
استعداداً لافتتاحه.. نقل قطع من كنوز توت عنخ آمون للمتحف الكبير
في إطار الاستعدادات الجارية لافتتاحه، استقبل المتحف المصري الكبير 163 قطعة أثرية من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، والتي جرى نقلها من المتحف المصري بالتحرير، في خطوة تهدف إلى عرض المجموعة الكاملة للملك الشاب للمرة الأولى في مكان واحد.
جدول زمني لنقل المزيد من القطع
تأتي هذه الخطوة في إطار التحضيرات النهائية لافتتاح المتحف الكبير بشكل رسمي والمرتقب في 3 يوليو المقبل بعد طول انتظار.
وشهد المتحف، أمس الخميس، زيارة تفقدية لوزير السياحة والآثار شريف فتحي، الذي أشار إلى أن عمليات نقل باقي القطع الخاصة بالملك توت عنخ آمون ستتواصل تباعاً خلال الفترة القادمة، وفق جدول زمني محدد ليتم عرضها بالقاعات الخاصة بها بالمتحف.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، أن عملية نقل القطع الأثرية تمت وفقا لأعلى المعايير العلمية والفنية، حيث جرى توثيق حالة كل قطعة وإعدادها للنقل والتغليف بعناية دقيقة، قبل بدء أعمال الترميم والصيانة اللازمة تمهيداً لعرضها في فتارين العرض الدائم داخل المتحف.
كرسي الاحتفالات..ومقصورة مذهبة
ومن أبرز القطع الأثرية التي تم نقلها ضمن مجموعة الملك توت عنخ آمون، كرسي الاحتفالات الشهير الذي عُثر عليه في الممر المؤدي إلى المقبرة الملكية، والمقصورة الخشبية المذهبة الخاصة بالأواني الكانوبية، ومجموعة من الحلي والقلادات المصنوعة من الذهب والعقيق.
ويعد كرسي الاحتفالات من أروع نماذج الفن في الدولة الحديثة، إذ يتميز بتطعيمه بالعاج والأبانوس والفيانس والذهب، ويظهر في وسط ظهره قرص الشمس تعلوه الإلهة "نخبت" وهي تبسط جناحيها، بينما مسند القدمين مزين بزخارف ورقائق ذهبية مرسوم عليها أعداء مصر التسعة.
من أضخم المشاريع الثقافية
جدير بالذكر أن المتحف المصري الكبير يُعد من أضخم المشاريع الثقافية في العالم، ويقع بالقرب من أهرامات الجيزة. ويهدف المتحف إلى عرض التراث المصري القديم بطريقة حديثة ومتكاملة، حيث يضم أكثر من 100,000 قطعة أثرية، بما في ذلك المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة في مكان واحد.
وقد أُرجئ هذا المشروع الذي يجري تنفيذه منذ أكثر من عقدين، مرات عدة بسبب عوائق كثيرة، منها الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية.
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير أحمد غنيم في مقابلة تلفزيونية سابقة "ستكون حفلة مبهرة باستخدام إمكانيات مصر التاريخية والسياحية"، كما تسلط الضوء على "المتحف والأهرامات والعلاقة بينهما".
وبحسب غنيم، يُتوقّع أن تستمر فعاليات الافتتاح أياما عدة مع أنشطة في مختلف أنحاء البلاد، وسبق أن دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الأميركي دونالد ترامب وملك إسبانيا فيليبي السادس إلى هذا الحدث المنتظر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 5 ساعات
- الرياض
تفاصيل صغيرةعن الكتب الأكثر مبيعًا
في الأمسية التي شاركت فيها مؤخرا كان هناك حوار بيني وبين روائية شابة كانت تطرح مسألة أن الكتابة للأطفال والمراهقين لا يلزم أن تكون عميقة أو تطرح أفكارا مهمة، لأن مهمتها هي تشجيع هذه الفئة العمرية على القراءة وانخراطهم فيها وهم فيما بعد سيقومون باختيار الأفضل والانجراف إلى القراءة المهمة أو التي تضيف إلى إنسانية الإنسان. سكت ولم أرد وإن كنت شعرت بعدم الاقتناع. لكن السؤال ظل يدور في بالي، هل حقا أن الطفل الذي ينشأ على قراءة أشياء تافهة، سيتحول في المستقبل لقراءة أشياء جميلة وذات معنى مهم. لا توجد دراسات، لكن، لو كنت أعمل في مركز دراسات كنت سأقترح المواضيع الآتية، كم عدد الذين يقرؤون من الكبار، نوعية الكتب التي يقرؤونها، نوعية الكتب التي كانوا يقرؤونها وهم صغار. هذه المقارنة ربما ساعدتنا في معرفة إن كانت قراءة الكتب الرائجة الخالية من الأسلوب الجيد والمضمون الجيد والتي لا يعرف أحد سبب رواجها، تجعل من قرائها فيما بعد قراء للأدب الكلاسيكي والخالد، أو على الأقل الأدب الذي لا يحصل على نفس الرواج لكنه أدب قيم ومهم. يجب أن أوضح نقطة مهمة تختلط دائما في أذهان الناس، حين نتحدث عن الكتب الرائجة أو الأكثر مبيعا، فهذا لا يعني أننا ضد هذا التصنيف، أو أن هذا التصنيف يعني أن الكتابة سيئة أو أن كلمة شعبية تعني أننا مع النخبوية في الكتابة أو ندعو لها، حين أذكر الكتب الأكثر مبيعا، إذا كانت في سياق سلبي فأنا أعني ابتداء الكتب التي لا تحمل محتوى جيد، لا أسلوبا ولا معنى. لأن هناك وهو مما لا يحدث دائما ويمكن اعتباره من النوادر كتبا جيدة ولاقت استحسان الناس وأصبحت رائجة ومن الأكثر مبيعا. حين ضربت مثلا للروائية الشابة بكتاب الأمير الصغير، الفانتازي والذي اعتبر كتابا للأطفال مع اعتقادي الراسخ أنه كتاب يهم الكبار أكثر، والعمق الذي كتب به، كنت أقصد ذلك تماما، أقصد أن الأسلوب بسيط وجميل وممتع، لكن الأفكار مهمة وعالية، هذا هو نوع الكتب الذي أتصور أن الطفل الذي يقرأه ويستمتع به، ستزرع فيه بذرة القراءة، لأنه بالإضافة إلى الأسلوب الجميل أنت تخلق لديه حالة من التفاعل النفسي التي ستجعله يبحث عن كتب من هذا النوع، ترضي عقله وعاطفته معا، لكن الكتب التي تعتمد على الفانتازيا التي تثير فيك الرعب أو الغموض أو التفاعلات النفسية البسيطة، فهي كمشاهدة فيلم رعب، تثيرك، لكنها لا تضيف شيئا، يمكن أن تصبح أسير هذا النوع من الكتب، لكن، على المستوى الإنساني، على مستوى الرقي الإنساني الذي تخلقه فينا الروايات العظيمة، ما هي النتيجة؟


مجلة سيدتي
منذ 5 ساعات
- مجلة سيدتي
الثقافة الهندية حاضرة بقوة على السجادة الحمراء لمهرجان كان السينمائي 2025
لازلنا على موعد مع الجولة اليومية بين أروقة مهرجان كان السينمائي الدولي 2025، لنلقي الضوء على أبرز ما جاء من أحداث على السجادة الحمراء للمهرجان السينمائي الأضخم عالمياً، والذي يشهد دائماً حضور أبرز وأشهر نجوم ونجمات العالم، والذين تلتقطهم عدسات كاميرا " سيدتي". تجولي معني في السطور التالية، لتتعرفي إلى أبرز ما جاء في اليوم الثامن لمهرجان كان السينمائي بدورته الـ78. إعداد:سارة نبيل تفاصيل عرض عائشة لا تستطيع الطيران في مهرجان كان السينمائي 2025 #سيدتي تنقل أجواء عرض فيلم #عائشة_لا_تستطيع_الطيران_بعد_الآن في مهرجان كان، حيث يمثل الفيلم #مصر رسميا ضمن قسم "نظرة ما".. الفيلم من إخراج مراد مصطفى، الذي عبّر عن سعادته الكبيرة بتمثيل بلده في هذه الدورة من المهرجان #سيدتي_في_كان #مهرجان_كان_السينمائي_الدولي #Cannes2025... — سيدتي فن (@sayidatystars) May 20, 2025 أُقيم في اليوم الثامن لمهرجان كان السينمائي 2025 ، العرض الخاص لفيلم " عائشة لا تستطيع الطيران"، وكان لافتاً للانتباه أن الطقس تغير بشكلٍ سريع، وأصبحت الأجواء أوروبية مطيرة بدرجة كبيرة، مما تسبب في إلغاء الريد كاربت الخاصة بالفيلم. وبعد إقامة العرض في قاعة Debussy احتفل صناع الفيلم بوصولهم لمهرجان كان السينمائي. من جانبه، أكد مخرج العمل مراد مصطفى على فخره بانتمائه لصناعة السينما في مصر، وأكد أنه اكتسب خبراته من عمله في السينما المصرية في بدايته كمساعد مخرج، وتوجه بالشكر لكل القائمين على صناعة الفيلم. شاهدي المزيد من التصريحات والتفاصيل حول عرض فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران" عبر هذا الرابط. جانفي كابور على رد كاربت مهرجان كان وآيشواريا راي تستعد Embed from Getty Images حلَّت نجمة بوليوود جانفي كابور ضيفةً بمهرجان كان السينمائي، حيث سجلت يوم أمس 20 مايو أول ظهور لها بالمهرجان على مدار مشوارها الفني لحضور عرض فيلم Homebound، وقد اختارت جانفي الظهور بإطلالة هندية خالصة تُعبر عن الثقافة الهندية. رافق جانفي كابور في السير على السجادة الحمراء لعرض فيلم Homebound -المشارك في قسم نظرة ما- نجما الفيلم إيشان خاطر وفيشال جيثوا، بالإضافة لمخرج العمل نيراج غيوان، والمنتج كاران جوهر، وانضم مارتن سكورسيزي إلى فريق العمل كمنتج تنفيذي للفيلم. شاهدي المزيد من التفاصيل حول الفيلم وظهور جانفي كابور على السجادة الحمراء عبر هذا الرابط. سكارليت جوهانسون مخرجة لأول مرة النجمة العالمية سكارليت جوهانسون ، حضرت في اليوم الثامن للمهرجان العرض الأول لفيلمها "Eleanor the Great"، المشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2025، والذي لا تُشارك فيها فقط كممثلة، بل كمخرجة لأول مرة في حياتها، وأيضاً كمنتجة. يُعرض فيلم Eleanor the Great ضمن قسم نظرة ما في مهرجان كان، ولكي تشاهدي المزيد عن جوهانسن وموهبتها المتفردة تصفحي هذا الرابط. كيف تألقت النجمات في اليوم الثامن من مهرجان كان السينمائي 2025؟ ومع كل يوم جديد في مهرجان كان السينمائي 2025، تتألق النجمات على السجادة الحمراء بإطلالات تخطف الأنظار وتترك بصمة في عالم الموضة والجمال، وفي اليوم الثامن من هذا الحدث العالمي، شهدنا توليفة ساحرة من الأناقة والرقي، حيث تنافست النجمات في اختيار تصاميم مبهرة وتفاصيل ملفتة تعكس شخصياتهن، وتبرز ذوقهن الرفيع. عبر هذا الرابط ، سوف نستعرض أبرز الإطلالات التي لفتت الأنظار وسر تألق كل نجمة على طريقتها الخاصة. المجوهرات الفاخرة تمنح النجمات إطلالات أكثر تفرداً ورغم أن مهرجان كان 2025 اقترب من نهايته، لكن عامل الفخامة لا يزال في ازدياد مستمر؛ ففي كل يوم تبهرنا النجمات المشاركات في هذا الحدث السينمائي الأضخم عالمياً، بإطلالات راقية ومميزة، تزينها أجمل قطع المجوهرات وأفخمها. وفي اليوم الثامن من المهرجان، تدفقت النجمات إلى السجادة الحمراء، وهن يرتدين إطلالات تمزج بين الأناقة والرقي، واخترن لإكمالها قطع مجوهرات مميزة، منها ما أتى شديد الضخامة والتميز، ومنها قطع حملت الكثير من التفاصيل الناعمة من دون أن تخلو من التميز. في هذا الرابط ، سنستعرض أبرز المجوهرات التي اختارتها النجمات في اليوم الثامن من مهرجان كان السينمائي، وأنتم أخبرونا برأيكم من كانت صاحبة الإطلالة الأجمل وقطع المجوهرات الأكثر تفرداً. نجمات مهرجان كان 2025 بيومه الثامن: ملامح مصقولة بمكياج ساحر ولا تزال السجادة الحمراء لمهرجان كان السينمائي، تفيض بالأناقة والتألق مع مرور كل يوم من فعالياته، وفي يومه الثامن تحديداً، برزت النجمات بإطلالات جمالية آسرة تنوّعت بين المكياج المصقول بألوان أنثوية راقية، وتسريحات شعر أنيقة مستوحاة من الكلاسيكيات أو مرهفة بلمسات عصرية ناعمة. وقد طغت على الإطلالات ملامح مشرقة، بشرة منحوتة، وشفاه بارزة، في تناغم مثالي مع تسريحات شعر مرفوعة أو منسدلة أضفت مزيداً من السحر والأنوثة على كل إطلالة. إليكِ في هذا الرابط ، جولة على أبرز الإطلالات الجمالية لنجمات مهرجان كان السينمائي 2025 في يومه الثامن، لتستوحي منهن لمناسباتك الراقية المقبلة.


الشرق الأوسط
منذ 6 ساعات
- الشرق الأوسط
رحيل الدكتور محمد السيد إسماعيل... صاحب العطاء الوافر في النقد والشعر
فقدت الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي واحداً من النقاد المتميزين المتابعين بدأب ومحبة لفعالياتها وحراكها الإبداعي. فقد غيَّب الموت الشاعر والناقد الدكتور محمد السيد إسماعيل، بعد معاناة مع مرض الكبد، وشُيعت جنازته الثلاثاء بقريته عن عمر يناهز 63 عاماً، بعد أن وهب أكثر من ثلثي سنوات حياته للأدب والثقافة، شاعراً وناقداً وباحثاً أكاديمياً وكاتباً مسرحياً، وترك للمكتبة العربية الكثير من الكتب المهمة. وُلد إسماعيل عام 1962 في قرية طحانوب (30 كيلومتراً شمال القاهرة)، وبدأ مشروعه الثقافي مع مطلع الثمانينات وهو لا يزال طالباً في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، لحق أخيراً برفاق جيله من مبدعي الثمانينات وأصدقاء رحلته، الشعراء محمود قرني، وشريف رزق وفتحي عبد الله، وغيرهم من الذين سبقوه في الرحيل، ويبدو أن شعراء جيل الثمانينات في الشعر المصري مُنذَرون للموت مبكراً، دون أن يحصلوا على ما يوازي عطاءهم الشعري والنقدي. لم يكن غريباً أن تتحول صفحات المثقفين المصريين في مواقع التواصل الاجتماعي سرادق عزاء مفتوحاً، يعزون فيه بعضهم بعضاً في فقيدهم، فهم يعرفون قيمته وقدره جيداً، رغم أنه ليس من المنتشرين في اللجان وتحكيم الجوائز والسفريات لمعارض الكتب والمؤتمرات بالخارج، وكان منشغلاً بأن يضع بصمته في الداخل، يتابع المبدعين الشبان، يكتب عنهم في بداياتهم، يشجعهم ويشد على أيديهم، ويكتب عن المبدعين الكبار بغض النظر عن شهرتهم، أو ما سيجنيه من ورائهم من مكاسب كما يفعل كثيرون، فالراحل تقريباً له يد بيضاء على معظم مبدعي مصر، شعراء وروائيين، ويندر أن تجد مبدعاً مصرياً لم يكتب إسماعيل مقالاً عن روايته أو ديوانه، أو على الأقل يذهب ليناقش هذه الأعمال في ندوة هنا أو هناك، دون حتى سابق معرفة أو مصلحة. كان محمد السيد إسماعيل يسافر إلى كل محافظات مصر تقريباً، بلا مقابل، ليناقش مبدعاً في بداية طريقه، ولم يعرفه أحد بعد، لمجرد أنه يتوسم في كتابته الموهبة، فيأخذ بيده، ويرشده إلى بدايات الطريق. وكان يشارك بأبحاثه في مؤتمرات قصور الثقافة بكل المحافظات، متجشماً عناء السفر، إيماناً منه بأهمية وصول الثقافة إلى القاطنين في الهامش، هناك في المدن والقرى البعيدة عن مركزية العاصمة. هذا الخط الذي انتهجه، كان نابعاً من إيمانه بأن المثقف ليس دوره فقط أن يبدع الكتب وينشرها؛ بحثاً عن شهرة أو مال، أو جائزة هنا أو هناك، بل كانت قناعته أن وظيفة المثقف الأولى أن يساهم في نشر الوعي في محيطه القريب، ودائرته الأولى الصغيرة، ثم تتسع هذه الدائرة إلى دوائر أكبر، ولعل فهمه هذا لطبيعة المثقف ودوره ووظيفته، كان دافعه لأن يعدّ رسالة الدكتوراه عن موضوع «المثقف والسلطة في الرواية السياسية»، ولعل هذا التصور هو الذي جعله محافظاً على الإقامة في قريته، دون الانتقال إلى العاصمة بكل أضوائها، وكان كثيراً ما يقيم ويشارك في ندوات في مكتبة صغيرة بها، ويدعو لها كبار المثقفين من أصدقائه، محاولاً إضاءة شمعة وسط عتمة الليل في فضاء القرية. محمد، القروي، ظل يتعامل مع الثقافة والأدب كفلاح يرعى الأرض ويحرثها، ويغرس النبتة ويرويها؛ أملاً في أن تزهر وتؤتي ثمارها، دون أن يكترث بمن الذي سيحصد ثمارها في نهاية المطاف، فالمهم لديه أن تطرح شجرة الثقافة والوعي، أما جني الثمار فلا يشغل حيزاً من تفكيره، ويترك الآخرين ليتسابقوا على الحصاد، مستمتعاً بأن غرسه أثمر. كل هذا نتيجة تكوينه الشخصي، وتركيبته النفسية وقناعاته الآيديولوجية، فقد كان اعتناقه أفكار اليسار عن العدالة الاجتماعية هو المرجعية العقلية لمساره الثقافي. وإضافة إلى عقله يساري التوجه، كان يتحرك بروح متصوف زاهد، لا يسعى إلى مكاسب الدنيا، ويعيش كأنه ناسك، لا يلهث وراء مكاسب زائلة. العقل اليساري والروح المتصوفة، امتزجا بقلب الشاعر الحالم، الباحث دوماً عن عالم أفضل، والحالم بالمدينة الفاضلة، مؤمناً بأن نشر الثقافة والجمال والإبداع والشعر هو أقصر طريق لمقاومة القبح والتطرف وكل سلبيات العالم. حصل الراحل على الماجستير والدكتوراه في الدراسات الأدبية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة، وعمل طوال حياته مدرساً للغة العربية، بدأ كتابة الشعر في مرحلة مبكرة، ورغم النزعة المحافظة التي تسم خريجي دار العلوم، فإنه اختط لنفسه مساراً مغايراً، فكان أحد المبشرين للحداثة الشعرية والنقدية، حتى أنه كان أحد أهم شعراء قصيدة النثر، وأحد نقادها البارزين أيضاً. نُشرت قصائد الشاعر الراحل ودراساته النقدية في مجلات مصرية وعربية، وشارك في مهرجانات شعرية متعددة. وأصدر الكثير من الأعمال الإبداعية، منها سبعة دواوين، هي: «كائنات في انتظار البعث»، و«الكلام الذي يقترب»، و«استشراف إقامة ماضية»، و«تدريبات يومية»، و«قيامة الماء»، و«أكثر من متاهة لكائن وحيد»، و«يد بيضاء في نهاية الوقت». هذه الدواوين جعلته واحداً من أهم الأصوات الشعرية في جيل الثمانينات، ولا يمكن لباحث أو ناقد عمل مقاربة شعرية لهذا الجيل دون أن يتوقف طويلاً عند هذه الدواوين. كما أصدر أربعة أعمال مسرحية: «السفينة»، و«زيارة ابن حزم الأخيرة»، و«وجوه التوحيدي»، و«رقصة الحياة». كما أصدر إسماعيل الكثير من الكتب النقدية التي رسّخت اسمه واحداً من أهم العقول النقدية الفاعلة في المشهدين الأدبي والنقدي، ولم تتوقف أعماله النقدية عند نوع أدبي بعينه، بل تناولت الشعر والقصة والرواية، منها: «رؤية التشكيل»، و«الحداثة الشعرية في مصر»، و«غواية السرد»، و«حداثة النص الشعري: الوعي النظري والاستجابة الجمالية»، و«شعرية شوقي»، و«الخروج من الظل: قراءة في القصة النسائية القصيرة في مصر»، و«بناء فضاء المكان في القصة العربية القصيرة»، و«أساليب السرد في الرواية الأفريقية»، و«الرواية والسلطة»، و«دلالات المكان السردي»، و«التراث والحداثة: قراءة في القصيدة العربية المعاصرة». إضافة إلى ثلاثة كتب فكرية، هي: «التراث والحداثة» و«نقد الفكر السلفي» و«تنوير المستقبل». حاز الراحل جوائز عدة تقديراً لجهده المتواصل على مدار أربعة عقود، منها جوائر في النقد من المجلس الأعلى للثقافة، وهيئة قصور الثقافة، ودائرة الإبداع بالشارقة، ومجمع اللغة العربية، وجائزة في الشعر من صندوق التنمية الثقافية، وأخرى في المسرح من اتحاد الكتاب، وجائزة إحسان عبد القدوس. كُرم بصفته أفضل ناقد أدبي في مؤتمر أدباء مصر، واختير شاعراً في معجم البابطين، وتولى أمانة مؤتمر القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي. لكن بعيداً عن هذه الجوائز، فإنه حاز جائزة أكبر، وهي تقدير الأوساط الثقافية المصرية لدأبه وتجرده، ومسيرته الإبداعية والنقدية الناصعة.