
بتوجيهات من إيلون ماسك.. الحكومة الأميركية تتوسع في استخدام "غروك"
بدأت إدارة الكفاءة الحكومية التي يقودها إيلون ماسك في توجيه الهيئات الفدرالية المختلفة باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي"غروك" (Grok) المملوك لشركة "إكس إيه آي" (xAI) التابعة لإيلون ماسك، بحسب ما نقلته "رويترز" عن مصادر خاصة.
وأضاف التقرير، أن موظفي الإدارة نفسها يعتمدون على هذا النموذج من أجل تحليل البيانات وتحسين الإنفاق في مختلف القطاعات، وهو الأمر الذي يعد خرقًا واضحًا لقوانين تضارب المصالح فضلًا عن تعريض بيانات ملايين المواطنين للخطر.
وهو الأمر الذي عزز المخاوف لدى دعاة الخصوصية، الذين يرون أن أفراد إدارة الكفاءة الحكومية لا يهتمون بخصوصية البيانات وحمايتها مهملين بذلك العديد من القوانين والقيود الموضوعة لتنظيم التعامل مع البيانات الخاصة بالمواطنين.
أشار تقرير "رويترز" إلى 3 مصادر مختلفة داخل الحكومة الأميركية، اثنان منها يعملان مع إدارة الكفاءة الحكومية ويطلعان على أنشطتها، وبحسب تصريحات المصدر الثاني، فإن موظفي إدارة الكفاءة الحكومية يستخدمون نسخا مخصصة من نموذج "غروك" وليس النسخة العامة، وهم يعتمدون على النموذج في تحليل البيانات وكتابة التقارير الخاصة بها.
كما أجمع المصدر الثاني والثالث على أن موظفي إدارة ماسك طلبوا من وزارة الأمن الداخلي استخدام "غروك" رغم أن النموذج لم يحصل على الموافقات والتصريحات اللازمة لاستخدامه في الوكالات الفدرالية والأماكن الحساسة، ولكن "رويترز" لم تتمكن من تحديد نوع البيانات المستخدمة مع "غروك" أو حتى وجود نسخة خاصة منه أم لا.
أما وزارة الأمن الداخلي، فقد قالت في بيان رسمي، إنها لا تعتمد على أي أداة ذكاء اصطناعي رسميا أو حتى طلبت من موظفيها الاعتماد على أداة بعينها، وأشار المتحدث الرسمي للإدارة بأن "إدارة الكفاءة تهدف إلى مواجهة الفساد ومكافحته" في إشارة منه، لأن مثل هذه الاتهامات تتعارض مباشرة مع الهدف من إنشاء الإدارة في الأساس، وتجاهل البيت الأبيض وشركة "إكس إيه آي" الاستفسارات من "رويترز".
ميزة تنافسية لا تضاهى
وقال كاري كوجليانيز، الخبير في اللوائح الفدرالية والأخلاقيات في جامعة بنسلفانيا لوكالة رويترز "إن تدريب نموذج "غروك" على البيانات الحكومية الآن، يمنح النموذج ميزة تنافسية غير عادلة ولا يوجد لدى النماذج الأخرى المنافسة، وهو ما قد يكون عاملًا محوريًا عند اختيار نموذج ذكاء اصطناعي للتعاقدات الحكومية، لذا فإن شركة "إكس إيه آي" ورئيسها إيلون ماسك، ينتفعون مباشرة من استخدام النموذج في الإدارات الحكومية المختلفة".
وبعيدًا عن المخاوف من الخصوصية والاختراق ووصول الشركات الخاصة إلى البيانات السرية لملايين المواطنين، فإن استخدام الهيئات الفدرالية لنموذج "غروك" أو أي نموذج ذكاء اصطناعي آخر رسميا، يتطلب تعاقدًا رسميًا مع الشركة مقدمة هذا النموذج، وبالتالي يتطلب أن تدفع الحكومة الفدرالية قيمة الاشتراكات لشركة "إكس إيه آي"، بحسب الوكالة.
أثار هذا الأمر حفيظة العديد من أساتذة القانون في مختلف الجامعات الأميركية، ومنهم ريتشارد بينتر، المستشار الأخلاقي للرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش وأستاذ في جامعة مينيسوتا، الذي قال إن هذا التصرف، إن كان بعلم إيلون ماسك فإنه يضعه تحت طائلة القانون كونه ينتفع مباشرةً من هذا الأمر، وأما إن لم يكن بعلمه، فهذا لا يضع ماسك أو الموظفين تحت طائلة القانون مباشرة، ولكن يجب على البيت الأبيض حينها، أن يتدخل كون ماسك يستغل منصبه لمكسبه الخاص.
وتتزامن هذه الأنباء مع تركيز إدارة الكفاءة الحكومية بقيادة أبرز موظفيها كايل شوت وإدوارد كورستين اللذين يدفعان الوكالات الفدرالية إلى استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي عموما، وكلاهما رفض الاستجابة لطلبات "رويترز".
وعلى صعيد آخر، فقد طالب موظفو إدارة الكفاءة الحكومية بالوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بموظفي وزارة الأمن الداخلي، وذلك من أجل تدريب نموذج ذكاء اصطناعي للتعرف إلى ولاء الموظفين السياسي، وإن كان أحدهم يعارض مباشرة إدارة ترامب ، ناهيك عن رسالة وصلت إلى عشرات الموظفين في وزارة الدفاع تخبرهم أن حواسيبهم تخضع للمراقبة من خوارزمية خاصة لتحليل استخدامهم الحواسيب، ولكن لم يتم إخبارهم بنوع الأداة أو الهدف منها.
لم تستطع "رويترز" التحقق إن كان "غروك" هو الأداة المذكورة في الحالتين، ولكن مثل هذا الاستخدام ليس خارج قدراته، ولكنه يمثل انتهاكًا مباشرًا لقوانين الحريات بحسب ما قال كوجليانيز، الخبير في اللوائح الفدرالية والأخلاقيات في جامعة بنسلفانيا.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الأمن الداخلي بدأت منذ عدة أعوام في استخدام نماذج الاصطناعي العامة فضلًا عن نموذج خاص بها تم تطويره بشكل يحافظ على سرية البيانات، ويهدف الأمر إلى أن تكون الوزارة أول من يستغل تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأعمال الفدرالية، ولكن بعد أقل من عام، أوقفت الوزارة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي العامة قاصرةً الاستخدام على روبوت الدردشة الداخلي الذي تم تطويره خصيصًا لها خوفًا على خصوصية البيانات وسريتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
'الملعونون'.. خلل بشري يدير مشهد الحرب العبثية
عندما ذهب الأديب والصحفي الإنجليزي 'جورج أورويل' إلى الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) ليحارب مع الجمهوريين جيشَ الجنرال 'فرانكو'، توقع أن يخوض سلسلة من المناوشات وصيحات الحرب، ثم يتوجها بالنصر أو الموت، لكنه وثق في مذكراته 'الحنين إلى كتالونيا' الملل من الحرب أكثر من أحداث الاشتباك، وركز على أيام طويلة من الانتظار جاءت بين المعارك، امتلأت بحدة الطقس والجوع وانتشار المرض، وكان ذلك عذابا في حد ذاته. في هذا السياق، وتحديدا داخل الثنايا المملة في وقت الحرب، ينفذ فيلم 'الملعونون' (The Damned) للمخرج 'روبرتو مينرفيني' إلى هامش الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865)، بالتركيز على خط رفيع وشفاف داخل حدث الحرب، بوصفه تاريخا مفتوحا على حروب البشرية. يعيد الفيلم تمثيل الحرب الأهلية الأمريكية بأساس سردي يقوم على الإيهام والدقة، التي تشوش على اكتمال الاستعادة التوثيقية لحدث الحرب، وبدلا من ذلك تطعمه بسعة أفق التخييل السينمائي. ينأى الفيلم عن مركز الاقتتال وغرف توجيه التعليمات، ليتحرك عبر الأراضي الغربية، مقدما مجموعة من المتطوعين، يخوضون دوريات في المناطق الحدودية المجهولة خلال شتاء 1862. الشخصيات العابرة.. كتلة تائهة في معمعان الحرب عادة ما تقع الشخصيات السينمائية -التي هي طرف حرب ما- في فخ الأحادية، الذي يجعل صاحبها ضحية أو جانيا، أو فخ الهوس بذهنية الشخصية الحربية، التي تمثل طرفا مؤثرا وفاعلا في إشعال الحرب وتغذيتها، أو محاولة إخمادها. في هذا السياق يمكن للقراءة المركبة القائمة على الفهم أن تقربنا من مشكلات طرف يعي فعل الحرب جيدا، ويتخذ موقفا مباشرا منه، فماذا إذن عن المنخرطين فيها بلا فهم؟ تجتمع شخصيات 'الملعونون' في البرية، في إطار متطوعين من جيش الاتحاد يُرسَلون كتيبةً استكشافية، وكانت حملات الاستطلاع يومئذ جزءا من العمليات العسكرية، ولم تكن بالضرورة لغرض حربي فقط، بل كانت لغرض الاستكشاف وتقديم البيانات عن المناطق النائية، التي لا تدرج ضمن خريطة الحرب. لا يذكر المتطوعون أي تفاصيل عن سبب وجودهم، ويركز الفيلم على تحولهم من مجموعة نبيلة دخلت جسد الحرب بلا اختيار، إلى كتلة ضالعة في البرية يحيطها التهديد. شخصيات لا وعي لها بمتطلبات الحرب، ولا رغبة واضحة تجاهه، ينطلقون من هواجس بشرية، تجعل العلاقة بينهم وبين احتمال الاقتتال مبطنة بغرابة في منطق وجودهم هنا، في مساحة جغرافية تحتمل القتل أو النجاة. لذلك، يجاور الفيلم كتيبة المتطوعين بلا تمييز في وجودهم، فما من شخصية مركزية يعتمد عليها الفيلم، كما أن الشخصيات تتكشف تدريجيا، أمام بعضها وأمام المشاهد، باشتباكها مع مفردات الحرب التي هي استثناء يفرض تاريخا جديدا يشوش على الماضي، فالحياة التي يعكسها الفيلم تبدو خارج منطق حياة شخوصها المسالمة وحدودها. وضع الفيلم أساسا رمزيا مباشرا لطبيعة الاقتتال الأولية، ببلورتها في صورة افتراس ذئبين لفريسة نافقة تؤكل ببطء، في ظل تزايد إشارات الافتراس الحسية. وعندما ينتقل الفيلم إلى حياة شخصياته اليومية المملة، فإنه يتجاوز شرطية دمجها ضمن مناخ الزمن، ويقدمها بموقفها الوجودي من المكان، فيعطي اهتماما أكبر لهمومها الكتيمة غير المفهومة، ويجعل باب فهمها هو ردود أفعالها غير الواعية، مما يجعلها شخصيات عابرة للزمن، مثلها مثل حدث الحرب ذاته، الذي ينفتح مع الشخصيات على تجاوز حيز التاريخ، ويجرد الحرب من ظرفها السياسي، بحيث تصبح الشخصيات كاشفة لذاتها، كأنها نماذج تنزع عنها الحرب حق الحياة. يتجنب الفيلم في تقديم الشخصيات فخ الرخصة التي تقدمها موضوعات الحرب، لنثر كثافة شعورية مبررة، فتفتح استثنائية الحدث أبوابا سهلة للمعالجة بصريا، تتمثل في تأطير الشخصيات ضمن هاجس الخوف من الموت، واللجوء البصري إلى مشاهد الاقتتال والفقد. يقلل الفيلم المشاهد الحربية، ويدخل الشخصيات تدريجيا في التجربة، ويعرفها بطموحات بسيطة تجعل أساس وجودهم واحتمالية قدرتهم على الاقتتال فكرة غير منطقية، لأنهم يعتمدون على أحاديث مقتضبة، تنتقل ما بين التدريب أول مرة على استخدام البندقية، والحديث عن العودة إلى العائلة، والأمل في أن كل شيء في اليوم التالي سيكون أفضل. على أساس البساطة المشترك، يتضح الأساس التاريخي لشخصيات الفيلم من دون ضرورة العودة إلى التفاصيل، ويتبين أن هذه الشخصيات كانت تعيش حياة أولية، لا تتجاوز هم الاسترزاق والعيش على الكفاف، ولذلك تنطلق من التيه والتردد في كل خطواتها، نظرا لعدم وعيها بموقعها المكاني ومبررات وجودها أمام خصوم يحتمل أن يظهروا في أي وقت. يتعامل الفيلم مع الأساس الشعوري لهذه الشخصيات بمشترك ذكي، وهو انطلاقها جميعا من خجل وخوف عام، يتعاظم إلى رهبة في التدريب، ويجعلها جميعا متساوية من حيث الرتبة، لأن رهبتها بالأساس بشرية. عالم للتوثيق بصريا تستحضر كاميرا مدير التصوير 'كارلوس كورال' مدى حضور الكآبة والاغتراب، اللذين يصيبان شخصيات الفيلم، بمشاهد مطولة تجمع بين التناول الواقعي الأقرب إلى التوثيق، والتجريد الخيالي الذي يبدأ من تفكيك الجانب الداخلي لدى الشخصيات، وينتهي بإحالتها لمواد سردية، ترفض مبررات الحرب ودوافعها العرقية والقومية. تهتم الصورة السينمائية في الفيلم بعنصر المكان، لكونه طرفا أساسيا في الحدث، عبر وضع الشخصيات داخل المكان في إطار ضيق، يجعل مدى معرفتهم بما وراء مساحة التخييم مقاربا لما يعرفه المشاهد، وبذلك يتكون شيء من التماهي مع الخوف مما يحمله المكان من احتمالات غير مرئية. يمكن تعريف المكان هنا بأنه وجود مستقل، لا ينتمي للنشاط المتطرف الذي يدور على سطحه، ولا يأبه لأن يكون طرفا لصالح أحدهما ضد الآخر. من جهة أخرى، ترتبط الحرب جذريا بالمكان والسيطرة عليه، وتحدد عوامل التقدم بالاستيلاء على المزيد منه، لذلك يتمثل المكان في الفيلم منطويا على حميمية وهدوء، فيوحي بالتناقض مع حدث الاقتتال، لكنه يعطي معنى مستترا باستقلاليته. ولكي يظهر المكان مكتملا بذاته، يعتمد الفيلم على أسلوب تداخلي في الإضاءة، يقوم على استعادة أدوات للإضاءة أولية، ولا تنتمي لتقنية اللحظة الراهنة، وذلك يخلق تواصلا أكثر عمقا مع روح المكان ومناخه الزمني، ويعطي مبررا للصورة لتتحرك سطحيا على امتداد المكان وراء حدود نظر الشخصيات، مما يحول المكان إلى وجود حاكم ومتسلط على زائريه. ضمن هذه المكونات الكبرى والمستقرة، التي تشمل المكان المحافظ على حضوره، والحرب المرتكزة على مبررات كافية لأن تستمر، ما يتأرجح دائما هو الشخصيات، فتعكسها الصورة داخل المكان وهي منخرطة فيه، تبحث عن البقاء، ويعكس الحوار بينهم عبثية مسيرتهم الطويلة من مكان غير معلوم إلى آخر مماثل، كأنه لا مكان. ومع الحضور الحسي في شريط الصوت لمفردات المكان، تتيه الشخصيات أكثر، فتتصاعد مساءلاتها المشتركة في حوارات متكررة حول جدوى الحرب، وهنا يتكشف الخوف من الموت المجاني، فتتجرأ الشخصيات أكثر تجاه بعضها، ويتصادم إيمان بعضهم بعدم إيمان الآخر. تعطي الكاميرا وما ترتكز عليه من مشاهد مطولة إيحاء بأن هذه الشخصيات مراقبة، موجودة في مكان حي من لحظة مشاهدتها. وبرغم الاعتراف المكاني بحضور التاريخ، فإن مزاج المراقبة الدائم يحفظ الشخصيات من تحولها إلى أقواس سردية أو نماذج إحصائية، تنسى في التعبير عن لا منطقية الحرب، إذ يظل الأساس في نبذ الفيلم للحرب هو محاكاة تأثير المكان ومختلف أدواته عليهم. لذلك يتشبث المخرج بمواضعهم داخل ظروف شتى، فيبدأ من وجودهم الجماعي، ثم يقحم مشهد اقتتال لا يبدو فيه الطرف الآخر مرئيا، ولا يسقط سوى قتيل أو اثنين، لكن داعي المشهد يكون في تفكيك هذه المجموعة، ونثرها في المكان الذي يظهر مطهرا جماعيا. يعطي المكان التطهري تصورا مزدوجا لواقع الشخصيات، فهي من جهة تتحرك بعشوائية عبر ثنائيات، تستأنس ببعضها من الموت، لكنها تستقبل ذروة حدث الحرب، الذي يشتبك الفيلم معه بالنمذجة والاستقطاع، لأن مفردات الحرب تظل حاضرة، لكنها تبتعد عن الصورة الكبيرة، وتستقطع جزءا منها للاستدلال. هذا البعد يمتد ليخلق علاقة مباشرة مع الواقع، أما الجهة الأخرى فتعكسها ما ورائية المكان، وكونه أقرب إلى مساحة فاصلة ما بين الحياة والموت، كأنه مكان برزخي منطلق من لحظة الاقتراب من الموت، التي هي أيضا لحظة تأمل كل ما فات من الحياة. لكن شخصيات الفيلم لا تملك رفاهية استدعاء ماضيها، لذا تلجأ إلى الاعتراف، ويقول أحدهم (كأنه يتحدث بلسان الجميع) إنه لم يرغب بهذه الخطوة، بل وجد نفسه -بشكل غير مفهوم- مجبرا على التصرف ضحية أو قاتلا. الحرب من الخلل البشري إلى الهاوية وضع المخرج 'روبرتو مينرفيني' مشهد الاقتتال، ليفصل ما قبله عما بعده، ويجعله سببا جذريا لتحول المتطوعين، بوصفهم بشرا قبل أن يكونوا جنودا. وخلال هذا المشهد، تظهر ضرورة استعادة التاريخ في قراءة الحاضر، إذ بدا مشهد الاقتتال مفعما بمفردات بشرية، حيث يستطيع الخصوم الاختباء، وعادة ما تأتي طلقاتهم عشوائية، ونادرا ما تصيب. التقط 'مينرفيني' هذا الملمح الذكي، ووطّن ذروة الخوف والفزع لدى المتطوعين في قلب ذروة الحرب. وأعطى هذا الفراغ -بسبب بشرية أدوات الحرب وبدائيتها- مساحة للموازاة بين ظاهر الحرب المغلف بثنائية النصر والهزيمة، وبين داخلها الذي يحول أطراف الحرب إلى خوف وتآكل بشري صلب. بعد ذلك، تباطأ إيقاع الفيلم أكثر ليغطي تطورات مهمة، منها إعطاء مساحة فردية لحزن المتطوعين، وكذلك لعكس التطورات التي نثرها المكان على الشخصيات، فبدأت في التضاؤل والتيه، والوعي بأن المكان المحيط لا يشتمل على أكثر معطياته ضرورية؛ أن تكون له بداية معلومة، ونهاية معلومة ومرجوة.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
ما رسائل ودلالات افتتاح مقر إقامة السفير الأميركي في دمشق؟
أثار افتتاح المبعوث الأميركي لسوريا توماس باراك مقر إقامة سفير بلاده في دمشق لأول مرة بعد 13 عاما من قطع العلاقات بين البلدين تساؤلات بشأن ما الذي يعنيه ذلك في هذا التوقيت، وانعكاس الخطوة على ملفات تهم واشنطن في سوريا. ويرى الكاتب والباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي الخطوة أنها رسالة كبيرة، وتضفي رمزية في التقدم الدبلوماسي، وتمثل اعترافا أميركيا ضمنيا نحو رفع كامل للعقوبات، وتعيد بناء الثقة بين الطرفين. ووفق حديث قبلاوي لبرنامج "ما وراء الخبر"، فإن الخطوة تشرعن الحكومة السورية الجديدة دوليا، وتشير إلى "تحول واشنطن من سياسة الترقب والتماس الحذر إلى تبادل الثقة والانهماك المباشر بالمصالح الأميركية في سوريا". وخلص إلى أن هذا المسار يؤسس لمحور عربي جديد في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى تصريحات أعضاء في الكونغرس بضرورة إبعاد إيران استثمارا في الاستقرار والأمن الإقليمي. وتراهن واشنطن على القوة الاقتصادية في سوريا لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية ، وأشار قبلاوي إلى سقوط الخلايا النائمة في التنظيم بحلب وريف دمشق. بدورها، قالت وزارة الخارجية السورية إن المبعوث الأميركي التقى الرئيس أحمد الشرع ووزيري الخارجية أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة. وكان باراك قال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخذ قرارا جريئا بشأن سوريا دون شروط أو متطلبات، وتتلخص رؤيته في إعطاء الحكومة السورية فرصة بعدم التدخل. بدوره، قال ستيفن هايدمان الباحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز إن الخطوة تعكس اهتماما من ترامب، وتقر في الوقت نفسه بحدوث تغييرات وتشجع على المزيد منها نحو عملية انتقالية شاملة تحترم حقوق الإنسان والأقليات. لكنه لم يستبعد عودة الحديث عن شروط أميركية على سوريا لرفع العقوبات بشكل كامل، خاصة عند مناقشة الكونغرس إنهاء عقوبات " قانون قيصر". وشدد هايدمان على ضرورة حدوث "تغيير مهم" داخل سوريا، لكي يكون رفع العقوبات مؤثرا في الاقتصاد السوري مثل النظام القضائي وتطبيق القرارات بشكل عادل، مع إشارته إلى أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات الهيكلة. في المقابل، يشجع ترامب رجال الأعمال والشركات الأميركية على الاستثمار في سوريا، حسب هايدمان الذي أكد أن الولايات المتحدة لديها مصلحة في أمن سوريا واستقرارها. تحديات داخلية وخارجية وأعرب قبلاوي عن قناعته بأن سوريا تحتاج استتبابا أمنيا لبناء جبهتها الداخلية، مشيرا إلى التصريحات الأميركية بوجوب احترام خط فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب. وعلى الصعيد الداخلي، قال قبلاوي إن أنقرة ترى أن هناك مماطلة في اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في هيكلة وزارة الدفاع، مشددا على ضرورة أن تستوعب "قسد" أن الشرعية الدولية نحو دمشق وليس العكس. وبشأن العلاقات مع إسرائيل ، يرى الباحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز أن معاهدة "عدم اعتداء" بين سوريا وإسرائيل ستدعم جهود تعزيز قوة الاقتصاد السوري الجديد، إذ يشكل الأمن إحدى العقبات الرئيسية أمام الاستثمارات. وأقر هايدمان بأن إسرائيل هي المسؤولة عن الاعتداءات التي شهدتها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في أواخر عام 2024، في حين أصرت إدارة الرئيس أحمد الشرع على "علاقات سلمية". وفي هذا السياق، قال المبعوث الأميركي "نحن بحاجة للبدء باتفاقية عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل والحديث عن الحدود"، مؤكدا أنها "مشكلة قابلة للحل، لكن الأمر يبدأ بالحوار". وبشأن تعيين سفير أميركا في تركيا مبعوثا لواشنطن بدمشق، قال هايدمان إن ترامب يرى في أنقرة "عاملا رئيسيا في صياغة المستقبل السياسي لسوريا"، مؤكدا أن المبعوث الجديد يعتبر خيارا جيدا ويعرف المنطقة برمتها.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ماذا بعد رفع العَلم بمقر السفير الأميركي في دمشق؟
ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ 29 مايو/أيار 2025- ما الذي يعنيه افتتاح المبعوث الأميركي إلى سوريا مقر سفير بلاده في دمشق في هذا التوقيت.