
ماذا يريد ترامب من سد النهضة الإثيوبى؟
الاعتراف الأمريكي بأن نهر النيل مصدر للدخل والحياة في مصر ينتصر للموقف المصرى بالتوصل لاتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع
كثيرة هي التعليقات التي صاحبت تصريحات الرئيس الامريكى دونالد ترامب الأسبوع الماضى بشأن سد النهضة الإثيوبى، فمنهم من قال إنه يغازل جائزة نوبل للسلام، وأخرون يذهبون إلى كون ترامب يواصل سياسة المناكفة مع الإدارة الديمقراطية، التي اتهمها بالتسبب في أشعال فتيل الكثير من الأزمات الدولية، ومنها أزمة سد النهضة.
وايا كانت وجهة النظر بشان ما قاله ترامب، فالحقيقة أننا أمام موقف يستحق أن نتوقف أمامه ودراسته بعناية شديدة، لأنه لا يعبر عن اهواء او رغبات شخصية، وإنما عن موقف إدارة أمريكية، يقبع على قمة رأسها "ترامب" الممسك في يديه بكامل السلطة والإدارة، لذلك فإنه يعنى ما يقوله.
ولكى تكون الصورة أكثر وضوحاً، نعود إلى ما قاله ترامب.
ترامب قال في تصريحات خلال لقائه مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في البيت الأبيض: "لقد عملنا على ملف مصر مع جار قريب (إثيوبيا)، وهم جيران جيدون وأصدقاء لي، لكنهم بنوا السد وهو ما أدى إلى وقف تدفق المياه إلى نهر النيل.. أعتقد أنني لو كنت مكان مصر فسأرغب في وجود المياه في نهر النيل، نحن نعمل على حل هذه المشكلة، لكنها ستُحل. لقد بنوا واحدا من أكبر السدود في العالم، على بعد بسيط من مصر، كما تعلمون، وقد تبين أنها مشكلة كبيرة، لا أعلم، أعتقد أن الولايات المتحدة مولت السد، لا أعرف لماذا لم يحلوا المشكلة قبل بناء السد.
وتابع ترامب: "لكن من الجيد أن يكون نهر النيل فيه ماء، فهو مهم جدا كمصدر للدخل والحياة في مصر، إنه شريان الحياة لمصر وسلبه منها أمر لا يصدق، ولكننا نعتقد أن هذه المسألة ستحل قريبا جدا".
وهذه هي المرة الثانية خلال أقل من شهر تقريباً الذى يتحدث خلالها ترامب عن السد الإثيوبى، فقد سبق وتطرق إليه في منشور على حسابه بمنصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، في 21 يونيو الماضي، قائلا: "لن أحصل على جائزة نوبل للسلام للحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا، سد ضخم بنته إثيوبيا، بتمويل غبي من الولايات المتحدة، يقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى نهر النيل".
هذا ما قاله ترامب عن السد الإثيوبى، وبه الكثير من الإشارات المهمة.
أولاً، أن ترامب يدرك ومن خلفه الإدارة الأمريكية أن وجود السد الإثيوبى، ضار بمصر ومصالحها المائية.
ثانياً، أن ترامب للمرة الأول كمسئول أمريكى، يعترف بتمويل واشنطن لبناء هذا السد.
ثالثاً، ان ترامب يبدو أنه سيعود إلى الاهتمام بالسد مرة أخرى، لكن من زاوية مختلفة عن التي سار عليها في ولايته الرئاسية الأولى، والتي شهدت مراوغة إثيوبية واضحة.
الرئيس عبدالفتاح السيسي، في تعليقه على ما قاله ترامب، أعرب عن تقديره لتصريحات الرئيس الأمريكي "التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب"، مجددا دعم مصر لرؤية ترامب في إرساء السلام العادل والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة والعالم.
وقال الرئيس السيسي - في تدوينة له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك - "تثمّن مصر تصريحات الرئيس الأمريكي التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب، وتؤكد مصر ثقتها في قدرة ترامب على حل المشاكل المعقدة وإرساء السلام والاستقرار والأمن بمختلف ربوع العالم، سواء كان ذلك في أوكرانيا، أو الأراضي الفلسطينية، أو إفريقيا، وتقدر مصر حرص ترامب على التوصل لاتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد الإثيوبي، وتأكيده على ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة".
السؤال الذى قد يطرحه البعض، لماذا تحدث ترامب الآن عن السد الإثيوبى، وهل للأمر علاقة بمفاوضات الهدنة في غزة، والأطروحات الأمريكية بتهجير الفلسطينيين من القطاع، وكأن ترامب يريد مقايضة مصر باتفاق عادل للسد الإثيوبى مقابل الموافقة على مخطط التهجير؟
قد يكون هذا التصور موجوداً في أذهاب البعض، ارتباطاً بصفة ترامب المعروفة عنها، باعتباره رجل المقايضات والصفقات، لكن بنظرة أعمق من ذلك يمكن فهم لماذا تحدث ترامب الأن عن السد الإثيوبى.
ففي الولاية الرئاسية الأولى لترامب، قامت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان بتسهيل المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان خلال الفترة من 2019 إلى 2020 في محاولة من إدارة ترامب وقتها للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، وبموازاة هذا التحرك الدبلوماسي، قررت إدارة ترامب قطع نحو 100 مليون دولار من المساعدات لأديس أبابا للضغط عليها في ظل حالة الجمود في المفاوضات، ومعظم هذا التمويل كان مخصص للأمن الإقليمي وأمن الحدود والتنافس السياسي وبناء التوافق والتغذية.
ورغم التوصل إلى شبه اتفاق برعاية أمريكية، قبلته مصر والسودان، الا أن إثيوبيا تهربت من التوقيع على هذا الاتفاق، وقررت المضي في ملء السد، وهو ما دفع الخارجية الأمريكية وقتها للقول إن قرار إثيوبيا البدء في ملء السد بينما كانت المفاوضات لا تزال جارية مع مصر والسودان قد قوّض الثقة في المحادثات، ويتعارض مع التعهدات التي سبق أن قدمتها إثيوبيا.
هنا صدمت إثيوبيا ترامب وإدارته، ومع مجئ إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في فبراير 2021 خففت من هذا الموقف، وقررت فصل تعليقها لملايين الدولارات من المساعدات الأمريكية لإثيوبيا عن ملف السد.
لذلك فإن ترامب ينظر لإثيوبيا على أنها تقضت العهد معه، وأن إدارة بايدن الديمقراطية تساهلت مع أديس أبابا.
من هنا نستطيع فهم لماذا تحدث ترامب الأن عن السد الإثيوبى، ونتوقع خطوته التالية، فالواضح أن ترامب غاضب بشدة من المرواغات الإثيوبية، لدرجة أنه ظهر بلهجة متشددة، كشف من خلالها بعض من خفايا سياسات أديس أبابا.
فقد فهمت واشنطن أن الموقف المصرى لم ولن يتغير، وأن الأمن المائي يمثل قضية وجودية لمصر لا تهاون بها على الإطلاق، وأن القاهرة، رغم التعنت الإثيوبى المتكرر الا أنها أنخرطت لأكثر من 10 سنوات في مفاوضات لم تفضى إلى شيء جدى، وفى نفس الوقت لدى البيت الأبيض ملف جاهز بكل تفاصيل السد ومفاوضاته، لأنه منذ ان توقفت المفاوضات تحت الرعاية الأمريكية لم يجد جديد، لذلك فإن ترامب قد يدعو خلال الفترة المقبلة لمفاوضات أخرى تكون أكثر جدية، ولها إطار زمنى واضح، ومحددة الأطر والنقاط التي ستكون محل تفاوض، وأهمها حفظ حقوق دولتى المصب "مصر والسودان" في حقوقهما المائية، ولا أعتقد أن أديس ابابا سيكون لديها رفاهية التلاعب مع ترامب أو إدارته، لأنه على عكس الولاية الأولى، يملك الكثير من القوة والصلاحيات، وستنظر أديس أبابا لطرق التعامل الأخرى مع ترامب منذ ان عاد إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضى، لتتعلم كيف ستتعامل معه، وستصل إلى نتيجة أنها ستكون مجبرة على الدخول في مفاوضات جدية، خاصة أن امام ترامب أكثر من 3 سنوات ونصف في البيت الأبيض، عكس المفاوضات في الولاية الأولى التي جاءت في نهايتها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


دوت مصر
منذ 38 دقائق
- دوت مصر
وزارة العدل الأمريكية تشكل فريق عمل لتقييم الأدلة ضد أوباما بشأن تدخل روسي في الانتخابات
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وكالات الخميس، 24 يوليو 2025 01:30 م أعلنت وزارة العدل الأمريكية إنشاء قوة مهام خاصة للتحقق من تورط الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في تزوير بيانات استخباراتية حول "تدخل روسي" في الانتخابات الرئاسية 2016. وجاء في بيان الوزارة: "أعلنت وزارة العدل اليوم عن تشكيل فريق عمل خاص لتقييم الأدلة التي كشفتها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد". كما ستبحث الوزارة "الإجراءات القانونية المحتملة" التي يمكن اتخاذها في ضوء هذه المعلومات. وأكد البيان أن "الوزارة تتعامل بجدية بالغة مع الادعاءات باستخدام المجتمع الاستخباري كسلاح [في الصراعات السياسية الداخلية]". وفي هذا الصدد، صرحت وزيرة العدل والنائبة العامة الأمريكية بام بوندي: "سنحقق بدقة في هذه الكشوفات المقلقة ولن نغض الطرف عن أي حقائق لاستعادة العدالة". وكانت غابارد قد صرحت خلال إحاطة في البيت الأبيض يوم الأربعاء بأن أوباما يتحمل مسؤولية التلاعب ببيانات أجهزة الاستخبارات الأمريكية، لكن قرار الملاحقة الجنائية المحتملة ضد الرئيس السابق يعود لوزارة العدل. وفي سياق متصل، وصف الرئيس دونالد ترامب في 16 يوليو الاتهامات الموجهة ضده بخصوص علاقته المزعومة بإبستين بأنها "خدعة جديدة من الديمقراطيين". وفي 18 يوليو، طلب الرئيس من النائب العام الأمريكي بام بوندي الكشف عن محاضر جلسات المحاكمة في قضية إبستين، وهو ما يتطلب موافقة المحاكم في فلوريدا ونيويورك حيث كانت تجري محاكمات الممول. وكانت محكمة في فلوريدا قد رفضت بالفعل يوم الأربعاء الماضي طلب الكشف عن وثائق القضية.


خبر صح
منذ ساعة واحدة
- خبر صح
صفقات سلاح كبيرة بين الهند وإسرائيل لمواجهة باكستان وما يجري في آسيا
تستعد الهند وإسرائيل لإبرام صفقة عسكرية ضخمة تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشراكة الأمنية المتنامية بين البلدين، خاصة في ظل تصاعد التوترات في جنوب آسيا، بعد الاشتباكات الجوية الأخيرة بين الهند وباكستان قبل شهرين. صفقات سلاح كبيرة بين الهند وإسرائيل لمواجهة باكستان وما يجري في آسيا مقال مقترح: ترامب يتهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' هل هو تصعيد أم عسكرة؟ مستوى الثقة الاستراتيجية بين تل أبيب ونيودلهي وفقًا لموقع 'واللا' الإسرائيلي ومصادر أخرى، ستركز الصفقة على نقل تقنيات عسكرية متطورة، بعضها قد استخدمته إسرائيل في عملياتها ضد إيران، مما يعكس مستوى الثقة الاستراتيجية المتزايد بين تل أبيب ونيودلهي. من أبرز بنود الصفقة هو حصول الهند على نظام الحرب الإلكترونية 'سكوربيوس'، الذي تنتجه شركة 'إلتا' التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية، حيث يتميز هذا النظام بقدرته على تعطيل أنظمة العدو وتأمين ممرات آمنة للطائرات الهجومية أثناء تنفيذ الغارات وعودتها إلى قواعدها. كما أبدت الهند اهتمامًا كبيرًا بصاروخ 'سكاي ستينغ'، وهو صاروخ جو-جو بعيد المدى من الجيل السادس، بمدى يصل إلى 250 كم، مزود بأجهزة استشعار دقيقة قادرة على التقاط الترددات الراديوية، ويتميز بقدرة عالية على مقاومة التشويش الإلكتروني، ويُعتبر عرض هذا الصاروخ للهند خطوة غير مسبوقة، إذ لم يُطرح سابقًا للعملاء الأجانب. خسائر فادحة تسعى الهند أيضًا للحصول على صواريخ باليستية تُطلق من الجو، من إنتاج شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، ويُعتقد أنها من طراز 'Air LORA' أو 'Rampage'، المعروفة بسرعتها العالية وقدرتها على الإفلات من أنظمة الاعتراض، وتشير التقارير إلى أن هذه الصواريخ استُخدمت في ضربات دقيقة ضد أهداف إيرانية، بينما تعتبرها الهند وسيلة لضرب القواعد الجوية الباكستانية من مسافات آمنة، بمدى يصل إلى 400 كم. مقال له علاقة: تدريبات إيرانية تثير القلق في الأجواء النووية بأصفهان يأتي هذا التوجه الهندي بعد خسائر فادحة لسلاحها الجوي، حيث أعلنت باكستان إسقاط خمس مقاتلات هندية، من بينها ثلاث طائرات 'رافال' فرنسية الصنع، في هجمات نُسبت لطائرات صينية من طراز J-10C، استخدمت صواريخ جو-جو موجهة بالرادار بمدى يصل إلى 150 كم. دفعت هذه الخسائر الجيش الهندي إلى مراجعة شاملة لقدراته الجوية، حيث أظهرت التقييمات الحاجة العاجلة لتعزيز مجالين رئيسيين: الحرب الإلكترونية والقتال بعيد المدى، وهو ما تسعى إسرائيل لتوفيره عبر هذه الصفقة، التي قد تُعتبر من أبرز صفقات التسليح الإسرائيلية في آسيا خلال السنوات الأخيرة.


فيتو
منذ ساعة واحدة
- فيتو
انتشال جنين من رحم والدته بعد استشهادها في قصف للاحتلال خيمة نازحين بخان يونس (فيديو)
تداولت وسائل إعلام فلسطينية فيديو لانتشال جنين من رحم والدته بعد استشهادها في قصف الاحتلال خيمة نازحين في منطقة المواصي بـ خان يونس. استُشهدت والدته.. انتشال جنين من رحم الشابة سعاد الشاعر (30 عامًا) بعد استشهادها في قصف الاحتلال خيمة نازحين في منطقة المواصي بخانيونس — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) July 27, 2025 وقالت وسائل الإعلام إن والدة الطفل الشابة سعاد الشاعر (30 عامًا) استشهدت فى قصف للاحتلال خيمة نازحين بخان يونس. وأفادت بأن 25 فلسطينيا استشهدوا بالإضافة إلى عشرات المفقودين والجرحى جراء قصف الاحتلال لمنازل في خان يونس جنوب قطاع غزة، مضيفة بأن طائرات الاحتلال تشن أحزمة نارية شرق غزة. إدارة ترامب ملتزمة بإنهاء المذبحة في غزة وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قد قالت لفوكس نيوز: إدارة ترامب ملتزمة بإنهاء المذبحة في غزة وشعرنا جميعا بالفزع مما نراه في غزة. وزعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده قدمت 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد. ترامب: قدمنا أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد وقال ترامب إن على حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم، وعلى إسرائيل اتخاذ قرار بشأن غزة. وأضاف: لا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة وتحدثت مع نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى القطاع وأمور أخرى. وتابع سنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد ولا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.