
رمضان في الجزائر... موائد الخير باقية لكن الإفطارات "الدليفري" تتوسّع
أيّام ما قبل رمضان في الجزائر تشُدّك إلى استعدادات الناس فيها، بزينة البيوت وزحمة الطرقات والأسواق وروائح التوابل. الأسواق الشعبية والمحالّ العتيقة تحولت إلى فضاءات مفتوحة بديكورات ومستلزمات خاصة بهذا الشهر.
فقُبيل رمضان ومع أيامه الأولى تعود عادات وتقاليد الجزائريين الخاصة بهذا الشهر؛ نزوحٌ جماعي نحو الأسواق لشراء الأواني الجديدة ومستلزمات الشهر من المواد الغذائية، وتحضير نوعي داخل المنازل.
جولة قصيرة في سوق الرغاية شرق العاصمة الجزائرية، توحي لك بلا اعتيادية الأجواء مقارنة بأيام وشهور مضت؛ روائح البهارات والبخور تعبق في المكان، تنبعث من المحالّ التي تحيط بها أعداد غفيرة من المتسوّقين وخاصة النساء.
الجزائريون يغيِّرون أطباقهم مع قدوم الشهر، وأطباق الفخار التقليدية هي الأبرز في ميدان الأواني.
اعتاد الناس أكلات معينة في رمضان، قد تختلف تسمياتها من منطقة إلى أخرى، ولكنها نفسها، فـ"شوربة الفريك" مثلاً هي أول طبق يوضع على موائد الإفطار، وهي أيضاً أول ما يتناوله الجزائريون بعد إفطار بالتمر والحليب.
"شُوربة فْريك" وسط البلاد و"لَحْرِيرَة" غربها و"الجاري" شرقها، طبق يُحتسى في صحون من الفخار.
على مقربة من أحد المحال، تقف السيدة سليمة ممسكة بـ"الطاجين"، تستعمله المرأة الجزائرية للطهو في رمضان. ما الذي يدفعك لشراء هذا النوع من الأواني؟ "لا شيء غير رمضان. هذا النوع من الأواني يزيد رمضان تميّزاً في المطبخ". وتضيف: "أنا من النوع الذي يحبّذ تجديد أواني الطبخ والأكل كل رمضان"، والحقيقةُ أنها عادة أغلب العائلات الجزائرية.
في عاصمة البلاد وغيرها من المدن، تحضر مشاهد غير معتادة خلال الأشهر الأخرى. مظاهر استقبال رمضان تتنوّع من منطقة إلى أخرى. الجزائريون لا يستغنون عن بعض المأكولات الخاصة برمضان، لذا تجدهم يزدحمون قبيل حلوله على أبواب المحالّ مثلما هي الحال في ساحة الشهداء قرب وسط العاصمة. أضواء الفوانيس تتلألأ في زينة خاصة برمضان. النساء في أحد المحال، يفركن بأيديهن "البرقوق المجفف" أو ما يُعرف بـ"العِينَة" الفاكهة الرئيسة في طبق "اللحم الحلو" أو "طاجين لحلو"، المكوّن أيضاً من الزبيب واللوز ولحم الغنم، ويُطهى بالسكر ما يجعله ثخيناً معسلاً، إنه طبق شائع يزيّن مائدة الإفطار طوال الشهر. أمّا محالّ التوابل والبهارات فلا تختلف كثيراً؛ روائحها بالمطبخ خلال أيام رمضان لا يمكنك الاستغناء عنها، ما يدفع الجميع إلى التسابق من أجل شراء الجيِّدة منها.
ما الذي يدفع الجزائريين إلى التسوُّق بهذا الإقبال؟ سؤال يجيب عنه كثيرون بالقول: "إنه رمضان. لا نكهة لرمضان من دون هذه المظاهر، ولا حلاوة فيه من دون مائدة حافلة بأطباق الشوربة والبُوراك أو البريك واللحم الحلو و... إلخ".
وإن كانت أغلب هذه المظاهر معتادة منذ زمن ليس بقريب، فإن بعضها أضحى سمة كل رمضان؛ أهل الجزائر لا يتأخرون عن المساهمة في موائد الإفطار الجماعية عبر الأحياء والقرى والمدن، وحتى عبر الطرقات.
وليد شاب في العشرينات من عمره، ناشط عبر جمعية "أيادي الخير"، وهي جمعية خيرية تطوعية يزيد نشاطها في رمضان، يقول: "بدأنا التحضير قبل أسبوعين من الآن. نجمع التبرّعات باختلافها من مؤونة وغيرها، ونستغلّ مقراً صغيراً هنا في منطقة أولاد فايت، نطهو فيه أطباقاً رمضانية مختلفة بمساعدة أمهاتنا وأخواتنا، لنقوم بالتحضير لمائدة تجمع الغرباء عن المدينة والذين هم دون مأوى وعابري السبيل".
مائدة الإفطار ليست كل شيء بل إن وليد وآخرين من الجمعية عازمون على التوجه كل يوم قبيل الإفطار نحو الطريق السريع، مُحمَّلين بكمّيات من التمر وعلب الحليب وأطباق خفيفة لإفطار السائقين ممّن لم يسعفهم الحظ في الوصول إلى منازلهم قبل موعد أذان المغرب مثلما اعتادوا القيام به في الأعوام الماضية.
الأجواء نفسها يعرفها حيّ بن شوبان شرق العاصمة الجزائر؛ مقر فوج كشفي تحوّل إلى خليّة نحل. امتلأ بالمواد الغذائية من كل الأنواع كعاداته قبيل رمضان؛ أبناء الحيّ يتناوبون على خدمة الصائمين من العاملين في الحيّ والأحياء المجاورة البعيدين عن عوائلهم، وتحضير مائدة إفطار في أجواء قد تقرّب هؤلاء من أجواء الإفطار في بيوتهم.
رمضان في الجزائر تأثَّر هو الآخر بما عرفته التجارة الإلكترونية من تطوّرٍ واستخدامٍ على نطاق واسع؛ نَقرة واحدة على أحد الإعلانات في منصّة "فيسبوك"، تمنحك خيارات لأكلات رمضانية متنوّعة، وما عليك سوى التأكيد لتصلك طلبيتك إلى باب بيتك وقبيل موعد الإفطار.
إنها موضة الأكل الجاهز التي طغت بين الجزائريين، وخاصة منهم الشباب خلال شهور السنة، ودخلت رمضان من بابه الواسع؛ أزواج يفضلون أكلاً جاهزاً بحجة ضيق الوقت ما دام الزوجان يقضيان يومهما في دوامهما، وشباب يفضّلون الإفطار خارج المنزل كسراً لتقاليد هذا الشهر.
"النهار" تواصلت مع إحدى الصفحات التي تعرض أطباقاً جاهزة، فأجابت: "نعم يا وليد؛ سأعرض عليك اقتراحاً؛ يمكنني أن أحضِّر لك أطباقاً يومية كالمْثَوَّم والكباب وشْطِيطْحَة دجاج وطاجين جبن ولحم لَحْلُو، بكميات تكفيك لأسبوع كامل"؛ يبدو الأمر مغرياً وخاصة للبعيدين عن عائلاتهم القاطنين بمفردهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
١٦-٠٣-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
نكهةٌ بين الحموضة والحلاوة، ما سرّ وصفة طاجين اللحم بالبرقوق في المغرب والجزائر؟
يعتبر 'طاجين اللحم بالبرقوق' من الأطباق الرئيسية القليلة في المطبخ العربي التي لا تمتزج فيها قطع اللحم بالخضروات أو بالبقول – كما هو حال معظم الوصفات المألوفة – بل تطبخ مع الفاكهة. نكهة الطبق فريدةٌ، بين الحموضة والحلاوة. ويعد الطاجين (وهو نوع من اليخنات) حجر الزاوية في المطبخ المحلي لكل من الجزائر والمغرب، وتسود منافسة بين البلدين الجارين بخصوص وصفة هذا الطاجين تحديداً، اللحم بالبرقوق؛ فلماذا هذا الطاجين بالذات؟ وكيف يقدم على المائدتين؟ Getty Images استخدم الأمازيغ الأواني الطينية التي تعرف بـ'الطاجين' في الطبخ. صار الاسم الذي كان مرتبطاً بالطناجر الفخارية العميقة يشير – في الجزائر والمغرب – إلى اليخنة المطهوّة على نار هادئة لعدة ساعات، والتي توفر نكهة أعمق وتُنتج لحماً طرياً للغاية. بينما يشير الطاجين في تونس إلى معجنات تُحضَّر بالبيض والبطاطا. ويضمن الشكل المخروطي المميز لوعاء الطاجين بقاء البخار في الداخل، ما يجعل اللحم أكثر طراوة. يعدُ طاجين اللحم بالبرقوق من الوجبات التقليدية في كل من المغرب والجزائر، وعادة ما يرافق الشعبين ليس فقط خلال شهر رمضان، بل يكون حاضراً في الأعراس وعنوانَ المناسبات الخاصة المختلفة والأعياد. لدى كل من البلدين مطبخ من أقدم مطابخ المنطقة؛ هناك تداخل كبير بينهما بحكم الموقع الجغرافي والموروث الثقافي المشترك، ولكن حافظ كلٌ منهما على طابعه الخاص. تحدثت إلى طاهيين معروفين في كل من الجزائر والمغرب عن أسرار إعداده، ويبدو أن الطبق عزيز على شعب كلّ من البلدين، لذا أصرّ كل منهما نسب الطبق إلى تراث بلده. قبل طاجين البرقوق، كان هناك جدل حول أصل الكسكس – وهو طبقٌ شمال أفريقي شهير وقديمٌ جداً – وحول موسيقى الراي، والزليج (فن الفسيفساء)، وكذلك الألبسة التقليدية وصولاً لأصل طاجين اللحم بالبرقوق، وفق ما رصدناه على مواقع التواصل الاجتماعي من كلا الجانبين؛ فالخلافات بين الجاريَن ليست سياسية فقط، بل ثقافيّة أحياناً. سرّ 'تتبيلة' طاجين البرقوق المغربي أبدأ من المغرب، مع الطاهي المحترف، الشيف سيمو، الذي وصف طاجين اللحم بالبرقوق بأنه 'طاجين استثنائي'، قائلاً إنه 'أحد الأطباق الرئيسية في قائمتنا، ولا يجب تفويته'. يملك الطاهي سيمو مدونة طبخ وسلسة مطاعم في المغرب يقدم فيها أطباقاً محلية ويعيد ابتكار بعضها. يعتبر سيمو نفسه 'سفيراً للثقافة المغربية'، وعند سؤاله عن نصيحته لإعداد طاجين اللحم بالبرقوق، أوصى بنقع قطع لحم الغنم الطرية أولاً في التوابل فترة من الوقت 'كي تستقر التتبيلة'. تشكيلة التوابل هذه تتكوّن من الزنجبيل والكركم والقرفة وكل من الفلفل الأسود والأبيض وملعقة صغيرة من عطرية المروزية. يخلط كل ما سبق مع الزعفران، الذي يُطحن ويضاف له الماء. تمثل فاكهةُ البرقوق العنصر الأساسي في هذا الطاجين ويطلق عليها في بعض البلدان العربية اسم الخوخ أو البخاري أو غوجا وكذلك العوينة. ويعتبر سيمو أن البرقوق هو ما يمنح الطاجين اللون الجميل والكثافة، شارحاً أنه يجب 'كرملة' البرقوق المجفف في مقلاة منفصلة، بتذويب السكر في قليل من الماء حتى يغلي بعد سلق حبات البرقوق مع عود من القرفة وقليل من ماء الزهر لتصير طرية، وتصفيتها ووضع قطرات من الزيت عليها لتكتسب اللمعان. وفي الدقائق الأخيرة تضاف الزبدة والعسل. تطهى بعد ذلك قطع اللحم المتبل مع زيت وسمن وبصل، وتُضاف لها أعواد قرفة وحبات مستكة حتى مرحلة النضج. يكشف لنا سيمو أن أساس نجاح الطبخة يعتمد على تسويتها على نار منخفضة هادئة لنحو ساعتين دون فتح الغطاء، إلا بالنصف ساعة الأخيرة حتى ينضج اللحم بشكل مثالي و'يتعسّل' البصل. وأضاف 'بعدها نزيل أعواد القرفة ونرصّع بخليط البرقوق واللوز المقلي والسمسم المحمص، ويقدم الطاجين بأناقة مع الخبز المغربي'. تناسب إضافة اللوز المحمص لطاجين اللحم بالبرقوق الذوق المغربي؛ فكما يقول سيمو لبي بي سي: 'في طاجين اللحم بالبرقوق المغربي، اللوز المقلي يضفي قرمشة وهو مكون أصيل بهذا الطاجين، بينما الزبيب والسمسم خيارات حسب الذوق وللتزيين'. ويمكن إضافة المشمش المجفف أيضاً للخليط، لكن بعد تحضيره بذات طريقة البرقوق. الوصفة الجزائرية لـ'طاجين لحلو' يسمّى طبق طاجين اللحم بالبرقوق في الجزائر 'طاجين لحلو' (الطاجين الحلو). لكن هل يختلف مذاقه – مثل اسمه – إذا قُدم بأسلوب جزائري؟ تشاركنا الشيف الجزائريّة المتمرسة، شهرزاد، وصفتها الخاصة لإعداد الطبق. تقول لبي بي سي 'تشتهر الجزائر بطاجين لحلو. هو جزء من التجمعات العائلية خاصة بأول أيام رمضان. البرقوق هو ما يتألق في هذا الطاجين الذي له مكانته وأثره الخاص على مائدة أمتنا'. 'هو طبق عطري، مبهج، ملون ومشبع، ويسلط الضوء على إتقان النكهات المعقدة. أنا مغرمة به لأنه يحفز الحواس ويوفر رحلة للتعرف على الجوانب المجتمعية والاحتفالية للطعام في بلادي'. لتحضيره، تختار شهرزاد لحمُ الضأن من منطقة الفخذ أو الكتف، أما توابل الوصفة الجزائرية فهي خفيفة، مثل القرفة المطحونة والملح والفلفل مع شعيرات الزعفران المنقوعة بماء ساخن. ولتعزيز نكهة البرقوق، تضيف شهرزاد الفانيليا إلى جانب المكونات المشتركة مع الوصفة المغربيّة. وبحسب شهرزاد 'تميل كل منطقة لوضع لمساتها الإبداعية، لكن المكونات الأساسية غالباً ما تظل كما هي'. في الفيديو المنشور على صفحتها، وضعت شهرزاد اللحم وسط طبق التقديم وأضافت مرق البصل المصفى، ونثرت اللوز الذهبي المقرمش على الوجه بعد قليه، ووضعت جزءاً منه داخل حبات البرقوق وجعلت الفاكهة الحلوة بصلصتها المسكرة تغمر اللحم. وأبدعت في التزيين حتى أخذ الطبق شكلاً فنياً. أشارت إلى أن إضافة الزبيب أو السمسم أو الفواكه المجففة الأخرى مثل التمر يعطي نتائج شهية. سر الطبخة بالنسبة لشهرزاد يكمن في انتقاء قطعة لحم طرية وطهوها حتى الذوبان، واستخدام المرق الناتج في طهي البرقوق مع السكر. اللحوم والفواكه في طبق واحد: نعم أم لا؟ قد لا يستسيغ بعض سكان المنطقة العربية اجتماع اللحم والفواكه في طبق رئيسيّ واحد، لكن الشيف سيمو يرى أن 'الشيء الممتع والتحدي الحقيقي في الطبخ هو جمع مكونات ونكهات لا تتجانس – نظرياً وظاهرياً. الوصفة التي قد تبدو غريبة على الورق، قد يكون مذاقُها مذهلاً عند تجربتها'. ويضيف: 'يعتقد كثيرٌ من الناس أن الطعم الناتج عن لقاء الفاكهة واللحم غير جذاب، لأنهم غير معتادين عليه، لكن هذا اللقاء موجود في الوصفات التقليدية المغربية'. الشيف سيمو يسمي هذا الطبق 'عسل الموائد الرمضانية وطبقٌ احتفالي من الدرجة الأولى'، أما الشيف الجزائريّة، شهرزاد، فتقول 'قد يبدو الجمع بين اللحوم والفواكه غريباً في البداية للبعض، إلا أنه فلسفة طهي في الجزائر ويمكن تأليفُ كتابٍ كامل عنها وعن فواكه مثل التفاح والكمثرى دخلت أطباقنا الرئيسية مما يُخلق تبايناً وتناغماً رائعين في الطبق نفسه'. ويستعرض سيمو تشكيلة أطباق مغربية يقول إنها ستجعل الأشخاص 'يفكرون بشكل مختلف'. فيشير إلى 'البسطية'، فطيرة الدجاج باللوز المتبلة بالثوم والبصل والزعفران أو الكركم والزنجبيل، التي تلف داخل عجينة رقيقة ومقرمشة مرشوشة بالقرفة والسكر؛ وكذلك طبق 'المروزية'، الذي يحضره عادة في عيد الأضحى، بطهي لحم الضأن بتوابل رأس الحانوت مع القرفة والزعفران، ويزين بالبرقوق أو الزبيب مع العسل واللوز؛ وطبق 'كسكس التفايا'، الذي يغطى بطبقة من البصل المكرمل المطهو مع الزبيب والقرفة والعسل؛ و'طاجين الدجاج بالمشمش أو التين'. 'كل واحدة من تلك الوصفات تجعلُ من الطعام المغربي مغامرة'، كما يقول الشيف سيمو. عند البحث في كتابات عدد من المختصين في الطعام، نجد إحدى النظريات تتحدث عن أن مزج اللحوم والفواكه – سواء الطازجة أو المجففة – في الأطباق الرئيسية ظهر في الشرق، لدى الإمبراطورية الفارسية تحديداً. وبحسب هذه النظريّة، كان الإيرانيون رواد هذا اللون من الطبخ؛ إذ انتشرت فكرة الاسترخاء أثناء إعداد الطعام، ولذلك ظهرت اليخنات المطهوة ببطء لأنها شهية ومريحة. وحتى اليوم، تستخدم العديد من الفواكهة في الطبخ لإضافة حلاوة طبيعية، كما تضاف للمشاوي، ولتحضير الصلصات أو للتزيين عند التقديم. ومهما كان نوع اللحم المستخدم، يعثر الطهاة على فاكهةً تُناسبه، مثل التفاح أو الرمان الذي يلعب دورا مهما في الأطباق الإيرانية. وبحسب ما ورد في كتاب '500 عام من المطبخ العثماني'، الصادر عام 2005، فقد تأثر المطبخ العثماني بالمطبخ الفارسي. وجاء فيه أنه كسر الرتابة، إذ طوّر طهاة قصر الحاكم العثماني أنواع طعام واستلهموا مأكولات من مناطق مجاورة لتقديمها للسلطان والعائلة وموظفي القصر والحاشية. وهناك من يقول إن عادات الأكل في القصر العثماني شقت طريقها نسبياً عبر الإمبراطوريّة العثمانية إلى العالم العربي والإسلامي، فانتقلت تقنيات الطبخ الفارسية وإدخال المكسرات (الصنوبر واللوز والجوز والفستق) والفواكه المجففة (المشمش والتمر والتين والزبيب) إلى وجبات رئيسية. ونجد في العراق على سبيل المثال طبق 'الطرشانة'، المكون من المشمش المجفف الذي يستعمل لعمل الحساء، ثم يضاف له قطع لحم وجوز واللوز والبهارات وكذلك 'الكبة الموصلية' التي يتم حشوها بالمشمش والفستق واللوز.


ليبانون 24
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- ليبانون 24
"حالتها حرجة"... فنانة شهيرة مُحتجزة لدى جارتها؟!
خلال الساعات الماضية، انشغل الجزائريون بواقعة احتجاز الفنانة الشهيرة بيونة، بعدما أطلقت أسرتها نداء استغاثة. فقد أعلنت العائلة أنّ صاحبة دور فاطمة في فيلم "الدار الكبيرة"، محتجزة عند جارتها، ويجب التدخل وفتح تحقيق من أجل تخليصها منها. كما أوضحوا أن القصة بدأت عندما صرحت الفنانة والممثلة الجزائرية نوال زعتر بأنها لم تتمكن من زيارة صديقتها الفنانة بيونة، لأنَّ هاتف الأخيرة محجوز عند جارتها. كما كشفت زعتر بأنها حاولت مرار وتكرارا التواصل مع بيونة التي تتواجد في حالة صحية حرجة، لكنها لم تتمكن من ذلك لأن جارتها ترد عليها في كل مرة، وتمنعها من ذلك. وبعد ساعات من التصريح، خرجت الممثلة بيونة في فيديو، قالت فيه إنَّ جارتها تقوم برعايتها وما كان على زعتر أن تدلي بهذا التصريح. (العربية)


النهار
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- النهار
رمضان في الجزائر... موائد الخير باقية لكن الإفطارات "الدليفري" تتوسّع
أيّام ما قبل رمضان في الجزائر تشُدّك إلى استعدادات الناس فيها، بزينة البيوت وزحمة الطرقات والأسواق وروائح التوابل. الأسواق الشعبية والمحالّ العتيقة تحولت إلى فضاءات مفتوحة بديكورات ومستلزمات خاصة بهذا الشهر. فقُبيل رمضان ومع أيامه الأولى تعود عادات وتقاليد الجزائريين الخاصة بهذا الشهر؛ نزوحٌ جماعي نحو الأسواق لشراء الأواني الجديدة ومستلزمات الشهر من المواد الغذائية، وتحضير نوعي داخل المنازل. جولة قصيرة في سوق الرغاية شرق العاصمة الجزائرية، توحي لك بلا اعتيادية الأجواء مقارنة بأيام وشهور مضت؛ روائح البهارات والبخور تعبق في المكان، تنبعث من المحالّ التي تحيط بها أعداد غفيرة من المتسوّقين وخاصة النساء. الجزائريون يغيِّرون أطباقهم مع قدوم الشهر، وأطباق الفخار التقليدية هي الأبرز في ميدان الأواني. اعتاد الناس أكلات معينة في رمضان، قد تختلف تسمياتها من منطقة إلى أخرى، ولكنها نفسها، فـ"شوربة الفريك" مثلاً هي أول طبق يوضع على موائد الإفطار، وهي أيضاً أول ما يتناوله الجزائريون بعد إفطار بالتمر والحليب. "شُوربة فْريك" وسط البلاد و"لَحْرِيرَة" غربها و"الجاري" شرقها، طبق يُحتسى في صحون من الفخار. على مقربة من أحد المحال، تقف السيدة سليمة ممسكة بـ"الطاجين"، تستعمله المرأة الجزائرية للطهو في رمضان. ما الذي يدفعك لشراء هذا النوع من الأواني؟ "لا شيء غير رمضان. هذا النوع من الأواني يزيد رمضان تميّزاً في المطبخ". وتضيف: "أنا من النوع الذي يحبّذ تجديد أواني الطبخ والأكل كل رمضان"، والحقيقةُ أنها عادة أغلب العائلات الجزائرية. في عاصمة البلاد وغيرها من المدن، تحضر مشاهد غير معتادة خلال الأشهر الأخرى. مظاهر استقبال رمضان تتنوّع من منطقة إلى أخرى. الجزائريون لا يستغنون عن بعض المأكولات الخاصة برمضان، لذا تجدهم يزدحمون قبيل حلوله على أبواب المحالّ مثلما هي الحال في ساحة الشهداء قرب وسط العاصمة. أضواء الفوانيس تتلألأ في زينة خاصة برمضان. النساء في أحد المحال، يفركن بأيديهن "البرقوق المجفف" أو ما يُعرف بـ"العِينَة" الفاكهة الرئيسة في طبق "اللحم الحلو" أو "طاجين لحلو"، المكوّن أيضاً من الزبيب واللوز ولحم الغنم، ويُطهى بالسكر ما يجعله ثخيناً معسلاً، إنه طبق شائع يزيّن مائدة الإفطار طوال الشهر. أمّا محالّ التوابل والبهارات فلا تختلف كثيراً؛ روائحها بالمطبخ خلال أيام رمضان لا يمكنك الاستغناء عنها، ما يدفع الجميع إلى التسابق من أجل شراء الجيِّدة منها. ما الذي يدفع الجزائريين إلى التسوُّق بهذا الإقبال؟ سؤال يجيب عنه كثيرون بالقول: "إنه رمضان. لا نكهة لرمضان من دون هذه المظاهر، ولا حلاوة فيه من دون مائدة حافلة بأطباق الشوربة والبُوراك أو البريك واللحم الحلو و... إلخ". وإن كانت أغلب هذه المظاهر معتادة منذ زمن ليس بقريب، فإن بعضها أضحى سمة كل رمضان؛ أهل الجزائر لا يتأخرون عن المساهمة في موائد الإفطار الجماعية عبر الأحياء والقرى والمدن، وحتى عبر الطرقات. وليد شاب في العشرينات من عمره، ناشط عبر جمعية "أيادي الخير"، وهي جمعية خيرية تطوعية يزيد نشاطها في رمضان، يقول: "بدأنا التحضير قبل أسبوعين من الآن. نجمع التبرّعات باختلافها من مؤونة وغيرها، ونستغلّ مقراً صغيراً هنا في منطقة أولاد فايت، نطهو فيه أطباقاً رمضانية مختلفة بمساعدة أمهاتنا وأخواتنا، لنقوم بالتحضير لمائدة تجمع الغرباء عن المدينة والذين هم دون مأوى وعابري السبيل". مائدة الإفطار ليست كل شيء بل إن وليد وآخرين من الجمعية عازمون على التوجه كل يوم قبيل الإفطار نحو الطريق السريع، مُحمَّلين بكمّيات من التمر وعلب الحليب وأطباق خفيفة لإفطار السائقين ممّن لم يسعفهم الحظ في الوصول إلى منازلهم قبل موعد أذان المغرب مثلما اعتادوا القيام به في الأعوام الماضية. الأجواء نفسها يعرفها حيّ بن شوبان شرق العاصمة الجزائر؛ مقر فوج كشفي تحوّل إلى خليّة نحل. امتلأ بالمواد الغذائية من كل الأنواع كعاداته قبيل رمضان؛ أبناء الحيّ يتناوبون على خدمة الصائمين من العاملين في الحيّ والأحياء المجاورة البعيدين عن عوائلهم، وتحضير مائدة إفطار في أجواء قد تقرّب هؤلاء من أجواء الإفطار في بيوتهم. رمضان في الجزائر تأثَّر هو الآخر بما عرفته التجارة الإلكترونية من تطوّرٍ واستخدامٍ على نطاق واسع؛ نَقرة واحدة على أحد الإعلانات في منصّة "فيسبوك"، تمنحك خيارات لأكلات رمضانية متنوّعة، وما عليك سوى التأكيد لتصلك طلبيتك إلى باب بيتك وقبيل موعد الإفطار. إنها موضة الأكل الجاهز التي طغت بين الجزائريين، وخاصة منهم الشباب خلال شهور السنة، ودخلت رمضان من بابه الواسع؛ أزواج يفضلون أكلاً جاهزاً بحجة ضيق الوقت ما دام الزوجان يقضيان يومهما في دوامهما، وشباب يفضّلون الإفطار خارج المنزل كسراً لتقاليد هذا الشهر. "النهار" تواصلت مع إحدى الصفحات التي تعرض أطباقاً جاهزة، فأجابت: "نعم يا وليد؛ سأعرض عليك اقتراحاً؛ يمكنني أن أحضِّر لك أطباقاً يومية كالمْثَوَّم والكباب وشْطِيطْحَة دجاج وطاجين جبن ولحم لَحْلُو، بكميات تكفيك لأسبوع كامل"؛ يبدو الأمر مغرياً وخاصة للبعيدين عن عائلاتهم القاطنين بمفردهم.