إلا الصهاينة
في وطني، حرية التعبير مكفولة بموجب الدستور، غير أنك قد تُحال إلى القضاء إذا ما تضمّن رأيك إساءة لمؤسسات الدولة، أو مساسًا بالرموز الوطنية، أو الأديان والأنبياء، أو الوحدة الوطنية، أو إذا تناولت دولًا شقيقة، أو حرّضت على الفتن الطائفية.
ومع ذلك، يظل الحديث في هذه المواضيع الحساسة ممكنًا، إذا جاء بأسلوب مؤدّب، ونقد بنّاء يهدف إلى إيصال رسالة إيجابية تخدم مصلحة الوطن.
ورغم هذا الهامش من الحرية، يُصنَّف الأردن بأنه «حر جزئيًا»، أي شبه ديمقراطي.
أما الكيان الصهيوني المجرم، الذي يرتكب إبادة جماعية بحق أهل غزة، ويجوّعهم، ويهدم منازل الضفة ويطرد سكانها، ويواصل احتلال أراضٍ تفوق أضعاف ما خصّصته له الأمم المتحدة، فإنه يُصنّف – ويا للسخرية – كدولة «ديمقراطية»!
يا لسخافة هذا العالم!
من هنا، لم أعد أُصدّق تلك الدراسات التي تُصنّف وتقيس وتوزّع الأوسمة، فالكثير منها مسيّس، منحاز، وموجّه.
بعد طوفان الأقصى، كفرتُ بالغرب ومؤسساته، بديمقراطياته الزائفة، وقيمه الكاذبة التي يروّجها لنا. بل وصلت إلى قناعة راسخة بأن إعلامنا أكثر حرية، وأن نظامنا السياسي أكثر ديمقراطية. وسأثبت لكم ذلك بالوقائع لا بالشعارات.
في الولايات المتحدة، التي تقود ما يُسمّى بـ»العالم الحر»، هناك قاعدة غير مكتوبة لكنها راسخة:
يُسمح لك أن تنتقد الرئيس كما تشاء، وأن تسخر من البنتاغون، وتتهكّم على سياسات الدولة بأشد العبارات.
لكن إيّاك ثم إيّاك أن تمسّ «إسرائيل»!
فذلك كفيل بأن ينسف مستقبلك السياسي؛ الإعلام سينقضّ عليك، والتمويل سيتوقف، وستُشهر في وجهك السكاكين، وتُوصم بندبة لا تمحى.
النائبة الأميركية إلهان عمر قالت يومًا: «كل شيء من أجل المال»، ولم يثر ذلك ضجّة. لكن ما إن أضافت أن الدعم «لإسرائيل» قد يكون مرتبطًا بتبرعات المنظمات الصهيونية، حتى دخلت دائرة المحظور: أُدينت من حزبها، أُجبرت على الاعتذار، ووصِمت بمعاداة السامية، وتم تجريدها من عضوية اللجان في الكونغرس التالي.
أما زميلتها رشيدة طليب، ذات الأصول الفلسطينية، فانتقدت معاملة الصهاينة للفلسطينيين، وبكت في قاعة الكونغرس من الألم لما تتعرض له جدتها في فلسطين. لكن دموعها لم تُحرّك ساكنًا، بل اتُهمت فورًا بالخيانة.
وقدّمت النائبة بيتي مكولم مشروع قانون يمنع استخدام المساعدات الأميركية في تمويل اعتقال الأطفال على يد جيش الاحتلال، لكن مشروعها لم يُكتب له النجاح، وسرعان ما وُصمت هي الأخرى بمعاداة السامية.
حتى لو كنت يهوديًا بارزًا، وابنًا لأحد الناجين من المحرقة، كما هو حال بيرني ساندرز السيناتور الشهير، فإنك لست في مأمن. فقد تجرأ ساندرز ووصف نتن ياهو بالعنصري، وطالب بأن تكون المساعدات الأميركية مشروطة، فاتهموه بالسذاجة والتطرّف، ونعته الإعلام بأنه يساري خطير، رغم شعبيته الجارفة لدى قطاع الشباب.
وفي أوروبا، لا تختلف الصورة كثيرًا.
جيرمي كوربين، الذي ترأس حزب العمّال البريطاني بين عامي 2015 و2020، كان من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، فاتهم من داخل حزبه بمعاداة السامية، وأُقصي من المشهد.
وكين ليفينغستون، الذي ترأس بلدية لندن بين عامي 2000 و2008، تحدّث عن أصول الصهيونية وانتقدها، ففُصل هو الآخر من الحزب.
وديفيد وورد، النائب عن الحزب الليبرالي الديمقراطي، فقد عضويته بعد تغريدة انتقد فيها بعض اليهود الأثرياء في بريطانيا، واصفًا الكيان الصهيوني بالعنصري.
ولا ننسى الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، أحد أعمدة الفكر في العصر الحديث، الذي زُجّ به في السجن لمجرد تشكيكه في أرقام المحرقة. لم تشفع له شيخوخته، ولا تاريخه الفلسفي.
وفي ألمانيا، فُصلت الموظفة الحكومية مارجام سامانزدا بعد إعلانها دعم القضية الفلسطينية.
وفي فرنسا، اتُّهمت أوليفيا زيمور، الناشطة اليهودية المناهضة للصهيونية، بالتحريض على الكراهية ضد «إسرائيل».
أما في بريطانيا، فقد عُلّقت عضوية خمس نائبات برلمانيات يهوديات دفعة واحدة، لمجرد انتقادهن لغارات الاحتلال.
وبعد كل هذا، عزيزي القارئ، أعود لأسألك: من، برأيك، يتمتع بحرية أكبر؟
أنا – على الأقل – لا زلت أملك حرية انتقاد الصهيونية، التي أراها جذر المصائب ومصدر اختل ال العالم.
فإن انكسرت شوكتها، اعتدل الميزان. وإن تحرّر الشعب الفلسطيني، تحرّر العالم بأسره.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 5 ساعات
- السوسنة
بيان مشترك من 25 دولة يطالب بإنهاء حرب غزة فورًا
السوسنة - أصدرت 25 دولة بيانًا مشتركًا عبر الحكومة البريطانية دعت فيه إلى إنهاء الحرب الجارية في قطاع غزة فورًا، مشيرة إلى أن معاناة المدنيين في القطاع بلغت مستويات غير مسبوقة.وأعرب البيان عن قلق الدول الموقعة إزاء نموذج حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تقديم المساعدات، واصفًا إياه بالنهج الخطير الذي يؤجج حالة عدم الاستقرار. كما شدد على أن قتل أكثر من 800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات أمر مروع وغير مقبول، مؤكدًا أن حرمان المدنيين من المواد الأساسية يعد انتهاكًا صارخًا.وطالب البيان إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، داعيًا إلى رفع القيود فورًا عن تدفق المساعدات الإنسانية، وتمكين الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإغاثي من القيام بمهامها.كما دعا البيان جميع الأطراف إلى حماية المدنيين والوفاء بالتزاماتهم القانونية، ورفض بشكل قاطع مقترح نقل الفلسطينيين إلى ما يسمى بـ"مدينة إنسانية"، مؤكدًا أن هذا التوجه غير مقبول تمامًا ويمثل تهجيرًا قسريًا دائمًا ينتهك القانون الإنساني الدولي.وأكدت الدول رفضها لأي خطوات تهدف إلى التغيير الجغرافي أو الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية، محذرة من أن خطة الاستيطان الإسرائيلية المعروفة بـ"E1" ستؤدي إلى تقسيم الدولة الفلسطينية في حال تنفيذها، كما اعتبرتها خرقًا واضحًا للقانون الدولي وتقويضًا لحل الدولتين.وأعربت الدول الموقعة عن دعمها الكامل للجهود الدولية المبذولة من قبل الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، معلنة استعدادها لاتخاذ خطوات إضافية في هذا الاتجاه. إقرأ أيضًا:


العرب اليوم
منذ 5 ساعات
- العرب اليوم
الجائزة لمن؟
يستبعد بعض القراء الذين علقوا على اجتهاد 7 يوليو الحالى «نوبل للسلام» منح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هذه الجائزة برغم أن تاريخها مملوء بحالات مُنحت فيها لمن لا يستحقونها، بل لبعض من يمكن اعتبارهم «أُمراء حرب». ويرى الصديق د. إياد الخطيب أن اللجنة التى تمنح جائزة نوبل للسلام قد تحسب حساب موقف الحكومة النرويجية التى تعترف بدولة فلسطين وترفض ما تعتبرها انتهاكات جسيمة فى قطاع غزة، وقد لا ترحب بالتالى بمنحها لمن يلعب الدور الرئيسى فى دعم هذه الانتهاكات. وهذا هو أيضًا موقف ملك النرويج هارولد الخامس، وقطاع واسع من الشعب النرويجى الذى يعتبر من أكثر الشعوب الأوروبية تعاطفًا مع قطاع غزة وحقوق الفلسطينيين بوجه عام، إلى جانب الشعبين الإسبانى والأيرلندي. كما يُنوّه بقبول الملك هارولد أوراق اعتماد سفيرة دولة فلسطين لدى النرويج فى أبريل الماضي. وهو يرشح البابا فرانسيس المتوفى فى أبريل الماضى للحصول على هذه الجائزة، نظرًا للجهود الكبيرة التى بذلها من أجل نشر السلام فى العالم. لكننى أضم صوتى إلى من بادروا بترشيح المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزى لنيل الجائزة بأمل أن يلتزم مانحوها المهنية والموضوعية فى مداولاتهم, ويحسنوا تقدير المواقف التى تعبر عنها هذه المحامية والأكاديمية الإيطالية النبيلة. كسرت ألبانيزى الصمت و«الكلام الساكت» السائدين فى العالم تجاه أبشع حروب الإبادة الشاملة فى العصر الحديث. فقد تبنت منذ تعيينها فى هذا الموقع عام 2022 مواقف شجاعة لم يصدر مثلها عن الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية. وأوصت منذ تقريرها الأول المقدم إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة بوضع خطة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، والذى اعتبرته احتلالاً استعماريًا استيطانيًا ينطوى على نظام للفصل العنصري. وقالت إن هذا هو الطريق الوحيد لإحلال السلام. كما دأبت على التنديد بالحرب الإبادية على قطاع غزة، والمطالبة بإنهائه, وطالبت بوقف تصدير الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي. والحق أن هذه السيدة المحترمة تستحق ما هو أكثر من جائزة نوبل للسلام.


سواليف احمد الزعبي
منذ 5 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
ندد بقتل مجوّعي غزة.. الاحتلال يمنع تمديد تأشيرة رئيس 'أوتشا'
#سواليف قرر الاحتلال الإسرائيلي، عدم تمديد تأشيرة رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ( #أوتشا )، #جوناثان_ويتال، بعد تنديده بقتل #الاحتلال للمجوّعين في قطاع #غزة. وجاء القرار، الصادر عن مكتب وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، عقب تحذير مكتب 'أوتشا' بفلسطين، من أن العائلات في غزة تواجه جوعا كارثيا، منددا باستخدام الاحتلال التجويع 'سلاح حرب' ضد القطاع. وزعم بيان مكتب ساعر أن الخطوة جاءت 'في أعقاب سلوك منحاز وعدائي ضد إسرائيل، حرّف الواقع'. وادعى مكتب وزير خارجية الاحتلال، أن ويتال 'قدم تقارير كاذبة، وشهّر بإسرائيل، بل وانتهك قواعد الأمم المتحدة نفسها المتعلقة بالحياد'. وقد حذّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في فلسطين، من أن العائلات في قطاع غزة تواجه جوعا كارثيا، منددا باستخدام الاحتلال الإسرائيلي التجويع 'سلاح حرب' ضد القطاع. وقال المكتب في منشور على منصة 'إكس': 'إن العائلات في قطاع غزة تواجه جوعا كارثيا'. وأضاف: 'الأطفال في القطاع يذبلون من الجوع وبعضهم يموت قبل أن يصلهم الطعام'. ونوّه إلى المخاطر القاتلة التي يتعرض لها سكان القطاع، قائلا: إن 'الباحثين عن الطعام في غزة يخاطرون بحياتهم ويُطلق النار على كثير منهم'. كما شدد أنه 'يجب عدم استخدام التجويع سلاح حرب'. وأكد أن 'وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة ضرورة قانونية وأخلاقية'. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الأحد، ارتفاع عدد الضحايا من الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول للغذاء بمراكز 'المساعدات الأميركية الإسرائيلية' إلى '995 شهيدا و6 آلاف و11 مصابا و45 مفقودا' منذ 27 أيار/ مايو الماضي. ويوم أمس، استشهد نحو 80 من المجوعين، وأصيب عشرات في هجمات إسرائيلية استهدفت مناطق عدة بقطاع غزة، ضمن الإبادة الجماعية المتواصلة، منذ أكثر من 21 شهرا. وفي 27 أيار/ مايو الماضي، اعتمدت أمريكا والاحتلال خطة لتوزيع مساعدات محدودة بعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.