
هل يعيد الذكاء الاصطناعي كتابة مدونة الشغل؟ مراجعة منتظرة في شتنبر وسط تحولات عميقة في سوق العمل المغربي
في تصريح قد يشكل ملامح مرحلة جديدة في علاقة المغاربة بعالم العمل، أعلن
يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات
، عن قرب إجراء
مراجعة قانونية شاملة لمدونة الشغل،
في أفق شهري شتنبر أو أكتوبر المقبلين، وذلك بغرض
تأطير العمل عن بُعد ضمن قواعد تنظيمية واضحة
.
لكن هل هذا التعديل هو مجرد إجراء إداري، أم أنه إيذان ببداية تحول جذري في الفلسفة التي تحكم علاقة الشغل بالمغرب؟ وهل تمتلك الدولة ما يكفي من الأدوات والرؤية لمواكبة هذه النقلة في ظل الثورة الرقمية الجارية عالميًا؟
الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا… بل فرصة؟
في ندوة نظمتها جامعة الأخوين بشراكة مع مجموعة
لوماتان
بالدار البيضاء، تحت عنوان 'قابلية التشغيل والتنافسية في عصر الذكاء الاصطناعي'، حاول الوزير أن يعيد رسم العلاقة بين التكنولوجيا وسوق الشغل. فقد شدد على أن الذكاء الاصطناعي،
بعيدًا عن كونه خصمًا للتشغيل، يمكن أن يكون حليفًا في خلق فرص جديدة وتحسين الإنتاجية
.
غير أن هذا الطرح يطرح تساؤلاً مركزيًا:
هل يستطيع المغرب، بإمكانياته الحالية، أن يوجّه الذكاء الاصطناعي لخدمة التشغيل بدل أن يفاقم ظاهرة البطالة؟
إصلاح جذري للتكوين المهني… بأي أدوات؟
الوزير لم يكتف بالحديث عن التشريع، بل دعا أيضًا إلى
إصلاح عميق لمنظومة التكوين المهني،
مؤكدًا على ضرورة إعداد التكوينات
بالتعاون المباشر مع الممارسين في الميدان
، مع إطلاق
مرصد ذكي لمواكبة الباحثين عن عمل
، وتوفير أدوات رقمية تساعدهم على تحسين سيرهم الذاتية وفهم سوق الشغل.
هنا تطرح أسئلة جوهرية:
ما مدى جاهزية البنية التحتية الرقمية المغربية لاستيعاب هذه الطفرة؟
هل هناك ميزانية واستراتيجية واضحة لدعم هذه المبادرات الطموحة؟
وكيف سيتم ضمان عدالة الولوج إليها خاصة لفئات الشباب في المناطق المهمشة؟
من الشهادة الأكاديمية إلى الكفاءة الفعلية
في تحول يبدو ثوريًا، تحدث السكوري عن ضرورة
تحقيق توازن جديد بين الشهادة الأكاديمية والكفاءة المهنية،
ملمّحًا إلى مسعى حقيقي لإعادة الاعتبار للمهارات العملية والمعترف بها من طرف الفاعلين الاقتصاديين.
لكن في واقع سوق مغربي يهيمن عليه هاجس 'الدبلومات'، هل سيكون هذا التحول مقبولًا اجتماعيًا؟ وكيف يمكن إقناع المقاولات والمؤسسات باعتماد معيار الكفاءة بدل الشهادة؟
هل الدولة جاهزة لتنظيم العمل عن بُعد؟
أكثر ما أثار الانتباه في تصريح الوزير، هو إعلانه عن قرب
تأطير العمل عن بعد قانونيًا
. ومع أن هذا النمط من العمل أصبح واقعًا عالميًا، إلا أن تأطيره في المغرب يطرح تحديات متعددة:
كيف سيتم ضبط العلاقة بين الأجير والمشغّل عن بعد؟
ماذا عن التعويضات والحماية الاجتماعية والتأمين؟
وهل يملك المفتشون والهيئات الرقابية القدرة على تتبع هذا النمط من الشغل الجديد؟
في الختام: بين الطموح والتحقيق
تصريحات الوزير السكوري تحمل في طيّاتها
رؤية طموحة لمغرب رقمي وحديث،
يواكب الذكاء الاصطناعي لا كمصدر للتهديد، بل كأداة للتقدم. لكنها في الوقت ذاته تطرح
تحديات كبرى في التشريع، والتنفيذ، والعدالة المجالية، والثقة بين الدولة والمواطن.
ويبقى السؤال الأبرز:
هل ستنجح مراجعة مدونة الشغل في صياغة عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطن في عصر الذكاء الاصطناعي؟ أم أن البنية التقليدية للمؤسسات ستفرغ هذه التعديلات من مضمونها الحقيقي؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الصباح
منذ 8 ساعات
- جريدة الصباح
منتدى AZIAN BUSINESS FORUM 2025 يستعرض أوجه التكامل بين المناطق الصناعية واللوجستية كرافعة لنمو مستدام
نظّمت جمعية المنطقة الصناعية عين السبع – الحي المحمدي (AZIAN)، يوم الأربعاء 21 ماي 2025، بفندق 'لو غراند موغادور' بالدار البيضاء، الدورة الرابعة لمنتدى AZIAN BUSINESS FORUM، حول : «المناطق اللوجستية والصناعية: تآزر استراتيجي في خدمة التنمية الاقتصادية والتشغيل». ويأتي هذا الحدث، الذي أضحى موعدًا سنويًا منتظمًا، ليجسد طموح الجمعية في توفير فضاء للنقاش وتبادل الرؤى، وتقديم مقترحات عملية تجمع مختلف الفاعلين داخل المنظومة الاقتصادية والمؤسساتية والصناعية، حيث شارك في هذه الدورة أكثر من 400 شخص، ممّا يعكس الاهتمام المتزايد بالقضايا المرتبطة بالتنمية الصناعية واللوجستية في المملكة. وتميزت هذه النسخة بمشاركة مؤسساتية وازنة، من ضمنها يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، وعبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، وغسان المشرفي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستية، وغيثة لحلو، نائبة رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وفي كلمته خلال افتتاح المنتدى، شدد يونس السكوري على أهمية ربط السياسات العمومية للتشغيل بالديناميات الصناعية الجهوية، مبرزًا الإصلاحات الهيكلية التي باشرتها الحكومة لتنشيط سوق الشغل وتعزيز إدماج الشباب، سواء الحاملين للشهادات أو غيرهم. وقال: «من الضروري تعزيز الجسور بين المنظومات الصناعية التاريخية والسياسات العمومية في مجال التشغيل. خارطة طريق الحكومة ترتكز على تعبئة كل الفاعلين من أجل إدماج الشباب، وسنطلق قريبًا ورشًا لإصلاح مدونة الشغل بشراكة مع الفرقاء الاجتماعيين، لما لهذا الإصلاح من أثر على التنافسية والعدالة الاجتماعية». من جانبه، نوّه محمد فيكرات، رئيس جمعية AZIAN، في كلمته الافتتاحية، بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واعتبرها محفزا لحشد الجهود الجماعية. وأكد أن المنتدى أضحى، على مدى دوراته، منصة فاعلة للحوار والتشاور والعمل المشترك، ترتكز على الذكاء الجماعي وتجذر في الواقع الميداني. كما شدد على أهمية إبراز التجارب الناجحة وتبادل الخبرات وتكثيف التعاون بين الصناعيين والمؤسسات والسلطات العمومية. وقال: «المنتدى يمثل قوة اقتراحية موجهة نحو المستقبل، في خدمة التنمية الصناعية لجهتنا ولبلدنا». وعلى هامش المنتدى، تم توقيع ثلاث اتفاقيات شراكة تُجسّد إرادة جمعية AZIAN في تعزيز أوجه التعاون الاقتصادي والاجتماعي داخل المنطقة الصناعية. تم توقيع الاتفاقية الأولى مع شركة INGELEC، وتشمل عروضًا تجارية تفضيلية ومواكبة تقنية مخصصة لفائدة المقاولات الأعضاء. أما الاتفاقية الثانية، المبرمة مع شركة GMHD، فتوفر لأعضاء الجمعية أسعارًا تفضيلية على مجموعة واسعة من المعدات والخدمات. وأخيرًا، تهدف الاتفاقية الثالثة مع Neo School إلى تسهيل ولوج أبناء العاملين في المنطقة الصناعية إلى تعليم ذي جودة عالية. وقد أبرزت دورة 2025 التحديات الاستراتيجية المرتبطة بأهمية تكامل المناطق الصناعية واللوجستية، من خلال مائدتين مستديرتين ولقاءات رفيعة المستوى. وسجلت الكلمة التي ألقاها منصف بلخياط، رئيس H&S Invest Holding، تفاعلًا خاصًا لما تضمنته من مرافعة و رؤى حول التنافسية الترابية وسبل تسريع التحول الصناعي. وتطرقت النقاشات إلى إعادة هيكلة المناطق الصناعية لمواكبة التحولات اللوجستية، وقضايا الاستدامة، والولوج إلى العقار، والتكوين المستمر، وتحسين تدفقات الإنتاج والخدمات. وقد شكل المنتدى منصة لتبادل الرؤى بين الفاعلين العموميين والخواص وممثلي وكالات التنمية الجهوية، في أفق بلورة حلول عملية قابلة للتنزيل. وفي ختام أشغال المنتدى، ثمّن محمد فيكرات جودة النقاشات، مشيدًا بروح الالتزام الجماعي والرغبة المشتركة في بناء نموذج جديد للتنمية الصناعية، يقوم على الاندماج اللوجستي، والعدالة الترابية، والاستدامة. كما أعاد التأكيد على طموح الجمعية في جعل المنتدى محفزًا للتعاون المؤسساتي ومسرّعًا للمبادرات المهيكلة داخل النسيج الإنتاجي الوطني. كما كانت هذه الدورة مناسبة لتسليط الضوء على مسار المنطقة الصناعية عين السبع – الحي المحمدي، التي تتجاوز اليوم مائة سنة من النشاط، وتضم أزيد من 500 مقاولة ناشطة في أكثر من ثلاثين قطاعًا، وتشغل أكثر من 38 ألف عامل. وتعتبر هذه المنطقة، التي تشكل رئة صناعية لمدينة الدار البيضاء، أحد أعمدة السيادة الصناعية والغذائية والصيدلية والطاقية للمملكة. ويجدر التذكير أن دورة سنة 2024، التي حظيت لأول مرة بالرعاية السامية لصاحب الجلالة، كانت قد كرّست المنتدى كمنصة وطنية مرجعية للنقاش حول مستقبل الصناعة المغربية، بمشاركة أزيد من 350 فاعلًا ومهتمًا من مختلف القطاعات. وتُعد المنطقة الصناعية عين السبع – الحي المحمدي، التي تأسست قبل أكثر من 100 سنة، أقدم منطقة صناعية في المملكة. تمتد على مساحة 435 هكتارًا، وتضم أكثر من 500 مقاولة تنشط في أكثر من 30 قطاعًا، وتُوفر أكثر من 38 ألف منصب شغل مباشر. كما تُساهم بشكل فعّال في تأمين السيادة الصناعية، الغذائية، الصحية والطاقية للمغرب. وتأسست جمعية AZIAN سنة 2016 كجمعية غير ربحية، بهدف تمثيل الفاعلين الاقتصاديين بالمنطقة الصناعية عين السبع – الحي المحمدي، والمساهمة في تنميتها وتحديثها. تعمل الجمعية على تعزيز تنافسية المنطقة، وتنسيق الجهود بين المقاولات، ودعم مشاريع التهيئة والبنية التحتية، من أجل جعلها بيئة أكثر جاذبية واستدامة.


زنقة 20
منذ 14 ساعات
- زنقة 20
السكوري: تمويل النمو الاقتصادي يتطلب اعتماد آليات مبتكرة وشراكات بين القطاعين العام والخاص
زنقة 20. الرباط أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن تمويل النمو الاقتصادي يتطلب اعتماد آليات جديدة، على غرار التمويلات المبتكرة والشراكات بين القطاعين العام والخاص. وأوضح السيد السكوري، في كلمة خلال افتتاح أشغال نسخة 2025 من المؤتمر العالمي للنمو، المنعقد تحت شعار 'تمويل النمو، وتشكيل الانتقال الطاقي'، أن الجهد المالي الموجه لتغطية الحاجيات الاجتماعية الأساسية لا يمكنه، وحده، تمويل كافة الاستثمارات المهيكلة الكبرى. وبعد أن أشار إلى أن جاذبية أي بلد ترتكز على إصلاحات عميقة، أوضح الوزير أن 'البرامج الحكومية ليست من يجعل بلدا ما جذابا، فالأمر أعمق من ذلك بكثير'، مبرزا أن الاستقرار الماكرو-اقتصادي يعد ركيزة أساسية. من جهة أخرى، أكد السيد السكوري أن الميثاق الجديد للاستثمار، الذي استكمل بآلية موجهة لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، يعكس دعما متوازنا. وأضاف أن 'الجاذبية هي مسألة مرتبطة أيضا بالمواهب، والمساطر، والرأسمال اللامادي، والعدالة، والإدارة'، لافتا إلى الدينامية الوطنية التي تستقطب عددا كبيرا من الطلبة. وبخصوص الانتقال الطاقي، كشف الوزير عن مضاعفة أهداف الاستثمار 'ثلاث إلى خمس مرات'، مبرزا أن المغرب يستثمر بشكل مكثف في البنيات التحتية من أجل التمكن من الحصول على طاقة منخفضة الكربون بتكاليف معقولة. وحسب السيد السكوري، فإن هذه المقاربة تتيح للمملكة 'استباق الاستثمارات الكبرى في الوقت المناسب، وتطوير الفروع التكنولوجية على نطاق واسع'. من جانب آخر، اعتبر السيد السكوري أن الصناعة لا تزال 'أحد رهانات المملكة'، حيث ارتفعت الصادرات بشكل ملحوظ خلال الـ 15 سنة الماضية، مسجلا أن المغرب يتوفر اليوم على منظومات صناعية متنوعة وفعالة، يدعمها التكوين المهني. ويجمع 'المؤتمر العالمي للنمو' 2025، المنظم بمبادرة من معهد 'أماديوس'، أكثر من 600 مشارك من أزيد من 50 دولة، من بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، ورؤساء مؤسسات مالية دولية وإقليمية، وممثلو القطاع الخاص، ومستثمرون مؤسساتيون، وكذا خبراء مرموقون. وستسفر أشغال المؤتمر عن إعداد وتقديم خارطة طريق الرباط حول تمويل النمو والانتقال الطاقي، وهي وثيقة مرجعية تتضمن توصيات عملية، قابلة للتفعيل مباشرة من قبل الأطراف الوطنية والدولية المعنية.


عبّر
منذ 2 أيام
- عبّر
مفتشو الشغل يصعّدون ضد وزارة السكوري: تعويضات هزيلة ونظام أساسي مجحف
تشهد وزارة الشغل المغربية حالة من التوتر المتصاعد، بسبب استياء لدى مفتشو الشغل من استمرار تجاهل مطالبهم المتعلقة بمراجعة النظام الأساسي المنظم للمهنة، ورفضهم لما وصفوه بـ'الهزالة المهينة' للتعويضات المرتبطة بالزيارات الميدانية وجولات المراقبة. مفتشو الشغل: تعويضات غير منصفة للمهام الميدانية يرى مفتشو الشغل أن التعويضات التي تحددها الوزارة للقيام بـ20 زيارة أو أكثر شهريًا، والتي تتراوح بين 1200 و2500 درهم فقط، غير كافية لتغطية مصاريفهم المتزايدة، خاصة في حال تنقلهم خارج المدن أو داخل الأقاليم، مع ما يرافق ذلك من تكاليف تنقل وتغذية ومبيت. تنسيق نقابي يدعو إلى خطوات احتجاجية تصعيدية ردًا على ما وصفوه بـ'المماطلة والتسويف الحكومي'، أعلن التنسيق النقابي الداعم لمفتشي الشغل عن الدخول في سلسلة من الخطوات الاحتجاجية خلال شهري ماي ويونيو 2025. وتشمل هذه الخطوات: تقليص عدد الزيارات الميدانية إلى ثلاث فقط خلال الشهر. تخصيص يومي الإثنين والثلاثاء فقط لمعالجة نزاعات الشغل داخل مصالح التفتيش. مقاطعة الاجتماعات الخارجية والأنشطة الموازية والتكوينات طيلة مدة الاحتجاج. رفض الاقتطاعات التي مست أجور المضربين رغم قانونية حركتهم. مطالب بتحسين النظام الأساسي وتعديل مرسوم التعويضات يطالب مفتشو الشغل بمراجعة شاملة للنظام الأساسي الذي ينظم مهامهم، إلى جانب تعديل مرسوم التعويض عن الجولات الميدانية ليعكس الواقع الميداني والتحديات التي تواجههم. كما يشددون على ضرورة الاعتراف بأدوارهم المحورية في مراقبة تطبيق قانون الشغل وحماية حقوق العمال داخل المقاولات. أزمة مفتشو الشغل مع وزارة السكوري في ظل غياب أي تفاعل رسمي من طرف وزارة يونس السكوري مع مطالب الهيئة، تتجه الأزمة نحو التصعيد، ما قد يؤثر على سير نزاعات الشغل داخل العديد من القطاعات، ويزيد من حدة التوتر داخل سوق الشغل المغربي، الذي يواجه أساسًا تحديات متعلقة بالتسريح الجماعي وضعف الحماية الاجتماعية.