
هل ينأى ترامب بنفسه عن فرض "وصفة" أميركية لإعادة بناء سوريا؟
وفي الوقت ذاته، عكست بيانات وزارة الخارجية والبيت الأبيض المتعلقة بقرار الرئيس وإنهاء حالة الطوارئ الوطنية بشأن سوريا ابتداء من بداية الشهر الحالي رؤية ترامب للعلاقات الجديدة التي تجمع بلاده بسوريا كدولة مستقرة وموحدة تعيش سلاما داخليا مع جيرانها.
وأبرز كبار مسؤولي الإدارة الأميركية رؤية ترامب الرافضة لنهج المحافظين الجدد في الجمهوريين "والذي فشل في بناء الأمم" كما أكدت فترات التدخل الأميركي في العراق و أفغانستان ، قاصدا بهذا التعبير التدخل إلى درجة الاحتلال من أجل تغيير النظام، ومحاولة إحلال نظام بديل يتبع القيم الأميركية ويدور في فلك واشنطن.
فرصة جديدة
القرار التنفيذي الجديد أبقى في يد وزير الخارجية سلطة تقييم واتخاذ قرار التعليق الكامل المحتمل ل قانون قيصر ، ومراجعة تصنيف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، ووضعية الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع على قائمة الإرهابيين الدوليين.
كما أبقى القرار على معضلة تصنيف سوريا دولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف تفرضه واشنطن على عدد من الدول التي تراها "داعمة للإرهاب الدولي"، وبمقتضى ذلك يتم فرض عقوبات عليها.
من جهتها، قالت آنيل شيلاين المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية والخبيرة حاليا بمعهد كوينسي في واشنطن في حديث للجزيرة نت "إن العقوبات التي رفعها ترامب كانت تلك المفروضة على نظام الأسد، لذلك ليس من المستغرب أن تكون حكومة الولايات المتحدة على استعداد لإعادة النظر في هذه العقوبات الآن".
وأضافت أن سوريا تحتفظ بتصنيفها منذ عام 1979 دولة راعية للإرهاب "على الرغم من أنه من الواضح أن الإدارة تدرس أيضا إلغاء هذا التصنيف"، حسب قولها.
رؤية أميركية
وفي إفادة صحفية عقب إعلان قرارات ترامب، قال توماس باراك السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا والصديق المقرب للرئيس الأميركي "إنه ومنذ 6 أشهر لدينا رئيس ابتكر رؤية ووزير خارجية ينفذها بأسرع ما يمكن وجنرال انتقل من زمن الحرب إلى منصب زعيم لبلد جديد يعاد تشكيله، ويحتاج إلى كل شيء، لكن الرؤية والتنفيذ كانا محدودين بسبب العقوبات المفروضة".
وأوضح باراك "لذلك قرر الرئيس ترامب بذكاء في 14 مايو/أيار بعد أن التقى الشرع في الرياض بالمملكة العربية السعودية إعطاء سوريا فرصة، وقال: أعطوا هؤلاء الرجال فرصة، يجب إعطاء سوريا فرصة، وهذا ما حدث".
وأكد باراك على رفض ترامب وإدارته التدخل بالنهج السابق في العراق أو أفغانستان، ومحاولة فرض نموذج حكم لا يراعي خصوصية الدولتين.
وقال "لكن هناك شيء واحد واضح: لا الرئيس ولا وزير الخارجية يتبنيان مبدأ بناء الأمة، إنهما لا يفرضان طرقا معينة، ولا يتصوران إطار النموذج الديمقراطي الذي يجب تنفيذه وفقا لبنيتهما أو رغبتهما".
وبحسب المتحدث ذاته، فإن ترامب وأعضاء إدارته يقولون إنهم سيمنحون رئيس سوريا فرصة، وإن لديهم مجموعة من المعايير التي يريدون مراقبتها على طول الطريق.
ويستطرد بالإشارة إلى مجموعة من هذه المعايير كاتفاقيات أبراهام، وآلية دمج المقاتلين الأجانب، وحماية الأشخاص الذين قاتلوا إلى جانب الأميركيين وقوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة الإسلامية ، وخطط حماية جميع الطوائف، بمن فيها العلويون والدروز والأكراد.
من جانبه، قال السفير فريدريك هوف -وهو أول مبعوث أميركي لسوريا بعد الثورة السورية عام 2011 والخبير في المجلس الأطلسي والأستاذ بجامعة بارد- للجزيرة نت إن "قرارات الرئيس ترامب المتعلقة بسوريا جاءت لتكمل تعهده الذي أطلقه في مايو/أيار الماضي بإنهاء العقوبات المفروضة على الحكومة السورية الجديدة في نظام ما بعد الرئيس الأسد".
وفي الإفادة الصحفية نفسها، قال وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براد سميث "إنه منذ أن اتخذ الرئيس ترامب قرارا تاريخيا بوقف جميع العقوبات على سوريا سرعان ما تحركت وزارة الخزانة إلى العمل وأصدرت بسرعة البرق ما نسميه الترخيص العام رقم 25".
ويعني سميث بذلك الرخصة التي أقرتها الحكومة الأميركية جزئيا وبصورة مؤقتة قبل نهاية مايو/أيار الماضي لرفع العقوبات عن سوريا، إذ سمحت ببعض المعاملات المالية والتجارية مع سوريا كأول خطوة رئيسية نحو إزالة هيكل العقوبات المفروضة على البلاد "ومنذ ذلك الحين واصلنا العمل بسرعة من أجل اتخاذ إجراءات أكثر ديمومة لمعالجة الوضع في سوريا".
وتحدث سميث كذلك عن أهمية ومحورية سوريا الجغرافية والتاريخية، وقال "على مر التاريخ كانت سوريا مركزا رئيسيا على طريق الحرير ومركزا للتجارة العالمية والتعددية الثقافية وريادة الأعمال".
وأكد أن إجراءات اليوم ستنهي عزلة البلاد عن النظام المالي الدولي، وتمهد الطريق للتجارة العالمية وحشد الاستثمارات من جيرانها في المنطقة وكذلك من الولايات المتحدة، وقال "نحن في وزارة الخزانة فخورون بالقيام بدورنا في تنفيذ رؤية الرئيس ترامب لسوريا وتعزيز السلام والازدهار بالمنطقة".
وكانت واشنطن قد بدأت التدخل العسكري المباشر في الشأن السوري في سبتمبر/أيلول 2014 بهدف معلن هو محاربة تنظيم الدولة من خلال قيادتها جهدا دوليا سمي عملية "العزم الصلب".
وعلى مدى السنوات العشر التالية حافظت واشنطن على وجودها العسكري رغم إعلان الرئيس ترامب خلال فترة حكمه الأولى القضاء على التنظيم، ودعمت واشنطن الجيش السوري الحر وقوات سوريا الديمقراطية.
ورغم توجيه ترامب أمرا بانسحاب القوات الأميركية التي كان قوامها 2500 جندي في سوريا قبل نهاية عام 2019 أعلنت القيادة الوسطى العسكرية أنه لا يوجد "تاريخ انتهاء" للتدخل الأميركي في سوريا، معلنة أنه بدلا من الانسحاب الكامل ستبقى قوة طوارئ قوامها نحو 400 جندي أميركي متمركزة في سوريا إلى أجل غير مسمى، وأن انسحابهم سيكون تدريجيا وقائما على المستجدات على الأرض.
وعلى مدى السنوات الماضية كرر البنتاغون أن هناك نحو 900 من جنوده يعملون في سوريا، لكنه عاد بعد سقوط نظام الأسد ليؤكد وجود قرابة ألفي جندي أميركي في البلاد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
رئيس وزراء قطر يتسلّم جائزة "تيبيراري للسلام" في أيرلندا
تسلّم رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ، اليوم، في جمهورية أيرلندا جائزة "تيبيراري الدولية للسلام". وفي كلمة له أمام حفل التكريم، عبّر الشيخ محمد بن عبد الرحمن عن قبوله الجائزة "بكل تواضع وامتنان، لا بوصفها تكريما شخصيا، بل باسم دولة قطر، وشعبها، ومبادئها، وقيادتها. هذه الجائزة تمثل اعترافا بما أصبحت عليه قطر اليوم: صوتا ثابتا للسلام، ومدافعا عن الحوار، وأمة لا تلين أمام التحديات". وأضاف في كلمته أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني"نموذج نادر للقيادة في عالم اليوم، فهو لا يكتفي بالحكم، بل يشعر، ويكرّس كل جهده وروحه لكل واجب، من تلبية احتياجات مواطنيه، إلى دعم السلام الإقليمي والدولي". ولفت إلى أنه نال شرف خدمة بلاده تحت قيادة الشيخ تميم لأكثر من 10 سنوات "وسأظل أتشرف بذلك ما دمت قادرا. فحكمته، وشغفه، وعزيمته هي مصدر إلهام شخصي لي، وهي ما يدفعني للاستمرار". لحظة بالغة الأهمية وقال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إن "هذه الجائزة تأتي في لحظة بالغة الأهمية، فقبل أسبوع واحد فقط، تعرّضت بلادنا لهجوم صاروخي مباشر، جاء كرد واضح على التهوّر الذي يهدد السلام والاستقرار في منطقتنا. وبينما كانت دفاعاتنا الجوية تقوم بواجبها، كان دبلوماسيونا يعملون بلا كلل لتأمين وقف لإطلاق النار مع بزوغ الفجر". وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن "تلك اللحظة لم تكن لحظة انتقام، بل كانت لحظة تضبطها الحكمة وضبط النفس. ويجب أن أكون واضحا: قطر اختارت ضبط النفس من موقع قوة، لا من موقع ضعف، لأننا وضعنا استقرار منطقتنا ورفاهية شعوبها فوق الخطابات النارية واستعراضات القوة". وأكد أن قطر حذرت "مرارا من مخاطر امتداد الصراع الإقليمي، ومن أن سلوك إسرائيل المتهور قد يؤدي إلى تفاقم النزاع إلى مستويات لا تُحتمل. وثمن تجاهل هذه التحذيرات لا يُدفع في غزة وحدها، بل في جميع أنحاء المنطقة". ومساء الـ23 من الشهر الماضي، قصفت إيران قاعدة العديد في قطر في عملية سمتها "بشائر الفتح" ردا على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية، في حين أعلنت الدوحة أن الدفاعات الجوية اعترضت الصواريخ الإيرانية بنجاح. يذكر أن "جائزة مركز تيبيراري للسلام" يقدمها المركز سنويا للشخصيات البارزة التي ساهمت في صنع السلام حول العالم. ويهدف المركز -الذي تأسس عام 1984- إلى تعزيز السلام ونشر قيمه. وإضافة إلى رئيس الوزراء القطري، حاز على الجائزة شخصيات من بينها الأمينان العامان السابقان للأمم المتحدة بان كي مون، وكوفي عنان، والرئيسة الأيرلندية السابقة ماري روبنسون، والرئيس الجنوب أفريقي الأسبق نيلسون مانديلا.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
ترامب يعلن موافقة إسرائيل على هدنة بغزة لمدة 60 يوما
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، إن إسرائيل وافقت على "الشروط اللازمة لإتمام" وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما في غزة، تُبذل خلاله جهود لإنهاء الحرب. وكشف ترامب أن ممثلين عنه عقدوا اجتماعا طويلا وبناء مع الإسرائيليين يوم الثلاثاء بشأن غزة. وأضاف ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن القطريين والمصريين، الذين عملوا بجد لإحلال السلام، سيقدمون هذا الاقتراح النهائي. وأشار إلى أنه يأمل أن تقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بهذا الاتفاق، "لأن الوضع لن يتحسن، بل سيزداد سوءا"، على حد تعبيره. من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين في الإدارة الأميركية أنه لا يزال يتعين على حماس الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
عاجل.. ترامب: إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإتمام وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما
رويترز عن ترامب: ممثلون عني عقدوا اجتماعا طويلا وبناء مع الإسرائيليين اليوم بشأن غزة. ترامب: إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإتمام وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما. ترامب: سنعمل خلال وقف إطلاق النار في غزة مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب. التفاصيل بعد قليل..