
عون في الجزائر: آفاق جديدة للتّعاون وأتطلّع إلى لقاءات مثمرة مع تبّون
مشاهد من وصول الرئيس اللبناني جوزف عون إلى الجزائر ولقائه نظيره عبد المجيد تبون pic.twitter.com/hFIoS5g9W7
— Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) July 29, 2025
وبعد إطلاق 21 طلقة مدفعية، وعزف النشيدَين اللبناني والجزائري، استعرض الرئيسان اللبناني والجزائري تشكيلة من حرس الشرف المكوّن من القوات البرية والجوية والبحرية. كما صافح الرئيس الجزائري أعضاء الوفد اللبناني الذي ضم، إلى الوزيرين رجي ومرقص، المستشارين: الوزير السابق علي حميه، والعميد أندره رحال، وجان عزيز، وروعة حاراتي، ونجاة شرف الدين، ومدير الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، وسفير لبنان لدى الجزائر السفير محمد حسن.
وصافح الرئيس عون أعضاء الوفد الجزائري الذي ضم: وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، ووزير الدولة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة (الوزير المرافق) محمد عرقاب، ووزير الاتصال محمد مزيان، والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالمديرية العامة للاتصال كمال سيدي سعيد، والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون الديبلوماسية عمّار عبّة، والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون السياسية والعلاقات مع الشباب والمجتمع المدني والأحزاب السياسية زهير بوعمامة، والناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية سمير عقون، ومدير المديرية العامة للدول العربية بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية عباس بالفاطمي، وسفير الجزائر لدى لبنان كمال بوشامة.
وفور وصوله إلى المطار، قال عون: "يسعدني أن أطأ أرض الجزائر الحبيبة، هذا البلد الشقيق الذي يحمل في قلبه محبة خاصة للبنان وشعبه. إن زيارتي اليوم تلبية لدعوة كريمة من الرئيس عبد المجيد تبون، تأتي تعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين لبنان والجزائر، وتأكيداً لأهمية تعزيز التعاون بين بلدينا في شتى المجالات".
أضاف أنّ "الجزائر قدمت للبنان على مدى العقود الماضية، الدعم السخي والمساندة الثابتة في أصعب الظروف، وكانت حاضرة وسباقة في مساعدة لبنان، واللبنانيون لن ينسوا مواقف الجزائر في مجلس الأمن الدولي خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، إضافة إلى المساعدات العاجلة التي أرسلت إلى بيروت بعد انفجار المرفأ في عام 2020، ناهيك عن الدعم النفطي وغيره، واحتضان مئات الطلاب اللبنانيين لمتابعة دراستهم في المدارس والجامعات والمعاهد الجزائرية في مختلف الاختصاصات".
وتابع عون: "نحن في لبنان إذ نقدر عالياً هذه المواقف الأخوية النبيلة، نعتبرها تجسيداً للروابط العربية الأصيلة والتضامن العربي الحقيقي. إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقيم المشتركة التي نؤمن بها والتحديات المتشابهة التي نواجهها، كلها عوامل تدفعنا إلى تطوير علاقاتنا وتعميق تعاوننا، فالجزائر تمثل عمقاً استراتيجياً مهماً للبنان في المحيط العربي والأفريقي".
وأوضح أنه "خلال هذه الزيارة، سنبحث مع القيادة الجزائرية سبل تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والإعلامي، وتعزيز التبادل في مجالات التعليم والصحة والتكنولوجيا. كما سنتناول القضايا العربية المشتركة والتحديات الإقليمية، انطلاقاً من إيماننا بضرورة العمل العربي المشترك الذي يحقق الحلول السلمية ويطلق الحوار البنّاء في كل القضايا التي تهم شعوبنا".
وأضاف عون: "أتطلع إلى لقاءات مثمرة مع الرئيس تبون والمسؤولين الجزائريين، وأثق بأن هذه الزيارة ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين بلدينا الشقيقين وستكون مناسبة لتأكيد أن لبنان يقدر عالياً الموقف الجزائري الداعم، ويتطلع إلى مزيد من التعاون والتنسيق في خدمة مصالح شعبينا الشقيقين".
والتقى عون لدى وصوله رئيس مجلس الأمة الجزائري عزوز ناصري، ورئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، الذي رحّب بزيارته إلى الجزائر، مؤكداً على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين.
كما وضع عون إكليلاً من الزهر على ضريح الشهداء في الجزائر، عربون تقدير واحترام لتضحياتهم.
واجتمع الرئيس عون مع نظيره الجزائري لأكثر من ساعة ونصف، بالتوازي مع محادثات بين الوفدين تناولت سبل التعاون في مختلف المجالات بين البلدين.
وقد ازدانت طرق العاصمة الجزائرية، ولا سيما الطريق المؤدية من مطار بوميدين إلى مقر إقامة عون بالأعلام اللبنانية والجزائرية واللافتات الترحيبية بزيارة رئيس الجمهورية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 11 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
القوات: جلسة 5 آب وضعت لبنان على سكة العودة إلى دولة فعليّة وطبيعيّة
صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية"، البيان الآتي: القرار التاريخي الذي اتّخذه مجلس الوزراء، أمس، وَجب اتّخاذه منذ 35 عامًا لولا الانقلاب على "وثيقة الوفاق الوطني" التي نصّت حرفيًّا على "بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية"؛ والقرار التاريخي الذي اتّخذته الحكومة وَجب أن يصبح نافذًا منذ 21 عامًا لولا الانقلاب على القرار 1559 الذي ارتكز في بنوده على اتفاق الطائف ونصّ حرفيًّا على "حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها"؛ والقرار الحكومي بتكليف الجيش إنهاء السلاح غير الشرعي وَجب أن يصبح نافذًا منذ 19 عامًا لولا الانقلاب على القرار 1701 الذي نصّ حرفيًّا على "أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفقًا لأحكام القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006)، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وأن تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان"؛ كذلك وَجب أن يصبح القرار الحكومي نافذًا منذ ثمانية أشهر لولا الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار الذي نصّ حرفيًّا على "نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية (LAF) وقوى الأمن الداخلي ومديرية الأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والجمارك اللبنانية والشرطة البلدية"؛ وبعد هذه الانقلابات كلها على النصوص المرجعية بدءًا باتّفاق الطائف، ومرورًا بالقرارات الدولية، وصولا إلى اتفاق وقف إطلاق النار وخطاب القسم والبيان الوزاري، كان الحري بالفريق الانقلابي الاعتذار من اللبنانيين على ما ارتكبه بحقهم وحقّ لبنان على مدى 35 عامًا، ولكنه بدلا من أن يعتذر خرج مهاجمًا بوقاحة تامة رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وكأن رئيس الجمهورية هو من تسبّب بحرب تموز 2006، أو هو من اتّخذ قرار حرب 7 أيار 2008، أو هو مَن اتخذ قرار الحرب ضدّ الشعب السوري، أو هو مَن تسبّب في "حرب الإسناد" وتداعياتها الكارثية على لبنان؛ وكأن أيضًا رئيس الحكومة هو مَن تسبّب في تعطيل الحياة السياسيّة، وهو مَن أخّر تشكيل الحكومات، وهو مَن قاد البلد إلى الانهيار المالي والاقتصادي بسبب حروبه وتحالفه مع أفسد الفاسدين. وبعد كل ما أصاب البلد من موت ودمار وخراب وكوارث وويلات وانهيار وتهجير بسبب محور الممانعة، وبعد أن تخلى حلفاء الممانعة عنه وبعدما أصبح عاجزًا عن تأمين مصالحهم، وبعد أن أصبحت الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني مصرةّ على خيار الدولة الفعلية، وبعد أن كان مطلوبًا من هذا المحور أن يقوم بمراجعة شاملة لكل ما تسبّب به بحق الوطن والشعب وبيئته تحديدًا، وبدلا من أن يبدِّل في سلوكه التخريبي ومساره الانتحاري، صبّ جام غضبه ضدّ رئيس الجمهورية لأنه التزم بخطاب قسمه، وأظهر أنّه لم يحد قيد أنملة عنه، وصبّ جام غضبه على رئيس الحكومة، لأنّه التزم بالبيان الوزاري ولم يحد قيد أنملة عنه. لقد وضعت جلسة مجلس الوزراء في 5 آب لبنان على سكة العودة إلى دولة فعليّة وطبيعيّة، والمدخل لهذه العودة هو الالتزام بالنصوص المرجعية، وهذا تحديدًا ما فعله رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون ديبايت
منذ 14 ساعات
- ليبانون ديبايت
واشنطن تقدم مشروعاً في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الشرع
أفادت مصادر دبلوماسية بأن الولايات المتحدة تعمل على دفع مجلس الأمن الدولي لرفع العقوبات المفروضة على الرئيس السوري أحمد الشرع، وتخفيف القيود على جماعة "هيئة تحرير الشام"، في خطوة قد تصطدم بمعارضة قوية من الصين وروسيا. وذكر موقع Al Monitor أن واشنطن وزعت مشروع قرار على المملكة المتحدة وفرنسا، يقضي بشطب اسم الشرع ووزير الداخلية السوري أنس خطاب من قائمة العقوبات الأممية الخاصة بمكافحة الإرهاب المرتبطة بتنظيم القاعدة و"داعش"، والتي تفرض قيوداً على السفر الدولي. كما يتضمن المشروع توسيع استثناءات العقوبات لتسهيل النشاط التجاري في سوريا، ومنح استثناء محدود على حظر الأسلحة يسمح لوكالات الأمم المتحدة باستخدام معدات لازمة لإزالة الألغام وأنشطة أخرى دون الخضوع لقيود الاستخدام المزدوج. وكانت النسخة الأولى للمشروع الأميركي تشمل رفع اسم "هيئة تحرير الشام" بالكامل من قائمة العقوبات، إلا أن واشنطن عدلت الصيغة بعد توقع اعتراض دول بينها الصين، لتسعى بدلاً من ذلك إلى معالجة وضع الهيئة عبر لجنة العقوبات الأممية السرية. ومن غير المؤكد ما إذا كان سيتم رفع اسم الشرع قبل مشاركته المرتقبة في قمة الأمم المتحدة المقبلة في نيويورك، حيث سيُلقي أول خطاب لرئيس سوري أمام المنظمة الدولية منذ عام 1967. ويتوقع أن يحصل على إعفاء خاص يتيح له السفر في حال بقي اسمه مدرجاً على القائمة. المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم برّاك، قال إن الأمم المتحدة "ليست جاهزة" لرفع الهيئة وزعيمها السابق من القائمة السوداء، لكنه توقع أن يُمنح الشرع إذناً خاصاً لحضور اجتماعات الجمعية العامة في أيلول، مشيراً إلى أن القرار بشأن لقاء محتمل بين الرئيس دونالد ترامب والشرع على هامش القمة لم يُحسم بعد. يعود إدراج "هيئة تحرير الشام" على قائمة الإرهاب الأممية إلى عام 2018 باعتبارها امتداداً لجبهة النصرة التي كانت مدرجة منذ 2014 كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا. وعلى الرغم من إعلانها قطع الصلة بالقاعدة عام 2016 واندماجها مع فصائل أخرى، استمرت العقوبات بحقها حتى اليوم. ورغم رفع إدارة ترامب مؤخراً تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية أجنبية من جانب الحكومة الأميركية، تدفع واشنطن لإعادة النظر بالعقوبات الأممية، معتبرة أن الحكومة السورية ملتزمة بمحاربة الإرهاب. لكن الصين تعارض هذه الخطوة، محذّرة من مخاطر دمج الجيش السوري لعناصر من الأويغور المرتبطين بـ"حزب تركستان الإسلامي"، فيما تطالب روسيا بإجراءات واضحة تجاه المقاتلين الأجانب وضمان حماية الأقليات قبل أي رفع للعقوبات. يأتي ذلك في وقت تواصل موسكو اتصالاتها مع الحكومة السورية الجديدة، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في موسكو، في أول زيارة لمسؤول سوري رفيع منذ الإطاحة ببشار الأسد.


الشرق الجزائرية
منذ يوم واحد
- الشرق الجزائرية
حصريّة السلاح: 'إذا مش التلاتا.. الخميس'
«أساس ميديا» على قاعدة الاعلان الشهير لمسابقة اللوتو 'إذا مش التلاتا.. الخميس'. من المرجح ألا تخرج جلسة اليوم الثلاثاء بقرارات نهائية حاسمة، بل ستنتهي إلى بيان عمومي إيجابي النبرة يشيد بوحدة الموقف الوطني ويدعو لاستكمال البحث يوم الخميس المقبل. سيكون على الحكومة في الجلسة التالية تثبيت تفاصيل أكثر حول آلية التنفيذ ومراحله إن أمكن، أو على الأقل إحالة الملف إلى الجهات المختصة دستورياً وأمنياً. وتشير المعلومات إلى أنّ الجيش اللبناني والمجلس الأعلى للدفاع سيتوليان لاحقاً مهمّة وضع الخطة التنفيذية لجمع السلاح وضبطه بيد الدولة ضمن المهلة المحدّدة نهاية العام. هذا يعني أنّ الكرة ستنتقل إلى الملعب العملاني حيث يبدأ الاختبار الفعلي: هل سيتمكن الجيش من دخول مرحلة جمع أسلحة المقاومة والفصائل الأخرى بهدوء وتعاون؟ وكيف سيتم التعامل مع ترسانة الحزب الكبيرة شمال نهر الليطاني، والتي كانت وفقا لتفسير الحزب خارج نطاق قرارات الأمم المتحدة السابقة؟ علماً أن اتفاق وقف النار المبرم برعاية أميركية في تشرين الثاني الماضي أتاح للقوى السياسية بتفسيره بشكل متباين حيث يعتبر الحزب أن الاتفاق يقتصر على جنوب الليطاني بينما ترى واشنطن وتل أبيب أنه يشمل نزع سلاح الحزب في كل لبنان . خلال المرحلة المقبلة، سيواجه لبنان استحقاقاً تاريخياً. فإذا شرعت الدولة فعلاً عبر جيشها ومؤسساتها، في تنفيذ تدريجي متفق عليه لنزع سلاح المجموعات المسلحة وترجمة شعار 'السلاح الشرعي الوحيد بيد الجيش' إلى واقع، ستكون النتيجة تثبيت معادلة داخلية جديدة قد تغيّر وجه لبنان السياسي والأمني. عندها يتوقع أن يجني لبنان سريعاً ثماراً إيجابية: تثبيت الهدوء على حدوده الجنوبية، رفع مستوى الثقة الدولية به، انطلاق ورشة إعادة الإعمار بمساعدة المانحين، وربما بدء معالجة حقيقية للأزمة الاقتصادية الخانقة. وقد ألمح الرئيس جوزف عون في خطابه الأخير إلى أنّ إثبات مصداقية الدولة في هذا الملف بقوله 'قد يعيد ثقة العالم بنا وبقدرة الدولة على حفظ أمنها' . كذلك فإن نجاح التفاهم الداخلي سيشكل سابقة عربية في حل معضلة الميليشيات ضمن دولة متعددة الطوائف، ما قد ينعكس إيجاباً على صورة لبنان عربياً ويفتح الباب لدور سعودي – خليجي أكبر في دعمه. أمّا إذا تعثّر هذا المسار سواء عبر رفض ضمني من الحزب عند مرحلة التنفيذ، أو خلافات داخلية تعطل القرارات، أو تصعيد مفاجئ من قبل إسرائيل يخرج الوضع عن السيطرة، فإنّ لبنان يكون قد أضاع الفرصة الذهبية. وفي هذه الحال، التداعيات ستكون وخيمة. فالولايات المتحدة وحلفاؤها سيعتبرون أنّ لا فائدة من الرهان على السلطات اللبنانية الحالية، مما يعني عودة الضغوط بأقصى حد: استئناف الحرب من الجانب الإسرائيلي بشكل أوسع هذه المرة دون تمييز بين أهداف تابعة للدولة أو للحزب، وتشديد الخناق الاقتصادي والدبلوماسي عبر عقوبات قد تطال مسؤولين رسميين متهمين بـ'التواطؤ' مع الحزب. وقد حذّر المراقبون من أنّ انهيار تلك التسوية سيضع لبنان كله في مهب عاصفة تجعل أحداث السنوات الماضية تبدو بسيطة؛ إذ قد نشهد انهياراً أمنياً شاملاً يمتد من الحدود الجنوبية إلى العمق الداخلي، إلى جانب انهيار اقتصادي أسرع مع انهيار ما تبقّى من ثقة واستنزاف ما تبقّى من احتياطيات. تمرّ جلسة مجلس الوزراء اللبنانية اليوم، المعروفة إعلامياً بـ'ثلاثاء التوافق الوطني'، في أجواء هادئة نسبياً رغم حساسية القضايا المطروحة. فكل الأطراف الداخلية والخارجية تبدو حريصة على إبقاء هذه الجلسة ضمن سقف الاستقرار وعدم 'تفجير' الوضع سياسياً أو أمنيّاً. وتُجمع التسريبات على أنّ النقاشات ستجري بـ'إيجابية مرضية' للجميع بحيث لا يُتخذ قرار حاسم اليوم، بل يستكمل البحث في جلسة مقررة يوم الخميس المقبل. هذه التهدئة المدروسة تأتي بقرار دولي وإقليمي واضح بعدم دفع الأمور نحو أزمة حكومية، وبقرار داخلي بعدم إشعال فتيل أي صدام داخلي في هذه المرحلة الدقيقة. تفاهمات في الكواليس وصيغة توافقية جاهزة تكشف مصادر حكومية لـ'أساس' أنّ مشاورات مكثفة بعيداً عن الإعلام جرت في الأيام الأخيرة بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي) إلى جانب تواصل مع قيادة الحزب، بهدف بلورة صيغة توافقية تُطرح في جلسة مجلس الوزراء. وقد عُقد لقاء مهم يوم الإثنين في القصر الجمهوري بين الرئيسين جوزف عون ونواف سلام لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الصيغة. وتقول المصادر إنّ الورقة النهائية استندت إلى النقاط الواردة في خطاب رئيس الجمهورية جوزف عون بمناسبة عيد الجيش نهاية الشهر الماضي، والتي شكّلت بدورها ردّ لبنان على المقترحات الأميركية الأخيرة. أبرز هذه النقاط يمكن تلخيصها على النحو التالي: 1- انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل شامل. 2- التزام كلّ من لبنان وإسرائيل بالقرار 1701 (الصادر عن مجلس الأمن إثر حرب 2006) وتثبيت الحدود الجنوبية للبنان بشكل نهائي. 3- ترسيم الحدود اللبنانية – السورية لحل أي إشكالات عالقة وتعزيز سيادة الدولة على كامل أراضيها. 4- حصر السلاح وحل الميليشيات: سحب سلاح جميع الفصائل اللبنانية وغير اللبنانية وتسليمه إلى الجيش اللبناني، بما في ذلك سلاح الحزب. 5- إعادة إعمار المناطق المدمّرة جراء الحرب الأخيرة، عبر عقد مؤتمر دولي للمانحين وتأمين دعم سنوي ثابت للبنان. وقد اقترح لبنان مساهمة دولية بقيمة مليار دولار سنوياً لمدة عشر سنوات لدعم الجيش والقوى الأمنية ومشاريع إعادة الإعمار. هذه النقاط تشكّل جوهر الورقة التوافقية التي سيجري بحثها. وتشير المعلومات إلى أنّ الحزب أبدى مرونة مبدئية حيال مبدأ حصر السلاح بيد الدولة إن تمت الخطوات ضمن أجندة وطنية سيادية وليس بإملاءات أميركية أو إسرائيلية مباشرة. وكان الحزب قد أعلن صراحة أنّه 'لا يمانع مناقشة مبدأ حصر السلاح وفق أجندة لبنانية سيادية' بدل أن تكون خطوة يعتبرها استسلاماً للشروط الخارجية. وفي هذا السياق، تفيد المعطيات أنّ الصيغة المطروحة تجنّبت تحديد جدول زمني تفصيلي لتنفيذ نزع السلاح. فبدلًا من مراحل مرحلية محددة بتواريخ، اكتفت التوافقات بتحديد مهلة نهائية عامة بنهاية العام الجاري لتحقيق هدف حصر السلاح، على أن يُترك وضع البرنامج التنفيذي وجدول المهل للمؤسسة العسكرية وقرار المجلس الأعلى للدفاع لضمان مرونة التنفيذ. هذا التكتيك يهدف إلى تخفيف حساسية الموضوع بالنسبة للحزب، بحيث يظهر الأمر كقرار سيادي لبناني تُشرف الدولة نفسها على تفاصيل تطبيقه. مواقف الأطراف الداخلية: بين التحفّظ والترقّب خصوم الحزب السياسيون، وعلى رأسهم حزب القوات اللبنانية، يتخذون موقفاً حذراً وإيجابياً مشوباً بالترقّب. فقد حرص هؤلاء على عدم عرقلة التوافق المبدئي حالياً. وأكّد النائب ملحم رياشي (عن القوات اللبنانية) أنّ الحزب سيطرح صيغة حلّ في الجلسة 'لا تجرح مشاعر أحد' في إشارة إلى تجنّب الاستفزاز المباشر للحزب بما يضمن موافقة الجميع على المبدأ العام لحصرية السلاح بيد الدولة. تيار المقاومة وحلفاؤه داخل الحكومة أيضاً مشاركون في المناقشات من خلال الوزراء المحسوبين عليهم، علماً أنّ تركيبة مجلس الوزراء الحالي هي تكنوقراطية لكنها تضم شخصيات مقرّبة من مختلف القوى بما فيها الحزب. وهذا يعني أنّ أي اتفاق سيصدر عمليًا بموافقة غير مباشرة من الحزب، أو أقله بعدم اعتراضه عليه ضمن المجلس. وتنقل مصادر قريبة من رئيس الحكومة نواف سلام أنّه من غير الواضح إن كانت الحكومة ستلجأ إلى التصويت الرسمي على الخطة أم ستصدر بالتوافق العام دون اعتراضات، إذ يعتمد ذلك على مجريات النقاش وكيفية صياغة القرار النهائي. داخلياً أيضاً، رئيس مجلس النواب نبيه بري يلعب دوراً خلف الكواليس لضمان سير الأمور بسلاسة. فرغم تحالفه المعروف مع الحزب، يشارك برّي في إعطاء هذه الفرصة الداخلية أولوية، مقتنعاً كما يبدو بضرورة استثمار اللحظة الإقليمية والدولية لتحصين الاستقرار ومنع الانهيار الشامل. ولا يخفى أنّ الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان تضيف عامل ضغط على الجميع: فالدولة والحكومة بأمسّ الحاجة إلى انفراجات مالية ودعم خارجي، وهذا الدعم مرهون بتنفيذ إصلاحات حقيقية أهمها بسط سيادة الدولة أمنياً وعسكرياً. لذا تجد معظم القوى السياسية نفسها مضطرة للمسايرة والموافقة المبدئية على مسار حصر السلاح، على أمل أن يفتح ذلك باب تخفيف العقوبات واستعادة ثقة المستثمرين والدول المانحة. أنظار دولية وإقليمية: مراقبة حذرة يحظى اجتماع الحكومة اليوم الثلاثاء باهتمام بالغ من العواصم الغربية والعربية المعنية بالملف اللبناني. فهذه القوى الخارجية ترى في الجلسة مؤشّراً مبكراً على مدى جدّية لبنان، دولةً وأحزاباً في الاستجابة للمطالب الدولية المتعلقة بسيادة الدولة ونزع سلاح الميليشيات. وقد جاء هذا الاجتماع ثمرة تفاهم أميركي – سعودي تحديداً، إذ توحّدت واشنطن والرياض خلف رؤية مشتركة تدفع نحو استقرار لبنان واستعادة سيادته. الموقف الأميركي – الخليجي واضح في إتاحة هذه الفرصة للحل الداخلي، إنما بشروط زمنية صارمة. فواشنطن تربط أيّ وقف كامل للعمليات العسكرية الإسرائيلية وأيّ مساعدات مالية بتقدّم ملموس نحو نزع سلاح الحزب خلال أشهر معدودة. المجتمع الدولي يعتبر هذه المرحلة فرصة أخيرة ينبغي على لبنان اقتناصها؛ فإن نجح في اتفاق داخلي تاريخي يعيد قرار الحرب والسلم إلى الدولة اللبنانية، سيكون ذلك مدخلاً لنجاته من المزيد من التدهور. أما إذا تبيّن أنّ ما يجري مجرد مماطلة وشراء للوقت من قبل المنظومة اللبنانية، أي 'مسرحية سياسيّة' هدفها تخدير الخارج دون تغيير حقيقي فإنّ التصعيد قادم وسيكون شاملاً ضد الدولة والحزب معاً، أمنياً واقتصاديًاً. وقد حذّر المبعوثون الأجانب بوضوح من أنّ العقوبات وعزلة لبنان الدولية ستكون السيناريو الحتميّ إذا فشل التوافق الوطني الحالي في ترجمة الأقوال إلى أفعال خلال الفترة المقبلة. على الصعيد الإقليمي الأوسع، تراقب إسرائيل عن كثب مآل هذا الحراك اللبناني. ورغم اللهجة الحادة في الإعلام الإسرائيلي عن احتمال عودة الحرب الشاملة في أي لحظة، تقول مصادر دبلوماسية لأساس، أن تل أبيب ستمنح المسار السياسي فرصة محدودة تحت الضغط الأميركي. لكنها في الوقت نفسه لن تتردد في استئناف العمليات العسكرية الواسعة إن شعرت أن الحزب يستغل المفاوضات الداخلية لإعادة بناء ترسانته.