
فورين أفيرز: هكذا تفوق الحوثيون على الولايات المتحدة
بعد 7 أسابيع ونصف من الغارات الجوية المكثفة على أكثر من ألف هدف، انتهت حملة القصف التي شنتها الإدارة الأميركية على جماعة الحوثيين في اليمن فجأة كما بدأت، مع أن الجماعة لا تزال قادرة على تعريض الاقتصاد العالمي للخطر.
وبكل البساطة -كما تقول مجلة فورين أفيرز- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الحوثيين المدعومين من إيران "لا يريدون القتال بعد الآن" وأن الولايات المتحدة "ستلتزم بكلمتها وتوقف القصف"، وأكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي على منصة إكس أن بلاده توسطت في اتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن والحوثيين، وأن الجانبين اتفقا على عدم استهداف أي منهما للآخر.
ورغم أن هجمات الحوثيين فعالة للغاية ضد الشحن الدولي في البحر الأحمر ، وخاصة ضد إسرائيل -كما أوضحت المجلة في تقرير مطول بقلم أبريل لونغلي آلي- فإن الاتفاق لا يقيد صراحة أعمال الحوثيين ضد أي دولة أخرى غير الولايات المتحدة.
ترسيخ موقف الحوثيين
ومن اللافت للنظر والمثير للحيرة -حسب الصحيفة- غياب إسرائيل والسفن المرتبطة بها عن الاتفاق، وأن إعلان البيت الأبيض جاء رغم أن موقف الحوثيين لم يتغير جوهريا منذ أن بدأت إدارة ترامب حملتها الجوية المصعدة في 15 مارس/آذار.
إعلان
وعندما أطلقت واشنطن عملية "الراكب الخشن" -كما تسميها- لاستعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وإعادة إرساء الردع ضد إيران ووكلائها، كان الحوثيون يستهدفون علنا إسرائيل والسفن المرتبطة بها لا السفن الأميركية، مشيرين إلى أنهم سيواصلون ذلك حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة.
ومنذ بداية الحملة الأميركية، أوضح قادة الحوثيين أنهم سيتوقفون عن مهاجمة السفن الأميركية إذا أوقفت واشنطن القصف، ولكن هجماتهم على إسرائيل ستستمر، وبعد إعلان ترامب عن اتفاق السادس من مايو/أيار كرر المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام هذا الموقف.
وبعبارة أخرى -كما تقول المجلة- بعد عملية عسكرية أميركية كلفت أكثر من ملياري دولار، ويفترض أن لها تأثيرا بعيد الأمد على قدرات الحوثيين العسكرية، لم يسهم وقف إطلاق النار إلا في ترسيخ موقف الجماعة الأصلي، مع وصفها الاتفاق بأنه "انتصار لليمن"، رغم ادعاء ترامب أن الحوثيين "استسلموا".
ونبهت المجلة إلى أن وقف إطلاق النار وفر لإدارة ترامب، نهاية سريعة لحملة كانت تزداد صعوبة، لأن القصف لم يكن باهظ التكلفة فحسب، بل يثير مخاوف من احتمال انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب أخرى لا تنتهي في الشرق الأوسط ، وهو مدعوم من جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي، وأعضاء الإدارة الأكثر ميلا إلى الانعزالية الجديدة.
ضره أكثر من نفعه
وبالفعل كانت إدارة ترامب محقة في محاولتها إيجاد مخرج من حملة جوية متزايدة التكلفة ومفتوحة النهاية، لكن الخيار الذي اختارته قد يكون ضره أكثر من نفعه -حسب المجلة- ما لم تسارع واشنطن إلى التنسيق مع حلفائها في المنطقة، وخاصة المملكة العربية السعودية، لأن الجماعة ستواصل إحداث الفوضى في اليمن وفي جميع أنحاء المنطقة.
ورأت فورين أفيرز أن هناك بديلا أفضل، إذ كانت الولايات المتحدة تستطيع، من خلال دعم الأمم المتحدة ووسطاء مثل عمان، وحلفائها في المنطقة وخارجها، الدفع نحو تسوية سياسية أوسع في اليمن تقيد قدرات الحوثيين العسكرية وطموحاتهم.
وذكرت الصحيفة أن ضرب الحوثيين بدأ في عهد الرئيس جو بايدن الذي سعت إدارته إلى إستراتيجية مدروسة، تكتفي بالرد على هجمات الحوثيين دون تصعيد الصراع، وكان ترامب أكثر عدوانية، وانتقد بايدن بشدة لرده "الضعيف بشكل مثير للشفقة" على تهديد الحوثيين، وقام بأكبر تدخل عسكري وأكثره تكلفة، وأرفقه بعدد من الضغوط الاقتصادية والسياسية، مصنفا الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية.
ومع أن الضربات الأميركية غيرت مؤقتا الحسابات العسكرية للحوثيين، فإن المكاسب التكتيكية الأميركية جاءت بتكلفة متزايدة ومخاطر جسيمة، مع احتمالات مقتل أفراد من الجيش الأميركي، وإلحاقها أضرارا متزايدة بالمدنيين والبنية التحتية المدنية.
الإستراتيجية المفقودة
وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة تستطيع أن تحد من مشاركتها العسكرية وتدعم مسارا للتسوية أو لاحتواء التهديد الحوثي على الأقل، وذلك من خلال العمل مع حلفائها لممارسة ضغوط عسكرية واقتصادية وسياسية على الجماعة.
ولضمان الحفاظ على بعض التوازن على الأرض في اليمن، ينبغي على الولايات المتحدة أن تمنح الدول الخليجية الداعمة للحكومة اليمنية، كالسعودية والإمارات، الضمانات الأمنية اللازمة لمواصلة دعم الحكومة سياسيا وعسكريا، رغم أنهما أعلنتا أنهما غير مهتمتين بإعادة إشعال الحرب.
وبتقديم ضمانات أمنية للرياض وأبو ظبي، تكون واشنطن في الواقع قد تعهدت بحماية حلفائها، مما يسمح لهم بتعزيز القوات المعارضة للحوثيين محليا، وبالتالي زيادة فرص التوصل إلى اتفاق متوازن لتقاسم السلطة، خاصة أن الانسحاب الأميركي خيب أمل قوات الحكومة اليمنية، وأن الضائقة الاقتصادية المتزايدة والصراعات السياسية الداخلية، تهدد بانهيار الحكومة، وبالتالي توسع الحوثيين وربما عودة ظهور تنظيم القاعدة في المناطق الحكومية.
وخلصت المجلة إلى أن التوقف المفاجئ للتدخل الأميركي لن يؤدي إلا إلى تشجيع الحوثيين، ومن المرجح أن يؤدي إلى تفاقم التهديدات الأمنية التي سعت واشنطن إلى معالجتها، وهم الآن محتفظون بحق ضرب السفن "المرتبطة بإسرائيل"، وربما بعد أن اختبروا نفوذ احتجاز سفن الشحن في البحر الأحمر، يميلون في المستقبل إلى استخدام هذه الأداة مجددا لتحقيق مكاسب سياسية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 41 دقائق
- الجزيرة
محللان سياسيان: التوسع الاستيطاني يمهد لتهويد الضفة الغربية
حذر محللان سياسيان -تحدثا لبرنامج "ما راء الخبر"- من خطورة القرار الإسرائيلي ببناء وشرعنة 22 مستوطنة جديدة ب الضفة الغربية ، واعتبرا هذه الخطوة محاولة لتكريس الأمر الواقع بضم الضفة بالكامل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما شددا على ضرورة أن يتحرك العرب والمجتمع الدولي بشكل جدي وعملي لردع الاحتلال. وفي وقت سابق، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قرار إقامة وشرعنة بناء 22 مستوطنة جديدة بالضفة، بأنها "خطوة تاريخية لمسيرة الاستيطان". وقال -خلال زيارة لإحدى المستوطنات التي شملها القرار- إن تعزيز الاستيطان رسالة واضحة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحلفائه الذين ينوون الاعتراف بدولة فلسطينية. ومن جانبه، يرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن الاحتلال الإسرائيلي يمهد الطريق -كما يقر بذلك- لضم وتهويد الضفة بالكامل، مشيرا إلى أن هناك اليوم ما بين 300 و400 مستعمرة استيطانية، وإضافة 22 مستوطنة أخرى، مما يعني إحداث تغيير نوعي وجذري لتكريس السيطرة الإسرائيلية. واعتبر الدكتور البرغوثي أن إقامة وشرعنة بناء 22 مستوطنة جديدة بالضفة يهدف إلى تغيير الواقع لتصبح الضفة كأنها أرض إسرائيلية، بينما تصبح المدن والقرى الفلسطينية مجرد كيانات مقطعة الأوصال. ومن جهته، قال مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن الحكومة الإسرائيلية تسعى لتقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع أو اعتراف العالم بها، مشيرا إلى أن إسرائيل تعمل بشكل منظم على تقويض أركان هذه الدولة الثلاثة: أرض وسكان ونظام سياسي، فهي تقوم بابتلاع الأرض الفلسطينية وتهجير سكانها وتقويض سلطتها، أي السلطة الوطنية الفلسطينية. ووصف قرار بناء 22 مستوطنة جديدة بأنه غير مسبوق منذ احتلال الضفة، وتطور نوعي خطير وجسيم، وذكر أن هذا القرار سبقه قبل أسابيع قليلة قرار أشد خطورة، حيث حولت كل قضايا تسجيل الأراضي والعقارات والممتلكات في المنطقة "ج" إلى القسم المدني بوزارة الدفاع الإسرائيلية، والذي يتولاه وزيرالمالية بتسلئيل سموتريتش. وحسب الرنتاوي، فإن الخلاف داخل إسرائيل الآن يدور بين فرقين، الأول يريد ضم الضفة كلها، والثاني يريد البدء بمنطقة "ج" التي تشكل 62% من الضفة، مشيرا إلى أن الاستيطان ينتشر اليوم في كامل الضفة، كما يسعى الاحتلال إلى فصلها عن الأردن وعن عمقها العربي وتحويل مدنها وتجمعاتها السكانية إلى جيوب داخلية معزولة. وعن خطورة مخطط الاستيطان على قيام الدولة الفلسطينية، أوضح الرنتاوي -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية بالكامل، وهي إستراتيجية مدعومة داخليا، بدليل أن آخر استطلاع للرأي يظهر أن 82% من المستطلعين مع تهجير سكان قطاع غزة ، و56% منهم مع تهجير فلسطينيي 48. ورغم هذا الواقع الإسرائيلي، يقول الرنتاوي إن بعض العرب لا يريد أن يصدق ومازال يطارد السراب ويتحدث عن حل الدولتين الذي قال إنه تم تقويضه منذ سنوات طولية. ومن جانبه شدد البرغوثي على أن الاحتلال ليس لديه الاستعداد لا للقبول بدولة فلسطينية ولا بفكرة دولة واحدة ولا بفكرة حل الدولتين، لأنه يريد أن يأخذ كل فلسطين ويهجر السكان الفلسطينيين الذين يفوق عددهم عدد الإسرائيليين. الخطوات المطلوبة وبشأن الخطوات المطلوبة فلسطينيا وعربياً ودوليا لإجهاض محاولات إسرائيل المستمرة لقضم الضفة وتقويض حلم الدولة الفلسطينية، قال الرنتاوي إن الموقف العربي يجب أن يركز على المطالبة بدولة فلسطينية على القطاع والضفة وعاصمتها القدس الشرقية وتثبيت الفلسطينيين في أرضهم، داعيا الدول العربية التي لديها علاقات مع الاحتلال أن تقوم بقطعها أو تجميدها أو تعليقها لبعث رسالة قوية له. وحذر من إمكانية نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تطبيق مخططه الاستيطاني إذا استمر الوضع على حاله، في ظل وجود ضعف بأداء السلطة الفلسطينية، وموقف عربي متخاذل ومجتمع دولي متواطئ، حيث لم تصل الصحوة الغربية إلى ممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال. كما طالب البرغوثي بفرض عقوبات على إسرائيل كما فعل المجتمع الدولي سابقا مع جنوب أفريقيا، وأن تلغي البلدان العربية كل اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
تعثّر المفاوضات يعمّق معاناة آلاف الأسرى وعائلاتهم في اليمن
صنعاء- مرّ نحو 11 شهرا منذ انطلاق آخر مفاوضات لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية و جماعة الحوثيين ، دون أفق لعقد مشاورات جديدة بشأن هذا الملف، نتيجة استمرار الخلافات بين الطرفين، مما يؤدي لتعميق مأساة ومعاناة آلاف المحتجزين على ذمة النزاع، الذين يقدر عددهم بنحو 20 ألفا حسب مصادر حقوقية. وكانت العاصمة العُمانية مسقط، قد استضافت العام الماضي آخر جولة لمفاوضات تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، استمرت نحو أسبوع واختتمت في 6 يوليو/تموز 2024، باتفاق على عقد جولة تكميلية بعد شهرين، ولكن لم تنطلق أي مشاورات جديدة حتى اليوم. ويشار إلى أن جماعة الحوثي سبق أن وجهت اتهامات متكررة للحكومة اليمنية بممارسة انتهاكات متعددة بحق الأسرى والمعتقلين، مقابل نفي الأخيرة. ونُفذت آخر عملية تبادل بين الحكومة وجماعة الحوثي في أبريل/نيسان 2023، وشملت نحو 900 أسير ومعتقل من الجانبين، تحت إشراف الأمم المتحدة و اللجنة الدولية للصليب الأحمر. اتهام متبادل يتبادل طرفا النزاع اتهام بعضهما بتعطيل ملف المفاوضات المتعلقة بالمحتجزين، ففي 24 مايو/أيار الحالي، أعلن رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى -التابعة للحوثيين- عبد القادر المرتضى فشل تحريك هذا الملف. وعبر بيان صحفي اطّلعت عليه الجزيرة نت، قال المرتضى -وهو رئيس فريق الحوثيين المفاوض بشأن الأسرى- "منذ ما يقارب سنة ونحن نرسل الوسطاء المحليين إلى مأرب، الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا، ونتابع مكتب المبعوث الأممي في محاولة لتحريك ملف الأسرى". وأضاف أن كل جهود تحريك ملف الأسرى باءت بالفشل، نتيجة تعنت الطرف الآخر، قاصدا الجانب الحكومي. واعتبر أن "توقيف ملف الأسرى بهذا الشكل يُعد متاجرة بمعاناتهم، وسقوطا أخلاقيا غير مبرر". من جهتها، أكدت الحكومة اليمنية تحميل الحوثيين مسؤولية تعثّر ملف الأسرى والمعتقلين، مشيرة إلى أن الآلاف منهم يعيشون ظروفا قاسية في سجون الجماعة. وفي تصريح للجزيرة نت، قال ماجد فضائل المتحدث باسم الحكومة اليمنية في فريق مشاورات الأسرى، إن "المفاوضات توقفت بسبب تعنّت الحوثيين ورفضهم الالتزام بمبدأ تبادل "الكل مقابل الكل"، إضافة لاستغلال الملف كورقة سياسية وأمنية للمساومة والابتزاز، مع تعطيل متكرر لخطوات التنفيذ المتفق عليها". وأوضح فضائل -وهو عضو الفريق المفاوض ووكيل وزارة حقوق الإنسان- أن السبب المباشر في توقف وتعطيل ملف الأسرى هو "رفض الحوثيين الكشف عن مصير المخفيين قسرا، أو السماح لهم بالتواصل مع أهلهم وذويهم أو زيارتهم، خصوصا السياسي البارز في حزب الإصلاح الإسلامي محمد قحطان المخفي لدى الحوثيين منذ عام 2015، والذي يمثل العقبة الحقيقية حاليا في هذا الملف". ظروف الأسرى كما أشار المتحدث باسم الحكومة إلى أن المعتقلين في سجون الحوثي يعانون أوضاعا إنسانية مأساوية، ويتعرضون لشتى أصناف التعذيب، بما يشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإخفاء القسري وسوء المعاملة، إضافة إلى الحرمان من الزيارات والرعاية الصحية، بينما هناك أكثر من 350 مختطفًا وأسيرا قتلوا في السجون تحت التعذيب. ونبّه إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين يتغير باستمرار، لكن ما يزال هناك آلاف يقبعون في سجون الحوثي وهم في زيادة مستمرة، بينهم قيادات مجتمعية وموظفون في منظمات دولية وصحفيون وسياسيون، وغيرهم من المحتجزين من فئات أخرى. وحول مستقبل هذا الملف، يرى المسؤول اليمني أنه ما لم يكن هناك ضغط دولي وإقليمي حقيقي وتغيير في آلية التفاوض تضمن إلزام الأطراف بالتزاماتهم من أجل الكشف عن المخفيين والسماح بزيارات والتواصل بين الضحايا وأهلهم وذويهم، فإن الملف سيظل رهينة الابتزاز السياسي والإعلامي والتجاذبات التي تؤثر عليه سلبا. وتتجدد تحذيرات منظمات حقوقية وإنسانية حول الأوضاع المأساوية للمختطفين والمعتقلين في أرجاء اليمن، فمن جهته يقول رئيس "منظمة سام للحقوق والحريات" توفيق الحميدي إن "الأسرى والمعتقلين في اليمن يعانون من ظروف قاسية، تشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي والاختفاء القسري". وأكد الحميدي أن جميع الأطراف المنخرطة بالصراع -الحوثيين والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي- مشتركون باحتجاز الآلاف في السجون دون كشف عن مصيرهم. وأضاف للجزيرة نت أن "هذا الأمر يفاقم معاناة المحتجزين صحيا ونفسيا، حيث إن أغلب السجون وأماكن الاحتجاز غير مؤهلة وتعاني من الاكتظاظ وسوء التغذية والنظافة، فيما تعيش عائلاتهم في قلق دائم نتيجة غياب أحبائهم وتأخر الإفراج عنهم"، وتابع "وثقنا في منظمة سام العديد من الانتهاكات بهذا الخصوص، وما تزال الانتهاكات مستمرة، بعضها يمتد إلى ما بعد الإفراج عن المحتجزين". وحول إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين، أفاد الحميدي أنه لا توجد إحصائية دقيقة بعدد المحتجزين بسبب النزاع، وقد تلعب الوساطات القبلية والعائلية دورا في الإفراج عن الكثيرين بصمت، لكن العدد الشامل لهم يتجاوز 20 ألفا منذ بداية الحرب. إعلان وحول العوائق التي تقف أمام حل هذا الملف، يرى الحميدي أن الخلافات السياسية بين الأطراف المتصارعة تشكل سببا رئيسيا لذلك "إذ تستخدم جماعة الحوثيين والحكومة اليمنية والتحالف العربي الأسرى كورقة ضغط، إلى جانب عدم الشفافية بتقديم كشوفات دقيقة بأسماء المعتقلين، مما يُعيق التقصي والتنفيذ" حسب وصفه. خذلان دولي تشدد عضو رابطة أمهات المختطفين غير الحكومية أسماء الراعي على أن ملف الأسرى والمعتقلين "إنساني بحت"، معتبرة أنه "من الواجب الأخلاقي والإنساني أن تتحلى جميع الأطراف بعدم تسييس قضية المختطفين المدنيين الذين لا ذنب لهم بالصراع الدائر". وفي تصريح للجزيرة نت، حمّلت الراعي الحوثيين المسؤولية عن سلامة المختطفين، منتقدة تجاهلهم للقوانين التي تجرّم انتهاكات الحق في الحياة، وكذا الدعوات والمناشدات المستمرة المطالبة بإطلاق سراح المحتجزين دون قيد أو شرط. كما حمّلت "الحكومة الشرعية" أيضا "مسؤولية عدم إيلاء ملف المعتقلين والأسرى الأهمية المطلوبة، حتى نستطيع أن نرى أبناءنا أحرارا وتنتهي معاناتهم" على حد قولها. وأشارت إلى وجود "خذلان حقيقي" من الجهات الدولية والأمم المتحدة لملف المحتجزين، بعدم ممارستها الضغط الحقيقي على الأطراف المعنية لتبادل القوائم وإطلاق سراح المختطفين، ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات وإنهاء عمليات الاختطاف. وأكدت على مواصلة رابطة أمهات المختطفين مناصرة قضية المعتقلين والمخفيين قسرا، والمطالبة المستمرة بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، حتى ينال الجميع حريتهم المكفولة في الدستور والقانون والشرائع السماوية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خبير عسكري: ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة يخدم إستراتيجيتها الكبرى
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن تصاعد وتيرة العمليات التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يعكس تحولا إستراتيجيا واضحا في أسلوب المواجهة، ويخدم هدفا أكبر يتمثل في منع الاحتلال من السيطرة على الأرض. وأشار حنا في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة إلى أن مشاهد استهداف الجنود الإسرائيليين في حي الشجاعية ب مدينة غزة تُظهر تنوعا في التكتيك ودقة في اختيار نوع السلاح المناسب لكل موقع، موضحا أن استخدام بندقية القنص "الغول" يعكس تكيّفا ميدانيا عاليا لدى المقاومة. وكانت كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد بثت في وقت سابق من اليوم الجمعة مشاهد جديدة من عملية نفذتها في الشجاعية، ضمن سلسلة عمليات أطلقت عليها اسم "حجارة داود"، تضمنت قنص جندي إسرائيلي وتفجير عبوات ناسفة في قوة راجلة. وأوضح العميد حنا أن الشجاعية تمثل جبهة قتال شديدة التعقيد، وقد شهدت منذ بدء الحرب أكثر من 45 عملية نوعية، من بينها اشتباكات مباشرة وعمليات استشهادية، الأمر الذي يؤكد أن السيطرة الإسرائيلية على هذا الحي ما زالت بعيدة المنال. وتابع بأن توالي هذه العمليات وفق نسق تصاعدي يشير إلى أن المقاومة تعتمد تكتيك الاستنزاف، من خلال إجبار الجيش الإسرائيلي على خوض معارك متعددة ومتزامنة في محاور مختلفة، مما يعيق تقدمه ويرهق بنيته العسكرية. إعلان وأكد أن المقاومة تخلت عن إستراتيجية التمركز، وباتت تعتمد على المناورة والكرّ والفرّ، بحيث تتخلى مؤقتا عن الأرض مقابل إبطاء التوغل الإسرائيلي، على أمل أن تفضي هذه المعادلة إلى فرص سياسية مواتية على المدى المتوسط. وأضاف أن ما يجري يعكس قدرة واضحة على استخدام "منظومة سلاح" فعالة، تتنوع بين القنص، والعبوات الناسفة، والذخائر غير المنفجرة، بما يحقق أعلى درجات التأثير في صفوف الاحتلال بأقل قدر من الموارد. ولفت إلى أن أسلوب التخطيط في هذه العمليات يتميز بالمرونة والسرعة، إذ يجري بناء الموقع، وتحديد الهدف، وتنفيذ الهجوم في وقت قياسي، مما يدل على فعالية في التقدير اللحظي واحترافية في التنفيذ. مسارات إجبارية وأشار إلى أن المقاومة تنجح أحيانا في فرض مسارات إجبارية لحركة قوات الاحتلال، كما حدث في خان يونس، حيث تم استدراج قوة إلى محور معين وزُرعت عبوات ناسفة مسبقا لتفجيرها في التوقيت الحرج. وأوضح أن لكل ساحة قتال خصوصيتها، وبالتالي تختلف تكتيكات الشجاعية عنها في بيت لاهيا أو خزاعة، مما يعكس فهما ميدانيا عميقا للبيئة القتالية ومرونة تكتيكية تمنح المقاومة قدرة أعلى على الصمود. وقال إن خطة الاحتلال تقوم على تهجير سكان الشمال وتكريس السيطرة على 75% من مساحة القطاع، وهو ما تسعى المقاومة إلى تقويضه عبر معارك استنزافية تمنع تثبيت واقع ميداني جديد في المناطق المفرغة. وأكد أن جيش الاحتلال يتحرك وفق خطوات بطيئة، كما أشار قادته، بسبب حرصه على تجنب الخسائر المباشرة، ولهذا يلجأ أحيانا إلى استخدام آليات مدنية كما حدث مع الجرافة التي ظهرت في مشاهد العملية الأخيرة. وأشار حنا إلى أن الاحتلال يسعى حاليا لتوسيع ما يسميه "المنطقة العازلة" في الشمال، وتحويل الغزيين إلى مجموعتين محاصرتين، إحداهما في محيط مدينة غزة، والأخرى جنوبا قرب المواصي، تمهيدا لتنفيذ خطة أوسع لتفكيك المقاومة.