logo
عن إستتباب الامن والسلام في المنطقة؟!

عن إستتباب الامن والسلام في المنطقة؟!

كواليس اليوممنذ 6 ساعات

نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
منطقة الشرق الأوسط کانت ولازالت تعتبر من المناطق الاستراتيجية الحساسة في العالم حيث کما تتشابك فيها المصالح الدولية فإنها وبنفس السياق تتقاطع، والمعروف عنها إنها کانت أيضا ولازالت من المناطق المتسمة بتوتر بسبب القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى والتي وبسبب منها تداعى الصراع العربي ـ الاسرائيلي، ولکن هذا التوتر قد تزايد کثيرا حتى إنه قد فاق الحدود والتوقعات في بعض الاحيان بعد سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979، ومجئ نظام ولاية الفقيه الذي الى جانب قيامه بإستخدام القضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهداف ومطامع خاصة وتنفيذ مخططات ذات طابع ديني متطرف، فإنه قد قام بإثارة النعرات الطائفية وإستخدمها کرأس حربة في ضرب أمن وإستقرار دول المنطقة وإضعافها وإبتزازها.
بعد فترة قصيرة نسبيا على مجئ هذا النظام، باتت البوادر المثيرة للتوجس والقلق تظهر على تصرفات وأفعال هذا النظام وبشکل خاص من حيث ميلها لزعزعة الامن والاستقرار وفرض الوصاية عليها، ومع إن بلدان المنطقة حاولت على الدوام التواصل مع هذا النظام السعي من أجل إيجاد القواسم المشترکة من أجل الوصول الى التآلف والعيش المشترك بأمان، لکن بوي هذا النظام مغردا خارج السرب ومع إنه کان يبدو في الظاهر کمن يسعى لمسايرة دول المنطقة والعالم والتماشي معها لکنه وفي حقيقة أمره کان يعمل بالاتجاه المخالف ووفق ما يملي عليه نهجه.
الامر الذي ساهم بتعقيد الدور السلبي لهذا النظام من حيث تأزيم الاوضاع في المنطقة وتوتر الاجواء فيها، إنه قد قام بإستخدام نفوذه في المنطقة وإثارة الحروب والازمات فيها کعامل وکوسيلة من أجل التأثير على أوضاعه الداخلية وبشکل خاص عندما بدأت الاصوات ترتفع ضده من جانب الشعب الإيراني وتسعى من أجل مواجهة دکتاتوريته التي فرضها تحت يافطة الدين.
وقد تداخلت وتعقدت الاوضاع في المنطقة ووصلت الى حد إثارة المخاوف من إخضاع الامنين القومي والاجتماعي في بلدان المنطقة لمخطط مشبوه يسعى النظام الإيراني الى تحقيقه بطرق ملتوية من خلال وکلائه وقد کان العامل الديني ببعده وعمقه الطائفي هو أساس هذا المخطط، وبقدر ما کانت دول في المنطقة تسعى من أجل مواجهة هذا المخطط وإجهاضه، فإن النظام الإيراني کان يتفنن في إيجاد الطرق والاساليب التي تقف بوجه تلك المواجهة وتضعف من قدارتها الفعالة، ولذلك فقد بقي هذا النظام لاعبا مهما في المنطقة من حيث إبقاء أسباب التوتر والتأزم قائمة والسعي من خلال ذلك لإظهار نفسه بمثابة صاحب القدح المعلى في رسم وتحديد الاوضاع في المنطقة.
إصرار النظام الإيراني على التمسك بنهجه وعدم التخلي عن طموحاته بفرض الوصاية على المنطقة والمحافظة على نفسه، هو السبب الذي دفعه على الدوام لرفض ومواجهة أي إتجاه أو سياسة تستهدف المحافظة على السلام والامن في المنطقة وضمان إستتبابها، ومع إن الهزائم المنکرة التي لحقت بمشروع النظام إقليميا وتصور مراقبين ومحللين سياسيين بأن هذا النظام وبعد عودة دونالد ترامب سوف يرعوي ويستجيب للمطالب الدولية التي تدعو لتخليه عن صناعة وإنتاج الاسلحة النووية، لکن وبعد 5 جولات من المفاوضات النووية ظهر واضحا بأن هذا النظام لا يمکنه التخلي عن طموحاته ومخططاته التي رسمها في ضوء نهجه، وهذا ما يعيد للذکرى ما کانت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، قد أکدت عليه من إن هذا النظام لو تخلى ليوم واحد عن نهجه فإن ذلك سيٶدي الى سقوطه وإنهياره، ولذلك فإنه وعلى الرغم من هشاشته والمرحلة الحساسة التي يمر بها، فإنه أصر على رفض الانصياع للمطالب الدولية وأصر على متابعة مشواره في الاتجاه المضاد وهو الامر الذي قاد الى السيناريو الحالي الجاري بين إسرائيل وهذا النظام، فهو لا يريد البتة أوضاعا آمنة ومستتبة في المنطقة لأنها لا تناسبه وتعمل في النتيجة النهائية على التأثير السلبي على مخطتاته التي يريد تنفيذها في المنطقة وجعلها أمرا واقعا.
مفتاح حلّ قضية إيران
كلمة مريم رجوي في ندوة بالبرلمان الإيطالي بتأريخ 16 أبريل 2025
'… قبل عقدين، وفي اجتماع للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، قدّمتُ 'الحلّ الثالث' بشأن قضية إيران، وقلتُ يومها:
إنّ المجتمع الدولي ليس مضطرًا للاختيار بين الملالي المزودين بالقنبلة النووية وبين الحرب.
هناك حلّ ثالث، وهو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظّمة.
دعوني أؤكد اليوم مرةً أخرى:
الشعب الإيراني لا يرضى بأقلّ من إسقاط الديكتاتورية الدينية وإقامة جمهورية حرّة وديمقراطية.
إيران حرّة، غير نووية، قائمة على فصل الدين عن الدولة، وفقًا للبرنامج ذي النقاط العشر الذي طرحته المقاومة الإيرانية.
هذا النظام لن يتخلّى أبدًا عن القمع، وتصدير الحروب، والإرهاب، والمشروع النووي.
تجربة 46 عامًا الماضية أثبتت أن هذا النظام لا يلتزم بأيّ عهد أو تعهّد.
فحتى بعد كشف المقاومة لمواقع النظام النووية السرّية عام 2002، اضطر خامنئي إلى القبول بختم منشآت تخصيب اليورانيوم بالشمع الأحمر.
لكن بعد عام واحد فقط، كسرت جميع الأختام، وعادت أنشطة النظام النووية إلى التوسّع من جديد.
نعم، مفتاح قضية إيران بيد الشعب الإيراني ومقاومته.
يمكن إيقاف حروب النظام، ولكن الطريق إلى ذلك هو إسقاط هذا النظام.
يمكن قطع يد الملالي عن القنبلة النووية، ولكن السبيل إلى ذلك هو الإطاحة بهذا الاستبداد الوحشي.
ويمكن وضع حدٍّ لإرهابه العالمي، لكن ذلك يمرّ عبر إنهاء حكم عرّاب الإرهاب الرسمي.
نعم، عبر المقاومة المنظمة، والانتفاضة، وجيش تحرير الشعب الإيراني، يمكن ويجب إنهاء الاستبداد الديني الحاكم في إيران…'

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن إستتباب الامن والسلام في المنطقة؟!
عن إستتباب الامن والسلام في المنطقة؟!

كواليس اليوم

timeمنذ 6 ساعات

  • كواليس اليوم

عن إستتباب الامن والسلام في المنطقة؟!

نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني منطقة الشرق الأوسط کانت ولازالت تعتبر من المناطق الاستراتيجية الحساسة في العالم حيث کما تتشابك فيها المصالح الدولية فإنها وبنفس السياق تتقاطع، والمعروف عنها إنها کانت أيضا ولازالت من المناطق المتسمة بتوتر بسبب القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى والتي وبسبب منها تداعى الصراع العربي ـ الاسرائيلي، ولکن هذا التوتر قد تزايد کثيرا حتى إنه قد فاق الحدود والتوقعات في بعض الاحيان بعد سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979، ومجئ نظام ولاية الفقيه الذي الى جانب قيامه بإستخدام القضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهداف ومطامع خاصة وتنفيذ مخططات ذات طابع ديني متطرف، فإنه قد قام بإثارة النعرات الطائفية وإستخدمها کرأس حربة في ضرب أمن وإستقرار دول المنطقة وإضعافها وإبتزازها. بعد فترة قصيرة نسبيا على مجئ هذا النظام، باتت البوادر المثيرة للتوجس والقلق تظهر على تصرفات وأفعال هذا النظام وبشکل خاص من حيث ميلها لزعزعة الامن والاستقرار وفرض الوصاية عليها، ومع إن بلدان المنطقة حاولت على الدوام التواصل مع هذا النظام السعي من أجل إيجاد القواسم المشترکة من أجل الوصول الى التآلف والعيش المشترك بأمان، لکن بوي هذا النظام مغردا خارج السرب ومع إنه کان يبدو في الظاهر کمن يسعى لمسايرة دول المنطقة والعالم والتماشي معها لکنه وفي حقيقة أمره کان يعمل بالاتجاه المخالف ووفق ما يملي عليه نهجه. الامر الذي ساهم بتعقيد الدور السلبي لهذا النظام من حيث تأزيم الاوضاع في المنطقة وتوتر الاجواء فيها، إنه قد قام بإستخدام نفوذه في المنطقة وإثارة الحروب والازمات فيها کعامل وکوسيلة من أجل التأثير على أوضاعه الداخلية وبشکل خاص عندما بدأت الاصوات ترتفع ضده من جانب الشعب الإيراني وتسعى من أجل مواجهة دکتاتوريته التي فرضها تحت يافطة الدين. وقد تداخلت وتعقدت الاوضاع في المنطقة ووصلت الى حد إثارة المخاوف من إخضاع الامنين القومي والاجتماعي في بلدان المنطقة لمخطط مشبوه يسعى النظام الإيراني الى تحقيقه بطرق ملتوية من خلال وکلائه وقد کان العامل الديني ببعده وعمقه الطائفي هو أساس هذا المخطط، وبقدر ما کانت دول في المنطقة تسعى من أجل مواجهة هذا المخطط وإجهاضه، فإن النظام الإيراني کان يتفنن في إيجاد الطرق والاساليب التي تقف بوجه تلك المواجهة وتضعف من قدارتها الفعالة، ولذلك فقد بقي هذا النظام لاعبا مهما في المنطقة من حيث إبقاء أسباب التوتر والتأزم قائمة والسعي من خلال ذلك لإظهار نفسه بمثابة صاحب القدح المعلى في رسم وتحديد الاوضاع في المنطقة. إصرار النظام الإيراني على التمسك بنهجه وعدم التخلي عن طموحاته بفرض الوصاية على المنطقة والمحافظة على نفسه، هو السبب الذي دفعه على الدوام لرفض ومواجهة أي إتجاه أو سياسة تستهدف المحافظة على السلام والامن في المنطقة وضمان إستتبابها، ومع إن الهزائم المنکرة التي لحقت بمشروع النظام إقليميا وتصور مراقبين ومحللين سياسيين بأن هذا النظام وبعد عودة دونالد ترامب سوف يرعوي ويستجيب للمطالب الدولية التي تدعو لتخليه عن صناعة وإنتاج الاسلحة النووية، لکن وبعد 5 جولات من المفاوضات النووية ظهر واضحا بأن هذا النظام لا يمکنه التخلي عن طموحاته ومخططاته التي رسمها في ضوء نهجه، وهذا ما يعيد للذکرى ما کانت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، قد أکدت عليه من إن هذا النظام لو تخلى ليوم واحد عن نهجه فإن ذلك سيٶدي الى سقوطه وإنهياره، ولذلك فإنه وعلى الرغم من هشاشته والمرحلة الحساسة التي يمر بها، فإنه أصر على رفض الانصياع للمطالب الدولية وأصر على متابعة مشواره في الاتجاه المضاد وهو الامر الذي قاد الى السيناريو الحالي الجاري بين إسرائيل وهذا النظام، فهو لا يريد البتة أوضاعا آمنة ومستتبة في المنطقة لأنها لا تناسبه وتعمل في النتيجة النهائية على التأثير السلبي على مخطتاته التي يريد تنفيذها في المنطقة وجعلها أمرا واقعا. مفتاح حلّ قضية إيران كلمة مريم رجوي في ندوة بالبرلمان الإيطالي بتأريخ 16 أبريل 2025 '… قبل عقدين، وفي اجتماع للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، قدّمتُ 'الحلّ الثالث' بشأن قضية إيران، وقلتُ يومها: إنّ المجتمع الدولي ليس مضطرًا للاختيار بين الملالي المزودين بالقنبلة النووية وبين الحرب. هناك حلّ ثالث، وهو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظّمة. دعوني أؤكد اليوم مرةً أخرى: الشعب الإيراني لا يرضى بأقلّ من إسقاط الديكتاتورية الدينية وإقامة جمهورية حرّة وديمقراطية. إيران حرّة، غير نووية، قائمة على فصل الدين عن الدولة، وفقًا للبرنامج ذي النقاط العشر الذي طرحته المقاومة الإيرانية. هذا النظام لن يتخلّى أبدًا عن القمع، وتصدير الحروب، والإرهاب، والمشروع النووي. تجربة 46 عامًا الماضية أثبتت أن هذا النظام لا يلتزم بأيّ عهد أو تعهّد. فحتى بعد كشف المقاومة لمواقع النظام النووية السرّية عام 2002، اضطر خامنئي إلى القبول بختم منشآت تخصيب اليورانيوم بالشمع الأحمر. لكن بعد عام واحد فقط، كسرت جميع الأختام، وعادت أنشطة النظام النووية إلى التوسّع من جديد. نعم، مفتاح قضية إيران بيد الشعب الإيراني ومقاومته. يمكن إيقاف حروب النظام، ولكن الطريق إلى ذلك هو إسقاط هذا النظام. يمكن قطع يد الملالي عن القنبلة النووية، ولكن السبيل إلى ذلك هو الإطاحة بهذا الاستبداد الوحشي. ويمكن وضع حدٍّ لإرهابه العالمي، لكن ذلك يمرّ عبر إنهاء حكم عرّاب الإرهاب الرسمي. نعم، عبر المقاومة المنظمة، والانتفاضة، وجيش تحرير الشعب الإيراني، يمكن ويجب إنهاء الاستبداد الديني الحاكم في إيران…'

تحليل وتقييم المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة: الروايات والحقائق؟!
تحليل وتقييم المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة: الروايات والحقائق؟!

كواليس اليوم

time٠٩-٠٦-٢٠٢٥

  • كواليس اليوم

تحليل وتقييم المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة: الروايات والحقائق؟!

نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني تعتبر المفاوضات النووية بين النظام الإيراني والولايات المتحدة دائماً مسرحاً معقداً للتقاطعات، المناورات، وألاعيب القوة الخفية. وفي الظروف الراهنة، وبالنظر إلى التطورات الأخيرة وتصريحات كبار المسؤولين، من الضروري إلقاء نظرة أعمق على الديناميكيات المتحكمة في هذه المفاوضات. يسعى هذا التحليل، بالاستناد إلى وجهات نظر كبار المحللين الإيرانيين وكذلك النمط السلوكي للنظام نفسه، إلى فك رموز الوضع الراهن. تصريحات خامنئي: من ثنائية 'الشيطان الأكبر' إلى لغز 'عدم التفاوض' وفقاً لتقرير صادر عن موقع 'جماران' (التابع لحسن الخميني) بتاريخ 7 يونيو، قام محمد رضا تاجيك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بهشتي وأحد منظّري تيار الإصلاحات، بتحليل ثلاثة أزمنة لمواجهة إيران مع الولايات المتحدة في مقال بعنوان 'وقت أمريكا': 1. الزمن الأول: لحظة الرعب للنظام. هذه اللحظة هي مواجهة النظام مع 'الشيطان الأكبر' (أمريكا)؛ موقف يخضع فيه الآخرون لها، لكن النظام يظل في حالة من الذهول والتردد وتعليق اتخاذ القرار. 2. الزمن الثاني: لحظة التفاوض. هذه لحظة عابرة تخفف من حدة المواجهة السابقة وتوفر إمكانية تطبيع العداوة القديمة. لكنها تحمل ازدواجية خاصة؛ فقد تعيد الأمور إلى الماضي أو تفتح نافذة على مستقبل جديد. 3. الزمن الثالث: لحظة مواجهة الذات. هذه هي اللحظة الأكثر إيلاماً، لأنها تُجبر النظام على إعادة تعريف الصورة التي شكلتها الثورة والأيديولوجية عن أمريكا. تستلزم هذه اللحظة الإجابة على 'ذات الولاء' التي عرّفت كل هويتها في نفي أمريكا. في الجزء الختامي، يوجه تاجيك نقداً حاداً للمناخ الحالي المستنزف سياسياً والمهووس بالسلطة. ويرى أن أهل السلطة غارقون في الروتين اليومي ولا يتقبلون النقد البناء، بينما تتطلب الظروف الحرجة اتخاذ قرارات مصيرية تتجاوز قدرة الساسة الحاليين. يدعو إلى العودة إلى العقلانية وحضور أصحاب الفكر النقدي لفتح آفاق جديدة للقرار، قبل أن يجرف الزمن كل شيء إلى الوراء. يُظهر هذا التحليل أن تصريحات خامنئي بتاريخ 4 يونيو على قبر الخميني، والتي تضمنت رفضه الصريح للمخطط الأمريكي بوقف التخصيب الكامل، تتجاوز مجرد موقف بسيط. إن هذا التدخل المباشر منه في موضوع المفاوضات النووية، لن يدفع المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة إلى طريق مسدود فحسب، بل سيبرز أيضاً قرار خامنئي بالإبقاء على التخصيب بأي ثمن، مما يزيد من احتمالية إنهاء المفاوضات الأخرى. هذا المأزق يمكن أن يمهد الطريق لتطورات لاحقة، بما في ذلك تصعيد التوترات الدولية وتفعيل آلية الزناد. يرى بعض الخبراء أنه لا ينبغي اعتبار هذه التصريحات الموقف النهائي للنظام، حيث أثبت خامنئي مراراً خطابه المزدوج علناً وسراً؛ فعلى سبيل المثال، في 7 فبراير 2025، بينما كانت الدبلوماسية التابعة للنظام منشغلة بالتحضير للمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، صرح خامنئي في خطاب علني أن التفاوض مع أمريكا 'غير عقلاني، وغير ذكي، وغير شريف'. هذه الازدواجية ستُدخل الملف النووي للنظام مرة أخرى في تحديات ومواجهات جديدة مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. المفاوضات النووية خلف الكواليس قام حميد رضا آصفي (محلل سياسي من المسؤولين والدبلوماسيين السابقين بوزارة الخارجية الإيرانية)، في ثلاث مقالات نُشرت بتاريخ 6 و 7 يونيو/حزيران، بتحليل وضع المفاوضات بين النظام والولايات المتحدة بعد خطاب خامنئي بتاريخ 4 يونيو وموقف أمريكا. ملخص وتحليل هذه المقالات بشكل موجز كالتالي: المقال الأول: 'عندما تشتد لهجة القيادة، فهل الاتفاق بعيد المنال؟' يحلل آصفي أن لهجة خامنئي الحادة لا تعني بالضرورة نهاية المفاوضات، بل قد تكون جزءاً من لعبة التفاوض حيث يُسند دور 'الشرطي السيء' للقيادة لإعطاء فريق التفاوض مساحة أكبر للمناورة. إن حذف اسم ترامب كـ'قاتل سليماني' من خطاب القيادة والصمت حول اقتراح كونسورتيوم التخصيب، هي مؤشرات على بقاء أبواب المساومة مفتوحة. المقال الثاني: 'طالما يحدو ترامب الأمل في الدبلوماسية، لن تسحب إسرائيل الزناد' يحلل آصفي أنه بعودة ترامب، لن تكون إسرائيل قادرة على بدء عمليات تخريبية أو عسكرية ما دام ترامب يأمل في المفاوضات مع إيران. فترامب، على عكس بايدن، شخصية براغماتية ولا يتحمل التخريب في مسار دبلوماسيته. وبالتالي، فإن الصمت النسبي لإسرائيل ليس مؤشراً على عدم أهمية إيران، بل هو نتيجة اعتبارات سياسة البيت الأبيض. المقال الثالث: 'العودة إلى منطق الضغط؛ قرار مجلس المحافظين' يتناول آصفي في هذا المقال القرار الأخير لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبحسب آصفي، فإن هذا القرار هو خطوة نحو توثيق الضغط القانوني على إيران، وليس حلاً لأزمة فنية. الهدف النهائي هو تهيئة الأرضية لتفعيل آلية الزناد، وليس إحالة الملف الفورية إلى مجلس الأمن. هذه العملية ذات مرحلتين: أولاً، بناء الإجماع، ثم تهيئة الأرضية القانونية لإعادة فرض العقوبات. العلاقة بين القوة، التفاوض، والزمن؟ في تحليل آصفي، أحد المكونات الخفية لكن البارزة هو عنصر الزمن: • لهجة خامنئي الحادة، هي مبادرة لاستباق موازنة القوى قبل المفاوضات. • صبر وصمت إسرائيل، هو أمل في إعادة ترتيب اللعبة من قبل ترامب في الوقت المناسب. • التوثيق القانوني من قبل الوكالة، هو إعداد للاستخدام في لحظة معينة: 'الزمن بعد فشل المفاوضات'. بمعنى آخر، جميع الأطراف الثلاثة (إيران، أمريكا، الغرب/الوكالة) يستخدمون الزمن بشكل استراتيجي؛ ليس للهروب من المواجهة، بل للتحكم في إطارها. التقييم النهائي ترسم التحليلات المذكورة أعلاه صورة متعددة الأبعاد للوضع الحالي للنظام الإيراني في مواجهة الولايات المتحدة، إسرائيل، والمؤسسات الدولية. وعلى النقيض من المظهر المتوتر واللهجة التهديدية، تجري خلف الكواليس دبلوماسية نشطة، وإدارة للمساحات الرمادية، وهندسة محسوبة للزمن. من منظور المحلل، فإن لهجة القيادة الحادة لا تعني نهاية المفاوضات، ولا تهديد إسرائيل يعني وقوع حرب وشيكة، ولا قرار الوكالة يعني إحالة فورية للملف إلى مجلس الأمن. في الواقع، يتحرك النظام الإيراني على حد سيف، حيث يجب عليه الاستجابة للحاجة الداخلية لـ'السلطة' وفي الوقت نفسه إبقاء مسار 'المساومة الناعمة' مفتوحاً (التي يسميها خامنئي في خطاباته المرونة البطولية) لتجنب الانهيار الاقتصادي. يشير هذا الوضع إلى التعقيد المتزايد للملف النووي وصعوبة التنبؤ بمساره المستقبلي. كلمة أخيرة بالإضافة إلى ما ذكرناه من تصريحات وسائل الإعلام ومسؤولي النظام الإيراني، فإن حقيقة المشهد الإيراني تتجسد في هذه الكلمات للسيدة مريم رجوي في مؤتمر 'إيران حرة 2025' بتاريخ 31 مايو: '… على مدى 34 عاماً، لم تسمح المقاومة الإيرانية، من خلال كشفها المتواصل لمواقع ومشاريع النظام النووية، للديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران بمفاجأة العالم بحيازة القنبلة الذرية. في عام 2002، كشفت المقاومة الإيرانية عن موقعي نطنز وأراك السريين. وبعد ذلك، أُجبر خامنئي على القبول، لفترة من الزمن، بتعليق تخصيب اليورانيوم وإغلاق المواقع النووية بشكل إجباري. لهذا السبب، يجب على العالم أن يكون يقظاً ويمنع خداع الملالي المتكرر بسياسة حازمة… أما فيما يتعلق بالسياسات الدولية، فإن وصول الأوضاع في إيران إلى هذه النقطة قد أقصى جميع الخيارات الواهية والمحكوم عليها بالفشل. إن قضية إيران ليس لها سوى حل حقيقي واحد. هذا الحل يكمن في أيدي الشعب والمقاومة الإيرانية. القضاء على إرهاب الدولة وإشعال الحروب في المنطقة من قبل النظام ليس له سوى حل واحد، وهو تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية. وأخيراً، فإن برنامج النظام لصنع القنبلة الذرية ليس له سوى حل واحد، وهو تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.'

نظرة على 46 عامًا من حكم ولاية الفقيه في إيران
نظرة على 46 عامًا من حكم ولاية الفقيه في إيران

كواليس اليوم

time٢٩-٠٥-٢٠٢٥

  • كواليس اليوم

نظرة على 46 عامًا من حكم ولاية الفقيه في إيران

نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني لم يکن النظام الإيراني في بدايات تأسيسه يکتفي بجعل إيران فقط کبلد لتطبيق نظرية ولاية الفقيه وإنما خطط من أجل أن يتم إستنساخه وتطبيقه في باقي بلدان المنطقة وکان هذا النظام يعتقد بأن الاجواء التي سادت في بدايات تأسيسه (حيث الشعب الإيراني لا يزال لم يعرف هذا النظام على حقيقته) سوف تستمر، لکن الذي حدث بعد ذلك أصاب النظام بالصدمة ولاسيما بعد تزايد رفض وکراهية الشعب للنظام ووصوله الى حد إندلاع إنتفاضات شعبية شاركت فيها ما يزيد عن المليون إيراني. إستمرار الرفض والکراهية الشعبية المتزايدة للنظام وممارساته وطريقة واسلوب تسويقه للأفکار والمفاهيم التي يريد فرضها کأمر واقع على الشعب الإيراني کان يعني وبصورة واضحة إن الشعب يرفض نظرية ولاية الفقيه وإنها قد وصلت الى طريق مسدود، غير إن العقلية المتحجرة لقادة هذا النظام ورفضهم التسليم بالامر الواقع جعلهم يضاعفون من الممارسات القمعية والاعدامات لإضفاء أجواء الرعب على البلاد وثني الشعب عن مواجهة النظام. الملاحظة المهمة هنا، هي إن النظام إضافة الى کونه قد ضاعف من ممارساته القمعية ومن الاعدامات في داخل إيران في سبيل ترهيب الشعب الإيراني، فإنه تماهى أکثر من السابق في السعي من أجل إستنساخ نظرية ولاية الفقيه المرفوضة إيرانيا وتطبيقها في بلدان المنطقة وذلك من خلال أحزاب وميليشيات عميلة له قام بتأسيسها من أجل هکذا هدف مشبوه. عند التمعن في الوسائل الاعلامية التابعة للأحزاب والميليشيات التابعة له في بلدان المنطقة، نجدها تصور الاوضاع في إيران في ظل نظام ولاية الفقيه على إنه فريد من نوعه من حيث جعل الشعب الإيراني يعيشون في تقدم ورخاء، في حين إن الحقيقة غير ذلك تماما والانکى من ذلك إن هٶلاء العملاء يصرون في وسائل اعلامهم إن کل ما يقال عن سوء الاوضاع في إيران هو محض کذب وإفتراء! ومن الواضح إن إستمرار النظام في السعي عن طريق عملائه في بلدان المنطقة من أجل تطبيق نظرية ولاية الفقيه، هو في الحقيقة من أجل إيجاد عمق سياسي ـ فکري له في بلدان المنطقة وحتى تهديد الشعب الإيراني بذلك ولمن لا يعرف ذلك فإنه وخلال السيول التي إجتاحت إيران قبل بضعة أعوام وکشفت عن ضعف البنية التحتية للنظام وإزدادت مخاوفه من إندلاع إنتفاضة شعبية ضده بسبب من ذلك فإنه قام بإستقدام بعض من الميليشات العميلة له من أجل ترهيب الشعب الإيراني وثنيه عن القيام بإنتفاضة ضده وهو الامر الذي أثار إستهجان واسع في صفوف الشعب الإيراني وکشف في ذلك الوقت کيف إن النظام قد فشل فشلا ذريعا في جعل هذه النظرية موضع تقبل الشعب. ومن المفيد هنا التنويه على إنه لم تعد منظومة الحكم القائمة على ولاية الفقيه في إيران، بكل ما جرته من تبعات كارثية على كافة الأصعدة، مجرد نظرية سياسية فاشلة، بل وحتى قد تحولت إلى 'عبرة القرون' كما بدأت تصفها الاعترافات المتسربة من داخل أروقة النظام نفسه. وفي مثال صارخ على هذا الانهيار، ممزوج بالدهشة، جاء اعتراف أحد نواب برلمان النظام بشأن أزمة الكهرباء الخانقة، حيث صرح في 17مايو/أيار 2025 لإذاعة 'فرهنك'الحکومية: 'اليوم، في عام 2025، نشهد أسوأ معدلات انقطاع للتيار الكهربائي منذ قرن من الزمان'. وتضيف إذاعة 'فرهنك' في تقرير لها أن 'هذه المنظومة، التي استندت في قيامها على كيانات فوق دستورية مثل الولي الفقيه وذراعه الضاربة المتمثلة في مجلس صيانة الدستور، تجد نفسها اليوم غارقة في تناقضات هيكلية متزايدة بين مكوناتها. والمفارقة أنه بعد مرور ستة وأربعين عاما على تأسيسها، تتعالى الآن أصوات من داخلها تنادي بـ'إعادة هيكلة' عاجلة، كما جاء على لسان النائب رضا سبهوند: 'في بلادنا، التعارض بين الحكومة والقطاع الخاص والكيانات شبه الحكومية والمؤسسات (التابعة للولي الفقيه) عميق وهيكلي. نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب دقيقة لهيكل الحكم'! واللافت أن هذا التقرير من داخل النظام صدر في مايو/أيار 2025، أي بعد عامين من شروع خامنئي في عملية 'توحيد السلطة' المزعومة، والتي أطاح خلالها حتى بالموالين من جسد النظام لضمان برلمان وحكومة على مقاسه. وها هم الآن، النخبة التي اختارها خامنئي ومجلس صيانته، يتحدثون عن 'تحديات خطيرة وحتى انسداد' في البرلمان وهيكل النظام، بما يتناقض 180 درجة مع خطابات ومواقف خامنئي. إن رصاصة الرحمة التي أطلقت على مصداقية ومكانة الولي الفقيه في هيكل نظام الملالي، هي النتيجة الحتمية لمحاولة مد اليد من العصور الوسطى إلى القرن الحادي والعشرين لفرض 'الدين الإجباري'، و'الحكم الإجباري'، و'الحجاب الاجباري' وقد جاء الرد الحتمي من غالبية الشعب الإيراني في آخر مسرحيات النظام الانتخابية في ربيع وصيف 2024، عبر مقاطعة واسعة النطاق لتٶکد وبوضوح فشل ونهاية نظرية ولاية الفقيه لحکم إيران.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store