
«رأسمالية» النظام.. ومستقبل الاقتصاد السوري
«رأسمالية» النظام.. ومستقبل الاقتصاد السوري
في أقل من أسبوع بين 13و 18 مايو الجاري، تقاطعت رياح «التحولات» والتبدل الإقليمي مع حسابات «جيواقتصادية»، أعادت تشكيل مراكز الثقل بين الخليج وشرق المتوسط. وقد ظهرت ملامحها في نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لثلاث دول خليجية، بما حملته من وعود استثمارية تصل إلى 4 تريليونات دولار، ورفع العقوبات عن سوريا لدعم اقتصادها، وذلك في خطوة «استراتيجية» إقليمية ونصيحة خليجية.
وتلازمت الزيارة مع توقيع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية لاستثمار800 مليون دولار، في تطوير إدارة وتشغيل ميناء طرطوس، بما يعزز من دوره مركزاً محورياً لحركة التجارة الإقليمية والدولية.
وتعكس هذه الخطوة تحوّلاً اقتصادياً وسياسياً في المشهد السوري، خصوصاً أن رفع العقوبات أتاح المجال أمام اتفاقات استثمارية جديدة لطالما كانت معطلة بفعل «قانون قيصر». إنها خطوة رمزية واستراتيجية لترقب دخول الخليج العربي إلى سوريا عبر البوابة الإماراتية، وتمهد لعودة سوريا كدولة فاعلة في محيطها الاقتصادي، ومحطة ترانزيت للنقل البحري والبري، وربما لاحقا بوابة عبور لنفط المتوسط.وكانت شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية، قد وقعت مع النظام السابق في سوريا عام 2019، عقداً لاستثمار ميناء طرطوس التجاري لمدة 49 عاماً، وذلك بعد عامين على إقامة «قاعدة روسيا البحرية».
ونص الاتفاق على أن تستثمر الشركة نحو نصف مليار دولار لتطوير البنى التحتية للمرفأ، وتجهيز مستلزمات التشغيل. ولكن في يناير الماضي تم إلغاء الاتفاق بسبب نقض الشركة الروسية للاتفاق، بعدم تطوير المرفأ منذ أن تسلمته. وتعد شركة «دي بي ورلد» التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية، من أبرز الشركات العالمية في إدارة الموانئ وسلاسل التوريد، وتشغل 78 محطة في أكثر من 40 دولة، وهي بين سبعة مشغلين كبار يسيطرون على أكثر من40 في المئة من حركة الموانئ العالمية.
وتبلغ ميزانية مصاريفها الرأسمالية للعام الحالي نحو2.5 مليار دولار. وتخطط الشركة لاستثمار 3 مليارات دولار في موانئ أفريقية بحلول عام 2029. وقبل زيارة ترامب، وأيضاً قبل رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا، تم التوقيع في دمشق وبحضور الرئيس أحمد الشرع، على إبرام عقد مع الشركة الفرنسية «سي إم إيه – سي جي إم»، التي تعد ثالث أكبر ناقل بحري في العالم، لاستثمار وتشغيل محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية، لمدة 30 عاماً، وهو تجديد لعقود سابقة متتالية، بدأت عام 2009، واستمرت، حتى أثناء الحرب. علما أن إيران كانت ترغب باستثمار هذا الميناء نظراً لأهميته الاستراتيجية، لكن رغبتها اصطدمت بعقبات نوعية، أبرزها عدم استقرار نفوذها الميداني، جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية، فضلاً عن العقوبات.
وقد وصف استثمار الشركة الفرنسية، إصراراً من باريس على تعزيز موطأ قدم استثماري واستراتيجي على ساحل المتوسط، إضافة إلى استثمارها في مرفأ بيروت، واعتمادها مرفأ طرابلس شمال لبنان محطة أساسية لها، ولديها عقود لخدمات الحاويات بموانئ الأردن والعراق.
وتأتي هذه التطورات الاستثمارية في سياق مسيرة سوريا نحو التحوّل من «الاقتصاد الموجه» الذي خضع له الشعب السوري طيلة ستة عقود ماضية، إلى «اقتصاد حر» بنظام رأسمالي، منفتح عربياً وإقليمياً ودولياً، ويستطيع الإندماج مع الاقتصادين العربي والعالمي والتفاعل وتطوراتهما. وقد تقدمت حتى الآن أكثر من 500 شركة بطلبات متنوعة للاستثمار في سوريا، وسيتضاعف العدد مع ترقب طرح عملية «الخصخصة»، بنقل ملكية أو إدارة بعض الأصول والخدمات التي تمتلكها الدولة إلى مستثمرين في القطاع الخاص، بهدف تحسين كفاءته، وجذب الاستثمار، وتقليل العبء المالي على القطاع العام.
*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
كايا كالاس: "الحب القاسي" لترامب في مجال الدفاع أفضل من اللاحب
أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس السبت أن الدول الأوروبية تعزز إنفاقها الدفاعي بدفع من الرئيس دونالد ترامب، حيث حضت على تمتين العلاقات أكثر بين الحلفاء للتصدي للقوة الاقتصادية للصين. وجاء كلام كالاس خلال منتدى شانغريلا الدفاعي في سنغافورة وفي سياق ردها على خطاب وزير الدفاع الأمرdكي بيت هيغسيث الذي وصف إصرار ترامب على زيادة الإنفاق العسكري بأنه "حب قاس". وقالت كالاس ممازحة عندما سئلت في وقت لاحق عن خطاب هيغسيث "ومع ذلك، إنه حب، لذا فهو أفضل من اللاحب". وأكدت أن العلاقة بين بروكسل وواشنطن لم تنقطع يوما، قائلة إنها تحدثت إلى هيغسيث وتابعت "سمعتم خطابه. كان في الواقع إيجابيا جدا بشأن أوروبا، لذا يوجد هناك بالتأكيد بعض الحب". ويضغط ترامب باستمرار على دول حلف شمال الأطلسي لزيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، محذرا من أن واشنطن لن تتسامح بعد الآن مع الطفيليين. وقالت كالاس "هناك بلدان مختلفة في أوروبا، وبعضنا أدرك منذ وقت طويل أننا بحاجة إلى الاستثمار في الدفاع"، مشيرة إلى إعادة تصور النموذج الاوروبي باعتباره "مشروع سلام مدعوم بدفاع قوي". أضافت "ما أريد التأكيد عليه هو أن أمن أوروبا وأمن المحيط الهادئ مترابطان إلى حد كبير". وأعطت كالاس أوكرانيا كمثال حيث يقاتل ضدها جنود من كوريا الشمالية وتقوم الصين بتزويد عدوتها روسيا بالمعدات العسكرية. وقالت كالاس "كانت هناك بعض الرسائل القوية جدا في خطاب وزير الدفاع الأمريكي بشأن الصين"، مضيفة "أعتقد مرة أخرى أنه إذا كنت قلقا بشأن الصين، فيجب أن تقلق بشأن روسيا". وخالفت كالاس الرأي القائل بأن واشنطن تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تُركز أوروبا على منطقتها الخاصة. وأضافت أنه لا يمكن مواجهة الهيمنة الاقتصادية للصين إلا بالتعاون مع "شركاء مُشابهين في التفكير مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية... وسنغافورة".


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
صادرات كوريا الجنوبية تتراجع في مايو بسبب تأثير رسوم ترامب الجمركية
تراجعت صادرات كوريا الجنوبية بنسبة 3ر1% مقارنة بالعام الماضي في مايو، منهية بذلك سلسلة من ثلاثة أشهر من النمو، حيث انخفضت الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة بشكل حاد وسط سياسات الرسوم الجمركية الشاملة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حسبما أظهرت بيانات حكومية كورية جنوبية اليوم الأحد. وبلغت قيمة الصادرات 3ر57 مليار دولار أمريكي الشهر الماضي، وفقا للبيانات التي جمعتها وزارة التجارة والصناعة والطاقة، بحسب وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية. وانكمشت الواردات بنسبة 3ر5% على أساس سنوي لتصل إلى 3ر50 مليار دولار، مما أدى إلى فائض تجاري قدره 94ر6 مليار دولار. وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة في مايو بنسبة 1ر8% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 10 مليارات دولار، ويرجع ذلك أساسا إلى ضعف صادرات قطاع السيارات، المتأثرة بالرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضتها إدارة ترامب. كما انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 4ر8% على أساس سنوي لتصل إلى 4ر10 مليار دولار بسبب ضعف الطلب على أشباه الموصلات والمنتجات البتروكيماوية، بينما انخفضت الصادرات إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بنسبة 3ر1% لتصل إلى 10 مليارات دولار. ومن ناحية أخرى، ارتفعت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 4% لتصل إلى 6 مليارات دولار، مسجلة ارتفاعا للشهر الثالث على التوالي، بسبب قوة الطلب على السيارات وأشباه الموصلات. وقال وزير الصناعة آن دوك-جيون: "يبدو أن رسوم الولايات المتحدة تؤثر على الاقتصاد العالمي وصادرات كوريا الجنوبية، وهذا ما يؤكده تراجع صادرات كوريا الجنوبية إلى أكبر سوقين - الولايات المتحدة والصين". وأضاف:"على وجه الخصوص، أدى الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية إلى مستوى منخفض بلغ 60 دولارا في مايو إلى انخفاض يزيد عن 20% على أساس سنوي في صادرات المنتجات البترولية والبتروكيماوية، والذي كان عاملا رئيسيا آخر في الانخفاض الإجمالي للشحنات المصدرة".


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
ترامب يعتزم سحب ترشيح جاريد إيزاكمن من منصب رئاسة ناسا
سيسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترشيحه للملياردير جاريد إيزاكمن، شريك إيلون ماسك، لمنصب رئاسة إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، وفقا لما ذكره شخص مطلع على القرار يوم السبت. وتحدث هذا الشخص شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتعليق علنا على قرارات الإدارة المتعلقة بشؤون الموظفين. ولم يرد البيت الأبيض وناسا حتى الآن على طلبات التعليق التي أرسلت إليهما عبر البريد الإلكتروني. وأعلن ترامب في ديسمبر الماضي خلال فترة الانتقال الرئاسي أنه اختار إيزاكمن ليكون المدير التالي لوكالة الفضاء. وكان إيزاكمن متعاونا وثيقا مع ماسك منذ أن اشترى أول رحلة مستأجرة على متن سفينة الفضاء سبيس إكس التابعة لماسك في عام 2021. وهو الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة شيفت4، وهي شركة معالجة بطاقات الائتمان. كما اشترى سلسلة من الرحلات الفضائية من سبيس إكس وأجرى أول رحلة فضائية خاصة. ولدى سبيس إكس عقود واسعة النطاق مع ناسا. ووافقت لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ على ترشيح إيزاكمن في أواخر أبريل ، وكان من المتوقع أن يجري تصويت في مجلس الشيوخ الأمريكي بكامل هيئته قريبا. وبدا ماسك حزينا لقرار ترامب في منشور يوم السبت على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" قال فيه:"من النادر أن تجد شخصا بهذه الكفاءة والطيبة". يشار إلى أن سبيس إكس مملوكة لماسك، أحد مؤيدي ترامب ومستشاريه، الذي أعلن هذا الأسبوع أنه سيترك الحكومة بعد عدة أشهر من توليه رئاسة إدارة الكفاءة الحكومية. وأنشأ ترامب هذه الوكالة لتقليص حجم الحكومة ووضع ماسك على رأسها. وكان موقع سيمافور الإخباري أول من كشف عن قرار البيت الأبيض سحب ترشيح إيزاكمن.