logo
الصحافة ليست جريمة

الصحافة ليست جريمة

العربي الجديد١٠-٠٥-٢٠٢٥

يصح أن يكون اليوم العالمي لحرّية الصحافة لهذا العام يوماً لرثاء الصحافة، لما وصلت إليه من قيود غير مسبوقة واعتداءات لا توصف. يحمل العام عنوانَين عريضَين، الأوّل تحوّل صحافيّي غزّة مادّةً للاستهداف، وحجّة القاتل أنهم لاعبون في النزاعات لا ناقلون فحسب لحيثياتها. والثاني انضمام صحافيّي الولايات المتحدة إلى صفوف ضحايا القمع بعدما باتوا هدفاً لحملة شرسة من إدارة ترامب لمعاقبة أيّ نقد لأداء الإدارة في قضايا جدلية أساسية.
اعتبرت لجنة حماية الصحافيّين (مركزها نيويورك) أن العام 2024 كان الأخطر على الصحافة على الإطلاق، منذ أن بدأت نشاطها قبل 30 عاماً، وقد أحصت 176 صحافياً وعاملاً إعلامياً على الأقلّ، غالبيتهم قتلوا في حرب الإبادة في غزّة، بينهم صحافيون قتلوا في الضفّة الغربية ولبنان أثناء قيامهم بمهامهم الصحافية (بعضهم نياماً في أسرّتهم فيما يشبه الاغتيال). يرتفع هذا الرقم إلى 213 صحافياً وعاملاً إعلامياً، بحسب نقابة الصحافيين الفلسطينيين، التي استخدمت تعبير "إبادة إعلامية" في وصف الاستهداف المتعمّد للصحافيين في غزّة. وترتفع هذه الحصيلة إلى 230 صحافياً وعاملاً إعلامياً بحسب تقرير صادر عن معهد واتسون للشؤون الدولية والعامّة، وهو مركز أبحاث أميركي، أيّ بمعدّل 13 صحافياً كلّ شهر. في وقت كتابة هذه السطور، أُعلِن مقتلُ الصحافي يحيى صبيح في قصف منطقة شعبية مكتّظة في غزّة راح ضحيته 90 مدنياً، ليضاف إلى لائحة ضحايا الصحافة المحلّية، التي تنقل وحيدةً، ومن دون أيّ دعم، وحشية الإبادة.
بات قطاع غزّة المنطقة الأكثر خطراً في العالم للعمل الصحافي. وقد اعتبر التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود الحقوقية أن ثمّة "غيابا واضحا للإرادة السياسية من المجتمع الدولي لإنفاذ مبادئ حماية الصحافيين، وخاصّةً قرار مجلس الأمن رقم "2222"، مشيراً إلى "عدد قياسيٍ من الانتهاكات ضدّ الصحافيين ووسائل الإعلام منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023" في غزّة. في مؤشّر حرّية الصحافة العالمي السنوي للمنظّمة نفسها، احتلّت فلسطين المرتبة 157 من بين 180 دولة ومنطقة شملها المسح، وجاءت ضمن لائحة آخر عشر دول في التصنيف المتعلّق بأمن الصحافيين.
الإعلام الغربي في غالبيته العظمى قرّر الاستغناء عن دوره في نقل حرب الإبادة في غزّة
إلى جانب القتل، تعرّض العاملون الصحافيون العام الماضي (ولا يزالون) إلى أصناف المضايقات والاعتداءات بما في ذلك السجن والتغييب القسري. بحسب إحصاءات لجنة حماية الصحافيين، ثمّة 360 صحافياً في السجون، الغالبية العظمى منهم في الصين وروسيا وبيلاروسيا، في حين ثمّة 70 صحافياً يُعتبَرون في عداد المفقودين، عدد كبير من هؤلاء فُقدوا في المكسيك والعراق.
في الشق الآخر "الليبرالي" من العالم، تتعرّض حرّية الصحافة لضغوط غير مسبوقة من إدارة الرئيس دونالد ترامب التي استعارت بعض أكثر آليات القمع شعبية في قاموس الديكتاتوريات العريقة للضغط على الصحافة الناقدة، أبرزها تقييد حقّ الوصول إلى المعلومة، وهو حقّ عضوي لأيّ صحافة مستقلّة. في سابقة كان يصعب إمكان تصوّر حدوثها، مُنعت وكالة أسوشييتد برس من حضور المؤتمرات والفعاليات الإعلامية في البيت الأبيض، ما يُعتبر تعميةً على إمكانية الوصول إلى الخبر، ليس للوكالة فقط، بل أيضاً للمشتركين الذين يعتمدون بشكلٍ أساسٍ على أخبارها في تغطية أحداث السياسة في العاصمة واشنطن. يشكّل استخدام أداة منع الوصول إلى المعلومة السلاح الأمضى في تقويض الصحافة النقدية، باعتبار أن الصحافيين ومالكي وسائل الإعلام باتوا يوازنون بين الانتقاد والاستقصاء من جانب، وخطر فقدان الوصول إلى المصدر السياسي باعتباره حاجةً أساسيةً لأيّ نشاط صحافي، من جانب آخر. تُضاف إلى ذلك إجراءاتٌ غير مسبوقة منها تقييد تمويل الإعلام الإذاعي العام، وإقفال وسائل الإعلام الموجّهة إلى الخارج بما في ذلك صوت أميركا وقناة الحرّة، ما يعني خسارة آلاف الصحافيين والإعلاميين (من العرب وغيرهم) مصدرَ عيشهم، فضلاً عن إعادة فتح تحقيقات لجنة الاتصالات الفيدرالية في قنوات "سي بي أس" و"أي بي سي" و"أن بي سي"، فيما اعتبرته هذه المحطّات محاولةَ تطويع من الإدارة الجديدة. تشكّل هذه الضغوط غير المسبوقة خطراً فعلياً قد يؤدّي إلى تراجع قدرة الإعلام الأميركي الشهير بـ"وقاحته" على مقارعة الإدارات السياسية والتحقيق في ارتكاباتها، في وقت ترتكب إدارة ترامب تجاوزاتٍ غير مسبوقة في قضايا شديدة الحساسية منها الهجرة والحرّيات العامّة، والحرّية الأكاديمية بشكل خاص.
تتعرّض حرّية الصحافة لضغوط غير مسبوقة من إدارة الرئيس دونالد ترامب التي استعارت بعض أكثر آليات القمع شعبية في قاموس الديكتاتوريات العريقة
الصحافة إذاً ضحية، إلا أنها أيضاً عامل مساهم في الكارثة التي حلّت بها. حالة الانقسام في صفوف الصحافة هو أيضاً غير مسبوق كما حملات التشهير التي يشنّها صحافيون وإعلاميون بارزون بحقّ زملاء لهم خدمةً لأجندات سياسية، أيديولوجية أو مالية. الإعلام الغربي في غالبيته العظمى قرّر الاستغناء عن دوره في نقل حرب الإبادة في غزّة، ليترك المهام لـ"السوشيال ميديا" ومجموعة من المراسلين المحلّيين غير المتمرّسين، الذين باتوا أيضاً هدفاً رئيساً للعنف الإسرائيلي. القليل من المعلومات توافرت حتى حينه حول آليات الرقابة الذاتية التي باتت تستخدم في غرف التحرير الغربية في تبرير تعليب و"تعقيم" التغطية القليلة أساساً، التي تُفرَد لحرب إبادة غير مسبوقة، يُعلِن فيها الجاني رغبته في محو مجموعة بكاملها من دون أن تلقى تصريحاتُه أهمّيةً تذكر من الإعلام، وذلك بحجّة الخوف من فزّاعة معاداة السامية، أو من باب اللامبالاة. قد لا يكون حال الإعلام العربي في غالبيته أفضل كثيراً مع تحوّل رواية الإبادة مادّةً هامشيةً في التغطية الإخبارية.
في هذه الظلمة الحالكة، يتوهّج ضوء التجارب الصحافية الحقيقية التي لا تزال تجرؤ على فعل الصحافة كما طمحنا دوماً لممارستها. الاستثناءات القليلة شديدة الأهمية، ولعلّ قلّتها مؤشّر على قدرة الصحافة (أو بعضها) على المقاومة، وهو مؤشّر تتوجّب إضافته إلى مؤشّرات دراسة حال الصحافة. كلّ عام وهذه الصحافة الخارجة عن سربها بخير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غياب الأمم المتحدة
غياب الأمم المتحدة

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

غياب الأمم المتحدة

هناك شيء أساسي كان مفقوداً في الأشهر الماضية، من غزّة إلى أوكرانيا ومن تايوان إلى غرينلاند؛ الأمم المتحدة. صحيحٌ أن المثاليين وحدهم، أو المؤمنين بجدوى المؤسّسات الدولية نواةً مستقبليةً لا دوراً ممارساً حالياً، متمسّكون بأكبر نموذج مُستولَد من الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945)، إلا أنه يبقى أمراً غير ذكي الاعتقاد أن هذه المؤسّسة، بكامل فروعها وأقسامها، قادرة على تصحيح مسارها المتدهور. على هذا النسق، فإن سنواتٍ لا عقوداً تفصل عن تحويل مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك إلى متحف أو شاهد على مرحلة آمنت فيها غالبية الشعوب بمبدأ التعاون الدولي لتحقيق العدالة. في المنطق، لا يُمكن تسليم أيّ رجل أمن سلطة فرض القانون من دون العتاد اللازم من سلاح ومراقبة قضائية ـ قانونية وغطاء سياسي ـ مجتمعي. الأمم المتحدة ليست فعلياً إلا مؤسّسة تبتلع الأموال، مهما بلغت قيمتها ولو شحّ تمويلها، لكنّها لا تفعل أكثر من ذلك، ولا قدرة لها على أكثر من ذلك. ذلك كلّه مفهوم. هل من بديل لمؤسّسة أممية جامعة تخلف عصبة أمم، والأمم المتحدة، أو أن العالم بشكله الحالي لا يحتاج إلى مثل هكذا منظومة ينضوي تحت ظلالها؟ وبما أن الطبيعة ترفض الفراغ وتكرهه، من سيحلّ مكان هذه المؤسّسة في العالم؟ ومن سينظر في شكاوى الدول والفئات والمجتمعات؟ ذلك، لأن الأمر لم يعد متعلّقاً بقادة مزاجيّين، بل أن التفلّت العالمي، بكل تراكماته المتسارعة خصوصاً في العقدَين الأخيرَين، أضحى أسرع من إمكانية كبح التراجع الجنوني لسلطة الأمم المتحدة وهالتها. البديل في أفضل الحالات، قد يكون تلك المنظّمات الإقليمية، مثل الاتحادات القارية (الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الأفريقي...) أو الإقليمية (رابطة دول جنوب شرق آسيا، مجلس التعاون الخليجي...). يسمح الركون إلى تلك المنظّمات بالمحافظة على "النظام والقانون". غير أن أسوأ ما يمكن حصوله غياب أيّ مرجعية تسمح لطرفَين أو أكثر باللجوء إليها لحلّ النزاعات، مفسحةً المجال لتحالفات من عدّة دول لمعالجة قضية ما، ستكون منحازة إلى طرف ما، أو في أسوأ الأحوال شيخَ صلحٍ في قرية نائية حيث لا سلطة لها لفرض حلّ من دون صدام، ممّا يعيد الأمور إلى بداياتها لجهة ضمان وجود مرجعية تسمو فوق مصالح الدول. بما أن الواقعية القاسية تفرض نفسها في مختلف الملفّات، لن يكون البديل الواقعي عن الأمم المتحدة سوى مصالح الدول على حساب مفهوم العدالة بحدّ ذاته. تقوى هذه المصالح وتضعف بحسب قدرة مصانع الأسلحة على إنتاج السلاح. ربّما يبدو أن الزمن الحالي من الدول هو مرحلة "القادة الضعفاء يتسبّبون بأيام صعبة"، وهي مرحلة تُظهِر معدن الحكام الحاليّين للكوكب، وعجزهم عن استنباط حلول بمعزل عن استخدام السلاح، أو حتى "السلام من خلال القوة"، بحسب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومثل هذه الأيّام، لا تضمن استقراراً طبيعياً للفرد وللمجتمعات، بل تدفع باتجاه تزخيم الفوضى وفقدان السيطرة على الأوضاع. يكفي أنه في ذروة اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزّة، واحتدام الحرب الروسية ـ الأوكرانية، كادت الهند وباكستان أن تفتحا جبهة حرب استنزافية على سفوح الهيمالايا، وكأنّ العالم بدأ يعتاد فكرة سماع أصوات القصف ونشوب حروب، حتى أن سلاماً ما في بقعة بعيدة نسبياً، يُصبح حلماً لمن يسكن في قلب الصراعات أو على ضفافها. ذلك كلّه، والأمم المتحدة تبدو بعيدةً حتى من إبداء القلق. من سينصت لشخص يتحدّث بصوت حزين، رغم صدق نيته؟... في عالم يجنح نحو تعزيز مفاهيم الاختلافات بين البشر، باسم القومية والمذهبية والدين والعرق، لم يعد مستحبّاً استخدام الأشعار والكلمات العاطفية لدى من يفترض بهم أن يكونوا أصحاب قرار. وحتى نصل إلى ترجمة لمفهوم "الأيّام الصعبة تُخرج قادة أقوياء"، بات أكيداً أن الأمم المتحدة منظومةً انتهت، ولا يمكن تغييرها من الداخل.

مطاردة ترامب للطلاب الأجانب يضعف "القوة الناعمة" الأميركية
مطاردة ترامب للطلاب الأجانب يضعف "القوة الناعمة" الأميركية

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

مطاردة ترامب للطلاب الأجانب يضعف "القوة الناعمة" الأميركية

أثار قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنع تسجيل طلاب أجانب في جامعة هارفارد العريقة في الولايات المتحدة ، موجةً من ردود الفعل خاصّة في ما يتعلق بإلحاق المزيد من الضّرر بـ"القوة الناعمة" الأميركية؛ إذ رأت السيناتور الديمقراطية جين شاهين في معرض انتقادها للقرار أن "الطلاب الأجانب يساهمون في اقتصادنا، ويدعمون الوظائف في الولايات المتحدة، ويشكلون أكثر أدواتنا فعالية في مجال الدبلوماسية و القوة الناعمة "، وأضافت في بيان أن "هذا العمل المتهور يسبب ضرراً دائماً لنفوذنا العالمي". وحصلت الجامعة الأميركية المرموقة على مهلة مؤقّتة الجمعة، عندما علقت المحكمة تنفيذ القرار الذي أثار الذعر في العالم. يذكر أن جامعة هارفارد تخرج منها رئيس الوزراء الكندي الحالي مارك كارني، والرئيس التايواني لاي تشينغ تي، ما يؤكد القوة الناعمة للطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية. التي تستقطب مئات الآلاف من الطلاب الأجانب سنوياً، لا سيّما من آسيا. وفي العام الدراسي 2024-2025، تسجل نحو 1,126,690 طالباً أجنبياً في الجامعات الأميركية، وهو عدد قياسي، بحسب بيانات معهد التعليم الدولي. وتأتي الهند في مقدمة الدول ثم الصين وتليها كوريا الجنوبية، خصوصاً في مجالات الرياضيات وعلوم الكمبيوتر والهندسة. شخصيات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسرعان ما صدرت ردود فعل منتقدة للقرار، خصوصاً في بكين، في ظل تنافس شرس بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في العالم. وقالت وزارة الخارجية الصينية الجمعة "لطالما عارض الجانب الصيني تسييس التعاون التعليمي"، معتبرة أن القرار "لن يؤدي إلّا إلى الإضرار بصورة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية". من جهتها، دعت السلطات في هونغ كونغ السبت الجامعات في المدينة الصينية إلى استقبال "عدد كبير من الطلاب من كل أرجاء العالم"، ووعدت باعتماد تدابير تسهيلية لتسجيلهم. وتعتقد إدارة ترامب أن الجامعات الأميركية، بما فيها هارفارد، أصبحت حاضنة للأفكار اليسارية المتطرّفة والتقدمية، مشيرة إلى وجود هدر كبير في برامج التنوع غير الضرورية، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس الخميس "لديك ابن رائع حقق نجاحاً باهراً، ثم ترسله إلى هارفارد، ويعود الابن إلى المنزل... وهو بالتأكيد على استعداد لأن يكون ناشطاً يسارياً رائعاً، لكنه قد لا يتمكن من الحصول على وظيفة". في جلسة استماع في الكونغرس هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي تعرض لانتقادات بسبب خفض المساعدات الخارجية، إن الأمر لا يتعلق "بالقضاء على السياسة الخارجية الأميركية أو الانكماش نحو الداخل" بل بتحقيق أكبر مقدار من الفائدة للمساعدات تحت شعار "أميركا أولاً". أمر ترامب باقتطاعات ضخمة للمساعدات الخارجية الأميركية مستهدفاً الأبحاث الجامعية، ما أثار مخاوف بشأن هجرة العقول ومنذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، انخرط في معركة أيديولوجية ترمي إلى إنهاء عقود من البرامج التي تروج للتنوع في الولايات المتحدة وخارجها، كما أمر باقتطاعات ضخمة للمساعدات الخارجية الأميركية مستهدفاً الأبحاث الجامعية، ما أثار مخاوف بشأن هجرة العقول، وإغلاق عدد من وسائل الاعلام، مثل إذاعة "صوت أميركا" التي علقت بثّها الآن. ومطلع مايو/أيار، هدّد ترامب بفرض ضريبة بنسبة 100% على الأفلام التي تُعرض في الولايات المتحدة ويجري تصويرها في الخارج، وهو قرار أدى إلى تبعات وخيمة، كما حدث مع فيلم "ميشن إمباسيبل - ذي فاينل ريكونينغ" Mission: Impossible - The Final Reckoning من بطولة توم كروز، وهو أبرز فيلم أميركي يُعرض في مهرجان كان، وقد صُوِّر على نحوٍ رئيسيّ في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا، كما استهدف مؤسّسة سميثسونيان الثقافية في واشنطن التي اتهمها الرئيس الجمهوري باعتماد "أيديولوجيا مضرّة"، ومركز كينيدي الثقافي المرموق في العاصمة الفيدرالية، ويرى منتقدو ترامب أن هذه القرارات، بالإضافة إلى الحرب التجارية، تضرّ بصورة الولايات المتحدة في الخارج وبقدرتها على الجذب، حتى إنّها تؤثر على قدوم السياح إلى الولايات المتحدة. طلاب وشباب التحديثات الحية هونغ كونغ تفتح جامعاتها أمام طلاب أجانب تأثروا بقرار المنع الأميركي يذكر أن مفهوم "القوة الناعمة" الذي وضعه في ثمانينيات القرن الماضي عالم السياسة الأميركي الشهير جوزيف ناي الذي توفي مطلع مايو/أيار، يشير إلى دبلوماسية التأثير أو الجذب في مواجهة سياسة الضغط. (فرانس برس)

عام على حكم لاي تشينغ تي... قلق تايوان في أوجه
عام على حكم لاي تشينغ تي... قلق تايوان في أوجه

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

عام على حكم لاي تشينغ تي... قلق تايوان في أوجه

يمر العام الأول على ولاية الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي في وقت تشهد فيه الجزيرة التي تطالب بالاستقلال عن البر الرئيسي الصيني وتعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، حالة من عدم اليقين بسبب تقلبات السياسة الخارجية الأميركية، لا سيما بعد عودة ونالد ترامب إلى البيت الأبيض. قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، نهاية العام الماضي، كان لاي تشينغ تي أثار غضب الصين، في خطابه الأول بصفته رئيساً بعد تنصيبه في 20 مايو/ أيار 2024، قائلاً حينها إن بكين وتايبيه "ليستا تابعتين لبعضهما بعضاً"، ما اعتبرته السلطات الصينية خطاباً مليئاً بالعداء والاستفزاز والأكاذيب والخداع. واتهمت الرئيس التايواني بأنه "أكثر تطرفاً" في نهجه من سلفه الرئيسة تساي إنغ ون، وأنه بذلك أرسل "إشارة خطيرة" بشأن استقلال تايوان. أما بمناسبة عام على تنصيبه، فقال لاي للصحافيين، الثلاثاء الماضي: "أنا أيضاً ملتزم بالسلام، لأن السلام لا يقدر بثمن، ولا رابح في الحرب، لكن عندما يتعلق الأمر بالسعي للسلام، لا يمكن أن نسير وراء أحلام أو أوهام". وشدد في الوقت نفسه على أن بلاده ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية، لأن الاستعداد للحرب أفضل طريقة لتجنبها. من جهة أخرى، ومنذ تسلم لاي منصبه، كثّف الجيش الصيني تدريباته العسكرية في محيط الجزيرة، كان أكبرها في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بإجراء مناورات مشتركة واسعة النطاق حول تايوان، عقب تحذيرات شديدة اللهجة وجهتها بكين إلى تايبيه من أن الجهود الرامية لضمان استقلال الجزيرة قد تؤدي إلى اندلاع حرب. وكانت وزارة الدفاع الصينية قد وجهت تهديداً شديد اللهجة لتايبيه في أعقاب امتناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في فبراير/ شباط الماضي، عن التعليق بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسمح للصين بالسيطرة على تايوان بالقوة. وقالت إن طلب الدعم من الولايات المتحدة سيأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، محذرة من أن أي خطوة في هذا الاتجاه لن تنتهي إلا بالتدمير الذاتي. وأضافت: "سنأتي ونأخذكم عاجلاً أم آجلاً". أخبار التحديثات الحية رئيس تايوان يعرض السلام مع الصين رغم سعيه لتعزيز دفاع الجزيرة كذلك تسبب سعي تايبيه، في مارس/ آذار الماضي، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي، في اضطرابات شعبية واسعة النطاق في الجزيرة. وأثار تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة وتأثيرها المحتمل على الإنفاق الحكومي، وما إذا كانت الزيادة في الميزانية الهادفة إلى إظهار تصميم تايوان على الدفاع عن نفسها، كافية لإرضاء الرئيس الأميركي، الذي دعا مراراً إلى رفع ميزانية الدفاع لدى الدول الحليفة. مدمر براغماتي في تقييمها لعامه الأول، وصفت وسائل إعلام صينية، لاي، بأنه مدمر براغماتي لتايوان. وقالت إنه رسخ خلال العام الماضي صورته بصفته "مثيراً للمشاكل" و"مخاطراً" و"محرضاً على الحرب". وأضافت أن أفعال لاي أوضحت للعالم الحقيقة القبيحة وراء "استقلال تايوان" - محاولاته لتقسيم البلاد والتملق للقوى الأجنبية - وأقنعت العالم الخارجي أكثر بأن طريق "استقلال تايوان" يتجه نحو طريق مسدود. ولفتت إلى أن لاي لم ينعم بالاستقرار الذي ينشده، بل بعد عام واحد من توليه منصبه، وجد نفسه غارقاً في دوامة سياسية متفاقمة داخلياً وخارجياً، إذ سلط الاختراق الذي شهدته المحادثات الأميركية الصينية، الأسبوع الماضي، الضوء على واقع مقلق لإدارة لاي. فحتى واشنطن، أقرب داعميها وأكبر موردي الأسلحة إليها، مستعدة لإبرام صفقات مع بكين تبقي تايبيه على هامش اللعبة. في الوقت نفسه، قوبلت جهود لاي لتعزيز جاهزية تايوان العسكرية وزيادة الإنفاق الدفاعي لإرضاء واشنطن باستجابة فاترة من البيت الأبيض، وأصبح شباب الجزيرة أقل ميلاً للانضمام إلى القوات المسلحة. وأضافت، وسائل الإعلام، أن الأسوأ من ذلك كله أن لاي يواجه هيئة تشريعية تسيطر عليها المعارضة، والتي عرقلت بعض مبادراته الرئيسية، ووصفته بأنه "ديكتاتور"، وهي التسمية التي أصبحت تترسخ بشكل متزايد في المناقشات العامة. ولفتت إلى أن تعاملات الرئيس الأميركي مع تايوان أظهرت أن استراتيجية لاي الأميركية غير فعالة، على الرغم من شعاراته السابقة والتزاماته بمحاولة إرضاء واشنطن. جيانغ قوه: يُدرك لاي تشينغ تي نفسه "المأزق الذي وُضع فيه" رهانات لاي تشينغ تي رأى الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في بكين، جيانغ قوه، أن "رهانات لاي تشينغ تي الهشة على المظلة الأميركية في سعيه إلى الاستقلال، أدخلت الجزيرة في متاهة كبيرة، خصوصاً في ظل السياسة الانتهازية التي انتهجها دونالد ترامب في التعامل مع حلفائه في المنطقة، لا سيما تايوان". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن ترامب كرر في أكثر من مناسبة أن الولايات المتحدة قد لا تكون ملزمة بالتعامل مع أي تهديد صيني مستقبلاً، عملاً بشعار "أميركا أولاً". وأدرك لاي، بحسب جيانغ قوه، نفسه "المأزق الذي وُضع فيه، وهو ما انعكس في تصريحاته الأخيرة، الثلاثاء الماضي، بمناسبة عام على تنصيبه، حين أبدى استعداده للحوار مع بكين والتزامه بالسلام". خيارات محدودة اعتبر الباحث في مركز يون لين (تايوان) للأبحاث والدراسات، دا مينغ، أن "استجابة لاي تشينغ تي لمطالب ترامب من خلال رفع قيمة الإنفاق الدفاعي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، أظهرت مدى اعتماد تايبيه على واشنطن، وأرسلت إشارة واضحة للداخل والخارج عن مدى تبعية الجزيرة للمظلة الأميركية". ولفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "السؤال: هل سيكون ذلك كافياً لكسب الدعم الأميركي المطلوب في ظل التهديدات الصينية؟". دا مينغ: ترامب لا يلقي بالاً لأي اعتبارات للتعهدات السياسية بين الدول وبرأي دام ينغ "يشير الواقع إلى أن ترامب رجل الصفقات الأول، وهو لا يلقي بالاً لأي اعتبارات لها علاقة بالمصالح المشتركة أو التعهدات السياسية والبروتوكولات الثنائية بين الدول". ورأى أنه "لذلك، يجب أن يكون ذلك واضحاً للقادة في تايبيه، من أجل تحديد موقف الجزيرة، لأن الخيارات المتاحة محدودة، والصين لن تقبل بأقل من إعادة التوحيد بالقوة إذا لزم الأمر". تقارير دولية التحديثات الحية بكين تواصل مناوراتها وتتهم رئيس تايوان بدفع الجزيرة إلى "الحرب"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store