logo
إيران والترويكا الأوروبية تتفقان مبدئيا على استئناف المحادثات النووية

إيران والترويكا الأوروبية تتفقان مبدئيا على استئناف المحادثات النووية

الجزيرةمنذ 3 أيام
أفادت وكالة تسنيم الإيرانية -نقلا عن مصدر مطّلع- بأن إيران توصلت إلى اتفاق مبدئي مع الترويكا الأوروبية، المكونة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لاستئناف المحادثات بشأن برنامجها النووي ، وذلك بعد أسابيع من التوترات والتصعيد بين طهران والدول الغربية.
وأكد المصدر أن الأطراف اتفقت على مبدأ استئناف المفاوضات، غير أن المشاورات لا تزال جارية لتحديد الزمان والمكان المناسبين لانعقاد الجولة القادمة من المحادثات، إذ إن القرار بشأن مكان المحادثات لم يُحسم بعد.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من أول اتصال هاتفي منذ فترة طويلة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظرائه في الترويكا الأوروبية ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشير إلى تحرك دبلوماسي جديد عقب الهجوم الإسرائيلي الأميركي الأخير على منشآت نووية داخل إيران.
وكانت الدول الأوروبية الثلاث قد حذّرت طهران من أن عدم العودة إلى طاولة المفاوضات سيؤدي إلى إعادة تفعيل آلية فرض العقوبات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي لعام 2015، الذي أقرّ الاتفاق النووي.
ويمنح هذا القرار الدول الأوروبية الحق في إعادة فرض العقوبات الأممية بشكل تلقائي بحلول 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، ما لم يتم التوصل إلى تفاهم جديد بشأن الملف النووي الإيراني.
وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية الإيراني قائلا: "إذا أراد الاتحاد الأوروبي والترويكا الأوروبية لعب دور بنّاء، فعليهم التخلي عن سياسات التهديد والضغط التي عفا عليها الزمن، بما في ذلك آلية إعادة فرض العقوبات التي تفتقر لأي أساس أخلاقي أو قانوني".
وتأتي هذه المبادرة في وقت حساس، إذ سبق أن عقدت طهران وواشنطن 5 جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة عُمانية قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، بيد أن المفاوضات تعثرت بسبب الخلاف حول مسألة تخصيب اليورانيوم، التي تسعى القوى الغربية إلى تقليصها للحد من خطر امتلاك إيران لقدرات تسليحية نووية، بينما تؤكد طهران أن برنامجها مخصص بالكامل للأغراض المدنية.
دونالد ترامب الأولى، مما أدى إلى إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران وتصاعد حدة التوترات في المنطقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف حوّلت إسرائيل المستوطنين لمليشيا يحميها جيش الاحتلال؟
كيف حوّلت إسرائيل المستوطنين لمليشيا يحميها جيش الاحتلال؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

كيف حوّلت إسرائيل المستوطنين لمليشيا يحميها جيش الاحتلال؟

تشن إسرائيل منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي عملية عسكرية تحت عنوان "السور الحديدي" استهدفت خلالها مدن ومخيمات الضفة الغربية، وفي بؤرة هذا التصعيد ضد الفلسطينيين يظهر المستوطنون كأداة بيد جيش الاحتلال لتنفيذ جرائمه. تطورت العلاقة بين جيش الاحتلال والمستوطنين من التغطية الأمنية إلى تبادل السلاح، مما جعل الجيش شريكا مباشرا في الجرائم التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وفي ظل تصاعد هجماتهم، يبرز سؤال مركزي عن الكيفية التي يحوّل الاحتلال بها المستوطنين إلى "مليشيات نظامية" تنفذ جرائم حرب بإشراف الجيش.​ ​​​العقيدة العسكرية رغم أن تنسيق الجيش مع المستوطنين لا يعتبر جزءا من العقيدة العسكرية الإسرائيلية، إلا أنه مع زيادة سيطرة اليمين القومي والديني على مفاصل الحكم في إسرائيل، قد أدى ذلك لتعزيز العلاقة بين الجانبين. ويؤكد تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" أن دولة الاحتلال استخدمت "جيشًا شرطيا" شبه رسمي في الضفة الغربية، يضم وحدات مشاة وشرطة حدود ومليشيات استيطانية مسلحة ومدربة من الجيش. وقال التقرير الذي نشر تحت عنوان "كيف تخدم أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون في الضفة الغربية مصالح إسرائيل؟": إن هذا الكيان يعمل بشكل غير رسمي على دفع مشروع هدفه فرض السيطرة على الأرض وحرمان السكان من أجل تنفيذ ضم فعلي غير معلن عبر أدوات أمنية وسياسية. وتكشف صحيفة "نيويوركر" في تقرير لها أن نسبة كبيرة من المستوطنين الذكور في الضفة الغربية هم جنود احتياط، حيث "تشكل هذه الفئة حوالي 70% من القوات القتالية في بعض المناطق". وقالت إنهم يخضعون لتدريبات متكررة مع وحدات الجيش النظامي، مما يعزز التكامل الوظيفي بين المستوطنين والمؤسسة العسكرية، كما أظهر تقرير "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أن 20% من ميزانية الجيش تخصَّص لحماية المستوطنات غير القانونية. ويشرح الباحث إيغال هاروفني -في إطار تحليل طويل نشر موقع الجزيرة الإنجليزية مقتطفات منه- كيف أن "قوات أمن تعينها المجتمعات الاستيطانية يشرف عليها الجيش الإسرائيلي، وتستخدم سلطة أمنية ضد الفلسطينيين، بهدف التوسع وتغيير طبيعة المناطق المستولى عليها، ويقول إن ذلك يمثل إجراء يحمل طابعا إستراتيجيًا أكثر من كونه أمنيا صرفا. تسليح المستوطنين وخلال العامين الماضيين تصاعدت عمليات تسليح المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بدعم حكومي مباشر من وزيري المالية والأمن القومي المتطرفًين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ووثقت منظمة متطوعين لحقوق الإنسان (يش دين) تسليم الجيش أسلحة وبنادق آلية للمستوطنين. وأدى هذا التسليح إلى تشكيل "مليشيات إرهابية" مسلحة تمارس القتل والتدمير ضد السكان الفلسطينيين وتسببت في تهجير 10 تجمعات فلسطينية. ووفق أرقام لجنة الأمن الوطني بإسرائيل تقدَّم 250 ألف إسرائيلي بطلب من أجل الحصول على رخص حمل السلاح بعد عملية طوفان الأقصى ، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل الآلاف من الإسرائيليين على سلاح لأول مرة. وتوثق منظمة "بتسيلم" عشرات الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بمشاركة مباشرة مع جيش الاحتلال، كما تشير وثائق الأمم المتحدة إلى استخدام المستوطنين أسلحة حكومية في 70% من الهجمات. كما كشف تقرير نشرته شبكة العودة الفلسطينية العام الماضي أن 80% من المستوطنين المسلحين خضعوا لتدريبات عسكرية في وحدات الجيش الإسرائيلي، مما يؤكد طبيعة هذه العلاقة التكاملية. وفي السياق، قال تقرير لجمعية "ذاكرات" ومقرها مدينة اللد إن 85% من هجمات المستوطنين في الخليل استُخدمت فيها قنابل غاز من مخازن الجيش. من جهتها، سجلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حالات نقل أنظمة مراقبة عسكرية متطورة إلى بؤر استيطانية غير قانونية، في انتهاك واضح للمادة 8 من نظام روما الأساسي. يقول الكاتب في صحيفة "هآرتس"، زيف ستهيل: إن سياسة التغاضي عن الجرائم ضد الفلسطينيين في الضفة، والتي استمرت أعواما طويلة، تحوّلت مع الحكومة الحالية إلى رسالة واضحة وصريحة تدعم وتؤيد الإجرام الأيديولوجي. وتكشف وثائق للحكومة الإسرائيلية عن أوامر غير رسمية بـ"التغاضي" عن العنف الاستيطاني ما لم يُوثق إعلاميا. وصرّحت قيادة لواء الضفة الغربية، المقرّبة من إيتمار بن غفير، بأن تطبيق القانون فيما يخص عنف المستوطنين ليس على رأس أولويات الشرطة، وكشفت أنه تم إغلاق 94% من ملفات التحقيق من دون تقديم لوائح اتهام ضد المعتدين. ووثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن جيش الاحتلال حقق في أقل من 2% من هجمات المستوطنين، بينما صنفت المحكمة الجنائية الدولية 10 حالاتٍ جرائمَ حرب في تقرير لها منذ بداية العام 2025. ويشير تقرير لمنظمة "القانون من أجل فلسطين" أن 92% من الضحايا الفلسطينيين لم يحصلوا على تعويضات بسبب سياسة "التعتيم الأمني"، كما أن 65% من القضايا المرفوعة أُغلقت بدعوى "نقص الأدلة" رغم وجود أدلة مصورة دامغة. غيض من فيض كشفت جلسة الهيئة العامة للكنيست قبل أيام أنه تم تسجيل 414 حادثة عُنف قومي ارتكبها مستوطنون يهود في الضفة الغربية خلال النصف الأول من سنة 2025. ويقول ستهيل إن عنف المستوطنين أصبح أكثر خطورةً، ونتائجه أكثر فتكا، ففي العامين الأخيرَين، جرى تهجير عشرات التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية من بيوتها، وارتُكبت عشرات المذابح التي أودت بحياة فلسطينيين نتيجة عنف المستوطنين، أو نيران الجيش. وشدد على أن كل هذه الحوادث تجري بدعم من سلطات تطبيق القانون، "فالواقع أن هناك جنودا يحمون المهاجمين وفي المقابل يهملون الفلسطينيين". وفي السياق، سجلت منظمة "بتسيلم" الحقوقية تأخر الجيش أكثر من 50 دقيقة عن التدخل في 95% من الهجمات، بينما يظهر تحليل فيديوهات نشرته وكالة الصحافة الفلسطينية "وفا" منع الجنود لوصول سيارات الإسعاف. تؤكد التقارير الحقوقية أن مواقف جيش الاحتلال الداعمة للمستوطنين مجرمة بنص القانون الدولي ، ويُعرِّف تقرير الأمم المتحدة لعام 2023 التنسيق العسكري-الاستيطاني بأنه "تعاون منهجي بين القوات المسلحة والمجموعات المدنية المسلحة لتنفيذ انتهاكات في الأراضي المحتلة". وينتهك هذا التنسيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تنظم سلوك دولة الاحتلال تجاه السكان المدنيين في الأراضي المحتلة. ولا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحّل أو تنقل جزءًا من سكانها (المستوطنين) إلى الأراضي التي تحتلها، وبالتالي، فإن وجود المستوطنين نفسه مخالف للقانون الدولي، وأي تعاون بين جيش الاحتلال والمستوطنين يُنظر إليه كتعزيز لهذا الوجود غير القانوني. كما يصنفه مركز القانون الدولي في لاهاي كجريمة حرب عندما يستهدف المدنيين بشكل ممنهج، خاصة في سياق التطهير العرقي بالضفة الغربية. ومن ذلك ما أكدته محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر يوليو/تموز 2024 أن التنسيق العسكري-الاستيطاني يشكل انتهاكًا جسيمًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. ويصنف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الاستيطان كجريمة ضد الإنسانية، في حين كشف تقرير الأمم المتحدة أن 90% من الاعتداءات تتم تحت حماية الجيش في المناطق المصنفة "ج". وبناءً على التقرير فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق 3 ضباط إسرائيليين لمسؤوليتهم عن جرائم حرب في الضفة الغربية، وفق نظام روما الأساسي المادة 8. لكن في المقابل، فإن الولايات المتحدة دأبت على استخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرارات أممية تتعلق بالمستوطنين والاستيطان داخل الضفة الغربية، في حين تظهر وثائق الاتحاد الأوروبي أن 70% من العقوبات المقترحة على إسرائيل هي إجراءات رمزية غير مؤثرة. وتواجه المحكمة الجنائية الدولية ضغوطا سياسية متزايدة لتأجيل قضايا الاستيطان، كما حدث في قضية "مستوطنة عوفرا" التي أجلت 4 مرات. إستراتيجيات المقاومة مع اشتداد وطأة الهجمات التي يقوم بها المستوطنون، كان لازما على الفلسطينيين القيام بفعاليات مقاومة لهذه الممارسات التي تهدد حياتهم بشكل مباشر، سواء كان ذلك من خلال فعل مقاوم شعبي أم عبر المقاومة المسلحة. وانتهج المواطنون عددا من الإستراتيجيات من أجل كسر حلقة العنف الممنهج التي يقوم بها الاحتلال عبر المستوطنين. المقاومة الشعبية: أسست القرى الفلسطينية 750 "لجنة حماية شعبية" خلال العامين 2024-2025، وفق "هيومن رايتس ووتش"، كما نجحت حملات حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس" (BDS) في إجبار 20 شركة أوروبية على الانسحاب من المستوطنات. وطورت منظمات حقوقية نظام "المراقبة الذكية" الذي وثق ألفيْ انتهاك عبر طائرات مسيرة، رغم مصادرة 100 جهاز تصوير. بين الشرعية الدولية والتصنيف الإسرائيلي سجلت وثائق الجيش الإسرائيلي ارتفاع العمليات المسلحة بنسبة 60% في مناطق التماس مع المستوطنين. إعلان ورغم تصنيف إسرائيل لها كأعمال إرهابية، يؤكد خبراء القانون الدولي أن المقاومة في الأراضي المحتلة حق شرعي وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. تعزيز التوثيق الدولي: تطالب منظمات حقوقية بتشكيل لجنة تحقيق دولية دائمة للانتهاكات في الأراضي المحتلة، على غرار لجنة "غولدستون". وتوصي بإنشاء منصة دولية موحدة لتجميع الأدلة بشكل منهجي قابل للاستخدام قضائيا، كما تدعو لتفعيل آلية "البند السابع" في مجلس الأمن لفرض عقوبات على المسؤولين عن التنسيق العسكري-الاستيطاني. حصار إسرائيل دوليا: تدعو التوصيات إلى تصعيد حملات المقاطعة "بي دي إس" لاستهداف الشركات المتورطة في الاستيطان. وتقترح تشكيل تحالف دولي من الدول الرافضة للاستيطان لفرض حظر أسلحة على إسرائيل، مع التركيز على كشف التناقض الغربي عبر فضح الشركات الأوروبية المتورطة في بناء المستوطنات. سيناريوهات المستقبل مع تصاعد العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، وعمليات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية، من المرجح أن يتجه الصراع نحو 3 سيناريوهات: الضم الشامل والتهجير الجماعي تكشف وثائق "معهد أبحاث القدس" عن خطة إسرائيلية لضم 70% من الضفة الغربية بحلول 2030، مع تهجير 150 ألف فلسطيني. وتحذر " الأونروا" من أن هذا السيناريو قد يدفع 600 ألف فلسطيني إلى النزوح الداخلي. وتظهر خرائط التوسع الاستيطاني لهذا العام مشاريع لبناء 15 ألف وحدة استيطانية جديدة على طريق التقسيم. يتوقع "المركز الفلسطيني للبحوث" أن 85% من الشباب يدعمون المقاومة المسلحة إذا استمر التمدد الاستيطاني. وكشفت استطلاعات الرأي حديثًا أن 65% من الفلسطينيين يعتقدون أن المواجهة المسلحة هي الحل الوحيد لوقف التهجير، بينما يحذر محللون عسكريون من موجة عنف غير مسبوقة قد تشمل كامل الأراضي المحتلة. رغم تصاعد الحملات الدولية لمقاطعة إسرائيل، تشير وثائق وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن 75% من العقوبات الأوروبية غير فعالة. لكن بعض الخبراء يرون أن تراكم القضايا في المحكمة الجنائية، مع تصويت 140 دولة لصالح قرارات الأمم المتحدة ضد الاستيطان، قد يغير المعادلة.

كيف نوقف تجويع غزة؟
كيف نوقف تجويع غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

كيف نوقف تجويع غزة؟

سياسة التجويع: أداة مركزية في مشروع الإبادة لم يكن التجويع الذي يعاني منه الغزيون في هذه اللحظة من عمر الإبادة الجماعية المفروضة عليهم عرضيًّا، بل هو جزء من سياسة الإبادة؛ الهادفة إلى الإخضاع وتمهيد الطريق نحو تهجير الغزيين من أرضهم. ففي اجتماعات الكابينت السياسي والأمني الإسرائيلي، وفي أثناء مناقشة الخطط الإسرائيلية لتطوير حرب الإبادة نحو الحسم، وتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وبينما كانت أفكار من قبيل الاحتلال الكامل، أو ما يسمونه ممرات العبور الإنساني؛ محلّ خلاف بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، اقترح نتنياهو تشديد الحصار على قطاع غزّة؛ مراهنًا بتاريخه المهني والسياسي، أنّ هذا وحده هو ما سوف يخضع حركة حماس. ويبدو حديث نتنياهو في سياق مناقشة داخلية عن تشديد الحصار مثيرًا للاستغراب، فالحصار أصلًا مطبق على قطاع غزّة، مما يعني أنّ الذي كان يقصده هو المنع المطلق لوصول الطعام المحدود والمقنن أصلًا طوال شهور الحرب إلى الغزيين. وإذن يمكن القول الآن، إن التجويع المتخذ أصلًا سلاحًا في حرب الإبادة منذ يومها الأول، يتطوّر بهذا النحو المطبق والكامل – بحيث لم يعد الغزيون يجدون حتى علف الحيوانات لطحنه وخبزه كما فعلوا في شهور سابقة من سياسة التجويع – لأجل الدفع بالإبادة نحو الحسم، على طريق استكمال أهدافها. وعلاوة على سياسات التشريد والقتل والقصف المستمرّة، فإنّ الإبادة المسلحة في الوقت نفسه تزحف نحو التوغل في المناطق الوسطى، وتجترح ممرًا عازلًا جديدًا يعزل دير البلح عن منطقة المواصي، وذلك في الوقت الذي يناور فيه المفاوض الإسرائيلي بخرائط الانسحاب، بحيث يبقي المجال في الأحوال كلها متاحًا للتأسيس لما يسمونه مناطق العبور الإنساني، والتي هي معسكرات اعتقال نازي تمثل مفتاحًا للتهجير القسري (الذي يسمونه طوعيًّا)، وتعمل على عزل الفلسطينيين عن بعضهم على أساس الانتماء السياسي؛ لأجل الاستفراد بالعناصر التي تنتمي أو تؤيد فصائل المقاومة وعوائلهم وأسرهم، حتى ولو لم يكن لهم نشاط في الجناح العسكري لهذه الفصائل. وفي الأثناء تستمرّ مراكز توزيع المساعدات، في إطار ما يُسمى مؤسسة غزّة الإنسانية، في تنفيذ سياسة العزل الاجتماعي للغزيين، وتغميس الطعام بالدم بتحويل الغزيين طالبي المساعدة إلى فرائس للقتل، بهدف خلق المزيد من الرعب والفزع وتعزيز دوافع الخروج من غزة في اللحظة المناسبة، وزيادة النقمة الاجتماعية على المقاومة. ولا يقلّ عن ذلك أهمية في الأهداف من هذه المؤسسة توفير الغطاء الدعائي والقانوني لاستمرار الحرب والتجويع بادعاء السماح للمساعدات بالوصول من خلال هذه المؤسسة، ولا ينفصل عن هذه السياسة تسليح مليشيات محلية مرتبطة بأجندة الاحتلال، يوفر لها جيش الاحتلال الملاذات الآمنة، ويسعى بواسطتها إلى الإمعان في تفتيت المجتمع الغزي، وحصار المقاومة، وتنويع خيارات الإستراتيجية الاستعمارية الإسرائيلية إزاء قطاع غزّة. تعمل سياسة التجويع في شرط موضوعي يتيح لها التحقق والاستمرار والتمدد والاستطالة؛ وذلك أولًا لاشتراك الولايات المتحدة في هذه السياسة بنحو معلن، من خلال مؤسسة غزة الإنسانية، والتي بدأت بإعلان من الولايات المتحدة الأميركية عن إعداد نظام جديد لتقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة عبر شركات خاصة، وذلك في بداية مايو/ أيار من هذا العام، ليقود هذه المؤسسة لاحقًا جوني مور، وهو قس أميركي من المسيحيين الإنجيليين، وقد عمل سابقًا مستشارًا إنجيليًّا في البيت الأبيض أثناء الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب. تساهم الولايات المتحدة بذلك، وبنحو مباشر في سياسة التجويع، وهو ما يستدعي تجاوز دعايات التباين والاختلاف بين البيت الأبيض وحكومة بنيامين نتنياهو تجاه سياسات الإبادة في قطاع غزّة. لا يبتعد الأوروبيون عن توفير الغطاء لسياسات التجويع، سواء بسبب الخطوات المتلكئة تجاه معاقبة إسرائيل، أو من خلال الدعايات التي تعطي فرصة زمانية لسياسة التجويع للمضي إلى الأمام. فقد أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس في 10 يوليو/ تموز، عن توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مع إسرائيل "لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، بما يشمل زيادة عدد شاحنات المساعدات وفتح المعابر وإعادة فتح طرق المساعدات"؛ إلا أنّ الذي حصل بعد ذلك هو الضدّ تمامًا، بتعزيز سياسات التجويع، مما أفضى إلى مجاعة غير مسبوقة تؤدّي إلى الموت المباشر. وذلك بينما لم يكن للبيانات الغربية أيّ مفعول في تغيير السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك البيان الأخير، الصادر 21 يوليو/ تموز؛ لـ 25 دولة من بينها بريطانيا، وأستراليا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وكندا وعدد من الدول الأوروبية، الذي طالب بإنهاء الحرب على غزة. وقال إنّ "نموذج الحكومة الإسرائيلية في إيصال المساعدات خطير، ويغذي عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية" وإنّ "رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان المدنيين أمر غير مقبول". وقد استمرت بيانات عدد من الدول الأوروبية بهذا المنحى طوال شهور الحرب، ولا يختلف من حيث المفعول إعلان بريطانيا إلى جانب كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا والنرويج 10 يونيو/ حزيران الماضي، فرْضَ عقوبات على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ بسبب تصريحات "متطرفة وغير إنسانية" بشأن الوضع في قطاع غزة، بحسب ما جاء في بيان مشترك لوزراء خارجية هذه الدول؛ وذلك لأنّ سياسة التجويع قرار من حكومة بنيامين نتنياهو، ويشرف على تنفيذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما يجعل بيانات وقرارات من هذا النوع، أقرب إلى تسجيل موقف أخلاقيّ لأغراض دعائية وسياسية تفضي في النتيجة إلى استمرار سياسة التجويع في إطار الإبادة الشاملة. وفي السياق نفسه، ينبغي الإشارة إلى كون القضية المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية، بخصوص اتهام إسرائيل باقتراف الإبادة، والقرارات التي صدرت عن هذه المحكمة، لم تجد أيّ صدى في الممارسة الإبادية الإسرائيلية، وهي الممارسة التي ظلت بدورها آمنة من العقوبة، مما يعني قصور النظام الدولي برمّته، بما في ذلك الجانب العدلي والقانوني منه، وهو ما يدفع اليوم ثمنه على هذا النحو الرهيب الغزيون، كما دفعه الفلسطينيون دائمًا. أمّا الشرط الموضوعي الأهم، لنزوع الإبادة نحو انتهاج التجويع المباشر والصريح، فهو انعدام الإرادة الإقليمية، وفي المجالَين العربي والإسلامي، لمواجهة الهيمنة الإسرائيلية المطلقة، والتي تتجاوز حيّز قطاع غزّة، إلى عدوان مباشر على لبنان، وسوريا، وذلك علاوة على تعزيز سياسات تحويل الضفة الغربية إلى بيئة طاردة لسكانها. وهو ما يعني أنّ السماح لإسرائيل بإطالة إبادتها للفلسطينيين في غزّة طوال هذا الوقت، قد جعلها تُحوِّل قطاع غزّة إلى مرتكز لإعلان نفسها عمليًّا قوّة شبه إمبراطورية في الإقليم، بيد أنّه لا الإبادة المستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا قد دفع القوى الإقليمية، وتحديدًا الدول العربية المحيطة بفلسطين ودول الخليج وتركيا، لفعل شيء، ولا الانتقال المريع إلى التجويع الرهيب قد أظهرها في حال المسارع لفعل شيء، ولا التغول الإسرائيلي المتجاوز حدود فلسطين المحتلة نحو لبنان، وسوريا قد دفعها للتحرك على قاعدة سياسة شاملة تنظر للخطر الإسرائيلي بما يتجاوز الرؤى الضيقة والقاصرة للدول والأنظمة الإقليمية. كيف يمكن وقف التجويع؟ حين الحديث عن الدول العربية والإسلامية، فإنّه يجب التذكير بقرارات القمة العربية/ الإسلامية المشتركة في الرياض والتي دعا بيانها الختامي، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، إلى "إدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكافٍ"، ثمّ القمة التي تلتها بعام في الرياض كذلك، والتي أكدت على قرارات سابقتها، وهو ما يستدعي مساءلة الدول العربية والإسلامية جميعها عن السبب الذي حال دون إنفاذها قراراتها التي أعلنت عنها بنحو مشترك في قمم جامعة لها. هل كانت الدول العربية والإسلامية تعلن عن قرارات عاجزة عن تنفيذها؟! أم كانت بدورها تذرّ الرماد في العيون لتسجيل مواقف خطابية لا مفاعيل لها في الواقع؟! لقد بات من نافلة القول إنّ أكثر ما يمدّ سياسة الإبادة والتجويع بأسباب الاستمرارية هو الموقف العربي السلبيّ، وهذا بقطع النظر عن أسباب سلبيته، وبقطع النظر عن كلّ ما يمكن قوله من عدم تأثر العلاقات التطبيعية واتفاقات السلام بالإبادة القائمة، وعن تشغيل الدعاية المناوئة للمقاومة الفلسطينية، وعن إغلاق المجال العامّ أمام الجماهير والشعوب العربية لفعل أيّ شيء ضاغط، أو على الأقل يؤكّد الانحياز المعنويّ للفلسطينيين الواقعة عليهم الإبادة. يبقى والحالة هذه القول إنّ القضية ليست في توفير المساعدات، فلو فتح المجال العربي والإسلامي للتبرعات؛ لقطعت أفقر الشعوب العربية القوت عن أفواه أطفالها وأرسلته للغزيين، ولكنّ المشكلة أولًا في إدخال هذه المساعدات، وثانيًّا في العمل على وقف الإبادة، وثالثًا في توفير الظهير للمقاوم الفلسطيني الذي يعاني الحصار والخذلان والتشويه وكشف الظهر، فمهما كان الموقف من هذا المقاوم بسبب أداته النضالية أو مرجعيته الفكرية ومشروعه السياسي، فإنّ إتاحة المجال لإبادة الغزيين، تحوّلت إلى إبادة اعتبارية وسياسية للمجال العربيّ كلّه بغلوّ إسرائيل في بسط هيمنتها على هذا المجال. إنّ الحلّ، والحالة هذه، هو حلّ عربيّ، لا سيما مع تكدس المساعدات على الجهة المصرية من الحدود مع قطاع غزّة، وذلك بفرض حلول عربية لإنفاذ القرارات المتخذة عربيَّا وإسلاميًّا، وقطعًا، فإنّ إسرائيل لن تغامر بعلاقاتها مع عدد من الدول العربية، ولن تعلن الحرب على تحالف عربيّ وإسلاميّ يعلن عن نفسه بغرض إدخال المساعدات عنوة. كما أنّه يمكن للحكومات العربية أن تناور بشعوبها وأن تفتح مجالها العام لهذه الشعوب للتعبير عن غضبها إزاء سياسة الإبادة والتجويع، وتعاطفها مع الفلسطينيين، وهو أمر قد يفيد هذه الحكومات في توسيع هوامش حركتها وإقناع الولايات المتحدة بضرورة إنهاء حالة التجويع القائمة.

وزير الدفاع الإسرائيلي: هناك احتمال لتجدد الحملة على إيران
وزير الدفاع الإسرائيلي: هناك احتمال لتجدد الحملة على إيران

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

وزير الدفاع الإسرائيلي: هناك احتمال لتجدد الحملة على إيران

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن هناك احتمالا لتجدد الحملة على إيران بعد الهجمات التي استهدفتها في يونيو/حزيران الماضي. وجاءت تصريحات كاتس أمس خلال تقييم شامل للوضع مع عدد من كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الأركان إيال زامير. وشدد الوزير الإسرائيلي -في بيان صادر عن مكتبه- على ضرورة إعداد خطة فعالة للمستقبل لضمان عدم استئناف إيران برنامجها النووي. وقبل يومين، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إنه "لا فرصة للسلام مع النظام الإيراني"، لكنه أشار إلى أن "الشعب الإيراني يريد الإطاحة بالنظام"، في تكرار لخطاب يعكس التباعد المتزايد بين تل أبيب وطهران. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، قد هدد مساء أمس الأول الاثنين، بأن بلاده ستعيد ضرب المنشآت النووية الإيرانية إذا كان ذلك ضروريا. وجاء تهديد ترامب في منشور عبر شبكة "تروث سوشيال" تعقيبا على تصريحات لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد فيها أن بلاده لن تتخلي عن تخصيب اليورانيوم ، رغم الأضرار الكبيرة التي تعرض لها برنامجها النووي جراء الضربات الأميركية التي استهدفته في يونيو/حزيران الماضي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store