
محاكمة نورمبيرغ 1945… بيروت 2025؟
محاكمة نورمبيرغ (Nuremberg Trials) كانت سلسلة من المحاكمات العسكرية الدولية التي عُقدت بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة كبار القادة النازيين على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. جرت المحاكمات في مدينة نورمبيرغ الألمانية بين عامي 1945 و 1949، واشتهرت بشكل خاص بالمحاكمة الأولى (المعروفة باسم "محاكمة القادة الكبار")، والتي نظّمها الحلفاء المنتصرون (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي، بريطانيا، وفرنسا).
الخلفية التاريخية لهذه المحاكمة هي حصولها بعد سقوط ألمانيا النازية في التاسع من أيّار 1945 حيث قرر الحلفاء محاسبة المسؤولين عن الفظائع التي ارتُكبت خلال الحرب، خاصة الهولوكوست وغزو الدول الأوروبية، اختيرت نورمبيرغ لرمزيتها، حيث كانت موقع التجمعات النازية السنوية، ومهد قوانين نورمبيرغ العنصرية (1935) التي حرمت اليهود من حقوقهم.
حصلت المحاكمة عبر المحكمة العسكرية الدولية (IMT) التي تأسست بموجب اتفاقية لندن في آب 1945، ووقّعت عليها الدول الأربع الحليفة حيث ركّزت على أربع تهم رئيسية:
1- التآمر لشن حرب عدوانية.
2- جرائم ضد السلام (تخطيط وحشـد الحرب).
3- جرائم حرب (انتهاك قوانين الحرب).
4- جرائم ضد الإنسانية (إبادة جماعية، تعذيب، استعباد).
المتهمون: شملت المحاكمة الأولى 24 من كبار المسؤولين النازيين، منهم: هيرمان غورينغ، رئيس سلاح الجَوّ (Luftwaffe)؛ رودولف هيس،(نائب هتلر)؛ يواكيم فون ريبنتروب (وزير الخارجية)؛ ألبرت شبير، (وزير التسلح).
أبرز الغياب أدولف هتلر، هاينريش هيملر، (رئيس الوحدات النازية الخاصة) ويوزف غوبلز (وزير الدعاية) الذين انتحروا قبل المحاكمة.
- المحاكمة الأولى (1945-1946) وفي التفاصيل:
بدأت المحاكمة في 20 تشرين الثاني 1945 وانتهت في الأوّل من تشرين الأوّل 1946 حيث قدّمت أدلة دامغة من وثائق نازية سرية، أفلام عن معسكرات الاعتقال، وشهادات ناجين من الهولوكوست.
شهدت المحاكمة العلنية استخدام الترجمة الفورية لأول مرة في التاريخ القضائي.
من أهم نتائج هذه المحاكمة صدور 12 حكماً بالإعدام (نُفّذ بحق 10، بينما انتحر غورينغ قبل الإعدام، وحُكم على مارتن بورمان غيابياً و هو رئيس المستشارية النازية)؛ 3 أحكام بالسجن المؤبد لرودلف هيس نائب هتلر وفالتر فونك وزير الاقتصاد وحاكم المركزي وإريش رايدر قائد البحرية؛ 4 أحكام بالسجن لمدد مختلفة منها ألبرت شبير وزير التسلح الذي حُكِم 20 عاماً وبالدور فون شيراخ قائد شباب هتلر الذي نال أيضاً 20 عاماً وكونستانتين فون نيوارت وزير الخارجية وكان حكمه 15 سنة وكارل دونيتز قائد البحرية الذي كان حكمه 10 سنوات؛ 3 أحكام براءة: هانز فريتشه رئيس قسم الراديو، هاليمار شاخت وزير الاقتصاد، فرانز فون بابن نائب المستشار.
تتابعت المحاكمات اللاحقة بين 1946 و 1949 حيث عُقدت 12 محاكمة أخرى تحت مُسَمى "محاكمات نورمبيرغ التابعة" (Subsequent Nuremberg Trials)، بإشراف أميركي، وركزت على فئات مثل الأطباء (بتهم تجارب بشرية غير أخلاقية)؛ القضاة (بتهم تزوير القانون لدعم النازية)؛ قادة الوحدات العسكرية (مثل Einsatzgruppen)؛ والصناعيين (مثل شركة IG Farben التي استخدمت عمالة السخرة).
نتج عن هذه المحاكمات "إرث القانوني" تَضمَّن مبادئ نورمبيرغ التي أقرّت أن الأفراد مسؤولون عن أفعالهم حتى لو كانت بأوامر حكومية ناهيك عن أنها أسست مفاهيم قانونية جديدة في وقتها مثل "الجريمة ضد الإنسانية" و"الإبادة الجماعية".
أمّا عن تأثيرها على القانون الدولي فهيَ مهَّدت الطريق لمحكمة الجنايات الدولية (ICC) ومحاكمات أخرى (مثل محكمة طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب اليابانيين).
كان لهذه المحاكمة بعض الانتقادات التي لم تقدّم أو تؤخّر أهمّها "عدالة المنتصرين" و هيَ اتهامات بأن الحلفاء تجاهلوا جرائمهم (مثل قصف دريسدن أو استخدام القنبلة الذرية)؛ "غياب الحياد" حيث كان جميع القضاة من الحلفاء فقط، دون تمثيل محايد؛ و"القوانين بأثر رجعي" حيث أنّ بعض التهم (مثل "جرائم ضد السلام") لم تكن مُجَرَّمة قبل 1945.
محاكمات نورمبيرغ كانت نقطة تحَوّل في التاريخ القانوني، حيث رسَّخت مبدأ المساءلة الفردية عن الجرائم الدُوَلية، وأصبحت مرجعاً لقضايا حقوق الإنسان حتى اليوم…
ماذا ينقص بيروت "أم الشرائع" ومسقط رأس أوّل مدرسة قانون في العالم كي تكون السباقة بمحاكمة العصر بعد حقبة حروب حيث تقرر السلطة التي يأمل فيها الشعب محاسبة المسؤولين عن الفظائع التي حلّت بالشعب اللبناني وما أكثرها، ولعل أهمها سرقة أموال المودعين وجريمة مرفأ بيروت وجرائم ضد السلام وضد الإنسانية شنّها البعض خلافاً للقوانين والأخلاق في لبنان وخارج حدوده، من دون أن ننسى مخالفات سياسيّة جمّة لمسؤولين، منها مخالفات ميشال عون للدستور وخرقه للمادة 60 منه ومخالفات قضائية كإقرار غادة عون حفظها ملفات في الجوارير وممارساتها غير القانونية في قضايا عدّة وتحريض الوزير مرتضى على القتل والإرهاب بعد محاولة سلمان رشدي التي نفذها اللبناني هادي مطر (آب 2020) وذلك من خلال تأييده الإقدام على ارتكاب جريمة قتل بحق إنسان بريء لمجرّد صدور فتوى بإهدار دمّه من قِبل الخميني عام 1989 ولا بد من محاكمة جريمة توريط لبنان في حرب بدون الرجوع إلى قرار الدولة في تموز 2006 وفي تشرين 2023 ولمدة أكثر من 13 شهراً حيث تهجّر الملايين وخسر لبنان آلاف الوحدات السكنية واحتُلَّ جزء كبير من أراضيه بجانب أضرار ماديّة بمليارات الدولارات والمطالبة بتحميل هذه الأعباء على الجهة المسبّبة لا على الشعب الرازح تحت نير الفقر بسبب تجاوزات هذه الجهات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 13 ساعات
- الشرق الجزائرية
تبدّل الموقف الدَّوْليّ تجاه إسرائيل وأثره على الحرب على غزة؟
المحامي أسامة العرب في ظل التطورات المتسارعة في الساحة الفلسطينية، وتصاعد حدّة العمليات العسكرية في قطاع غزة التي تجاوزت 19 شهراً منذ اندلاعها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يطرح المشهد سؤالاً محورياً: هل ستتراجع الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن دعم إسرائيل الاستراتيجي؟ يبدو أن العنوان الكبير لهذه المرحلة الجديدة هو 'شرطية الدعم'، إذ لم يعد الدعم الأميركي التقليدي غير مشروط، فيما تتحرك عواصم غربية كبرى باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين في مسعى للضغط على تل أبيب لإعادة توجيه سياساتها. السياق التاريخي للعلاقة الأمريكية–الإسرائيلية إن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب تستند إلى أطر استراتيجية واقتصادية عميقة، بدأتها منذ حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتوطدت بشكل خاص بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر عام 1979. وقد وصل الدعم العسكري ذروته عبر اتفاقات سنوية تضمن لإسرائيل مساعدات تصل إلى نحو 3.8 مليارات دولار سنوياً، بالإضافة إلى نظام ضمان القروض والتكنولوجيا المتقدمة. ومع ذلك، شهدت العلاقة أحياناً توتراً ذو طابع أخلاقي وسياسي، خاصة إبان رئاسة باراك أوباما الذي حذر من بناء المستوطنات، ولاحقًا إبان رئاسة جو بايدن التي قلّدت إدارته التحذيرات نفسها إزاء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. واشنطن بوست وتحذيرات إدارة ترامب وفقاً لتقارير صحيفة 'واشنطن بوست'، أبلغت إدارة الرئيس دونالد ترامب كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن استمرار العمليات العسكرية في غزة—وخاصة توسع رقعة الأعمال القتالية واستدعاء نحو آلاف الجنود من الاحتياط—قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم دعمها التقليدي، وإذا اقتضت الضرورة، تقليصه أو فرض 'قيود' على استخدام الأسلحة الأميركية في عمليات القصف وتصعيد الضغط السياسي والدبلوماسي على الحكومة الإسرائيلية. معضلة نتنياهو السياسية يمتلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غالبية برلمانية مدعومة بأحزاب يمينية متطرّفة تطالب بـ'هزيمة حماس' بكافة الوسائل. وفي مقابل ذلك، يقف أمامها تيار أقل تشدداً ينادي بضرورة إنهاء الصراع وفتح ممرات إنسانية، ولكنه ضعف ما بين ضغوط التحالف السياسي وحسابات الانتخابات المقبلة، وتنسجم خطوته في استئناف المساعدات إلى غزة—بشكل شكلي—مع استراتيجيات تفاوضية تُستخدم كورقة بيد تل أبيب لكسب مزيد من الدعم الأميركي والحيلولة دون فرض قيود عملية على استخدام الأسلحة. الداخل الأميركي: بين الحماسة والتذمّر على الرغم من تحالف الحزبين الأميركيين مع إسرائيل تاريخياً، تظهر اليوم اختلافات ملحوظة داخل المؤسسات السياسية. ففي الكونغرس، رغم تأييد غالبية الجمهوريين لإسرائيل بلا تردد، يضغط حزب الديمقراطيين على إدارة ترامب لاتخاذ موقف أكثر حزماً إزاء الانتهاكات الإنسانية. وثمة تحذيرات من أعضاء بارزين كالسيناتور بيرني ساندرز الذي حذر من مخاطر 'فقدان المصداقية الأميركية' إذا استمرّت إسرائيل في تجاهل القانون الدولي. التحرك الأوروبي نحو الاعتراف بفلسطين في خطوة غير مسبوقة، أعلنت فرنسا والمملكة المتحدة وكندا نيّتها الاعتراف بدولة فلسطين بشكل متزامن، كأحد أدوات الضغط الدبلوماسي على إسرائيل. وأوضح رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو خلال جلسة في الجمعية الوطنية أن 'هذا التحرك قد بدأ ولن يتوقف'، واعتبر أن الاعتراف الجماعي يرسل رسالة واضحة عن رفض الانتهاكات الإنسانية في غزة، مع التشديد على أن جذور الأزمة تعود إلى قرار 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي وصفه بـ'المذبحة'. انعكاسات الاعتراف على المشهد السياسي إن الاعتراف الأوروبي المشترك بفلسطين يحمل بعدين: الأول داخلي يتعلق بالحساسيات السياسية في كل دولة—ففي بريطانيا، تقدر استطلاعات الرأي العام تأييداً متزايداً لحقوق الفلسطينيين؛ وفي كندا، تخشى الحكومة المحافظة، من فقدان قاعدة ناخبة تساند حل الدولتين. أما البعد الثاني فهو عقلاني، إذ يُعزز موقف الدول الثلاث في مواجهة إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي، ويحفز دولاً أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا للانضمام إلى المبادرة. التداعيات الإنسانية والقانونية على وقع هذا التصعيد الإنساني، تصاعدت الدعوات أمام محكمة الجنايات الدولية لاستكمال التحقيق في جرائم الحرب. وقد نشر تقرير للأمم المتحدة يُشير إلى أن إطالة الحرب أسفرت عن آلاف القتلى المدنيين وتشريد مئات الآلاف. وفي واشنطن، يُتداول فرض قيود على شحنات الذخائر التي تستخدم في القصف الجوي والبحري، ما يعني تخفيضاً فعلياً في قدرة إسرائيل على تنفيذ عملياتها العسكرية بوتيرة متسارعة. توازنات جيوسياسية جديدة بينما تواجه إسرائيل احتمالاً متزايداً لشرطية الدعم الأميركي—التي قد تشمل مراجعة استخدام القروض العسكرية أو حتى إيقاف بعض المشاريع المشتركة—تعيد تل أبيب ترتيب أوراقها بالتركيز على سائر حلفائها، سعياً لكسر العزلة الدولية وفتح قنوات تفاوضية جديدة حول الأسرى والمعابر والعودة إلى طاولة التفاوض. يتبدّى أن الدعم الأميركي–الأوروبي لإسرائيل، وإن كان يستند إلى تحالف استراتيجي طويل الأمد، أصبح اليوم يخضع لشروط غير مسبوقة من حيث نتائج العمليات العسكرية على المدنيين في غزة. وبين تحذيرات واشنطن، ومبادرة الاعتراف الأوروبي الجماعي بدولة فلسطين، يناور نتنياهو لضمان الحد الأدنى من الدعم ولتفادي عزلة دولية قد تضعف قدرته على الاستمرار في سياساته الحالية. ويبقى السؤال قائماً: هل ستنجح إسرائيل في إعادة توازن علاقتها مع الحلفاء التقليديين عبر تلطيف إجراءاتها العسكرية، أم أن الضغوط الدولية ستؤدي إلى إعادة تشكيل خريطة التحالفات لصالح حل سياسي يضمن إنهاء الصراع واستقرار المنطقة؟ الأيام القليلة المقبلة قد تحمل إجابات حاسمة، لكنها بالتأكيد ستبقى مرحلة اختبار حقيقية لشرطية الدعم وتأثيرها على استراتيجيات تل أبيب.


ليبانون 24
منذ 18 ساعات
- ليبانون 24
بالصور.. مسيرات تحمل علم روسيا في بيروت احتفالا بذكرى الانتصار
شهد لبنان سلسلة من الفعاليات الثقافية والرمزية بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية، شارك فيها أبناء الجالية الروسية إلى جانب لبنانيين. وجابت موكب سيارات مزينة بالأعلام الروسية واللبنانية شوارع بيروت ، في رسالة رمزية ضد الفاشية، تبعتها مسيرة "الفوج الخالد"، حيث حمل المشاركون صور أقاربهم الذين قاتلوا في الحرب. الطرقات زُينت بـلوحات جدارية تضمنت صورًا تاريخية لجنود الجيش الأحمر واقتباسات بالعربية والروسية، في تجسيد بصري لذاكرة الانتصار.

القناة الثالثة والعشرون
منذ يوم واحد
- القناة الثالثة والعشرون
عن تأثير حوار بوتين - ترامب على أوكرانيا.. تقرير لـ"The Spectator" يكشف
ذكرت صحيفة "The Spectator" البريطانية أن "هذا السؤال: "انظر، هل أنت جاد؟ هل أنت صادق بشأن هذا؟"، وفقًا لنائب الرئيس الأميركي جيه. دي. فانس، كان جوهر المكالمة الهاتفية التي جرت أمس بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. ما قصده فانس هو التساؤل عما إذا كان بوتين جادًا بشأن السلام. لكن قلب السؤال رأسًا على عقب سيكون أكثر وضوحًا: هل بوتين جاد بشأن كسب الحرب؟ بالتأكيد. هل هو صادق بشأن مواصلة القتال حتى يحقق هدفه في إخضاع أوكرانيا؟ نعم أيضًا، وبكل تأكيد. وهناك طريقة أخرى لقلب السؤال: هل ترامب جادٌّ في الضغط على روسيا لإنهاء الحرب؟ ويبدو أن الإجابة على ذلك، للأسف بالنسبة للأوكرانيين، سلبيةٌ للغاية". وبحسب الصحيفة، "كان أوضح دليل على أن المكالمة الهاتفية التي استمرت ساعتين لم تسر على ما يرام بالنسبة لكييف هو اعتراف بوتين نفسه بأن عملية السلام "تسير على الطريق الصحيح عمومًا"، وفقًا لبيان نشرته وكالة ريا نوفوستي. ووصف الكرملين المحادثة بأنها "غنية بالمعلومات ومفيدة للغاية"، لكن على روسيا وأوكرانيا الاتفاق على "حلول وسط تناسب كلا الجانبين". وفي الواقع، أي شيء يُرضي بوتين هو، بالضرورة، خبر سيئ لآمال أوكرانيا في إنهاء الحرب مع الحفاظ على استقلالها السياسي. وأعرب ترامب أيضًا عن سعادته بالمكالمة. وغرّد على مواقع التواصل الاجتماعي قائلًا: "أعتقد أنها سارت على ما يرام. ستبدأ روسيا وأوكرانيا فورًا مفاوضاتٍ نحو وقف إطلاق النار، والأهم من ذلك، إنهاء الحرب... كانت نبرة وروح المحادثة ممتازتين". ومع ذلك، وفي تفصيلٍ بالغ الأهمية سيُثير قلق كييف، أصرّ ترامب أيضًا على أن التفاصيل "سيتم التفاوض عليها بين الطرفين... لأنهما يعرفان تفاصيل مفاوضاتٍ لا يعلمها أحدٌ سواهما"." وتابعت الصحيفة، "صاغ ترامب إعلانه كدعوة متفائلة لبدء محادثات السلام، وذكر قائمة طويلة من القادة الأوروبيين والبابا الجديد لاوون الرابع عشر الذين "أبلغهم" بدعوته. لكن مع إشارة ترامب إلى استعداده لتسليم المحادثات إلى موسكو وكييف، سيسمع الكثير من الأوكرانيين أن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بلعب دور فاعل، ناهيك عن ممارسة ضغوط جدية لإجبار بوتين على تقديم تنازلات. يتضح بشكل متزايد أن ما يريده بوتين ليس السيطرة على الأراضي، بل السيطرة السياسية على مستقبل أوكرانيا الاستراتيجي. وهذا هو معنى مطالب الكرملين بمعالجة "الأسباب الجذرية" للصراع. وكما أوضح مفاوض بوتين في المحادثات الأخيرة في إسطنبول، فإن هذا يعني عملياً تنفيذ أمرين رئيسيين". وأضافت الصحيفة، "الأول هو "نزع السلاح"، أي فرض قيود على حجم القوات المسلحة الأوكرانية وحدود انتشار القوات الأجنبية هناك. أما الثاني فهو "نزع النازية"، أي ضمان حقوق الناطقين بالروسية وعكس مسار حملة نزع الطابع السوفيتي عن أسماء الشوارع وذاكرة الحرب العالمية الثانية. أو كما قال بوتين نفسه في فيلم وثائقي تلفزيوني طويل تم إنتاجه تزامنا مع الذكرى الثمانين ليوم النصر الأسبوع الماضي، فإن هدف "عمليته العسكرية الخاصة" كان "القضاء على الأسباب الجذرية لهذه الأزمة"، و"ضمان أمن الدولة الروسية" و"حماية مصالح شعبنا"، سواء في الأراضي المحتلة أو داخل أوكرانيا. والأمر الأكثر إثارةً للرعب هو أن بوتين تعهد بأن روسيا لديها "القوة والموارد الكافية لإنهاء ما بدأ عام 1922، أي ترسيم حدود أوكرانيا السوفيتية التي رسمها فلاديمير لينين، والتي لا تزال تُمثل الحدود الدولية لأوكرانيا الحديثة حتى اليوم". وبحسب الصحيفة، "إن تحول بوتين من المطالب الإقليمية إلى المطالب السياسية يجعل حوار ترامب-بوتين خطيرًا للغاية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وتخشى كييف من أن يقتنع ترامب بخطط السلام المُعدّة مع موسكو، ويحاول فرضها على أوكرانيا كوسيلة للتوصل إلى اتفاق بأي وسيلة ممكنة. في الواقع، أشارت إدارة ترامب بوضوح تام إلى حرصها على إنهاء المحادثات في أسرع وقت ممكن. إن انسحاب واشنطن نتيجةٌ تُرضي بوتين تمامًا، لا سيما بعد اقتناعه بأن حلفاء أوكرانيا الرئيسيين الآخرين، الأوروبيين، غير جادّين وغير مسؤولين. وقد عززت هذه الفكرة الجولات الأخيرة من الوعود الأوروبية الفارغة بتصعيد العقوبات في محاولةٍ يائسة لإجبار الكرملين على وقف إطلاق النار. علاوة على ذلك، فإن بوتين مقتنع ليس فقط بأن التهديدات بفرض عقوبات جديدة مجرد هراء، بل أيضًا بأن الحرب على الأرض تسير في صالحه". وختمت الصحيفة، "في الوقت عينه، ثمة مؤشرات على أن بوتين يُعِدّ حشدًا كبيرًا للقوات في دونباس استعدادًا لهجوم صيفي. لذا، حتى لو تحققت دعوة ترامب، واجتمع مفاوضو الكرملين مع نظرائهم الأوكرانيين لإجراء محادثات منهجية، فسيكون العمل "شاقًا وطويلًا"، كما وصفه السكرتير الصحفي لبوتين، ديمتري بيسكوف. لكن في هذه الأثناء، سيواصل بوتين قصف مدن أوكرانيا ومواصلة العمل في دونباس، بينما تتنصل الولايات المتحدة من المسؤولية عن كل هذه الفوضى". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News