اتفاق إمبراطوريتين آفلة وتالية
* بين تحالفات غربية لحفظ الوجه وشراكات شرقية لعهد جديد
بين إمبراطوريتين إحداهما أفلت والثانية وصلت إلى أعلى ممّا وصلت إليه سابقتها قبل الأفول، جاء الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا ليشكِّل إرهاصات مشهد النظام الاقتصادي العالمي الجديد، الذي على ما يبدو سيتكوَّن من تكتُّلات ثنائية وأخرى صغيرة، اعتماداً على مصالح مشتركة. الاتفاق الأمريكي البريطاني، الذي أُعلِن عنه، شمل خفضاً جزئياً للرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات البريطانية، مقابل فتح السوق البريطانية أمام منتجات زراعية أمريكية مثل لحوم البقر والإيثانول، إضافة إلى شراء طائرات من شركة بوينغ. والحقيقة أنَّ ذلك كله يعني كندا أكثر ممّا يعني الصين، فمعظم تلك المستهلكات الأمريكية تأتي من كندا، وإن كان للسيارات الكهربائية حصة أكبر في حالة الصين. وقد استقبلت الأسواق هذا الاتفاق بترحيب ملحوظ، رغم اعتباره اتفاقاً لحفظ ماء الوجه من قِبَل البعض، وجاء الترحيب حين قفز مؤشر «داو جونز» إلى أكثر من 250 نقطة، ما يعكس التفاؤل بتهدئة النزاعات التجارية.
بيد أنَّ السياسة الترامبية هنا تبدو وكأنها تتحدث عن الصين، ولكنها تقصد كندا، والاقتصاد الكندي، سعياً وراء تحقيق الهدف الضمني بالاستيلاء على الاقتصاد الكندي. وفي المشهد المقابل، طفقت الصين وروسيا إلى التعاون والتعاضد في شكل يظهرهما محاكاة لمحور اقتصادي موازٍ أبعاده السياسية لا تخفى على أحد، إلا أنَّ البعد الاقتصادي حاضرٌ بقوة. ورغم أنَّ هذا التحالف ليس رداً مباشراً على الاتفاق الأمريكي البريطاني، فإنه يأتي في سياق استراتيجي يعكس توجُّه بكين وموسكو نحو مواجهة الضغوط الغربية عبر تكتلات اقتصادية موازية، ولعلَّ مجموعة بريكس وتطوُّراتها الاقتصادية، والنقدية، وخاصة في مجال فرض ألية وأدوات للتسويات المالية بعيداً عن الدولار تدعم ذلك وتعزِّزه.
كلُّ هذه التطوُّرات تشير إلى أننا أمام تحوُّل هيكلي ونوعي في بنية النظام التجاري والمالي العالمي. فنظام التجارة الحرة الذي أفرزته جولات الجات الثماني على مدى ما يقرب من خمسة عقود من جنيف 1947 إلى الأرغواي 1994، وما نجم عنها من ولادة عسيرة لمنظمة تجارة عالمية WTO، وتحرير للتجارة الدولية بات في مهب الريح، وبات النموذج الأكثر تطبيقاً هو النزوع نحو الاتفاقات الثنائية، والإقليمية، ونحو عالم من التكتلات الاقتصادية المحورية الجديدة.
وقد ينجم عن ذلك كله انقسامٌ عالميٌّ في قواعد التجارة، ما بين منظومة غربية تقودها واشنطن وحلفاء لها، ومنظومة شرقية تتشكَّل تدريجياً بقيادة بكين وموسكو، وقد تكون مظلة بريكس هي من سيفرز الكتلة الشرقية ويرعاها. في المحصلة، نحن اليوم أمام ارهاصات تشكيل جديد لموازين القوى العالمية، أهم سماتها التفاهمات الاقتصادية المعبّرة عنها بالمصالح الثنائية والإقليمية.
ولعلَّ الاتفاق الأمريكي البريطاني هو شكل من أشكال الديناميات الجيوسياسية الكبرى القادمة، في حين سيشكّل التحالف الروسي الصيني بداية تعزيز تشكُّل كتلة اقتصادية جديدة، نواتها البريكس، كلُّ ذلك لا بدَّ أن يُفرِز تحوُّلاً طويل الأمد في ملامح العولمة، بمكوِّناتها الجيوسياسية، والاقتصادية، والتكنولوجية، بل والاجتماعية أيضاً.
* أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة/ كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ 6 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
مصادر تكشف مفاجأة بشأن تواصل إدارة ترامب مع قطر بخصوص الطائرة 'الهدية'
#سواليف كشفت مصادر لشبكة CNN، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب تواصلت مع #قطر أولا للاستفسار عن شراء #طائرة بوينغ 747 يمكن أن يستخدمها ترامب كطائرة رئاسية. وهذا يتناقض مع رواية ترامب بأن قطر تواصلت معه وعرضت عليه الطائرة كـ' #هدية '. وقالت المصادر إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تواصلت مع شركة #بوينغ بعد تولي ترامب منصبه في يناير، وأبلغت بأن الشركة لن تتمكن من تسليم الطائرات الجديدة المخصصة للرئاسة قبل مرور عامين آخرين على الأقل. ووفقا لما نقله مسؤول كبير في البيت الأبيض لشبكة CNN، فإنه مع رغبة إدارة ترامب في الحصول على طائرة بديلة بشكل أسرع، بدأ سلاح الجو الأمريكي بالبحث عن خيارات بديلة، في وقت كلف فيه ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بإعداد قائمة بالطائرات المحتملة التي يمكن استخدامها. وبعد التواصل الأولي بين وزارة الدفاع الأمريكية وشركة 'بوينغ'، زودت الشركة مسؤولي البنتاغون بقائمة من العملاء الدوليين الذين يمتلكون طائرات يمكن أن تستخدم مؤقتا، بحسب ما أكده ثلاثة من المصادر المطلعة على الأمر. وقال أحد المصادر إن قطر كانت من بين العملاء المدرجين، وإن #البنتاغون عرض شراء الطائرة، وأبدت قطر استعدادها لبيعها. وأضاف مصدر ثالث أن البنتاغون بدأ النقاش مع قطر بعد دعم البيت الأبيض للفكرة، وأن ويتكوف ساعد في تسهيل المحادثات الأولية، حسب ما نقله مسؤول في البيت الأبيض. وأشار المصدر نفسه إلى أن المناقشات بدأت باستكشاف خيار استئجار الطائرة وليس شرائها مباشرة. لكن ترامب قدم القصة للرأي العام بصورة مغايرة، حيث وصف الصفقة مرارا بأنها 'لفتة' من العائلة المالكة القطرية، وكتب على منصته 'تروث سوشيال' أن الطائرة 'هدية مجانية'. وقال إنها ستكون طائرة رئاسية بديلة مؤقتة، وسيتم تخصيصها لاحقا لمكتبته الرئاسية، نافيا أنه سيستخدمها للسفر. وفي فبراير، قام ترامب بجولة في الطائرة القطرية برفقة عدد من مساعديه، حين كانت متوقفة في مطار بالم بيتش بولاية فلوريدا، بالقرب من منتجع 'مار إيه لاغو' الذي يملكه ترامب. ووفقا لمصادر CNN، فقد أثنى ترامب على فخامة الطائرة أمام من كانوا حوله. ولا تزال الصفقة قيد المراجعة القانونية، إذ أفاد أربعة أشخاص مطلعين على النقاشات بأن المحامين من الجانبين يدرسون التفاصيل حتى اللحظة. وقال أحد المصادر إن 'الأمر لا يزال في أيدي الفرق القانونية منذ أول تواصل مع قطر، ولم يُتخذ أي قرار حتى الآن'. وتقدر تقارير إعلامية قيمة الطائرة بحوالي 400 مليون دولار، إلا أن مصدرين أشارا إلى أن قيمتها قد تراجعت. ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عملية النقل المحتملة بأنها 'تبرع لبلدنا'، مشيرة إلى أن العائلة المالكة القطرية 'عرضت التبرع بهذه الطائرة لسلاح الجو الأمريكي، وسيتم قبولها بما يتوافق مع جميع الالتزامات القانونية والأخلاقية'.


Amman Xchange
منذ 10 ساعات
- Amman Xchange
ارتفاع أسعار الأراضي
عمون حال الأراضي في الأردن يحاكي منذ أعوام حالة بورصة عمان من حيث الركود وغياب السيولة وتدني نشاط البيع والشراء. وبعد أن ارتفعت أسعار العقارات في الأردن بالضعف ما بين الأعوام 2005 و2012، بدأ النشاط يتباطأ تدريجيا، وصولا إلى انخفاض الأسعار ب 6 % ما بين الأعوام 2016 و2021. وعلى الرغم من توقف إحصائيات البنك المركزي لمؤشر أسعار الأصول العقارية عند نهاية العام 2021، إلا أن الانطباع العام يوحي بأن السوق لم يشهد تحسنا ملموسا منذ ذلك الحين. هل آن الأوان لأسعار الأراضي أن تتخذ مسارا صحيا تصاعديا من جديد؟ نظريا، جميع العوامل المطلوبة لمثل هذا المسار موجودة. وهنا نتحدث عن أسعار فوائد تتراجع، وتوقعات تضخم لا تزال مرتفعة بعد موجة ارتفاع الأسعار عالميا في 2022 و2023، وهذه عوامل تدفع نحو الأصول والملاذات الحافظة للقيمة مثل الأراضي. ولا يمكن كذلك تجاهل ما شهدته الأسواق المجاورة من ارتفاعات حادة في أسعار العقار، والملاذات الآمنة مثل الذهب من ارتفاعات قياسية غير مسبوقة، مما يعني أن القيمة النسبية لأراضي الأردن انخفضت أكثر بكثير من قيمتها الإسمية. ولو افترضنا أن الأراضي مقومة بالذهب بدلا من الدينار الأردني أو الدولار الأمريكي، تكون أسعار الأراضي في الأردن قد انخفضت ب 62% ما بين العام 2016 والعام 2025. أي أن قطعة أرض قيمتها مليون دينار عام 2016 كانت تساوي 800 أونصة ذهب، بينما تساوي اليوم 300 أونصة ذهب فقط. ولا ننسى المعطيات الجديدة بشأن رفع العقوبات على سوريا، وما قد يعنيه ذلك من رغبة مئات وربما آلاف السوريين والمستثمرين بشراء عقارات في المملكة كنقطة انطلاق أصيلة ومحطة بديلة، خصوصا مع القرب الجغرافي وانخفاض أسعار العقار في المملكة مقارنة بدول الجوار. المشاريع الكبرى التي تخطط الحكومة لإطلاقها وإعادة فتح السوق السورية عوامل أخرى تحفز عجلة النمو وبالتالي نشاط العقار. الجانب النظري من المعادلة يرسم مسارا مستقبليا إيجابيا لسوق العقار الأردني. فهل يتبع ذلك ترجمة عملية لهذه المعطيات؟ لا يستطيع أحد البت في شيء، باستثناء أن سوق العقار يجب أن يعكس صحة الاقتصاد في دورات التعافي. أي أن الرهان أولا وأخيرا على الاقتصاد، وبعد ذلك على الإجراءات التنظيمية التشجيعية من الحكومة.


البوابة
منذ 11 ساعات
- البوابة
ترامب يصف جولته الخليجية بـ"الرائعة" ويشيد بصفقات غير مسبوقة
أشاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بجولته الأخيرة في منطقة الخليج، واصفًا إياها بأنها من أنجح الزيارات التي قام بها أي زعيم إلى الخارج، مشيرًا إلى ما تحقق خلالها من صفقات استثمارية ضخمة وعلاقات دبلوماسية متطورة. وفي كلمة ألقاها في مركز كينيدي الثقافي بواشنطن، نوّه ترامب بالعلاقات المتينة بين الولايات المتحدة وكل من قطر والسعودية والإمارات، مؤكدًا أن الجولة أسفرت عن اتفاقيات وصفها بأنها "غير مسبوقة" من حيث القيمة والأثر. وقال ترامب: "زرنا قطر والسعودية والإمارات، وجلبنا استثمارات تُقدّر بنحو 5.1 تريليونات دولار، وهو رقم كبير لم نعتد عليه من قبل". وأضاف أن بعض الاتفاقيات بلغت قيمتها نحو 1.4 تريليون دولار في حالة واحدة، و2 تريليون في حالة أخرى، مضيفًا: "لم نشهد مثل هذه الأرقام من قبل". كما أثنى ترامب على ما وصفه بـ"العلاقات الرائعة" مع الدول الثلاث، معتبرًا أنها تملك قدرات مالية هائلة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الولايات المتحدة بدأت تستثمر مواردها بطريقة أفضل مما كانت عليه في السابق. واختتم ترامب جولته الخليجية في الإمارات، بعد زيارتين إلى السعودية وقطر، حيث شهدت الجولة إعلان صفقات بمليارات الدولارات، إلى جانب مؤشرات على انفتاح دبلوماسي تجاه الملف السوري وتفاؤل بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. وشهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الكبرى، من بينها صفقة وصفت بـ"القياسية" للخطوط الجوية القطرية لشراء طائرات من شركة بوينغ، إضافة إلى استثمارات سعودية بقيمة 600 مليار دولار، تضمنت صفقة أسلحة اعتبرها البيت الأبيض الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين. وختم ترامب بالإشارة إلى الحفاوة التي لقيها خلال الزيارة، مشيدًا بقادة الدول الثلاث، ومؤكدًا أنهم يشكلون شركاء مهمين للولايات المتحدة، لا سيما على الصعيد الشخصي.