
حين تُغري الحرب نفسها للاستمرار.. لماذا أصبحت العوامل المُغذية للحرب أكبر من عوامل كبحها؟
الضربة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل لم تكن مجرد رد، بل إعلانٌ مفاجئ بأن قواعد الاشتباك قد تغيّرت. ليس من حيث الحجم فقط، بل من حيث الاتجاه والرسالة: لا مكان آمن بعد اليوم في إسرائيل، وأصوات الانفجارات التي دوّت في حيفا – في قلب البنية التحتية الصناعية الإسرائيلية – كانت رسائل موقّعة ب النار، حملت توقيع 'إيران الجديدة': إيران ما بعد كسر الحاجز النفسي، إيران ما بعد الرهبة.
حين يصبح الرد سببًا لمزيد من الفعل
في العرف الاستراتيجي، هناك شيء يُعرف بـ'نقطة الانجراف'، حين تبدأ الحروب تخرج من يد من أشعلها، وتصبح الرغبة في إثبات الذات، أو محو الإهانة، أقوى من حكمة التوقف عن الحرب فإسرائيل اليوم تقف عند هذه النقطة بالضبط، فكل صاروخ إيراني يسقط على تل أبيب ليس مجرد خسارة عسكرية، بل ضربة لأسطورة عمرها عقود: 'إسرائيل التي لا تُضرب إسرائيل التي لاتمس وكل تأخر في الردّ الساحق، هو شقّ في جدار الردع الإسرائيلي. فالدولة التي بُنيت على الخوف، تخشى اليوم أن تُرى خائفة.
وكل ردّ إيراني لا يُقابل بتدمير مؤلم لإسرائيل، يُعدّ هزيمة لهيبة الردع الابران
وهنا الخطر الحقيقي: إسرائيل، الدولة النووية، المدعومة استخباريًا وتقنيًا من الغرب، تدخل عقلًا استراتيجياً فيه رغبة انتقام لا تُروى، وسلوك توسعي لا يُكبح. وهذا ليس ادعاءً: تصريحات المتحدث العسكري الإسرائيلي كانت واضحة حين قال المتحدث العسكري باسمها: أن الرد على إيران سيكون غير قابل للمقارنة بما سبقه من ضربات.
في المقابل، إيران خرجت من صمتها الثقيل بلكنة مختلفة: لم تعد تسلّم الرسائل عبر وكلائها، بل أوصلتها بصواريخ باليستية وفرط صوتية، مستهدفة مباني وأحياء ملحقة أضرار كبيرة و مستهدفة مصافي النفط في قلب الدولة العبرية. إنها تقول ما لم تقله منذ عقود: نحن هنا… بأنفسنا.
ما بعد الضربة: إيران تكسر الزجاجة
ورغم قلة عدد الصواريخ التي تفجرت في إسرائيل، إلا أن دقتها الموجعة، وتجاوزها لمنظومات الدفاع، يشي بشيء أكبر من مجرد ردّ: تحول في العقيدة، وجرأة في القرار. فإستهداف مصفاة حيفا لم يكن عشوائيًا، بل اختيارًا موصولًا بعصب الدولة العبرية، تمامًا كما تُطعن الأفعى في العنق لا الذيل. تصريح وزير خارجية إيران بأن بلاده لا تريد توسيع الحرب إلى الدول المجاورة 'إلا إذا اضطرت'، ليس تراجعاً، بل تسريب محسوب بمعنى أن هناك الكثير لازال في جعبة النظام لم يخرج للعلن بمعنى نحن لم نبدأ بعد.
العالم اليوم ليس رماديًا. هناك معسكران يقفان على حافة البركان:
الغرب بقيادة أمريكا، إسرائيل، أوروبا.
الشرق بقيادة روسيا، الصين، إيران ومن خلفهم وكلاء يملكون الفعل لا التهديد فقط الحوثيون، حزب الله، مليشيات العراق.
والجبهات تتهيأ للاشتعال
لبنان ربما قد ينفجر بعد اغتيال نصر الله رغم أنه احتمال ضعيف ولكن إن حصل فإن الردّ لن يكون عسكريًا فقط، بل فوضى مفتوحة.
العراق على أعتاب تدويل جديد عبر المليشيات المؤدلجة.
(أنصار الله) يضعون أيديهم على الشريان البحري: باب المندب.
الخليج يراقب مصيره عند بوابة مضيق هرمز… حيث تمرّ 20% من نفط العالم.
ترامب: رئيس يشعل لا يُطفئ
وجود ترامب في البيت الأبيض، فالرئيس الذي لا يؤمن إلا بمنطق الصفقة، لا يُجيد إدارة الملفات المعقدة بالصبر أو العمق. عقليته الصدامية، ورغبته الجامحة في تسجيل 'نصر' يُعيد مجده، تجعله أكثر ميلاً لركوب الموجة الإسرائيلية لا لجذبها نحو التهدئة.
إنه رئيس لا يُوقف الحريق، بل يُراهن على سعيره ليُبرم صفقة في الرماد.
لكن الواقع مختلف الان، فإيران المجروحة لن تفاوض تحت شروط أمريكا المجحفة وتحت وطأة الضربات الاسرائيلية. الا اذا توقفت إسرائيل. وإسرائيل في نشوة الغلبة لن تتراجع.
وهكذا تصبح سياسة ترامب ليست عامل استقرار، بل عامل إضافي يساعد في إذكاء الحربٍ التي تشتعل من تلقاء نفسها. العوامل المُغذية للحرب تفوق بكثير العوامل الكابحة.
الوقود المحرّك للحرب والعوامل الكابحة
تآكل الردع الإسرائيلي بسبب غياب أي رادع أمريكي فعّال، صعود التسلح الإيراني وتطوره، وايضا هشاشة الاقتصاد العالمي سيسبب اشتعال جبهات متداخلة بسبب حسابات داخلية لدى بعض الأطراف، وكذا رغبة كلا النظامين الحاسمة في الحسم أو الانهيار.. نحو حرب بصيغة 'نكون أو لا نكون'.
النظام الإيراني الهرمي المرتكز على العقيدة والكرامة، والنظام الإسرائيلي اليميني المرتكز على التفوق والقوة، يعيشان اليوم في معادلة لا تسمح بالتراجع. كلاهما يُدرك أن التنازل يعني النهاية. وفي وسط هذا الجنون، تقف أمريكا كـ راعي للإسرائيلي المتنمر الذي لا يريد التهدئة بقدر ما يريد 'صفقة مذلة لإيران. وهكذا، تمضي الأمور في هذا المشهد المشحون، لا أحد يريد الحرب، لكن الجميع يسير نحوها. وكأن المنطقة دخلت قطارًا لا يعرف الكوابح.. مغطى بدخان كثيف، يقودنا إلى حرب لا تنفجر فجأة، بل تتسلل بصخب.. حتى تُزلزل المنطقة بأكملها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
أخطر مكالمة هاتفية!.. ترامب يتصل بنتنياهو عقب اجتماع مجلس الأمن
أخبار وتقارير (الأول) وكالات: أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي نقلا عن مسؤول إسرائيلي لم يكشف عن هويته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء. ويأتي الاتصال بعد عقد ترامب اجتماعا لمجلس الأمن القومي لمناقشة المواجهة بين إيران و"إسرائيل"، في وقت يدرس فيه الرئيس الأميركي احتمال الانضمام إلى "إسرائيل" في ضرباتها ضد إيران. وقال مسؤول في البيت الأبيض مشترطا عدم كشف هويته إن الاجتماع في "غرفة العمليات" استمر ساعة و20 دقيقة، من دون الخوض في أي تفاصيل. وكان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي جون ثون قال إن الرئيس دونالد ترامب يمارس سلطاته بالكامل في إجراءاته ضد إيران. كما نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن "إسرائيل" تنتظر قرار الرئيس دونالد ترامب بشأن المشاركة العسكرية المباشرة ضد إيران. (وكالات)


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
إيران تجهّز الصواريخ لضرب القواعد الأميركية.. وترامب يطالب بالاستسلام الكامل
اخبار وتقارير إيران تجهّز الصواريخ لضرب القواعد الأميركية.. وترامب يطالب بالاستسلام الكامل الأربعاء - 18 يونيو 2025 - 02:20 ص بتوقيت عدن - نافذة اليمن - عدن كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلًا عن مصادر رفيعة في الاستخبارات والجيش الأميركي، أن إيران تستعد لتنفيذ هجمات عسكرية مباشرة على القواعد الأميركية في الشرق الأوسط، في حال تدخلت الولايات المتحدة عسكريًا إلى جانب إسرائيل في المواجهة المتصاعدة مع طهران. ووفقًا للتقرير، فإن إيران جهّزت صواريخ متطورة ومعدات هجومية لاستهداف مواقع أميركية استراتيجية في الخليج والعراق وسوريا، بينما دخلت القوات الأميركية حالة تأهب قصوى، وسط مؤشرات خطيرة على اقتراب الصدام الكبير. كما أرسلت واشنطن نحو ثلاثين طائرة تزويد بالوقود إلى أوروبا، لتكون جاهزة لدعم الطائرات المقاتلة أو تمديد مدى القاذفات الاستراتيجية B-2، في خطوة قد تمهد لضربة عسكرية مباشرة على منشآت نووية إيرانية، خصوصًا منشأة 'فوردو' السرية شديدة التحصين. وأضاف التقرير أن إسرائيل تمارس ضغوطًا متواصلة على الإدارة الأميركية للمشاركة المباشرة في المواجهة العسكرية، الأمر الذي يثير مخاوف داخل البيت الأبيض من اندلاع حرب إقليمية شاملة، تتعدى الحدود الجغرافية التقليدية، وتطال جبهات متعددة من اليمن إلى سوريا ولبنان، مرورًا بالعراق والخليج العربي. وبحسب الصحيفة، فإن قيادات إيرانية أبلغت مسؤولين أميركيين عبر قنوات غير مباشرة، أن أي هجوم أميركي على منشآت إيران النووية سيُقابل برد واسع يشمل ضرب القواعد الأميركية في العراق أولًا، ثم في أي دولة عربية تسمح بانطلاق الهجمات منها، مشيرة إلى أن الرد الإيراني قد يشمل أيضًا إعادة الحوثيين إلى واجهة التصعيد عبر استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وذهب التقرير إلى أبعد من ذلك، محذرًا من نية طهران زرع ألغام بحرية في مضيق هرمز، بما قد يؤدي إلى تعطيل حركة الأساطيل الأميركية، وزعزعة استقرار الملاحة العالمية في واحد من أهم الممرات الاستراتيجية للطاقة. وفي الوقت الذي تُصعّد فيه طهران من تهديداتها، تستمر إسرائيل في شنّ ضربات دقيقة داخل العمق الإيراني، بينما ترد طهران بسيل من الصواريخ، في مشهد ينذر بانزلاق الوضع إلى حرب مفتوحة قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة. ويقدّر مراقبون أن أي ضربة ضد منشأة 'فوردو' – المعروفة بتحصينها الشديد تحت الجبال – لن تكون كافية لشلّ برنامج إيران النووي ما لم تُنفذ بغطاء جوي شامل، وقنابل خارقة للتحصينات، وربما قوات كوماندوز خاصة على الأرض. وسط هذا الغليان، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليصعّد الموقف، مؤكدًا في تصريحات جديدة أنه 'لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي مهما كان الثمن'، مطالبًا طهران بـ"الاستسلام غير المشروط" فورًا، أو مواجهة العواقب الكارثية. الاكثر زيارة اخبار وتقارير ارتباك في صنعاء والحوثيون يرفعون الراية البيضاء.. دعوات حوثية مفاجئة للسلام. اخبار وتقارير ترامب يفجّر الإنذار النووي: على الجميع مغادرة طهران فوراً. اخبار وتقارير الحكومة تزف بشارة كبرى لليمنيين: مفاجآت مدوية تقترب ونهاية الحوثي باتت وشيك. اخبار وتقارير قرار مفاجئ يهز السوق اليمني: تحرير الدولار الجمركي ورفع مرتقب للرواتب ومخاو.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
الشرعية توجه ضربة موجعة للحوثي باتخاذ قرار مفاجئ سيطال صنعاء ويُفرح المواطنين
اخبار وتقارير الشرعية توجه ضربة موجعة للحوثي باتخاذ قرار مفاجئ سيطال صنعاء ويُفرح المواطنين الأربعاء - 18 يونيو 2025 - 02:08 ص بتوقيت عدن - نافذة اليمن - خاص في تحرك مفاجئ من شأنه إحداث تغيير كبير في خارطة النقل التجاري داخل البلاد، أعلنت الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، يوم الثلاثاء، عن إصدار تعميم رسمي يقضي بخفض أجور نقل البضائع من ميناء عدن إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي بنسبة 20%، ابتداءً من السبت 21 يونيو الجاري. وأكدت الهيئة أن هذا القرار تم بالتنسيق مع السلطة المحلية بعدن، وممثلي قطاع النقل، ونقابة سائقي الشاحنات، في إطار جهود لتخفيف الأعباء الاقتصادية على التجار والمواطنين، وتحسين انسيابية حركة الشحن بين المناطق المحررة وتلك التي لا تزال خاضعة للانقلابيين. ولم تكتفي الهيئة بذلك، بل أعلنت أيضًا تقليص المدة الزمنية الممنوحة لعودة الحاويات الفارغة بنسبة 50%، بهدف تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، وخفض كلفة التشغيل على شركات النقل، وبالتالي تقليص أسعار السلع على المستهلك النهائي. وتأتي هذه القرارات استجابة لضغوط متزايدة من التجار وسائقي الشاحنات، الذين عبروا عن استيائهم من التكاليف الباهظة لنقل البضائع، في ظل ارتفاع أسعار الوقود وانهيار سعر صرف الريال اليمني. وتُعد هذه الخطوة ضربة مباشرة لسياسات الجباية والانتهازية التي تمارسها مليشيا الحوثي عبر نقاطها غير القانونية المنتشرة على خطوط النقل، حيث ستدفع إلى كسر حلقات الابتزاز التي كانت تتغذى على فروقات النقل وتحويلها إلى أداة ضغط اقتصادي على المحافظات المحررة. الاكثر زيارة اخبار وتقارير ارتباك في صنعاء والحوثيون يرفعون الراية البيضاء.. دعوات حوثية مفاجئة للسلام. اخبار وتقارير ترامب يفجّر الإنذار النووي: على الجميع مغادرة طهران فوراً. اخبار وتقارير الحكومة تزف بشارة كبرى لليمنيين: مفاجآت مدوية تقترب ونهاية الحوثي باتت وشيك. اخبار وتقارير قرار مفاجئ يهز السوق اليمني: تحرير الدولار الجمركي ورفع مرتقب للرواتب ومخاو.