
ما سر صمت علوم الفضاء على قبة ترمب "الذهبية"؟
لم يسبق أن شجع علماء الفلك قديماً وحديثاً على عسكرة الفضاء، لذلك من الواضح أن مشروع "القبة الذهبية" الأميركية ما هو إلا مشروع له إدارة عسكرية حصرية بالكامل، بمعنى أنه لن يكون مدعوماً بقوة من النخب البارزة من علماء الفلك الأميركيين، إذ يرى كثير من هؤلاء أن موازنة المشروع الضخمة قلصت بالفعل موازنة البحث العلمي لوكالة الفضاء الحكومية الأميركية "ناسا" إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
ووفق معطيات البحث حتى هذه اللحظة فإنه لا توجد علاقة مباشرة بين جهود علوم الفضاء الرسمية التي تقودها "ناسا" في سبيل التقدم العلمي للبشرية ومشروع القبة الذهبية بوصفه سلاحاً عسكرياً يحلم به الساسة البارزون وبعض زعماء أميركا الذين كان من أشهرهم رونالد ريغان صاحب حلم "حرب النجوم" في الثمانينيات.
فكرة خيالية
وترى مواقع علمية متخصصة أن مشروع ترمب الدفاعي "القبة الذهبية" قد يحفز سباق تسلح فضائي لا أكثر، فاقتراح الرئيس الأميركي نظاماً دفاعياً يتضمن صواريخ اعتراضية في الفضاء ما هو، وفق علماء الفلك، إلا فكرة خيالية ستكلف مئات المليارات من الدولارات، وقد تسرع من تسليح الفضاء.
وفي حين أنه لا تزال القيادة العلمية لمشروع "القبة الذهبية" غير معروفة، إلا أن القيادة العسكرية أخذت تتضح شيئاً فشيئاً. وإلى الآن لم يصدر أي تعليق بارز على هذا الحدث الضخم المتعلق مباشرة بشؤون الفضاء من وكالة الفضاء الأميركية الحكومية "ناسا"، في حين أن شركات من قطاع الفضاء الخاص الأميركي أعلنت المشاركة بالحدث من خلال التقدم بعطاءات لتنفيذ أجزاء من تلك المهمة، وكان على رأس تلك الشركات "سبيس إكس" المملوكة لرجل الأعمال إيلون ماسك.
عصر جديد من أسلحة الفضاء
مع إعلان الرئيس الأميركي عن مشروع "القبة الذهبية"، أكدت وسائل إعلام كبرى أنه بات من الواضح أن هناك نية أميركية غير مخفية لإطلاق عصر جديد من الأسلحة الفضائية ضمن محاولات حثيثة لإحياء زمن حرب النجوم في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي وتحديداً في زمن زعامة الرئيس الـ40 للولايات المتحدة رونالد ريغان، إذ يعود السؤال الأخلاقي والعلمي حول عسكرة الفضاء إلى الواجهة من جديد، خصوصاً في ظل الواقع الراهن الذي سعت فيه الصين وروسيا كقوتين عالميتين في هذا المجال إلى استثمار أسلحة الفضاء في العمل العسكري للجيوش.
الجانب التقني
لكن الجانب التقني الذي تقدمت فيه الولايات المتحدة على جميع قوى الفضاء العالمية سيحسم الصراع الحالي لمصلحة مشروع القبة الذهبية، وذلك تزامناً مع صعود قطاع الفضاء الخاص بقيادة رجل الأعمال والمستثمر العالمي في مجال الفضاء إيلون ماسك مالك شركة "سبيس إكس" وشركات رائدة أخرى في مجال الاتصالات منها "ستار لينك".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا السياق أكدت مجموعة من الخبراء على مواقع علمية متخصصة أنه قد لا يكون نظام الاعتراض الشامل هذا ممكناً. كما حذر بعض الخبراء من أنه حتى لو نجح، سيستغرق بناء القبة الذهبية عقداً من الزمن في الأقل، وسيكلف أكثر من نصف تريليون دولار، وسيسرع من سباق التسلح النووي العالمي وتسليح الفضاء. متسائلين تحديداً عن سلاح الفضاء الروسي: هل هو نووي، وهل يشكل تهديداً لأميركا بالفعل؟
تعليقات "نيو ساينتست"
لكشف واعتراض التهديدات، ستستخدم "القبة الذهبية" كلاً من أجهزة استشعار فضائية وأنظمة دفاع جوي وصاروخي. ويشير ديفيد بورباخ من كلية الحرب البحرية في رود آيلاند، الذي شارك بعض التعليقات مع مجلة "نيو ساينتست" بصفته الشخصية، إلى أن هذا يعني نظاماً شاملاً من "القباب الذهبية" بتقنيات مختلفة لمواجهة مختلف التهديدات. ومع ذلك لا توجد لدى الولايات المتحدة الأميركية حالياً جميع هذه الدفاعات. فعلى سبيل المثال، يفترض أن تستخدم القبة الذهبية صواريخ اعتراضية فضائية في مدار أرضي منخفض، وهو إنجاز تكنولوجي غير مسبوق لم يعرض من قبل، كما يقول توماس غونزاليس روبرتس من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أتلانتا.
ما هي القبة الذهبية؟
اسم المشروع مستوحى من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، الذي يستخدم صواريخ أرضية لاعتراض الصواريخ والمدفعية القادمة من مسافات قصيرة نسبياً، لكن القبة الذهبية ستحتاج إلى الدفاع عن مساحة أكبر بكثير، فمساحة أراضي الولايات المتحدة المتجاورة تزيد 350 ضعفاً على مساحة إسرائيل.
ووفقاً لترمب ومسؤوليه، فمن المفترض أن يكون النظام قادراً على مواجهة الصواريخ الباليستية التي يمكن إطلاقها من الجانب الآخر من العالم، وصواريخ كروز المتطورة التي تحلق في مسارات أكثر تسطحاً على ارتفاعات منخفضة، والصواريخ الأسرع من الصوت التي يمكنها الطيران والمناورة بسرعات تتجاوز "5 ماخ"، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت. علماً أنه يمكن لهذه الصواريخ حمل رؤوس حربية نووية أو رؤوس حربية متفجرة تقليدية.
كيف ستعمل القبة الأميركية؟
يصف خبراء الدفاع الصاروخي تحدي اعتراض الصواريخ النووية بعيدة المدى بأنه أشبه بـضرب رصاصة برصاصة في الظلام! لأن الأهداف صغيرة، ولا تصدر أي إشارات لاسلكية أو أشعة تحت الحمراء، وسريعة الحركة، كما يقول بورباخ، فحتى الخبراء التقنيون المتفائلون يقرون بأن الاعتراض بنسبة 100 في المئة غير مرجح. فالتحدي الحقيقي سيكون في هدف "القبة الذهبية" المتمثل في إيقاف أعداد كبيرة من الصواريخ العابرة للقارات، مثل هجوم من الصين أو روسيا.
ويقول روبرتس، إن ادعاء ترمب بأن "القبة الذهبية" ستدافع ضد الهجمات الصاروخية من الجانب الآخر من العالم أو حتى من الفضاء يعني أنها ستتطلب كوكبة كثيفة من صواريخ اعتراضية فضائية تدور على الأرجح في مدارات منخفضة حول الأرض، التي يمكنها إخراج الصاروخ من مداره وضربه في غضون دقائق من إطلاقه من أي مكان. ويضيف "عدد الأقمار الاصطناعية المطلوبة أكبر من أي كوكبة أطلقت على الإطلاق". علماً أنه وفي وقتنا الراهن حالياً، تتكون أكبر كوكبة أقمار اصطناعية من نحو 7 آلاف قمر اصطناعي من "ستارلينك" وتشغلها "سبيس إكس".
الكلفة المالية
قد يبدو السؤال عن الكلفة المالية الهائلة لهذا المشروع أمراً لا يذكر أمام أهميته الاستراتيجية وتفصيلاته التقنية والفنية، لكنه سؤال يؤرق كثيراً من المواطنين ونخبة من العلماء الأميركيين بشدة، نظراً إلى كونه يحد من موازنة البحث العلمي في مجال الفضاء بصورة كبيرة، فالكلفة المادية تصل إلى 175 مليار دولار.
يمكن القول، إن علم الفلك وجميع مشاريع الفضاء الأميركية ستذهب في عهد ترمب نحو آفاق عملية وتقنية أكثر من كونها بحثية وعلمية. وهذا الاتجاه الجديد لعلم الفلك يفرض معادلة جديدة للفضاء هي "معادلة البدء بمضاعفة الجهود لحماية الوطن" وذلك وفقاً لما صرح به الجنرال مايكل غيتلين، نائب رئيس عمليات الفضاء في قوة الفضاء الأميركية، الذي سيقود البرنامج. وبذلك يكون علم الفلك قد أصبح مسخراً بالكامل من أجل هدف عسكري وحيد وهو حماية الأراضي الأميركية.
صمت المواقع العلمية
من المثير للجدل فعلاً الصمت الذي تحلت به معظم المواقع العلمية الكبرى المتخصصة في مجال الفضاء. وكأن تلك المواقع جميعها تريد أن تقول إنها لا تزال متحفظة على مشروع "القبة الذهبية" بوصفه مشروعاً عسكرياً بحتاً، إذ كتب بريت تينغلي وهو مدير تحرير موقع "Space.com" الذي يهتم بتقنيات الفضاء الناشئة، ومفاهيم الإطلاق البديلة، وتطورات الفضاء العسكرية، وأنظمة الطائرات من دون طيار، مقالة مطولة بين فيها دور المشروع في عسكرة الفضاء. وقال تينغلي "أطلقت وسائل الإعلام على برنامج مبادرة الدفاع الاستراتيجي في زمن الرئيس ريغان لقب (حرب النجوم) نظراً إلى غرابته آنذاك، لكن ذلك كان قبل أن يصبح مدار الأرض مأهولاً بالسلاح، وتنخفض كلف الإطلاق بصورة كبيرة بفضل تكنولوجيا الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
«فلكية جدة» : اقتراب كويكب (2025 KX3) من الأرض اليوم
يستعد العلماء والمهتمون بعلوم الفضاء اليوم لمراقبة مرور الكويكب الصغير (2025 KX3) قرب كوكب الأرض، وعلى الرغم من أنه سيمر على مسافة آمنة إلا أن هذا الحدث يحظى بمتابعة دقيقة من مراكز الرصد العالمية. وأفاد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، أن الكويكب (2025 KX3) الذي رُصد حديثًا في مايو الجاري, يصنف ضمن الأجرام القريبة من الأرض، ويقدر قطره بحوالي 10 أمتار فقط, مما يجعله صغيرًا نسبيًا مقارنة بالكويكبات الأكبر التي ما تكون محل قلق. وبين أنه بحسب بيانات مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض التابع لـ (ناسا)، فإن الكويكب سيمر على مسافة 340,000 كيلومترٍ, أي ما يقارب 90% من المسافة بين الأرض والقمر, وهي مسافة تعد قريبة نسبيًا, وسيتحرك بسرعة تصل إلى 45,000 كيلومتر في الساعة، وهذه السرعة تُعد ضمن النطاق المعتاد للأجرام القريبة من الأرض التي تمر بمسافات قريبة نسبيًا. وأشار أبو زاهرة، إلى أنه من المتوقع أن يصل الكويكب إلى أقرب نقطة من الأرض عند الساعة 12:15 ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة، عادًا مراقبة مثل هذه الأحداث ذات أهمية كبيرة للعلماء, فكل اقتراب من هذا النوع يُمثل فرصة ذهبية لدراسة حركة الكويكبات وخصائص مداراتها وتكوينها الفيزيائي.


شبكة عيون
منذ 9 ساعات
- شبكة عيون
فشل جديد لماسك.. صاروخ ستارشيب يخرج عن السيطرة في الفضاء
مباشر- انطلق الصاروخ ستارشيب التابع لشركة سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك، إلى الفضاء من تكساس أمس الثلاثاء لكنه خرج عن السيطرة في منتصف رحلته دون تحقيق بعض أهم أهداف الاختبار، مما أوجد عقبات هندسية جديدة لبرنامج صواريخ المريخ الذي يزداد تعثرا . والصاروخ الذي يبلغ ارتفاعه 122 مترا هو محور هدف رئيس سبيس إكس التنفيذي إيلون ماسك لإرسال البشر إلى المريخ، وانطلق من موقع الإطلاق التابع للشركة في ستاربيس بولاية تكساس، ليتجاوز مستوى ارتفاع محاولتين سابقتين باءتا بالفشل هذا العام . وفي أحدث عملية إطلاق، وهي مهمة الاختبار الكاملة التاسعة للمركبة ستارشيب منذ المحاولة الأولى في أبريل نيسان 2023، انطلقت المركبة في المرحلة العليا إلى الفضاء فوق معزز سبق إطلاقه- وهو أول دليل على إمكان إعادة استخدام المعزز . لكن سبيس إكس فقدت الاتصال بالمعزز السفلي الذي يبلغ طوله نحو 71 مترا في أثناء هبوطه قبل أن يسقط في البحر، بدلا من الهبوط المتحكم فيه الذي خططت له الشركة . في هذه الأثناء، واصلت المركبة ستارشيب رحلتها في الفضاء خارج المدار، لكنها بدأت بالدوران على نحو لا يمكن السيطرة عليه بعد قرابة 30 دقيقة من بدء المهمة . وجاء هذا الدوران المفاجئ بعد أن ألغت سبيس إكس خطة لنشر ثمانية أقمار اصطناعية من نوع ستارلينك في الفضاء، إذ لم تعمل آلية الصاروخ مثلما هو مُصمم لها . وقال دان هوت، المذيع في شركة سبيس إكس، في بث مباشر للشركة "الأمر غير جيد فيما يبدو مع العديد من أهدافنا المدارية اليوم ". وكان من المقرر أن يقدم ماسك إفادة عن طموحاته في استكشاف الفضاء في خطاب من ستاربيس عقب الرحلة التجريبية، والذي وصف بأنه عرض تقديمي مباشر عن "الطريق إلى حياة متعددة الكواكب". ولم يلق الخطاب حتى الآن . وفي منشور على إكس، تحدث ماسك عن إيقاف تشغيل محرك ستارشيب المقرر في الفضاء، وهي خطوة تحققت في رحلات تجريبية سابقة العام الماضي. وقال إن تسربا في خزان الوقود الرئيسي لستارشيب أدى إلى فقدان السيطرة عليها . وقال "هناك الكثير من البيانات الجيدة التي يجب مراجعتها. سيكون إيقاع الإطلاق للرحلات الثلاث التالية أسرع، بمعدل رحلة واحدة تقريبا كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع ". وقالت سبيس إكس إن نماذج ستارشيب التي حلقت هذا العام تحمل تحديثا كبيرا في التصميم عن النماذج الأولية السابقة، إذ يعمل آلاف الموظفين في الشركة على بناء صاروخ متعدد الأغراض قادر على وضع دفعات ضخمة من الأقمار الصناعية في الفضاء، ونقل البشر إلى القمر وفي النهاية نقل رواد الفضاء إلى المريخ . * انتكاسات تشير الانتكاسات الأخيرة إلى أن سبيس إكس تجد صعوبة للتغلب على مرحلة معقدة من تطوير مركبة ستارشيب التي تقدر بمليارات الدولارات. لكن ثقافة الشركة الهندسية مبنية على استراتيجية اختبار طيران تدفع المركبة الفضائية إلى نقطة الفشل، ثم تدخل التحسينات في محاولات تالية . شمل مسار ستارشيب المُخطط له أمس الثلاثاء مدارا شبه كامل حول الأرض لهبوط متحكم به في المحيط الهندي بهدف اختبار تصاميم جديدة لألواح الدرع الحرارية ولوحات معدلة لتوجيه عودتها المُشتعلة وهبوطها عبر الغلاف الجوي للأرض . لكن انهيارها المبكر، الذي ظهر ككرة نارية منطلقة شرقا فوق جنوب إفريقيا، يؤجل مرة أخرى أهداف ماسك في التطوير السريع لصاروخ من المتوقع أن يلعب دورا محوريًا في برنامج الفضاء الأمريكي . وتخطط ناسا لاستخدام الصاروخ لهبوط البشر على القمر في عام 2027، على الرغم من أن برنامج القمر هذا يواجه اضطرابات وسط نفوذ ماسك، الذي يركز على المريخ، على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


Independent عربية
منذ 9 ساعات
- Independent عربية
حرب النجوم... من سماء العالم القديم إلى الأرض الأميركية؟: 10 أسئلة
ما يدور في كواليس الفضاء الأميركي هذه الأيام ليست مواقف ذات طابع كوميدي، بل عبارة عن حرب طاحنة بين عالم الفضاء القديم ممثلاً بـ"ناسا"، وعالم الفضاء الحديث ممثلاً بقطاع الفضاء التجاري. لذلك يتساءل مراقبون عن اندلاع حرب نجوم جديدة بفارق أن حرب النجوم هذه انتقلت من السماء إلى الأرض؟ ولفهم مجريات ما يدور في الكواليس لا بد من أن نجيب عن 10 أسئلة تشغل بال كثر هذه الأيام، لتغطي كل أحداث الفضاء الأميركي التي حدثت أخيراً ضمن قصة واحدة. الاتجاه الصحيح للفضاء الأميركي في هذه الفترة هو المسار الذي يريده كل من ترمب وماسك والمتمثل في استيطان الإنسان كوكب المريخ (بيكساباي) 1- ما المقصود بحرب النجوم؟ حرب النجوم هو مصطلح قديم ساد في فترة تنافس الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة على زعامة عالم الفضاء، خصوصاً في فترة انطلاقه المتمثلة في الوصول إلى كواكب قريبة من الأرض مثل القمر. ويمكن القول إن هذه الحرب حسمت لمصلحة الولايات المتحدة بكل وضوح، مؤكدة زعامة وكالة الفضاء الأميركية الحكومية "ناسا" عالم الفضاء بعد تلك الحقبة وحتى يومنا هذا. 2- كيف انتقلت حرب النجوم من السماء إلى الأرض؟ من الواضح أن حرب النجوم انتقلت هذه الأيام من سماء العالم القديم إلى الأرض الأميركية. فمعركة الفضاء تدور رحاها بالكامل داخل حلبة الفضاء الأميركي، وهي محتدمة للغاية بين "ناسا" وأنصارها الكثر، وأهمهم العلماء والباحثون وبعض زعامات الكونغرس السياسية، وأبطال قطاع الفضاء والطيران التجاري الأميركي الخاص ممثلين بـ"سبيس إكس"، و"ستارلينك" التابعتين لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، وشركة "بلو أوريغون" لجيف بيزوس، مع العلم أن هذا القطاع يجد دعماً هائلاً من الرئيس دونالد ترمب. 3- ما الذي أدى إلى نشوب هذه الحرب الجديدة؟ أدى صعود الفضاء الخاص من خلال شركة "سبيس إكس" التي يملكها ماسك، ثم وصول ترمب للزعامة السياسية إلى تفكيك زعامة "ناسا"، وإلغاء كثير من مشاريعها العملية وأبحاثها العلمية لتغيير مسارها نحو الاتجاه الصحيح. 4- ما الاتجاه الصحيح للفضاء الأميركي في هذه الفترة؟ باختصار شديد، إن الاتجاه الصحيح للفضاء الأميركي، في هذه الفترة، هو المسار الذي يريده كل من ترمب وماسك والمتمثل في استيطان الإنسان الأميركي كوكب المريخ تحديداً، وهو مطلب يتمتع بشعبية كبيرة لدى الجمهور الأميركي والعالم قاطبة، وهي فكرة تجعل البحث العلمي خادماً لطموحات المال والسياسة وليس العكس. 5- من يعارض هذه الفكرة؟ أهم معارضي هذه الفكرة هي "ناسا" بزعامتها القديمة التي تشدد على فكرة عودة الإنسان برحلات مأهولة للفضاء تحديداً نحو القمر، إلى جانب فكرة الاستمرار بالبحث العلمي الذي تعده الوكالة القائد الحقيقي لمسار الفضاء الأميركي والعالمي، لكن مشكلة "ناسا" أنها عجزت عن تحقيق كثير من أهدافها المعلنة مثل العودة للمريخ وانهمكت بدلاً من ذلك بأبحاثها العلمية الطويلة والمكلفة للغاية. 6- أسباب ومظاهر الهجوم الإعلامي الشرس من الأسئلة المهمة للغاية في هذا الصراع سؤال حول أهم أسباب ومظاهر الهجوم الإعلامي الشرس الذي يحرض من خلاله بعض العلماء "البنتاغون" على ماسك وشركتيه "سبيس إكس" و"ستارلينك؟". ويأخذ هذا التحريض طابعاً خاصاً من خلال تنامي الحملات الإعلامية التي تسأل عن دور الفضاء الخاص الربحي المحض. ووفقاً لمواقع علمية عدة منها "ساينس دايركت"، ومنصات سفر عالمية، فإن المخاوف الأخلاقية في مجال الفضاء تصبح أكثر وضوحاً بسبب عدم قدرة جميع الناس على الوصول العادل إلى هذه المجالات الاقتصادية الجديدة. وترى صوفيا ريد، وهي واحدة من الكتاب على منصة السفر المذكورة، التي تحدد اختصاصها في وضع أفضل قائمة أمنيات السفر والسياحة في العالم، أنه مع استمرار تطور السياحة الفضائية، بات من الضروري التعامل مع المشهد الأخلاقي بحرص، إذ تتمتع هذه الصناعة وغيرها من الصناعات الفضائية السياحية بإمكانات هائلة للتقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي وإلهام الإنسان، إلا أنها تمثل أيضاً تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية والمساءلة القانونية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) 7- هل يوقف "البنتاغون" موازنة "ناسا" المقلصة الجديدة المقترحة من قبل ترمب؟ من الواضح أن الإجابة عن هذا السؤال تكون بالنفي، لكن لا يستبعد حدوث المعجزات، إذ لم تتعرض وكالة "ناسا" لخفض يصل إلى النصف في موازنتها العلمية منذ عقود، لذلك لا بد من أن نسأل: ما مستقبل الفضاء الحكومي الأميركي ممثلاً بـ"ناسا" في ظل إدارة ترمب؟ إذ تتضمن الموازنة السنوية التي اقترحها الرئيس الأميركي للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء "ناسا" لعام 2026 خفضاً مضاعفاً تقريباً لموازنة قسم العلوم في الوكالة. ويذكر أن الخفض يدعو إلى وقف تمويل مبادرات رئيسة مثل مهمة إعادة عينات المريخ وإطلاق تلسكوب فضائي جديد. كما يقترح مشروع الموازنة الجديدة لـ"ناسا" عام 2026 خفضاً قدره 3.9 مليار دولار تقريباً من موازنة مديرية البعثات العلمية بالكامل، وهو أقل بكثير من 7.3 مليار دولار المخصصة للقسم في السنة المالية 2024. ووفقاً لوثيقة اطلع عليها بعض الصحف ومواقع العلوم المتخصصة، يدعو طلب الموازنة إلى خفض تمويل بعثات علوم الأرض التابعة للوكالة بنسبة تزيد على 50 في المئة، وخفض تمويل قسم الفيزياء الفلكية بنسبة تقارب 70 في المئة مقارنة بالتمويل المعتمد لهذا العام، كما ستواجه أقسام علمية أخرى خفضاً كبيراً. وأكد متحدث باسم "ناسا" أن الوكالة تلقت طلب الموازنة الأولي للسنة المالية 2026، وبدأت في مراجعته، لكنه لم يؤكد أرقاماً محددة. 8- ما علاقة وكالة الفضاء الأوروبية تحديداً وباقي الوكالات العالمية بما يدور في عالم الفضاء الأميركي؟ يعرض خفض موازنة "ناسا" شراكات أوروبية رئيسة للخطر. ورداً على هذا الخفض أكد المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية ESA، جوزيف أشباخر أن الوكالة تقيم تأثير موازنة "ناسا" المقترحة للسنة المالية المقبلة، والتي صدرت في الثاني من مايو (أيار)، إذ لا تزال لديها تساؤلات حول "التداعيات الكاملة" للتغييرات ومنها برنامج "أرتيمس" للقمر، وهو تعاون دولي، تعد فيه أوروبا شريكة تقنية وعلمية. كما تأتي هذه القرارات عقب بيان صحافي أصدرته "ناسا" في الـ29 من أبريل (نيسان)، والذي تفاخر "ماسك" فيه بأن "ناسا تحقق إنجازات جديدة في أول 100 يوم من إدارة ترمب". واحتفل البيان بسلسلة من الانتصارات، بما في ذلك التقدم المحرز في إيصال البشر إلى القمر والمريخ، علماً أن الموازنة المقترحة ستخفض موازنة "ناسا" الحالية البالغة 24.8 مليار دولار بنسبة 24 في المئة، مما قد يهدد مشاريع علمية كبرى وعمل آلاف الباحثين حول العالم. 9- متى تكون نهاية هذا الصراع ومن سيكون الرابح فيه؟ إذا تمكنت القوى المساندة لـ"ناسا" من إقناع الكونغرس الأميركي بإيقاف خفض موازنتها فإن كفة الصراع سترجح كثيراً لمصلحة رؤية الوكالة الحكومية. أما إذا حدث العكس، وهو المتوقع أكثر، فإن ذلك سيكون بالفعل نهاية "ناسا" القديمة وصعود قطاع الفضاء والطيران السياحي التجاري الأميركي إلى سدة عرش الفضاء الأميركي والعالمي. 10- ما تأثير هذا الصراع على مستقبل البحث العلمي؟ يؤثر هذا الصراع بشكل عميق في مستقبل البحث العلمي، إذ إن تغليب الفضاء التجاري على الحكومي قد يعني توجيه الأولويات نحو المشاريع الربحية بدلاً من الأبحاث طويلة الأمد التي لا تؤتي ثمارها مباشرة. وقد يحوّل الفضاء إلى حلبة استثمارية تفتقر إلى الشمولية والمساواة في الوصول إليه، ما يعمق الفجوة بين الدول والمؤسسات القادرة اقتصادياً وتلك التي لا تملك الإمكانات. وهذا يثير مخاوف أخلاقية كبيرة بشأن استدامة استكشاف الفضاء وعدالة الاستفادة من موارده، ويطرح تساؤلات حول من يملك حق تقرير مستقبل البشرية في الفضاء.