logo
مَا يخيفُ نتنياهو في غزة؟

مَا يخيفُ نتنياهو في غزة؟

الشرق الأوسط٢٥-٠٧-٢٠٢٥
حربُ غزةَ بفظائعها تقتربُ من إكمال عامِها الثاني، لتسجّل بذلك أطولَ المواجهات وأكثرَها دمويةً في تاريخ الصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي.
لماذا دامت كل هذا الوقت؟
هناكَ من يعتقد أنَّ إسرائيلَ تخشى على من تبقَّى من الرهائن. وآخرون يظنّون أنَّ إسرائيل تتجنّب المزيد من الخسائر بين صفوفها. والبعض يرَى أنَّها عاجزة عن القضاء على ما تبقَّى من قوة «حماس».
رَأيي أنَّ إسرائيل لا تريد حسمهَا إلا وفق نهاية تكتبها هي، بمنع عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع. وستستخدم لإطالة الأزمة ما تبقَّى لها من أسلحة من التّجويع إلى الـتّهجير. باختصار، نتنياهو لا يخاف إلا من قيام الدولة الفلسطينية.
لوقفِ الحرب لدى واشنطن حلّ عملي، «حماس» تغادر غزةَ وإسرائيل توقف الحرب. إنَّما لا «حماس» ولا إسرائيل تقبلان بذلك!
إسرائيل تحديداً، كونها الطرف الأقوى، لا تريد إخراج «حماس» إن كان الثمن عودة السلطة الفلسطينية. نتنياهو وفريقه مقتنعون بأنَّ السلطة الفلسطينية أكثر خطراً على إسرائيل من «حماس». فـ«حماس» لا شرعية دولية لها، وتمثّل كلَّ مَا يخيف معظمَ دولِ العالم، حتى العَربية، فهيَ جماعةٌ جهادية مؤدلجة مسلحة. في حين أنَّ السلطة هي الممثل الشرعي للفلسطينيين، وفق الأمم المتحدة، وإذا بسطت سلطتَها على غزة فسيعني ذلك أنَّه الطريق إلى دولة فلسطينية.
حركة «حماس» رغم ما تفعله، بما فيه هجماتها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تظلّ في نظر إسرائيل مجرد «جماعة إرهابية» ستتعامل معها كمَا تفعل بقيةُ دول العالم مع مثيلاتها.
نتنياهو يرَى أنَّ من الحماقةِ أن يقضي على «حماس» ويكافئ السلطة الفلسطينية بحكم غزة، لتصبح هي الكاسبَ من كل هذه الحروب، وتكون هناك دولة أمر واقع فلسطينية. فقد سعى نتنياهو شخصياً لمنع هذا السيناريو في علاقة تكافليةٍ مع «حماس» منذ بدايات حكمه، عندما قام بتمكينِ الحركة من إدارة القطاع.
نتنياهو مرتشٍ وانتهازيّ لكنَّه ليس بالأحمق، يدرك أنَّ تسليمَ رام الله مفتاحَ غزة تلقائياً سيعني بدء العد التنازلي لقيام الدولة الفلسطينية.
بعد انتصاراته السريعة والباهرة على «حزب الله» والأسد وإيران، يواجه نتنياهو استحقاقاً مشابهاً لما بعد حرب تحرير الكويت في 1991. فالتحالف الخليجي الأميركي دحرَ صدام وحرَّر الكويت وقضى على مصدر تهديد لإسرائيل، وطالبها بثمن لذلك... حل للقضية الفلسطينية.
في السَّنة ذاتها التي انتصر فيها التحالف على صدام عُقد مؤتمر مدريد رغم تمنّع رئيس الوزراء الإسرائيلي شامير. قبل مضطراً، ليمهد «مدريد» لـ«اتفاق أوسلو» لاحقاً، الذي أعاد الفلسطينيين من الشتات لأول مرة في تاريخِ الصراع.
نتنياهو يعرفُ التَّاريخ، ويخشى أن «تنحرف» انتصاراته نحو قيام دولة فلسطينية ما.
عملياً، بمقدور إسرائيل التي دمَّرت «حزب الله» ووصلت إلى زعيمه حسن نصر الله تحت الأرض، فعل الشيء نفسه مع «حماس». وهي كمَا نشهد، لا تبالِي بالخسائر بين جنودِها، ورهائنها ليسوا على رأس اعتباراتها، وبالتأكيد لا يهمّها كم يباد من الفلسطينيين. لم يبقَ من المخطوفين الـ251، في الأسر سوى نحو 23 شخصاً حياً.
اليوم وصلت مفاوضات المبعوث الأميركي مرحلة متقدمة لإنهاء مأساة شعب غزة، وإطلاق سراح من تبقَّى، نحو خمسين إسرائيلياً حياً وميتاً، ونزع سلاح «حماس». لكن يظلّ هاجس نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة.
حتى دون حلّ من المبعوث ويتكوف، نتنياهو يستطيع أن يوقع نهاية الحرب بالقضاء على ما تبقّى من قوة «حماس»، وسيتحمّل المزيد من الخسائر البشرية كما فعل في الحروب الموازية. فقد خاطر بسلامة شعبه عندما فتح جبهات مع «حزب الله» وإيران والحوثي، ومستعد للمخاطرة والخسائر في مواجهة أخيرة مع «حماس».
إذاً لماذا لا يفعلها نتنياهو؟
مع اقتراب الحسم خلال الشهرين المقبلين، أعتقد أنَّ معضلته هي البحث عن ترتيب يمنع ما قد يؤدي لقيام دولة فلسطينية. فما يعوقه لحسم حرب غزة شأن مختلف عن الخسائر الإضافية بين جنوده، وخسارته رئاسة الحكومة، خاصة أنَّ ترمب يقوم بجهد علني لمنحه الحصانة من المحاسبة ويدعمه ليبقى رئيس وزراء.
القضية من منظور استراتيجي هي أبعد من الأحداث الوقتية، إسرائيل لا تريد للسلطة الفلسطينية أن تعود لغزة وضمّها لرام الله، حتى لو اضطرها ذلك لإعادة «حماس» أو تسليمها للعرجاني ليديرها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وفاة 197 جوعاً.. وإسرائيل تمنع دخول 6600 شاحنة مساعدات إلى غزة
وفاة 197 جوعاً.. وإسرائيل تمنع دخول 6600 شاحنة مساعدات إلى غزة

عكاظ

timeمنذ 31 دقائق

  • عكاظ

وفاة 197 جوعاً.. وإسرائيل تمنع دخول 6600 شاحنة مساعدات إلى غزة

اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم (الخميس) الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال 6,600 شاحنة إغاثة إلى قطاع غزة المحاصر، مؤكداً أن إغلاق المعابر يقوض عمل المؤسسات الإنساني. أوضح المكتب في بيان أن 92 شاحنة فقط دخلت أمس إلى غزة وسط فوضى ممنهجة، مبيناً أن ما تم إدخاله إلى القطاع حتى الآن لا يتجاوز 14% من الحصة المفترضة. وأشار إلى أن قطاع غزة يحتاج لأكثر من 600 شاحنة يوميا لتلبية الحد الأدنى من احتياجات 2.4 مليون شخص، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحرك جدي لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم وفاة 4 أشخاص نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، موضحة أن العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 197 قتيلاً بينهم 96 طفلا. بدوره، قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة أمجد الشوا في تصريحات صحفية إن 200 ألف طفل في القطاع يعانون من سوء التغذية الحاد، مبيناً أن النساء الحوامل يعيشون ظروفا بالغة القسوة بسبب سوء التغذية. وأشار إلى عدم توفر حليب الأطفال والمكملات الغذائية وراء وفاة العديد من الأطفال. من جهة أخرى، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف أكثر من 500 مدرسة تؤوي نازحين في قطاع غزة منذ بداية الحرب مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين، واصفة استهداف المدارس التي تأوي نازحين بـ«غير قانونية بغض النظر عن التبرير». وأشارت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجه ضربات مزدوجة وعشوائية للمدارس واستهدف طواقم الإسعاف، مبينة أن الاحتلال حرم المدنيين من الوصول الآمن إلى الملاجئ، وعطل الوصول إلى التعليم لسنوات عديدة. ونقلت المنظمة عن صحيفتين إسرائيليتين قولهما: إن جيش الاحتلال أنشأ خلية قصف خاصة لتحديد المدارس بشكل منهجي، التي يشار إليها باسم «مراكز الثقل»، بهدف قصفها، تحت مزاعم اختباء عناصر وطالبت المنظمة بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية نظرا لخطر استخدامها الواضح لارتكاب أو تسهيل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي واتخاذ تدابير عاجلة أخرى لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. أخبار ذات صلة

الخارجية الفلسطينية تدين اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين للضفة الغربية
الخارجية الفلسطينية تدين اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين للضفة الغربية

صحيفة سبق

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة سبق

الخارجية الفلسطينية تدين اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين للضفة الغربية

أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية بأشد العبارات الاقتحام الاستفزازي الذي قام به وزير إسرائيلي برفقة ما يسمى رئيس مجلس المستوطنات وعدد من المستوطنين لموقع ترسلة جنوب جنين بالضفة الغربية، بهدف إحياء مستوطنات أخليت منذ 20 عامًا من جنين، مؤكّدة أن هذه الخطوات الإسرائيلية تعمّق من مصادرة المزيد من أراضي الفلسطينيين لصالح توسيع المستوطنات. وشددت على خطورة اقتحام المسؤولين الإسرائيليين للضفة الغربية المحتلة، الذي يندرج في إطار المخططات الهادفة لتكريس الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة، مهددًا فرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين. وطالبت خارجية فلسطين الدول والمجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياتهم القانونية والسياسية لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف تنفيذ جرائم الإبادة والتهجير والضم ضد الشعب الفلسطيني.

نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية: الوضع في غزة يرقى إلى حالة الإبادة الجماعية
نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية: الوضع في غزة يرقى إلى حالة الإبادة الجماعية

صحيفة سبق

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة سبق

نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية: الوضع في غزة يرقى إلى حالة الإبادة الجماعية

أكّد الاتحاد الأوروبي أن الوضع الإنساني داخل قطاع غزة لا يزال "بالغ الخطورة"، وأن السفراء الدائمون للدول الأعضاء في بروكسل استلموا آخر تقييم قامت به خدمة العمل الخارجي وإدارة المفوضية الأوروبية المسؤولة عن المساعدات الإنسانية بشأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إسرائيل الشهر الماضي بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وأوضح مصدر أوروبي أن بعض التطورات الإيجابية قد سُجلت، من بينها تحسن طفيف في كميات الوقود التي يتم تسليمها، وإعادة فتح بعض الطرق، وزيادة تدريجية في عدد الشاحنات التي تدخل يوميًا، بالإضافة إلى إصلاح بعض البنى التحتية الحيوية. ووصفت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية تيريزا ريبيرا، اليوم، الوضع في القطاع الفلسطيني بأنه يرقى إلى حالة الإبادة الجماعية، معربة عن مخاوفها من أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة. يذكر أنه انضم حتى الآن 1400 موظف في مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى حملة تطالب المسؤولين الأوروبيين بالتحرك العاجل ومن بين هؤلاء أعضاء في الإدارات العليا ومكاتب المفوضين الأوروبيين أنفسهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store