
إرث منقوش: البرقع الإماراتي... رمز للهوية يقاوم الزمن
غالبًا ما يشير مصطلح "برقع" إلى الملابس الكاملة التي تغطي الجسم بالكامل في بعض المجتمعات المسلمة. ومع ذلك، فإن البرقع الإماراتي متميز. ففي الإمارات وأجزاء من الخليج، يشير إلى قناع وجه زخرفي ومقوّى يغطي جزءًا من الوجه، عادة الأنف والحاجبين، وأحيانًا الفم، مع ترك العينين مكشوفتين.
يُستخدم هذا الإكسسوار على نطاق واسع لتمثيل التراث الإماراتي خلال المعارض والمناسبات الوطنية.
تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب.
رمز ثقافي لا ديني
تصف الفنانة التشكيلية كريمة الشوملي، التي تستخدم البرقع الإماراتي التقليدي في أعمالها الفنية المعاصرة، بأنه جزء حيوي من التراث الإماراتي وليس رمزًا دينيًا. وتوضح أنه كان يرمز إلى الحشمة، والوضع الاجتماعي، والحماية من قسوة مناخ الصحراء، وأن الهجرة إلى الإمارات من عمان في القرن التاسع عشر تم تسهيلها من خلال التبادل الثقافي.
وتشير إلى أن الاختلافات الإقليمية ظهرت بمرور الوقت: اختارت النساء الأكبر سنًا فتحات عين أصغر لإخفاء التجاعيد أو الأسنان المفقودة؛ وكانت فتيات القبائل الصحراوية يرتدين البرقع كبير الحجم منذ سن السابعة لحماية البشرة؛ وكانت الألوان مثل الذهبي-الأخضر المعدني والأرجواني تعكس العمر والوضع الاجتماعي. غالبًا ما كان "برقع المياني" متوسط الطول يرمز للمرأة المتزوجة حديثًا، بينما كان "المنقوش الشرقي"، ذو "السيف" المقلوب، يستقر على طرف الأنف.
كان البرقع أكثر من مجرد زينة، فقد مكّن النساء في الماضي من العمل في الهواء الطلق باحتشام، والتعامل مع القواعد الاجتماعية، ورمز للانتقال من مرحلة الطفولة إلى الأنوثة.
يُلبس مدى الحياة
بعض النساء الإماراتيات المسنات يواصلن ارتداءه كما فعلن لعقود من الزمان.
زعفرانة أحمد خميس، البالغة من العمر سبعين عامًا، ارتدت النقاب لأول مرة بعد زواجها وحافظت على هذه العادة لأكثر من 46 عامًا. وقالت: "في الماضي، كانت هناك قواعد واضحة بشأن البرقع. كانت الفتيات غير المتزوجات يرتدين برقعًا أكبر يغطي الوجه والصدر بالكامل تقريبًا، بينما يمكن للمتزوجات ارتداء برقع أصغر قليلًا بفتحات عين أوسع".
اعتادت الفتيات المراهقات على ارتداء البراقع الحمراء الداكنة أو الغامقة، مما يشير إلى الحشمة، بينما كانت العرائس ينتقلن إلى نسخة لامعة ومطلية بالذهب تعكس نضجهن ووضعهن الزوجي. داخل المنازل، كان مسمار واحد بجانب الباب يستخدم لتعليق البرقع. وتتذكر خميس: "إذا طرق أحدهم الباب، كنا نضع البرقع على الفور قبل الفتح".
لم يكن البرقع مجرد قماش أبدًا. فقد كان يُخاط يدويًا، ويُثبّت في مكانه بقطعة من الخشب المحلي تُسمى "السيف" عبر الأنف، ويُربط بـ"الشبوق"، وهو خيط قطني أو صوفي أحمر يُربط خلف الرأس.
كانت حفلات الزفاف علامة فارقة في دورة حياة البرقع، حيث كانت العرائس يتلقين براقع أصغر، على نمط المتزوجات، ضمن جهاز العرس. لكن اليوم، تقول زعفرانة إن المعنى قد تغير. "كان يُستخدم للتغطية والحشمة. الآن، ترتدي الشابات تصاميم أصغر وأرق تكون أكثر للزينة من الحماية".
من الزي اليومي إلى الرمز الاحتفالي
بالنسبة لعائشة علي البلوشي، البالغة من العمر 65 عامًا، عاد البرقع للظهور بأشكال مطرزة بالتلي، ومصبوغة بالنيلي، وحتى مطلية بالذهب، للاحتفال باليوم الوطني وحفلات الزفاف. وقالت: "هذه البراقع الجديدة هي للمناسبات أو للموضة. إنها ليست مثل ما اعتدنا على ارتدائه كل يوم. لقد أصبحت رمزية الآن، وليست جزءًا من حياتنا اليومية".
وتتوقع أن غطاء الوجه "سيبقى فقط كإكسسوار احتفالي أو عصري" للأجيال القادمة. وتفضل الشابات الآن الحجاب أو النقاب أو الغشوة.
تتذكر مريم سالم، البالغة من العمر ثمانين عامًا، عندما كان البرقع جزءًا لا يتجزأ من مرحلة البلوغ. ارتدته لأول مرة في ليلة زفافها وهي في السابعة عشرة من عمرها، لأنه في منطقتها، لم يكن يُتوقع من الفتيات غير المتزوجات ارتداء أغطية للوجه. وتتذكر شراء صبغة النيلي من السوق، وحياكة برقعها الخاص يدويًا، ثم صناعة براقع أخرى لبيعها مقابل 3 إلى 5 دراهم للواحد. بالنسبة لها، البرقع هو قطعة من هويتها.
اليوم، ومع تحول غطاء الوجه إلى قطعة تراثية بدلاً من ضرورة، تواصل نساء مثل خميس والبلوشي وسالم ارتدائه، تكريمًا لتقليد يعبر عن هوية المرأة الإماراتية ومرونتها حتى مع تلاشت أهميته في الحياة اليومية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
دبي ثروة من فرص الترفيه والمعرفة على مدار اليوم
فالحياة المسائية في دبي من أغنى أوقات المدينة، وأكثرها تنوعاً في الاهتمامات، وفي نوعية الشرائح والفئات التي تستقطبها. وهذا يدل على الشوط الطويل الذي قطعته الإمارة في بناء مشهد ثقافي وفني ومعرفي يوازي ما تمتلكه من إمكانيات في مجال الترفيه. وأضاف: إن تجربة دبي في هذا المجال لافتة للغاية؛ فمن النادر أن تحقق مدينة ما كل ما حققته دبي في سنوات قليلة. وهذا نجاح لم يكن من الممكن أن يتحقق لولا التخطيط الاستراتيجي المحكم المقترن بالعمل المثابر الدؤوب. ولهذا، ليس من الغريب أنها جاهزة لحاجات كل إنسان، في كل أوقات النهار.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
شطرنج الشارقة يحتفل باليوم الوطني الهندي
احتفل نادي الشارقة الثقافي للشطرنج، بيوم الاستقلال الهندي الذي يصادف يوم 15 أغسطس من كل عام، بتنظيم بطولة اليوم الوطني الهندي للشطرنج الخاطف بالتعاون مع القنصلية الهندية في دبي، وأكاديمية الشارقة الدولية للشطرنج. وحضر الافتتاح والمنافسات الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي رئيس مجلس إدارة نادي الشارقة الثقافي للشطرنج، وساتيش كومار سيفان، القنصل العام لجمهورية الهند في دبي والإمارات الشمالية، ولالو صامويل رئيس مجلس الأعمال والمهن الهندي في الشارقة، وفيصل الحمادي عضو مجلس إدارة نادي الشارقة الثقافي للشطرنج، مدير الأكاديمية، وموهيت ميربوري، المدير العام لشركة أغاري إنترناشيونال، والفنان الكوميدي الهندي جيتو فيرما الشهير بـ «جوجو». وقال الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي أن البطولة تدخل ضمن استراتيجية أكاديمية النادي في ربط الأحداث مع المجتمع والتفاعل في كل المناسبات وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لدخول لاعبين جدد خاصة أن مثل هذه البطولات تمثل رواجاً كبيراً للعبة وتسهم في الكشف عن المواهب.


خليج تايمز
منذ 5 ساعات
- خليج تايمز
رحلة 1000 كيلومتر في الصحراء تعيد الشباب الإماراتي إلى جذورهم
مع شعور أكثر من 40% من الشباب الإماراتي بالانفصال عن تراثهم الثقافي، أطلقت مبادرة إماراتية رحلات صحراوية بطول 1000 كيلومتر لإعادة بناء هذه الروابط الحيوية. تدعو مبادرة "مسراح"، التي تعني "الانطلاق صباحًا"، الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا من جميع شرائح المجتمع إلى "السير على درب تراثهم" من خلال رحلة بدنية وثقافية مكثفة تعكس التقاليد الإماراتية العريقة. يبدأ البرنامج الطموح، والمكون من مرحلتين، بتدريب 500 مشارك على المهارات التقليدية، بما في ذلك ركوب الجمال والفنون الشعبية والحرف التراثية، في معسكر شرطة الهجن بأبوظبي. يخضع كل مشارك لـ 12 ساعة تدريب على مدار أسبوع، بحضور جلسات مدتها أربع ساعات، أربعة أيام أسبوعيًا، قبل اختيار 100 مشارك للتحدي الأبرز: رحلة صحراوية بطول 1000 كيلومتر عبر إمارة أبوظبي. قال خليفة المزروعي، المغامر الإماراتي والمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي شارك في البرنامج، لصحيفة "خليج تايمز": "هذه الرحلة ليست مجرد تحدٍّ جسدي، بل هي مسارٌ لإعادة اكتشاف الصلة العميقة بين شعبنا والصحراء". وأضاف: "أثناء تجوالي في الصحراء، وتجربة نفس التضاريس التي عاشها أجدادنا، شعرتُ بالصبر والقوة ينموان بداخلي - صفاتٌ تُميّز تراثنا". تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب. وتعالج المبادرة فجوة حرجة حيث يشارك أقل من 30% من الشباب الإماراتي بانتظام في أنشطة تراثية تعتمد على الصحراء، مع أكثر من 35% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً يعيشون أنماط حياة غير نشطة تفصلهم عن البيئات الطبيعية. تتضمن وحدات التدريب تعريف المشاركين بالثقافة الإماراتية الأصيلة من خلال ثلاث محطات أساسية: مقهى لإعداد المأكولات التقليدية ورواية القصص، وورش عمل الفنون الشعبية التي تغطي عروضاً مثل العيالة والحربية، ومراعي الإبل لرعاية الحيوانات بشكل عملي وإتقان الأدوات التقليدية. View this post on Instagram A post shared by Active Abu Dhabi (@active_abudhabi) وأكدت المزروعي على التأثير التحويلي للبرنامج: "أريد أن يرى الشباب الإماراتي أن ثقافتنا حية - إنها ليست مجرد قصص، بل شيء يمكنك الشعور به في كل خطوة، وفي كل لحظة تحت شمس الصحراء". يشمل التدريب الشامل تشريح الجمل، وتركيب السروج باستخدام الأدوات التقليدية، وتقنيات جمع الحطب على نار المخيم، والحفاظ على التقاليد الشفهية. يهدف المنهج إلى إتقان المشاركين لمهارات البقاء الأساسية في الصحراء، مع تعميق ارتباطهم بالقيم الإماراتية المتمثلة في التحمل والصبر والتعاون المجتمعي. قال منصور الظاهري، رئيس مجلس إدارة "أكتيف أبوظبي": "يُمثل مشروع "مسراح" إنجازًا مُلهمًا في جهودنا المتواصلة لتمكين الشباب وتعزيز ارتباطهم بالهوية الوطنية. نشجع الشباب من المواطنين والمقيمين على المشاركة في هذه التجربة الاستثنائية التي ستُسهم في صقل شخصياتهم وتعميق تقديرهم للتراث الإماراتي". وتهدف المبادرة إلى إنشاء سفراء ثقافيين قادرين على الحفاظ على المعرفة التراثية ونقلها إلى الأجيال القادمة، ومعالجة التحدي الأوسع الذي تواجهه دولة الإمارات العربية المتحدة في الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل التحديث السريع. يمكن للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا التسجيل عبر موقع حيث يستمر التدريب من 21 أغسطس إلى 19 أكتوبر 2025. تتوفر المزيد من المعلومات على الموقع الإلكتروني لمبادرة أبوظبي النشطة. كل شيء عن التمور: معرض دبي يُقرّب السكان من شجرة النخيل والتراث الإماراتي الإمارات العربية المتحدة: منحة تصل إلى 100 ألف درهم إماراتي لمشاريع إماراتية للحفاظ على الثقافة والتراث