
الضربة الإسرائيلية لإيران: بداية دموية للأسواق تُشعل الهلع المالي والنفطي
في الساعات الأولى من صباح الجمعة، دوّى صوت الانفجارات في العاصمة الإيرانية طهران، لتتسارع بعدها ردود الفعل في الأسواق العالمية وكأنها كانت تترقّب لحظة الانفجار. الضربة الإسرائيلية المفاجئة ضد أهداف داخل إيران مثّلت نقطة تحوّل مفصلية ليس فقط في التوترات الإقليمية، بل في المزاج العام للأسواق، التي دخلت مرحلة من الفوضى، عكستها الانهيارات الحادة في مؤشرات الأسهم، والارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة والمعادن النفيسة.
الهلع يسيطر على أسواق المال
شهدت البورصات الأميركية هبوطًا جماعيًا سريعًا، إذ تراجع مؤشر "ناسداك" و"ستاندرد آند بورز 500" بنسبة فاقت 2%، في أولى لحظات تداول اليوم، في حين سجلت العقود المستقبلية للأسهم الأميركية هبوطًا مماثلًا، وسط توقعات بموجة بيعية واسعة في الساعات المقبلة. أوروبا لم تكن أحسن حالًا، فقد فتحت أسواقها على خسائر قاسية وسط تصاعد المخاوف من اتساع رقعة النزاع بين إيران وإسرائيل إلى حرب إقليمية قد تشمل دولًا مثل سوريا ولبنان وربما تدخل أطراف دولية.
السبب الرئيس لهذا الانهيار هو ارتفاع منسوب عدم اليقين الجيوسياسي، ما يُجبر المستثمرين على سحب أموالهم من الأصول الخطرة كالأسهم، والبحث عن "ملاجئ آمنة".
الذهب والفرنك السويسري والين الياباني: الوجهات الآمنة في زمن الحروب
كعادته، لمع الذهب كملاذ آمن، حيث ارتفعت أسعاره بنسبة 1.5%، في تحرك فوري عقب الضربة. كما سجّل الين الياباني والفرنك السويسري ارتفاعات واضحة مقابل الدولار واليورو، في تعبير صريح عن توجه رؤوس الأموال نحو العملات المستقرة والمحمية من التوترات.
النفط... الفائز الأكبر في المدى القصير
القفزة الأكبر كانت في سوق الطاقة، حيث ارتفعت أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة تجاوزت 11%، وهي أكبر قفزة يومية منذ عام 2022. ووصل سعر برميل خام غرب تكساس إلى 76.52 دولار، في حين لامس خام برنت حاجز 78 دولارًا. ومن المرجح أن يستمر هذا الصعود في حال استمر التصعيد العسكري، خاصة مع التهديدات المحتملة لمضيق هرمز، الشريان الحيوي الذي تمرّ منه قرابة 20% من صادرات النفط العالمية.
أي تهديد لإمدادات الطاقة الإيرانية أو الملاحة في الخليج العربي يعني تقليصًا كبيرًا في الكميات المعروضة، ما يُسهم في مزيد من الضغوط التضخمية على اقتصادات العالم، وخصوصًا أوروبا وآسيا، اللتين تعتمدان بشكل كبير على واردات الطاقة.
الأسواق أمام سيناريوهين
يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Markets Cedra - جو يرق في حديثه لـ"النهار" إنّ الأسواق المالية اليوم تقف أمام سيناريوهين. السيناريو الأول هو التصعيد المستمر. "فإذا توسّع الصراع ليشمل أطرافًا أخرى كحزب الله في لبنان، أو إذا ردّت إيران بضربات انتقامية مباشرة على إسرائيل أو على القواعد الأميركية في الخليج، فإن الأسواق مرشحة لهبوط أعنف، وقد نشهد تراجعًا في مؤشرات الأسهم بنسبة 10-15% خلال أسابيع، في حين قد يقفز النفط فوق حاجز 100 دولار مجددًا، ويصل الذهب إلى مستويات تاريخية تقارب 2300-2400 دولار للأوقية".
أما السيناريو الثاني برأي يرق، فهو التهدئة السريعة. "فإذا تم احتواء الضربة الإسرائيلية ضمن نطاق محدود ولم ترد إيران بشكل مباشر أو اكتفت بالتصريحات، فإن الأسواق قد تتعافى نسبيًا خلال أيام، خصوصًا مع تدخلات محتملة من أطراف دولية كروسيا، الصين، أو الأمم المتحدة لضبط التوتر".
تداعيات اقتصادية وجيوسياسية أوسع
التصعيد جاء في وقت غير مواتٍ عالميًا، إذ تواجه الأسواق بالفعل ضغوط التضخم، وتباطؤ النمو في الصين، وأزمات سلاسل التوريد، فضلًا عن التحديات النقدية بسبب رفع الفائدة المستمر في الولايات المتحدة. بالتالي، فإن الحرب في الشرق الأوسط لا تضيف فقط عنصرًا جديدًا من الاضطراب، بل تهدد بتقويض تعافي الاقتصاد العالمي الهش أصلًا.
يرى يرق أنّ الولايات المتحدة هي من الرابحين، "فرغم هبوط أسواقها، إلا أن الدولار ما يزال يُستخدم كمأوى للمستثمرين الفارين من المخاطر، ما يعزز مكانته على المدى القصير".
وكذلك لمنتجو النفط ، مثل السعودية وروسيا حصتهم من الأرباح يضيف يرق، حيث "سيجنون أرباحًا هائلة من ارتفاع الأسعار".
كذلك المضاربون على الذهب والنفط، يتابع يرق، حيث أن السوق الآن "بيئة مثالية لتحقيق مكاسب على المدى القصير لهم".
الضربة الإسرائيلية لإيران لم تكن مجرد حدث عسكري، بل صدمة مالية عالمية تضع الأسواق في مواجهة مباشرة مع سيناريو حرب مفتوحة في أكثر منطقة حيوية للطاقة بالعالم. كل الأنظار الآن على رد طهران، وعلى حجم الردود الدولية. وحتى إشعار آخر، ستبقى الأسواق في حالة ترقّب وخوف، و"الدم" الذي بدأ ينسكب في طهران قد يتحول إلى سيل من الخسائر في الأسواق المالية العالمية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
"خطة لإنقاذ التنمية المستدامة"
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يجتمع القادة خلال هذا الشهر في إشبيلية، إسبانيا، للاضطلاع بمهمة إنقاذ تتمثل في المساعدة في تقويم الطريقة التي يتبعها العالم في الاستثمار في التنمية المستدامة. والتحديات المطروحة في هذا الصدد ليس بعدها من تحديات. فبعد مرور عقد من الزمن على اعتماد أهداف التنمية المستدامة والتعهد بالعديد من الالتزامات المطلوبة على المستوى العالمي لتمويلها، لا يزال إحراز التقدم في تحقيق ثلثي الغايات المحددة متعثرا. ويشهد العالم قصورا في توفير الموارد التي تحتاجها البلدان النامية للوفاء بهذه الوعود بحلول عام 2030 يمثل ما يفوق 4 تريليونات دولار سنويا. وفي الوقت نفسه، يدخل الاقتصاد العالمي مرحلة تباطؤ، وتتنامى التوترات التجارية، وتُقلص ميزانيات المساعدة بينما تشتد الزيادة في الإنفاق العسكري، وتمارس على التعاون الدولي ضغوط لم يسبق لها مثيل. وأزمة التنمية العالمية ليست أزمة مجردة. فهي تتجسد في الواقع في معاناة الأسر من الجوع، وعدم تلقيح الأطفال، واضطرار الفتيات إلى ترك المدرسة، وحرمان مجتمعات محلية بأكملها من الخدمات الأساسية. لذا يجب علينا تصحيح المسار. وتبدأ عملية التصحيح هذه في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية الذي يجب أن تعتمد خلاله خطة طموحة تحظى بدعم عالمي من أجل الاستثمار في أهداف التنمية المستدامة. وينبغي أن تتضمن هذه الخطة ثلاثة عناصر أساسية. أولا، يجب أن يسهم مؤتمر إشبيلية في الرفع من وتيرة تدفق الموارد إلى البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها، وذلك على وجه السرعة. ويجب على البلدان أن تتولى بنفسها مسؤولية القيادة في هذا الصدد، فتعمل في إطار من التعاون الدولي على تعبئة الموارد المحلية من خلال تعزيز تحصيل الإيرادات والتصدي للتهرب من دفع الضريبة وغسل الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة. فمن شأن ذلك أن يوفر موارد تشتد الحاجة إليها لإعطاء الأولوية للإنفاق على المجالات التي لها أعظم الأثر، مثل التعليم والرعاية الصحية والتوظيف والحماية الاجتماعية والأمن الغذائي والطاقة المتجددة. وفي الوقت نفسه، يتعين أن تتضافر جهود مصارف التنمية الوطنية ومصارف التنمية الإقليمية والمتعددة الأطراف لتمويل الاستثمارات الكبرى. ولدعم هذه الجهود، يجب أن تتضاعف قدرة هذه المصارف على الإقراض ثلاث مرات حتى تتمكن البلدان النامية من الحصول بسبل أفضل على رأس المال بشروط ميسورة ووفقا لآجال زمنية أطول. وينبغي أن يشمل تعزيز سبل الحصول على رأس المال هذا إعادة توجيه الأصول الاحتياطية غير المشروطة - أو حقوق السحب الخاصة - إلى البلدان النامية، ويفضل أن يكون ذلك من خلال مصارف التنمية المتعددة الأطراف حتى يكون لها أثر مضاعف. واستثمارات القطاع الخاص أساسية بالقدر نفسه. إذ يمكن الإفراج عن الموارد من خلال تيسير التمويل الذي يوفره القطاع الخاص لدعم مشاريع التنمية القابلة للتمويل المصرفي والترويج للأخذ بالحلول التي تخفف من مخاطر سعر الصرف وتقرن بين التمويلين العام والخاص بفعالية أكبر. ويجب على الجهات المانحة أن تفي في جميع المراحل بوعودها الإنمائية. ثانيا، يجب علينا إصلاح نظام الديون العالمي. فهو نظام مجحف ومعطل. ونظام الاقتراض الراهن غير مستدام ولا يحظى إلا بثقة ضئيلة من البلدان النامية. ولا غرابة في ذلك. فتكلفة خدمة الديون، وهي بمثابة دوامة ضخمة تبتلع المكاسب الإنمائية، تعادل أكثر من 1,4 تريليون دولار سنويا. وتضطر العديد من الحكومات إلى الإنفاق على دفع الديون أكثر مما تنفق على ما تتطلبه معا قطاعات أساسية مثل قطاعي الصحة والتعليم. ولا بد أن يسفر مؤتمر إشبيلية عن خطوات ملموسة لخفض تكاليف الاقتراض، وتسهيل إعادة هيكلة الدين في الوقت المناسب لفائدة البلدان المثقلة بالديون التي لا يمكن تحملها، والحيلولة أصلا دون وقوع أزمات الديون. وعشية انعقاد المؤتمر، طرح عدد من البلدان مقترحات لتخفيف عبء الدين على البلدان النامية. وتشمل هذه المقترحات تيسير الوقف المؤقت لخدمة الدين في فترات الطوارئ؛ وإنشاء سجل موحد لقيد الديون تعزيزا للشفافية؛ وتحسين كيفية تقييم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووكالات تقدير الجدارة الائتمانية للمخاطر في البلدان النامية. وأخيرا، يجب أن يسفر مؤتمر إشبيلية عن إسماع صوت البلدان النامية وتعزيز تأثيرها على مستوى النظام المالي الدولي حتى تلبي احتياجاتها بشكل أفضل. ويجب على المؤسسات المالية الدولية أن تصلح هياكل الحوكمة فيها لتمكين البلدان النامية من إسماع صوتها ومشاركتها بشكل أكبر في إدارة المؤسسات التي تعتمد عليها. والعالم في حاجة كذلك إلى نظام ضريبي عالمي أكثر إنصافا، نظام تقوم بتشكيله جميع الحكومات، وليس فقط أكثر البلدان ثراء وأشدها نفوذا. وإنشاء 'ناد للمقترضين' تلتئم في إطاره البلدان لتنسيق النهج المتبعة والتعلم من بعضها البعض يشكل خطوة واعدة أخرى نحو تصحيح الاختلالات في موازين القوى. ومؤتمر إشبيلية ليس مؤتمرا معنيا بالعمل الخيري. وإنما هو مؤتمر يعنى بالعدالة وبناء مستقبل يفسح فيه للبلدان المجال للازدهار والبناء وممارسة التجارة وتحقيق الرخاء معا. ففي عالمنا المتسم بالترابط بشكل متزايد، لا يبشر مستقبل تكون فيه جهات ميسورة وجهات أخرى معدومة إلا بمزيد من انعدام الأمن العالمي الذي سيظل عبئا يثقل وتيرة إحراز كل الجهات للتقدم. ومن خلال تجديد الالتزام والعمل على الصعيد العالمي، يمكن للمؤتمر أن يطلق العنان لزخم جديد يمكن من استعادة قدر من الثقة في التعاون الدولي وتحقيق التنمية المستدامة لأجل الشعوب ولأجل كوكب الأرض. لذا يجب على القادة العمل معا خلال المؤتمر حتى تتكلل مهمة الإنقاذ هذه بالنجاح.


لبنان اليوم
منذ 2 ساعات
- لبنان اليوم
الذهب إلى قمم جديدة؟ ونصيحة 'ذهبية'!
كشف بشير حسون، أحد كبار تجار الذهب في لبنان، في تصريح لموقع 'ليبانون ديبايت'، أن الاتجاهات السياسية والاقتصادية العالمية، وعلى رأسها تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، والاضطرابات في الأسواق الدولية، إلى جانب الضغوط المستمرة على الاقتصاد الأميركي، كلها عوامل تُمهّد لمزيد من الارتفاع في أسعار الذهب. وشدّد حسون على ضرورة التروّي قبل اتخاذ قرار بيع الذهب، مشيراً إلى أن التراجع المؤقّت في الأسعار لا يعني الانخفاض، بل قد يشكّل فرصة للشراء، خصوصاً إذا لم تهبط الأسعار دون مستوى يتراوح بين 3370 و3380 دولاراً. وأشار إلى أن التوقعات قصيرة الأجل تُرجّح بلوغ أسعار الذهب مستويات تتراوح بين 3480 و3500 دولاراً، فيما قد تسجّل الأونصة أرقاماً أعلى على المدى البعيد، تصل إلى 3600 أو حتى 3800 دولار. وأوضح أن الذهب ما يزال يشكّل 'ملاذاً آمناً' في ظل الأزمات. وقال: 'قبل ثلاثة أسابيع فقط، كان سعر الأونصة 3124 دولاراً، أما اليوم فقد سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً يعكس الطلب المتزايد عالمياً'. وختم حسون تحذيره بدعوة اللبنانيين إلى عدم التفريط بممتلكاتهم الذهبية بسبب فروقات طفيفة في السعر، مؤكداً أن المنحى العام لا يزال صاعداً، والمشهد الجيوسياسي لا يُبشّر بالهدوء، ما يعزز احتمالات وصول الذهب إلى قمم غير مسبوقة.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
استمرار الحرب بين إيران وإسرائيل يهدد الاقتصاد المصري
يرتفع مستوى المخاطر على الاقتصاد المصري مع تصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران، ويتخوف خبراء مصريون من أن يدفع استمرار الحرب مصر إلى نقطة انعطاف اقتصادية وسياسية. وقد كشف استطلاع حديث أجرته CNBC عربية عن قلق واسع في مصر إزاء تداعيات الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد المصري. وتُظهر نتائج الاستطلاع الذي شارك فيه 20 من كبار المستثمرين والمحللين وخبراء الاقتصاد في شركات وبنوك استثمار، أن هذه الحرب قد لا تكون مجرد أزمة عابرة، بل مرشحة لأن تُحدث تحولات أعمق في اقتصاد مصر. ورغم أن 45 في المئة من المشاركين وصفوا تأثير الصراع الدائر حالياً بأنه "متوسط"، فإن قرابة الثلث حذروا من احتمال تصاعد التأثير ليصبح أكثر حدة حال استمرت الحرب لأكثر من ثلاثة أشهر. التحول من الإصلاح إلى الدفاع ويبدو أن الحرب ستُعيد تشكيل أولويات القاهرة الاقتصادية على نحو لافت، حيث كشف الاستبيان عن تحول واضح في بوصلة السياسات الاقتصادية؛ فربما تكون إدارة الأزمة على حساب الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، حيث أجمع غالبية المشاركين على أن الحكومة تركز حاليًا على "السيطرة على عجز الموازنة وتأمين الدولار". كما أن إدارة الأزمة قد تنعكس على ملف تحرير أسعار الوقود والطاقة، فرغم عزم الحكومة تحرير أسعار المواد البترولية بنهاية العام بشكل كامل، يرى 50 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن التحرير سيبقى جزئيًا، بينما يرى 25 في المئة أنه سيتم تأجيل أي خطوات كاملة في ظل الحرب ومراعاة للبعد الاجتماعي، فيما رأى 10 في المئة أن الحكومة ستتجه لتحرير أسعار الطاقة بنهاية 2025. وفيما يتعلق بإدارة أزمة العملة، يرى 55 في المئة من المشاركين أنها "ناجحة حتى الآن"، فيما يؤكد ثلث المشاركين أنها مؤقتة ولا تعالج السبب الجذري للأزمة. ملف الجنيه المصري ورغم أن الجنيه المصري شهد تحسنًا نسبيًا أمام الدولار في الأسابيع الأخيرة من أيار الماضي ليصل لمستويات دون 49.5 جنيهاً لكل دولار، إلا أن المكاسب بدأت تتقلص خلال الأسبوع الأخير، ما يعكس برأي بعض المشاركين هشاشة هذا التحسن أمام التوترات الإقليمية. وبشأن مصادر الضغط على الجنيه، فقد تباينت آراء المشاركين، وجاء تفاقم الصراع الإقليمي في مقدمة الإجابات، ولا يتوقع أغلب المشاركين أن يتحسن سعر الجنيه كثيرًا؛ بل رجّح 60 في المئة أن يتحرك الجنيه بين 52 و55 جنيهًا للدولار، في حين رأى 15 في المئة من المشاركين أن سعر الدولار سيبقى دون 50 جنيهاً. ورغم فعالية بعض الإجراءات لتأمين الدولار كالصفقات الخليجية أو عمليات بيع الأصول وتنويع مصادر الاقتراض، فإن 45 في المئة من المشاركين يطالبون بإعادة هيكلة المنظومة بالكامل بدلاً من الاعتماد على حلول قصيرة الأجل. الغاز والكهرباء وعن أسباب نقص إمدادات الغاز وتقليص أحمال الكهرباء، قال 45 في المئة من المشاركين إن الأزمة مزدوجة، تجمع بين تداعيات الحرب الإقليمية والتي تسببت في وقف إمدادات الغاز من إسرائيل وبين احتمالات صعوبة الاستيراد فضلا عن الحاجة للاستثمار في بدائل مستدامة. وكان الرأي الأغلب هو تنويع مصادر التوريد عبر الربط الإقليمي أو التوسع في الاستيراد، مقابل نسب أقل دعت إلى إبرام عقود طويلة الأجل بأسعار تفضيلية، وإعادة هيكلة دعم الطاقة وتوجيهه للقطاعات الإنتاجية بدلًا من الإبقاء عليه بشكل أفقي، في حين دعا آخرون إلى حلول طويلة الأجل مثل الاستثمار في الهيدروجين والطاقة الشمسية. وتمثل ارتفاعات أسعار النفط بسبب الحرب تحدياً آخر، حيث يرى 55 في المئة من المشاركين أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع فواتير الاستيراد ومضاعفة أعباء دعم الوقود المحلي، ما يضع ضغوطًا جديدة على الموازنة المصرية. الصناعة تحت الضغط وعن تأثير مجريات الأحداث على القطاع الصناعي وما نتج عن أزمة نقص إمدادات الغاز للمصانع، انقسمت الآراء بين من يرى أن التأثير على الصناعة المصرية سيكون مباشرًا، ومن يراه غير مباشر، ولكن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج والطاقة وتكاليف النقل الناتج عن استمرار الحرب وتصاعد كلفة التأمين البحري والشحن سيُثقل كاهل القطاعات الصناعية، ويؤدي إلى زيادة تكلفة المنتج النهائي. كما يرى 35 في المئة من المشاركين أن التأثير سيكون سلبياً على الصادرات بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، فيما يقول 30 في المئة من المشاركين إن التأثير سيكون محدودًا، بينما يتوقع آخرون أن تستفيد بعض القطاعات المصرية إيجاباً من تغيرات المشهد الإقليمي. الاستثمار غير المباشر وأفاد أكثر من ثلثي المشاركين بأن حركة الاستثمار الأجنبي غير المباشر سواء في أدوات الدين أو سوق الأسهم ستتسم بالتذبذب الشديد وفقاً لمجريات الأخبار، في حين رأى 25 في المئة منهم أنه سيتأثر بشدة وسيكون هناك خروج لرؤوس الأموال خلال الأيام المقبلة. وبشأن مستقبل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، عبر 45 في المئة من المشاركين عن قلق بالغ خصوصًا إذا استمرت التوترات الحالية لفترة أطول؛ أما أكثر من الثلث بقليل، فرأى أن استمرار بعض مظاهر الثبات في السياسات النقدية والاقتصادية الداخلية قد يسهم في الحفاظ على مناخ استثماري مقبول. ورغم الجهود الحكومية الأخيرة نحو تقليص الاستيراد، رأى 35 في المئة من المشاركين أن الفاتورة الاستيرادية سترتفع في حال تطور الصراع القائم، في حين يعتقد 40 في المئة أنها ستبقى عند مستوياتها أو ترتفع بشكل طفيف، فيما رأى 25 في المئة انخفاض الواردات وهي وجهة نظر ترتبط بتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي العام. قطاع السياحة ورغم المخاطر الإقليمية، فالصورة ليست قاتمة بشأن قطاع السياحة، فأكثر من نصف المشاركين يتوقعون استمرار الحركة السياحية على حالها، مدفوعة بتحسن في بعض الأسواق مثل أوروبا الشرقية، وخاصة إذا لم تتوسع رقعة الحرب أو تقع أحداث مفاجئة في البحر الأحمر أو مناطق جذب سياحي. يعكس هذا الاستبيان تصورًا عامًا بأن الاقتصاد المصري لا يزال في وضع دفاعي، يعتمد على حلول مؤقتة لمواجهة ضغوط مركبة، من دون الدخول في إصلاحات هيكلية واسعة. ورغم أن الحرب لم تفرض بعد صدمة حادة، فإن استمرارها يحمل خطر تحولها إلى نقطة انعطاف اقتصادية وسياسية قد تغير شكل النمو والاستثمار والإنفاق خلال الفترة المقبلةة.