "من المتوقع أن تكون الشركات متعددة الجنسيات الكبرى من أوائل الشركات التي تدخل السوق، لا سيما في قطاعات مثل الطاقة والبناء والخدمات اللوجستية والاتصالات. علاوة على ذلك، فإن إعادة ربط البلاد بشبكة سويفت تعني إمكانية إجراء المعاملات المصرفية عبر الحدود، وخطابات الاعتماد، والمدفوعات الرقمية بكفاءة". وقال: "في الوقت نفسه، يُتيح العصر الجديد فرصًا نادرة للأفراد والشركات الصغيرة ورواد الأعمال الناشئين في الخارج. سواءً كانت مقراتها في تركيا أو الإمارات العربية المتحدة أو أوروبا أو أي مكان آخر، يُمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الآن تصدير منتجاتها إلى سوريا، وفتح امتيازات تجارية، أو توريد سلع لمشاريع إعادة الإعمار والتنمية. أيضاً، من المرجح أن يستفيد المستثمرون الذين يدخلون السوق بسرعة من مزايا الريادة في القطاعات غير المتطورة". وأضاف: "كل هذا يُتيح فتح سوق واسعة وغير مستغلة إلى حد كبير. فالاقتصاد السوري، رغم تضرره جراء أكثر من عقد من الحرب، لا يزال يحتفظ بثروات طبيعية واستراتيجية مهمة. ومع ناتج محلي إجمالي يُقدر بنحو 21 مليار دولار هذا العام، من المتوقع أن يشهد السوق السوري نموًا هائلًا بفضل الاستثمارات الخارجية. وبفضل موقعها الاستراتيجي بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، تُعدّ سوريا مركزاً رئيسياً للتجارة الإقليمية، وتُمثّل أراضيها الزراعية الخصبة، واحتياطياتها من الغاز الطبيعي، ومناجم الفوسفات، وقوتها العاملة الماهرة، إمكاناتٍ طويلة الأمد حُجبت في ظلّ العقوبات. ومع ترسيخ الاستقرار، وتقدّم إعادة الإعمار، قد تتضاعف قيمتها السوقية مرتين أو ثلاث مرات خلال العقد المقبل". وقال: "في سوريا، تبرز عدة قطاعات اقتصادية واعدة للمستثمرين الأجانب والمحليين، ويتصدر قطاعا البنية التحتية والإنشاءات المشهد. فمع تضرر أو تدمير مدن وبلدات بأكملها خلال الحرب، ثمة طلب هائل على إعادة بناء الطرق والجسور والمنازل والمدارس والمستشفيات. كذلك، سيجد المستثمرون في إنتاج الإسمنت والخدمات اللوجستية والهندسة المدنية والتطوير الحضري فرصاً استثمارية واعدة، غالباً برعاية حكومية مشتركة أو بتمويل من جهات مانحة". وتابع: "الطاقة قطاع حيوي آخر. لقد تضررت شبكة الكهرباء وحقول النفط وأنابيب الغاز في سوريا بشدة خلال النزاع، وهي تخضع الآن للتجديد. كذلك، تُعد الطاقة المتجددة، وخاصةً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مجالًا رئيسيًا للابتكار. بالنسبة لشركات الطاقة، تُوفر كلٌّ من المشاريع الضخمة والحلول المعيارية خارج الشبكة فرصاً واعدة". وأضاف: "أيضاً، يُعدّ قطاعا الاتصالات والخدمات الرقمية مهيئين للنمو بنفس القدر. في الواقع، تحتاج البنية التحتية للإنترنت وشبكات الهاتف المحمول في البلاد إلى تحديثات جذرية. مع هذا، يمكن للشركات الناشئة ومقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات الاستفادة من التجارة الإلكترونية والتعليم عبر الإنترنت والتكنولوجيا المالية والخدمات السحابية. بالتوازي مع ذلك، يُشير إعادة تفعيل سوق دمشق للأوراق المالية وتحرير قوانين المصارف إلى انتعاش قادم للقطاع المالي السوري، فيما ستلعب البنوك الجديدة ومنصات التكنولوجيا المالية ومؤسسات الإقراض الصغيرة دورًا رئيسيًا في تمكين هذا التحول". وتابع: "لا تزال الزراعة وتصنيع الأغذية ركيزةً أساسيةً للاقتصاد السوري. قبل الحرب، كانت سوريا مُصدّراً رئيسياً للزيتون والفواكه والقمح والقطن. أما اليوم، فإن جزءًا كبيرًا من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد غير مُستغلّ بالكامل بسبب نقص الأدوات الحديثة ورأس المال. وهنا يكمن دور الاستثمار في الآلات الزراعية وتقنيات الري وإنتاج البذور. مع هذا، يُمكن للمستثمرين التطلع إلى مصانع تصنيع الأغذية وصناعات التعبئة والتغليف والمشاريع الزراعية المُركزة على التصدير، لا سيما في ظل الطلب القوي في الأسواق المجاورة". وبحسب التقرير، تُشكّل السياحة والتراث الثقافي، اللذان كانا سمةً مميزةً لسوريا، مساراً استثمارياً طويل الأجل، وأضاف: "مع تحسّن الوضع الأمني واستئناف الرحلات الجوية الدولية، من المتوقع أن تستعيد المواقع الأثرية مثل تدمر وحلب وبصرى ودمشق - التي تُعتبر أقدم عاصمة مأهولة بالسكان في العالم - جاذبيتها العالمية. أيضاً، سيجد المستثمرون في قطاع الضيافة وترميم التراث والسياحة البيئية إقبالًا كبيراً من السياح الدوليين والزوار الإقليميين على حد سواء".


LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
ويتكوف: متفاؤل حيال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
عبّر مبعوث الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن "تفاؤله" حيال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وقال ويتكوف للصحافيين في تيتربورو بنيوجيرزي إنه يعتزم لقاء مسؤولين قطريين كبار على هامش نهائي كأس العالم للأندية.


المركزية
منذ ساعة واحدة
- المركزية
وزير الصناعة: متى نوقف تصدير شبابنا؟
كتب وزير الصناعة جو عيسى الخوري، على منصة 'إكس': 'لقاء كل دولار يُحوّل الى لبنان من مغترب يعمل في الخارج، يساهم هذا المغترب اللبناني ما بين خمس وعشرة دولارات (معدّل ٨ دولارات) في الناتج المحلي للبلد الذي يستضيفه.. المعادلة بسيطة: هل نريد دولارا واحدا أو ٨ دولارات..؟؟. لذلك علينا أن نوقف تصدير أولادنا وتكون أولويتنا إطلاق عجلة الاقتصاد من خلال استثمارات جديدة تخلق لهم وظائف لتبقيهم في لبنان.. الا ان ذلك لن يتم إلا إذا….'.