
قانون أوروبا الأخضر في مهبّ الغاز القطري
ويطرح هذا التحذير، الذي حمل نبرة تصعيدية، أسئلة جوهرية حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، لا سيما في ملف الطاقة الذي يُشكلّ أحد الأعمدة الاستراتيجية لأمن القارة الأوروبية.
التلويح ببدائل: رسالة رسمية وتحذير صريح
في رسالة موجّهة إلى الحكومة البلجيكية بتاريخ 21 مايو/ أيار، ردت قطر على لسان وزير الطاقة فيها سعد الكعبي، على توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن العناية الواجبة، والذي يُلزم الشركات الكبرى بالكشف عن مشكلات حقوق الإنسان والبيئة، في سلاسل الإمداد ومعالجتها.
وجاء في الرسالة التي نقلتها وكالة رويترز: 'ببساطة، إذا لم تُجرَ تعديلات إضافية على توجيه CSDDD، فلن يكون أمام دولة قطر وشركة قطر للطاقة خيار سوى النظر بجدية في أسواق بديلة خارج الاتحاد الأوروبي، لبيع الغاز الطبيعي المسال ومنتجات أخرى، في بيئة أعمال أكثر استقرارا وترحيبا.'
ويبدو أنها ليست المرة الأولى التي تبعث فيها قطر رسالة مماثلة، فقد أكّد متحدث باسم المفوضية الأوروبية لوكالة رويترز، بأن المفوضية تلقّت رسالة أخرى من قطر بتاريخ 13 مايو/ أيار، موضحا أن الأمر متروك الآن للدول الأعضاء والمشرّعين 'للتفاوض واعتماد التعديلات الجوهرية للتبسيط التي اقترحتها المفوضية'. وكانت بروكسل قد اقترحت بالفعل تأجيل بدء تنفيذ القانون، حتى منتصف 2028 وتخفيف بعض متطلباته.
ما هو قانون 'العناية الواجبة' ولماذا تعارضه قطر؟
قانون 'العناية الواجبة' الذي أقرّه الاتحاد الأوروبي رسميا في يونيو/ حزيران 2024، يُلزم الشركات الكبرى، لا سيما العاملة في قطاعات حيوية كقطاع الطاقة، بالتحقّق من امتثال سلاسل التوريد التابعة لها، لمعايير صارمة تتعلّق بحقوق الإنسان، وظروف العمل، وحماية البيئة.
ويلزم القانون هذه الشركات باتخاذ تدابير عملية لمنع الانتهاكات البيئية والاجتماعية عبر شبكاتها العالمية، تحت طائلة غرامات قد تصل إلى 5% من إجمالي إيراداتها السنوية على مستوى العالم. ومن المرتقب أن يدخل القانون حيّز التنفيذ تدريجيا بدءا من عام 2027، وهو ما تعتبره دول مصدّرة للغاز، مثل قطر، عبئا قانونيا وماليا يهدّد استدامة علاقاتها مع السوق الأوروبية.
إلى ماذا يستند التهديد القطري؟
اعتبر عبد العزيز الدليمي، الخبير القطري في شؤون الطاقة، أن القانون الأوروبي الجديد المعروف بـ'قانون العناية الواجبة'، يشكّل تحديا كبيرا لصادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى أوروبا، وقد يدفع الدوحة إلى إعادة النظر في استمرار الإمدادات إلى أوروبا.
وأوضح الدليمي في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، أن هذا القانون سيفرض أعباء مالية كبيرة على قطر، ليس فقط على مستوى شركة 'قطر للطاقة'، بل أيضا على كل من شارك في تطوير البنية التحتية لإنتاج الغاز، بمن في ذلك المقاولون، وكذلك شركات التشغيل. وأضاف: 'في حال تم تطبيق القانون بصيغته الحالية، قد تصبح صادرات الغاز إلى أوروبا غير مجدية اقتصاديا، بل قد تُكبّد الدوحة خسائر مباشرة، وهو أمر غير مقبول من منظور تجاري واستراتيجي'. واعتبر أن المنطق التجاري لا يسمح لقطر بتصدير الغاز إلى أوروبا إذا كانت النتائج المالية سلبية بسبب الغرامات، مضيفا: 'هذا واقع غير عقلاني'.
وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت تهديدات قطر مجرّد ورقة ضغط، أكد الدليمي أن الدوحة قد تلجأ فعليا إلى وقف الإمدادات، في حال أصرّ الاتحاد الأوروبي على تطبيق القانون بصيغته الحالية، مشيرا إلى أن قطر لا تمانع الدخول في مفاوضات لتحسين فعالية سبل تقليل الانبعاثات الكربونية، لكنها ترفض العقوبات المالية المشروطة. وتوقّع أن تُسفر المفاوضات عن التوصل إلى تسويات تقنية أو بيئية، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية متبادلة، بحسب تعبيره.
هل يمكن أن يؤدي هذا الخلاف إلى أزمة طاقة في أوروبا؟
التهديد القطري بإعادة توجيه صادرات الغاز لا يعني بالضرورة انقطاعا فوريا في الإمدادات المتجهة لأوروبا، لكنه يكشف عن هشاشة الاعتماد الأوروبي على شركاء خارجيين، في لحظة مفصلية من عملية التحوّل في سياسات الطاقة.
فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا وتراجع الإمدادات الروسية، تحوّلت أوروبا إلى الغاز القطري كمصدر بديل استراتيجي يصعب التخلي عنه بسهولة. ولكن التحذيرات الأخيرة الصادرة من الدوحة، تذكّر مجدّدا بأن أمن الطاقة الأوروبي، لا يزال خاضعا لحسابات جيوسياسية متقلّبة.
في هذا السياق، يربط الخبير القطري في شؤون الطاقة عبد العزيز الدليمي احتمالات حدوث أزمة طاقة أوروبية، بقرار الدوحة النهائي بشأن التصدير، مشيرا إلى أن البدائل الأمريكية أو الكندية ليست كافية أو مضمونة، خصوصا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. ويتساءل: 'هل سيجرؤ الاتحاد الأوروبي على تطبيق القانون على الولايات المتحدة، وهي التي سبق أن انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ؟' ويجيب: 'لا أعتقد ذلك'، داعياً في المقابل إلى إعادة النظر في القانون، مؤكداً أن قطر تتخذ خطوات جدّية، نحو خفض الانبعاثات، وتستثمر في مشاريع صديقة للبيئة.
بدورها، ترى لوري هايتيان، الخبيرة اللبنانية في شؤون الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن قانون 'العناية الواجبة' يمثل مصدر قلق كبير لقطر، نظرا لأن الدوحة تعتبر أن القانون ينطوي على تدخل مباشر في سيادتها وفرض لأعباء تنظيمية ومالية تفوق قدراتها.
وتوضح هايتيان في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن التزامات القانون لا تقتصر على شركة قطر للطاقة، بل تمتد لتشمل سلسلة الإمداد بأكملها، من الموردين الكبار إلى الشركات الصغيرة، بل حتى 'شركات القهوة' المتعاملة مع 'قطر للطاقة'، بحسب تعبيرها. وتضيف أن تطبيق هذا القانون يتطلّب موارد ضخمة، فيما قد تصل الغرامات في حال عدم الامتثال لما ورد فيه من التزامات إلى 5٪ من الإيرادات العالمية، وهو ما ترفضه الدوحة تماما.
وتشير هايتيان إلى أن قطر قد تجد في الانسحاب من بعض عقود تصدير الغاز مع أوروبا، خيارا أقل تكلفة من الالتزام بمنظومة بيروقراطية معقّدة.
وتُحذّر هايتيان من أن تنفيذ الاتحاد الأوروبي لخطة وقف استيراد الغاز الروسي بنهاية 2027، سيجعل أوروبا أكثر اعتمادا على خيارات بديلة في التوريد، وعلى رأسها قطر. وفي حال نفّذت الدوحة تهديدها، فإن القارة الأوروبية ستواجه أزمة طاقة حقيقية، قد تدفعها مجدّدا للاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر بديل.
وتتفق هايتيان مع الدليمي في التشكيك في إمكانية التزام واشنطن الصارم ببنود القانون الأوروبي الجديد، ما يثير تساؤلات حول مدى تطبيق الاتحاد لمعاييره بشكل متوازن على جميع الشركاء. وتلفت هايتيان إلى أن التشريع الجديد لا يواجه رفضا من الموردين فقط، بل يثير تحفظات لدى عدد من الشركات الأوروبية التي تعتبره صعب التطبيق، ما يعزّز فرص تعديل شروطه أو تخفيفها في المرحلة المقبلة.
ما هي الأسواق البديلة؟ هل تتجه قطر أكثر نحو آسيا؟
يرى الخبير القطري عبد العزيز الدليمي، أن القانون لا يُهدّد قطاع الطاقة القطري، بل يقتصر تأثيره على السوق الأوروبية فقط، إذ تستمر صادرات الغاز القطري إلى آسيا والأسواق الأخرى بشكل طبيعي.
وأضاف: ' تملك قطر هامشا واسعا للمناورة، بفضل علاقاتها المتينة مع الدول الآسيوية، وعلى رأسها الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، الهند وباكستان، وهي تملك أكبر أسطول في العالم لنقل الغاز المسال، ما يمنحها مرونة عالية في إعادة توجيه صادراتها'.
أما بشأن الخيارات البديلة أمام قطر، فتشير لوري هايتيان، إلى أن أسواقا في آسيا وأفريقيا، وعلى رأسها الصين، تمثل بديلا استراتيجيا محتملا، في حال تعثّرت العلاقات مع أوروبا. وتستند في ذلك، إلى أحدث البيانات الرسمية التي تُظهر أن الصين تحتل المرتبة الأولى في استيراد الغاز القطري، مع توقيع اتفاقيات توريد تمتد حتى 27 عاما، مع شركات صينية كبرى.
ووفق آخر الأرقام الرسمية، تأتي بعد الصين، كوريا الجنوبية، الهند، واليابان، إذ تُمثّل آسيا الوجهة الأهم لصادرات الغاز القطري، بحصة تفوق 70 % من إجمالي الصادرات.
اختبار توازن بين البيئة والمصالح
المستشار النفطي الكويتي والخبير في شؤون الطاقة د. مبارك الهاجري، اعتبر أن التصعيد القطري تجاه قانون 'العناية الواجبة' الأوروبي، لا يتعدّى حتى الآن إطار المناورة التفاوضية المدروسة، لا سيما أن الدوحة تدرك تبعات الخروج عن العقود الطويلة الأمد التي تربطها بدول الاتحاد الأوروبي، سواء على المستوى القانوني أو على صعيد السمعة كمصدّر موثوق للطاقة.
ويشرح الهاجري في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي: ' لدى قطر عقود طويلة الأجل مع معظم الدول الأوروبية وبالتالي الانسحاب منها أو ممارسة أي أمور تخلّ بهذه الاتفاقيات، يمكن أن يعرّضها لمخاطر قانونية وأيضا لغرامات تجارية'. ويضيف: ' أتوقع أن تحافظ قطر على سمعتها كمصدر موثوق لبيع الغاز المسال، لأنه برأيي، في حال هدّدت بفسخ العقود الآجلة، فإن ذلك سيؤدّي إلى امتناع كثيرين عن توقيع عقود آجلة معها في المستقبل'.
ويرى الهاجري، أنه إذا كانت قطر تملك من أدوات التحرّك ما يمكّنها من إعادة توجيه صادراتها نحو أسواق آسيوية أو التحالف مع شركاء جدد، فإن هذه البدائل تبقى، حتى اللحظة، ورقة ضغط أكثر منها خيارا استراتيجيا فعليا. فكما أنه لا يمكن لأوروبا التفريط بمورد حيوي مثل الغاز القطري في مرحلة انتقال حسّاسة بالنسبة للطاقة، تدرك الدوحة بدورها أن الحفاظ على موقعها في السوق الأوروبية يوازي، وربما يفوق، أهمية تنويع الزبائن، بحسب الهاجري.
من هنا، يعتقد الخبير الكويتي في شؤون الطاقة أن المسار المرجّح، هو محاولة الطرفين التوصّل إلى تسوية تقنية وربما سياسية، تتيح تخفيف حدّة التزامات القانون الأوروبي من دون المساس بجوهر أهدافه البيئية والحقوقية.
في الختام، يبدو أن موقف قطر يمثّل اختبارا حقيقيا لقدرة الاتحاد الأوروبي على الموازنة بين أولوياته البيئية ومسؤولياته الاقتصادية. أما فيما يخص التهديد القطري، سواء تحقّق أو لم يتحقق، فهو يُشكّل رسالة سياسية واضحة: لا يمكن بناء نظام استدامة عالمي يقوم على معايير أحادية، بل يجب أن يكون – بحسب الدوحة – ثمرة شراكة متوازنة تحترم السيادة وتراعي الاختلافات الاقتصادية والتنموية بين الدول على اختلافها، وأنه بينما تؤكد قطر استعدادها للتعاون البيئي وتطوير تقنيات خفض الانبعاثات، فإنها ترفض أن تُحمّل الكلفة القانونية والمالية للقانون الجديد. وبالتالي، فإن الرسالة القطرية تبدو جليّة الحفاظ على أمن الطاقة في أوروبا يمرّ عبر توازن المصالح، وليس عبر فرض المعايير الأحادية، وفقا لرؤية الدوحة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 3 دقائق
- الديار
تحقيق: إدارة ترامب استخدمت التهديد بالترحيل إلى دول ثالثة لترهيب المهاجرين
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كشفت مراجعة حديثة لقضايا الهجرة في الولايات المتحدة أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي رفعت شعار ترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، استخدمت أسلوب التهديد بترحيل البعض إلى دول ثالثة كوسيلة ضغط، قبل إعادتهم في نهاية المطاف إلى بلدانهم الأصلية. ووفق تحقيق أجرته وكالة "رويترز"، فإن خمسة مهاجرين على الأقل، كانوا مهددين بالترحيل إلى ليبيا، أُعيدوا إلى بلدان مثل فيتنام، ولاوس، والمكسيك، خلال أسابيع من صدور أوامر ترحيلهم. وتبرّر الإدارة الأميركية السابقة هذه الخطوة بأن بعض المهاجرين المدانين بجرائم خطيرة تُرفض إعادتهم من قبل دولهم الأصلية، ما يدفع إلى اللجوء لخيار الدول الثالثة، مثل جنوب السودان أو إسواتيني (سوازيلاند سابقاً). وبحسب البيت الأبيض، فإن المرحّلين إلى دول ثالثة كانوا من "أخطر المجرمين"، وأدينوا بجرائم مثل القتل والاعتداء الجنسي على الأطفال. وذُكر أن السلفادور استقبلت أكثر من 200 فنزويلي اتُّهموا بالانتماء إلى عصابات، قبل إطلاق سراحهم في صفقة تبادل سجناء. وزارة الأمن الداخلي وصفت بعض المرحّلين بأنهم "همجيون"، وقالت إن دولهم الأصلية رفضت استقبالهم، من دون أن توضح ما إذا كانت قد استنفدت كل الوسائل لإعادتهم إلى تلك الدول قبل التوجّه نحو خيار الترحيل إلى بلد ثالث. من جانبهم، انتقد باحثون وسياسيون هذه السياسة، واعتبروها وسيلة لـ"ترهيب المهاجرين ودفعهم للرحيل طواعية". وقالت ميشيل ميتلشتات، من معهد سياسة الهجرة، إن "الرسالة واضحة: مصيرك كمهاجر قد يكون عشوائياً جداً إن لم تغادر طوعاً". يُذكر أن القوانين الأميركية تسمح بترحيل المهاجر إلى دولة ثالثة، في حال رفضت بلده الأصلي استقباله أو تعذر ذلك لاعتبارات قانونية أو دبلوماسية. لكن تقارير عدة أشارت إلى أن إدارة ترامب قد تكون لجأت إلى هذا الخيار دون استنفاد محاولة إعادة المرحّلين إلى بلدانهم الأصلية أولاً.


ليبانون 24
منذ 33 دقائق
- ليبانون 24
كيف أسقطت باكستان مقاتلة هندية متطورة باستخدام معدات صينية؟
أثار إسقاط مقاتلة رافال الهندية تساؤلات حول كفاءة الأسلحة الغربية أمام نظيراتها الصينية ، فيما أعلنت باكستان نجاح "هجوم إلكتروني" قالت الهند إن أثره محدود، في وقت تزداد فيه اهتمامات دول بشراء المقاتلات الصينية. بحسب رويترز ، فقد انطلقت المواجهة بعد منتصف ليل 7 أيار حين أظهرت شاشات غرفة عمليات سلاح الجو الباكستاني نشاط عشرات الطائرات الهندية على الجانب الآخر من الحدود. وبأمر من القائد مشعل ظهير سيدو، أقلعت مقاتلات J-10C الصينية الصنع مع توجيه باستهداف طائرات رافال الفرنسية التي تُعدّ درّة سلاح الجو الهندي ولم تُسقط من قبل. قدّر خبراء أن المعركة الليلية التي استمرت ساعة شاركت فيها قرابة 110 طائرات، لتصبح الأكبر من نوعها منذ عقود. ونقلت رويترز في أيار عن مسؤولين أميركيين أن J-10 أسقطت رافال واحدة على الأقل، ما هز الثقة بعتاد غربي أمام بدائل صينية قليلة التجربة. تراجع سهم "داسو"، وراجعت إندونيسيا طلبيتها من رافال وبدأت تدرس شراء J-10. غير أن مقابلات رويترز مع مسؤولين هنود وثلاثة باكستانيين تشير إلى أن أداء رافال لم يكن المشكلة الرئيسية؛ بل تقييم استخباراتي هندي خاطئ لمدى صاروخ PL-15 جو–جو الصيني الذي أُطلق من J-10. فالهند افترضت أن مدى النسخة التصديرية نحو 150 كلم، ما منح طياري رافال ثقة زائفة بأنهم خارج 'مدى القتل'. وبحسب باكستان، أُطلق الصاروخ من حوالي 200 كلم (بل أبعد وفق رواية هندية)، في واحدة من أطول الضربات الموثقة. أعلن مسؤول باكستاني: 'نصبنا لهم كمينًا'، موضحًا شن هجوم إلكتروني لإرباك أنظمة دلهي ، وهو ما تشكك الهند في نجاعته. وقال جاستن برونك (RUSI): 'الهنود لم يتوقعوا النيران… وPL-15 يمتلك قدرات بعيدة المدى'. الهند لم تعلّق رسميًا على 'الخطأ الاستخباراتي' ولم تُقرّ بإسقاط رافال، لكن قائد سلاح الجو الفرنسي قال في يونيو إنه اطّلع على أدلة فقدان تلك المقاتلة وطائرتين أخريين (إحداهما سوخوي)، فيما أبلغ مسؤول بداسو مشرعين فرنسيين بأن الهند فقدت رافال في عمليات. تفيد روايات ثمانية مسؤولين من الجانبين بأن باكستان لم تكتفِّ بتفوق مدى الصواريخ، بل نجحت في ربط وسائلها القتالية برًا وجوًا وفضاءً ضمن شبكة استشعار–نيران أكثر كفاءة (سلسلة القتل). وأشار أربعة مسؤولين باكستانيين إلى منظومة رابط بيانات محلية 'Datalink-17' دمجت معدات صينية مع منصات أخرى بينها طائرة مراقبة سويدية، ما أتاح لـ J-10 إطفاء راداراتها والاعتماد على تغذية خارجية لتقليل بصمتها. تقول الهند إنها تبني شبكة مماثلة لكن تعدد مصادر تسليحها يعقّد الدمج. قال جريج باجويل (RUSI): "الفائز هو من امتلك أفضل وعي ظرفي". بعد ضربات هندية فجر 7 أيار على "بنى إرهابية" داخل باكستان، حوّل سيدو أوامر الأسراب من الدفاع للهجوم. وبحسب خمسة مسؤولين باكستانيين، نشرت الهند نحو 70 طائرة، ما وفر أهدافًا عديدة لصواريخ PL-15. ويرى باجويل أن المواجهة كانت أول معركة حديثة واسعة تُستخدم فيها أسلحة "خارج مدى الرؤية" فيما التزمت الطائرات مجاليهما الوطنيين. تقول باكستان إن "الهجوم الإلكتروني" قلّص وعي طياري رافال، بينما تنفي الهند تعامي رافال أو تشويش أقمارها، لكنها تُقر بتأثر طائرات سوخوي التي تُحدّث حاليًا. وحمّل مسؤول هندي القيود السياسية التي منعت مهاجمة مواقع عسكرية/دفاعات باكستانية جزءًا من المسؤولية عن الخسائر. وأكد رئيس الأركان الهندي أن دلهي "صحّحت تكتيكاتها" سريعًا. عقب 7 أيار، بدأت الهند تستهدف البنى العسكرية الباكستانية مستخدمة صواريخ براهموس الأسرع من الصوت التي اخترقت الدفاعات مرارًا، بحسب مسؤولين من الطرفين. وفي 10 مايو أعلنت الهند قصف تسع قواعد ومواقع رادار، وأصيبت طائرة استطلاع في حظيرة جنوب باكستان، قبل التوصل لوقف إطلاق النار بوساطة أميركية. اتهم نائب رئيس أركان الجيش الهندي باكستان بالحصول على "مدخلات مباشرة" من الصين (رادارات/أقمار صناعية) من دون أدلة، فيما نفت إسلام آباد. وأكدت بكين أن تعاونها العسكري مع باكستان "طبيعي" ولا يستهدف طرفًا ثالثًا. ووفق مسؤولين باكستانيين، زار قائد سلاح الجو الصيني الفريق وانغ جانغ باكستان في تموز لبحث كيفية توظيف المعدات الصينية ضمن "سلسلة القتل" التي استُخدمت ضد رافال. وأشاد الجيش الباكستاني باهتمام وانغ بخبرة باكستان في "العمليات متعددة المجالات". (modern diplomacy)


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
مظاهرات في تل أبيب تطالب باتفاق شامل لإعادة الأسرى من غزة
متظاهر يحمل لافتة تطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمساعدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أثناء احتجاجهم للمطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، في تل أبيب، إسرائيل، 17 مايو/أيار 2025. رويترز خرج مئات الإسرائيليين في مدينة تل أبيب بتظاهرات، صباح اليوم السبت، للمطالبة بصفقة لإعادة جميع الأسرى المحتجزين بقطاع غزة، عقب أيام من انسحاب إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة مع حركة حماس. وقالت صحيفة 'هآرتس' العبرية: 'تجمّع مئات الأشخاص وعائلات المختطفين صباح اليوم (السبت) في ساحة المختطفين في تل أبيب، مطالبين بإعادتهم إلى الوطن'. وأضافت أن المظاهرة التي دعت إليها هيئة عائلات الأسرى، جاءت 'في أعقاب مقاطع فيديو نشرتها (حركتا) حماس والجهاد الإسلامي في الأيام الأخيرة، والتي يظهر فيها الأسيران أفيتار ديفيد وروم بارسلافسكي وهما في حالة نفسية وجسدية صعبة'. من جانبها، قالت عيناف تسينغاوكر، والدة الأسير ماتان تسينغاوكر، خلال المظاهرة: 'أولادنا يمرّون بما يشبه المحرقة'. وأضافت: 'ماتان ومعه باقي المختطفين، لن يصمدوا لفترة أطول'. وتابعت والدة ماتان: 'الشيء الوحيد الذي لم نجربه هو اتفاق شامل مقابل إنهاء الحرب، اتفاق ذو جدوى حقيقية. لا شعارات فارغة، لا إحاطات بلا مضمون، ولا تسريبات تُفاقم المواقف'. وشددت على أن 'الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها إعادة الجميع (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، هي من خلال الضغط الشعبي'. من جانبه، كتب زعيم حزب 'إسرائيل بيتنا' وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان على 'إكس': 'جميع المختطفين في وضع إنساني صعب ويجب إعادتهم جميعا دفعة واحدة، الآن'. والجمعة، نشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مقطعا للأسير الإسرائيلي أفيتار ديفيد، حيث ظهر وهو يعاني من فقدان شديد في الوزن نتيجة استمرار سياسة التجويع التي تنتهجها تل أبيب في غزة. وأظهر الفيديو الأسير جالسا على سرير في غرفة ضيقة، وقد برزت عظامه بشكل واضح نتيجة سوء التغذية. وبعد نشر الفيديو، كتبت 'يعلاه' شقيقة ديفيد، على إنستغرام :'وضع أفيتار وجّه لي مليون لكمة في القلب'. وفي أعقاب ذلك، هاجم عدد من أقارب الأسرى الحكومة الإسرائيلية بسبب الجمود في مفاوضات الإفراج عنهم، وكتب 'يوتام'، شقيق الجندي الأسير نمرود كوهين: 'محرقة. حكومة إسرائيل- المسؤولية عليكم'، وفق 'هآرتس'. وقالت عيديت، والدة الأسير ألون أوهل: 'الفيديو هو نداء استغاثة عاجل لاستئناف المفاوضات وإنقاذ المختطفين. أنا أصرخ كأم – أوقفوا هذا الكابوس'. أما عنات، والدة الجندي الأسير متان أنغرست، فقالت: 'أولادنا أصبحوا هياكل عظمية، وتُركوا ليموتوا. هذا هو انهيار الأخلاق اليهودية'. ومساء الجمعة، قال يائير غولان زعيم حزب 'الديمقراطيين' الإسرائيلي على إكس: 'نتنياهو لا يعيد المختطفين لأنه لا يريد، لأن ذلك سيضره سياسيا. هذه هي الحقيقة'. والخميس، بثت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مقطع فيديو قالت إنه الأخير للأسير روم بارسلافسكي، قبل فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة له. وظهر بارسلافسكي وهو في حالة هزال جسدي شديد، جراء التجويع الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، ما ينعكس بدوره على الأسرى المحتجزين هناك. وقالت عائلته في بيان عقب ذلك: 'روم هو مثال لكل المختطفين، ويجب إعادتهم جميعا الآن. هو لا يتلقى طعاما، لا يتلقى دواء. لقد تم نسيانه هناك ببساطة'. وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. وقبل أيام، انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حماس بالدوحة بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، جراء تصلب مواقف تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة، وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات. ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين 'دفعة واحدة'، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين. لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة. ومنذ بدء الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بالتوازي جريمة تجويع بحق فلسطينيي غزة حيث شددت إجراءاتها في 2 مارس/ آذار الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات 'كارثية'. وخلفت الإبادة الجماعية بغزة نحو 208 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.