
السيلينيوم... الدرع المجهول في الوقاية من سرطان البروستاتا
يُعد السيلينيوم أحد العناصر المعدنية النزرة الأساسية التي يحتاجها الجسم بكميات ضئيلة، إلا أن دوره في دعم الصحة العامة، لا سيما لدى الرجال، يفوق ما قد يتصوره كثيرون. في السنوات الأخيرة، تصاعد الاهتمام العلمي بالسيلينيوم بسبب ارتباطه بعدد من الوظائف الحيوية، وعلى رأسها قدرته المحتملة على الوقاية من سرطان البروستاتا، الذي يُعد من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الرجال في العالم.
السيلينيوم يعمل كمضاد أكسدة قوي، حيث يساهم في محاربة الجذور الحرة التي تهاجم خلايا الجسم وتساهم في تلف الحمض النووي، وهو ما يُعد أحد أبرز أسباب تطور السرطان. تشير الدراسات إلى أن المستويات الكافية من السيلينيوم قد تساعد في تثبيط نمو الخلايا السرطانية، خاصة في أنسجة البروستاتا، ما يدعم دوره الوقائي المحتمل ضد سرطان البروستاتا.
إضافةً إلى ذلك، يُسهم السيلينيوم في تعزيز الجهاز المناعي وتنظيم عمليات الأيض، كما يلعب دورًا في عمل إنزيمات "الجلواتيون بيروكسيداز" المسؤولة عن إزالة السموم من الجسم. ومن خلال هذه الوظائف، يشارك السيلينيوم في حماية الأنسجة، بما في ذلك أنسجة البروستاتا، من الالتهاب المزمن والإجهاد التأكسدي، وهما عاملان أساسيان في التسبب بتغيرات خلوية قد تؤدي إلى السرطان.
رغم هذه الفوائد، إلا أن نقص السيلينيوم لا يزال مشكلة صحية غير مُسلّط عليها الضوء بشكل كافٍ، خاصة في العالم العربي. ويمكن أن يؤدي انخفاض مستويات السيلينيوم إلى ضعف جهاز المناعة، وزيادة خطر التعرض للعدوى، وتدهور في الصحة الإنجابية لدى الرجال، فضلًا عن زيادة احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة، ومنها سرطان البروستاتا.
تظهر أعراض نقص السيلينيوم بشكل تدريجي، وقد تشمل الشعور بالتعب المزمن، ضعف التركيز، تساقط الشعر، وتكرار الإصابة بالعدوى. ومع مرور الوقت، قد يؤدي النقص المزمن إلى خلل في وظيفة الغدة الدرقية، والتي تؤثر بدورها على التوازن الهرموني في الجسم، بما في ذلك الهرمونات الجنسية الذكورية.
يُوجد السيلينيوم في عدد من الأطعمة، وأهمها المكسرات البرازيلية، والأسماك، والمأكولات البحرية، والحبوب الكاملة، والبيض. إلا أن امتصاص الجسم له يعتمد على عوامل عديدة، من بينها صحة الجهاز الهضمي ووجود عناصر غذائية أخرى مثل الزنك وفيتامين E، التي تساهم في تفعيله داخل الجسم.
ومن المهم التنبيه إلى أن تناول السيلينيوم كمكمل غذائي يجب أن يتم تحت إشراف طبي، لأن الإفراط في استهلاكه قد يؤدي إلى آثار جانبية سامة مثل تساقط الشعر، واضطرابات المعدة، ومشاكل في الجهاز العصبي.
في الختام، يمكن القول إن السيلينيوم يلعب دورًا حيويًا في الوقاية من سرطان البروستاتا من خلال خصائصه المضادة للأكسدة والمقوية للمناعة. ومع أن نقصه قد لا يظهر فورًا، إلا أن تداعياته قد تكون خطيرة على المدى البعيد. لذا، فإن التوعية بأهميته وضمان الحصول عليه من مصادر غذائية طبيعية يُعدان من الخطوات الضرورية للحفاظ على صحة الرجال، خاصة بعد سن الأربعين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
التغذية والقدرة الجنسيّة عند الرجال: أطعمة تعزز الأداء وأخرى تهدد الصحة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تؤدي التغذية دورًا أساسيًا في صحة الإنسان بشكل عام، ولا سيما في الصحة الجنسية لدى الرجال، حيث ترتبط جودة الغذاء بشكل مباشر بقدرة الجسم على إنتاج الهرمونات، تدفق الدم، والحفاظ على طاقة الجسم والحيوية. فالصحة الجنسية ليست مجرد عامل نفسي أو عاطفي فقط، بل تتأثر أيضًا بكثير من العوامل الفيزيولوجية التي تعتمد على نوعية التغذية. لذلك، يمكن أن يكون للنظام الغذائي المتوازن والغني بالعناصر الغذائية المناسبة تأثير إيجابي كبير في تحسين القدرة الجنسية وجودة الحياة الجنسية لدى الرجال. يُعتبر الجهاز الدوري والدموي من أهم العناصر التي تؤثر في القدرة الجنسية عند الرجال، حيث يعتمد الانتصاب على تدفق الدم السليم إلى الأعضاء التناسلية. وقد ثبت أن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، والفيتامينات، والمعادن، تساعد على تحسين صحة الأوعية الدموية وتقليل الالتهابات، مما يعزز من تدفق الدم ويحسن القدرة على الانتصاب. إضافة إلى ذلك، تؤدي بعض المغذيات دورًا مهمًا في إنتاج هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الرئيسي المسؤول عن الرغبة الجنسية والأداء الجنسي. هناك مجموعة من الأطعمة التي أثبتت الدراسات فعاليتها في تحسين الوظائف الجنسية بشكل ملحوظ، حيث تؤدي دورًا مهمًا في دعم صحة القلب والأوعية الدموية وتعزيز تدفق الدم، وهو أمر أساسي للقدرة الجنسية. من أبرز هذه الأطعمة تلك الغنية بالأحماض الدهنية أوميغا-3، مثل السمك الدهني كالسلمون والماكريل، التي تساهم في تحسين صحة القلب وتعزيز الدورة الدموية. كما تؤدي الفواكه والخضراوات الملونة دورًا مهمًا من خلال احتوائها على مضادات أكسدة قوية مثل التوت والرمان والسبانخ، التي تحارب الجذور الحرة وتدعم صحة الأوعية الدموية. بالإضافة إلى ذلك، تزود المكسرات والبذور، وخاصة الجوز واللوز، الجسم بالمغذيات الضرورية مثل الماغنيسيوم والزنك اللذين يساعدان في إنتاج هرمون التستوستيرون المسؤول عن الرغبة الجنسية. ولا يمكن إغفال فوائد الثوم والبصل، اللذين يحتويان على مركبات تساعد في تحسين تدفق الدم وتقليل ضغط الدم، مما يعزز من القدرة الجنسية. كذلك تؤدي الشوكولاتة الدكناء ذات المحتوى العالي من الكاكاو دورًا في تعزيز إفراز السيروتونين وتحسين المزاج، وهو عامل مهم لدعم الرغبة الجنسية. على الجانب الآخر، هناك بعض الأطعمة التي تؤثر سلبًا في الصحة الجنسية، خصوصًا إذا تم تناولها بكميات كبيرة أو بشكل مستمر، حيث يمكن أن تؤدي إلى تدهور القدرة الجنسية أو ضعف الانتصاب. من هذه الأطعمة الدهون المشبعة والمهدرجة الموجودة في الأطعمة السريعة والمقلية، والتي تضر بصحة الأوعية الدموية وتزيد من احتمالية الإصابة بتصلب الشرايين، ما ينعكس سلبًا على تدفق الدم. كما تؤثر السكريات المكررة بشكل سلبي في حساسية الأنسولين، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، وهو مرض مرتبط مباشرة بضعف الانتصاب. إضافة إلى ذلك، يؤثر تناول الكحوليات بكميات كبيرة في الجهاز العصبي المركزي، مما يضعف القدرة على الانتصاب مع الاستخدام المفرط. كذلك، قد يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى زيادة القلق والتوتر، وهما عاملان يؤثران سلبًا في الأداء الجنسي وجودته. للحفاظ على صحة جنسية جيدة، يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن يركز على الأطعمة الطبيعية الطازجة، مع تقليل الأطعمة المصنعة والدهون الضارة. كما ينصح بتناول كميات كافية من الماء، وممارسة الرياضة بانتظام لتحسين الدورة الدموية. تناول المكملات الغذائية الغنية بالزنك والماغنيسيوم يمكن أن يكون مفيدًا في بعض الحالات، بعد استشارة الطبيب. إنّ التغذية تؤدي دورًا حيويًا لا يمكن تجاهله في الصحة الجنسية لدى الرجال. باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، يمكن تحسين تدفق الدم، رفع مستويات الهرمونات الجنسية، وزيادة الطاقة والحيوية، مما ينعكس إيجابيًا على القدرة الجنسية وجودة الحياة. لذلك، ليس فقط ما نأكله يؤثر في صحتنا العامة، بل يؤثر بشكل مباشر في صحة أعمق وأهمية كبيرة في حياة الرجل.


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
لا تتجاهله... هذا العنصر قد ينقذ قلبك أو يهدد حياتك!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يُعدّ البوتاسيوم من المعادن الحيوية التي تؤدي دورًا محوريًا في الحفاظ على صحة الإنسان، إذ يُسهم في مجموعة واسعة من الوظائف الجسدية الضرورية، أبرزها تنظيم توازن السوائل، والحفاظ على ضغط الدم، ودعم صحة القلب، وتعزيز أداء العضلات والأعصاب. ورغم فوائده المتعددة، فإن استهلاكه لا يكون مفيدًا دائمًا للجميع؛ فبعض الفئات يجب أن تتناول هذا المعدن الحيوي بحذر تجنّبًا للمضاعفات. يُصنف البوتاسيوم كمعدن وكهرل (إلكتروليت) أساسي، إذ يساعد على تنظيم توازن السوائل داخل وخارج خلايا الجسم. هذا التوازن ضروري للحفاظ على وظيفة الخلايا واستقرار العمليات الحيوية. كما يعمل البوتاسيوم جنبًا إلى جنب مع الصوديوم في إرسال الإشارات العصبية، وتقلص العضلات، وتنظيم ضربات القلب. من بين الأدوار الأساسية التي يلعبها البوتاسيوم، هو المساهمة في خفض ضغط الدم. فعند تناول كميات كافية من البوتاسيوم، يمكنه معادلة تأثير الصوديوم في الجسم، مما يُساعد على ارتخاء الأوعية الدموية وتقليل العبء على القلب. لذلك، يُوصى به ضمن الأنظمة الغذائية التي تهدف للوقاية من أمراض القلب والسكتات الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، فإن البوتاسيوم يُحسّن من صحة العظام، حيث أظهرت بعض الدراسات أن استهلاك كميات كافية منه قد يقلل من فقدان الكالسيوم عن طريق البول، وبالتالي يعزز كثافة العظام ويحمي من الهشاشة، خاصة لدى النساء بعد سن اليأس. لحسن الحظ، يوجد البوتاسيوم في العديد من الأطعمة الطبيعية، مما يجعل من السهل الحصول عليه عبر النظام الغذائي اليومي. ومن أبرز مصادره: الموز، البطاطا، السبانخ، الأفوكادو، الطماطم، البقوليات، الزبادي، والمكسرات. كما يوجد في بعض المياه المعدنية والمشروبات الرياضية، وإن كانت بكميات متفاوتة. رغم أهمية البوتاسيوم، إلا أن هناك فئات معينة يجب أن تتعامل معه بحذر شديد. الأشخاص المصابون بـ أمراض الكلى المزمنة هم الأكثر عرضة لخطر ارتفاع مستويات البوتاسيوم في الدم (فرط بوتاسيوم الدم)، إذ تفقد الكلى المريضة قدرتها على التخلص من الكميات الزائدة، مما قد يؤدي إلى تراكمه في الجسم. وقد يسبب ذلك اضطرابًا في ضربات القلب، أو حتى توقف القلب في الحالات الحادة. كما يجب على الأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية مثل مدرات البول المُحافظة على البوتاسيوم، أو مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، استشارة الطبيب قبل زيادة استهلاكهم من البوتاسيوم، لأن هذه الأدوية قد تؤدي إلى تراكمه في الجسم. من جهة أخرى، فإن الأشخاص الذين يُعانون من نقص البوتاسيوم نتيجة التقيؤ الشديد، أو الإسهال المزمن، أو استخدام مدرات البول المُدرّة للبوتاسيوم، قد يكونون بحاجة إلى تناول مكملات بوتاسيوم تحت إشراف طبي. في النهاية، يُعتبر البوتاسيوم عنصرًا بالغ الأهمية لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن، كما هو الحال مع جميع العناصر الغذائية، فإن التوازن هو الأساس. يجب الحصول على الكمية الموصى بها يوميًا والتي تختلف حسب العمر والحالة الصحية، وذلك عبر نظام غذائي متوازن يحتوي على خضراوات وفواكه طازجة. أما تناول المكملات، فيجب أن يكون فقط عند الحاجة وتحت إشراف طبي، خاصةً لمن لديهم أمراض مزمنة أو يتناولون أدوية تؤثر في توازن المعادن في الجسم.


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
السودان: أطباء بلا حدود يوثق الفظائع ضد المدنيين في الفاشر
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب حذّرت منظمة أطباء بلا حدود في تقرير صدر من الفظائع الجماعية المستمرة في ولاية شمال دارفور بالسودان، داعيةً أطراف النزاع إلى وقف أعمال العنف العشوائية والاستهداف القائم على الخلفية العرقية، وتسهيل إطلاق استجابة إنسانية واسعة النطاق من دون تأخير. وأعربت أطباء بلا حدود عن بالغ قلقها إزاء التهديدات بشنّ هجوم شامل على مئات آلاف الأشخاص في عاصمة الولاية، الفاشر، ما قد يؤدي إلى سفك مزيد من الدماء. ومع اشتداد حدة النزاع في المنطقة منذ أيار 2024، ظل المدنيون يدفعون الثمن الأكبر. وقد أتى هذا التقرير، الذي يحمل عنوان "محاصَرون وجوعى تحت وطأة الهجمات: فظائع جماعية في الفاشر وزمزم بالسودان"، ليسلّط الضوء على الوضع القاتم الذي يعيشه المدنيون في الفاشر ومحيطها، والذي يستدعي تحركًا واستجابة فورية. وفي هذا الصدد، يقول مدير شؤون الطوارئ في أطباء بلا حدود، ميشيل أوليفييه لاشاريتيه، "لا يُحتجز الناس وسط اشتباكات عنيفة وعشوائية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وحلفائهما فقط، وإنّما يتعرّضون لاستهداف مباشر من قوات الدعم السريع وحلفائها، لا سيما على خلفية انتمائهم العرقي". واستنادًا إلى بيانات أطباء بلا حدود والشهادات المباشرة من فرقها، إلى جانب أكثر من 80 مقابلة أُجريت بين أيار 2024 وأيار 2025 مع مرضى ونازحين من مدينة الفاشر ومخيم زمزم القريب منها، يكشف التقرير عن أنماط ممنهجة من أعمال العنف تشمل النهب وعمليات القتل الجماعي والعنف الجنسي والاختطاف والتجويع، إلى جانب الهجمات التي تستهدف الأسواق والمرافق الصحية والبُنى التحتية المدنية الأخرى. وبحسب مستشارة الشؤون الإنسانية في منظمة أطباء بلا حدود، ماتيلد سيمون، "بينما يروي لنا المرضى والمجتمعات قصصهم ويطلبون منا أن نتحدث علانية في ظل تغييب معاناتهم عن الأجندة الدولية، شعرنا بأن من واجبنا توثيق هذا النمط المتواصل من العنف الذي يُشنّ بلا هوادة، مدمّرًا حياة عدد لا يُحصى من الناس وسط لامبالاة وتقاعس استمرّا طوال العام الماضي". هذا ويوضح التقرير كيف شنّت قوات الدعم السريع وحلفاؤها هجومًا بريًا واسع النطاق في نيسان على مخيم زمزم الواقع خارج مدينة الفاشر، ما أدّى إلى فرار نحو 400,000 شخص في أقل من ثلاثة أسابيع وسط ظروف مروعة. وقد لجأ جزء كبير من سكان المخيم إلى داخل مدينة الفاشر، حيث وجدوا أنفسهم محاصرين، من دون إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية، ومعرّضين لهجمات جديدة وأعمال عنف جماعي أخرى. في المقابل، تمكّن عشرات الآلاف من الفرار إلى منطقة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومترًا، أو إلى مخيمات في تشاد على الجانب الآخر من الحدود، حيث قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية لمئات الناجين من أعمال العنف. وتوضح ماتيلد سيمون، "في ضوء الفظائع الجماعية ذات الدوافع العرقية التي ارتُكبت بحق قبيلة المساليت بغرب دارفور في حزيران 2023، والمجازر التي شهدها مخيم زمزم في شمال دارفور، نخشى تكرار هذا السيناريو في مدينة الفاشر. لا بد من وضع حدّ لهذا العنف الضاري". وقد أفاد عدد من الشهود بأن جنود قوات الدعم السريع تحدثوا عن نواياهم بـ "تطهير الفاشر" من سكانها غير العرب. ومنذ أيار 2024، فرضت قوات الدعم السريع وحلفاؤها حصارًا على مدينة الفاشر ومخيم زمزم والمناطق المحيطة بهما، ما أدى إلى انقطاع الغذاء والمياه والرعاية الطبية عن السكان وأسهم في تفاقم المجاعة وشلّ الاستجابة الإنسانية. وفي ظل الهجمات المتكررة على المرافق الصحية، أُجبرت أطباء بلا حدود على وقف أنشطتها الطبية في مدينة الفاشر في آب 2024 وفي مخيم زمزم في شباط 2025. ففي شهر أيار 2024 وحده، تعرّضت المرافق الصحية التي كانت تدعمها المنظمة في الفاشر لما لا يقل عن سبعة حوادث قصف أو تفجيرات أو إطلاق نيران من مختلف أطراف النزاع. وقد كان للغارات الجوية العشوائية التي نفّذها الجيش السوداني عواقب مدمّرة، إذ تروي امرأة تبلغ من العمر 50 عامًا، "قصفت القوات المسلّحة السودانية حيّنا عن طريق الخطأ، ثم جاؤوا ليعتذروا. أحيانًا كانت طائراتهم تقصف مناطق مدنية من دون [وجود] أيٍّ من قوات الدعم السريع، لقد رأيت ذلك في أكثر من مكان". ونظرًا لمستوى العنف المروّع على طرق المغادرة من الفاشر ومخيم زمزم، وجد الكثيرون أنفسهم عالقين أو مضطرين إلى المجازفة بحياتهم من أجل الفرار. وفي هذا الصدد، يواجه الرجال والفتيان خطر القتل أو الاختطاف على وجه خاص، في حين تتعرّض النساء والفتيات لعنف جنسي واسع النطاق. ويُفيد معظم الشهود بتزايد الخطر الذي يحدق بمجتمع الزغاوة. وفي هذا السياق، تقول امرأة نازحة، "لم يكن بمقدور أحد أن يخرج [من الفاشر] إذا قالوا إنّهم من الزغاوة. ويضيف رجل آخر، "كانت قوات الدعم السريع وحلفاؤها يسألون الناس إذا كانوا من الزغاوة، وإذا أجابوا بنعم، كانوا يقتلونهم". هذا وتشرح امرأة أخرى وهي تستذكر رحلة فرارها إلى شرق تشاد، "كانوا يسمحون فقط للأمهات اللواتي يرافقن أطفالًا دون سن الخامسة بالعبور. أما باقي الأطفال والرجال، فلم يتمكنوا من المرور. ويكاد لا يستطيع أي من الرجال الذين تجاوزت أعمارهم 15 عامًا العبور [إلى تشاد]. كانوا يأخذونهم جانبًا، ثم نسمع أصواتًا، أصوات طلقات نارية، ما يعني أنهم قُتلوا [...]. كنت مع خمسين أسرة في الرحلة، ولم يكن بيننا فتى واحد يتجاوز الخامسة عشرة من العمر". واصل الوضع الغذائي الكارثي تدهوره مع اشتداد الحصار. ويقول أحد الرجال لفرقنا، "(قبل ثلاثة أشهر) في زمزم، كنّا نقضي أحيانًا ثلاثة أيام في الأسبوع من دون طعام". وتضيف امرأة نازحة، "هناك أطفال توفّوا بسبب سوء التغذية. كنّا نأكل الأمباز، أي بقايا الفول السوداني المعصور لاستخراج الزيت، حالنا كحال الجميع، رغم أنه يُستخدم عادةً كعلف للحيوانات". ويقول نازح آخر، "كان الحصار على زمزم مطبقًا بالكامل. تعتمد آبار المياه على الوقود، ولم يكن هناك أيّ سبيل للحصول عليه، فتوقفت جميعها عن العمل. أصبح الماء شحيحًا للغاية وباهظ الثمن". تدعو منظمة أطباء بلا حدود أطراف النزاع إلى تجنيب المدنيين ويلات الحرب واحترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني. كما تحثّ قوات الدعم السريع وحلفاءها على وقف العنف العرقي ضد المجتمعات غير العربية بشكل فوري، ورفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر، وضمان تأمين ممرات آمنة للمدنيين الفارين من أعمال العنف. هذا ويجب ضمان تمكّن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى الفاشر والمناطق المحيطة بها بشكل آمن وغير مقيّد لتقديم المساعدات العاجلة والضرورية. كما تناشد المنظمة الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك مؤسسات الأمم المتحدة والدول الأعضاء، والدول التي تقدّم الدعم لأطراف النزاع بالتحرّك عاجلًا وممارسة الضغوط اللازمة لمنع وقوع المزيد من أعمال العنف الجماعي، وتمكين إيصال المساعدات الطارئة إلى المنطقة. لا تزال الإعلانات الأخيرة أحادية الجانب بشأن وقف محتمل لإطلاق النار على المستوى المحلي مجرّد أقوال لم تُترجم إلى أي تغييرات ملموسة على أرض الواقع، والوقت يوشك أن ينفد.